روايات

رواية الغزال الباكي الفصل الأول 1 بقلم إيمان كمال

رواية الغزال الباكي الفصل الأول 1 بقلم إيمان كمال

رواية الغزال الباكي الجزء الأول

رواية الغزال الباكي البارت الأول

رواية الغزال الباكي
رواية الغزال الباكي

رواية الغزال الباكي الحلقة الأولى

كنت لي بمثابة الحياة..

آرى العالم من حولي من خلال نافذة عيناگ…

احببتگ بكل نبضة ينبض بها فؤادي..

كنت لي بمثابة الحياة، فنيت روحي من اجلگ، وتحملت من أجل البقاء بجوارگ الكثير والكثير… لكن حين يتعلق الأمر بكرامتي وعزة نفسي .. فـ يلهگ كل من حولي حتى انقذ ما تبقى لي كرامة… ؟!

واقفة “غزال” تنتهي من أعداد الطعام لزوجها بكل ما في وسعها لتنتهي منه، وصراخه المفتعل يزيد من توترها، أغلقت عن عجل عيون الموقد على الطعام دون ان تتأكد من تمام نضجه، ثم غرفته في الوعاء المستطيل، واخرجته و وضعته على المائدة، ثم ذهبت لتجلب باقي اصناف الطعام، كل هذا تم في دقائق تعد، وعندما جلست بجواره، وكادت ان تمد يدها لتتناول الطعام، لكنها واجهت موجه من غضبه وثورانه المتكرر في وجهها، قالبًا للطعام امام نظرات ذهولها، ثم نهض واقفًا غاضبًا، معنفها بطريقته المعتاده وبعصبيه قائلا بعد تذوقه:

– اية القرف ده؟ المحشي يا هانم ني، صوباع مستوي وصوباع الرز ني جواه ميتكلش، ما دام مش بتعرفي تتطبخيه، بتتهببي تعمليه ليه؟

قوليلي بس حاجة واحده فالحه فيها، دي بقت عيشة تقصر العمر.

بكت، فـ البكاء هو سلاحها ولا تملگ سلاح غيره، اعتذرت له وقالت:

– طب معلش هولع النار عليه تاني، كل الفراخ مستوية، وبلاش تقوم من غير اكل.

رمقها بنظرات غاضبه، كل نظره كانت بمثابة سهم قاتل في قلبها، ثم قال بحده:

– سديتي نفسي، هو اللي يشوفگ يجيله نفس، دي بقت عيشة تقرف.

كادت ان ترد لولا ان سمعت صوت بكاء صغيرها، ركضت نحو غرفتها وحملته بين يداها بحنان تسير به ذهابًا وايابًا تهدهده لينام بدون كلل أو ملل، لكنه لم يهدأ من صراخه المستمر، وضعته على فراشه، وبدلت تغير حافضته، لكنه ما زال يصرخ، قامت بأرضاعه، وبعد مدة طويلة هدأ الصغير ونام، تنهدت بتعب و وضعته في مهده بهدوء، وخرجت لتجلس بجوار زوجها قليلا، خرجت بخطى بطيئة على أطراف اصابعها حتى لا يستيقظ صغيرها، وإذا فجأة غيرت خطاها وتوجهت للمطبخ تعد له كوبًا من الشاي مع قطع من الكعكه، اعدتها له خصيصًا، وحين انتهت من اعداد كل شيء، تقدمت نحوه وعلى وجهها ابتسامتها، ثم وضعتهما على المنضده، ولم يلاحظها، فقد كان موليها ظهره، مغيب عن الوعي في محادثه هاتفيه بجانب الشرفه، تقدمت نحوه لتخبره وما زالت الابتسامة على شفتاها، و لكن حين رمقته سمعت وشاهدت ما جعلها تشعر بأن الأرض تدور من حولها، قلبها ينزف تحت قدميها، شعرت بدوران وكادت أن تقع و كلامه مع أنثى غيرها يحرق فؤادها، بل يحرقها كليًا، شاهدتها وهي تحدثه في مكالمه (فيديو كول)، نعم رآتهما في حالة غرام وهيام لم تشاهدها معه في اعز لحظاتها معه ؟!

نعم لمحت جمالها الفتاگ، و شفاها المصبوغتان باللون الأحمر الصارخ، ونظرته إليها يريد أن يفترسها برغبه جياشه ؟! وهي تتفنن في اظهار مفاتنها له، بتغويه بكل اسلحتها الفتاكه، شاهدت ورأت، وكم تألمت وهو لا يشعر ولا يحس بما تعانيه، وقفت فقط خلفه متسمره مكانها تسمع وترى ما لا كانت تتوقعه في يوم يحدث في حياتها، انهمرت الدموع بغزاره في صمت حين سمعته قائلا:

– انا مقدرش اتأخر عنگ يا روح الروح، انا هعد الدقايق اللي هشوفگ فيها، تعرفي اني بحبگ اوي يا يارا، وعمري ما حسيت اني عايش وراجل بينبض قلبه غير معاكي انتي وبس، كل نظرة منگ وكل حركه بتشعوط قلبي بزياده، وبتزيد لهفتي وشوقي ليكي.

ردت عليه بدلال وهي تعبث بخصلات شعرها الذهبي هاتفة:

– اللي يسمعگ يا بكاش يقول عليگ أعزب و مدخلتش عمرگ دنيا.

زفر أنفاسه الحارقة حين تذكر الحقيقية المُره التي يحيا فيها، فقال بألم:

– وحياتگ متفكرنيش يا يارا، دي مش جوازه؛ دي طلعت جنازه، انا مش عايش حياتي، الإسم بس متجوز؛ لكن في الحقيقه أعزب مع مرتبة الشرف.

ضحكت وقهقهت بصوت مرتفع، ثم قالت:

– هانت يا فؤش، جهز انت مهري وهعوضگ عن كل ايام العذاب، واسقيگ من شهد الغرام كاسات، واعيشگ اللي عمرگ ما عيشته ولا شوفته.

– امتى بس يا يويو؟

– والله يا روحي التأخير من عندگ انت، مش من عندي.

– ما هو اصل اللي انتي طالباه ده كتير اوي يا يارا عليا.

– لأ مش غالي يا فؤاد، لما اطلب شقة تتكتب بأسمي، وشبكة تليق بيا، تقول كتير، اخس عليگ يا وحش.

– لا والله ما كتير، وفلوس الدنيا مش كتير عليكي يا يويو، هدبر حالي واحققلگ كل اللي عايزاه ياقلبي.

– وانا ساعتها هكون شبيگ لبيگ، وكلي ملگ إيداگ.

تراقصت دقات قلبه و ارسل لها قبله عبر الهاتف، والتفت وجد زوجته “غزال” واقفه تستمع لما قال، وادمعها تنهمر بقوة، مصدومه مما سمعته، مطعونه في أنوثتها، اقترب منها بكل عجرفه غير مبالي لحالتها قائل:

– انتي واقفه ليه كده؟ ومالگ قلباها مناحه ليه يا بوم فقر؟

كلامه زاد من صدمتها، فلم تتوقع منه كل هذه البجاحه والجرأه بهذا الشكل، ردت عليه بصعوبه شديدة هامسه بأنهيار مكتوم :

– انت بتخوني وبتعرف عليا واحده يا فؤاد؟

ضحك وتعالت صداها، ثم اقترب منها وبغضب قال متسائل:

– ومخنكيش ليه؟

– انت بتقول ايه؟ انت اتجننت أكيد ؟

وحين سمع منها سبابه رمقها نظرات شر ورفع يده لكي يصفعها، و على اخر لحظة حين لمح الفزعه والخوف داخل مقلتيها، حاول كظم غيظه؛ لكنه فشل فقال بصوت جهور غاضب:

– جن لما يبقي يجننگ ويريحني منط، احترمي نفسگ يا غزال، انا كتمت غضبي بالعافيه، كلمه تانية منگ متلوميش غير نفسگ، انا بحذرگ.

– انا مش قادرة اصدق اللي بسمعه ده؟ انت يا فؤاد تقولي كده؟ انا عملت إيه عشان استاهل عليه معاملتگ دي؟

قالت كلامها والذهول متجلي على صفحة وجهها، والعبرات تتساقط في صمت، بينما هو هاج بكل غضب يمتلكه قائل وهو ينظر لهيئتها المرزية، وملابسها الفضفاضه الواسعه التي تداري بها امتلاء جسدها، و اشار عليها بيده على ما تحزم به رأسها، كأنها خادمه وليس زوجة هاتفها بأحتقار:

– الكارثة انگ متعمليش حاجة، ولا عمرگ عرفتي تعملي أي حاجة من النسوان بتعملها عشان تسعد جوزها.

قاطعته وصاحت بصوت مرتفع:

– انا يا فؤاد؟! انت شايفني كده؟

– ايوة انتي، انا خلاص مش قادر استحمل بقى العيشة دي، حاسس اني مدفون بالحيا معاكي، حاسس بالشيخوخه و العجز تسرب لروحي، انتي اللي يعيش معاكي يدفن بالحيا يا شيخه، ده انتي بقيتي لا شكل ولا منظر، روحي شوفي نفسگ في المرايا وهي تجاوبگ.

لم تستطع سماع حديثة اكثر من ذلگ، وضعت يداها فوق اذنيها لتخرس صوته، استفزته بتلگ الحركة، فثارت غضبه، ازاح يداها وهز أكتافها بعنف قائلا:

– مش عايزة تسمعي الحقيقة مش كده، اصل دايما الحقيقه بتزعل، عشان مؤلمه، كام مره قولتلگ بالحسنى حافظي على جسمگ، من اول يوم جواز وانا اتصدمت فيكي، مكنتيش بالشكل ده ايام الجامعه، مش دي غزال اللي خلتني اجري وراها سنين عشان توافق تتجوزني، ويوم ما اتحقق مرادي، اخدت قلم عمري، وشوفتگ وفضلت كاتم في قلبي طول فتره جوازنا.

الذهول مسيطر عليها، مما يقول، توقفت دموعها فجأه وتحجرت داخل مقلتيها، كأنها أبت ان تتحرر وظلت سجينة بداخلهما، عيناها كانت تتسائل فرد بوجع يشعر به:

– هقولگ عشان بقيت مش قادر اسكت أكتر من كده، جه الوقت اللي هخرج فيه كل اللي كاتمه جوايا، وجت اللحظه اللي هتخرج.

صمت قليلا وابتلع ريقه واسترسل:

– منكرش اني حبيتگ، واعجبت بيكي، ومع رفضگ المستمر ليا؛ صممت اني افوز بيكي واتجوزنا، ومع أول يوم وشوفتگ بقميص النوم اتصدمت، شكل جسمگ اللي متوقعتهوش ظهر على حقيقته بدون اي كورسيه بتداري بيه ديفوهاتگ، حسيت اني انخدعت فيكي، واتصدمت صدمة عمري، مش دي الانسانه اللي كنت بحلم اني اتجوزها، كنت بعصر على نفسي لمون وانا بقرب منگ، ولما عرفت انگ حامل زعلت لأن في طفل هيربطني بيكي للأبد، لكن حمدت ربنا من قلبي ان حملگ كان صعب ومكناش بنتقابل مع بعض، عارفه يعني اية راجل لسه في بداية حياته اتحرم من حقه، احساس عمرگ ما هتحسيه، لكن انا صبرت وقولت يا واد اصبر يمكن بعد الولادة تهتم بنفسها، ويرجع جسمها كويس، اشتركتلگ في جيم، روحتي يوم وعشره لأ، بدل ما تعملي رجيم فضلتي تاكلي بشراهه لحد ما وزنگ عدى ال ١٠٠ كيلو، شوفتي انا معبي ازاي، وكل ده وليكِ عين تسائلي انت بتخوني ليه؟ ايوة يا غزال بعرف واحدة عليكِ، وهنزل اقابلها إذا كان عاجبك، ومش كده وبس؛ لأ في اقرب وقت هتجوزها واعوض السنة ونص اللي راحوا مني معاكِ، قال غزال قال، ظلمگ اللي سماكِ، انتي انتي دبه ماشية بتتحرگ على الأرض.

كانت “غزال” تستمع لكل حرف ينطق به، كانت الكلمات كافية أن تطعن روحها بسكاكين حارقة بلا رحمة ..

عيناها اللاتي إحمرتا بشدة أخبرته بمدى الألم الذي شعرت به بسبب كلماته الجارحة، وبداخلها وجع ليس له مثيل.. براكين.. وحمم متوهجه، واسئلة تراودها ولا تجد لها أي أجوبة، أيعقل انها بالبشاعة التي يصورها لها؟! من المستحيل ان يكون قد احبها في يوم؟!

فـ ان من يحب لا يجرح..!! ان من يعشق لا يرى في محبوبه شيء سيئ، بل يراه في عيونه مكتمل الصفات؟!

ظلت صامته تريد ملئ الكون صراخًا، لكن صوتها تحشرج واختنق بداخل ثغرها، القى عليها نظرة أخيرة باستحقار، ثم تركها دون ان يربت على اوجاعها، تركها محطمة القلب، مكسوره، قلبها تحول لفتتات ولا من احد يداوي ويطيبه، وعند سماعها لغلق بابها استفاقت من حالت التيه و ولجت داخل غرفتها، كالموتى بدون روح، جسد يتحرگ فقط، كلامه اوجعها بشدة، قذف كل اسهمه دفعه واحده دون شفقه في فؤادها، لم يهتم يومًا بسؤالها عن حالتها؟ لماذا تأكل بهذا الشكل؟ لم يكلف نفسه ويبرر لها أي شيء، لكنه كان دايما هو من يدفعها لذلك نعم هو السبب !! لم يكن داعم لها بالكلمة الحلوة، دايما يقذفها بكلمات قاسية تزيد من عنادها وتلجأ للطعام حتى تهرب، لم تكن في يوم محبه للطعام وتتناوله بشراهه مثلما تفعل الآن، لكن العند يصل للكفر في بعض الأحيان، وهي تركت نفسها حتى اصبحت بهذا الوزن المفرط،

وقفت امام مرآتها؛ لم تتعرف على نفسها، شعرت انها كبرت عشرات السنوات فوق عمرها، كانت صورتها مشروخه مثلها، كرهت النظر لها، امسكت قارورة عطرها وقذفتها لتنكسر لفتتات مثل قلبها الذي كسره قبل لحظات، وقعت على الأرض وانهارت كل قواها وصوت صدى صوته يعلو داخل اذنيها، شعور قاتل شعرت به حين اعترف انها لا تملئ عيناه، ولا يراها أنثى من أساسه، بكت بكل حرقة و وجع، وظلت تبكي وتبكي دون ان يشعر بها أحد، وقعت عيناها على جزء صغير مكسور من المرآه وانعكست صورتها الباكيه بداخلها، امسكتها وقالت في وجع:

– هو عنده حق، انا مستحقش أعيش، انا جيت الدنيا دي غلط، اللي زي مكانهم مش هنا، انا الموت اشرفلي من العيشه معاه.

نهضت بقوة لم تعرف من أين جاءتها، وفتحت الكومود تبحث عن شيء ما بلهفة الغريق الذي يبحث عن قشة يتمسك بها ظنًا انها ستنجيه، وكانت هذه العبوه هي من ستريحها من حالة الضياع واليأس الذي تملكها للتو، فتحتها بيد مرتعشه وابتلعت كل الحبوب التي بداخلها، مرت دقائق وشعرت بدوران افقدها وعيها.

اثناء ذلگ حينما خرج “فؤاد” هاتف حبيبته الحسناء “يارا” يستعجلها، فقالت له معتذرًا:

– آسفه يا بيبي جدا، جالنا ضيوف من البلد وماما صممت اقعد معاها ارحب بيهم، معلش خليها مره تانية، تتعوض يا بيبي.

– طب ممكن استنى في أي كافيه لحد ما يمشوا وتيجي.

– لا مش هينفع اصلهم هيباتوا مش هيروحوا، سلام لحسن ماما بتنادي عليا.

أغلقت معه الهاتف، وتبسمت بمكر، ورقصت فرحًا لما تفعل معه، فهي تتبع اسلوبًا التشويق والحرمان في آن واحد، تضغط عليه ليلبي لها مطالبها.

هاتف صديق له يقابله حتى يضيع الوقت، فهو لا يريد الرجوع ومواجهتها بعد الذي قاله، لكن صديقه اعتذر، فما كان منه إلا العوده، وقرر داخل نفسه بالا يحتگ بها.

وصل منزله وحين دلفت قدميه، سمع صوت صراخ ابنه الرضيع عاليًا، فثار جنونه وقال منادي عليها:

– انتي فين يا هانم؟ سايبه الواد هيموت من العياط، روحتي في اي داهية ؟ تلاقيها بتطفح في اي حته؟

يعني يا ربي لا فالحه تبقى زوجة ولا كمان ام، انا مش عارف عملت ذنب ايه عشان اتبلي بيكي؟

دخل وعيناه على طفله، وحينما حمله وجدها واقعه ارضًا، والعرق يتصبب على جبينها، جثى على ركبته يتفحصها، شعر بنبضاتها بطيئة جدا، لمح العبوه بجانبها وعلم انها حبوب اكتئاب، تعجب منذ متى وهي تتناول تلگ الحبوب، فكر في حملها لكنة تراجع وخشى على ظهره؛ نظرًا لثقل جسدها، امسگ هاتفه وقام بالاتصال بسيارة الإسعاف القريبه من منزله، ثم حمل صغيرة يهدأه، شعور غريب انتابه لم يرق قلبه لحالتها، تجمدت كل احاسيسه، كأن تلگ المرأه غريبه عنه، وكل الذي فعله تجاها انه طلب من ينجدها، دق جرس الباب تقدم لفتحه، هرول العاملان معه وحملها بصعوبه على السرير المحمول، وتوجهوا لاسفل، اغلق باب شقته، و رأته جارتها وعلمت ما حدث، وطلبت منه ان يترگ معها الصغير ويتوجه هو مع زوجته.

هاتف والدتها وابلغها ما حدث، اغلقت معه الأم وهاتفت ابنها “سند” وتوجهوا فورًا إليها.

دخلت “غزال” المشفى وتم عمل اللازم لها، بعد ان شرح زوجها ما تناولته، عمل الطبيب لها غسيل معده، وتم تعليق محاليل نظرا لانخفاض الضغط.

مع خروج الطبيب هرولت نحوه والدتها واخاها، بينما كان زوجها يتابع في صمت، علموا منه حالتها، وحينما انتهى من قوله انقض “سند” كالوحش المفترس على زوجها، يمسكه من تلابيب قميصة، يريد الفتگ به وقتله لما فعل بأخته الوحيده، حاولت امه الفصل بينهما لكنه قال بغضب:

– سبيني يا أمي اقتله زي ما اتسبب في انها عايزة تموت روحها.

حاولت ازاحه يده بقوه وقال مبررًا:

– انا معملتلهاش حاجه، ابعد ايديگ دي لاقطعالگ؟

– تقطع إيد مين يالا ؟! و ربي لادفعگ ثمن رقدتها دي غالي اووي يافؤاد.

صاحت الأم قائلة:

– سيبه يا سند مش وقته، نطمن بس على اختگ وتفوق الأول، وبعدين لو ظهر ان هو السبب..

قاطعها “سند” وقال بتوعد:

– مش هتقعد على ذمته ثانيه، ورحمه ابويا ما هيشوف ضفرها.

شاور له بيده بطريقة يسخر من قوله، فهو في كرارة نفسه يريد الخلاص منها في تلگ اللحظة قبل الأخرى، لكنه انتظر، سألته والدتها عن طفلهما، وابلغها بأنه عند جارتهما، فقالت موجهه حديثها لابنها في حزم:

– روح شقة اختگ وهات ابنها وديه عند مراتگ، وهات شوية هدوم لاختگ أكيد هتحتاجها و متتأخرش.

– طب اطمن بس عليها وبعدين اروح، انا مش هعرف اجيب الحاجات دي.

– هكون معاگ على التليفون وهقولگ اللي محتاجاه، اهم حاجة تلم حاجات شادي كلها في شنطة، ووصي مراتگ عليه.

– متقلقيش حاضر.

اقترب منه وقال بغضب:

– هات مفاتيح الشقه.

– لا طبعا مش هديگ حاجة.

– هات المفاتيح عشان اجيب هدوم ليها واخد الولد من عند الجيران، هما مش ملزومين بيه.

تعامل معه بالعنف، واخرج مفاتيح شقته غصبًا وتركه ونفذ ما امرت به والدته، ووضع كل شيء داخل حقيبتين كبيرتين، وكاد ان يخرج لمحت عيناه علبة مجوهراتها، فهاتف والدته ليخبرها يأخذها ام يتركها، فردت عليه ان يضعها في الحقيبه، فزوجها الآن لا يأتمن على أي شيء يخصها، اغلق باب الشقه، وطرق باب جارتها واخذ الطفل منها وشكرها على ذوفها، وسألته عن حالتها فطلب منها الدعاء لها ان يتم شفاءها على خير، ثم استقل سيارته وتوجهه نحو منزله ليترگ الصغير مع زوجته، التي رق قلبها له واحتضنته بحنان، واشفقت على حاله، ودعت لوالدته ان تشفى من أجله، شكر زوجته ثم تركها وعاود لوالدته فقد كانت اخته ما زالت نائمه تحت تأثير المسكنات، او انها مدعية الهروب من كل العالم.

كانت نظرات “سند” ترمقه بغل و وعيد، يريد ان يعرف الحقيقة، وماذا حدث أوصلها إلى تلگ الحالة واليأس، لكنه كان صامتًا لا يبوح بأي كلام، منشغل بمتابعة هاتفه ولا على باله الراقده بين الحياة والموت بالداخل.

ياترى اية اللي هيحصل لغزال، وهل هتقاوم ولا هتفضل على حالتها وتستسلم للموت البطئ؟

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الغزال الباكي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!