روايات

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل الخامس عشر 15 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل الخامس عشر 15 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الجزء الخامس عشر

رواية بنت المعلم الجزء الثاني البارت الخامس عشر

رواية بنت المعلم
رواية بنت المعلم

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الحلقة الخامسة عشر

صعد كل درجتين في قفزة سريعة، ثم فتح الباب علي مصراعيه ليكون دخان كثيف في وجهه … برؤية مشوشة وجدهن يقفن في آخر الغرفة ومقابل لهم احدي أجهزة سارة مشتعلة وهي متصلة بالكهرباء،
صرخ بهم أن يكفوا عن الصياح، واتجه يفصل الكهرباء عن الطابق بأكمله، وأخذ منشفة كبيرة يضرب بها علي النيران مراراً حتي تأكد من اخمادها …. ضربت ساره علي صدرها وهي تهتف بحسرة:
وربنا أنا عارفه أن البيبي ليس دي من يوم ما جات وهي منظوره
من شدة غيظه أمسك الجهاز بالمنشفة وألقاه من النافذة مزمجر بحده :
ما لو أنتِ فايقه لشغلك زي ما أنتِ فاضيه للرغي مكنش دا حصل
مطت ساره شفتيها مردده بتهكم:
يا خويا متتزرزش اوي كدا
تحدثت فايزه إليه حتي لا يثور عليهن جميعاً، لأنهم أصروا علي مجيء ساره لا غيرها :
حصل خير يا جماعه والحمدلله محدش اتأذي
ظل يعقوب يحدق بهن بضيق ثم تحرك للخارج عندما استمع إلي صوت إقامة الصلاة في المساجد …. بينما برطمت ساره بحنق وهي تخرج مكواة شعر أخري من حقيبتها، لتبدأ في تجهيز العروس بشكل نهائي …
؛*************
نهض يلملم سجادة الصلاة ووضعها علي الفراش، لفت نظره أنها استيقظت من نومها فسألها بفتور :
اجبلك الممرضة ؟؟
حركت ببطيء رأسها يميناً ويساراً، سحب المعقد يجلس بجانبها وهو يغمغم بحنق :
للأسف مضطر انقلك لبيت رعاية لاني لازم ادور علي شغل
دارت برأسها ترمقه بحده، فقال بسخرية :
طبعاً كان زمانك دلوقتي بتسمي بدني بكلامك
رفع كتفيه بقلة حيلة مستكملا :
ما أنا مش هفضل كل يوم استلف وعايش شفقة
التفت تنظر إلي السقف، فاقترب عمر منها متسائلاً باستنكار :
فين منصور اخوكي بقا من ما كل دا ؟!! طيب فين عياله الأنتِ كنتي في مقام امهم اكتر مني !!!
يعلم أنه يحادث نفسه لأنها لا تستطيع أن ترد عليه، فمازالت حالتها لا تسمح بالحديث ولا الحركة، لكنه استكمل بصوت محشرج مع لمعة حسرة ملئت ملقتيه :
فين ولاد أختي الأنتِ كنتي سبب في موتها ؟؟ أنا فين في كل الـ بيحصلي ؟؟
اختنقت نبرته أكثر مسترسل بخيبة أمل :
مصيري ايه ؟ المفروض الدكتور يبدألك جلسات واللي هي أساساً بتعدي 1500 في المره
أمسك رأسه بكلتي يديه باكياً بصوت مسموع … فاض كيله من ضغوطات فاقت استطاعته، لا يستوعب ضربة لتسقط أخري علي رأسه تطرحه أرضاً، كل هذا لا يصف شعور حيرته وهو لا يود تركها في دور الرعاية، لكنه مغلوب على أمره فلابد من البحث عن وظيفة تساعده في تلك الظروف الغير معروف متي ستكون نهايتها، بقلم حسناء محمد سويلم
؛***************
خرج من المساجد كلا منهم متجه إلي منزله، علي الاتفاق أن السيارات ستتحرك من أمام منزل عبده …
في طريقه للعودة معه وبعد أن قص إليه ما حدث سأله مستفسرا :
دلوقتي المفروض ايه الخطوة الجايه معاهم ؟!
أجابه بلا اكتراث وهدوء مبالغ به في موقف كهذا :
نسيبهم براحتهم
قطب موسي جبينه متعجباً وقال بعدم فهم :
ولما نسيبهم هنكون استفدنا ايه
نظر إليه مغمغما بسلاسة :
يعلموا عليك تاني زي المره دي
احتدت نبرة موسي مزمجر بحنق :
محدش يعرف يعلم عليا
: طيب حوش الـ علي قفاك
رفع موسي يده بتلقائية ظنا منه أن حرجه نزف مرة ثانية، ابتسم المعلم سالم بخفة وهو يردف بدهاء :
عز لو عايز يعمل كان عمل من غير ما يهدد، لكن مفيش في أيده غير كدا، وحب يعلب معاك عشان عارف أن الكلام هيوصل من خلالك
واستطرد قبل أن يتحدث موسي معترض :
اللي زي دول شغالين من ناس أساسها فلوس، كل حركه بألوفات، فمظنش ولاد منصور هيخاطروا بالكام قرش المعاهم عشان خاطرنا
أنهوا الحديث عندما وصلوا إلى الباب الحديدي الخاص بمنزله … وظهر خلف الباب الأميرات السبع يقفن في البهو يلتقطن صور إليهن بالهواتف، وكالعادة لابد من اختيار طلة مختلفة إليهن، فكان الاختيار علي فستان بسيط لا يشغله سوي حزام من نفس لونه حول الخصر، ويعتليه قطعة منفصلة من نفس لون الفستان مع تطريز يدوي بسيط علي أطرافها، كان الزي موحد مع اختلاف ألوانه لكل واحده …. فاختارت هند الأحمر الداكن، وأصرت مها علي اللون الرمادي لأنه نفس لون جلباب مرتضي، بينما اختارت أمل البني الفاتح، والأزرق خاص بمروه، والبنفسجي الي رحمه، وأخيراً الوردي الي حسناء ….
ابتسم بسعادة محدقاً بأميراته وهو يردد بعاطفة بالغة :
اللهم إني استودعتك إياهم يا من لا تضيع عنده الودائع، فأحفظهم وعافهم من كل آفة وعاهة، ومن سوء الأسقام والأمراض، ومن شر طوارق الليل والنهار، ومن شر عين كل حاسد وغل كل حاقد ومن أصدقاء السوء، اللهم احفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ومن فوقهم ومن تحتهم.
واسترسل بحنو وهو يقبل جبينهن واحده تلو الاخرى :
ما شاء الله، تبارك الله
بينما ظل هو يقف محله متأملها بانبهار، لم تكن الفتاة الأولي التي يراها، وربما رأي من هن اجمل منها، لكن لم تُسلب مشاعره هكذا من قبل … وكأنها وردة مزهرة في منتصف أرض بور، تمنى أن يقف الزمن بهم عندما تلاقت الأعين لثوان، ود أن يستطيع الوقوف أمامها ويرفع رأسها متأملا عينيها البنيه وهو يخبرها كم هي جميلة، بل فاقت حدود الجمال حتي وإن رآها الجميع غير ذلك، في نظره جميلات الجميلات هي …..
” لم استسلم في معاركي يوماً، إلا عندما وقعت أمام بُنيتها وهُزمت من بمستها، عند إذا رفعت الراية البيضاء أعلن استسلامي بكل رحابه ”
خرج من أمنياته علي صوت أخته وهي تهتف بدلال :
موسي ايه رايك في الفستان
كاد أن يمدح جمالها حتي قبل أن يتطلع إليها، لكنه تفاجئ من طلتها الجريئة وقال باستنكار :
اكيد مش هتخروجي كدا
نظرت عليا الي فستانها الأسود اللامع الذي يصل فوق ركبتها بسنتيمترات، عاري الاكتاف، وهي تسأله بدهشة :
مش حلو ولا ايه ؟؟
رد عليها باقتضاب وهو يتقرب منها كي لا يحرجها أمام الفتيات :
أنتِ مش شايفه ان الفستان قصير جدا وعريان اوڤر
رفعت أكتافها بلامبالاة ومردفه بعدم فهم :
So what
دا لبسي العادي يا موسي
انكمش بين حاجبيه باستغراب وغمغم ساخراً :
والمفروض أن كدا عادي وتخرجي
انضمت إليهما كوثر وهي تقول باستفهام :
مالك يا حبيبي شكلك مدايق
أشار موسي علي ملابس عليا وهو يهتف بصوت مرتفع وصل إلي الفتيات :
في أن دا مش لبس يا أمي عشان عليا تخرج بيه
ابتسمت كوثر مرتبه علي كتفه وهي تهمس بهدوء :
بلاش انفعال وتحرج أختك قدام البنات
احتقن وجه عليا وهي تري أعين الجميع معلقة عليها، ثم اردفت بجمود :
مفيش داعي يا ماما أنا مش رايحه معاكم أصلا
والتفت تعود إلي متجاهلة نداء كوثر، وضع موسي يده في سرواله ببرود موجه الحديث الي والدته :
سبيها تعمل الـ يريحها
اقتضبت ملامح كوثر وهو تهدر باستهجان :
عجبك كدا، قولتلك عليا مش هتتغير بالطريقة دي ولازم نتعامل معها براحه
واسترسلت بحزن :
يا بني دي كانت فرحانه أنها رايحه مع البنات، هتقعد لوحدها ازاي بقا
امسك يدها وهو يردف بلامبالاة :
أنا هوصلك وارجع
عقدت بين حاجبيها باستفهام متسائلة بعدم فهم :
ليه مش هتروح؟؟ دا حتي عيب الناس يقدرونا ويعزمونا علي فرحهم واحنا في بيتهم ومنروحوش
أشار علي رأسه مردد باقتصار :
عندي صداع ملزمني من امبارح
ابتسمت كوثر بخبث متمتمه بمكر :
تعالي يا حبيبي وأنا اخليك تخف
قطب جبينه باستفهام وهي تتحرك باتجاه الفتيات، في ذلك الوقت خرج المعلم سالم بصحبة نسائه فقالت كوثر :
بعد اذنك يا معلم هند تركب معايا لان عليا مش هتيجي وأنا معرفش حد غيركم
ردت صباح بترحاب بدلا عنه :
ومالو يا حبيبتي دي بنتك برده
انشقت بسمة كوثر ثم أمسك معصم هند تسير معها باتجاه سيارة موسي …. بينما التفت المعلم سالم يرمق صباح بحده جعلتها تعود للخلف تسير بجانب ابنتها في سكون،
رفع موسي يده يفرك ذقنه المهندمة، يخفي بسمته وهو يهمس بعبث :
مش ساهلة برده يا كوثر
؛؛؛؛؛
في المنزل المجاور
خرج جابر يقابل أكرم وهو يردد بحفاوة :
نورت يابني
قبل أكرم رأسه مغمغم باحترام :
منوره بوجودك يا عمي
جاءت من خلفهم زينب واتبعتها خلود التي تلونت وجنتيها بحمرة الخجل عندما علمت بوجود أكرم، الذي سألها عن الأحوال وكانت إجابتها بصوت هامس لا يكاد يسمع …. انتظروا هبوط سالم ونيره التي كانت لا تنوي الحضور، فغضب جابر منها وأصر علي وجودها فهي فرد من تلك العائلة …..
وعكس المعتاد ظهر الانبهار في ملقتي نيره وهي تري جاذبية سالم الطاغية في جلبابه الأسود، بدأت بلهاء وهي تحدق به بهيام وكأنها في عالم آخر غير مبالية بمن يقفوا حولها، فهي تقع في حب وسيم عائلة سويلم…..تمتع سالم بملامح رجولية حادة ميزته عن باقي شباب العائلة، وبالإضافة الي محافظته وحرصه علي لياقة جسده، وناهيك عن اختياره لجلبابه المميز بألوانه …
: وأنت يا أكرم نوغه مش عارف تروح لوحدك
انكمش بين حاجبيي جابر من أسلوب ابنه في الحديث مع اكرم الذي قال بهدوء :
لا أعرف أروح كويس، لكن أنا مليش خلطة هناك غير بـ يعقوب واكيد مشغول مع أخته، عشان كدا قولت اروح معاكم بما أننا بقينا أهل
وضع سالم يده في جيب جلبابه متسائلاً بسخرية :
طيب أبويا هيركب جنبي والحريم ورا، حضرتك هتركب فين ؟!!
: علي حجرك
قالها بسلاسة وهو يبتسم إليه بمساجه، فتحدث جابر بحده ينهي ذلك الجدل :
خود يا سالم مراتك وروحوا وأنا هتصرف
رد عليه أكرم وهو يشير علي سيارة فارهة أمام المنزل :
مفيش داعي ياعمي، أنا بأجر عربية طول ما أنا في مصر عشان اقضي مشاويري
ابتسم جابر برضا وأشار إليهم بالتحرك، فاتجه سالم الي الجهة الأخرى وهو يمسك خلود قائلاً بمراوغة :
تعالي يا خلود مع نيره
وقبل أن يتعرض والده دفعها برفق داخل السيارة مع زوجته واغلق الباب بحده طفيفة، تعجب جابر من تصرفاته الفظة، واعتقد أنه يريد إفساد الزيجة بتلك التصرفات الصبيانية ….
؛؛؛؛؛؛
أصبح الطريق مصفوف بالسيارات الفارهة مختلفة الماركات والألوان، فكان أمام منزل المعلم سالم سيارة موسي ومعه والدته وهند، ثم سيارة مرتضي بصحبته مها وأولاده وخيريه، وسيارة المعلم سالم وزوجاته الذي كان يقودها منير، ومن ثمّ سيارة الفتيات وكان يقودها ابن خالهن …
وعلي بعد قليل وقف أكرم ومعه جابر وزينب، وخلفهم كانت سيارة سالم ومعه زوجته وأخته …
والي آخر منزل احتلت أمامه كل تلك السيارات، صعدت ندي في سيارة زوجها تنتظر مجيئه بالأولاد، في حين خروج محمود وهو يدفع مقعد سعد الي سيارته، ثم انتظر مجيء سالم كي يساعده في حمله الي السيارة بحرص حتي لا تفسد بدلته السوداء، وعندما انتهوا نظر محمود الي سعد قائلاً بمزاح :
كبرت وبقيت عريس ياغوتي صغير
رفع سعد يهندم خصلاته متسائلاً :
شكلي مظبوط
رد عليه سالم بضحك :
قمر يا بيضه
واستطرد يسأل محمود :
مراتك اتأخرت كدا ليه ؟؟
رفع محمود كتفيه بلامبالاة مردفاً ببرود :
وأنا أعرف منين
حدجه سالم بحنق، وأشار إلي سمر بأن تصعد بجانب سعد، وسيذهب هو الي ميادة ليري لِما التأخير … عند إذا صعد عبده إلي سيارته وهو يبحث عن سحر، وعندما لم يجدها سأل رحاب بدهشة :
فين سحر ؟؟ هي لسا مطلعتش ؟!
إجابته بسلاسة :
طلعت وركبت مع سالم ومراته
أمأ إليها بهدوء وأخرج هاتفه يجري اتصالاً بعزيز يخبره أنهم علي وشك التحرك، ولم يري تلك البسمة الخبيثة المنشقة علي وجهها …
صعد سالم إلي طابق أخيه يضرب جرس الشقة برفق، ففتحت إليه ميادة بعبوس وهي تردف باندفاع :
نعم ؟؟ عايز ايه ؟!
تعاضي سالم عن طريقتها وقال بهدوء :
اتأخرتي يا ام راغب واحنا مستنينك تحت
عقدت ذراعيه مردد ببرود :
ومين قال إن جايه معاكم أصلا
رد عليها بنفس هدوئه :
وليه متجيش وأنتِ واحده من البيت
واسترسل وهو يشير علي اولاد أخوه :
ولو مش عايزه تيجي ايه ذنب ولاد اخويا يقعدوا هنا وفي مناسبة تخص عليتهم
صاحت بغضب قبل أن تغلق الباب في وجهه :
لأن دول عيالي ومطرح ما أكون هما معايا
ضغطت سالم علي قبضته محدقاً في الباب، أخرج زفير يتحكم من خلاله في غضبه الذي وصل إلي أعلي ذروته، ودار يهبط متمتم بالاستغفار فلن يفسد اليوم من بدايته، ولن يلتفت الي وقاحتها الآن ومن المؤكد أن الأيام المقبلة سيكون لديه الفرصة معها،
: مجتش ليه ؟؟
أشعل المقود وهو يشير إليهم بالتحرك قائلا بهدوء :
تعبانه
وقبل أن يلحق أسطول السيارات ويتحرك معهم التفت إليها مردد بغزل :
بس ايه الحلاوة دي
ابتسمت ندي بسعادة وهي تسأله بشك :
بتتكلم بجد ؟؟ أصل حاسه ان الحمل تخني
نظر إلي الطريق مردف بفخر :
اسمها بقيتي بطه
ضحكت بخفة ونظرت الي النافذة بجانبها، ومن حين لآخر تطلع إلي صغيرها للاطمئنان علي جلستهم، فأمسك سالم كفها بين راحته بجانب المقود وهو يهمس بكلمات غزله الصريحة دون أن يلاحظ الصغار ما يدور بينهما …
؛************* بقلم حسناء محمد سويلم
أمام منزل العروس
أقيم الصوان الكبير علي أرض واسعة بجانب المنزل، وظهرت الفخامة في تنظيمه المرموق، الذي يليق اكبر عائلات القرية المجتمعين اليوم علي شرف ابنة عزيز الجبراوي ….
كان أول من يستقبل الضيوف ذلك الشامخ الابن البكر الي عزيز، ربما سيضيئ جلبابه الأبيض في أشعة الشمس من ناصعة لونه، وحذائه الأسود اللامع، وذلك الشال الرجالي الملفوف حول عنقه الذي ذاد من طلته وسامة، لا تليق سوي بـ “يعقوب ”
عندما بدأت السيارات في التقدم أشار عزيز الي النساء بأن يتجهن الي الباب الآخر حيث مكان جمعهن، بينما تقدم يقابل المعلم سالم يصافحه بوقار، واتجه معه يوصله الي مقعده الوثير، ومن ثمّ جابر وعبده، أما سعد فكان هناك مكان فارغ في الصفوف ليجلس بمقعده المتحرك …. جاء شيخ المسجد يلقي خطبة عن الزواج قبل أن يتم عقد القران، وعندما انتهي وضع الدفتر أمامه وجلس الوكيلين علي طرفيه، وضع عزيز يده في يد سالم وبدأت مراسم عقد القران في هدوء تام …
وما أن انتهي الشيخ ودعي الي الزوجين، أخرج الشباب أسلحتهم النارية يطلقوا الأعيرة وهم يصيحوا بالمباركة، في نفس الوقت علت الزغاريد من مجلس النساء في صوت واحد … عاد عبدالله من الصوان الآخر وهو يشير إلي الضيوف بأن يتقدموا لتناول وجبة الغذاء، ثم أشار إلي يعقوب بأن يذهب ويخبر والدته بأن تستعد لاستقبال وجبات النساء،
مسحت حسنيه وجهها وهي تهتف بصوت محشرج :
ساعة بس ما تحضروا الحاجه عرفوني
ابتسم يعقوب وهو يعانقها مغمغم مزاح :
ياما هو أنتِ فرح تعيطي، حزن تعيطي، ما ترسي علي حال
عانقته بقوة وهي تهتف بسعادة :
عقبال ما افرح بيك يا يعقوب يارب
رفع يده يأمن علي حديثها واضاف :
ادعي ياما بزمة في الحتة دي بالزات
واسترسل غامزا :
بس ايه رأيك في القمر المنور بيتكم بسببي
مصمصت حسنيه شفتيها بحركة شعبية وهي تقول بعدم تصديق :
ونبي ما مصدقة انك ابني الكان ذللني عشان يخطب
وضع يده علي صدره مغمغم بهيام، قاصد استفزاز مايسه التي تقف خلف الحائط تستمع الي حديثهم ولسوء حظها ظهر طرف فستانها بوضوح إليه :
جابتني علي ملا وشي ياما
لم تستطع مايسه التحمل وخرجت ترد عليه بسخرية :
يجي بابا يسمع الـ بيقول عليه تقيل وراسي بيقول ايه
أشار يعقوب الي داخل المجلس وهو يسألها بجدية :
بالله الوردة القعدة وسطكم جوه ينفع معها تُقل ؟؟؟
استشاطت غيظا فهدرت بحنق :
علي فكرا بقا أنت لو دخلت جوه وشوفت البنات هتعرف أن في أجمل واحلي منها بكتير
نظر إلي والدته متمتم بشغف :
ماتوا جميع النساء في أعيوني منذ أن رأيتها
: والدفنة بعد صلاة العصر
عاد يرمقها باشمئزاز وهو يضحك بسخرية علي مزحتها السخيفة، وغادر يلاعب حاجبيه إليها بمكر، فقالت حسينة بسعادة :
ربنا يابني يجعلها من نصيبك ويفرح قلبك
حدقت مايسه بها بضيق وغادرت هي الأخرى قبل أن تنفجر … في الداخل توسطت سميه المجلس بفستانها الابيض البسيط، بتصفيفه مميزة ابدعت سارة في صنعها، بالإضافة إلي بعض من مساحيق التجميل … وبعد وقت قليل أتوا بالواجبات ومن ضمنهم، تقدمت فايزة تضع طبق ممتلئ بأصناف عدة وشهية أمام حسناء وهي تقول بخبث :
الطبق دا جاي وصايه لـ حسناء
رمشت حسناء بأهدابها بتوتر وهي تري أن الجميع علق نظره عليها، فأخذت رحمه الطبق من فايزة تضعه أمام تلك المتسمرة وهي تهمس باستغراب :
كسفتي البنت علي فكرا
بلعت لعابها مردد بتلجلج :
اتخضيت مش اكتر
لم تنتهي ووجدت حسنيه تضع أمامها كوب عصير وهي تحسها علي أكل كل ما هو موجود بالطبق، لم تخلو الجلسة بعد كل هذا من نظرات الحقد والحسد، والضيق البادي علي بنات اعمام يعقوب التي كان أول أحلامهن أن تصبح زوجة إلي ذلك الذي يدلل الجالسة وسطهن …
امتعضت رحاب مما يجري فمالت علي ابنتها وهي تهمس بتهكم :
ولا كأننا ضيوف وحسناء وأمها أهل العريس
بترت حديثها عندما دلفت مي إلي المجلس كفراشة مبهجة، بهتت ملامح رحاب وهي تري بسمتها تزين وجهها البشوش عكس ما اعتقدت :
يعني هو حظنا بس المنيل
حركت سمر رأسها بضجر ثم سألتها باستغراب :
هي فين سحر ؟؟!
مطت شفتيها مردفه بلامبالاة :
وأنا ايه عرفني
ودت أن تنهض ترقص علي نحاجها خطتها، التي نفذتها بسهولة عندما قالت الي سحر أن عبده يأمرها بأن تصعد تجلب مسبحته، وصعدت خلفها خلسة دون أن تشعر بها، ثم أوصدت باب الشقة من الخارج، وتركت تلك المسكينة تبكي بحزن ظنا منها أن عبده من فعل ذلك لأنه يشعر بالخجل من اصطحابها مع اسرته ….
؛؛؛؛
عند الرجال انضم ربيع إليهم وهو يحمل صغيره، فقد أصر علي أخذه من مي كي تستمع بوقتها مع باقي الفتيات في الداخل، وترك باقي الصغار مع والدته حتي يعودا …
بعد أن تأكدوا من تناول الجميع وجبابتهم، بدأوا الشباب في الانقسام الي فرقتين لتتم المبارزة بالعصا كما هو متعارف، بدأت الفرقة الموسيقية بالعزف مع اول من نهض للتحطيب كان عبده وغريمه عزيز، فصاح الشباب كلا منهم يشجع من ينضم إليه …
في البداية ظهر علي عبده الاستحواذ ولكن علي حين غرة استطاع عزيز الفوز عليه وإسقاط عصا غريمه أرضاً، صدح صوت الشباب بحماس ووقف من عليه الدور في المبارزة … اقترب عبده من سعد وملقتيه ممتلئة بالعبرات، ثم مال علي رأسه يقبله متمتم بصوت مختنق :
كان المفروض تقوم أنت مش أنا
حدق سعد بوالده غير مصدق أن تلك المشاعر الطاغية من عينيه لأجله، شعر بالدفيء عندما عانقه مرتب علي ظهره مردد بكلمات تحفزه أنها مجرد فترة وسيعود بخير …. وقف جابر يبعد عبده عندما ظهر الحزن علي وجه الجميع وهو يهتف باستنكار :
وهو دا وقته !!
واسترسل بحماس وهو يتطلع إلى سعد :
شوف واتعلم من عمك
صاحوا الرجال عندما نهض عادل غريم الي جابر، وبدأت مبارزة أخري بحماس من كلا الطرفين …. وسط في هذا كان طلال ينكمش علي نفسه بجانب سفيان متعجباً من نظرات المعلم سالم المعلقة عليه منذ أن آتي، كلما حاول الانشغال في الحديث مع أخوه وقعت عينيه عليه وهو يحدق به بجمود لا يفهمه، وعندما فاض به اصطنع رده علي مكالمة هاتفية ضرورية وخرج من الصوان،
؛؛؛؛؛
: هي منال واختها بيبصولك كدا ليه ؟؟
رفعت حسناء كتفيها ببراءة مردفه بحيره :
مش عارفه من وقت ما جيت وهما بيبصوا كدا
لوت مروه شفتيها وهي تتمتم بسخرية :
هو شغل السلايف هيبدأ من بدري كدا
نظرت إليها بمعني أنها لا تهتم، وانشغلت مع ساره التي تتمايل مع الموسيقي باحترافية، وجعلت أعين الجميع معلقة برقصها المتقن ….
؛؛؛؛؛؛؛
بعد أذان المغرب أشار المعلم سالم الي عزيز بأن يخرج العروس كي تذهب مع زوجها، وإن أرادوا الشباب الاستمرار في جلستهم كما يشاؤوا …. حمل محمود وسالم اخوهم الي السيارة، ووقفوا بعيداً يسمحوا الي العروس بأن تتقدم، وبعد محاولات فاشلة في تهدأت حسينه خرجت معها وهي تبكي مع فايزة، عانق عزيز ابنته بحفاوة وهو يدعو إليها بالتوفيق في حياتها الجديدة، وكذلك تقدم علي وعبدالله يودعوا أختهم … وكان آخر عناق حار ظل الي دقائق وهي تبكي في أحضانه بصوت مسموع، تماسك يعقوب أمامها وقبل جبينها بحنو، ثم ساعدها في الصعود الي السيارة …. وصعد في المعقد الامامي عبده وابنه،
بدأوا النساء في الصعود الي سيارتهم، ومن ثمّ عادوا الشباب الي الصوان …. وفي أثناء خطها كانت تتأمله بمشاعر مضطربة، ربما حزنت علي حزنه، أو ربما رق قلبها لمشاعر مجهولة وتبدي قصة حب مختلفة الي قلبين متيمين ….
؛************
: موسي الصداع خف
ابتسم بمكر وهو ينظر إليها في المرآه :
آه خف يا ست الكل
ابتسمت كوثر ثم بدأت في الحديث مع هند الجالسة بجانبها بتوتر من نظرات موسي المعلقة عليها، غير مهتم للطريق أمامه …
؛*******
رحب عبده بسميه وأشار إليها بأن تذهب الي غرفتها وسيلحقها سعد علي الفور ….
: هاته يا سالم الاوضة القديمة
قطب سالم جبينه باستفهام متسائلاً بتعجب :
دلوقتي ؟!!!
تحرك أمامه مردد باقتصار :
عايزه في كلمتين
دفع سالم مقعد سعد الي الغرفة ثم خرج بناءً على طلب والده، انكمشت ملامح سعد عندما أوصد عبده باب الغرفة بالمفتاح، وسأله بعدم فهم :
خير يابا ؟!!!
ضغط عبده علي عصاه وهو يرفعها ويهبط بها فوق سعد قائلاً بحنق :
خير منين يا ابن
أكمل بسبابة بذيئة، وضع سعد يده علي ذراعه متألما وهو يهتف بصدمه :
فيه ايه يا بابا
رفع عبده العصا وقبل أن يهبط بها انتقض سعد من مقعده يقفز في أرجاء الغرفة وهو يردد بفزع :
صلي علي النبي يا حاج
أشار عبده علي نفسه وهو يهدر بغضب جلي :
بقا بتستغفلني يا صايع
وألقي العصا بعنف باتجاهه، استطاع سعد تفادي العصا وهو يقول بتعلثم :
استني بس يابا أنت مش شايف أنك لما خضتني وقفت علي رجلي
: سبحانه ياروح أمك
هدر بها وهو يركض باتجاهه يحاول الامساك به، ولكن كان سعد الأسرع عندما بدأ يركض أمامه قائلاً بخوف :
استني بس يا حاج هفهمك
توقف عبده وهو يصيح بخنق :
هتقول المره دي راح السمع ولا النطق يالا
واستطرد بوصفه بلفظ وقح وقال :
لولا أختك شافتني وأنا قاعد اعيط عليك الصبح، وصعبت عليها واعترفت بكدبك يا معفن كنت هتفضل مستعبطني
تسمر سعد محله مردفاً بوجوم :
يعني الدمعتين الكانوا من شويه دول عشان تثبتني
ركض خلفه مجدداً مردد من بين أسنانه :
أنت فاكر نفسك بتعرف تمثل لوحدك يا صايع
أنهي جملته وهو يقف بتثاقل متأوه بحده وهو يضع يده علي صدره، فزع سعد إليه يركض إليه، متسائلاً بقلق عندما استند علي المعقد بوهن :
مالك يابا
علي حين غرة انقض عليه يمسكه من تلابيب سترته كي لا يستطيع الفرار منه وهو يهدر بغضب :
دا أنا هطلعه عليك قديم وجديد انهارده يابن رحاب

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت المعلم الجزء الثاني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى