روايات

رواية شظايا أنثى الفصل الأول 1 بقلم بتول علي

رواية شظايا أنثى الفصل الأول 1 بقلم بتول علي

رواية شظايا أنثى الجزء الأول

رواية شظايا أنثى البارت الأول

رواية شظايا أنثى
رواية شظايا أنثى

رواية شظايا أنثى الحلقة الأولى

-“صحيح اللي اختشوا ماتـ.ـوا ، مش عارفة إزاي الجدع ده كل يوم يرجع بيته وهو معاه واحدة من إياهم ومراته مستحملة ده كله وساكتة ، ده لو منير جوزي عملها كنت قطـ.ـعت لحمه بأسناني ورميته لكـ.ـلاب السكك تنهـ.ـش فيه ، ربنا يكون في عونك يا مريم ويصبرك على الحيـ.ـوان ده وياخد الحـ.ـرباية أمه اللي مشجعاه على عمايله دي”.

ألقت “إيناس” هذه العبارة وهي تشاهد من شرفة بيتها جارها بهاء أثناء دخوله إلى منزله وهو في حالة سُكر وكالعادة يصحب معه واحدة من فتيات الليل دون أن يشغل باله بأحكام الدين أو العادات أو أعراف المجتمع كما أنه لم يكترث بمشاعر زوجته التي تشاهد هذه المظاهر المقززة كل ليلة ولا يمكنها أن تصـ.ـرخ أو تشتكي من أفعال زوجها الساقط الذي لا يجوز أن يطلق عليه لقب رجل لأن هذا سيكون ظلم وافتراء في حق الرجال فهو ليس عنده نخوة أو كرامة ولا يتحمل المسؤولية بل يلقي بكل شيء فوق رأس والدته التي أفسدته بدلالها الزائد عن الحد.

دلف “بهاء” إلى شقته التي تقع في منزل عائلته وهو يدندن بكلمات إحدى الأغاني ويمسك بيده إحدى الساقطات التي أطلقت ضحكة مائعة عندما همس بهاء في أذنها ببعض الكلمات الخادشة لحياء أي امرأة محترمة وليس تلك الساقطة التي لم تعرف يوما معنى الاحترام والشرف.

ارتفع صوت الضحكات ووصل إلى مسامع “مريم” التي كانت تجلس داخل غرفة ابنتها وتربت على شعرها حتى تجعلها تنام.

كزت مريم على أسنانها من تصرفات زوجها الذي لا يكف أبدا عن جلب العاهرات إلى المنزل أمام أعين الجميع دون أن يفكر في ابنته الصغيرة التي تشاهده دوما وهو يهيـ..ـن والدتها بتصرفاته.

خرجت مريم من الغرفة وأمسكت زوجها من تلابيب قميصه وصرخت فيه بعصبية فهي لم يعد بإمكانها أن تحتمل كل هذه الأفعال وتظل صامتة وكأن حياتها تسير بشكل جيد ولا تواجه بها أي مشاكل:

-“دي بقت عيشة تـ..ـقرف ، هو أنت كل يوم ترجعلي في أنصاص الليالي يا إما سكران أو جايب في إيدك واحدة ست زبـ..ـالة من اللي بتعرفهم ، يا شيخ حرام عليك ، طيب راعي على الأقل منظرنا قدام الجيران لما يشوفوك وأنت بتعمل كده وفكر في بنتك وشوف منظرها هيكون عامل إزاي لما تكبر والناس يعايروها بعمايلك السـ..ـودة ده غير أن مفيش ولا واحد هيفكر يتقدملها بسبب سمعتك المـ.ـهببة”.

وجهت مريم بصرها نحو تلك الفتاة التي كانت تطالعها بنظرات متهكمة وقالت:

-“امشي يا بنت أنتِ غـ..ـوري اطلعي برة يا رخيصـ..ـة بدل ما هصـ.ـوت وهلم عليكِ الناس وهخليكِ تباتي النهاردة في الحبس”.

دفعـ.ـها بهاء بحدة أسقطتها أرضا ورمقها باحتقـ..ـار قائلا:

-“اتمسي يا مريم بدل ما هخلي ليلتك سـ.ـودة ، اللي أنتِ بتقولي عليها رخيصة دي أنتِ تبقي أرخـ.ـص منها يا روح أمـ..ـك وإذا كنتِ ناسية فأحب أفكرك أني اشتريتك من أبوكِ عشان تعيشي معايا هنا مجرد جـ..ـارية تكنسي وتمسحي وتبقي خـ..ـدامة تنفذي طلبات أمي وأختي وتكوني جاهزة على سنجة عشرة عشان لو جالي مزاج أبص في خلقتك المهـ..ـببة ولو سمعت صوتك دلوقتي هطـ..ـين عيشتك وهتصل بأبوكِ يشوف شغله معاكِ”.

نهضت مريم وصاحت في وجهه بعصبية شديدة:

-“ربنا ينتـ..ـقم منك يا بهاء أنت وأبويا وياخدكم ويريحني منكم ومن قرفـ..ـكم ، هو أنت مش ناوي تنضف أبدا وتبقى راجل يعتمد عليك ، يا أخي ده أنت الحيطة المايلة أرجل منك وليها فايدة و…”

أخرستها صفـ..ـعة قاسية تلقتها على وجهها وقبل أن تتدارك نفسها أمسـ..ـكها بهاء من خصلات شعرها وأخذ يضربها بقسـ..ـوة شديدة جعلت تلك السـ..ـاقطة تبتسم بشماتة وهي تستمع إلى صوت صـ..ـراخ مريم الذي وصل إلى مسامع الجيران ولكن لم يفكر أحد في وضع حد لبهاء بسبب أفعال والدته المتسلطة.

أشار بهاء إلى تلك الفتاة بالاقتراب وهو يهتف:

-“تعالي يا زيزي اقعدي هنا على الكنبة”.

امتثلت زيزي لأمره منتظرة ما سيمليه عليها … أشار بهاء إلى مريم التي تبكي بشدة قائلا بقسوة:

-“قومي فزي من مكانك روحي جهزي طبق كبير وحطي فيه مية وملح وهاتيه”.

نهضت مريم بسرعة وأحضرت له ما يريد حتى لا تتلقى المزيد من الضـ..ـرب والإهـ..ـانة أمام زيزي التي تبتسم بتشفـ..ـي وشماتة.

وضعت مريم الصحن البلاستيكي الكبير الذي ملأته بالمياه الدافئة وأضافت به الملح أمام بهاء الذي نظر لها بغلظة وهو يأمرها:

-“اغسلي رجل زيزي ودلكيها كويس لأنها كانت واجعاها”.

انفرجت شفتي مريم بعدما سمعت هذا الكلام وقبل أن تستوعب أي شيء وضعت زيزي قدميها داخل المياه وانتظرت امتثال مريم لأوامر بهاء.

رأى بهاء الرفض في عيني مريم فجلس أمامها ووضع ساق فوق ساق قائلا:

-“لو منفذتيش كلامي دلوقتي هدخل أخد بنتك وهوديها على مكان مستحيل تقدري توصليله حتى لو فضلتِ عمرك كله تدوري عليها”.

أخفضت مريم بصرها بانكسـ..ـار وبدأت تغسل قدمي زيزي وهي تبكـ..ـي بشدة وتدعي على والدها الذي زوجها لشخص حقير مثل بهاء لا يكف أبدا عن إهـ..ـانتها أمام كل امرأة سـ..ـاقطة يحضرها إلى منزله فهو يكافئهن على عـ..ـهرهن ويعاقبها على تمسكها بأخلاقها.

ابتسم بهاء وهو يرى انكسـ..ـار زوجته أمام عينيه فهو يشعر دائما بالسعادة والراحة وهو يشاهدها على هذه الحالة لأنها تعد بالنسبة له شيء رخـ..ـيص فقد اشتراها من والدها الذي باعها له بأبخس الأثمان ولم يكترث لما تعانيه من هذه الزيجة المشؤومة.

عادت مريم إلى غرفة ابنتها بعدما فرغت من غسل قدمي زيزي واحتضنت طفلتها النائمة وهي تردد بتصميم:

-“أنا مستحيل أخليكِ تعيشي الحياة السودة اللي أنا عايشاها دي يا حبيبتي ، عمري ما هسمح أن يتعمل فيكِ اللي أبويا عمله فيا لمجرد أني اتولدت بنت ، الراجل اللي المفروض كان يبقى سند وضهر ليا باعني وداس عليا والمبرر هو أن خلفة البنات بتجيب العـ..ـار وأن اللي مخلف بنت هيفضل شايل الهم لحد ما يمـ..ـوت ويندفن ، أنا هعمل كل اللي أقدر عليه عشان أخرج أنا وأنتِ من الجحـ..ـيم ده ونعيش حياة جميلة ونضيفة بعيد عن بهاء وعيلته المقـ..ـرفة”.

سدت مريم أذنيها وهي تستمع إلى الأصوات القادمة من غرفة نوم زوجها الذي لا يكترث للعقوبة التي وضعها الله لهذا الذنب البشع الذي يقترفه في هذه اللحظة ولا يضع في حسبانه أنه يرتكب واحدة من الكبائر.

تمتمت مريم باشمئزاز وهي تشدد من صم أذنيها:

-“ربنا ينتـ.ـقم منك يا بهاء ويحـ..ـرق قلب أمك اللي بتشجعك على كل القـ..ـرف ده”.

استفاقت مريم من دوامة أفكارها الحزينة على صوت “رانيا” التي ربتت على كتفها بحنو وحاولت أن تهدئ من روعها فهي طلبت منها أن تتحدث عما كان يفعله بها بهاء حتى تساعدها في التخلص من رابط الزواج الذي يجمعها به ولكن لم تحصل على أي معلومة مفيدة فقد التزمت مريم الصمت وظلت تحدق أمامها بحزن يشوبه الخـ.ـوف والـ.ـرعب من المستقبل المجهول فتلك الليلة التي استرجعت أحداثها والتي غسلت بها قدمي تلك العاهـ.ـرة كانت واحدة من بين كثير من الليالي التي تعرضت بها للإهـ.ـانة والإساءة على يد زوجها.

هتفت رانيا بحزن وهي تلاحظ ارتجاف شفتي مريم:

-“اهدي يا مريم ، أنا أسفة لأني ضغطت عليكِ وحاولت أخليكِ تتكلمي وأنتِ أصلا واضح أنك مش هتقدري تحكي حاجة دلوقتي”.

انفـ.ـجرت مريم في البكاء فاحتضنتها رانيا وهتفت بمواساة:

-“متقلقيش يا مريم أنا مش هسيبك وهعمل المستحيل عشان أخلصك من الحيـ.ـوان اللي اسمه بهاء ، قسما بالله العلي العظيم لهخليه يدوق المُر هو وعيلته وبكرة تشوفي بنفسك أنا هعملك فيهم إيه بس أنتِ لازم تساعديني وتتكلمي”.

تحدثت مريم بصوت متحشرج خرج بصعوبة من بين شهقاتها المريرة:

-“مش عارفة أعمل إيه يا رانيا ، أنا خلاص فاض بيا ومبقاش عندي طاقة أستحمل الإهـ.ـانة والذل اللي بدوقهم كل يوم وعشان كده أخدت بنتي وهـ.ـربت من البيت وجيت هنا على شقتك لأني معرفش أي حد غيرك ممكن أنه يساعدني”.

ابتسمت رانيا وطمأنتها بقولها:

-“أنا وعدتك قبل كده أني هساعدك لما تلجأي ليا وأنا مش هخذلك أبدا وإذا كنتِ مش هتقدري تتكلمي وتشرحي ليا إزاي بدأت معاناتك فممكن ببساطة شديدة تمسكي القلم وتكتبي كل اللي تقدري عليه عشان أقدر أظبط النقاط اللي هستند عليها في دعوة الطلاق اللي هرفعها بالنيابة عنك ضد بهاء”.

وافقت مريم على اقتراح رانيا التي نهضت وأحضرت لها الأوراق وقلم وتركتها بمفردها حتى تأخذ راحتها أثناء كتابتها لقصتها المأساوية.

▪▪▪▪▪▪▪▪▪

أخذت “نورا” تذرف دموع التماسيح أمام شقيقها الذي تملك منه الغيظ بعدما سمع حديث والدته التي أخبرته بهروب مريم من المنزل.

تظاهرت نورا بالصدمة وهي تنظر في وجه بهاء:

-“أنا عزمت صاحبتي وطلبت من مريم تجيبلنا حاجة ساقعة نشربها بس هي مسكتني من شعري وضـ.ـربتني وبهدلتني زي ما أنت شايف كده ولما ماما رجعت على البيت وشافت اللي بيحصل وحاولت تدخل عشان تحوشها عني وقتها مريم كانت هتـ.ـضربها هي كمان”.

تمتمت والدة بهاء بـ.ـقهر مصطنع:

-“شوفت يا ابني اللي جرالي أنا وأختك في غيابك ، على أخر الزمن تيجي حتة عيلة جربانة زي دي تعمل فينا كده وتفرج علينا الخلق”.

صاح بهاء بغضب شديد تملك منه بعدما علم أن زوجته استغلت عدم وجوده في المنزل حتى تهين عائلته ثم هربت وأخذت ابنته معها:

-“صدقيني يا ماما الـ.ـزفتة دي هتدفع التمن وهخليها توطي عند رجليكِ أنتِ ونورا وتبوسها وتطلب السماح بس استني عليا أعرف الأول هي غـ.ـارت فين داهـ.ـية لأنها مستحيل تكون راحت بيت أبوها”.

أرادت نورا أن تثـ.ـأر لكرامتها التي دعست عليها مريم عندما أشبعتها ضـ..ـربا أمام صديقتها فنظرت إلى بهاء وهتفت بلؤم:

-“هو بصراحة يا بهاء تصرفات مريم مكانتش مظبوطة الفترة اللي فاتت وأنا شكيت فيها بس خوفت أقولك لأني مش متأكدة لكن أنا خلاص اتأكدت من اللي كنت شاكة فيه لما هي طفشت النهاردة”.

-“انطقي بسرعة يا نورا وقولي إيه اللي كنتِ شاكة فيه؟”

حث بهاء نورا على استكمال حديثها بهذه الجملة وهي لم تكذب خبر فقد رفعت حاجبيها وهي تردف بخبث لا يختلف عن مكر الأفعى التي تلدغ من أكرمها وأحسن إليها:

-“كنت بشوفها أوقات كتيرة ماسكة التليفون وكانت بتقفله على طول أول ما تشوفني قدامها وفي مرة سمعتها وهي بتتكلم وكانت بتضحك بأعلى صوتها ولما سألتها هي بتكلم مين ظهر التوتر على وشها وبعدين زعقتلي وقالتلي أنها بتكلم واحدة صاحبتها”.

ضيق بهاء عينيه متسائلا:

-“أنتِ قصدك أنها كانت بتكلم واحد وهو اللي أقنعها بفكرة الهروب من البيت؟!”

أخفضت نورا بصرها وحاولت أن تبدو وديعة وهادئة وكأنها لا تصب الزيت على الـ..ـنــار بسبب تلك الأكاذيب التي تقولها في حق زوجة شقيقها:

-“أنا كنت شاكة في كده بس مقدرتش أقولك حاجة يا بهاء لأني مكنتش متأكدة ومش هينفع أقول كلام زي ده من غير ما يكون معايا دليل بس بعد ما مريم مشيت النهاردة أنا بقيت واثقة بنسبة مليون في المية أنها هربت عشان خاطر واحد من الشباب اللي بيكلموا الستات على الفيس وبيضحكوا عليهم بكلمتين وأنا سمعت حكايات كتير عن ستات طفشوا من بيوتهم وهربوا مع عشاقهم اللي اتعرفوا عليهم من النت”.

كبحت نورا تلك الابتسامة التي كادت تظهر على شفتيها وهي ترى ملامح بهاء الذي غلى الـ…ـدم في عروقه وأقسم أن يقـ..ـتل مريم وعشيقها ويشرب من دمـ..ـائهما بعدما يعثر عليهما.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شظايا أنثى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى