روايات

رواية جحر الشيطان الفصل العاشر 10 بقلم ندى ممدوح

رواية جحر الشيطان الفصل العاشر 10 بقلم ندى ممدوح

رواية جحر الشيطان الجزء العاشر

رواية جحر الشيطان البارت العاشر

رواية جحر الشيطان
رواية جحر الشيطان

رواية جحر الشيطان الحلقة العاشرة

” بداية الحكاية”

«نتابع حياتنا كأننا لم نفقد، ولكننا فقدنا شيء بنا، قد يكن قلبٌ او روحًا او فرحةً او كلاهم معًا ولكن بالأخير فقدنا شيءٍ حطمنا واوحش الحياة التي نحياها، رغم أننا نتابع السير كأننا بأفضل حال»

أيقظه رنين هاتفه الذي وقته على الساعة الرابعة عصرًا، مد ذراعه يوقف رنينه المتواصل المزعج، قبل أن يعتدل جالسًا عل طرف الفراش، وتنهد مدلكًا جبينه بالسبابة والإبهام، ثم مسح بكفه وجهه ومط ذراعيه متثأبًا وقام واقفًا ودلف لدورة المياه ليستعد لِمَ عليه فعله، لقد غفى ساعتين بالتحديد لم تنقص ولم تذيد، لم يلبث ان خرج ليرتدي ملابسه التي كانت عباره عن بنطال جينز أسود اللون يعلوه معطف طويل أسودًا ليقيه من البرد القارص بالخارج، خطف عينيه المطر الخفيف المتساقط من نافذة غرفته فأزاح الستار وراح يتأمله بجمود وفي قرارته بسمة مشتاقة للحبيبة التي تعشق هذا الجو وتذوب شغفًا للهفو تحت المطر، أستنشق نفسًا عميقًا قبل أن يستدير خارجًا من الغرفة، وقبل ان يهبط الدرج توقف مكانه على صوت والده الآتي من خلفه :
– أراس .. هل كل شيء جاهز؟
زفر بملل وهو يستدير، أسبل جفنيه وهو يجيب بصبر :
– نعم .. لماذا تسئل هذا السؤال الغبي مرارًا وتكرارًا ؟.. هل أختطئت يومًا في أي مهمة اقوم بها ؟ لا أظن هذا! أم لك رأيٌ آخر؟
وقف ( جومالي) أمامه واضعًا كفيه في سترته، يقول في برود :
– كلامك صحيح، لكن ما الذي يزعجك في سؤالي لا أعلم؟!
أرتكن ( اراس) إلى دربزين الدرج بجسده وهو يردف :
– لا شيء يا أبي.. منذُ خرجت من السجن تبدو غريبًا ؟
هز كتفيه سريعًا وردد وهو يهبط الدرج :
– كل الامور ستسير على ما يرام يا ابي لا تقلق أنت.
صعد سيارته وأنطلق ينهب الأرض، انهى عدة أشياء سريعًا قبل أن يوقف سيارته مع تمام الساعة 11 مساءً أمام منزلٌ شاهق الأرتفاع ذو طراز مزهل تحيطه الرجال والسيارات، ولج للداخل برزانة وخطوات ذادته وقار وهيبة وقف أمام رجال جالسون حول طاولة عليها كؤوس من الشاي والقهوة، وقفوا له احترامًا، ما ان طل عليهم بطوله و وسامته، كان عريض المنكبين رياضي الجسد أسمر اللون والخصلات لكنها عيناه غريبة فهي عن قريب تبدو مآله للرمادي ومن بعيد خضراء، صافحهم جميعًا قبل ان يجلس في زهو وخيلاء وأخذا يتحدثوا عن الصفقة…
فجأة! ران صمت مباغت ليكور قبضته في عصبيه لا احد يدرك سببها، وقتمت عيناه للغاية وقطب حاحبيه وهو ينظر لهم شزرًا، زمجر في غضب مفرط وهو ينهض جأرًا :
– كيف استطعتم فعل هذا ؟ لقد بعتوني….
ارتجف الرجال رعبًا، وتردد احداهما قليلًا، قبل أن يُردد في خوف :
– من الذي خانك يا سيد اراس، وهل نخونك بعد هذه العشرة.
نظر له ( اراس) في برود مغمغمًا :
– لقد كدتم تقتلوا اخي يا هذا، تقتلـــــــــــــوا أخي.
قالها، وفي لمح البصر كان يخرج مسدسين مطلقًا عليهم غير تاركًا فرصة ليستدركوا الموقف، استطاع فقط رجل واحد بالهرب ولكن رصاصة ( أراس) استقرت بقدمة تطرحه ارضًا، قبل ان يقفز عليه من فوق الطاولة، قابضًا على مقدمة سترته يهتف في حدة :
– اين تظن نفسك ءاهبًا يا هذا؟
تمتم الرجل وهو يحدق فيه برهبة :
– أراس اتركني انت تعرف اخي لن يرحمك انه سفاح!
– أوه، خوفتني يا رجل فليأتي السفاح وتمساح إذ تريد.
قالها واطلق على صدره في برود، مط شفتيه وهو يبصر الرجال يهرولون للداخل بعدما تناهى لهم اطلاق النار، تمتم متذمرًا :
– يا الله لماذا تاتوا متأخرين لقد كدتُ ان أصاب بملل رهيب.
سيلٌ من الرصاص اندفع نحوه فقفز سريعًا على جانبه ليتفادهم ببراعة وهو يطلق الرصاص بكلا كفيه يصيب بمهارة، فتخرج رصاصته لا تخيب موقعها، ليصيب عدد لا بأس بها، وقفز واقفًا يركض تجاه الدرج منحني الظهر، اختفى بغتة من بينهم، ليدوروا الرجال حول بعضهم في زهول وتعجب لأختفاءه المفأجؤ،توارى وراء الجدار، وهو يتأفف في ملل ثُم رمى السلاح في الهواء وتلقاه في كفه قبل أن يطلق رصاصة في الأتجاه الآخر، مما جعل الرجال كل أهتمامهم ورصاصتهم في هذا الأتجاه، وبالفعل ما هي إلا ثواني وحدث ما خطط له حيث نفذت زخائر الرجال وأعتراهم الزعى حين خرج هو من مخبئة مشهرًا سلاحيه يطلق ببراعة وتمتم :
– مفجأة!
ضحك بخشونة وهو يرى تساقطهم واحدٍ تلو الآخر ونجح بعضهم في الأختباء، زم شفتيه إذ أنتهت رصاصته فـ ارخى كفيه بسؤم، خرج الرجال من مكامنهم ما أن توقف سيل الرصاص ليقفز ( أراس) ٠على الدربزين ويهوى بجسده للأسفل ثُم انزلق متدحرجًا تحت الطاولة، لينحنوا الرجال بأجسادهم ينظروا أسفلها، فأصابتهم الدهشة إذ لم يكن له اثر.
ولحظة ظهر بينهما مصفرًا بإستمتاع يغرز في أعناقهم بمهارة نصلٍ حاد ليتساقطوا كـ الأوراق البالية .. وبيسراه لكم فك من حاول ان يقترب منه وركله وكال للآخر ضربًا مبرحًا قبل ان يهوى بحافة كفه كالسيف على مؤخرة عنقه ليسقط على وجهه فاقد الوعي، بقى واحد فقط فطأطأ رقبته وقفزا على بعضهما وفي آخر لحظه من الهجوم تنخى جانبًا متلقيًا جسده بكلمة قوية في صدره تبعها أخرى على فكه سالت لها الدماء وعقبها باخرى في معدته ليسقط مترنحًا.
بعد ما انهى عليهم، قال ساخرًا وهو يطالع اجسادهم بإذدراء:
– ما هذا يا رجل لم استمتع ما هذا الملل … تستحقون ذلك يا أنذال فمن يخون أراس حفر قبره بيده…

🥀 اللهم ذدني علمًا وإيمانًا ويقينًا 🥀

قبل ساعة بالتحديد، صف سيارته التي لا تتسع ألا لراكبين فقط، وألتفت للفتاة التي بجواره عاقدة ساعديها في حنق وتمتم في أمر :
– لن تخرجي من السيارة يا هنا، حسنًا؟
أبتسمت ( هنا) أبتسامة صفره، واجابته دون ان تلتفت:
– حسنًا يا أخي العزيز لن أنزل.
ثُم ألتفتت في عنف صارخةً وهي تحل ذراعيها تلوح بهما:
-أتظنني صغيرةٌ يا آجار ام ماذا، أهتم بنفسك يا هذا واخرجني من دماغك، انا سافعل ما أريده فقط.
قالتها، وعادت تنظر أمامها تضم ذراعيها، ليحدجها ( آجار) بمقت وما كاد بتعنيفها حتى تناهى له السيارات القادمة معلنة عن بدأ تبادل الشُحنة، ترجل من السيارة مهندمًا معطفة بعد أن اوصاها بألا تخرج من السيارة مهما كان السبب، سار بهيبة نحو الرجال الذين وقفوا امام سيارتهم، كان الظلام يلفُ المكان إلا من ضوء القمر والنجوم التي تتلألأ على صفحة السماء، أقترب رجلٌ يبدو من هيئته انه سيدهم بحلته الأنيقة الباهظة وصافحة وهو يتمتم:
-هل كل شيء جاهز سيد آجار؟
أومأ آجار قائلًا في هدوء:
– بالطبع، ويمكنك أن تطالع بنفسك.
تبعه الرجل إلى حيثُ شاحنات بيضاء اللون كبيرة الحجم ثُم أزاح مزلاجها الحديدي ويدفع أبوابها على مصرعيها ويقفز داخلها في مهارة ورشاقة وجذب سلاحٌ من احدى الصناديق الخشبية بين كفيه يُريه للرجل الذي ألتقطه سربعًا بأنبهار يقلب فيه في رضا وناوله له قائلًا:
– أعجبني …
قفز ( آجار) من السيارة وأغلق بابها بأحكام، وألتفت للرجل قائلًا وهو ينفض كفيه :
– بضاعتنا ليست كأي بضاعة يا رجل، ستعجبك حتمًا.
وتابع وهو يخبط على كفه :
– هيا قُل للرجال أن يتحركوا.
اومأ الرجل بعيناه، وأشار لرجل من رجاله ليقترب بحقيبة كبيرة تحتوي على النقود ليفتح ساحبها مقربًا أياها من وجه ( آجار) الذي أرتسمت على ملامحه الرضا وهو يلتقطها غالقًا سحابها، وفجأة!
سُحبت الحقيبة من يده بعنف، و وجد فوهات مدافع آليه تصوب نحوه، فرفع كفيه على رأسه، ناظرًا للرجل بغضب افلح في اخفاءه وهو يتمتم:
– ماذا تفعل بالظبط!
قهق الرجل في انبساط وهو يجيب في برود:
– لقد أمرونا بتصفيتك سيد آجار.
قال ( آجار) رافعًا حاجبه :
– حقًا ؟ اتدري مع من تلعب أنت؟ وبمن توقع نفسك؟
نفى الرجل برأسه باسفًا مصتنع وقال :
– للأسف لأ، ويؤسفني اني لن اعرف لأنك ستذهب للجحيم.
ابتسامة باردة ارتسمت على محياه وهو يردد في برود مستفز :
– سنرى من سيذهب للجحيم يا هذا.
تجاهل الرجل كلماته وأستدار لسيارته ليصعدها وينطلق بسرعة وهو يلوح له قائلًا لرجاله :
– أنهوا عليه يا رجال وأياكم ان يفلت منكم.
دار ( آجار ) ببصره على الرجال وتساءل قاطبًا حاجباه :
– كم يقاضيكم هذا الرجل؟
تبادلا الشباب الخمس النظر في تعجب، ولم يتصوروا أن تلك اللحظة قد كانت قادرة على جعل ( آجار) يشتت انتباههم عنه لينقض فجأة على المدفع الآلي الذي امامه يدفعه ليسقط من يد الرجل اعقبها بلكمة اطاحت بفكه، وفي ذات اللحظة كانت ركله منه تصيب الرجل الذي خلفه، وكال عدت لكمات للآخر بيسراه ليسقط ارضًا، التحم هو والرجل الآخر لتصيبه لكمة في فكة سالت لها خيطٌ رفيع من الدم على زاوية فمه، لكمة في صدره يليها آخرى في معدته يعقبها آخرى على عينيه جعلت الرجل يسقط ارضًا يتلوى من الألم، فجذب السلاح من على الأرض وأطلق عليهم في برود، قبل ان يتسمر في دهش على صوت طلقة نار من الخلف، ليلتفت فيجد احدهم مطروح ارضًا، و ( هنا) تبتسم في ظفر متمتمة وهي تضرب السلاح بكفها في مرح :
– يا الله، كنت ستكون ميتًا الآن لولاي.
غمز لها بمرح وهو يتوجه إلى السيارة شبه راكضًا :
– دومتي منقذتي يا فتاة… هي ليس لدينا وقت.
زمت سفتيها وهي تتبعه لتستقر بجواره، تسأله في تردد :
– هل سنلحقه، لا بد انه ابتعد.
تجاهل سؤالها تمامًا، وقد احتقن وجهه بشدة وهو يضغط على دواسة البنزين ليقود بسرعة فائقة جعلتها تسحب انفاسها تتشبث بحافة النافذة بجوارها.
أستطاع بمهارة ان يلحق بسيارة الرجل الذي خدعه، فتخطى الشاحنات، وسار إزاء سيارة الرجل مباشرة ليتطلع عبر النافذة، متلاعبًا بحاجباه يغمغم ببسمة باردة :
– ما رأيك بهذه المفجأة.
كاد (الرجل) ان يموت غيظًا وهو يسب رجاله، صرخ في رجاله ليطلقوا النار، فتجاوز آجار سيارة الرجل ما ان بدأ سيل الرصاص يرشق نحوه، ليقهق في استمتاع وهو يسحب صمام الأمان مخرجًا ذراعه للخارج يطلق بمهارة وهو يبطئ من حركة السيارة ليصبح في موازتهم، وحذت ( هنا) حذوه إذ أنها امسكت سلاح بكل يد وبرزت بجزعها من النافذة تتطلق عليهم بشراهة.
الشراسة تذادد من كلا الطرفين، لكن ( هنا) نجحت في أصابة أغلبهم ان لم يكن كلهم، في حين تعمد ( آجار ) الأطلاق على سيارة الرجل .. يستهدفه، يريده، ونجح إذ أنحرفت سيارة الرجل يمينًا لترتطم بأحدى الأشجار وكان سائقه يسقط راسه على عجلة القيادة غارقًا في دماءه، فأوقف ( آجار) بدوره سيارته و وثب منها متوجهًا للآخرى ليجذب الرجل بحدة دون ادنى شفقة ودون كلمة هوى بقبضته على وجهه وصرخ فيه هادرًا في عصبيه:
– أظننت أنك نجوت، أظن لم يخبروك من اكون؟
مال على اذنه هامسًا بنبرة مخيفة :
– انا الموت يهرب مني يا هذا، ولا اترك خائني.
ارتعد الرجل حين صوب ( آجار) السلاخ نحو رأسه بعد أن هوى على جبهته بجبهته ليتهاوى جسده ارضًا، وقال لـ ( هنا) التي تقف ببرود وبيدها حقيبة النقود :
– اخشى على قلبك الرقيق ان يرى انفجار راس نزلٌ كهذا، اغلقي عيناكِ صغيرتي.
تأففت ( هنا) ملوحة له دون اكتراث، لـ يدوى صوت الطلقة مخترقة جبهة الرجل بثقب انفجرت منه الدماء.
إلتف ( آجار) متوجهًا نحوها يغمغم بمرح غامزًا بمكر :
– ما رأيك في أداءي؟ ملايين وشحنات تعادلها كم نحن محظوظون يا فتاة
ما كادت ( هنا) تجيبه حتى جاءهما صوت ( أراس) يقول من خلفهما :
– رائع كـ العادة مثل صديقك يا فتي.
وفتح ذراعيه مستقبلًا ( آجار) بهما وهو يربت على ظهره متسائلًا:
– أنت بخير ؟ هل أصابك احد بأذى؟
هم بإجابته لكنه عاد مطبقًا شفتيه ببسمة سخرية ما أن تمتمت ( هنا) بسخط وهي تتجه للسيارة :
– يا إلهي يسئل عن صديقه كأن أخته غير موجودة ولم تكن في خطر هي ايضًا.
نكز ( أراس) كتف ( آجار) مشيرًا له:
– يا بُني ستحدسنا هذه الفتاة، اخشى ان نقتل بعضنا غدًا.
تعالت قهقهاتهم وهما يأخذا مقعديهما في السيارة، ويوصلا ( هنا) إلى البيت، ثُم توجها لـ ملهى ليلي أستقرا بداخله امام بعضيهما على مقاعد متوسطة الطول مستديرة، ليضع النادل أمامهما فور جلوسهما كوبين بداخلهما سائل أبيض تجرعوهما جملة واحدة وهما يعدا براسهما للخلف ثم للأمام بشكلٌ لاذع، من تأثير طعمه، ران عليهما الصمت للحظات بدا فيها شرود ( أراس) كأنه يفكر في شيءٌ ما .. قاطبًا حاجباه بضيق بدا جليًا على سماته، فسئله آجار في اهتمام :
– فيما تفكر؟ هل حصل شيء؟
أجابه ( اراس) دون أن يلتفت:
– هذا الهدوء يحيرني، ويقلقني؟
هز ( آجار) راسه بعدم فهم وهو يرتشف من مشروبه الذي وضع أمامه للتو :
– لا أفهم ما هو الشيء الذي يحير ويقلق اراس جيهانغير؟
أسند ( أراس) بمرفقه على الرخامة وبكفه الآخر التقط مشروبه، وأردف بعد ما تجرعة كُله:
– أبي… جومالي منذُ خرج من السجن يبدوا طبيعيًا بصورة تثير قلقي يا رجل، هادئًا طول الوقت لم يفتح الموضوع أو يتتطرق له، أخشى ان يفعل شيءٌ للمار الشرقاوي؟
– إذن هذا هدوء ما قبل العاصمة؟!
– يبدوا كذلك يا صديقي.. لكني لن اسمح ان يصيبها وعائلتها أي مكروه.

🌷 ربي إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين 🌷

خرجت من سيارتها الواقفة أمام مشفى للأمراض العقلية، بفستان واسع محتشم وحقيبة يد، وراحت تتهادى بتمهل للداخل تحيي من يقابلها ببسمة لطيفة، حتى فتحت باب احدى المكاتب وغمغمت ببسمةٌ على محياها مندهشة :
– دارين هنا.. بتعملي اي يا بت؟
قالتها، وأغلقت الباب خلفها لتزم ( دارين) فمها وهي تتمتم محتجة بالأنجليزية :
– ماذا ؟ هل تحاسبيني على زيارتي لأبي.
حدجتها ( عائشة) بغيظ وهي تضم هيثم الذي نهض من مقعده مطوقًا اياها بين ذراعيه مغمغمًا :
– حبيبة قلبي اي الزيارة الحلوة دي؟
أستطرد ملثمًا جبهتها:
– خلصتِ شغلك؟
ردت (عائشة) وهي تهز رأسها:
– ايوة .. وجيت قولت نطلع نتعشا سوا.
استوت ( دارين) ناهضة وهي تستعد للمغادرة حيث أخذت تلملم أشياءها وهي تقول :
– أعذراني من هذه السهرة اللطيفة سأذهب إلى عمتى إسراء.. فقد وعدتها بالذهاب إليها هذا المساء.
قطب ( هيثم) حاجبيه بضيق وقال:
– هل ضروري أن تذهبي ربما غدًا.
أيدته ( عائشة) قائلة بحنو :
– هيثم معه حق اذهبي غدًا إليها ام اليوم سنخرج سويًا في سهرة جميلة.
هزت ( دارين) رأسها لتتطاير خصلاتها المسترسلة إلى ظهرها حول وجهها وقالت :
– أسفة لكما حقًا، لكنِ وعدتها وللحق اشتقت لها.
قبلة وجنة والدتها متابعة :
– اعدك أن نخرج مرة أخرى.
أشار لها ( هيثم) بآمر :
– حسنًا يا ابنتي العنيدة سنوصلك معنا .. هيا.
خرجا معًا من المكتب، وبينما كانوا يسيروا في الرواق إذ فجأة من احدى الغرف دوى صوت صراخ يليها اشياء بدات تُلقى من داخلها، فتراجعوا مزعورين، وضرب شيءٌ ما ظهر ( عائشة) التي اطلقة صرخة مدوية وهي تلتصق بـ ( هيثم) فـ أنفجرت ( دارين) ضاحكة عليها، ليرمق ( هيثم)فتاة مصابة بحالة نفسية تُدلى رأسها إلى جانبها الأيسر تتحرك في وقفتها والقت عليهم شيٌ ما، ليضم( هيثم) عائشة وهو يتنحى بها جانبًا منحنى الرأس، مال بغتة على اذن دارين مغمغمًا بلهجة ضاحكة :
– بقولك اي ، خدي أمك واستنوني تحت لتتجن تاني مش ناقص أنا.
ضربته ( عائشة) في صدره بينما غادرا المكان لينتظراه في السيارة، ولم يمكث إذ جاء وانطلق بهما فورًا ليوصل ( دارين) قبلًا إلى عمتها ثُم توجُهوا إلى أحدى المطعام المطلة على النهر ليتناولا العشاء.
ما كادت ( دارين ) بالدلوف إلى البناية، إذاك أقبلت عليها عمتها وزوجها ضياء باسمين الثغر، حيتها عمتها ببسمة عذبة وهي تضمها بحنو مشتاق لصدرها مغمغمة :
– ياااه اخيرًا شفتك حاسه ان ليا سنة، الدنيا واخدكِ مننا كدا؟
أعتذرت لها ( دارين) وهي تصافح ضياء بود :
– معلش يا عمتو أنتِ عارفة الكلية وقرفها.
ضمت ( إسراء) وجهها بكفيها وقالت برفق :
– مش مهم اهم حاجة إنك بخير يا بنت الغالي.
ثُم تابعت وهي تمسك كفها :
-يلا الحفلة رايحة تبدأ.
أستقرا في السيارة التي قادها ( ضياء) في سرعة وغشاهم الصمت لفترة قليلة قبل ان تقول ( دارين ) في هيام :
-يا إلهي لا أصدق أني سأرى جان أرسلان الآن.
ضحكت ( إسراء) بخفوت تشير لها بمرح :
– بلى صدقي ستريه الآن.
غطت ( دارين) وجهها بين كفيها وهي تهمس لنفسها :
– ستريه يا دارين المغني الذي تذوبين بهِ عشقًا ستريه يا فتاة أخيرًا.
قالتها، وأطلقت صرخة سعيدة، فما صُفت السيارة برقت بعيناه عبر النافذة لا تكاد تصدق أنها قاب قوسين او ادني من رؤيته، خفق قلبها بجنون لتضع كفها عليه تحاول تهدات خفقاته، ترجلت بعد برهة من الزهول وعدم التصديق لتسير مع عمتها وزوجها للداخل حيثُ الحشد المتجمع بشدة حول المسرح الكبير، فور ولوجهم خيم صمت مفاجؤ فتعلقت كل الأنظار على المسرح وقطعت الأنوار، ألا من بقعة ضوء مستديرة بيضياء قبعت على الستار خلف المسرح وأنسابت موسيقى لطيفة عذبة تدغدغ القلوب بعذوبتها، و ظهر شاب فاره الطول، عريض المنكبين، بملامح جذابة ساحرة رغم بساطتها، مرتديًا بنطال جينز فوقه تشيرت اسود اللون، يحمل جيتاره مسبل الجفنين مستمتعًا بما يُغرده في تؤدة وهو يسير خارجًا إلى المسرح يتبعة الضوء مثبتًا عليه مع حركاته كانه قد وصم به، علت شهقت الفتيات في أعجاب وهم يلوحون بكفوفهم، بينما ذادت الموسيقى صخبًا وانامله برشاقة تلعب على اوتار الجيتار بأتقان وسلاسة، وعلا صوته مع بعض الحركات الراقصة وهو يقترب ليصافح مُعحبيه في سعادة، حتى انتهت اغنيتة وأصابعه معًا ليقف رافعًا كفيه ضاحك الوجه مع التصفيق الحار من الحضور، ليضع يمناه على صدره منحنى الرأس يحييهم بمودة وامتنان، وأستدار عائدًا من حيثُ خرج وهو يخلع الجيتار ليمسكه بكفه، يناوله لاحدى الشباب الذي اسرع نحوه يستلمه منه، بينما توجه هو لغرفته الملحقة بالمكان وارتمى على اقرب اريكة مستلقيًا عليها متنهدًا في ثقل، ما هي إلا للحظات وكان يوثب واقفًا يجذب معطفه من على المشجب المعلق به ليضعه خلف كتفه ويسر للخارج صاعدًا دراجته النارية وينطلق بها بسرعةٌ فائقة، أرتكن بها في جانب إلى شط البحر، وترجل عنها وأزال الخوذة ليضعها في موضعها، واستدار متخصرًا وهو يأخذ نفسًا عميقًا يملأ رائتيه بالهواء النقي، لفحته بوردة الجو. ليضم ياقتا معطفه لبعضهما وفرك كفيه وهو يسير رغم جنح الظلام ويجلس أمام البحر، وراح يتأمل أمواجه المتقلبة في شرود كالحُ الوجه، واحاط بكفيه ساقيه، يشكي للبحر والبحر يشكيه… يشكيه أن يكف عن أواجعه فهو غير مجبور ليتحمل أحزانة، كان صامتًا.. ساكنًا عكس هيجان قلبه المتفطر حزنًا حتى وشم بين شغافة، يُحاكي البحر عن أهاته ويستمع البحر بل يغوص بها في اعماقة ويدفنها هنالك في القاع،البحر اوفى صديقٌ للأسرار، لا يغدر لا يخون لا يبوح لا يتملل لا يكل، كلا لقد اعتاد وجوده كـ رفيق يؤنس وحدته يبوح بما يعتمله، وكـ رفيق وفي يطبطب على اوجاعة بهواءه المنعش فيجدد فيه الحياة.
فاق من غمرة أفكاره على كفٌ وضع على كتفه وصوت أنُثي رقيق للغاية يتساءل في قلق بلغ ذروته:
– جان! ما بك يا حبيبي، أأنت بخير طمئن قلبي؟
غمرته الراحة غمرًا، وتلاشى الكمد عن قلبه كمن لم يكن، وافتر ثغرة عن بسمةٌ رائعة هادئة وهو يجذب كفها بحنو، ملثمًا أياه بأمتنان وغمغم مرتكزًا بعينية في عيناها الزرقوتين:
– بخير ما ان رأتك عيناي، وبلل عذب صوتك قلبي الظمأن.
كسى وجهها حمرة الخجل وهي تجاوره في أستحياء، فـ أستدار للخلف مستندًا بكفيه فاردًا ساقيه امامه وهو يتساءل :
– كيف خرجتي ؟
ألتفتت إليه مجيبة :
– ألهيتهم وجئت كنت اعلم انك هنا؟
قال ( جان) برفع حاجب وهو يميل إليها بمكر :
– وكيف عرفتي إني هُنا؟
أطرقت برأسها في خجل من عيناه الثاقبتان، وقالت وهي تطبق جفنيها :
– لقد أخبرني قلبي!
تنهد في راحة ورضا وكأن عوض هذه الحياة تمثل فيها في زهرته ( ناردين) اسمٌ على مسمى، فتاة بيضاء البشرة، ذي عينان زرقاوتين، وشعرٌ أسود مخلوط بالبني، نحيلة الجسد…
أراح رأسه على كتفها لتطوقه بذراعها وهي تسئلة في لهفة :
– كيف كانت حفلتك..
لم تمهله الرد بل استطردت معاتبة نفسها :
– ربااه كيف أسئلك هذا السؤال، أكيد كان حفلًا رائعًا مبهجًا كالعادة يضج بالنجاح.
تمتم في حزن وهو يغمض عينيه :
– كان ينقصك، كنت أتمنى وجودك فقط حينها ربما كنت ساكون سعيدًا من قلبي وليس متظاهرًا.
أبعدت رأسه وهي تحاوط وجهه بكفيها وتنظر لعيناه وهي تقول في حب:
-كيف لم اكن معك؟ وانا روحي وقلبي دائمًا معك…انا معك وان لم أكن تذكر هذا .. حسنًا؟
اومأ رأسه وهو يتمدد واضعًا رأسه في حجرها يتامل وجهها المشرف عليه عن قرب، لتسئل هي واناملها تداعب خصلاته :
– أخبرني كيف هربت من معجباتك؟
ضحك بخفوت وهو يقرص وجنتها :
– كحال كل مرة حبيبتي بالتخفي والمغادرة كاللص..
ضحكت ضحكة ساحرة رقيقة خلبت قلبه فهام فيها…

🌺 اللهم ارزقنا حسن الخاتمة 🌺

دوى صوت الصيحة المميزة بلاعبي الكراتية، وانقض ( خالد) على ( حمزة) بـ لكمة تفاداها الآخر بمهارة وسدد له آخرى ليرتد ( خالد) للخلف ويقفز سريعًا واقفًا وصوب إلى وجهه ركله قوية صدها( حمزة) بساعده وفجأة قفز بمهارة طائرًا في الهواء يدور بجسده وكانت ساقاه قي وقت واحد تلتف حول رقبة خالد تطرحه ارضًا، مر هذا بلمح البصر بطريقة لم يستعبها خالد الذي ترنح قليلًا فاقد اتزانه، ليمد حمزة كفه له فامسك به خالد ونهض، وببسمة ماكرة جذب ( حمزة) ليوقعه ارضًا ويثبته بركبته على صدره،وانامله العشر تلتف حول رقبته،فما ان استوعب ( حمزة) حتى رفع قدمه راكلًا خالد الذي تشقلب للأمام صدح صوت المدرب وهو يقول مصفقًا في اعحاب شديد :
– رائع ياشباب احستنما صنعنًا، في كل مرة تبهراني.
رنا إليه الشابان وصافحه بشكر، ودار بينهم حوار قصير قبل ان يأخذ كُلاٍ منهم حقيبته على استعداد لمغادرة الساحة، ليقطع طريقهما شابٌ يقول لاهثًا وهو يلتقط أنفاسه:
– فينك يا حمزة ؟ مدير المخابرات يطلبك للحضور فورًا.
والتفت لـ خالد :
– وانت كمان يا خالد.
ضرب حمزة على ذراعة وهو يقول :
– شكرًا يا أشرف هنروح حالًا اهوو.
طرق ( خالد) طرقًا خفيفًا على باب المدير، فأتاهما صوت ياذن لهما بالدخول وبنبرة قد شابها القلق:
– ادخلا ياشباب.
دخلا، فـ اشار لهما المدير بالجلوس، وهو يميل للأمام تاركًا الملف من يده وشبك انامله وهو يردف في حسم :
– عندك مهمة ضروري يا سيدة المقدم.
اومأ حمزة بينما أشار المدير لـ خالد وهو يناوله ملفٌ ما:
– خالد خذ الملف ده ودرسه كويس عايز القضية دي مفيهاش ولا غلطة وفهمتك االي هتعمله..
اخذه خالد ونهض سريعًا وهو يقول :
– اعتبرها انتهت سيادتك.
أدى التحية وغادر المكتب، ليلتفت المدير الى حمزة الذي نظر له بدوره باهتمام شديد، فـ قال المدير :
– تعرف ( كريم عبد الله)؟
اومأ حمزة برأسه في هدوء فتابع المدير دون انتظار رد:
– كريم عبد الله مقدم مصري ذهب في مهمة لأميركا واختفى من فترة وجيزه صنع قنبلة متفجرة على هيئات صغيرة لا يمكن لاحد أن يعرف كنها، واختفى هناك بطريقة مفجأه .. المطلوب منك…
عاد المدير للوراء في مقعده وتابع :
– أنك هتعرف هو فين ومتسمحش لاي من كان بأخذ التصميم مهما كلفك الأمر.
ضيق حمزة عينيه وهو يقول :
– معنى كدا أن في حد عرف بالتصميم .. وبسببه خُطف كريم.
أومأ المدير مؤكدًا :
– بالظبط كدا
في هدوء امام حمزة بعينية، فـ اضاف المدير وهو يتنهد:
– ستقلع طائرتك غدًا في الثامنة صابحًا، وهتكون معاك الملازم اروى ياسين.
صُدم وجف حلقة فجأة وما هم بالأعتراض حتى اشار له المدير قائلًا :
– ستنفذ ما أقوله ايها المقدم، اتفضل.
خرج حمزة كالح الوجه غاضبًا.. وخرج من مبنى الأستخبرات.
دخل لمنزله لتستقبله والدته بفرحةٌ عامرة وقد اعدت كل ما يشتهيه، بل راحت تطعمه بنفسها بنفسٌ راضية سعيدة، خرجت اخته من غرفتها فما ان ابصرته حتى قطبت حاجبيها بضيق وبدا البغض على وجهها جليًا وهي تتمتم لنفسها :
– جه حبيب أمه يكش تروح مهمة وما ترجع منها ابدًا وربنا يأخدك.
تنبهت لذاتها حين أقترب ( حمزة) يحضنها بشوق صادق هامسًا بـ لهفة :
– شيماء .. عاملة ايه يا حبيبتي وحشتيني.
بادلته العناق وهي ترمق والدتها من خلف ظهره ببسمة فما ان غابت والدتها داخل المطبخ حتى أبتعدت بكره مغمغمة :
– رجعت ليه؟
صُدم من سؤالها المباغت لكه اجاب بهدوء وبسمة لطيفة :
– ماشي تاني يا شيماء اطمني؟
شوحت بكفها له هامسة بجوار اذنه :
– أحسن…يا رب ما ترجع تاني.
قالتها، وانصرفت مخلفها وراءها ذاك الذي تسمر موضعه مبهوتًا حزينًا، وأنفطر قلبه من كلماتها القاسية، توجه لغرفته صافقًا الباب خلفه وأخذ يعد حقيبة سفره، وهو كالح الوجه وعقله منهك من التفكير، لماذا ذاك الكره الطاغي في قلب اخته ؟
لماذا هما ليس مثل خديجة وخالد او وملك ومالك او لمياء ومعاذ، مقربون يدردشون يتمازحون يخافان على بعضهما بعضًا، لماذا؟
هل وصل بها الحال لتدعي عليه؟! ألهذه الدرجة تكره.
استلقى على الفراش مشبكـًا كفيه خلف رأسه محدقًا في السقف في شرود وقد جفاه النوم وابى ان يزور جفنيه، وأبت الأفكار ألا ان تنهك تقكيرة حتى يبيد، بعد وقتٍ طويل كان النوم قد رأف به لياخذه في سبات عميق…..
فتح عيناه في صباح اليوم التالي، على أشعة الشمس التي تسللت بخفة من بين فتحات النافذة، وصوتًا رقيق محبب لقلبه، يطربه، هي لا غير اوقف رنين منبه هاتفه وهو يعتدل، ولم يلبثت طويلًا إذ خرج من الغرفة رافعًا الحقيبة على كتفه، رسم بسمة خفيفة على وجهه وهو يردد في لطف :
– إزيك يا اروى عاملة اي منورة.
تسارعت دقات قلبها بين أضلعها وهي تذدرد ريقها مرتبكة وحاولت ان تبتسم ففشلت وهي تجيب ناكست الرأس بحياء :
– بخير الحمد لله… بنورك.
قالتها ونهضت على الفور حامله حقيبتها، فسأل في دقة :
– أنتِ جاهزة؟
أكتفت بهز رأسه فأشار لها لتتبعه بعدما ودع والدته الباكية ككل مرة إذ خرج مهمة، ولم ينفك من توصياتها الحاسمة أن يحافظ على أروى وينتبه لها وهو يجيب بكل أدب “حاضر”
كانت عيناه معلقة على باب غرفة اخته ود لوهلة ان تخرج تحضنه وتودعه كما تفعل خديجة مع خالد في كل مهمة يخرجها، ثم تبسم متهكمًا فـ أخته تتمتى موته، المعتوهة تظن أنه اخذ منها حب الجميع، دائمًا ما تعايره أنه ليس له أم، وأنه قاسمه في أمها، بل أخذها منها.
كانت الأفكار المتواترة تنغص قلبه وهو يستقل السيارة بجواره أروى التي يحاول تجنبها قدر الأمكان…….
أتخذا مقعدهما في الطائرة التي اوشكت على الأقلاع وبدأ في ربط حزام الأمان مع صوت المضيفة، ليميل على اذنها هامسًا باختصار بعد الآوامر عليها….

🏵 اللهم أني اعوذ بك من قلبٌ لا يخشع🏵

سارت شبه راكضة في رواق المشفى كأنها فراشة تحلق تنشر السعادة في كل مكان ببسمة عينيها المميزة، القرآن الكريم ينساب من عدت أجهزة متفرقة في كل المشفى، فتدب السكينة بالقلوب رغمًا عنها، دلفت إلى مكتبها تُلقي عليه حقيبتها وهي ترتدي على عجل معطفها الطبي وتخرج مجددًا، في تلك الأثناء ظهرت امامها ممرضة تقول بأنفاس متقطعة :
– دكتورة خديجة الحمد لله اني لقيتك محتجينك في غرفة العمليات ضروري.
أومأت بعينية وهي تتجه على عجل لغرفة العمليات وترتدي قفذيها في سرعة…
بعد ساعات مرت قضتها في غرفة العمليات خرجت وهي تخلع قفذيها ببسمة متسعة وقد هش قلبها لقد نجحت عمليتها وكُللت بالبشر، تنهدت في راحة وهي تنحرف يسارًا متوجه لآخر الرواق في غرفة تتصدر وجهته ودارت مقبضته لتفتح منه فتحة صغيرة وتطلعت بعينيها إلى أطفال تلهو وقد لفهم الفرح، فتأملتهم قليلًا كأنها تطمئن قلبها أنهم سعداء فرحون لا يتألمون، وأغلقت الباب بحذر حتى لا يصدر صوت يزعجهم وحتى لا يروها، فإذ رأوها لن يتركوها ترحل وتتركهم وهي منهكة .. متعبة للحد الذي لا تطيقة..

جلست خلف مكتبها واسندت رأسها عليه علّها تستريح قليلًا، ندبات قلبها المتقرحة تقرحًا عميقًا ابى ذلك إذ أدمعت عيناها، ورفعت رأسها ساهمة في قهر، جذبت دفتر من درج مكتبها وقلمٌ من بين عدت أقلام وفتحت دفتيه، وظلت شاردة قليلًا قبل أن تنكب كاتبة :
« ليت الحزن لا يطرق باب قلوبنا يومًا، فلا ندري ما هو ولا نتذوقه وتغرقنا مراراته، هنيئًا لمن أجتازه عابرًا الحياة كأنه لم يكن، أم هؤلاء .. هؤلاء الذين أبوا أن ينسوا لحظة واحدة مما قدمته لهم الحياة التي تكدرت في وجوههم دون انذار، الذين اقسموا ألا ينسوا وطرقوا ندبات ارواحهم دون دواء، نحن من بأيدينا ان ننسى فأن عزمنا على النسيان سننسى سنمحى من قلوبنا كل لحظة الم، يا ليتنا نمتلك عزم هؤلاء للنسى ونتخطى ونتابع السير»
تركت القلم وأغلقت دفتا الدفتر بحرص، استرخت في جلستها، واسندت رأسها للخلف مطبقة جفتيها اللذان انسابا منهما الدموع كأنهما نهرين لا يُخطأ طريقهما.
وأقتنصت ذكرى أليمة. تتكرى يوميًا ما ان تصحو، حيث تستيقظ لتجد والدتها في وجهها صارخةً فيها انها قد تخططت الثلاثين، هل ستظل دون زواج ؟
هل ستترك ذكرى أليمة تعيق الباقي من حياتها؟
إلى متى ستظل ترفض كل عريس يتقدم وقد باتت عانسة؟
لماذا لا يفقهون ان الزواج ارزاق يرزقه الله لمن يشاء خيرٌ كان او شر، وان قطر الفتاة لم يمر سيمر حتمًا ليقلها إلى محتطتها التي ستخوضها مع من يختاره النصيب لها.
صرخة فجأة صرخة مكتومة، أرتج لها قلبها ودك دكًا أليمًا وهي تردد في همس لنفسها:
– مش كل حاجة الجواز امتى تفهموا أنه نصيب هيجي هيجي مهما طال، ايه الفرق سوا اتجوزت صغيرة او كبيرة ما هو كله واحد اصلًا والجواز لا بد منه، مفيش حاجه اسمها عانس يا ماما الناس هي اللي اطلقت الكلمة دي وخلاص..

اطرقت برأسها بنشيج مؤلم يُفطر القلب وقالت بقهر وذل :
– مش السبب يا امي اللي عشته انا مجبورة موفقش على اي حد وألا هيقتلكم…….

ــــــــــــــــــــــــــــــ
للناس اللي بتسئل عن المسابقة الدينية، فهي هتنزل بإذن الله في رمضان زي رمضان اللي فات، ولو منزلتهاش انا هتنزلها اختي على الجروب زي ما هي ونفس الوقت ان شاء الله …

– يا شيخـي هـل سيستجيـب اللـه لـيّ ؟!
= يـا بُنـي واللـهِ كُـل الأدعيـة التِـي صعـدَت إلـى السمـاء ستنـزل يومًـا إلـى الأرض، كُلهـا، فقـط إصبـر.”…

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

الرواية  كاملة اضغط على : (رواية جحر الشيطان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى