روايات

رواية ثري العشق والقسوة الفصل الثاني عشر 12 بقلم آية العربي

رواية ثري العشق والقسوة الفصل الثاني عشر 12 بقلم آية العربي

رواية ثري العشق والقسوة الجزء الثاني عشر

رواية ثري العشق والقسوة البارت الثاني عشر

رواية ثري العشق والقسوة الحلقة الثانية عشر

هل ستغير فكرتك عني إن علمت أنني طفلة جداً ؟
وإني لستُ كما يبدو عليّ ؟
وإن الهدوء الظاهر في الصور ما هو إلا ظاهراً؟
وأن دموعي قريبة جداً ، وضحكتي لا تفارق خدي ، وإني أعاني من الحرمان وأدعي النسيان ؟
وأن شخصيتي تتبدل كل سنةً جديدة ؟
هل ستغير فكرتك عني ؟
إن علمت أن خيالي واسعٌ جداً ؟ وأن هناك دوماً في مخيلتي من أحادثه ؟
ولا أرى الأمر جنونياً أبداً بل إني أحياناً أبكي وأبكي إن جال بخيالي أمرٌ حزين ؟
هل ستغير فكرتك عني إن علمت ؟
أني لا أرتدي إلا ما يليق بي وليذهب العالم للجحيم ، ولا أهتم لأقوالهم عني؟
وأني أقفز من البيت وأركض وأرقص وأغني ؟
وأني أفضل الآخرين على نفسي وأني مزاجيةٌ جداً وليس لدي قراراً ثابتاً .
وأني لستُ قاسية ولكن عقلي يفعل وبكثرة ؟
وأني لا أطيق صيغة الأمر أبداً بل أفعل العكس دوماً ؟
واني أكره الكذب وأدرك الكاذب ولكني أسايره وأتحدث بعفوية ؟
وأني أؤمن بصلة الروح أكثر من صلة الدم ؟
وأنى لا أقتنع بالعادات والتقاليد أبداً ؟
وأني أغضب فجأة وأهدأ فجأة وأنهم يرونني مجنونة وأرى نفسي منطقية وعفوية ليس أكثر ؟
هل ستغير فكرتك عني ؟
للأسوأ أم للأفضل ؟
هل هذا يجعلك تقترب أم تبتعد؟
إن علمت أني طفلة جداً وبشرية جداً ولستُ ملائكية أبداً وأني أخطئ وأخطائي في الأغلب لا تغفر ؟
وإني لستُ قديسة وإن لي عقلٍ طاغٍ ؟
هل ستفعل وتحبني ؟
❈-❈-❈
منذ أن اخبرته بموافقتها على الزواج منه وهو يجلس شارداً يخطط للقادم بتمهل وخبث حتى يحصل على ما يريده معها .
حسناً ليبدأ أولاً بمنحها الحب ، ليغرقها حباً وليريها عشق الأثرياء ولترتوي من نهر عشقه حد الظمأ وليسكرها بسحره حتى إذا ظهرت حقيقته تقبلتها بترحاب ، ليكن وجوده بالنسبة لها إدمان كي لا تستطيع الإبتعاد بعد ذلك .
ها هو يعود إلى عمله بعدما تلقى خبره المنتظر ويتحدث مع ميشيل عبر الكاميرا قائلاً :
– حسناً لا داعي للتكرار ، فهمت ما قُلته وسيتم التجهيز لاستقبال الشحنة .
تحدث ميشيل بجمود وحذر :
– إحذر جيداً من أن يكشف أمرك ،، نحن لا نريد أي شوشرة في الشرق الأوسط ،، ما زال لنا أعمالاً عدة هناك .
زفر صقر وشرد قليلاً ،، ليمر الندم سريعاً على عقله ولكن تقنعه نفسه الخبيثة سريعاً بأنه مضطر ، وأن الضرورات تبيح المحظورات ، وكان من الضروري الوصول إليها .
ليعود لجمود ملامحه ويتحدث بثبات :
– أعلم جيداً ما علي فعله ،، يكفى أن يضعها رجالك في الأماكن المتفق عليها وبالطريقة التى أخبرتهم بها ،، والآن أعطني ماركو .
لف ميشيل الحاسوب تجاه ماركو الذي كان يجلس يتابع مع العائلة فقال صقر وهو ينظر لعينه بتمعن :
– قف أنت فوق رأس هؤلاء الرجال وهم يخبئون الأسلحة ،، نحن فقط من نعلم كيف توضع ، وبما أنى لست هناك فأنت موجود ،، لا أريد خطأً واحداً .
شعر ماركو بلذة إنتصار أمام العائلة وتحدث بثقة وحماس وهو ينظر لصقر :
-لا داعي للقلق أخي ،، أعلم ما علي فعله جيداً ،، ولن تجد أخطاء .
مد صقر يـ.ده يطبق الحاسوب ويزفر بقوة ثم فك ربطة عنقه قليلاً بعدما شعر بالضيق وشرد يفكر مجدداً في القادم عامةً ومعها خاصةً .
والآن ليبدأ في التجهيز لخطبتها .
❈-❈-❈
تقف نارة في شرفتها تتحدث عبر الهاتف وعينيها منكبة على شرفته ،، تنظر بأريحية بعدما تأكدت من رحيله قائلة :
– أوكي يا ديچا يبقى ننزل على 6 كدة ،، إيه رأيك ؟
إعترضت خديچة قائلة بتروي وأدب :
– مش هينفع يا نارو ،، لإن أنا وبابا وماما وأخويا بنصلي المغرب جماعة وبنفضل قاعدين في حلقة ذكر لحد العشا ،، ممكن نطلع بعد العشا ؟
شردت نارة في جوابها ،، سافرت عبر أفكارها التى جسدت لها المشهد ،، يصلون ثم يجلسون يذكرون الله فترة تزيد عن 90 دقيقة يومياً وحتى أنهم يرفضون الخروج لأجل هذا ،، نعم هي تحب دينها جداً وتؤمن بأركانه ولكن هي ليست ملتزمة ،، وتعلم ذلك جيداً ، وتتمنى الالتزام .
طال صمتها فتساءلت خديچة بقلق :
– نارو روحتى فين ؟ ،، هو إنتِ مش بتصلي يا نارو ؟
أفاقت على سؤال خديچة لها فأسرعت تجيب :
– لأ أكيد بصلي يا ديچا بس أنا مش ملتزمة ،، علشان كدة استغربت شوية إنك رفضتي وقت خروجنا بسبب كدة ،، بس أكيد ده الصح طبعاً .
ابتسمت خديچة بملامح ناعمة تقول :
– بصي يا نارو ،، بابا وماما عودونى إن أمور الدنيا كلها ممكن تتأجل المهم مقصرش في أمر إلهي مكلفة بيه ومدخراه لآخرتي ،، وأنا فخورة بديني جداً إنه دين سلام ورحمة ولين ، وصلاتى هي لقائي مع ربنا ،، مقدرش أبداً أأجل لقائي مع ربنا علشان أي لقاء تانى .
تأثرت نارة بحديثها حتى أن عينيها التمعت خجلاً وخشيةً وهذا ما استشفته خديچة لذلك تابعت لتهوّن عليها قائلة بصدق :
– وعلى فكرة إنتِ ربنا بيحبك جداً يا نارو ،، لإن قلبك أبيض ورقيقة وحنونة جداً وخلوقة وده من علامات حسن المسلمة .
تنهدت نارة بقوة ثم أردفت بنبرة مؤثرة متسائلة :
– ديچا هو أنا ينفع أبقى أنضم ليكوا ؟ ،، لو أهلك يسمحوا طبعاً ؟ .
انفرجت أساريرها وأردفت بحماس وسعادة :
– طبعاً يا نارو دي ماما هتفرح جداً جداً ،، خلاص أوكي هستناكي .
تنفست براحة ثم تحدثت قائلة :
– تمام أنا هنزل دلوقتى أروح الدار أعرف منهم التفاصيل أكثر وأشوف طباعتهم بنفسي ومش هتأخر عليكي إن شاءلله .
تحدثت خديچة بقبول قائلة :
– تمام يا حبيبتى زي ما تحبي ،، لا اله الا الله .
– محمد رسول الله .
قالتها نارة وأغلقت الهاتف واتجهت تستعد لتذهب إلى دار نشر كانت قد تواصلت معها .
❈-❈-❈
في شقة نهى الجارحي
عاد محمود زوجها من عمله فأسرعا عليه صغاره يرحبان به بسعادة ،، انحنى يقبلهما وناولهما الشوكولاتة كالعادة .
أخذاها وعادا أدراجهما بينما جاءت نهى من الداخل تردف مرحبة بوجهٍ بشوش :
– حمدالله على السلامة يا حبيبي .
تقدم منها يقبل جبينها بحب ثم قال بحماس :
– الله يسلمك يا حبيبتى ،، عندى ليكِ خبر ،، خبر مهم جداً .
مالت برأ سها قليلاً وتساءلت بترقب وهي تبتعد عنه خطوة لتتمعن فيه قائلة :
– خير يا محمود ؟ ،، طمني .
نظر لأطفاله اللذان انشغلا بأكل الحلوى ثم مد يـ.ده يسحبها من معصمها لداخل غرفتهما حتى لا ينتبه صغاره ثم وقف أمامها يردف بهدوء :
– النهاردة وأنا براجع سجلات الشهر العقاري بتاعت الشهر اللى فات شوفت حاجة غريبة جداً .
توترت ونهشها القلق قائلة :
– شوفت إيه يا محمود ؟ ، قول .
تمسك بكتفيها وابتسم قائلاً بترقب :
– عقد ڤيلا في التجمع بإسم صقر ناصر الجارحي .
فرغ فاهها واتسعت عيناها التى امتلأت فوراً بالدموع وهي تهز رأ سها بعدما شعرت برجفة حنين تتوغلها .
نطقت بتلعثم بعد دقيقة من صدمتها :
– صقر أخويا ؟ ،، صقر أخويا هنا في مصر؟ .
ابتسم لها بحب وأومأ يردف مؤكداً :
– أكيد ،، لإن السن هو وكمان الأم إيطالية .
تحدثت بلهفة ورجاء وهى تتمـ.سك بذرا عيه التى تحاوطها :
– عايزة أشوفه يا محمود ،، علشان خاطري خليني أشوفه .
أردف بحنو وتروي :
– حاضر يا حبيبتى أكيد هتشوفيه بس اهدي ،، خلينا نبلغ سامح وتروحوا تشوفوه سوا !.
هزت رأ سها مسرعة تردف بقوة قائلة :
– لاا سامح لاء ،، أوعي تقوله يا محمود علشان خاطري ، سامح عقدة حياته هو صقر ، أنا عايزة أروحله لوحدي الأول يمكن أعرف أخليه هو اللي يروح يتكلم مع سامح .
أومأ قائلاً :
– حاضر ،، خلاص اصبري بس شوية وهوديكي .
تنهدت بقوة تنظر له وقد عادت الدموع تملأ مقلتيها قائلة وهي تجلس على مؤخرة فرا شها :
– طول عمري بتمنى أشوفه يا محمود ،، بقول معقول نكون أخوات وعمري ما شفته ؟ ،، يمكن سامح فعلاً اتظلم من بابا بس سامح أنا وماما وأخوالي حواليه وربنا عوضه ببنته ومراته ،، إنما صقر دايماً بحس أنه وحيد ،، بابا مات ومامته كمان ماتت وهو لسة صغير وبعدها معرفش عنه أي حاجة ،، تعرف لو كان بإيدي كنت سافرتله إيطاليا ،، بس انا عارفة إنى جبانة .
جلس يجاورها ويلف يـ.ده حولها ووجه يقابل وجهها قائلاً بهدوء ورتابة :
– لاء مش جبانة ،، بس هو بردو كان مفروض يدور عليكي ،، اللى عرفته إن عيلة مامته تعتبر من أشهر عائلات إيطاليا ،، يعنى هو عنده كل الإمكانيات اللى تخليه يعرف يوصلك بسهولة ،، لكن إنتِ مش غلطانة .
هزت رأ سها بشرود ثم تابعت بحنين :
– بردو هروح وأشوفه ،، ولو مش عايز يشوفني خلاص بس يبقى إسمي شوفته ،، وديني ليه يا محمود .
أومأ يردف متعهداً :
– أوعدك هاخدك ونروحله بس خلينا نعرف الأول مواعيده أو نسأل عنه أكتر ،، وبعدين بصراحة أنا جاي ميت من الجوع ،، يرضيكي كدة ؟.
وقفت مسرعة تردف بحنو :
– حاضر يا حبيبي هروح حالا اجهز الأكل علشان نتغدا وانت علشان خاطري حاول تعرف عنه أي حاجة ونروح .
غادرت وتركته يحاول الوصول إلى أحد أصدقاءه في العمل ليسأله عن صقر الجارحي .
❈-❈-❈
خرجت مايا من حمامها تلف حول خصلاتها منشفة بعد أن صبغتهم باللون البرتقالي .
وقفت أمام المرآة وبدأت بتشغيل مجفف الشعر لتجفف خصلاتها بترقب وحماس لرؤيتهم ولكن يبدو أن اللون لم يرق لها لذا شعرت بالإحباط قليلاً وكلما جفت خصلاتها زاد إحباطها فاللون ليس كما أرادته بل شاذاً أثار حنقها .
زفرت بضيق ووقفت تنظر لهيأتها في المرآة ثم أردفت معنفة نفسها كأنها تتحدث مع أخرى :
– عجبك كدة ؟ ،، أهو بقيتي شبه باربي دلوقتي ، كان فيها إيه لو بطلتي عند وأخدتي اللون اللي البنت قالتلك عليه !
قلبت عينيها ثم شردت قليلاً تفكر في حلٍ ما لتصدر صوتاً بإصبعيها بعد ثواني دل على إيجادها حل .
تحركت لخزانتها تبحث عن شئٍ ما ثم بدأت تضعه على خصلاتها لتغطيها ، كان وشاحاً شفافاً نوعاً ما ولكنه مناسباً ليخفي شعرها كما أرادت .
خبأته وتحركت للخارج ومنه للأسفل حيث قررت أن ترسل عمر ليبتاع لها لوناً جديداً تستعمله .
وصلت إلى الحديقة وبحثت عنه فلم تجده ، تحركت تسأل أحد رجال الأمن قائلة :
– فين عُمر يا عمو .
ابتسم الحارس عليها خصوصاً وإنها تناديه عمو وهو لم يتخطى الأربعون بعد وتحدث موضحاً :
– راح مشوار قريب وجاي يا أنسة مايا ، محتاجة حاجة ؟
كانت تتمـ.سك بغطاء رأ سها وتحاول تثبيته حيث ينزلق دوماً لتزفر باحباط وتقول :
– خلاص لما ييجي بقى ، أصل أنا محتاجة حاجات بنات ومينفعش أقولك عليها .
تعجب الحارس ولكنه أومأ حيث أصبح يدرك جنانها ليردف بهدوء :
– تمام أول ما ييجي هقوله يكلمك .
أومأت والتفتت تعود للداخل وتحركت عدة خطوات لتشعر فجأة بوجوده لذا التفتت تنظر للخلف مجدداً وبالفعل كان يهم بالدخول من باب الڤيلا .
انفرجت أساريرها لا تعلم لماذا والتفتت تركض تجاهه وتنادي بإسمه وقد تناست أمر غطاء رأسها حيث تركته فانزلق وانكشفت خصلاتها أمام عين الحارس وعمر الذي وقف مصدوماً قبل أن يضحك بقوة بعد أن وصلت أمامه .
بعد أن كانت تبتسم أدركت سخريته على شعرها لذا احتقن وجهها وتساءلت بغضب طفولي وغيظ :
– بتضحك على إيه ؟
تحمحم يحاول أن يقف ثابتاً ليعود لهدوءه ويتجنب النظر إليه قائلاً :
– أصل أول ما شُفتك فرحت فكرتك اتحجبتي ، أحم طلع السبب منطقي .
قالها ساخراً فقلبت عينيها وتحدثت بحنق من سخريته :
– أكيد منطقي ، أنا لقيت لون ال hair dye ده مش مناسب فقُلت أغطيه لحد ما أغيره .
زفرت ثم نظرت له لتعود لتمردها وتتابع :
– أنا أصلاً واقفة أبررلك ليه إن شاءلله ، أنا كنت عايزاك تروح تجبلي حاجات بنات من أي pharmacy .
نظر للحارس الذي يجاهد أن لا يبتسم عليهما ثم عاد لها يتحدث من بين أسنانه :
– طيب يا أنسة مايا اتفضلي البسي وتعالي معايا واشتري اللي انتِ عايزاه بنفسك .
شهقت وتحدثت باستنكار وهي تطالعه :
– مستحيييل ، إنت عايزني أطلع برا كدا ؟
قالتها وهي تشير على شعرها ليردف بخبث جديد عليه مشيراً إلى الوشاح الذي سقط أرضاً :
– غطيه بالطرحة دي زي ما كنتِ مغطياه دلوقتي ، كان شكله حلو عليكي .
أنارت الإبتسامة وجهها لتسأله بوداعة جديدة :
– بجد .
أومأ لها لتردف بحماس طفولي :
– طيب هروح اضبطه وأجي نروح سوا ، طلع العربية بقى .
التفتت تلتقط هذا الوشاح وتحركت للداخل لتستعد للذهاب معه بينما هو نظر للحارس الذي هز رأ سه متعجباً من تلك المشاغبة ليتنهد ويتحرك يحضر السيارة .
❈-❈-❈
بعد وقتٍ
خرجت نارة من الدار بعد أن تأكدت بنفسها من نزاهتها واتفقت معهم على إصدار كتابها الأول في معرض الكتاب لهذه السنة .
استقلت سيارتها وبدأت تقود عائدة إلى منزلها ويتبعها رجل صقر الذي يهاتفه قائلاً وهو يقود خلفها بحذر :
– إنها أمامي سيد صقر ، خرجت لتوها من دار النشر عائدة إلى المنزل .
تحدث بجمود وهو في سيارته يقود عائداً أيضاً إلى منزله :
– كن حذراً ، أنا قريبٌ منك ، تتبعها إلى أن أصل إليك .
كانت في تلك اللحظة تسير في طريق صحراوي بسرعة مناسبة لا تتعدى ال 100 وعينيها مرتكزة على الطريق وعقلها يفكر في صقر وحديثه وطلبه ،، هذا الذي هبط عليها فجأة واستحوذ على أفكارها وجعلها تنشغل به وبأفعاله التى تشعرها بالتميز .
الطريق شبه خالٍ فقط هناك سيارات تمر مسرعة من جانبها .
أرادت تشغيل بعض الموسيقى المهدأة للأعصاب لذا حاولت تشغيل ما يناسبها وبدأت تختار من الشاشة الصغيرة التى أمامها ولم تنتبه لذلك الذي ظهر من العدم والقى بنفسه فجأة أمام سيارتها صارخاً بصوت حاد جعلها تصرخ معه بصدمة .
توقفت مسرعة وتوسع بؤبؤيها ، وظلت غير مستوعبة لثوانى ثم أسرعت تفتح باب السيارة وتترجل منها وتلتفت لهذا الذي يصرخ مدعياً أنه تم كسر ساقه .
وقفت أمامه منتفضة وتسائلت بلهفة وتعجب :
– إيه اللى حصلك ، وإنت ظهرت منين الطريق كان فاضي !.
أردف الرجل المتسول وهو يتمـ.سك بسـ.اقه ويصرخ بادعاء كاذب :
– ااااه ألحقوووني ،، رجلي اتكسرت .
نظرت لسـ.اقه التى يساندها بيـ.ديه وتعجبت وبدأت تشعر بخبثه لذا تساءلت مجدداً بذكاء :
– إنت عايز إيه بالضبط ؟
ترك المتسول سـ.اقه وأردف موبخاً بحدة وقد لمعت عينه بالطمع بعدما رآى سيارتها وهيأتها :
– عايز إيه يعنى إاااايه ؟ ،، إنتوا تخبطوا الناس وتجروااا ،، ولا هو علشان إحنا غلابة وعلى باب الله أروحنا ملهاش أهمية عندكوا ؟ ،، عالم ظلمة ،، ااااه يا رجلاااااي ،، ألحقوووني يا نااااس .
تأكدت من تسوله بعد حديثه لذا تحركت من أمامه والتفتت تعود لسيارتها واستقلتها ثم أغلقت الباب وأخرجت رأ سها قليلاً من النافذة المجاورة تردف بثبات وتهديد كاذب :
– طيب يالا قوم من قدام العربية بدل ما أكسرهالك بجد .
بالطبع هي أبعد ما يكون عن إحداث أي أذى لأحدٍ ولكن قالتها لتخيفه ويبدو أنها قد أخطأت خصوصاً وأن الطريق شبه خالي .
علم هذا المتسول أن لا مفر من الحصول على بعض المال منها وفشل خطته ، لذلك وقف يستند على ساقه التى ادعى كسرها وأخرج من جيبه سكين ويشهرها أمامها ويردف مهدداً بنبرة إجرامية قاسية :
– ماشي يا حلوة ،، طلعي اللى معاكي بقى علشان تمشي سليمة بدل ما ترجعي مدشدشة .
ابتلعت لعابها ونظرت له بتوتر ظهر على ملامحها للحظات فقط ، التفتت حولها فلم تجد أحداً لتستغيث به والإشتباك مع هذا المجرم أو محاولة رده تعد فكرة ساذجة لذلك وجدت نفسها ترفع يـ.دها اليمنى وتدعى استسلامها حتى لا تثير غضبه وتحدثت بهدوء برغم اهتزازها :
– تمام ،، هديك اللى إنت عايزه ،، بس نزل السكينة دي .
صرخ بها بغضب وهو يقترب من مكانها ويـ.ده كادت تخترق نافذتها :
– أااااخلصي .
انتفضت إثر صوته الحاد وأومأت عدة مرات ثم مدت يـ.دها للكرسي المجاور تتناول حقيبتها لتعطيه إياها ولكن بمجرد أن لفت وجهها سمعت صوت صفير إطارات تابعة لسيارة توقفت فجأة خلف سيارتها تبعه ترجل أحدهم منها يتجه إليها وقبل أن يستوعب هذا المتسول ما يحدث حيث تشتتت نظراته بينها وبين هذا الآتي ، اندفع صقر يهجم عليه ويلكمه بقوة في وجههُ ثم قيد حركته وهو ينزع منه تلك السكين ويوقعها أرضاً بسهولة من قبضه هذا الذي بات يصرخ كالجبناء .
سحبه معه وما زال هذا المجرم تحت تأثير الصدمة ثم ناوله لرجله الذي تقدم منه والذي أبلغه بما يراه ليسرع قيادته ويصل إليها قبل أن تتأذى .
تمـ.سك به الرجل جيداً بينما إنحنى صقر عليه يردف بفحيح مخيف حتى لا تسمعه نارة التى تتابع بذهول ودهشة من وصوله في أنسب لحظة :
– ألقيه في مكانٍ قذر وأكسر سـ.اقيه الإثنين وليكن له ما تمنى .
أومأ الرجل وسحب المتسول الذي يصرخ ويطلب العفو ولكن الأمر قد انتهى عند هذا الوحش العاشق .
سحبه الرجل وغادر بينما تقدم صقر من نارة التى تجلس في سيارتها وما زالت لا تستوعب ومتعجبة من سرعة تواجده وتصرفه .
وقف على نافذة باب سيارتها يطالعها بعيونه ويتفحص ملامحها وهيئتها متسائلاً بغضب يسعى لإخفاؤه :
– أنتِ بخير ؟
أومأت له تطالعه بعمق ثم تحدثت متسائلة بشك وهي تقبض بكفيها على طارة القيادة بعد أن هدأت قليلاً :
– كيف أتيت ومن أين علمت ؟ .
زفر وقال بجمود :
– حسناً هذا ليس المكان المناسب للإجابة عن الأسئلة ، الآن قودي وأنا سأسير خلفكِ لنصل أولاً للمنزل وهناك نتحدث .
شردت في ملامحه قليلاً ،، مؤكد كان يراقبها وهذا لا يروق لها أبداً ،، ولكن حسناً لتعود للمنزل ومن ثم يأتي الحديث .
أومأت له وبالفعل أدارت محرك سيارتها وتحركت تنطلق بصمت بينما هو تتبعها بنظراته وهي تقود ثم توجهَ يستقل سيارته ويقود خلفها بملامح غاضبة .
❈-❈-❈
في شقة عفاف تجلس تتحدث مع نهى عبر الهاتف .
ترددت نهى في إخبارها ولكن في الأخير قررت مشاركتها فيما علمته قائلة بترقب :
– ماما عايزة أقولك على حاجة عرفتها .
ترقبت عفاف وتساءلت بقلق :
– خير يا نهى ، إيه اللي حصل ؟
تنفست نهى وأردفت بتمهل وقلق :
– هو بصراحة محمود عرف حاجة من شغله ، حاجة عن صقر أخويا .
انقبض قلب عفاف عند تلك السيرة التى في لحظات أخذتها لذكريات مؤلمة ولعزيز قلبٍ أفتقدته حتى لو كان ظالماً ، لتردف بعد ثواني من الصمت قائلة :
– عرف إيه يا نهى ؟
تنفست نهى بقوة وقالت بهدوء :
– صقر هنا في مصر يا ماما ، اشترى ڤيلا في التجمع ومحمود عرف من العقد المسجل بإسمه .
شردت عفاف تفكر في هذا الذي كان سبباً في بؤس حياتها بعدما اتخذه ناصر إبناً رسمياً له واغرقه بالرفاهية على عكس أطفالها وبدلاً من القاء اللوم على ناصر نفسه لم تجد سوى هذا الطفل ووالدته .
تحدثت بعد فترة مرت عليها كالأعوام لتقول بنوعٍ جديدٍ من القسوة :
– وده جاي ليه ده ؟ ،، نازل مصر ليه ؟ ،، يغور يرجع بلده وبلد أمه .
ندمت نهى على إخبارها وشعرت بالضيق لتردف مدافعة :
– ليه كدة يا ماما ؟ ،، هو ذنبه إيه في كل اللي حصل زمان ، هو ضحية زيه زينا ، متنسيش إنه يتيم .
– إنتوا كمااان أيتام يا نهى ، اتربيتوا أيتام واتحرمتوا من أبوكوا وأنا اتحرمت من جوزي وطلقني بسببه هو وأمه ، ولا إنتِ حنتيله يا بنت قلبي ؟
قالتها عفاف بقهر تحتفظ به منذ سنوات لترد نهى بحنين يغلفه التوتر :
– يا ماما مهو أخويا بردو ، بيجمعنا دم واحد ، وانتِ عارفة من زمان إني نفسي أشوفه ونفسي نعوض بعض عن اللي فات .
تحدثت عفاف بتهكم وحدة :
– تبقي بتحلمي يا نهى ، لو كان فيه الخير ما كان رماه الطير ، ده واحد قاسي زي أمه ولو أمركوا يهمه كان سأل عليكوا من بدري ، بس هقول إيه ، أنا عارفاكي كويس يا نهى .
تحدثت نهى بهدوء وتروي :
– يا ماما يمكن إحنا فاهمينه غلط ، مش يمكن يكون محتاج لينا ، ليه متحاوليش تفتحيله قلبك ؟ ، علشان خاطري يا ماما على الأقل فكري إنه من ريحة بابا ؟
تنفست عفاف بقوة لتستغفر سراً وصمتت لوقتٍ ، كانت قد استمعت لحديثها زينب التى أتت من المطبخ تتساءل بملامحها واتجهت تجلس مقابلها وتنتظرها إلى أن تنهي مكالمتها .
تحدثت عفاف بهدوء ونبرة يشوبها الحزن :
– تمام يا بنتي ، إعملي اللي يريحك يا نهى ، بس أنا قلبي عمره ما هيرتاح للبني أدم ده .
أغلقت الهاتف وخانتها دموعها لتسرع زينب إليها قائلة برتابة وحنو وهي تربت على كتفها :
– مالك يا طنط روقي بس يا حبيبتي ، خير إن شاءلله .
نظرت لها عفاف لتبوح لها بما يؤلمها منذ سنوات قائلة :
– إبنه رجع يا زينب ، إبن ناصر اللي أخد سعادتي وسعادة عيالي رجع تاني هنا ، رجع بعد ما كان السبب في موت ناصر هو وأمه ، عمري ما هسامحهم .
تعجبت زينب من ضعفها الذي لم يظهر أمامها من قبل ولكنها الآن أيقنت أنها تعاني من عقدة مثيلة تماماً لعقدة زوجها ، بل تلقي باللوم كله على هذا الولد وأمه وترفض رؤية المذنب الحقيقي أو إتهامه ، إلى الآن تحبه .
ما كان من زينب إلا أن تحاول تطييب خاطرها قائلة بحنو :
– وحدي الله يا طنط الموت أمر ربنا يا حبيبتي ، وتعددت الأسباب والموت واحد وهو عمره انتهى لحد كدة ، متزعليش يمكن نزل فترة مؤقتة وأكيد هيرجع تاني هو مالوش حد هنا يستقر علشانه ، أو يمكن نازل في شغل ، حاولي متتعبيش نفسك في أفكار لا هتودي ولا هتجيب .
أومأت عفاف وهي تجفف دموعها لتنظر لزينب بحذر قائلة :
– أوعي يا زينب ، أوعي سامح يعرف إنه هنا ، أنا مش عايزة إبني يشوفه أو يعرف بدل ما يحصل مشكلة .
شردت زينب وتوغلها القلق ، حقاً يمكن إن علم زوجها بوجوده ربما حدث ما لا تحمد عقباه ، لذا أومأت ولأول مرة تؤيد قرار عفاف خوفاً على زوجها لذا قالت :
– مش هقول يا طنط ، مش هقول يمكن فعلاً جاي في شغل ويرجع تاني إيطاليا .
❈-❈-❈
وصلت نارة إلى الڤيلا وعبرت من البوابة بسيارتها .
سارت إلى أن وصلت للمكان المخصص لصف سيارتها وركنتها ثم ترجلت منها ووقفت تنتظر مجيئه فهي على يقين أنه سيأتي خلفها .
وبالفعل ما هي إلا ثواني ووجدته يدلف متجهاً يخطو إليها بعدما ركن سيارته خارجاً .
كان يتقدم وقد لمح نظرة الغضب منها تجاههُ وهذا لم يرق له أبداً لذا تحولت نظرته لها من العادية إلى نظرة الصقر المعهود بها وقد نجح في تسريب التوتر إليها فرمشت بأهدابها عدة مرات بسبب تلك النظرة .
زفرت بقوة ثم تساءلت بضيق بعدما أصبح أمامها :
– ممكن تقول لي إنت ليه كنت بتراقبني ؟
زفر يغلق عينيه لثوانى ثم عادت نظرته العادية وهو يطالعها قائلاً بثقة وثبات :
– اسمعي ناردين وليكن هذا الحديث موصوماً في عقلكِ ،، ما أشعر به تجاهكِ ليس مجرد إعجاب ،، بل هو أكثر من ذلك بكثير ،، أنا أحبكِ ولن أخفي هذه المشاعر وكنت صريحاً معكِ في كل الأمور ،، ولتعلمي أن قوانين حبي ربما تختلف قليلاً عن غيري ،، أنتِ منذ أن أدخلتكِ حياتى وأصبحت حمايتكِ عهداً علي وإن تطلب الأمر حياتي في المقابل سأقدمها بكل ترحاب ،، لذلك فضلاً تقبلي قوانيني ولا تدعي أن ما فعلته مراقبة ،، بل حماية ،، حسناً جميلتي ؟
لا تمتلك حتى حق الإعتراض ،، نعم فهو يخبرها بحبه وحمايته فكيف لها تعترض ؟ ،، هذا دوماً ما كانت تريده ،، هذا دوماً ما حلمت به ،، أولم تتمني تجربة قصة حب أشبه بالخيال ؟ ،، هاهي يا نارة تقدم إليكِ بكل سهولة .
أومأت عدة مرات ثم قالت بهدوء ورتابة بعدما أستقر حديثه في قلبها :
– شكراً لك ،، كان يفترض أن أشكرك هناك ولكن حقاً كنت مشوشة ،، والآن أخبرني ماذا فعلت مع ذلك المتسول ؟
ابتسم إبتسامة خبيثة وهو يردف بثبات يحسد عليه قائلاً :
– أرسلته للشرطة ،، هيا أراكي على خير في أقرب وقت جميلتى .
ودعها والتفت يغادر وتركها تلتقط أنفاسها التى حبستها أمامه ،، حوله طاقة غريبة لا تستطيع إختراقها ،، كمن يحصن نفسه من تعويذة سحرية ،، تريد أن تخترق جدار شخصيته لتعلم كيف يفكر .
وهي التى عُرفت دوماً بحصانتها ضد المشاعر المفاجئة ،، لقد أخبرها بحبه كمن يخبرها بحالة الطقس دون أي أجواء رومانسية ومع ذلك كان لها تأثيراً قوياًاً عليها ،، تأثيراً جعل يـ.ديها باردتان تحاول تدفأتهما وهي تقبض عليهما بقوة ،، قلبها ينبض راقصاً كطفلٍ حصل على جائرة لرحلة في مدينة الألعاب ، عيـ.نيها سلطت عليه وما زالت ترى هيأته حتى بعد أن غاب عنها .
أخيراً نفضت رأسها وعادت تتنفس بقوة ثم قررت الصعود لغرفتها وتبديل ثيابها ثم الذهاب لفيلا صديقتها خديجة لتنضم إليهم كما أخبرتها .
أما هو فوصل إلى ڤيلته ودلف يضيق عينيه القاسية ،، للحظة كاد يتخلى عن هدوءه أمامها ، بصعوبة تحكم في غضبه النشط حتى لا يَكسر ال 360 عظمة الموجودة عند ذلك المتسول .
يهددها بسكـ.ين وهو حبيبها ؟ ،، كيف تجرأ ؟ ولكن عذره الوحيد جهله بهويتها . بصعوبة منع نفسه وترك لرجله حق التصرف معه فقط أمامها .
صعد غرفته والقى بجـ.سده على المقعد يفكر ،، عليه أن يتدرب على التحكم في غضبه قليلاً ، عليه أن يكن أكثر ثباتاً أمامها ،، لا يجب أن ترى الجزء المظلم منه الآن ،، لا يجب أن تخشاه ، لا يجب أبداً .
وقف يخلع سترته ويتجه للحمام ليأخذ حماماً بارداً يهدئ به غضبه المتبقى .
❈-❈-❈
انتهت نارة من تبديل ثيابها واتجهت لتتوضأ .
عادت بعد دقائق تحمل دلو سقي الزرع التى كادت تنساه واتجهت إلى شرفتها لتسقيه .
دلفت تخطي بإتجاههُ لتبدأ في سكب الماء عليه وهي تبتسم له بحب كأنها تتغزل به بعد أن ترعرع وأصبح خلاباً ذو ألوانٍ زاهية .
في تلك اللحظة خرج صقر من حمامه يرتدى سـ.روالاً فقط وجـ.ذعه عـ.اري ،، مر من أمام شرفته فلمحها تسقي الورود فتوقف مكانه يتابعها ،، للمرة التى لا يعلم عددها يشعر بشئٍ ما داخـ.له يتركه ويسرع إليها ، يپدو أن قلبه الذي كان يبحث عنه يسـ.كن الآن عندها ،، لها قوة جذب أقوى من الجاذبية الأرضية ،، قوة تسحب جـ.سده وكيانه وعقله وكل حواسه إليها دون أن يتحرك إنشاً واحداً .
رفعت نفسها تنوي الدلوف ولكن التقت العيون ببعضها فجأة فتصمنت نارة تطالعه بصمت والدلو الصغير في يـ.دها ساكناً متجمداً كحال جسدها حتى كاد الماء المتبقي داخله أن يتجمد أيضاً .
رفع أصابعه يحييها فأدركت للتو أنه عـ.اري الصـ.در فاحمرت وجنتيها خجلاً وتحركت مسرعة للداخل بخطى مبعثرة وأسرعت للحمام تضع الدلو مكانه ثم نظرت للمرآة التى تعتلي الحوض قائلة بعتاب تعنف نفسها ووجنتيها بلون حبات البندورة :
– ينفع كدة وانتِ راحة تصلي ؟ اتوضي تاني ،، اتوضي تاااني .
وبالفعل أعادت وضوءها وخرجت تأخذ معها إسدالاً وسجادة صلاة وتنطلق إلى وجهتها .
❈-❈-❈
وصل عمر بعد وقتٍ أمام إحدى الصيدليات وتوقف يردف بهدوء لتلك القابعة بجواره :
– انزلي يا مايا يالا اشتري اللي إنتِ عايزاه بس متتأخريش .
نظرت له بترقب وتحدثت :
– روح إنت يا عمر وأنا هستناك هنا ، شعري شكله وحش أوي .
التفت يطالعها وتحدث بنفاذ صبر :
– مهو إنتِ اللي مش عارفة تضبطي الحجاب عليه ، وبعدين أنا هدخل أقوله إيه بس أومال أنا جبتك معايا ليه ؟
زفرت بحنق ثم فتحت الباب تترجل واتجهت تخطو تجاه الصيدلية ودلفت فوقف الشاب الذي كان يجلس أمام الحاسوب يدون شيئاً ما .
اتجه إليها قائلاً بابتسامة وديعة :
– إتفضلي يا فندم ؟
نظرت له ثم تحدثت بنعومة :
– عايزة Hair dye لونها red بس نوع كويس لأني اشتريت نوع من هنا ولونه طلع بشع .
تعجب الشاب فبضاعتهم التجميلية تتميز بالجودة العالية لذا نظر لبداية خصلاتها التى تظهر من أسفل الوشاح قائلاً بإعجاب ظاهري ليمدح منتجه :
– بالعكس يا أنسة أنا شايف إن لونه حلو جداً ولايق عليكي أوي .
غضبت ونظرت له بتهكم قائلة :
-وانت مالك هو شعرك ولا شعري ،
شعر بالحرج وتحدث بضيق قليلاً :
– أوكي أنا أسف ، ثواني هجبلك اللون .
تحرك لجهة مخفية عن عيـ.نيها وغاب لدقائق يبدو أنه يعاقبها على طريقتها الفظة معه .
كان عمر في الخارج يراها تقف تنتظر هذا الشاب ويبدو عليها الضيق ، لذا قرر الذهاب إليها .
ترجل وخطى إليها فوجدها تتأفأف فتساءل بترقب :
– في حاجة ولا إيه ؟
نظرت له بملامح غاضبة وتحدثت :
– دخل يجيب الصبغة ده ولا بيصنعها !
ابتسم عليها ثم التفت ينظر صوب المكان الذي اختفى الشاب خلفه يردف بصوت عالٍ بعض الشئ :
– لو سمحت !
خرج الشاب يحمل في يـ.ده نوعاً جيداً من صبغة الشعر قائلاً وهو ينظر لعمر بابتسامة هادئة :
– أيوة يا فندم ؟
تحدثت مايا بحدة :
– على فكرة أسلوبك ده غلط ، أنت قاصد تعمل كدة .
ادعى الشاب التعجب وتساءل :
– قاصد أعمل إيه يا أنسة هو أنا أعرفك أصلاً !
تحدثت بانزعاج من مكره :
– تمام أنا مش عايزة حاجة منك وده أخر مرة هشتري من عندكوا حاجة لإن حقيقي سواء إنت أو البنت اللي كانت هنا إمبارح طريقتكم غلط مع الزباين .
نظرت لعمر الذي يتابع بصمت وتحدثت بضيق :
– يالا يا عمر .
أوقفها عمر وقد انزعج من غضبها الغير مبرر ليتساءل بترقب :
– استني بس هو عمل إيه دلوقتي ؟
نظرت له بعيون مترجية أن لا يسخر منها أمامه فربما حقاً لا داعي لغضبها لذا تحدثت بهدوء :
– قلتله يجيب نوع صبغة كويس عن اللي أخدته من هنا إمبارح راح قايل لي ده لونه حلو جداً ولايق عليا اوي ولما قلتله إنت مالك اعتذر أه بس اتعمد يتأخر جوة ويوقفني هنا .
كانت تنتظر كلمة معنفة من عمر لها ولكن ذهلت عندما نظر عمر تجاه الشاب بغضب وتحدث بصرامة :
– الأنسة طلبت منك طلب محدد يبقى تجيبه من سكات وملكش دعوة بيها ، وفعلاً ده أخر تعامل لينا مع المكان ده ، يالا يا مايا .
ابتسمت بسعادة وأومأت له وتحركت خلفه للخارج تشعر بلذة انتصار جديدة وفخر بعدما نصرها عمر أمام هذا الشاب المنحرف كما أطلقت عليه فقد لمحت المكر المرتسم في نظراته لها ، ليستقلا السيارة بعد ذلك ويبحث عمر عن صيدلية أخرى تبتاع منها ما تريده .
❈-❈-❈
بعدما ذهبت نارة لڤيلا خديجة ورحبوا بها أهل خديجة ترحاب طيب .
أدت معهم فريضة العشاء وجلست تستمع إلى خطبة والد خديجة ، هذا الرجل الخلوق الذي يعمل معيداً للشريعة الإسلامية في كلية الأزهر ، ألقى خطبة عن دور وحقوق المرأة في الإسلام ، تلك الحقوق التى يجهلها المجتمع الغربي وينظون أن الإسلام ظلم المرأة ، لتجد نارة ما كانت تعرفه وتتزود بمعلومات لم تكن تعلمها ، لذا فهي كلما تعمقت في معرفة دينها افتخرت به أكثر وأكثر .
تحدثت متسائلة بهدوء :
– طيب ممكن يا عمو بهجت تقول لي ، فيه دايماً سؤال جوايا ، هو ليه دايماً بحس إني عايزة عقلي يقتنع بديني بنفسي ، مش عايزة أي تأثيرات من أي حد ، يعنى أه أنا مسلمة الحمد لله بس فيه أمور كثيرة مش فهماها وعايزة أعرفها بنفسي ، بلاقي عليها اختلافات وأراء كتير علشان كدة عايزة أسيب عقلي هو اللي يشرحهالي واقتنع بيها ، زي كلام حضرتك اقنعني لأنه قريب جداً من المنطق ومن أفكاري ، ولا أنا محتاجة وسيط يعرفني ديني بالطريقة الصح ؟
تنفس بهجت بقوة ثم تحدث بتروى بعدما قدر حالتها قائلاً :
– لاء طبعاً مش محتاجة وسيط بينك وبين ربنا ، بس أحياناً فيه حاجات محتاجة شرح وتأمل ، زي ما إنتِ درستي تاريخ الحضارات وممكن تشرحيها لحد معندوش علم بيها فيه بردو أهل الدين اللي درسوا شريعة وتفسير يقدروا يشرحوا للناس أحكام وقواعد الإسلام بكل هدوء وعقل وبعيد عن أي تشدد ، الإسلام زي الحبل بالضبط لو اتشد أوي على المسلم هيفصله ولو ساب أوي هيوقعه ، أسلم حل هو اللين ، الدين يسر مش عسر يا بنتي ، كملي في طريقك واعرفي دينك بالطريقة اللي إنتِ عايزاها المهم تكون طريقة صح توصلك لبر الأمان .
تنفست براحة ونظرت له تبتسم قائلة بثقة :
– شكراً يا عمو بهجت ، والحمد لله طريقتي صح لإنها بتقربني من ديني أكتر وأكتر مش بتبعدني عنه .
أومأ بسعادة ونظر لخديجة نظرة تفهمها جيداً ، لقد كان يرفض صداقتها مع نارة في بادئ الأمر ، ربما حكم من مظهرها وتبرجها ولكن يبدو أن هناك قلوباً مؤمنة أكثر من أجساد محتشمة دون إيمان ، يبدو أن إبنته محقة وهذه الفتاة تمتلك فطرة سليمة ستعيدها إلى الطريق الصحيح .
❈-❈-❈
بعد وقتٍ
توقف محمود بسيارته أمام ڤيلا صقر التى علم عنوانها .
كانت نهى تجاوره وتتطلع إلى الڤيلا بقلبٍ نابض متسائلة بحنو ولهفة :
– هو هنا يا محمود ؟
أومأ لها وهو يردف بترقب :
– أيوة موجود جوة ،، يالا ننزل ؟.
لفت نظرها إليه وتحدثت مترجية :
– معلش يا محمود ،، سبنى أدخـل له لوحدي الأول ،، صدقنى لو احتجت حاجة هبلغك فوراً .
زفر يفكر قليلاً ،، عقله لا يتقبل تركها بمفردها خصوصاً هو لا يعلم عن ذلك الأخ أي شئ ولكنه ودّ راحتها لذلك قال :
– تمام يا نهى ،، بس أنا هقف استناكي هنا على جنب لو حصل أي حاجة أو زعلك بالكلام رني عليا علطول .
أومأت له تربت على يـ.ده بحب وترجلت تتجه إلى بوابة الڤيلا حيث كان يقف خلفها مجموعة من الحرس الذين تبدو ملامحهم غربية إلا واحداً تقدم عندما رآها وتحدث قائلاً :
– مين حضرتك ؟
توترت نهى من هيأتهم وشعرت أنها تقف أمام منزل شخصية سياسية هامة وليس شقيقها ،، ولكن لتحقق ما جاءت لأجله وتغادر لذلك نظرت له قائلة بتوتر :
– عايزة أقابل صقر ،، بلغه إن نهى ناصر الجارحي عايزة تشوفه .
دقق الرجل نظره فيها ثم أردف باحترام بعد أن أدرك أنها شقيقته من إسمها قائلاً :
– ثوانى يا هانم .
رفع الهاتف وطلب سيده الذي يجلس في مكتبه يتابع الكاميرات ويراها وهي تقف تنتظر بعدما كان يراقب منزل بهجت وينتظر خروج نارة منه ،، رفع الخط يستمع دون حديث فقال الحارس :
– صقر باشا فيه هنا واحدة عايزة تقابل حضرتك بتقول إسمها نهى ناصر الجارحي .
علم أنها شقيقته ،، علم قبل أن يخبره الحارس بعدما استمع إلى إسمها ،، ربما هو مِن مَن لا يمتلكون عاطفة ولكن أحياناً كان يتساءل عنها وعن شقيقه ،، كانا يمران على عقله عندما يتذكر والده ، ومع ذلك لم يبادر أبداً بالسؤال عليهما .
لا يعلم سبب قدومها إليه ،، ولا يهتم ،، ربما تريد بعض المال أو الكثير منه ،، فقط سأل ميشيل ذات مرة عنهما وأخبره أنهم في صغره طالبوه بإرثهم في أملاك ناصر التى لم تكن سوى ڤيلا والقليل من الأسهم ،، وقد أعطاهم ميشيل ما أرادوا عبر محاميين ، وكانت تلك كذبة ميشيل له ليخلق داخـ.له قناعة بأنهم لا يبحثون سوى عن المال .
تحدث بعد وقتٍ قائلاً بجمود :
– دعها تدخل .
وبالفعل أسرع الحارس يفتح لها لتدلف تخطو بحذر وهو يصطحبها إلى الداخل حتى توقف أمام مبنى الڤيلا يشير بيده قائلاً :
– اتفضلي .
تركها وعاد فهنا فقط حدوده بينما هي تقدمت تصعد الدرجات وحتى وقفت أمام الباب الذي وجدته مفتوحاً لذلك دفعته بهدوء ودلفت بحذر تبحث بعينيها عنه .
خرج من مكتبه ينظر لها بتمعن ، تقدمت منه ذاهلة حتى وصلت أمامه تتعمق في ملامحه التى تشبه والدها كثيراً ،، جسدها اصبح متجمداً بينما مشاعر الحنين تتوغلها ، وقفت أمامه وعادت الدموع تخنق عينيها وتحجب رؤيته عنها قائلة بنبرة مؤثرة :
– إنت شبه بابا جداً .
تعجب من جملتها فحقاً هو ورث ملامح والده ولكنه تفاجأ بها تعانقه بعد أن حركتها عاطفتها تجاههُ مردفة بنبرة متحشرجة :
-وحشتنى يا صقر ،، وحشتنى أوي ،، كان نفسي أشوفك أوي .
إهتز شيئاً ما بداخـ.له وتحرك تجاهها لذلك لم يبعدها ولكن لم يبادلها حيث وجد نفسه يرحب بذلك العناق ، لم يعترض بل طالبته روحه به ، شيئاً ما بداخـ.له كان بحاجته وحاجتها أيضاً .
بكت تتابع باشتياق وألم وهي تلف يدها حول رقـ.بته بينما يديه تتدلى بجانب جـ.سده :
– كنت خايفة مشوفكش خالص ،، الحمد لله إني قابلتك .
ابتعدت عنه فشعر بالبرودة وهو ينظر لها متعجباً من نفسه قبلها بينما هى تتفحص ملامحه بسعادة قائلة :
– عامل إيه يا أخويا ؟ .
ابتلع لعابه وحاول التحلي بالثبات وهو يردف ببرود ظاهري :
– أهلاً نهى هانم ، اتفضلي .
تحمحمت نهى وهدأ اشتياقها بعد أن رأت ترحابه الأقل من العادي ولكن لايهم المهم أنها رأته .
جلست تنظر له وتبتسم وجلس مقابلاً ووضع ساقاً فوق الأخرى قائلاً بترقب دون مقدمات :
– ممكن أعرف سبب الزيارة ؟
تفاجأت من جموده ولكنها تنفست تردف بحنين وصدق :
– محمود جوزي بيشتغل في الشهر العقاري وجه النهارده قالي إنه قرأ إسمك في العقود اللى بيجردها ،، أول ما قالي مصدقتش نفسي وطلبت منه يجيبنى ليك فوراً ،، أنا بقالي سنين نفسي أشوفك يا صقر .
عاد لقسوته ولم يثق في حديثها ، يحاول ربط حديثها وطريقتها مع ما مر به وما علمه وما تربى داخـ.له .
ليزفر بقوة بعد ثواني ثم قام بإخراج دفتر شيكاته من جيب جاكيته ووضعه على الطاولة أمامها ثم دفعه تجاهها وتبعه لقلمٍ وعاد ينظره لعينيها يترقب ملامحها وردود أفعالها .
لم تفهم حركته في بادئ الأمر ولكن أستوعبتها أخيراً فنظرت له متألمة وقالت :
– إنت مفكرني جيالك علشان فلوس ؟
هز منكبيه يدعي عدم المعرفة ولم يتحدث بل ظل ثابتاً فوقفت نهى تومئ عدة مرات متألمة وأردفت وهي تنظر لعينه :
– لا يا حبيبي أنا مش محتاجة فلوسك أبداً ،، أنا بس كنت حابة أشوف أخويا واتعرف عليه ،، ويكفيني أنى شوفتك كويس ، عن إذنك علشان جوزي مستنيني برا .
تحركت تغادر قبل أن تخـ.ونها دموعها أمامه ،، لم تتوقع أن يكون هذا لقاؤه لها ،، لقد تأملت أنه سيسعد بها وربما عانقها ومزح معها ،، ولكن يبدو أن إشتياقها وحنينها لسنوات كانت من طرفها فقط ، حقاً لقد كُسر خاطرها .
خانتها عبراتها التى حاولت تجفيفها بظـ.هر يـ.دها وهى تتمنى الوصول مسرعة إلى سيارة زوجها وبالفعل أصبحت خارج حدود الفيلا بعد ثواني متجهة لزوجها الذي يقف ينتظرها .
كانت في تلك اللحظة تخرج نارة من ڤيلا خديچة بعد أن انتهوا ورأتها تخرج من ڤيلته باكية .
تعجبت من دموع تلك السيدة ومن خروجها من ڤيلا صقر بتلك الحالة وظلت تتبعها بعينيها إلى إن استقلت السيارة مع زوجها وغادرت .
وقفت حائرة تنظر تارة لڤيلته وتنظر تارة أخرى لها بفضول ليس من طبعها .
أما في الداخل فيجلس صقر الذي لأول مرة يدق الندم باب عقله ،، ربما أخطأ في إستقبالها ، حتى أن ودت المال كان عليه أن يظهر رقيه وذوقه معها قليلاً ، صدمتها من فعلته حقاً لمـ.ست عاطفته التي نادراً ما تظهر على ملامحه

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ثري العشق والقسوة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى