روايات

رواية القاتل الراقي الفصل الرابع عشر 14 بقلم سارة بركات

رواية القاتل الراقي الفصل الرابع عشر 14 بقلم سارة بركات

رواية القاتل الراقي الجزء الرابع عشر

رواية القاتل الراقي البارت الرابع عشر

رواية القاتل الراقي الحلقة الرابعة عشر

“الرقصة الأخيرة”
لم تشعر بنفسها سوى وهي تقترب نحوه بإصرار، حتى توقفت أمامه وبخطوة سريعة منها ألقت المياة التي بالكوب بوجهه ….
أشرقت:” مريم سامعاني؟”
إستفاقت مريم من شرودها عندما وكزتها صديقتها ونظرت إليها بإستفسار ..
أشرقت بإبتسامة متوترة:”دكتور آسر سألك سؤال وإنتي مردتيش.”
نظرت مريم لآسر الذي ينظر إليها بإستفسار أيضًا، ولكنها أبعدت عينيها عنه ونظرت مرة أخرى نحو ياسين اللوح الثلجي الموجود بالحفل معها .. يبتسم بهدوء لرجال الأعمال الذين يتحدث معهم وأيضًا يبتسم لصور الصحافة التي يتم إلتقاطها له .. أغمضت عينيها بضيق، لم تنساه ولم تستطع نسيانه ولكنها يجب أن تمضي قدُمًا، نظرت لآسر بهدوء ..
مريم بإبتسامة هادئة:”أنا آسفة بس مش حابه أسافر.”
آسر:” بس أنا حاسس إنك محتاجة تغيري جو.”
مريم بإبتسامة:”لما أنوي أكيد هقولك، شكرا يا دكتور.”
ظل الإثنان صامتين لبعض الوقت ومريم تسترق بعض النظرات تجاه ياسين أيضًا وكانت أشرقت ترى تلك النظرات وتتسائل بداخلها عن ماذا هناك وماذا يحدث لمريم؟؟ .. لما هي متوترة هكذا؟؟ .. ولماذا تنظر للمساهم الأساسي هكذا؟؟ ماذا هناك بينهما؟؟ إنتبهت أشرقت على صوت الموسيقى الهادئة وإنتبهت لبعض زملائها الرجال يتجهون نحو بعض زميلاتها يمسكون بأيديهم ويتجهون لمنتصف القاعة للرقص .. وكزت أشرقت مريم في ذراعها ونظرت لها مريم في المقابل بتعجب ..
أشرقت بهمس:”مش قولتلك دول معجبين ببعض أنا صح.”
حاولت مريم كبت ضحكاتها على صديقتها الساذجة ..
مريم بهمس:”قولتلك مالناش دعوة.”
نظر آسر بنفس الإتجاه الذي ينظرون إليه ووجدها فرصة رائعة أن يدعوا مريم للرقص..
آسر:”دكتورة مريم.”
إنتبهت إليه مريم ونظرت له بإستفسار ..
آسر بإبتسامة لطيفة وهو يمد يده إليها:”تسمحيلي بالرقصة دي؟”
كادت أن تجيبه بالرفض ولكن قامت أشرقت بالرد بدلا عنها ..
أشرقت:”أكيد طبعا.”
دفعتها أشرقت من الخلف نحو آسر تحت ذهولها مما يحدث .. نظرت مريم بإحراج نحو آسر الذي يقف أمامها مباشرة ..
إبتسم آسر وأمسك بيدها وهنا شعرت مريم برفضٍ شديد لما يحدث ونظرت بشكل تلقائي نحو ياسين الذي تقابلت نظراتها معه، ولكنه أبعد نظراته سريعًا كأن شيئًا لم يكن .. شعرت بالإحباط عندما لم يُبدي أية ردة فعل … عقصت حاجبيها بغضب وسارت مع آسر وأنضما للآخرين، كانت أشرقت تنظر لهم بسعادة آملة أن تعطي مريم لنفسها فرصة للحب ولكنها لم تعلم أن قلبها قد ذاب عشقًا في ذاك البارد الذي يُدعى ياسين المغربي ..وضع آسر يده خلف ظهرها وقربها منه أكثر .. كانت بداخلها ترفض مايحدث رفضًا قاطعًا ولكنها يجب أن تُظهر لياسين أنها تستطيع العيش بدونه، هي كاذبة تعلم ذلك ولكنها لا تستطيع أن تجعله يراها ضعيفة لأنها ليست ضعيفة .. كاد آسر أن يبدأ الرقص ولكنه إنتبه لرجل يربت على كتفه ، نظر له آسر وقام الرجل بهمس بعض الكلمات له وهز آسر رأسه سريعًا ونظر لمريم. .
آسر:”أنا آسف يا دكتورة، بيقولوا إن في مشكلة في عربيتي، هروح أشوفها وأرجعلك.”
هزت مريم رأسها أما آسر خرج من القاعة .. تنهدت مريم بإحراج لما حدث ثم عادت مرة أخرى ووقفت بجانب أشرقت التي تنظر لها بعدم فهم لما حدث ..
أشرقت بإستفسار:”إنتي عملتي حاجة ضايقته؟”
مريم وهي تمط شفتيها بعدم فهم:”معرفش، أنا فجأة لقيته بيتحجج إن عربيته فيها مشكلة وخرج.”
أشرقت بتنهيدة:”ولو إني مش مصدقاكي، بس هصدقك.”
ضحكت مريم بخفة وعادت تنظر لمكان تواجد ياسين ولكنه إختفى .. هدأت ملامحها وبدأت تبحث عنه بعينيها لعلها تجده ولكن لا يوجد له أثر، حتى رجاله إختفوا أيضًا .. لا تعلم لماذا شعرت بالقلق على الطبيب آسر .. هل يمكن أن يفعل له ياسين شئ؟؟؟ .. دب الرعب في قلبها ولا تعلم لماذا أتى على بالها ذاك التفكير ..
مريم:”أشرقت، أنا هروح الحمام.”
كادت أن تتحدث ولكنها مريم تركتها وذهبت .. تعجبت أشرقت عندما رأتها تسير في إتجاه آخر غير الحمام .. بدأت مريم تبحث حولها عن ياسين ولكنها لم تجده، ذهبت لإتجاه مخرج من مخارج القاعة ولكنها توقفت عندما لمحت ياسين يقف أمام مسبح كبير وينظر أمامه بهدوء .. سارت بالممر الخاص بالمسبح بهدوء .. لا تدري لما تتجه إليه ولكنها تشعر أنها مسلوبة الإرادة نحوه خصيصًا .. وقفت خلفه وحاولت التحكم بوتيرة أنفاسها التي بدأت تزداد، هادئٌ و باردٌ كالعادة .. يرتدى حُلة سوداء راقية من عصر الستينات كالمُعتاد، شردت به ونسيت لماذا هي هنا؟ .. إستفاقت على صوته ..
ياسين دون أن يلتفت إليها:”مساء الخير يا دكتورة.”
عقصت مريم حاجبيها بعدما إستوعبت لماذا هي هنا؟ .. وإقتربت منه حتى وقفت أمامه ..
مريم بضيق:”لا مساء الخير ولا صباح الخير حتى، فين دكتور آسر، إوعي تكون عملت فيه حاجة؟”
ياسين بإبتسامة هادئة:”ماكنتش معتقد إن أول كلمة بينا بعد الشهور إللي فاتت دي إنك تتهميني بإني أذيت حد.”
مريم بإصرار:”دكتور آسر فين؟”
أشار ياسين بعينيه نحو مدخل القاعة وإلتفتت مريم للخلف، وجدت آسر يدخل للقاعة ومن الواضح أنه يبدو بخير .. توجه آسر نحو أشرقت وهو يبحث بعينيه عن مريم ..
آسر بإستفسار:”هي دكتورة مريم فين؟”
أشرقت:”في الحمام .. هو في حاجة؟ حضرتك كنت خرجت بسرعة.”
آسر بضيق:”اه ده في حد جه قالي العربية بتاعتي إتخبطت بس لما طلعت لقيتها سليمة .. مش عارف إيه الهزار السخيف ده.”
تنهد آسر ثم تحدث ..
آسر:”هي الدكتورة هتتأخر طيب؟”
أشرقت:”ممكن مش عارفة .. أنا عموما هروح أشوفها.”
آسر بإبتسامة:”شكرا.”
تركته أشرقت وذهبت تبحث عنها ..
…………………………..
تنهدت مريم بعدما رأت آسر يعود للقاعة ثم عادت ونظرت لياسين الذي ينظر لها بهدوء في المقابل، لم تنسى مافعله لها أبدًا، لم تنسى كيف جرح قلبها، لم تنسى كيف كان يبتسم للصحافة وهم يسألونه عن عشيقته .. أغمضت عينيها بغضب وألم من تلك الذكريات وإلتفتت لترحل ولكن أوقفها صوته ..
ياسين:”دكتورة مريم.”
أغمضت عينيها بقوة تحاول التحكم بوتيرة أنفاسها وإلتفتت إليه تنظر له بإستفسار ..
ياسين بإستفسار:”إنتي كويسة؟”
مريم بهدوء:”أيوه كويسة.”
كادت أن تلتفت ولكن أتى على بالها سؤال ..
مريم بإستفسار:”هو إنت إزاي المساهم بتاع المستشفى دي؟؟ ومن إمتى؟؟”
ياسين بإستفسار:”الإجابة تهمك في إيه يا دكتورة؟؟”
نظرت إليه قليلًا تُفكر .. حسنًا لا يهم كثيرًا ولكنه آخر شخص تريد أن تراه في حياتها ..
مريم:”عندك حق فعلا، هي تهمني في إيه؟؟ لإنها مش مهمة فعلا بالنسبالي.”
لم يُجبها ياسين ولم يعطها أية ردة فعل كان باردًا ثابتًا قويًا كما هو .. أما مريم كانت تنظر له بضيق لأنه لم يتغير أبدًا .. الخائن.
إنتبهت مريم للموسيقى التي تغيرت في القاعة وتحولت لموسيقى أخرى شاعرية .. إقترب ياسين منها حتى صار أمامها مباشرة ومد يده إليها ..
ياسين بإبتسامة هادئة:”تسمحيلي بالرقصة دي يا دكتورة؟”
نظرت مريم ليده ثم نظرت لعينينه الباردتين مرة أخرى .. تشعر أن هناك مغناطيسًا يمنعها من التحرك والرفض، هناك شئ أيضًا يمنعها من إلقاء الشتائم في حقه .. تشعر أنها مشوشة .. شخص في رُقيّه كيف يكون خائن لعشيقته؟؟ .. نظراته الهادئة تلك تبعث عليها الطمأنينة، لماذا لا زالت تشعر أنه الأمان بالنسبة إليها؟؟ على الرغم من جرحه لها .. لماذا نظراته تلك تخبرها بأنه لم يقم بجرحها؟ .. لماذا تخبرها أنه يحبها؟ .. نظرت ليده مرة أخرى ومدت يدها له بدون وعي .. إبتسم ياسين بهدوء وضغط على يدها برفق وقربها منه أكثر .. وضع يديه خلف ظهرها وهي وضعت يدها على كتفيه .. لم تبتعد أعينهما عن بعضهما البعض، وبدأ ياسين بالتحرك بها متذكرًا تلك الرقصة التي رأى والده يراقصها لوالدته تلك الحركات تلك اللمسات الرقيقة .. مصطفى وفريدة أجمل قصة حب تمنى براء أن يعيش بها … كان جسدها يتابع حركاته بإنسيابيه، لقد كانت منسجمة معه في الرقص، يتمايل جسدها بخفة .. مرت تلك اللحظات اللطيفة وهي تنظر في عينيه بلهفة وهو ينظر لها بإبتسامة هادئة مسالمة، إبتسامة خلفها الكثير من الذكريات .. عندما إنتهت الموسيقى تذكر براء جيدًا ماذا حدث بعد تلك الرقصة الأخيرة .. تذكر كيف مات والديه .. ظل براء ينظر لعينيها الصافيتين البريئتين .. كم كانت تبدو مسالمة … يعلم جيدًا أنه مهما حاول أن يجعلها تكرهه فإنها ستظل تحبه وستشتاق لأي لحظة تجمعهما سويًا كما يريد هو ذلك أيضًا .. ووضع يده على وجنتها يتلمسها بلطف ..
ياسين وهو ينظر بعينيها:”كوني بخير يا مريم، وعيشي حياتك، الدكتور مناسب ليكي، هو هيقدر يسعدك.”
إبتعد عنها بهدوء وتوجه نحو مدخل القاعة ثم خرج منها … تقف بمكانها لا تستطيع إستيعاب ماقاله وماحدث؟؟ لقد كان يراقصها منذ لحظات ولكن تلك اللحظات الجميلة إنتهت بحديثه لها .. هل أخبرها أن أحدًا غيره سيُسعِدُها؟؟ هل يمتلك أي فكرة أنه قد كسر قلبها مرة أخرى بتركه لها في تلك اللحظة؟؟ .. تلك اللحظة التي رأت حبه لها … نعم لم يكن ذلك حلم .. لقد كانت بين يديه يتحكم بحركات جسدها كما يريد … لقد شعرت بحبه لها .. شعرت بإهتمامه بها .. لكن كيف يجرحها مرة أخرى بعد أن تشعر بالأمان له؟ .. لم تشعر سوى بإنهمار دموعها على وجنتيها .. لماذا يفعل بها ذلك؟ … لماذا تشعر دائمًا أنها غير كافيةٍ بالنسبة إليه؟؟ .. لا يعلم أبدًا أنه هو سبب سعادتها بعدما فقدت كل شئ.
أشرقت:”مريم.”
إلتفتت مريم لصديقتها وهي تبكي .. صُدمت أشرقت من بكائها وأقتربت منها وقامت بضمها لعلها تهدأ .. ولكن مريم زاد بكائها .. لم يُشفى جرح قلبها السابق، بل أصبح الجرح عميقًا أكثر ..
أشرقت:”مالك فيكي إيه؟”
مريم ببكاء:”أنا محتاجة أمشي من هنا، مش قادرة أفضل هنا دقيقة واحدة، مش قادرة أستحمل.”
أشرقت:”طيب، تعالي نخرج.”
أمسكتها من يدها وخرجتا سويةً من القاعة .. تحركت أشرقت بسيارتها وبجانبها مريم التي تبكي وتنظر أمامها بشرود .. وبعد عدة دقائق توقفت أشرقت أمام بيتها، هبطت مريم من السيارة ولحقتها أشرقت .. تعجبت مريم ونظرت لها بإستفسار …
أشرقت:”أنا هبات معاكي النهاردة، أنا محتاجة أعرف منك إنتي فيكي إيه؟؟ ومين الشخص إللي كنتي واقفة معاه ده؟ وإزاي تبقي عارف المساهم أصلا وماتقوليليش .. في كلام كتير أوي يا مريم محتاج يتقال، محتاجة أفهم صاحبتي .. ماينفعش أبقى شايفاكي حزينة ومش سعيدة طول الوقت وأعدي ده كله وأقول عادي، كفاية سكوت لحد كده .. أنا عايزة أعرف منك كل حاجة.”
هزت مريم رأسها بإستسلام وتبعتها أشرقت .. دلفت مريم للشقة وكانت قطتها في إنتظارها وهنا فزعت أشرقت عندما رأت القطة .. وتمسكت بمريم تحتمي بها …
أشرقت:”إبعديها عني.”
ضحكت مريم من ردة فعل صديقتها وخوفها المستمر من القطط …
مريم:”يابنتي دي لطيفة جدا ومسالمة خايفة منها ليه؟”
أشرقت:”معرفش.”
مريم:”سيبيني طيب.”
تركت أشرقت ثوب مريم التي حملت قطتها وملست على جسدها بلطف ووضعتها بصندوقها ووضعت أمامها الطعام ..
مريم لأشرقت:”يلا تعالي.”
تحركت أشرقت بحرص وهي تنظر للقطة التي تنظر لها ببراءة في المقابل حتى دلفت الغرفة وتبعتها مريم ..
مريم:”غيري هدومك وأنا كمان هغير هدومي.”
أخرجت منامة لتقوم بتغيير ثيابها وأستأذنت من صديقتها لتذهب للحمام … بعد عدة دقائق .. كانتا تجلسان بالفراش بجانب بعضهما ..
أشرقت:”أنا عايزة أعرف عنك كل حاجة يا مريم .. محتاجة أفهمك، لإني دايما حاسة إني مش فاهماكي.”
تنهدت مريم بعمق وبدأت بالتحدث ..
مريم بإستفسار:”عايزاني أبدأ منين؟ أو أحكي عن إيه؟؟”
أشرقت:”من غير ما أحددلك هو تقريبا سؤال واحد هيطلع الإجابات المطلوبة .. إيه إللي بينك وبين المُساهم إللي على ما أعتقد إسمه ياسين المغربي؟”
صمتت مريم قليلًا تحاول البحث عن إجابة ولكن الإجابة الوحيدة كانت تلك الدمعة التي هبطت من مقلتيها عندما سمعت إسمه … ولم تلبث سوى أن بدأت بالبكاء فعلا .. كأن هناك كمٌ من المشاعر المُحتجزة بداخلها .. ربتت أشرقت على كتفها لعلها تهدأ .. وها قد نالت الإجابة ..
مريم بصوت متحشرج:”ده صاحب المستشفى إللي كنت شغاله فيها السنة إللي فاتت……………”
بدأت مريم في سرد قصة حياتها مع ياسين المغربي الذي سرق قلبها ولم يُعيده إليها ..
مريم ببكاء:”وفي الآخر جاي يقولي كوني بخير وعيشي حياتك وإن آسر مناسب ليا وهو إللي هيسعدني .. وهو مايعرفش أصلًا إن كل ثانية في حياتي بتعدي عليا وهو مش موجود فيها بموت بدل المرة مليون مرة.”
شهقت مريم بقوة من كثرة بكائها وتقوم أشرقت بإحتضانها وتحاول تهدئتها ولكنها بائت بالفشل .. فهي لا تستطيع مساعدتها في ذلك سوى أن تتركها تبكي .. لأن جرح الحب صعب شفاءه ..
مريم في وسط شهقاتها:”أنا قلبي إتعلق بيه من وأنا صغيرة، كنت دايما بحلم أقابله .. ولما لقيته قدامي ماصدقتش نفسي .. لإن الإنسان إللي فضلت أتمنى أقابله طول سنين حياتي موجود قدامي.”
ظلت مريم تبكي وأشرقت تحتضنها بقوة وتبكي على حالها أيضًا .. وبعد عدة دقائق بدأت شهقات مريم في الهدوء ..
أشرقت بإستفسار:”بقيتي أحسن؟”
هزت مريم رأسها بهدوء وهي مستندة على كتفها .. ظلت الإثنتان صامتان هكذا .. حتى تحدثت مريم..
مريم بصوت متحشرج:”تعرفي إنك بتفكريني بأختي.”
إعتدلت أشرقت ونظرت لها بإستفسار …
مريم بتوضيح:”مكانتش بتسيبني أبدًا، وتفضل ورايا لحد ماتعرف مالي .. كانت أغلى حاجة في حياتي بعد ماما وبابا، الله يرحمهم.”
أشرقت:”الله يرحمهم.”
كانت تريد أن تسألها كيف ماتوا؟ .. ولكنها محرجة من ذلك السؤال … وكأن مريم سمعت السؤال الذي بداخلها وبدأت بالتحدث …
مريم بحزن وشرود:”بابا مات الأول .. كان مريض قلب جه في يوم وقلبه وقف، أنا وماما وأختى إتبهدلنا من بعده .. أنا كان عندي 12 سنة وقتها ماكنتش فاهمة أي حاجة، بس كل إللي أعرفه إني مش هشوف بابا تاني .. وبعده ماتت أختى .. *إرتجف جسدها* .. ماتت في حادثة، وأنا وماما لما عرفنا، ماما مستحملتش وماتت هي كمان .. أنا كنت وقتها في أول سنين الجامعة بقيت لوحدي تمامًا .. كل إللي كان بيساعدني معاش بابا إللي يادوب كان بيقضي الغرض بالنسبة للكتب والمذاكرة والأكل كنت باكل سندوتشات أي حاجة تشبعني يعني .. الحمدلله.”
ربتت أشرقت على كتفيها .. وبدأت بالتحدث ..
أشرقت:”الله يرحمهم.”
مريم:”آمين.”
بدأت أشرقت بالتحدث بمرح ..
أشرقت:”بالنسبة لآسر بقا .. على فكرة هو بيحبك.”
نظرت مريم لها بضيق ..
مريم:”يعني بعد كل الكلام إللي قولته ده تقومي تقولي آسر .. ياستي مش عايزاه، هو شخص لطيف وكل حاجة بس مناسب ليا، مش قادرة أفكر في حد غير ياسين.”
أشرقت:”طيب ياستي خليكي في حضرة الظابط بتاعك ده، أنا هنام عشان مش قادرة.”
مريم:”إنتي معرفتيش خالتك إنك هتباتي هنا؟”
أشرقت:”صباح الخير بليل .. أنا بعتلها رسالة من بدري إني هبات عندك عشان ماتقلقش.”
تنهدت مريم وهزت رأسها … إستلقت أشرقت على السرير وبجانبها مريم .. وبعد عدة دقائق … تحدثت مريم بشرود..
مريم:”شكرا يا أشرقت.”
لم تجد ردًا بالطبع لأن أشرقت كانت نائمة نومًا عميقًا ..
…………………………………………………….
“رواية/ القاتل الراقي .. بقلم سارة بركات”
يجلس بغرفة مكتبه في قصره، ينظر للصورة التي بيده والتي كانت عبارة عن صورة لهما سويًا .. والصورة الوحيدة لهما في ذلك الحفل الذي إنتهى فيه كل شئ .. يتذكر اليوم كيف كانت في الحفل، كانت رائعة الجمال بثوبها الأسود الرائع .. يتذكر رائحتها التي غرق بها عندما كان يراقصها .. يتمنى لو كان من حقه أن يهرب بها ويعيشان سويًا في سلام .. ولكن ليس لديه الحق في ذلك فهي كالطفلة البريئة بالنسبة إليه، وهو قاتل .. إستقام من مقعدة ووضع الصورة في تلك الخزينة لتنضم مع دفاتره السوداء وقام بإغلاق الخزينة .. وخرج من غرفته وذهب لغرفتها وإستلقى بسريرها الذي لم يفارقه منذ خروجها من القصر.
مر شهرٌ كامل وفي تلك الأثناء كانت مريم تحاول أن تتعايش على الوضع الحالي تتجاهل محاولات آسر لها .. تشتاق لياسين الذي لم تعد تراه منذ ذلك اليوم ألا يكفيه إرهاق قلبها هكذا؟؟ … عادت لوسائل التواصل الإجتماعي ولكنها لم ترى أي أخبار في الفترة السابقة عن ظهور عشيقته أو حتى ظهوره هو شخصيًا .. هل كان يكذب؟؟ … تسائلت مع نفسها دائمًأ ذاك السؤال ولكن لم تجد له إجابه.. كانت تسير بمرر المشفى تقوم بمراجعة بعض أوراق المرضى ولكنها توقفت عندما رأت الطبيب آسر يقترب منها ..
آسر:”مساء الخير يا مريم.”
مريم بإبتسامة مصطنعة:”مساء الخير يا دكتور.”
آسر بتنهيدة وتوتر:”ممكن أنا وإنتي نقعد في مكان ونتكلم شويه؟”
مريم بإبتسامة:”أكيد يا دكتور أنا كمان محتاجة أتكلم معاك.”
آسر بلهفة:”فاضية دلوقتي طيب؟”
مريم بتنهيدة:”أيوه فاضية، هروح بس أقول لأشرقت إني هخرج عشان ماتقلقش عليا.”
هز آسر رأسه بهدوء … بعد عدة دقائق .. جلسا بمقهى قريبٍ من المشفى وبدأ آسر بالتحدث ..
آسر:”تشربي حاجة؟”
مريم:”لا شكرا.”
حمحم آسر بإحراج وأخذ نفسًا عميقًا ثم بدأ بالتحدث …
آسر:”مريم .. أنا جوايا كلام كتير محتاج أقوله ليكي، بس خايف ترفضي.”
مريم بهدوء:”أظن إني عارفة الكلام من قبل مايتقال.”
إبتسم آسر على إعتقاده أنها أيضًا تبادله نفس الشعور ولكن إبتسامته إختفت عندما سمعها ..
مريم:”بس للأسف، أنا منفعش .. يعني أقصد حضرتك زميل ليا مش أكتر ولا أقل .. وأنا مش بفكر في الإرتباط دلوقتي خالص.”
ظل آسر صامتًا ينظر لها بحزن ..
مريم بإبتسامة:”خلينا زمايل زي ماحنا، ولو إحتجت أي حاجة أنا موجودة وكمان أشرقت موجودة هي تنوب عني طبعا في أي حاجة.”
آسر بعدم إستيعاب:”بس أنا مش عايز أشرقت .. أنا عايزك إنتي.”
مريم بهدوء وتكرار:”وأنا زي ماقولتلك يا دكتور، أنا بعتبرك مجرد زميل مش أكتر.”
إستقامت مريم من مقعدها ..
مريم:”بعد إذنك.”
ذهبت وتركته وعادت للمشفى مرة أخرى وبدأت بسرد كل ماحدث لأشرقت ..
أشرقت بضيق:”بطلي تصرفاتك دي.”
مريم:”تصرفات إيه؟؟ واحد مش متقبلاه بجد، عايزاني أعمل إيه؟”
أشرقت بإصرار:”تتقبليه، إنتي داخله على التلاتين يا مريم يعني صعب تلاقي شخص يتجوزك.”
مريم:”مافيش حاجة إسمها كده .. وبعدين أنا خلاص رافضة فكرة الإرتباط ومش عايزة، أنا عايزة أعيش حياتي لنفسي.”
كادت أشرقت أن تتحدث ولكن رن هاتف مريم .. نظرت مريم للرقم الذي يتصل بها ثم بدأت بالرد ..
مريم بإستفسار:”ألو؟”
ظلت أشرقت تنظر لها بضيق على ماتفعله تلك المغفلة بنفسها، يحب أن تعيش سعيدة ولا تترك نفسها للحزن أبدًا … غبي من قال أن الحب نهاية العالم بالنسبة إلى الشخص .. إنتبهت أشرقت لإبتسامة مريم العريضة بعدما أغلقت المكالمة الهاتفية ..
أشرقت بإستفسار وترقب:”في إيه؟؟ إيه إللي مخليكي مبسوطة كده؟؟ تتحسدي.”
مريم بسعادة:”فاكرة القافلة الطبية إللى أنا إتطوعت فيها من شهر؟؟”
أشرقت بتفكير:”تقريبًا اه.”
مريم بسعادة:”كانوا بيكلموني بيقولولي أجهز عشان خلاص الميعاد الأسبوع الجاي.”
تنهدت أشرقت ونظرت لها بضيق ..
مريم بإستفسار:”نعم؟”
أشرقت بضيق:”أقولها جواز وهي تقولي قافلة وشغل، بقولك إيه؟؟ إنتي لازم تتستي وتقعدي في البيت ده حلك يابنتي.”
مريم برفض:”إقفلي الموضوع ده، أنا هروح أقدم على الأجازة.”
أشرقت بتأفف:”إعملي إللي تعمليه أنا غلطانة يا ستي.”
تركتها أشرقت أما مريم هزت رأسها بيأس من صديقتها العنيدة التي لن تتذوق طعم الراحة إلا بعد زواجها..
………………………….
بعد مرور أسبوع:
كانت تقوم بتجهيز حقيبتها وبجانبها أشرقت تساعدها ..
مريم بإنشغال:”هتاخدي لولي عندك الأسبوع ده تأكليها وتشربيها وتاخدي بالك منها كإنك أنا بالظبط.”
أشرقت بضيق وتأفف:”مابحبش القطط، لازم تجيبيها عندي يعني؟؟، ماتوديها عند أي حد من الجيران.”
مريم بتنهيدة:”مش هعرف أطمن عليها غير معاكي، عشان إنتي عارفة كويس هي مهمة قد إيه بالنسبالي.”
أشرقت بإستسلام:”حاضر.”
إبتسمت مريم بإطمئنان وقامت بغلق الحقيبة ..
مريم:”أنا كده خلاص خلصت.”
أشرقت بحزن:”هو يعني مكنش ينفع تسيبك من القافلة دي؟”
مريم بإبتسامة:”إنتي عارفة إن حلم حياتي كان إني أتطوع في الحاجات دي.”
أشرقت بتأفف:”طيب.”
قامت مريم بإحتضانها بقوة ثم إبتعدت عنها وإتجهت نحو قطتها وقامت بحملها وتقبيلها ..
مريم:”هتوحشيني يا لولي.”
ظلت تلاعبها لثوانٍ ثم وضعتها بصندوقها ومعها بعض الطعام ..
مريم بإرتياح:”يلا كل حاجة جاهزة.”
ساعدت أشرقت مريم في حمل حقيبتها ومريم كانت تحمل بيدها الأخرى صندوق قطتها وخرجتا من الشقة .. ركبت أشرقت السيارة وبجانبها مريم لتقوم بإيصالها للمكان الذي ستتحرك منه … وفي ذات الوقت كان بعض الرجال يتابعون ما يحدث .. قام أحدهم بالإتصال به ..
؟؟:”ياسين بيه، الدكتورة خلاص هتسافر، هنفضل وراها برده، صح كده؟”
ياسين بهدوء:”أيوه.”
أغلق ياسين المكالمة الهاتفية بعد تلك الكلمة وإستقام من مقعده في نية منه للخروج من الشركة ..
……………………………….
ضمت مريم بقوة لوداعها ..
مريم:”أمانة عليكي يا أشرقت خدي بالك كويس من لولي.”
أشرقت:”حاضرماتقلقيش، .. *تحدثت بتأفف* .. وبعدين إنتي يادوب هتغيبي شهر، ماتحسسنيش إنك هتغيبي العمر كله.”
ضحكت مريم بخفة ثم أشارت لها بيدها تعبر عن الوداع وركبت إحدى وسائل المواصلات التي ستوصلها للبلد الريفي الذي ستذهب إليه .. جلست مريم بالمقعد الثالث في الحافلة الصغيرة والذي يُسمي “ميكروباص” .. مستندة برأسها على النافذة تفكر بياسين وتشرد بالطريق حتى مرت دقايق بسيطة وإستسلمت للنوم الذي شعرت به فجأة .. لا تدرى كم مر من الوقت ولكنها شعرت بعجز وهي نائمة .. شعرت بإنقطاع أنفاسها .. شعرت بأنها تختنق .. تموت … أصوات صراخ عالية حولها جعلتها تعقد حاجبيها بإنزعاج وألم … لا تستطيع التحرك … فتحت عينيها بتعب وتأوه .. ونظرت حولها بهلعٍ عندما وجدت حولها الكثير من جثث الركاب فى السيارة حولها ملقون على الأرض وهناك رجالٌ يحاولون إنقاذ الباقين .. أما هى لاحظت أن هناك قطرات دم كثيفة تنتشر على ثيابها من جانب رقبتها .. شعرت بأن هناك شئٌ حاد إخترق عنقها ولا تستطيع التحرك إنشًا واحداً بسببه …. منذ عدة دقائق … كان رجال ياسين يراقبون السيارة التي تحركت الآن ولحقوها … وبعد مرور عدة دقائق بسيطة من ملاحقتهم إياها .. كان سائق السيارة التي بها مريم يتحرك بشكل سريع فهو طريقٌ حر ولم ينتبه لتلك الشاحنة العملاقة تسير بالإتجاه المعاكس سريعًا حتى تقابلت الشاحنة مع السيارة وحدث تصادم قوي بينهما … توقفت سيارة رجال ياسين سريعًا وهبطوا من السيارة يحاولون إنقاذ ضحايا الحادث وخاصة الطبيبة .. قام أحدهم بالإتصال بياسين ليخبره بما حدث .. كان يجلس بسيارته يفكر بها كعادته … إستفاق من شروده على صوت هاتفه، إلتقطه بهدوء وقام بالرد دون أن يقول أي كلمة .. ولكن ملامح وجهه قد تبدلت بشكل غريب ..لا يصدق ما يسمعه ..
؟؟:”ياسين بيه؟؟ حضرتك معايا؟”
إستفاق ياسين مما شعر به وهو شعور الفقدان مرة أخرى ولكنه إستجمع ما تبقى من هدوئه ..
ياسين:”إنتوا فين؟”
؟؟:”إحنا في ******.”
لقد كان الحادث قريبًا منه، أغلق المكالمة الهاتفية وأمر سائقة بالركوب مع باقي الرجال وأخذ هو القيادة .. تحرك بسيارته سريعًا ولحقه رجاله بسياراتهم …بعد مرور دقائق قليله .. كان يتحرك بسيارته سريعًا يتمنى ألا يحدث لها شئ، يتمنى ذلك من كل قلبه، ولكن سيارته أصدرت صريراً عاليا عندما توقف بصدمة وهلع من هول ما رأى أمامه .. شاحنة نقل كبيرة ملقاة بمنتصف الطريق وأناس مجتمعون خلفها .. هبط من سيارته سريعًا لكى يرى ماذا حدث تحرك بسرعة خلف هذه السياره وهنا صدم مما رآه سيارة أخرى مقسومة إلى نصفين وحولها جثث الركاب والذين كان يخرجهم رجاله من السيارة، يقف تائهًا وهو ينظر للضحايا .. كان هناك من هو حى ولكن يلفظ أنفاسه الأخيرة والآخرون ميتون ملقون على الطريق بإهمال … بحث عنها بهلع وخوف تكون فى قلبه لأول مرة … بحث عنها ولم يراها بين الجثث تنهد بإرتياح ولكنه فتح عينيه على وسعهما عندما رآها هناك ويقف رجاله هناك أيضًا لا يعرفون كيف يحملوها من حالتها!! … مستندة بجسدها فى النصف الآخر من العربة مغمضة العينين .. شعر بأن روحه سوف تُزهق عندما رأى قطعة كبيرة من الزجاج موجودة فى عنقها ويخرج من هذا الجرح الكثير من الدماء … إقترب منها سريعًا بعدم إستيعاب لما يحدث أمامه وبدأ يربت على كتفها لعلها تستيقظ ..
ياسين بإرتجاف:”مريم.”
لم تستيقظ ودب الرعب فى قلبه أكثر .. مسك أكتافها وبدأ يصرخ بها ..
ياسين بصراخ:”مريم.”
يحاول إيقاظها بشتى الطرق ولكنها لا تستيقظ .. هبطت دمعة من إحدى مقلتيه بعجز وضعف من هذا الموقف الذى هو ملقى به لا يعرف كيف يحملها .. لا يعرف كيف يفعلها خوفاً من أن يحدث لها مكروه .. قامت بفتح عينيها بإرهاق .. رأته أمامها الشخص البارد الذي تعشقه هنا .. ولكنه ليس بارد تلك المرة … الهلع والدموع فى عينيه .. كان يصرخ بإسمها بأقصى طاقته .. دلالة على ضعف موقفه وعجزه .. كبكب وجهها بين يديه اللتان إمتلئتا بدمائها ونظر فى عينيها وهدأ قليلا ..
ياسين بدموع:”خليكى صاحيه .. خليكى صاحية.”
أغلقت عينيها بتعب وإستقام من مكانه وقام بخلع معطفه الأسود والذى قد إمتلأ بدمائها .. قام بتغطيها به وذلك لأنها كانت ترتعش كثيراً .. حملها بين يديه وهو يبكى ولا يهتم لقميصة الذى تلوث بدمائها .. فتحت عينيها مرة أخرى بوهن وبدأت الرؤية تتشوش أمامها وكل ماتراه كان ياسين الذى يبكى ولكنه يحاول أن يظهر صلابته كأن لم يحدث شئ .. نظرت مطولاً إلى وجهه الذى يحمل ملامح قاسية ولكن الآن هو أبعد ما يكون عن القسوة .. الخوف والقلق ودموعه التى تهبط من مقلتيه .. نظراته الخائفة من فقدانها … حاولت أن تبقى واعية ولكنها لم تستطع بسبب فقدانها الكثير من الدماء، أغمضت عينيها وفى تلك اللحظة نطقت بإسمه بتعب..
مريم:”ياسين.”
ولكنه لم يسمعها كان كل ما ينشغل به الآن هو إنقاذها فقط …
“فى تلك اللحظة فقط أدركت كل شئ .. أدركت أنك أكثر شخص يحبنى حتى وإن لم تظهر ذلك، فيكفى دموعك تلك.”

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية القاتل الراقي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى