روايات

رواية ديجور الهوى الفصل التاسع عشر 19 بقلم فاطمة طه سلطان

رواية ديجور الهوى الفصل التاسع عشر 19 بقلم فاطمة طه سلطان

رواية ديجور الهوى الجزء التاسع عشر

رواية ديجور الهوى البارت التاسع عشر

رواية ديجور الهوى الحلقة التاسعة عشر

أرى بك شيئاً مختلفاً عن البقية لا أعلم ما هو لكنّه يشبهني يناسبني وأنتمي إليه كثيراً.
#مقتبسة
لن أنسى تلك الأحداث والمواقف التي جبرتني على أن أعيش اليوم على غير طباعي اللينة لن أنسى كيف تعلمت أن أقسو.
#مقتبسة
” ضائع بيني وبيني، جزءٌ مِني يُريد شيئاً والأخر يُحاربه.”
#مقتبسة
يومًا ما سنلتقي حينها سأخبرك بأن الحنين كان كُل ليله يسرقني ممن حولي و يُسافر بي إلى عينيك.
#مقتبسة
_____________
ترتدي شمس العباءة السوداء الفضاضة، وتقف أمام المرأة في شقتهما الجديدة، التي أتى بها عبدة سريعًا من أجل أن تكن بداية في حياتهما الجديدة، “شقة مفروشة” حتى يصل إلى حل وسط بينه وبين شمس من أجل شراء شقة تمليك.
جاءت والدتها من الخارج وكان باب الغرفة مفتوحًا، سألتها باستغراب:
-أنتِ رايحة فين يابت؟! ده عبدة بيجيب الأكل وزمانه على وصول.
غمغمت شمس بضيقٍ فهي منذ انتشار هذا المقطع وهي تشعر بالضيق الشديد حتى أنها اشتطرت على عبدة الرحيل من المنزل في الرابعة فجرًا أثناء نوم الجميع، لا تريد رؤية أحد غيره..
-هتفرق معاكي يعني؟!.
أردفت سوسن بنبرة متهكمة:
-براحة على نفسك يا حبيبيتي احسن يطقلك عرق وجاوبي عليا واتكلمي عدل وبلاش تتعوجي عليا.
تمتمت شمس بانفعال شديد:
-سبيني في حالي أنا فيا اللي مكفيني، عايزة ايه مني تاني؟!.
تجاهلت نبرتها المتألمة وتحدثت سوسن وهي تعقد ساعديها:
-رايحة فين ردي على سؤالي متقعديش تلفي وتدوري يا حبيبة أمك.
تحدثت شمس باستفزاز وأنف مرفوع وهي تضع يدها في جانبيها قائلة باستخفاف:
-رايحة أقابل ثائر، عندك مشكلة؟!.
خرجت سبة من فم والدتها صائحة بانفعال:
-هو مفيش فايدة في الراجل ده، مش هيحل عنك، والله لافضحه واوريه…
خرجت ضحكة ساخرة من شمس ثم غمغمت ببرود مقاطعة حديث والدتها:
-هتفضحيه بامارة ايه؟! هتقوليله ليه ماشي مع بنتي الرقاصة اللي رجالة مصر كلها شافتها وهي بتترقص؟!! ملكيش دعوة باللي اعمله ولا أنتِ ولا جوزك ليكم دخل ولا حكم عليا.
كزت والدتها على أسنانها وهي تقول:
-هتقابليه فين؟!.
فهمت ما يدور برأس والدتها فتحدثت في سخرية:
-ريحاله بيته هقابله هناك، عندك مانع؟!! تفتكري رقاصة وواحدة زيي ***** هتروح فين؟!!..
تحدثت سوسن بنبرة متهكمة وهازئة:
-أنتِ خلاص يعني ثبتي لنفسك أنك واحدة شمال وهتسلميله نفسك؟!.
هزت شمس رأسها بتسلية ووجع وهي تشعر بالضيق الرهيب يحتلها ولكنها تود استفزازها كما تفعل هي معها..
عقبت والدتها بنبرة غاضبة:
-ما طبيعي تروحيله بيته ما واحد زيه هيعمل ايه برقاصة، قولتلك هو بيجر رجلك، ولا بيحبك ولا نيلة مفيش راجل هيفضل يكلم واحدة ويتمحك فيها بعد ما عرف أنها رقاصة غير ومقامها عنده كام ليلة في سريره…..
ضحكت شمس بمرارة وهي تقول:
-اتفق معاكي في كل كلمة قولتيها، بس متنسيش حاجة الرقاصة دي تربيتك وتربية سبع البرمبة جوزك، وحلي بقا عن نافوخي علشان أنا عفاريت الدنيا كلها بتنطنط في وشي وعلشان لو وقعتي المرة دي متحملش ذنبك.
أخذت والدتها تهتف بكل الكلمات البذيئة التي تعرفها وتصرخ وشمس لا تهتم بها بل أخذت تقوم بتجهيز نفسها بأسرع ما يمكن لتخرج من المنزل، فهنا يبعد كثيرًا عن موقع النادي التي تقابله فيه..
خرجت من المنزل تحت صرخات والدتها التي لم تعبأ بها بالواقع أخر شيء متوهج في قلبها انطفأ للأبد فليحدث ما يحدث…
بعد مغادرتها بربع ساعة أتى عبدة وهو يدندن ويحمل الطعام الذي أتى به من الخارج…
وجد زوجته جالسة على الأريكة وعاقدة ساعديها بضيق، مما جعله يعقب بنبرة عادية:
-ايه يا سوسو، مالك مكشرة كده ليه؟! والبت شمس فين مش قاعدة معاكي ليه؟!.
أردفت سوسن على مضض:
-راحت تقابل الزفت اللي اسمه ثائر، اللي طلع لينا في البخت وهيأكل بعقل البت حلاوة.
هتف عبدة بعدم اكتراث:
-سبيها تعمل اللي تعمله ياستي تقابل ثائر نتقبل غيره، المهم شغلها تفضل ثابتة فيه، طاقة القدر اتفتحت لينا، الفلوس اللي هتدخلنا السيزون ده هتغير حياتنا وتنقلنا نقلة تانية..
خرجت ضحكة ساخرة من سوسن وهي تقول ببسمة سمجة:
-اه وشمس هتنقلنا على نقالة لو عرفت أنك أنتَ اللي ورا الفيديو.
قال عبدة بعنجهية:
-ياستي بطلي تبقى بومة هي بنتك أثرت عليكي ولا ايه؟! وبعدين ده أنا بديها فرصة عمرها مكنتش هتوصل ليها، وبعدين ده أنا دافع شيء وشويات علشان الصفحات الكبيرة هي اللي كانت تنشر والموضوع فتح اكتر ما كنت اتخيل، بنتك جايبة مشاهدة ملايين الملايين، لدرجة أنها مطلوبة تسافر برا، لولا بس حكاية البطاقة دي كنا هنأكل الشهد.
تمتمت سوسن بما تشعر به حقًا:
-أنا مش مطمنة يا عبدة، خايفة شهرة الفيديو دي مش مطمناني أوي.
فهم عبدة ما تقصده مما جعله يعقب ساخرًا:
-هو يعني اللي هيشوف الفيديو هيعرف انها بنتك؟! وبعدين أنتِ قولتي أنه مكنش يعرف أنك حامل أصلا، بتوشي ليه بقا، الموضوع بعيد خالص عن اللي بتفكري فيه، أنتِ هتفضلي العمر كله خايفة؟!!!!!..
قالت سوسن بقلق وعدم ارتياح:
-عبدة أنا سرقته، سرقت كل حاجة كانت في الخزنة ساعتها علشان هو كان مأمني وعارفة كل حاجة عنه..
قاطعها عبدة بشراسة:
-هو اللي زي ده يعني الكام قرش اللي اخدتيهم هيفرق معاه؟! هتلاقيه ناسيكي أصلا يا سوسن، فوقي وخلينا نشوف شغلنا أنا زهقت من السيرة دي والضمير اللي بينقح عليكي فجأة.
ابتلع ريقه ثم تحدث بنبرة عملية:
-لازم نحل حوار بطاقة شمس في أسرع وقت هشوف أي حد معرفة يضرب ليها بطاقة علشان تتلهي شوية، وأنتِ خفي عليها ياختي، تكلم ثائر تكلم ابو ثائر ايكش تعمل اللي تعمله ملكيش دعوة علشان متقفلش وتعند معانا، كذا مرة أقولك..
عقدت سوسن ساعديها قائلة بتفكير:
-افرض رجعت قالت عايزة أبطل شغل؟!.
تمتم عبدة وهو يغمز لها:
-الشيطان شاطر، وكل واحد وله شيطان وبنتك عمرها ما هتبطل كل المرة بتقول البوقين دول وأنا بقنعها، وهعرف ارجعها زي كل مرة…
__________
“صالة الألعاب الرياضية”
كانت فردوس تمسح حبات العرق المتناثرة على جبينها تشعر بالاعياء الواضح وعضلات جسدها بأكمله تؤلمها، هي ليست معتادة أبدًا هذا المجهود، جميع من حولها يمتلك من الليونة ما يجعلها تعلم بأن حالتها متأخرة، هي أتت من أجل اشغال وقتها لا أكثر، هي لا تحتاج لأن تنحف مثلا أو حتى لتصبح انسانة رياضية، ولكن إيمان لم تتركها أبدًا إلا وشاركتها جميع(الكلاسات) تقريبًا والتي كانت فردوس ترتاح كل دقيقة بداخلها والآن تجلس على أحد الأجهزة بتعب لا تستطيع تحريك قدمها…
أردفت إيمان بنبرة هادئة وابتسامة تزين ثغرها وهي تقوم بالسير على ألة الركض برشاقة وليونة واضحة:
-خلاص بقا يا فردوس ان شاء الله تاني مرة هتكون الدنيا احسن وكل مرة هتكون احسن من اللي قبلها، وبعدين الألم ده معناه ان عضلات جسمك بدأت تشتغل، كله في الأول بيكون كده.
تمتمت فردوس هازئة من حالها:
-احسن من الأول ايه، انا لما اجي اقوم مش هقدر اتحرك هحتاج حد يشيلني مش قادرة..
ضحكت إيمان وهي تقول بجدية:
-والله كله في الأول كده، وبعدين أنتِ فوقتي بس في belly dance، في abs وكل حاجة كنتي نايمة.
تمتمت فردوس بنبرة هادئة، فهي بالفعل لا تدري كيف فعلت هذا أخرجت طاقتها كلها كان هذا أفضل شيء في اليوم وكان في بداية اليوم:
-بقالي كتير سنين طويلة مرقصتش، وهو كان احسن حاجة في اليوم واللي افهمه، وبعدين الكلاس اللي بعده انا كنت بنزل ومش قادرة اطلع حرفيًا.
-كله هيتحسن مع الوقت وبعدين خلينا نتكلم في أي حاجة يمكن تنسي الوجع اللي في جسمك، ايه اخبارك؟!.
قالت فردوس وهي تعيد الخصلة الهاربة خصلاتها الموضوعة في الرابطة الخاصة به، وضعتها خلف أذنيها:
-يعني الحال زي ما هو يمكن الجديد بس اني هكمل تشطيب في بيت اهلي وهفرشه، هو اصلا حسن كان يعتبر خلصه ناقص حاجات بسيطة اوي، وبكرا هبيع الدهب.
سألتها ايمان باستغراب:
-ليه هتطلقي ولا ايه، بتحضري وتظبطي الدنيا يعني؟!.
هزت فردوس كتفيها بلا مبالاة وهي تقول:
-حقيقي مش عارفة يا إيمان بس حاسة اني اتاخرت في الخطوة دي، لازم البيت يكون كويس ويصلح اني في أي وقت أقعد فيه.
أردفت إيمان مشجعة أياها:
-عندك حق اللي زي كمال ده هو وأهله ملهمش أمان، ولازم تأمني نفسك خصوصا بعد ما اتجوز ده مش باقي عليكي…
قاطعتها فردوس للمرة الأولى تقريبًا تتحدث بتلك الطريقة رغم غيرتها الحمقاء من زواجه، وحماقتها في التصرف معه إلا أنها لا تتفق معها:
-الحاجة الوحيدة اللي متأكدة منها في كل القرف اللي انا عايشة فيه وفي حياتي البايظة أن كمال باقي عليا، باقي عليا زي ما انا باقية عليه حتى لو ببين عكس كده قصاده.
قالت إيمان مستنكرة:
-أنتِ بتهرجي؟! وفي واحد باقي على واحدة وبيحبها يقوم يتجوز عليها؟!.
تمتمت فردوس هازئة من نفسها:
-اه باقي عليا، كمال متجوزش تاني يوم اتمنعت عنه وكشرت في وشه، كمال اتجوز بعد سبع سنين انا مضحكتش فيهم في وشه، سبع سنين أنا ممشتش ليه كلمة.
لم يعجبها أيمان الحديث وقالت مستنكرة:
-عمرك ما كنتي ضعيفة يا فردوس علشان تقولي الكلام الخايب، ده كلام واحدة بتصبر نفسها بيه لما جوزها يدلقها ويتجوز عليها، كمال باع يا فردوس باع يوم ما سكت على هروب شريف، واكيد هو عارف مكانه ويمكن سفره برا مصر عن طريق معارفهم..
صاحت فردوس باختناق:
-إيمان كفايا بجد قولتلك متفتحيش السيرة دي بتوجعيني كل تقولي الموضوع ده قدامي هو في دماغي يا ايمان، ايمان انا مبعرفش أنام من غير منوم، أنا تعبانة وجاية اغير جو متتعبنيش اكتر….
-طيب يا فردوس حقك عليا.
كيف لا تتحدث هي تتألم كل يوم..
تتألم بعد موته ولا تستطيع رؤية رجل غيره أضاعت سنوات من عمرها معه، سنوات طويلة وكان ما يصبرها على أفعاله بأن سيكون لها ومعها في النهاية مهما فعل…
شردت بعقلها إلى لقاء بينهما في الشهر الأخير قبل موته تقريبًا…
..عودة إلى الماضي..
كانت تجلس في السيارة تنتظر إتيانه بعد أن ذهب لطلب الطعام لهما، فتلك نزهتهم الشهرية تقريبًا التي تظل تأكل عقله فيها حتى يوافق على طلبها وهو التنزة معها..
ترك هاتفه والتي استطاعت مراقبته خلسة أثناء فتحه لمعرفة الرمز وها هي عرفته، وكأغلب الإناث قررت أن تقلب في هاتفه وصندوق الرسائل الخاص به، لم تستطيع أن تقلب بداخله كثيرًا ولكن لفت نظرها رقم غير مسجل عنده قد أرسل له أكثر من سبعين رسالة فتحت المحادثة وأخذت تمرر الرسائل واحمرار وجهها يزداد..
“حسن، اللي عملته مش هيعدي”
“رد عليا، انا جيبت رقم جديد بعد ما بلكتني علشان اعرف اوصلك”
“منك لله يا حسن”
“حب ايه اللي بتتكلم عليه بعد اللي عملته فيا؟! اغتصبتني في بيت اهلي ومعرفتش افتح بوقي بعد ما اخويا وجدي فتحوا ليكم بيتكم”
“اسمع أنتَ لازم تتجوزني فورًا، فورًا يا حسن”
“مش بعد اللي عملته هتخلع أنتَ سامع”
“مش هسيبك يا حسن”
“أنتَ حتى مراعتش النسب اللي ما بينا دي اختك مرات اخويا”.
“بس أنا اللي استاهل ضرب الجزمة اني من البداية كلمت واحد واطي زيك”
الكثير والكثير من الرسائل المختلفة التي كان مضمونها واحد، سقط الهاتف من بين يديها، وشهقت واضعة يدها على فمها وقد أحمر وجهها حنقًا، وغضبًا حتى أتى حسن بالحقائب البلاستيكة الموضوع فيها الطعام ودخل إلى السيارة متمتمًا وهو يبحث عن هاتفه بعفوية حينما لم يجده في مكانه..
-موبايلي فين أنا مش كنت حاطه هنا.
وجد إضاءة تنبعث من أسفل مقعد إيمان مما جعله ينحني ويأتي به ليجده مفتوحًا على محادثة أفنان…
وألقى نظرة على إيمان المصدومة…
تحدث حسن بانفعال شديد:
-أنتِ بتقلبي في تليفوني يا إيمان؟!.
أخيرًا استطاعت إيمان قول شيء وقد خرجت من صدمتها:
-هو ده كل اللي همك يا بجاحتك يا حسن، أنطق في ايه بينك وبين البت دي؟! وايه اغتصبتها والكلام اللي هي كتباه ده؟!.
عقب حسن ببرود وصلف:
-اديكي قولتي مجرد كلام، عيلة مراهقة بتبعت شوية رسايل وكل ما ابلكها تبعتلي من رقم جديد..
تحدثت ايمان بانفعال:
-البنت بعتالك انك اغتصبتها في بيت اهلها.
تمتم حسن بضيقٍ:
-بقولك ايه انا مبحبش النكد يابت أنتِ، واللي مأخر خطوبتي بيكي هو نكدك اللي عمال على بطال ده، وبعدين اغتصب مين في بيت اهلها؟! هو انا عبيط يعني؟! ومن قلة النسوان هروح لعيلة زيها؟!.
صرخت إيمان بعصبية مُفرطة:
-اومال ايه اللي هي كتباه وبعتاه ده؟!…
وضع يده على فمها كاتمًا حديثها وهو يقول بغضب:
-لمي لسانك ووطي صوتك، أنتِ سامعة هتفرجي علينا الناس، احنا في الشارع لمي الدور.
وحاول إيجاد أي حجة منطقية فهي رأت الرسائل ولن يستطيع الانكار على أي حال:
-كل راجل له تجارب، والبت فضلت تشاغلني، واللي حصل ما بينا كان برضاها، هي بس بتقول اي كلام علشان تهددني وأعلى ما في خيلها تركبه.
بعد أن شاهد الصدمة في عيناها من اعترافه..
ابعد يده عن فمها مما جعلها تعقب بعدم تصديق:
-أنتَ بتهزر يا حسن صح؟!..
تمتم حسن بنبرة ذكورية وفخر عجيب من نوعه:
-مش بهزر يا إيمان ومعتقدش يعني خلال السبع سنين دول أنا كنت مفهمك اني أمام جامع، عادي أنا زيي زي اي شاب وليا لحظات ضعف، لكن أنا مغصبتهاش على ايدها، والمهم اللي هختارها تشاركني حياتي هي مين، وكل دي صفحات هتتقفل وهتوب عنها مدام هيكون معايا زوجة تحبني واحبها وتشوف رغباتي.
وضعت يدها على أذنيها لا ترغب في سماع المزيد من الحقائق الفجة التي يتفوه بها:
-اسكت يا حسن اسكت…
تمتم حسن بنبرة باردة:
-بقولك ايه حسك عينك اسمعك بتجيبي سيرة الحوار ده تاني، ولو عايزاني نكمل مع بعض وبعد فرح فردوس وكمال اتقدملك ونتجوز تنسي الموضوع ده، لو هتقعدي تقرفيني بيه كل شوية أنتِ من طريق وأنا من طريق ويبقى خسارة السنين اللي حبيتك فيها.
سألته إيمان بنبرة ساخرة:
-بتحبني؟! وتلمس واحدة غيري؟! وتقضي حياتك يمين وشمال؟!.
-اه، انا كده يا حبيبة قلبي، وحبيبك على عيبو، فكري مع نفسك يا بنت الناس لو مش عايزة نكمل افضها سيرة من قبل ما نبدأ واشوف اي عروسة عادي جدًا..
رمقته بيأس مازالت تحاول استيعاب ما رأته وتفسيره الوقح الشهواني الفظ، لأول مرة تجده يتحدث بتلك الطريقة الصريحة، حسنًا منذ معرفتها به في البداية كان يحاول معها في بعض الأحيان الحديث في بعض المواضيع الجريئة بطريقة لطيفة خبيثة، ولكنها كانت ترفضها وبعدها يحاول هو بنفسه إغلاق الموضوع حينما حاول أكثر من مرة ولم يجد منها فائدة فهم أنها لن تطاوعه أبدًا..
وللحق اعجبته واعتاد على وجودها في حياته أصبحت روتينه اليومي، ووجد بها المرأة الضعيفة التي يستطيع تشكيلها كما يريد فيما بعد والتي تستطيع أن تكن زوجة له وأم لاولاده لا أكثر، وكانت هي تعطيه ما يريد في كافة أمور الحياة تهتم به بشكل يعجبه ويرضي كبريائه الذكوري…
فوجودها غنيمة، وعائلتها ميسورة الحال جيدة لذلك كان يحتفظ بها في حياته، فأي رجل يفرط في امراة مثلها في عُرفه يكون أحمق، مرت تسعة سنوات بينهما هو يحفظها عن ما هو إلا أحمق..
بات وجودها أمر طبيعي في حياته، كان يتمنى أن تطاوعه في رغباته مثلها كمثل غيرها ولكنها لم تفعل مهما أصر لذلك اعجبته على أي حال.
أما أفنان كانت فتاة خرجت حديثًا من فترة المراهقة، شهية، جميلة وفاتنة تستفز رجولته وتثير بداخله رغبة شديدة، وبدأ معها نفس البداية ولكن ما سهل عليه الأمر ترحيبها في البداية للتعارف -كانت تحسبها هي قصة حب- بينما هو يجدها فتاة شهية تشعله، وهناك بعض الذكور قد تعجبهم الأنثى الصغيرة تلك التي لا تعرف أي شيء في الحياة برائتها في بعض الأحيان اصبح هواية لهم..
يهويها أكثر ممن هي في عمره وتعرف كل شيء أو حتى ترضي رغباته الشهوانية، لا يعلم لما استفزته لدرجة أنه يفعل بها هذا..
هو يلوم نفسه بعض الشيء فهو لم يكن ينوي هذا لم يحاول ذات مرة إجبار أمرأة على علاقة بينهما مهما كان نوعها؛ ولكنها كانت مختلفة، مختلفة بجمالها ورقتها وكل شيء بها…
ورُبما رغبته في ازعاج رجل يرى نظراته الولهانة منذ دخوله منزلهما، نظرات لن يلاحظها إلا رجل مثله، هو لا يعرف ما الذي جعله يفعل هذا ولكن ما يهم أنه فعل واستمتع وبشدة ويرغب في التكرار…..
…عودة إلى الحاضر…
تمتمت فردوس بنبرة منزعجة:
-إيمان سرحتي فى ايه؟!.
انتبهت لها ايمان قائلة بتوتر:
-ولا حاجة يا فردوس.
-ماشي يلا علشان يدوبك اغير هدومي واروح انا خلاص مش قادرة…..
_____________
في الرابعة عصرًا.
يجلس شريف في النادي على الطاولة التي كان دومًا يجلس عليها حينما يقابلها، لا يدري ماذا فعلت له تلك المرأة لتؤثر عليه بهذا الشكل المخيف، شريف الذي يعرفه جيدًا لم يكن ليأتي لمقابلة راقصة، تقوم باغواء الرجال، وترقص أمامهم، وتتمايل بفتنة لاشعال رغباتهم الشهوانية…
شعر بفوران يسري بجسده هو لا يتحمل..
يا ليته لم يأتي..
لما يفعل هذا بنفسه؟!.
لما يتصرف كالمراهق الذي يتعامل مع فتاة للمرة الأولى؟! فهي بمجرد أن أتصلت به لبى ندائها على الفور..
تأخرت عليه فقام بطلب قهوة له وأخذ يتناولها بترقب وانتظار مميت يغضبه أكثر..
أثناء جلسته وتناوله القهوة وجد أمرأة (منتقبة) تجلس أمامه، فرفع شريف (ثائر) بصره وهو يقول بنبرة مهذبة كمن تجلس أمامه بملابسها الوقورة التي يحترمها وبشدة فهو يفضل دومًا المرأة المحتشمة، وكان اختياره لزوجاته كان على هذا الأساس، وكانت هي حالة شاذة وفي كرارة نفسه كان يخبر ذاته بأنه سيقوم بتغيير طريقتها تلك عند الزواج منها، لتصفعه ألف مرة حينما اخبرته بأنها راقصة:
-شكل حضرتك قعدتي غلط.
هزت رأسها نافية، مما جعل الشك ينتابه لا يدري لما تذكر فردوس على الفور، هل ستخرج سلاحها الآن وتقتله أمام الجميع كما تأتي في أحلامه؟!..
هل تحولت خيالاته درامية إلى هذا الحد وقلقة من كثرة الكوابيس التي ترافقه في بعض الأحيان؟!.
أبتلع ثائر ريقه بتوتر وهو يسألها:
-هو حضرتك تعرفيني؟!.
هزت رأسها في إيجاب وهنا بدأ الشك يدخل قلبه:
-تعرفيني منين؟! وبعدين ما تردي عليا هو حضرتك خارسة؟!.
رفعت شمس النقاب بمنتهى التلقائية وهي تقول بابتسامة واسعة عكس مشاعرها والحالة الكئيبة التي تمر بها:
– ده أنا يا ثائر، شمس، شموسة.
ثم أسترسلت حديثها بتهكم أحمق:
-هو أنتَ مشهور أوي للدرجاتي يا حبيبي علشان تتوقع أن في واحدة هتيجي تقعد معاك وتعرفك غيري؟! مش المفروض مستنيني ولا مدي ميعاد لحد غيري؟!.
تحدث ثائر وهو يحاول يستوعب فعلتها:
-يخرب عقلك، أيه اللي أنتِ عاملاه في نفسك ده؟!..
قالت شمس في صلف وجدية زائفة:
-أصل من ساعة ما سيبتي يا ثائر وأنا حياتي بتتعدل والابواب المقفولة بتتفتح في وشي، ففي حد نشر ليا فيديو وأنا برقص واتشهرت ومينفعش انزل بوشي.
سيقتلها سيكون قاتل للمرة الثانية حتى تشعر بالراحة….
هل هي أتت به هنا من أجل ذلك؟!
هل تود دفعه لارتكاب أفعال جنونية؟!….
-أنتِ بتقولي ايه؟!.
قالها بعد أن نهض من المقعد واستند بجسده على الطاولة بطريقة أخافتها، فهي أن لم تخف ستكون مجنونة وحمقاء.
تمتمت شمس بتوتر وهي تنظر حولهما:
-اقعد بس يا ثائر وأنا هفهمك.
صرخ ثائر بها بجنون وغيرة تقتله:
_اقعد ايه ده أنا هقوم ارتكب فيكي جناية دلوقتي.
أمسك شمس يده جاعلة أياه يجلس مكانه قائلة برجاء:
-براحة يا ثائر، هتفضحني.
تحدث ثائر في تهكم ونبرة منفعلة ولكنه حاولت اخفاضها قدر المُستطاع:
– أنتِ لسه هتتفضحي يا ست هانم؟! اتفضحتي واللي كان كان….
قتلها بكلماته لتعقب بنبرة باردة:
-معاك حق، انا اتفضحت واستحق ده….
نظر ثائر لهيئتها قائلا بتهكم وهو يلوح بيده في الهواء:
– لو خايفة الناس تعرفك وعاملة كل ده في نفسك علشان كده فأنتِ بقالك ساعة رافعة النقاب لفوق، وبعدين متقلقيش اللي بيتفرجوا على فيديوهات الراقصين مش بيبصوا على وشها بيبصوا على حاجات تانية أكيد تعرفيها، ما أنتِ خبرة.
أنزلت النقاب على وجهها حتى تخفي خجلها لعله يحميها من كلماته التي تخترقها كالرصاص لو أخبرها العالم أجمعه بتلك الكلمات لا تهتم، لكن منه هو تجعلها تموت…
تحدث ثائر بسخرية وانفعال بطريقة أرعبتها:
-أنتِ كلمتيني ليه؟! عايزاني في حاجة ضرورية أيه عايزاني أنقطك؟! ولا أديكي قلم يوقع صف سنانك، مكلماني ليه يا شمس….
قال كلماته الأخيرة لتشعر بأن صبره على وشك النفاذ….
-اهدى كده وأسمعني للآخر.
ضحك بسخرية ثم أردف بنبرة متألمة:
-واللي يعرفك يعرف يهدى، ياريتني ما شوفتك ولا قابلتك يا شمس، ياريتني….
قالت شمس بتردد:
-معاك حق تقول أكتر من كده بس اسمعني أنا عايزاك في حاجة مهمة والله وإلا هكلمك ليه؟!.
ابتلعت ريقها ثم عاتبته بنبرة متوترة:
– أنتَ اللي قولتلي أي وقت اعوز حاجة فيه اكلمك.
فتح علبة السجائر التي تتواجد أمامه وقام باشعال واحدة لينفث دخانها بجنون لعله يهدأ من ألم الواقع ثم قال:
-لخصي بسرعة عايزة ايه؟!.
رغم نبرته وضيقه الشديد إلا أنها تحدثت بجدية شديدة:
– أنا واقعة في حوار ومحدش هينجدني منه غيرك، أنا مش بثق في حد غيرك أبدًا جوز أمي وأمي اللي المفروض يكونوا أقرب ناس ليا لو طالوا ينهشوا لحمي هيعملوا كده.
يسمع شريف كلماتها باهتمام لا يظهره فهو يرمقها بنظرات غاضبة فلو كانت النظرات تقتل لماتت ألف مرة بنظراته في تلك الثواني، فغمغم بانزعاج جلي:
-أيوة يعني عايزة أيه في الآخر؟! هو أنا هقعد اسمع حكايات اهلك اللي حافظها دي كتير؟! ما تنجزي يابت.
تمتمت شمس بصلف وكبرياء:
-بقولك ايه انا فيا عِبر الدنيا وعيوبها بس يا عنيا كلمني عدل.
كز شريف على أسنانه متمتمًا بنبرة ساخرة:
-قولي عايزة ايه يا شمس، متبقيش بجحة علشان أنا ماسك نفسي عنك بالعافية.
رفعت حاجبيها من أسفل النقاب بعد أن خرجت منها شهقة من يمر بجانبها لا يصدق بأنها قد تخرج من أمرأة ترتدي هذا الزي أبدًا:
-هتعمل ايه يا حبيبي يعني عرفني؟!.
نفث دخان سيجارته يمنع نفسه ألا ينهض ويلقيها في النيل:
-ياريت ليا الحق اقوم اولع فيكي، بس ملحوقة اخلصي يابت هتقعديني جنبك طول اليوم.
عقدت ساعديها وهي تقول بغرور:
-قولي يا شمس محتاجاني في ايه بأسلوب كويس.
تحدث شريف بنبرة متهكمة ولكنها أرضت المتبقي من غرورها وكرامتها:
-يلا يا كونتيسة شمس قولي محتاجاني في أيه؟!.
تمتمت شمس بوضوح:
-هلال صاحبك ابن عادل النشرتي.
أردف ثائر وهو يضيق عينه باستغراب:
-عايزة أيه من هلال أنتِ؟!…
تمتمت شمس بجدية وثقة لا تدري من أين اكتسبتها رُبنا لأنه محامي كبير وبالتأكيد لديه معارف ويستطيع فعل أي شيء وثائر صديق مُقرب له على حسب علمها:
-عايزاه يعمل ليا بطاقة وباسبور وورق يكون سليم ومحدش هيعرف يخلصلي الموضوع ده غيركم.
أبتلع ثائر ريقه بتوتر بالغ هل علمت شيء؟!
-هو أنتِ حد قالك حاجة؟!.
ضيقت شمس عيناها متمتمة بغباء:
-حاجة أيه دي اللي حد هيقولهالي؟!!.
يبدو أنها لا تعلم شيء وبدأ قلبه يطمئن قليلا وهو يقول:
-مين قالك أن هلال ممكن يعملك حاجة زي دي؟!.
غمغمت شمس ساخرة:
-محدش قالي بس يعني هو محامي عُقر هو وأبوه واسمع ان مفيش قضية بيخسروها مهما حصل، وفي ناس كتير قالتلي ان مكاتب المحاماة أغلبها بتعمل الحاجات دي من تحت لتحت وأنتَ صاحبه وانا معنديش مشكلة ادفع اللي ادفعه.
تحدث ثائر باستغراب شديد وبدأ يحاول استيعاب الأمر:
-أنتِ ازاي معكيش بطاقة ولا ورق ولا أي حاجة ازاي؟! وبعدين ما تروحي تطلعي بطاقة عادي ايه المشكلة في كده؟! شوفي أنتِ تبع قسم ايه.
تمتمت شمس في انزعاج وهي تعقد ساعديها:
-اكيد يا ذكي لو أنا زي أي حد طبيعي اعرف اعمل كده كنت طلعت مكنتش جيت لجنابك.
-يعني ايه أنا مش فاهمك؟!!.
حاولت شمس الشرح بايجاز:
-هفهمك يا ثائر هفهمك سبب من الاسباب اللي كنت بهرب منك علشانها، من ساعة ما وعيت على الدنيا وأنا امي متجوزة راجل تاني غير أبويا وقالتلي أبويا ميت من وهي في شهورها الأولى من الحمل، وكانوا متجوزين جواز مش متسجل علشان مكنتش جابت السن القانوني ولما مات اهله مرضيوش يعترفوا بيا ولما دخلت المدرسة ضربولي شهادة ميلاد كده بس عرفت أنها تحبسني لو حد شافها وأنها مش أمان ليا.
بتلقائية شديدة كان شريف يعقب على حديثها بنبرة جادة:
-مش فاهم برضو فين المشكلة بشهادة الوفاة وقسيمة الجواز خلصي ورقك ليه محتاجة محامي أصلا، او لو حماية انه مش متسجل روحي لحد من عيلة ابوكي يتصرف؟!.
قالت شمس بخجل:
-أنا معرفش اسم ابويا ايه، ولا أعرف عنه أي حاجة حتى شهادة الميلاد دي كاتبين فيها اسم الاب عبدة، وأنا صغيرة مكنتش مهتمة باني أعرف عنه حاجة لكن بقالي سنين بسأل اسمه او اي حاجة عن عيلته، بس امي بتتهرب مني وبقيت حاسة ان الموضوع فيه حاجة مش طبيعية.
ابتلعت ريقها ثم غمغمت بتلقائية:
-انا مكنتش هنزل الشغل تاني بس عبدة ساومني اني لو نزلت هيقولي معلومات عن اهل ابويا، واتفاجئت انه قالي ان ابويا لسه عايش بس من ساعتها مرضيش يقولي حاجة تانية وبيلاعبني، واليوم الشؤم ده حد صورني…
ذلك الرجل اللعين الذي يرغب في أن يفعل به الافاعيل……
ورغم تأثره بحديثها تحدث منفعلا:
-مفيش مُبرر للقرف اللي بتشتغليه يا شمس متلفيش وتدوري عليا، وبعدين أنتِ بتسمعي كلام راجل ملاوع ووسخ زي ده ليه؟! ما اكيد امك كلامها صح هتكدب عليكي ليه؟!
بحرج تحدثت شمس:
-معاك حق يا ثائر بس دي حياتي، انا اسفة اني مكنتش الانسانة اللي في مخيلتك.
أبتلعت ريقها وتحدثت بنبرة عملية:
-المهم انا لما امي راحت المستشفى وطلعت بطاقتها صورتها وجيبت ليك الرقم القومي واسمها الرباعي هتعرف تعمل حاجة بيهم؟! تجيبلي معلومة، تضربلي بطاقة اي حاجة.
تحدث شريف ساخرًا من حالته وهاويته الحقيقية:
-حد قالك اني مزور؟!.
-لخص زي ما قعدت تشخط وتنطر وتقولي لخصي، لخص أنتَ كمان وقولي هتساعدني ولا لا؟!.
ما هذا الذي يسمعه؟!!..
هل هي تخبره الحقيقة؟!..
أثارت ريبته وقلقه وفضوله عن قصتها..
كل مرة في نفس المكان تهتف بكلمات وبحقائق جعله على وشك أن يفقد عقله…
تمتمت شمس حينما وجدته صامتًا:
-ما تقول أي حاجة هتساعدني وتخلي صاحبك يعمل اللي أنا عاوزاه ولا لا ؟! بلاش الصمت ده يا حبيبي، والسكوت ده كأنك واكل سد الحنك كده ليه؟!…
غمغم ثائر مستنكرًا وغاضبًا :
-يابنتي أنا ساكت طول القاعدة ومتحملك بس أحترامًا للي أنتِ لبساه غير كده، كنت هبطحك بحاجة في نافوخك اجيب أجلك وأخلص منك.
بدلال وعبث كانت تسأله:
-اهون عليك؟!.
صاح ثائر بها بضيقٍ :
-بت أنتِ مش وقت مياعتك دي أنا على اخري، تقولي حاجات تشيب الواحد وتقوليلي اهون ومهونش، احمدي ربنا اني بجد معملتش ليكي عاهة مستديمة تقعد معاكِ عمرك كله على البلاوي اللي بتقوليها ده، أنتِ بجد انتشر فيديو ليكي ولا بتستعبطي؟!.
عقبت شمس مدافعة عن نفسها بقوة:
-انا مش كدابة يا ثائر، ايوة بقاله يومين باين او تلاتة أنتَ مشفتهوش؟!.
رمقها بنظرات نارية وتحدث باستخفاف:
-تفتكري لو كنت شوفته كنت هكون قاعد معاكِ هنا؟! موبايلي جاب شاشة وانا مريح دماغي منه، والحمدلله ربنا بيحبك اني مشفتهوش وادعي اني مشفهوش حتى لو صدفة..
نبرته أخافتها، يهددها بالفعل…
كانت تود إخباره بأنه علم الحقيقة هل المقطع سيغضبه أكثر؟! النتيجة واحدة في كل الأحوال..
ولكنها صمتت خوفًا من نظراته النارية ومن بطشة..
فنظرت له في استنكار وهي تلوي فمها بتهكم من أسفل نقابها، وأخذ هو يفكر ثم تحدث بجدية:
-حكاية أنك تجيبي معلومات عنها دي سهلة أما حوار البطاقة ده صعب.
غمغمت شمس تحاول توضيح ما يزعجها وما ترغب من أجله فعل هذا كله:
-مفيش حاجة صعبة، وبعدين افهم يا ثائر انا لازم البطاقة دي ضروري أنا حياتي واقفة، مش عارفة اعمل اي حاجة في حياتي، وكمان عايزة اشتري شقة لو معيش بطاقة جوز امي هيكتبها باسمه وأنا اللي هكون دافعة حقها وده يأكل مال اليتيم.
ابتلعت ريقها ثم قالت في أسى:
– هو بس بيسمع كلامي علشان بيستفيد من ورايا ولو حصل في الأمور أمور هيرميني في الشارع.
-أنتِ هتعزلي؟!.
هزت رأسها إيجاب وهي تقول مشاغبة أياه بكوميديا سوداء:
-أيوة مش بقولك شكلي هحترف وهتشهر ولازم أكون في مكان يليق بيا..
كور قبضته على الطاولة هاتفا بغيظٍ:
-أنتِ تقريبًا بتجربي حظوظك معايا النهاردة أو بتختبري صبري أنا هتحمل قد أيه قبل ما أقتلك.
تحدثت شمس ببلاهة:
-جرا ايه يا شبح هو أناكل ما اكلمك في حاجة تقولي قتل، هو انا قاعدة مع قتال قتله؟!.
لم يجيبها فاسترسلت حديثها بجدية:
_احنا مشينا الفجر وروحنا شقة واجرناها مفروشة علشان مش هينفع اقعد في المنطقة بعد ما الفيديو انتشر، فلازم يكون معايا اي اثبات شخصية علشان ميأكلش حقي في الشقة لما اعوز اشتري وعلشان حتى محسش ان حد لاوي دراعي لو حبيت اسيب الشغل.
نهض ثائر قائلا بنبرة باردة قبل أن يضع نقود على الطاولة تحت الحساب ويرحل لا يرغب حتى في رد منها:
-ابعتيلي عنوان بيتكم الجديد والرقم القومي وانا هشوف الحوار وهفكر وهشوف الدنيا وهقولك، هشتري اي موبايل قبل ما اروح علشان مش هينفع افضل كده، سلام يا بنت سوسن.
_____________
جاء البيت مُبكرًا على موعد الغداء تقريبًا تناول الطعام مع الجميع جالسًا بحانب أفنان وفهد، كان يراقبها بين الحين والأخر، أفنان تهتم بفهد بطريقة تزعجه وتعجبه، تجعله يشعر بمشاعر مختلفة، والطفل مندمج معها للغاية بدأ بالاعتياد على توفيق حسب رؤيته ولكنه يجلس وكأنه لا يرى غير والدته على الطاولة….
رُبما الجيد في الأمر أنه يشبهها إلى حد كبير، يشبهها لدرجة تجعل من يراه يظن بأنه لا يقرب حتى إلى حسن في الشكل من أي جهة…
وعند ذلك الأمر سخر من نفسه، من المفترض انه هو والده أمام الجميع ولكنه يجلس يحاول معرفة هل هو يشبه والده الحقيقي اللعين ام لا؟!!..
القدر يسخر منه.
جزء بداخله كان يستنكر من أن رجل وضيع وخسيس كحسن، تنجب منه أفنان بسبب حادثة اغتصاب..
بينما هو…
لم يسترسل حديثه الذي اغضبه من تفكيره بتلك الطريقة، رُبما هذا الحديث نابع من غضبه وليس اعتراضه على عدم قدرته على الإنجاب، هو يحمد ربه على أي حال…
وحينما كانت تتقابل عين أفنان معه بدون قصد كانت تبعد نظرها فورًا وتستكمل اطعامها لصغيرها رغم أنه قد كبر في السن ولكنه سيظل مدللها الصغير…
بينما هو يشعر بالضيق كلما تجاهلته وكأنه لا يفعل هذا بنفسه كل ليلة معها؟!!..
أو طوال العمر حتى منذ أن كانت طفلة ومراهقة دومًا يتجنبها يتجاهل وجودها؛ هو ليس بغضب شريف الذي من الممكن أن يعبر عن مشاعره بتهور، وفي الوقت نفسه ليس شخص عطوف ويستطيع تحمل المرأة التي تتواجد أمامه مثل كمال، ولا يستطيع حتى أن يعبر عن مشاعره، منذ صغره هو رجل حانق وغاضب وناقم رُبما على ظروف حياته التي مر بها مصيبة تلو الأخرى كان يتلقاها، مصيبة لا يستطيع تحملها أي صبي في عمره، تربى على اخفاء وجعه وألمه، وحتى حبه..
لم يستطيع يومًا ان يعترف لها بحبه او حتى ان يهتم بها كما يهتم أي رجل بامرأة يكن مشاعر لها او حتى حينما يفعل ذلك تصنفها هي بأنه اخ ثالث لها، وكان يخشى التصرف بتهور فهي قريبته، يعيش معها في منزل واحد حتى ولو كان ينام في حديقة المنزل كما اختار بنفسه تلك الغرفة حتى يشعر ببعض الخصوصية، وهي شقيقة أعز صديق له هو كمال، كان يخشى أن يتصرف أي تصرف معها قد يجعله في عين نفسه صغيرًا لأنه لا يحترم صديقه ولا حُرمة البيت الذي ادخله أياه جده توفيق معطيًا له الأمان…
ولأنه ليكن صادق لم يكن لديه ما يكفيه لطلب الزواج منها، ولأنها كانت غريبة الاطوار لا يفهم حقًا بما تفكر، ووجد أنه ينتظر حتى تستكمل دراستها على الأقل..
…بعد العشاء…
وقبل أن يغادر المنزل مقررًا الرحيل لأي مكان لا تتواجد به هي معذبة فؤاده…
اخبره توفيق بأنه يرغب في الحديث معه ولن يتركه ككل يوم..
بالفعل ولج معه داغر إلى غرفة نوم توفيق والتي تبتعد عن أغلب الغرف ولها رواق بمفردها تسير فيه للدخول إليها..
جلس داغر غلى الاريكة بجانب توفيق للذي تحدث بهدوء:
-اخيرا عرفت اتلم عليك يا داغر أنتَ كل يوم واخد في وشك وماشي..
تمتم داغر بنبرة مكتومة:
-عادي كده أحسن.
أردف توفيق بفخر رغم الحرج الذي ينتابه:
-أنا مش عارف اقول ليك ايه يا داغر يا ابني، مفيش كلام يوفيك حقك دايما أنتَ مخلي رأسي مرفوعة، وعمرك ما سمحت أن صورتنا تتهز قدام اي حد، انا مش عارف المفروض ارد جميلك ده ازاي..
يبدو من حديثه بأنه علم أمر فهد، لا يظن بأن تلك الكلمات نابعة من أجل الحادثة السابقة التي مازالت توابعها تلاحقهم.
-هي أفنان اتكلمت معاك؟!.
هز توفيق رأسه في إيجاب ثم تحدث موضحًا الأمر بصورة أكبر:
-بس مجتش لغايت عندي تحكي حاجة، انا اللي روحت لغايت عندها علشان تنطق، لأني اكيد مش هفضل عايش على تخمينات كان لازم اعرف الحقيقة، محدش فيكم فكر يجي ويقولي بنفسه.
ابتلع ريقه ثم أردف بامتنان حقيقي:
-أنا بشكرك يا ابني انك رغم كل حاجة قولت انه ابنك.
ابتسم داغر ثم ردد ساخرًا رغمًا عنه:
-هو أنا اقدر اقول غير كده؟! ده معاها هي واخوها شهادة ميلاد تثبت انه ابني.
أدرك توفيق ما يشعر به رغم عدم ادراكه الكلي…
فكمال لم يخبره بأي شيء من محادثتهما لرغبة داغر بأن يظل الأمر سري بينهم تحديدًا في اعترافه بعدم قدرته على الانجاب واعترافه بحبه لها..
بعد صمت دام إلى لحظات…
تحدث توفيق بلؤم:
-خلينا نتكلم في المهم.
عقب داغر بعفوية وهو يعقد ساعديه:
-اللي هو ايه؟!.
تمتم توفيق بهدوء شديد وكأنه لم يقل شيئًا:
-طلاقك أنتَ وأفنان.
-ايه؟!!.
تجاهل توفيق تعقيبه وقال في نبرة جادة وعملية وهو ينظر له نظرات ماكرة:
-يعني لازم نشوف حل الواد ده بعد عمر طويل ليك مياخدش منك حاجة ولازم ترتب امورك على كده وكمان تطلقها عدا سنين كتيرة اوي وأنتَ معلقها معاك، الاحسن الانفصال ليك وليها أنتَ تشوف حياتك وتتجوز تاني او ترجع لطليقتك وهي تشوف حياتها سواء تتجوز او غيره يعني…
تمتم داغر باختناق واستنكار وهو يردد كلمة توفيق الاخيرة:
-تتجوز!!..
أبتلع ريقه وسأله بانفعال ملحوظ:
-هي اللي قالتلك أنها عايزة تطلق؟!!.
هز توفيق رأسه ثم أردف بدهاء:
-لا يا ابني هي مقالتش حاجة ومش محتاجة تقول ما احنا متفقين من زمان، وأنتَ بنفسك قولت أنك هطلقها لما تنزل..
قاطعه داغر ساخرًا:
-ده قبل ما اعرف اللي هببته هي واخوها.
قال توفيق ببساطة اغضبته:
-بالعكس أنا شايف ان بعد اللي عملوه المفروض تعجل بالطلاق وتخلص نفسك….
تحدث داغر منفعلا وهو يقاطعه:
-هو أنتَ مصمم اوي كده ليه على الطلاق؟! مش فاهم يعني؟!.
-مش حكاية مصمم بس مفيش داعي للمماطلة.
تحدث داغر بتصميم غريب:
-لو مش عايز اطلق؟!.
ابتسم توفيق ثم تنهد براحة وهو يقول:
-يبقى هقف في صفك وده هيبقى أحسن قرار اخدته.
عقد داغر حاجبيه باستغراب يبدو أنه ما عاد يفهم هذا الرجل..
أسترسل توفيق حديثه بجدية:
-اتكلمت مع أفنان وفهمتها رغبتك؟!.
هز رأسه نافيًا مما جعل توفيق يسأله بدهشة:
-ليه طيب؟!.
-كده حسيت اني لسه برضو مش مستقر على رأي وعلشان عارف أنها مش هتوافق، وكمان أنا لسه مش عارف أنا هعرف اتعايش مع وجود فهد كمان ولا لا، الموضوع بقا اصعب من الأول..
تمتم توفيق بنبرة حكيمة:
-لازم تتكلم معاها يا داغر وتخف شوية عليها حاكم الستات بيجوا باللين.
سأله داغر بانزعاج وفظاظة:
-أنتَ متأكد أنها مقالتش ليك حاجة؟!.
ابتسم توفيق وقال بلين وحب:
-انا فاهمكم وعارفكم كلكم من وأنتم لسه في اللفة وعارف طباعكم يا ابني، وعارف أنك بتحبها، أفنان غلطت وكانت تستاهل قطم رقبتها لما بدأت كلام معاه بس اللي حصل كلنا عارفين انه غصب عنها..
احتقن وجه داغر بالدماء متمتمًا بانفعال:
-ياريت منتكلمش في الموضوع ده أحسن…
ثم ابتلع ريقه وأردف:
-سيبني افكر مع نفسي واحسبها وسيبها للوقت اشوف هيعمل ايه وهيخليني عاوز ايه..
-ومتنساش تشوف أفنان عايزة أيه هي كمان.
قال داغر بكل جدية:
-افنان من زمان اختارت هي عايزة ايه معتقدش اصلا سواء اني اختارها او لا هيفرق معاها.
تحدث توفيق هازئًا:
-هو أنتَ كنت بتعامل مراتك التانية برضو بنفس الطريقة اللي بتعامل بيها افنان؟!! ولا أنتَ بتعاقب افنان على غلطها، ولا طبعك مع الكل غشومية ولا ايه حكايتك؟!
قال داغر بضيقٍ شديد:
-انا عصبي شوية والموضوع زاد مع السنين مقلش ومنال برضو استحملت كتير، بس يمكن الموضوع زايد مع أفنان شوية، كل ما بفتكر اللي حصل ببقى هتجنن، ازاي تكلمه، ازاي أصلا يتجرأ يعمل فيها كده؟!!!!..
-بُص يا داغر أنا اكتر واحد في الدنيا عايز جوازتكم تتم ومتطلقوش بس العيشة بالغصب مش هتنفع ولا هقبل بيها، ولا أنتَ هترتاح ولا هي هترتاح طول ما أنتَ مش عارف تنسى، طول ما أنتَ مش هتعرف تظهر مشاعرك لأفنان الجوازة هتكون مصيرها الطلاق طولت أو قصرت…
ابتلع توفيق ريقه وهو يراقب ملامح من يجلس بجانبه:
-وبعدين أنتَ طلقت مراتك التانية ليه؟!.
أجابه داغر خافيًا نصف الحقيقة:
-مستحملتش عصبيتي..
تمتم توفيق بضيقٍ:
-ماشي يا داغر بس شوفلنا حل علشان نخلص من الموضوع ده.
_____________
بعد رحيله..
جلس في سيارته لمدة ساعتين تقريبًا لا يدري ما الذي عليه فعله بعد ما سمعه منها؟!…
تلك المرأة لغز، لغز كبير أتى ليضيف حيرة وقلق وخوف في حياته، لم يكن ينقصه حقًا دخولها وليس فقط دخولها بل وقوعه في عشقها…
لا يصدق حقًا بأنها تمتلك هذا القدر من الأسرار، والشجاعة في الوقت نفسه في كل مرة تتفوه أمامه بالحقائق، شجاعة هو نفسه لا يمتلكها الآن…
وبعد وقت طويل جدًا في التفكير قاد سيارته متوجهًا صوب مكتب هلال الذي نادرًا ما يذهب إليه فيه، هو يقابله خارج المكتب، أو في منزله أو يأتي هلال له في المقهي، لكنه قرر الذهاب له لعله يفعل شيء بخصوص تلك المرأة التي تشغل عقله..
ولم يتصل به كالعادة حينما يذهب له بل ذهب من دون تفكير…
ولج شريف (ثائر) إلى المكتب متمتمًا بنبرة هادئة حينما لمح مريم التي تعرفه:
-ازيك يا مدام مريم؟!.
أجابت مريم عليه باحترام:
-الحمدلله يا أستاذ ثائر، حضرتك عامل ايه؟!
-الحمدلله بخير، هلال فاضي ولا معاه حد؟!.
تمتمت مريم بضيقٍ وحزن:
-المتر عادل تعب شوية وضغطه علي وهو مشي يجي من ساعة.
شعر ثائر بالانزعاج فهو يحب هلال وعائلته تحديدًا والده الذي قام بمساعدته وفعل ذلك من أجله حينما علم المشكلة الواقع فيها..
حتى هلال وقتها لم يكن لديه العلاقات الكافية او القدرة لمساعدة صديقه..
-خلاص انا هكلمه واشوف هو فين واروح ليهم، عن إذنك.
تمتمت مريم بمجاملة:
-اتفضل، شرفت ان شاء الله نشوفك مرة تانية.
رحل شريف من المكان بعد ان رسم ابتسامة زينت ثغره مجاملًا لها…
بعد أن خرج من الباب تصادم مع شاب يدخل المكتب بسرعة وكأنه كان يركض…
سقط مراد أرضًا فمد ثائر يده لمساعدته على النهوض وهو يرتدي نظارته الشمسية التي لم يخلعها رغم تأخر الوقت ووجوده في المبنى، نهض مراد وكاد أن يعتذر منه ولكن رحل شريف بسرعة بمجرد ان وجد من أمامه نهض..
للحظة تجمد مراد في مكانه وهو يجد الرجل يستقل المصعد….

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ديجور الهوى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى