روايات

رواية بنت المعلم الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الجزء الثالث والعشرون

رواية بنت المعلم البارت الثالث والعشرون

رواية بنت المعلم
رواية بنت المعلم

رواية بنت المعلم الحلقة الثالثة والعشرون

ستار ظلام الليل سوف يجابُ
وتسقي بأضواء الصباح رحابُ
وسوف يبين الفجر ما كان خافياً
ويفتح من بعد التغلق بابُ
وتشدوا عصافير المني بعد صمتها
ويخلع ثوب المشؤوم عنه غرابُ
وتخلص من معني التشاؤم بومةً
لها لغة من حبها وخطابُ
وما الشؤم إلا في نفوس مريضةً
عليها من اليأس الثقيل حجابُ
أقول لمن ذل الطريق بخطوه
ومن عزمه عند الخطوب يذابوا
سيمنحنا وجه الهلال استدارةً
ويفتح بابً في الظلام شهابُ
الشاعر/ عبدالرحمن عشماوي
شعور الانتظار اسوء شيء يمر علي المرء مادام علي قيد الحياة… خاصة لو قرار أو نتيجة ستغير حياتنا رأس علي عقب، وكأن روحك تسلب منك شئ فشئ مع اقتراب الموعد المعهود،
هكذا كان شعور مي التي لم تنعم براحة التفكير منذ يومين… لا تعرف لميا الوقت يمر بسرعة هكذا، ربما حتي الوقت ليس لصالحها،
لا تستوعب أنها ستصبح زوجة لآخر غير مصطفي بعد ساعات.. حاولت مراراً محادثته وإرسال رسائل عدة لأخباره بتلك المصيبة التي حلت عليها، لا تعلم أنه في مكان لن يستطيع الرد عليها الآن،
نهضت من المقعد تتجه إلي الفراش تأتي بالسكين التي خبأته تحت الوسادة لوقت احتياجه لتتخلص من مشاكلها وحياتها بالكامل،
في ذلك الوقت دلفت نيره حامله ببعض الحقائب بها ثياب تناسب مناسبتها ومستلزمات الحفل التي أتت بها هي وخلود أمس لاعتراض جابر علي خروج مي من الغرفة،
: يلا يا مي عشان مفيش وقت، يدوب نلحق قبل صلاة الجمعة ونروح عند عمي سالم

 

 

هتفت نيرة وهي تفرغ الحقائب مشغولة في تنظيمهم بشكل مرتب… بينما احتقنت أعين مي بالغضب، حتي ثيابها لم يسمح لها بالاختيار
اجفلت نيره إلي شيء في يد مي تمسكه بين قبضتها… بلعت لعابها بتوتر وهي ترمقها تارة والي السكين تارة اخري، حدقت بها بتعجب مردده :
ايه السكينة دي
إجابتها مي باقتضاب وهي تأشر بالسكين علي رقبتها :
هموت نفسي يا نيره
لطمت نيره علي وجنتيها وهي تري السكين أمام حلقها.. صاحت بتلجلج معاتبة :
استغفري ربنا يا مي هتموتي كافرة
هدرت بحدة وحركات جسدها بدت مرتعشة :
ما انتم حكمتوا عليا بالموت وأنا حيا
جاء جابر علي صياح نيرة ليري ما يحدث أمامه … توترت مي من نظراته الجامدة وتعبيره الهادئة عكس توقعها بأن يرأف بها، حاول سالم تخطي والده والإمساك بتلك الوقحة التي لم تكتفي بما فعلته، منعه جابر من الدخول للغرفة ثم أمره بأن يأخذ نيرة للخارج،
تحركت نيرة بخوف إلي خارج الغرفة وهي تتأمل السكين….. انتظر جابر حتي خرجوا ثم نظر إليها مرة أخري بهدوء وقال :
مستنيه ايه
تشبتت بالسكين بتوتر ليقترب جابر منها أكثر وهمس بجمود :
عارفه لو عمليتها تكوني عملتي فيا معروف عمري ما هنساه
ارتخت قبضتها ترمقه بذهول ليكمل بحده :
بسببك دخلتنيا في دايرة الله اعلم هتنتهي بـ ايه
واستطرد بـ لامبالاة :
اهو هتكون بنت ماتت يوم كتب كتابها والموضوع انتهي وأوعدك مش هخلي حد يدخلك غير ما تخلصي علي مهلك
بعد أن ألقي سوطه رمقها بهدوء وخرج تحت نظراتها المذهولة….ذات صدمتها عندما استمعت لأمره يقول خارجاً:
محدش يدخل عليها غير لما تخلص براحتها
ألقت السكين أرضاً … معاها قلب حطم من جمود وقسوة لم تفهم معني ما فعلته الا الان، ارتمت علي الفراش تنظر إلي الفراغ بلا تعبير… إحساس يندثر بداخلها ألم مغلف بحزن، لم تعرف أن تنجرف خلف تفكيرها أثناء مكوثها في الغرفة بأن تقتل نفسها، والآن صدمة اللامبالاة وهي تمسك السكين أمام والدها ألقيت علي رأسها كعصا ضخمة ضربت بها وجعلتها نصفين، وهن حل علي جسدها لترتضي بواقع مؤلم لا تعرف ما يخبأ لها،
؛****
في الخارج تقدم سالم من والده يقول بضجر :
يابا أنت هتفضل مش بتكلمني كدا كتير
حدق به واردف بجمود وهو يأشر علي نيرة التي تمكث معهم منذ يومين ولم تصعد لشقتها عقاباً له :
والله لما تعرف قيمة بنات الناس الـ بتلعب بيهم وتعترف بغلطك لمراتك هبقا اعرف أن ربيت
واستطرد بحده وهو يشيح بيده :
انتم عايزين تموتني ولا تجلطوني بـ عمايلكم دي

 

 

مال سالم بجزعه يقبل يده قائلا:
بعد الشر عليك يابا ربنا يخليك لينا
وأكمل معاتبا :
وبعدين أنت تعرف أن دي تربيتي
نظر جابر إليه بشك وهتف بتسأل :
اومال الكلام الـ مراتك قالته دا ايه
تطلع سالم إلي نيره بتحذير واجابه وهو يخطو إليها يقبل جبينها :
الله يهديها فهمت غلط
وقف نيره تبعد يده وأردفت قاصدة تجاهله :
بعد اذنك يا عمي هطلع البس عشان متأخرش
اقتضبت ملامح سالم من تجاهلها أمامهم بتلك الطريقة المحرجة… بينما أذن جابر إليها فتحركت للأعلى وهي ترمق سالم بحده،
تنهد جابر بصوت مسموع فقلق سالم من أن يكون ضغط الدم بدأ في مرة أخري :
أنت كويس يابا
أمأ إليه وقال بوهن مما يجوره عليه الزمن :
يابني بلاش السكة دي أنت عندك اخوات بنات، ومراتك بسم الله ما شاء الله مش نقصها حاجه
نهض سالم يقبل جبينه متمتم بندم صادق:
ساعة شيطان وراحت لحالها، ومش هتتكرر
نفض جابر يده يوبخه بحده عكس حاله الهادئ من ثوان :
يعني حصل وبتستغفلني يا عديم الربايه
رفع سالم حاجبيه مردد بامتضاض :
يعني أنت بتضحك عليا عشان تجرجرني في الكلام
حاولت زينب تهدأت حدت جابر خوفاً علي صحته وأردفت بحزن :
يا خويا هدي نفسك شباب وبتغلط
نهض أمام سالم وهتف بنبرة منكسرة :
وزعلان أن اختك كلمت واحد من روانا
حدق سالم به وانتابه الحزن من خذلانه أمام نفسه قبل والده… أكمل جابر قبل أن يخرج وهو يرتب علي كتفه :
داين تداين يا بني لو بعد حين
تطلع سالم إلي والدته التي قابلته بنظرات معاتبة.. عكس خلود التي انكست رأسها أرضا خجلاً منه، خطي هو الآخر الي بهو منزلهم يستنشق هواء بعد أن انقطع عنه بالداخل من نظرات العتاب والخذلان… جلد ذاته علي انجرافه وراء رغبات شيطانيه، ولكن لم يكن شيطانه بل كانت هي الشيطان نفسه، ظلت تضغط علي جرحه المفتوح أمامها بفضل زوجته البلهاء التي تنسبها صديقة عمرها،

 

 

زفر بعنف يأنب ضميره … نغزه حسرة ملئت جوفه من الندم، أخرج تنهيدة أخري بهدوء يهدأ بها قلبه تأب إلي الله مقرر عدم الرجوع إلى تلك النقطة مره أخري وابعاد تلك الحية خارج عن حياتهم،
: سالم
دار بجسده باتجاه الصوت ليري نيرة تهبط الدرج حاملة بعض الحقائب بيدها، سألها بتعجب من عباءتها التي ترتديها دليل علي عدم تبديل ثيابها :
رايحه فين ؟!
إجابته وهي تتأكد من الحقائب :
هاروح أنا وخلود نلبس مع البنات عند عمك، وماما زينب هتستني لما تيجوا تاخدوا مي
أمأ بتفهم وهتف مره اخري بتسأل وهي يأخذ منها الحقائب يحملها بدلاً منها :
وفين خلود
أشارت خلفها تجيبه :
هتخلص وتيجي
كادت أن تتحرك من أمامه لتقف علي يده تمسك معصمها برفق.. رفعت أعينها ترمقه بعتاب محاولة التماسك أمام نظراته التي تبحرها في بحر حب لن يستطيع الموج تقلبه مهما مرت عليه الأيام،
تعمد سالم النظر في أعينها متمتم باعتذار :
أنا آسف
” أنا آسف” هل ما سمعته حقيقي، لو لم يكن زمن المعجزات أنتهي لتأكدت أنها معجزة من الله، لمست نبرة الندم في صوته بالإضافة إلي تلك الأعين التي تسلب عقلها… لن تتحمل أكثر من ذلك فقد رفعت الراية البيضاء علونا عن مسامحته،
قطعت خلوتهم الهادئة خلود وهي تتقدم إليهم قائلة ببلاهة لما أفسدته :
خلصت يلا
ابتسمت نيرة إليها بتوتر وتحركت معها بهدوء.. بينما ود سالم بـ لكزها عن تضيع فرصة لن تعود إليه بعد أن بدأ اللين علي نيرة، تحرك أمامهم كي يدخلهم منزل عمه الذي يضج بكبراء القرية لعقد قرآن أحدي بنات آل سويلم
؛***********
في منزل عزيز
خرج بعد أن أبدل ثيابه كي يسرع في الذهاب إلي منزل المعلم سالم قبل صلاة الجمعة، ليبارك إلي عبده بزواجه، والي جابر بعقد قران ابنته.. ويقدم الهدايا المتعارف عليها وغالباً ما تكون مبلغ من النقود
: حسنيه يا ام يعقوب
جاءت حسنيه تلبيه لندائه قائلة :
خير يا خويا
هتف وهو يتأكد من محفظته، والظرف المغلق الذي يحتوى علي مبلغ ضخم (النقطة) الذي سيقدمه لعائلة سويلم :
متتأخريش علي كتب الكتاب أنا سبتلك النقطه بتاعت الحريم علي السراحه
أمأت بتأكيد مردده :
حاضر بعد الصلاة علي طول هاروح أنا وسميه
وقف فجأة يردف باقتضاب :
سميه لا خودي مايسه ولا واحدة من مرتات عيالك
حاولت حسنيه الاعتراض حزنا علي حال سميه التي لم تخرج منذ طلقها الا مرات معدودة، ولكن أمرها عزيز بحزم :
قولت لا يا حسنيه

 

 

واستطرد بتسأل :
هو يعقوب فين
أشارت لغرفته مردده باستهجان :
في اوضته بصحيه من الصبح قاعد باصص في السقف مش بيرد
انكمش بين حاجبيي عزيز قائلا بتعجب :
باصص في السقف
ثم أكمل بصرامة قبل أن يخرج :
روحي قوليله يلحقني علي هناك وبعدين نشوف الموضوع دا
تحركت حسنيه تنفذ أمره باقتضاب من هيئة يعقوب منذ الصباح… حتي الفطور لم يخرج لتناوله، حسها الامومي يخبرها بأمر وشك بدأ يتورد إليها لن تتأكد منه إلا من خلال سميه التي خرجت بالأمس من غرفته بعد حديث دام بينهم لساعات ورفضت اخبار أحد به،
؛*************
كان الكل يعمل علي قدم وساق… صوان كبير علي كامل بهو المنزل يحتوي علي صفين من المقاعد الفخمة، أمام كل مقعدين طاولة تحتوي على كل ما لذ وطاب… وعلي الجهة الأخرى من البهو صوان اخر مغلق به موائد كبيرة المجهزة بأشهى انواع الطعام المتخلفة،
طاقم من المتخصصين في تقديم الخدمات يلتفون حول الضيوف بزي موحد، بجانب رجال المعلم والصبية يعملون بجهد واضح ليخرجوا عمل متقن كما أمرهم المعلم سالم،
مع انشغال الجميع بالتجهيزات وقف هو في أقرب مكان للباب الخلفي الخاص بالنساء تشوقا لرؤيتها… منذ حريق المصنع لم يلمح طيفها لثوانً، كان ينعم بدقائق أثناء عمله بضيها عندما كانت تأتي يوم المراجعة الشهرية، ومع تحذير والدته من مجرد التفكير في تلك الزيجة المستحيلة ، بل لو انطبقت السماء والأرض لن تحدث كما وصفتها له… لن يسمح المعلم سالم بزواج أحدي بناته من مجرد عامل يوميه في مصنعه، نفض غبار الحديث من رأسه يركز فقط علي رؤيتها في تلك الفرصة التي لن تتعوض في هذه المدة علي الأقل
: منير
انتفض بفزع لصوت حاد اتي من خلفه، دار يري محمود يقف مقتضب الحاجبين يحدق به… ابتسم إليه مردد بتوتر :
نعم
سأله بوجوم من وقفته :
أنت واقف هنا كدا ليه ؟!
أجابه بتلجلج بعض الشيء وهو يأشر علي هاتفه :
بعمل تلفون بعيد عن الوش بس
نظر محمود الي هاتفه ثم قال وهو يعود للصوان :
طيب خلصه وروح شوف السفرة التانيه هجزت ولا لسا
أمأ إليه بتفهم ثم تصنع الانشغال في الهاتف حتي لا يشك في أمره، ما أن تأكد من رحيله عاد بنظره للباب هامس بحزن :
مليش نصيب اشوفك دلوقتي
وأكمل بهيام يحادث نفسه :
مش مشكله أنتِ أصلا ساكنه قلبي
؛*************
علي الجهة الأخرى في أحدي غرف المنزل وقفت في النافذة تتأمله بحب واشتياق، تحفر بسمته ومزاحه مع اولاد اعمامها داخل قلبها… كم تمنت أن يبادلها نفس الشعور،

 

 

سرعان ما تذكرت حديث مي أنه كان يريد الزواج منها ولكن رفض عمها لصغر عمرها في ذلك الوقت، احتقن وجهها بالغيرة وهي تتذكر دخوله مع نيرة يوصلها إلي هنا… نعم شعرت بخنجر مسموم غرز في صدرها عندما مال يهمس في اذنها بشيء جعل وجنتيها تكسوها الحمرة، تخيلت نفسها مكان نيرة كم كانت ستصبح سعيدة، بالرغم تزيفها للمرح والسعادة حتي تثبت أنها ليست تعاني من مرض نفسي كما أخبرتها أمل… إلا أنها حقا تشعر بأنها ليست بعقل سليم، بقلم حسناء محمد سويلم
اجفلت من تفكيرها بشعور أحد خلفها، نظرت إليها بملل مغمغمه بضجر :
ايه يا أمل وهو أنتِ موركيش غيري، دا فاضل الحمام تطلعيلي فيه
تطلعت امل من النافذة تنظر اليما كانت تنظر، ثم عادت بنظرها إليها تهتف بضيق:
كنت جايه اقولك أن صاحبتك جات بره، بس اظاهر أن هو لاحس عقلك
توترت رحمه متمتمه بتعلثم:
هو مين
إجابتها أمل بسخريه وهي تشير من النافذة علي سالم ابن عمهم :
علي الاستاذ الأنتِ لسا متعلقه بيه ومش ناويه تجبيها لبر مع بابا
دارت رحمه تفرك في يدها بتوتر وقالت ببرود:
أنا معملتش حاجه
واستطرد بشك :
وبعدين مش ممكن تكون مي عندها حق
اتجهت أمل تقف أمامها مردفه بتسأل :
أنتِ بجد مصدقها ؟!
واكملت دون أن تنتظر منها رد :
رحمه شوفي مي عملت ايه عشان تتجوز واحد متجوز ومخلف، الله اعلم بس الاكيد أن دا عقاب ليها فكري كويس بقا إذا كان كلامها صح ولا لا
تمتمت رحمه باضطراب كي تقطع شكوك أمل :
كدا كدا أنا مش بفكر في حد، وزي ما قولتلك الدكتور بتاعي عايز يتجوزني
لوت فمها مردفه بسخرية :
اه الدكتور الـ خرجك في نص الليالي ومن وقتها ولا حس ولا خبر
رتبت علي كتفها واستطرد وهي تخرج :
ربنا يهديكي يارحمه وتفوقي قبل فوات الاوان
تركتها واتجهت إلي مجلس النساء كي لا تتأخر عن مشاركة اخواتها اي لحظة سعيدة… عكس رحمه التي وقف تفكر في حديثها، وكالعادة تشعر بالتوهان والحيرة… لا تعرف ما الصواب ومن المخطئ، وعندما طاف بها التفكير قررت الموافقة اقتراح أمل، استشارة طبيب نفسي لتحديد هل تعاني من شئ أم هم المخطئين،
؛**********
بعد ساعة تم عقد قران عبده وسحر أولاً، ثم عقد قران ربيع ومي…. صدح صوت الأعيرة النارية مباركة مختلطة مع أصوات الزغاريد من النساء بالداخل،
جلس المعلم سالم واتبعه أخويه ثم الحاج صبري، وعادل، وعزيز وبقية رجال من القرية ومن القري المجاورة، في المقابل لهم جلس سالم ابن جابر ومعه محمود واخويه وبجانبهم عامر وأكرم الآتين من السفر للتو بعد غياب ثلاثة أسابيع لانشغال كل واحد منهم في عمله… وبجانبهم يعقوب وربيع وأخوه وبقية أهله،
انشغل كل واحد في الحديث مع المجاور له ومنهم الحاج صبري الذي مال علي جابر يسأله بفضول :
هو ايه حصل مع القتيل، لقوا مين عمل كدا ؟!
أجابه جابر بـ لامبالاة :
لا، الكاميرات مش مبينه حاجه وشكلها هتتقفل ضد مجهول

 

 

رمقه صبري بشك وقال وهو يأشر علي المعلم سالم :
ضد مجهول برده يا جابر، بقا سالم اخوك تخفي حاجه عنه في البلد دي
أشار جابر علي سالم مردف بضجر :
طيب ما تروح تسأله أحسن
نظر صبري إليه بامتضاض من أسلوبه… جاءه صوت عزيز تلك المرة حانقا :
دا أنت أمرك غريب يا صبري يعني الراجل كتب كتاب بنته انهارده وأنت عمله استجواب
دار صبري بوجهه مردد بسخرية :
يا خويا يعني جوازة المشله
قطب جابر جبينه يغمغم باقتضاب :
ومالها الجوازة أن شاء الله
أجابه صبري باستفزاز نحج فيه، فأمر تلك الزيجة التي لا تروق له من البداية :
ابدا واحد مجوز بنته الـ لسا بنت بنوت لراجل متجوز ومخلف أربعة
حدق جابر به بحدة واردف قبل أن ينهض من جاوره:
علي الأقل هتتجوز مش هتعنس جمبي زي ناس
احتقن وجه صبري بضيق من معايرة جابر إليه بـ ريهام التي تخطت السن المسموح به في القرية رافضة الزواج بعد ابن عمتها الذي توفي منذ سنوات، حرك عزيز رأسه بيأس قائلاً :
اهو كبسك وخلاص
رمقه صبري بحده ثم نهض هو الأخرى يخرج من الصوان بأكمله،
هدوء عم المكان مع تلك السيارة الفارهة التي وقفت أمام الصوان… نظرات دهشه علت علي وجوهم عندما ارتجل منها ذلك الوسيم صاحب الجلباب الابيض الناصع، والشال الرجال المزخرف معلق حول عنقه، وحذاءه الاسود اللامع…. نعم فهو الابن البكر الأكثر جاذبية من سيف منصور عزب، لم يكون الاكثر جاذبية فقط بل ماكرا، خبيث… فهم صفتين ورثهم من والده بشكل قوي، لذلك سلم منصور إليه كافة أمور عملهم المجهول،
تقدم “عز” داخل الصوان بخطي ثابته تكسوها كبرياء وعنجهية… جعل الاستنكار في أعينهم جميعاً من أين يأتون بذلك الكبر بعد ما فعلوه!! كيف يخطو إلي هنا دون خجل وخزي من أمثالهم،
تجاهل عز تلك النظرات متقدم إلي هدفه، مع نظرات عبث مع خصمه… ابتسم المعلم سالم بدهاء لتلك العائلة التي تعتقد نفسها بقدر من الذكاء كي تلعب في وكره،
وقف عز أمام مؤمن اخو ربيع يقدم المباركة الحارة بمناسبة عقد قران ربيع… تعجب مؤمن من مجيء عز بالرغم من عدم دعوته، بينهما صلة صديقه ولكن ليست بذلك العشم،
حاول عبده النهوض كي يطرده من مناسباتهم، ليوقفه المعلم بأمر حاد بعدم تعرض أحد اليه…. بعد أن انتهي عز من مباركته التي هي مجرد حجة كي يجلب الاحتكاك منهم …. أفسدت اوامر سالم ذلك الاحتكاك بعدم نهوض أحد وتركه بالرحيل كما عاد، دار يخرج من الصوان بغرور ونظرات انتصار لدخوله الي منزله دون أن يعرف التحدث معه….. اختفت بمسته واحتل مكانها الجمود عندما استمع سالم يقول إليهم بهدوء :
لازم تفهموا أن الكلاب تعوي والقافلة تسير
صدح صوت الضحكات الصاخبة في الصوان…جعلت الدم يغلي في عروقه التي كادت تخرج من مكانها من شدة بروزها…. ركب سيارته وألقي نظرة غاضبة سريعة علي سالم الذي قبلها بابتسامة خافته، تجيبه علي قبوله تلك اللعبة التي لن يقبل إلا بفوزها،
؛************ بقلم حسناء محمد سويلم

 

 

في مجلس النساء كانت مي تتوسط والدة ربيع وصباح التي نبهتاها علي أوامر عمها التي لو خولفت سوف تنتهي معها….. وعلي الجهة اخري سيدة بشوشة في نهاية عقدها الثالث ترتدي فستان يتناسب مع عمرها وحجاب مماثل، تجلس بجانبها ناديه كي تطمئنها وتهدأ من روعها فهي وحيدة بعد وفاة والدتها… والآن كتب لها الحياة بعيداً عن الوحدة وتصبح زوجة ثانية إلي عبده،
حدقت سمر في سحر بشرود تتأملها بجمود، تتعجب من سيدة جميلة مثلها تقبل بكونها زوجة ثانية… وأحيانا تشعر بالحقد والغيرة لأنها أصبحت زوجة أبيها، نهضت تخرج من المجلس تعود إليه والدتها في منزلهم كي توسيها في محنتها التي لم تهدأ من الصياح والصراخ منذ ليلة أمس،
ارتدت كل واحدة أرقي الثياب، وأثمن المجوهرات المخصصة للاحتفالات، لتظهر كل واحده بأجمل هيئة… كل واحدة منهن لها شكلها الخاص، وأسلوبها المميز… ليخطفوا الأنظار كالعادة ويبدأ الهمس علي كل واحدة منهن بأنها
“بنت المعلم”
دلفت أحدي المساعدات تطلب من حسناء الخروج تلبيه لابن عمها، انصاعت حسناء بعد أن ارتدت حجابها بعناية، وخرجت إلي الباب الخلفي… جالت تبحث عن سعد كما أخبرتها العاملة ولكن وجدت شخص ما يوليها ظهره، لم تعرف من هو ولكن المهم أنه ليس سعد،
شعر الأخر بها فدار مبتسم بسماجة تليق به…. توترت حسناء من هويته مردده :
خليل
اقترب خليل وقال ببسمة عريضة :
ازيك يا حسناء عاملة ايه
إجابته بتلجلج من شعور التوتر برؤيته التي رهبتها :
كويسه
رد عليها بهدوء :
الحمد لله
واستطرد بجديه مع تغير ملامح وجهه الي الجمود :
أنا عايز اتكلم معاكي في موضوع مهم وضروري جدا
تسألت بقلق :
خير ؟!
رمقها بحزن وقال بهمس :
أنا مش عارف اقولك ايه او أبدأ ازاي
هتفت حسناء بخوف وقلق أكثر :
في ايه يا خليل
أردف بخزي وملامح مقتضبه :
يعقوب بيقول كلام ميصحش عليكي وماشي في البلد يشهر بيكي
ترقرقت العبرات في ملقتيها سريعاً….. لم تتخيل تقع تحت يد أحد وتصبح صلصال يشكلها كما يريد… أو تكون سبب في تشويه سمعة والدها، رمشت بأهدابها بتوتر ثم تحركت أمامه قائلة بصوت محشرج :
ممكن تيجي ورايا بعد عن الباب هنا عشان محدش يسمعنا
استجاب إليها خليل وتحرك خلفها إلي مكان بعيد عن الأنظار وأردف بحزن :
انا حاولت أوقفه بس فضل يزعق وكان قاصد يلم الناس عشان تسمع كلامه
همست بكسره ودموعها عرفت مجرها لتأخذ الطريق في الهبوط بغزارة:
أنا متخيلتش أنه كدا أبدا
ثم مسحت وجنتيها من آثار الدموع وسألته بحرج :
ممكن تستني هنا بس اروح اطمنهم عليا، واجي نشوف نعمل ايه
أمأ إليها بتأكيد هاتف بسعادة :
طبعاً

 

 

خطت بتغير ملامحها بالاشمئزاز من تصرفات أشباه ذكور تقذف محصنات بغير حق، مسحت دمعة متبقية بعد أن أيقنت في تمثيلها وتلعب دور الضحية الذي لن يدوم …. اتجهت للباب الخلفي ولكن قبل أن تدخل أخرجت هاتفها تأتي برقم سميه وأجرت اتصال بها دون تفكير …. ثوان وجاءها رد سميه التي قطعته بتسأل :
سميه يعقوب اخوكي عندنا
تعجبت سميه من نبرتها وقالت بعدم فهم :
ايوا مع بابا عندكم
هتفت حسناء بدهاء :
ممكن تقوليله يروح ضروري ورا الباب الخلفي بس بسرعة
وأغلقت المكالمة مردده بوعيد إليهم :
مش انا الـ يتلوي دراعي يا شوية عرر
دلفت الي الداخل تقف أمام الباب الامامي تجري اتصال آخر…. لن تسمح أن تكون تحت رحمتهم مهما كان السبب، ولن تنتظر أكثر كي يحدث أمر اسوء… لم يكن خطأها ولن تتحمل نتائجه واحدها،
؛***********
في الصوان كان سفيان يجلس بجانب الشباب ومعه طلال المرغم علي مجيئه…… تبادل الحديث والمزاح سائد المكان، وحاول سفيان جذب طلال معه في الحديث ولكن دون جدوى كلماته مقتصرة ومشغول في مرساله حبيبته حتي بعد رفض والده، شعر طلال بالضجر من حديث سفيان وصوته المرتفع مع الباقيه… فهمس بجانب أذنه بضيق : بقلم حسناء محمد سويلم
أنت مالك فرحان كدا ليه كأنه كتب كتابك
رفع سفيان يده يأمن علي حديثه بسعادة :
يارب يسمع منك ربنا
تطلع إليه باشمئزاز ثم عاد إلي هاتفه، رفع سفيان حاجبيه بتعجب مردد بهمس هو الآخر :
أنا مش فاهم مروه فيها ايه ناقص عشان ترفضها، جمال وفي، تعليم وموجود، نسب وأبوها المعلم سالم
أردف طلال من بين أسنانه يتمتم :
يا عم وانت مالك ما تخليك في حالك
تجاهله سفيان يأس من تغير فظاظة لسانه واعاد انتباهه للشباب… غافل عن ذلك المنصدم الذي وقع انصاته علي اسمها،
شعر عامر بتشبث جسد أكرم فنظر إلي وجهه المشحوب وسأله بفضول :
في ايه يا بني مالك خشبت كدا ليه
ردد كلمات هامسا بذهول :
مروه هتتجوز!!!
رفع عامر حاجبيه بتعجب متسائلا بعدم فهم :
مروه مين ؟!
أجابه أكرم بوجوم وتأنيب ضميره علي أيام سفره سيطرة عليه :
أنا سمعته بيقوله كدا
شعر عامر بأن هيئته بدأت في لفت الأنظار… مال عليه يهمس بصوت منخفض :
في ايه يا بني أنت اتجننت أنت مش عارف احنا قاعدين فين
تجاهل حديثه يردد بعدم تصديق:
بقولك هتتجوز
كرر عامر حديثه ولكن تلك المرة بتحذير :
لو حد خد بالو من انك بتتكلم علي بنت من بناتهم مش هيحصل خير
ثم اكمل وهو ينهض :
قوم تعالي نسلم علي المعلم سالم ونروح نرتاح ونيجي بكرا نعرض الشغل

 

 

نهض أكرم بجمود تحرك خلفه دون وعي، لو لم يحادثه والده من أستراليا لعودته إلي القاهرة كي ينجز مهام ضرورية كان استطاع التقرب منها أكثر… شخصيتها المختلفة التي أسرت عقله، وقوة حديثها، خجلها مع كبرياء يملئ نبرتها … شخصيه مركبه جميلة علقت في تفكيره منذ رؤيتها، جاء متشوق مقرر البوح لوالديه باعجابه لها بعد عودتهم إلي مصر الاسبوع القادم، والتقدم لخطبتها علي الفور …. تحرك ببطيء مسلوب الروح بعد ما وقع علي سمعه ليحطم قلبه، ويلوم نفسه علي تأخيره ….. لن يصدق فكرة بعدها بعد تفكير دام ليلاً ونهاراً، حتي أحلامه ظهرت اليه كعروس بحر جميلة سرقت قلبه وهربت في أعماق المحيط لينجرف خلفها إلي عالمها تارك حياته خلفه،
؛************بقلم حسناء محمد سويلم
أثناء انشغال المعلم سالم بحضوره وجد شخص مقارب لعمره قليلاً … يرتدي سترة سوداء منمقة، قدم الآخر نفسه بسلاسة وبمسة عريضة :
حضرتك المعلم سالم
رفع سالم يده يبادله السلام، ليكمل الآخر بزهو :
أنا الدكتور خيري واظن رحمه عرفتك أنا مين
أشار سالم علي المقعد المجاور له مردد بسخرية :
واي معرفة، اقعد يارجال دا أنا مستنيك من زمان
رفع خيري يظبط من وضعية نظارته، وقال بغرور :
حضرتك عارف المشاغل بقا
تأمله سالم بهدوء ذلك العريس المنتظر، عندما صرحت رحمه بما فعلته وخروجها ليلاً لمقابلته…. جن جنونه ووصل غضبه لأعلي زورته، ليس من الطبيعي بأن يسمح شخص بزوجته المستقبلية كما وصفها هو أليها بأن تخرج في هذا الليل، أراد معاقبتها بحرمانها من الخروج للابد وعدم اكمال السنه المتبقية، ولكن حركت جسدها المهتزة ورعشة يدها خوفاً منه ذكره بحديث أمل وربما تعاني من تشتت في شخصيتها منعه من ذلك،
: معلم سالم حضرتك روحت فين ؟!
عاد سالم إليه يسأله بشك :
هو حضرتك العريس ولا والده
أجابه خيري بتأكيد :
لا أنا مش باين عليا ولا اي!!
حدق سالم في بعض شعيراته البيضاء دليل الشيب، ثم قال متهكما :
حضرتي ايه بقا دا احنا في سن بعض ياخي
ابتسم خيري متمتم بتوتر :
مش بالسن يا معلم
تنهد سالم يخرج زفير عميق يهدأ به أعصابه التي بدأت في الانفلات منه، وسأله ساخراً :
اومال بايه حضرتك
واستطرد هو يشير علي عبده :
شايف دا اخويا، وانهارده كتب كتابه
تهللت أسرار خيري من وجود شخص مثله يتزوج في عمره بعد أن بلغ الشيب، أفسد سالم سعادته وهو يكمل :
كتب كتابه علي التانيه، معاه عيال اكبر من بنتي الحضرتك جاي تتجوزها
هتف خيري باقتضاب :
النصيب يا معلم سالم

 

 

غمغم بحنق :
علي بنتي
نظر خيري إليه مردد بعفوية سوف تجلب مقتله الليلة:
بحبها
؛*******

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت المعلم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى