روايات

رواية المغوار الفصل الثالث 3 بقلم حليمة عدادي

رواية المغوار الفصل الثالث 3 بقلم حليمة عدادي

رواية المغوار الجزء الثالث

رواية المغوار البارت الثالث

رواية المغوار الحلقة الثالثة

تجولوا معًا في كل مكان في القرية، شعرت حياة أن روحها عادت لها من جديد، ثم اتجهوا نحو الغابة بعد اصرار من حياة، رغم خوف أسيل لأن الغابة ليست آمنة. نظرت إلى حياة و هتفت قائله:
-لو ماما عرفت إننا روحنا الغابة هتزعل مننا أوي ..
-وهتزعل ليه إحنا بس بنتمشى..
تفحصت أسيل المكان حولها برهبة، فهي تشعر بالذعر كلما دخلت إلى الغابة وهتفت قائلة:
-حياة المكان عندنا هنا مش أمن زي المكان اللي كنتي فيه ..
تنهدت حياتها بألم مما عانته في فرنسا. ما كان يؤلمها هو إصرار أبيها على نزع حجابها، ولكنها كانت تفضل الموت على نزع حجابها. لا يعلم أن الحجاب تاج على الرأس وفخر في الآخر، أنشلها من سردها صوت أسيل قائلة:
-ليه بتكرهي فرنسا يا حياة؟
اخذت نفسا عميقا وهي تتذكر التمنر من أصدقائها وأبيها الذي كانت تنتظر منه أن يكون داعما لها، هو أول شخص أراد أن تنزع حجابها:
علشان الكل عايز مني أن أشيل حجابي حتى أقرب الناس ليا في فرنسا.
اكملوا المشي وسط الغابة وحياة، كل حديثها عن الحجاب وأهميته، بينما هم في طريقهم سمعوا أصواتًا عالية تصدر في الأرجاء وصوت غضب.
وقفت حياة وهي تنظر إلى آسيل بتساؤل، شعرت آسيل بالذعر، هي تعلم أنه لا أمان في هذه الغابة.
تحركت حياة في اتجاه الأصوات وهتفت قائلة:
-تعالي نشوف في إيه في حد هنا ..
هزت أسيل رأسها بالرفض ومسكت يد حياة وهتفت قائلة:
-حياة يلا نمشي إحنا مالناش دعوة ممكن تحصل مشكله ..
و لكن حياة لم تسمع كلام أسيل واصرت على معرفة ما يحدث بعد اصرار من حياة. استسلت حياة وذهبت خلفها حتى اقتربوا من مكان الصوت. اختلست حياة النظر من خلف الأشجار إلى الرجل الذي يصرخ وامرأة أمامها. نظرت إليه مطولا وهتفت قائلة:
-دا الشاب اللي أنقذني أنا هشوف حصل معاه إيه ..
مسكتها من يدها وهتفت بجدية قائلة:
-لا ياحياة يلابينا نمشي إحنا اتأخرنا مالناش دعوة ..
-طب بس نقرب علشان نفهم اللي بيحصل يمكن نقدر نساعده ..
هتفت أسيل برفض، فهي تعرف هذا الشاب منذ سنوات في قريتهم، ولكن الجميع يخشى الاقتراب:
-قلت لا مشاكلهم يحلوها بينهم ..
ضربت حياة كلام أسيل عرض الحائط واقتربت قليلاً منهم كي تفهم ما يحدث، فهي ظنت أن تلك المرأة تسيء الكلام مع الشاب لأنه مشوه، وهذا ما أصبحت تكرهه.
وقف أرسلان أمام تلك السيدة، والشرر يتطاير من عينيه، فهي أصبحت تستغل حالته وتأخذ كل تعبه دون مقابل. هتف بغضب هادر قائلا:
-كفاية استغلال بقى كل يوم بتاخذي مبلغ أكبر من اللي قبله المبلغ اللي بتدهوني مبقاش يكفي حتى ثمن الدواء لماما كل مرة بتاخذي الضعف ..
-لومش عاجبك مش هاخذ منك الخشب ثاني.
حاول كبح غضبه بضغط على كف يده حتى برزت عروقه، وهتف قائلا بتساؤل:
-إتكلمي إنتي عايزه إيه ..
ابتسمت بخبث، فقد وصلت إلى ما تريده”
-أنا هاخذ المرة دي الضعف ولو رفضت مش هاخذ منك ثاني..
-مع السلامة من النهاردة مش هتاخذي حاجة مش عايز أشوف وشك مرة ثانية ..
-إنت هتندم لما متلاقيش حد يشتري منك ..
انهت كلماتها وذهبت، وقفت ينظر أمامه بشرود حزين، يفكر لماذا الكل ينفر منه؛ هو لم يختار أن يكون مشوها. لماذا يُحكم عليه من شكله؟ ثم ضرب بيده غصن الشجرة، لم يهمه الى ذلك الجرح الذي انفتح في يده، قدر ما يهتم بألم قلبه.
شعرت حياة بالحزن الشديد عندما سمعت كل ما تحدثوا عنه. نظرت إلى أسيل وهتفت قائلة:
-أنا هروحله يمكن أقدر أساعدوا ..
هتفت أسيل برفض وهي غاضبة من تصرف حياة. هي تخشى عليها أن تقحم نفسها في المصائب. مسكتها من ذراعها وهتفت قائلة:
-أنا مش هسيبك تروحيله يلابينا نمشي من هنا
ماتقوليش لماما حاجة لأنها هتعصب علينا ..
نظرت إليه بشفقة وحزن شديد. إنها ذات قلب رقيق لا يتحمل رؤية أحد يتألم:
-أنا زعلانه عليه ليه الناس بتحكم على الواحد من شكله ..
نظرتُ له وجدته لا يزال في مكانه، تنهد بحزن، ثم تحركت خلف أسيل وهي تفكر: لماذا الجميع ينظر إلى شكل الإنسان وليس إلى قلبه؟ فالجمال جمال القلب والروح.
********************
في فرنسا، وتحديدًا في منزل يانيس، الذي كان يصرخ بغضب مثل كل يوم لأنه خسر أكبر صفقة. لم يهمه أين ابنته، نظر إلى صوفيا بغصب وهتف قائلاً:
-أنا دورت عليها في كل مكان وملاقتهاش أنا خسرت كل حاجة بسببها ..
شعرت صوفيا أنه بدأ يشك في أمرها، فوضعت يدها بين يديه وهتفت بدموع قائلة:
-علشان خاطري هاتلي بنتي أنا مش عارفه هي فين هي بخير ولالا أكلت ولالا ..
-لو لقتها هقتلها المدير جابلي فرصة علشان أدور عليها هو لسه عايزها أنا هخرج أدور عليها ..
خرج بسرعة البرق وهو غاضب، نظرت إلى أثره وتنهدت بارتياح بعدما تأكدت من ابتعاده. أخذت هاتفها وأجرت اتصالًا هاتفيًا مع أمل، بعد دقائق اتهمتها الرد. هتفت قائلة:
-السلام عليكم إزيك يا حبيبتي ..
إجابتها أمل بفرحة، فهي منذ آخر اتصال بينهم وهي تخشى أن يفعل بها يانيس شيء:
– وعليكم السلام بخير الحمدلله إنتي إزيك ..
-أنا بخير الحمدلله لسه بيدور عليها دا حتى مديره لسه متمسك بيها ..
هتفت أمل لتطمئنها حين شعرت بقلقها قائلة:
-ماتقلقيش خالص حياة هنا في أمان أهي عايزه تكلمك ..
اخذت حياة الهاتف من أمل، وما أن سمعت صوت أمها شعرت بالاشتياق لها ولصوت الحنين هتفت بدموع قائلة:
-ماما وحشتيني أوي ..
تألم قلبها حين شعرت بحزن صغيرتها الوحيدة، شعرت بغصة في حلقها وفرت دمعة من مقلتها، ولكن تماسكت وهتفت قائلة:
-مالك ياحبيبتي دول هما يومين بس لازم تكوني قوية بابا لسه بيدور عليكي ووقت مايلاقيكي هيجوزك ليه ..
-تمام ياماما متخافيش عليا أنا مع ماما أمل ..
-مع السلامه ياحبيبتي خلي بالك على نفسك ..
بعد مدة قصيرة انتهت المكالمة مع والدتها. كانت تريد لو يتوقف الزمن وتبقى تسمع صوت والدتها الذي يشعرها بالأمان والسند. نظرت أمامها شاردة تفكر في انشلها من شردها. صوت الأمل قائلة:
-مالك ياحبيبتي ليه الحزن دا كله الزعل ميناسبكيش ..
رفعت نظرها إلى الأمل وانسابت دموعها بحزن، ثم تحدثت قائلة بتساؤل:
-ليه بابا مابيحبنيش ..
اقتربت منها أمل ومسحت دموعها بأناملها وهتفت قائلة:
-إهدي ياقلبي أنا معاكي وهجلبلك شوكولاته وأنا راجعه من الشغل…
حاولت أن تنشلها من حزنها بكلمات بسيطة.
ابتسمت حياة بسعادة بقلب طفلة بريئة. ألمتها الحياة وهتفت بسعادة قائلة:
-إنتي بتتكلمي بجد هاتيلي منها كثير ..
هتفت أسيل بمزاح قائلة:
-شوف البنت أول ما جبنا سيرت الشوكولاته نسيت كل حاجة ..
مسكت يدها بحنان، فهي تعتبرها ابنتها منذ طفولتها، وتحدثت بابتسامة قائلة:
-من وهي صغيرة وهي بتحب الشوكولاته بجنون حتى وهي زعلانه ..
وقفت أسيل وحملت مفاتيح سيارتها واقتربت من حياة وهتفت قائلة:
-تمام هجبلك شوكولاته لكن بشرط متخرجيش من البيت وماتروحيش لأي مكان ..
-متعاملنيش زي الأطفال تمام مش هروح في حته ..
خرجت أسيل مع والدتها، نظرت حياة إلى أثرهم وتذكرت الشاب الذي أنقذها، وقفت من مكانها وهمست تحدث إلى نفسها قائلة
-أنا آسفة يا أسيل لكن لازم أخرج علشان أساعده صحيح أنا معرفوش لكن أنا عايزه أساعده ..
وقفت مترددة، ولكن طيبة قلبها كانت أقوى من تفكير عقلها، وأصرت على الذهاب إليه ومساعدته.
**********************
جلس أرسلان حزينًا جانب الخشب، كلما عرضه للبيع على أحد يفر منه هاربًا. شعر باليأس. سمعت صوت خطوات تقترب منه، التفت وجد فتاة تقف بالقرب منه. استغرب من وجود فتاة في الغابة، لأن الغابة لا يدل أحدًا إلا وقت العمل. عندما رأها تنظر له، تحدثت قائلة بتساؤل:
-إنتي مين وبتعملي إيه هنا ..
استجمعت قواها وتحدثت قائلة:
-أنا البنت اللي انقذتها إمبارح ..
-عايزه إيه ..
-جيت علشان أشكرك على مساعدتك ليا وكمان عايزه حاجة ثانية ..
نظر أمامه وهتف دون النظر إليها، فهو لم يعتاد على الحديث مع أحد في هذه القرية.:
-شكرك مقبول حاجة إيه اللي عايزاها ..
اقتربت منه قليلاً وهي تشعر بالخوف وهتفت قائلة:
-أنا هاخذ منك الخشب وأبيعهم إنت بس قلي أبيعهم فين ..
نظر إليها مطولًا، شعر بالقلق من نظراته، وعادت خطواتها للخلف. تنهد بحزن وهتف قائلًا:
-عايزه إيه في المقابل ..
-لما أديك الفلوس اخذ يلي انت عايز منها…
-ليه عايزه تعملي كدا باين من لبسك إنك مش محتاجه الفلوس .
أخذت نفسا عميقا وهتفت قائلة:
-متسألش كثير بكره إن شاءالله هجيب اللي يشتريه إسمك إيه ..
-متسأليش عن أي حاجة متخصش الشغل الكل بيقولولي المشوه قولي زيهم ..
شعرت بالحزن لأجله، فهي تعلم كم تؤلم كلمة “مشوه”. نظرت له بابتسامة قائلة:
-بالمناسبة أنا إسمي حياة وهعرف إسمك عاجلاً أم آجلاً نتقابل بكره في نفس الوقت ..
انهت كلماتها وغادرت المكان، نظر إلى أثرها وهو يفكر: لماذا تساعده فهو اعتاد على الناس الذين يستغلونه. أما هي، فأكملت طريقها وهي تفكر كيف تجد شخصًا يشتري منها الخشب، وعقلها يخبرها أنها أقحمت نفسها في مشكلة مع رجل غامض لا تعرفه.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية المغوار)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى