روايات

رواية سليمة الفصل الأول 1 بقلم ميمي عوالي

رواية سليمة الفصل الأول 1 بقلم ميمي عوالي

رواية سليمة الجزء الأول

رواية سليمة البارت الأول

سليمة
سليمة

رواية سليمة الحلقة الأولى

فى قرية ميت كنعان ، قرية من قرى الريف المصرى الاصيل ، و فى بيت من بيوته اللى لسه ماوصلتلهاش ايد التغيير و التحديث ، كان بيت بسيط مبنى بالطوب النى ، وسط بيوت كتيرة مبنية بالمسلح من كل ناحية ، بشكل خلاه زى القزم اللى بين مجموعة من العمالقة ، كانت قاعدة الست تفيدة متربعة فوق مصطبة فى صحن دارهم و هى بتكلم مراة ابنها و بتنده عليها بزعيق و بتقول : انتى ياللى اسمك سِليمة ، انتى فين يا اللى ينخفى اطرك من على وش الدنيا
سِليمة و هى بتهرول من على سطح البيت : انا اهوه يا امه
تفيدة بنرفزة : بقالك ساعة يا اللى تنطعنى بتعملى ايه عندك
سِليمة : كنت بنشر الغسيل و بأكل الطير يا امة
تفيدة : سنة بتنشرى الهدمتين ، اومال لو كان عندك عيل و اللا اتنين و بتنشرى هدومهم راخرين كنتى باييتى عندك على كده
سِليمة بخفوت : معلش يا امة .. حقك عليا
تفيدة : اخلصى شوفى الاكل اللى على الوابور و اللا ناوية تأكليهولنا محروق زى قلبك
سِليمة : حاضر يا امة هشوفه اهوه
و راحت سِليمة ناحية الوابور بصت على الاكل و كملته و طفت عليه و رجعت لحماتها قالت لها : الاكل خلص يا امة ، اجيبلك تاكلى دلوقتى و اللا تستنى السيد على ما يعاود من الغيط
تفيدة بتهكم : يعنى لاهيبقى له ضنى يستناه و لا امه كمان تستناه ، هينكتب عليه يبقى وحدانى و مقطوع يا قلب امه كده من كل يامة
سِليمة و عيونها مليانة دموع : يا امة ما انا قلت لك نروح للحكيم و انتى اللى ما رضيتيش
تفيدة بغضب : حكيم ايه اللى عاوزة تروحى له يا بنت المركوب ، هو انتى لو كان فيكى رجا كنتى هتحتاجى لحوكمة ، و اللا تقصدى ان السيد هو اللى ما بيخلفش ، لا يا اختى ، اخواته كلهم عيالهم فى رجليهم بيرمحوا ، الدور و الباقى عليكى انتى يا اللى اتبلينا بيكى ، منه لله شيخ الجامع ، بلانا بيكى
سِليمة بعياط : ليه بس كده يا امة ، هو انا عملت حاجة للكلام اللى بتسمى بيه بدنى ده يوماتى
تفيدة بتهكم : و يا ريته محوق فيكى ، الا انتى عاملة زى القراضة اللى لبدت فينا و مش عاوزة تطلع و لا تفارقنا ابدا
سِليمة راحت قعدت جنب تفيدة على المصطبة و باست كتفها و قالت و هى لسه بتعيط : اسيبكم و اروح فين بس يا امة ، هو انا ليا غيركم فى الدنيا دى ، و بعدين اسيب جوزى ازاى
تفيدة بغيظ : تغورى مطرح ما تغورى ، انا عاوزة اشوف عياله قبل ما اموت
سِليمة : خلاص يا امة لو السيد له كيف يتجوز عليا انا موافقة ، و مش هفتح بقى بكلمة واحدة
تفيدة : و هو قادر عليكى لما يجيب واحدة كمان ، لا .. البيت ده مايسعش ضرتين ابدا
سِليمة بخوف : يعنى ايه يا امه
تفيدة بحزم : يعنى شيخ الجامع زى ما بلانا بيكى ياخدك تانى و هو حر فيكى ، مالناش صالح
سِليمة و هى بتعيط على اخرها : انتى عاوزة السيد يطلقنى يا امة
تفيدة : ايوة ، ما بدهاش بقى ، انتى بقالك على ذمته فوق التلات سنين دلوقتى ، بكفايانا فقر بقى لحد كده
كان السيد وصل من الغيط و معاه الحمار بتاعه اللى على ضهره شايل حمل برسيم علشان اكل الجاموسة بتاعتهم ، و اول ما دخل و شاف عياط سِليمة نفخ و قال : يييييه .. اعوذ بالله ، هو انا ما اشوفش خلقتك غير و انتى معيطة ، صحيح وش نكد ، فزى قومى خدى الحمار على الزريبة و حطى اكل و ماية للجاموسة
سِليمة قامت من سكات تنفذ اللى السيد قال عليه ، و بعدها جابت له ماية علشان يتشطف و يغير هدومه قبل ما تحط الغدا
و بعد ما غير هدومه و قعد جنب امه على المصطبة قال لامه : مالها البومة دى بتعيط ليه تانى
تفيدة بقرف : عشان بقول لها اننا هنرجعها لشيخ الجامع من تانى
السيد بتريقة : هو فستان يا امة هترجعيه
تفيدة بزهق : ما احنا لو كنا نعرف لها اهل كنا رجعناهالهم
السيد بصوت واطى : ما انتى عارفة يا امة انها يتيمة و مالهاش حد
تفيدة : و اشمعنا احنا يعنى اللى نتبلى بيها ، و هى ارض بور ما منهاش رجا
السيد بفضول : انتى عاوزانى اطلقها يا امة
تفيدة : ايوة طبعا ، اومال انا بهاتى من الصبح فى ايه انا
السيد : طب و الغلبانة دى هتروح فين بس يا امة
تفيدة بزهق : هو اللى هنقوله هنعيده ، شيخ الجامع .. زى ما كان شايل حملها من زمان يرجع يشيله من تانى ، احنا مالناش صالح
السيد بخفوت : يا امة البت غلبانة و منكسرة و ما بنسمعش منها غير حاضر و نعم
تفيدة بنرفزة : خلفتلك فار حتى ؟
السيد و هو موطى راسه : يا امة ده رزق من المولى
تفيدة بحزم : و المولى قال اسعى يا عبد و انا اسعى معاك
السيد بتردد : طب ما نحاول نوديها لحكيم يمكن ….
تفيدة قاطعته بشدة و قالت : و نروح نصرف فلوس اد كده على كشف و علاج ماحناش عارفين هيجيب فايدة و اللا لا ، الفلوس اللى تتصرف على العلاج اجوزك بيهم
السيد : منين بس يا امة ، ما انتى شايفة الحالة عاملة ازاى
تفيدة : مالكش انت صالح ، انت تاخدها اخر النهار للشيخ مدبولى و ترمى عليها اليمين و تتنك راجع ، و سيبنى انا اتصرف
و بعدها قالت بعلو صوتها : انتى ياللى تندعقى ، فين الاكل
سِليمة خرجت تجرى من المندرة بتاعتها ، و راحت تحط الاكل لجوزها و حماتها و سابتهم ياكلوا و رجعت من تانى على المندرة بتاعتها تلم هدومها اللى قالت لها عليها حماتها ، لانها حكمت عليها ما ترجعش غير بالهدوم اللى اتجوزت بيها و ماتاخدش اى حاجة من اللى جتلها بعد الجواز و لا حتى حاجة من جهازها اللى اتجهزت بيه و هى عروسة
السيد كان من جواه متضايق عشان سِليمة ، طول التلات سنين ما شافش منها اى حاجة وحشة ، كانت طيبة و لسانها حلو ، و صبورة ، و عمرها ما شاكلت امه رغم طبع امه الشديد جدا ، لكن كانت على طول مطاوعاها فى كل اوامرها
لكن فى نفس الوقت كان نفسه فى عيال زى ما امه دايما بتقعد تقول له ، و من كتر كلامها اقتنع فعلا ان سِليمة مابتخلفش و مش هتخلف ابدا
اخدها بعد ما اتغدا و راح بيها لشيخ الجامع ، الشيخ مدبولى ، كان راجل فوق الستين ، و كان عايش مع مراته الحاجة نبوية فى بيت صغير جنب الجامع ، و ما كانش عندهم ولاد ، و كانوا بيعتبروا سِليمة بنتهم ، هم اللى مربينها من و هى عندها خمس سنين
سِليمة ابوها و امها مش من البلد ، ابوها كان بيلف على البلاد بمخلة على كتفه بيبقى فيها طرح و مناديل و فوط و ملايات ، و كان بيبيع بالقسط للناس و بييجى مرة كل اسبوع يلم الفلوس بتاعته ، و فى اخر سنة من عمره كان بيلف على البلاد و معاه سِليمة بنته عشان امها ماتت و ما كانلهومش حد يسيبها معاه ، خصوصا انه داير سواح فى بلاد الله
لحد ما فى مرة و هو فى البلد بتاعة الشيخ مدبولى ، دخل الجامع يصلى العصر جماعة ، و بعد الصلاة ما خلصت ، الناس اتفاجئوا ان ابو سِليمة مات و هو بيصلى ، و كانت سِليمة قاعدة عند باب الجامع جنب المخلة بتاعة ابوها ، الناس قاموا بالواجب و دفنوا ابوها ، و الشيخ مدبولى اتكفل بسِليمة لحد ما جوزها للسيد
السيد كمان ظروفة كانت على اده ، و ما زالت ، و ما كانش قادر يتجوز ، فالشيخ مدبولى اقترح عليه يجوزه سِليمة ، و اللى السيد طار بيها من الفرحة ، و خصوصا ان سِليمة ملامحها مليحة ، و لسانها حلو ، و كمان الشيخ مدبولى علمها تقرا و تكتب و دخلها المدرسة وعلمها و حفظها اكتر من نص المصحف كمان
و ما حدش يقدر ينكر ابدا ان قدمها عليهم كان قدم السعد ، بعد كام شهر بس ، قدر يجيب جاموسة ، و شوية بشوية سِليمة ابتدت تربى طيور ، و بقت تروح السوق تبيع جبنة و زبدة و بيض
لكن كانت دايما تفيدة بتسممها بكلامها و مش بتديها ابدا اى تقدير للى بتعمله معاهم
السيد وصل بسِليمة لبيت الشيخ مدبولى و قبل ما يخبط على الباب التفت لسِليمة اللى ما بطلتش عياط من ساعة ما حماتها قالت لها تلم هدومها فقال لها : حقك عليا يا سِليمة ، ربنا اللى يعلم انى حاولت مع امى بس مارضيتش ابدا
سِليمة بعياط : و هنت عليك يا سيد ، طب كنت اتجوز عليا و سيبنى على ذمتك ، لكن تطلقنى يا سيد
السيد بتنهيدة : ادعى ربنا انها تهدى شوية من ناحيتك ، يمكن ترضى انى اردك
و التفت خبط على باب الشيخ اللى اول ما مراته فتحت و شافتهم قالت بحب و ترحاب : سِليمة … كده برضة يا بنتى تقاطعينى المدة دى كلها ، امك مابتوحشكيش يا بت
سِليمة اترمت فى حضن نبوية و هى بتعيط اوى ، فنبوية اتخضت و بصت للسيد بفضول و قالت له : مراتك مالها يا سيد .. فى ايه
السيد : هو الشيخ مدبولى فين اومال يا خالة نبوية
نبوية و هى بتشاور له يدخل : جوة ، ادخل على ما انده لك عليه
و اخدت سِليمة تحت باطها و لفت دخلت معاها و هى بتنده على جوزها و بتقول : يا شيخ مدبولى ، تعالى جوز بنتك هنا و عاوزك
خرج مدبولى و على وشه ابتسامة و قال بترحاب : يا اهلا بالحبايب ، و قطع كلامه اول ما شاف سِليمة منهارة من العياط و قال : مراتك مالها يا سيد ، فى حاجة حصلت و اللا ايه يا ابنى ، انتو متخانقين سوا و اللا ايه
السيد و هو مطاطى راسه قال بخفوت : سامحنى يا شيخنا ، بس انا و امى نفسنا فى حتة عيل ، و عشان كده انا جيبتلك سِليمة ، بيتك اولى بيها
و بعدين بص على سِليمة و قال : انتى طالق يا سِليمة
و التفت و مشى بسرعة جدا اكن فى حد بيجرى وراه ، و مدبولى ونبوية فى حالة ذهول من اللى حصل ، و اول ما نبوية ابتدت تستوعب اللى حصل قالت : اخص عليك يا سيد ، بقى كده يا ابنى برضة
مدبولى و هو بيضرب كف على كف : لا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم
سِليمة كل ده مش مبطلة عياط فمدبولى قال لها : بطلى عياط يا بنتى و اصبرى و احتسبى ، كله خير من عند المولى
سِليمة : و الله يا ابة قايدالهم صوابعى العشرة شمع ، بس امى تفيدة الله يسامحها بقى
نبوية : هو انتى روحتى للحكيم يا سِليمة
سِليمة هزت راسها بالنفى و قالت من بين عياطها : لا يا امة ، امى تفيدة مارضيتش
نبوية : لا اله الا الله ، خير يا بنتى على رأى ابوكى
سِليمة بعياط هيستيرى : السيد ما كانش عاوز يطلقنى ، بس امى تفيدة اللى صممت انه يطلقنى
نبوية : هم الخسرانين با بنتى ، قومى قومى اغسلى وشك ، و روحى ارتاحيلك شوية على ما اجيب لك لقمة تاكليها ، تلاقيكى ما دوقتيش الزاد طول اليوم
سِليمة بصت لهم بحزن و قالت : انا مش جعانة يا امة ، انا قلبى واجعنى عشان هرجع من تانى حمل عليكم من بعد ما انزاحت بحملى من على اكتافكم
مدبولى بابتسامة : لو تعرفى اد ايه ربنا كان مزود فى رزقى طول ما انتى كنتى وسطينا ماكنتيش قلتى الكلمتين الخايبين دول ، روحى يا بنتى اعملى زى ما امك قالت لك روحى
نبوية بصت على البؤجة اللى فى ايد سِليمة و قالت لها : و انتى ما جيبتيش حاجتك ليه و انتى ماشية من عندهم
سِليمة بعياط : امى تفيدة حكمت عليا ما خرجش غير بالهدمتين دول
نبوية : و حاجتك اللى اتجوزتى بيهم
سِليمة : ما اعرفش يا امة ، زى ما قالت لى عملت
مدبولى : سيبيها تروح ترتاح بقى يا نبوية ، و انا ليا كلام تانى بعدين معاهم
سِليمة : قول له يتجوز يا ابه بس يسيبنى معاهم اخدمهم ، مش هقول لا
مدبولى بحزم : يمين الله ما يحصل ابدا ، اللى باعك بالرخيص ، ما نشتريهوش ابدا ، ما تحمليش هم انتى و سيبيها على الله
سِليمة :و نعم بالله ، فوضت له حالى كله
مدبولى : ايوة كده ، انا هروح اتوضا عشان المغرب قربت
سِليمة دخلت على الاوضة اللى كانت طول عمرها عايشة جواها و اللى كانت فاكرة انها فارقتها للابد ، دخلت على فرشتها و رقدت و هى بتشكى حالها لربنا و بتدعيله انه يفك كربها ، كانت بتقوم تصلى و ترقد تانى لحد ما سمعت آذان الفجر ، قامت اتوضت و صلت و خرجت من الاوضة لقت نبوية قاعدة على الكنبة بتسبح بعد ما ختمت صلاتها ، قربت منها سِليمة و قالت لها : يسعد صباحك يا امة
نبوية بحنان : يسعد صباحك يا قلب امك ، عاملة ايه دلوقتى
سِليمة : هعمل ايه يا امة ، هو انا فى ايدى ايه يتعمل و ما عملتوش
نبوية : انا بسألك عن حالك يا بنتى ، نمتى كويس ، و اللا قضيتيها بكى و نواح
سِليمة : و الله يا امة ما اعرف انا نمت ازاى بعد ما صليت العشاء ، رغم انى كنت مفكرة ان النوم هيجافينى بالشهور
نبوية : ربك عالم بحالك يا بنتى ، و ابوكى كمان ما رضيش يقلقك امبارح بعد ما رجع من صلاة العشا ، و قال يبقى يقول لك لما تصحى
سِليمة بفضول : يقول لى ايه يا امة ، هو حصل حاجة
نبوية : ايوة طبعا ، ده حصل و حصل كمان ، لا هو انتى فاكرة ان ابوكى كان هيسيب حقك كده من غير ما يجيبهولك
سليمة باستغراب : انهى حق ده اللى تقصديه يا امة
نبوية : حاجتك يا بنتى اللى اتجوزتى بيها
سِليمة : ما هى امى تفيدة قالت لى ان جهازى البلد كلها مشاركة فيه عشان خاطرها هى و ان ماليش حق فيه
نبوية : لا حول و لا قوة الا بالله ، الواحد مش عاوز يشيل ذنوب على الصبح ، بس ابوكى ليلة امبارح لم كبارات البلد و راحوا للسيد و امه ، و حكموا عليهم ان كل قشاية تخصك تجيلك و مؤخرك و نفقتك بما يرضى الله ، كل حقك يا بنتى هيجيكى لحد عندك
سِليمة بحزن : و هستفيد ايه يا امة بشوية كراكيب بعد ما بيتى اتخرب
نبوية و هى بتطبطب على رجلها : بلاش عبط ، اوعاكى فى يوم تفرطى فى حقك لجل حد ما يستاهلش ، و عاوزاكى تشدى ضهرك كده و تفوقى لروحك اوام اوام ، ماتخليش البكا يضيع صحتك
سِليمة قامت وقفت و قالت : حاضر يا امة ، انا هروح احضر الفطار على ما ابويا ييجى من برة
و فعلا ، الشيخ مدبولى ما هديش باله قبل ما رجع لسِليمة كل حقوقها ، و قال لها : احتفظى باللى عاوزة تحتفظى بيه و بيعى الباقى و خلى قرشه معاكى ، و انا هاخدك البوستة افتح لك دفتر حطى فيه القرشين اللى معاكى يبقوا ليكى للزمن
و عدت الايام لحد ما مر على طلاق السيد و سِليمة حوالى سنة ، و كانت سِليمة ما بتبخلش بصحتها ابدا على اى حد محتاج مساعدتها فى اى حاجة ، و كانت ساعات تخبز بالفلوس ، لكن كان الشيخ مدبولى يصمم انها ما تدخلش قرش واحد على بيته ، و ان كل مليم بتكسبه .. يا اما تصرفه على روحها ، يا اما تحوشه فى الدفتر اللى فتحهولها
لحد ما فى يوم كانت بتخبز عند ناس و بعد ما خلصت و جت تمشى ، و لسه خارجة من البيت لقت بنت صغيرة بتجرى و هى خايفة و كان فى بنت اكبر منها بتجرى وراها و عاوزة تضربها ، قالبنت الصغيرة مسكت هدوم سِليمة تتحامى فيها ، سِليمة وقفت قدام البنت التانية و قالت لها بالراحة : ليه كدا بس يا عزة ، هو انتى على طول كده عمالة تضربى فى العيال عمال على بطال بالشكل ده
عزة بغيظ : سيبينى اضربها يا خالة سِليمة ، هى جاية تعمل علينا الفة هنا فى بلدنا و اللا ايه
سِليمة بضحك : لا و طبعا انتى ماحدش يقدر ييجى ناحيتك ، بس هى مين دى ، قالتها و هى بتحاول تشد البنت الصغيرة من ورا ضهرها بالراحة ، و البنت عمالة تصرخ و تقول : انا عاوزة بابا ، يا بابا ، يا بابا
سِليمة باستغراب : بنت مين دى يا بت يا عزة
عزة بزهق : انا عارفالها بقى ، اهى بنت عم عبد الهادى ، الراجل اللى فتح الدكان اللى على اول البلد
سليمة بحنية قالت للبنت : انتى اسمك ايه حلوة
البنت و هى عينها من عزة اللى كانت بتبص لها بوعيد : انا أسمى فاطمة
سِليمة : و بنت مين يا فاطمة
فاطمة و هى بتشاور على عزة بخوف : بنت بابا اللى قالت عليه البنت دى
سِليمة باستغراب : طب و انتى ايه اللى جابك لحد هنا ، ده زمان ابوكى قالب الدنيا عليكى
سليمة و هى بتشاور على بيت مبنى بالطوب الاحمر : ما هو بابا اشترى البيت اللى هناك ده و خلاص بقى بتاعنا ، و انا كنت قاعدة العب مع اخويا فهمى ، لحد ما هى جت حبست اخويا فى البيت و قعدت تجرى ورايا عاوزة تضربنى
سِليمة ضحكت جامد و قالت لعزة : انا نفسى اعرف انتى ايه الجبروت اللى انتى فيه ده ، مالك و مالهم يا مفترية انتى حرام عليكى
عزة بعنفوان : دى دار خالى احمد ، ازاى تقول انه دارهم
سليمة شدت فاطمة فى ايدها بقلة حيلة و قالت لها بالراحة : تعالى نفتح لاخوكى يا فاطمة عشان ما يخافش
عزة بزعيق : يا خالة سِليمة دى دار خالى
سِليمة بحزم : و خالك باعها يا عزة ، و روحى اجرى .. روحى لامك احسن هقول لها على كل بلاويكى
عزة بمحايلة : خلاص و النبى يا خالة سِليمة ، اوعى تقوليلها احسن بتحبسنى فى الدار
سِليمة : تستاهلى ، عشان تبطلى بلطجة على العيال
و اول ما سِليمة قربت من باب البيت سمعت صوت طفل صغير عمال بيعيط و مش عارف يفتح الباب
سِليمة بامتعاض : ااه منك يا عزة يا مؤذية ، ربنا يهديكى ، و قالت بصوت عالى : يا فهمى ، ما تعيطش يا حبيبى ، انا هفتحلك بس ابعد عن الباب لا تتخبط
فهمى من جوة : انا عاوز بابا و اختى فاطمة
فاطمة بصوت عالى : انا هنا يا فهمى و طنط هتفتح لنا الباب بس استنى
سِليمة فتحت الباب بشويش ، لقت طفل صغير اصغر من فاطمة و كان خايف و عمال بيعيط على اخره ، و اول ما شافهم جرى على فاطمة اللى رغم صغر سنها الا انها فتحت دراعاتها و اخدته فى حضنها و قعدت تطبطب عليه
سِليمة بصت بعتاب لعزة و قالت لها : عاجبك كده .. الواد يا قلب امه كان مموت روحه من العياط
عزة بندم لما شافت حالة فهمى : خلاص معلش ، بس اوعى تقولى لامى يا خالة سِليمة عشان خاطرى
سِليمة قالت لها : طب يا للا روحى على داركم و على الله اشوفك النهاردة فى حتة
و رجعت بصت لفاطمة و فهمى و قالت لهم : انما هو انتو لوحدكم هنا يا عيال ، اومال فين امكم
فاطمة و هى لسه بتطبطب على فهمى : مامتنا ماتت و هى بتولد فهمى
سليمة بحزن : يا نضرى ، طب و انتو قاعدين لحالكم كده ما معاكومش حد
فاطمة : بابا قال لنا نستناه و هو هيروح يبص على شوية حاجات و يجيب لنا اكل و ييجى
سِليمة : لا هو انتو جعانين
فاطمة : لما بابا ييجى هيجيب لنا معاه اكل
فهمى خرج من حضن اخته و قال : انا جعان يا فاطمة
سِليمة بحزن مدت ايدها فى القفة اللى كانت شايلاها على راسها و خرجت منها عيش من اللى الناس ادوهولها بعد ما خلصت خبيز ، و ناولته لفهمى اللى كان خايف ياخده ، فقالت له .. خد من خالتك سِليمة ، ده انا لسه خبزاه بايديا ، حتى دوق كده و قوللى رايك عشان لو عجبك اجيب لك منه تانى
فاطمة : اصل بابا ممكن يزعق لنا
سِليمة : لا يا ستى ان شاء الله مش هيزعق ، و خدى انتى كمان ياللا حتة كده و دوقى و قوليلى
فاطمة و فهمى مدوا ايدهم اخدوا منها العيش و ابتدوا ياكلوه بنهم ، و كان واضح انهم جعانين اوى ،
سِليمة و هى واضح عليها الشفقة : يا ولداه يا اولاد ، العيال يا نضرى هتموت من الجوع
انتى مين
التفتت سِليمة بفزع على الصوت العالى لقت قدامها راجل ما تعرفوش ، و اول مرة تشوفه ، كان شكله مرهق جدا ، و وشه مرسوم عليه القلق ، فسِليمة فهمت انه ابو الولاد الصغيرين فقالت له بابتسامة عشان تطمنه : انا جارتكم هنا حدا بيت الشيخ مدبولى امام الجامع ، ما تقلقش ولادك بخير
الراجل قرب منهم بتوجس و هو بينقل عينه بين ولاده بيقول : اهلا بيكى ، بس هو حصل حاجة ، الولاد عملوا حاجة
فاطمة و هى بتبلع اللى فى بقها : دى طنط سِليمة يا بابا ، هى خلت عزة تمشى و تسيبنى بعد ما حبست فهمى و كانت عاوزة تضربنى ، و قعدت تقول ان البيت ده يبقى بتاع خالها ، و كانت عاوزة تمشينا من هنا
عبد الهادى ضحك بالراحة و قال : الله يعينك على عزة يا ابو عزة ، ما تآخذينيش يا ست حليمة
فاطمة بتصحيح : اسمها سِليمة يا بابا
عبد الهادى باستغراب : لا مؤاخذة يا ست سِليمة
سِليمة بابتسامة : و لا يهمك ، ربنا يخليهوملك ، فوتتكم بعافية
فهمى بسرعة و هو بيبلع اللى فى بقه : مافيش معاكى عيش تانى ، طعمه حلو اوى
عبد الهادى بحزم : عيب يا فهمى
سليمة مدت ايدها خرجت رغيفين كمان و مدت ايدها لفهمى و قالت له بابتسامة : بالف هنا على قلبك ، ليك عليا كل اما اخبز اعمل حسابك
عبد الهادى : كتر خيرك بس مايصحش
سِليمة و هى بتتلفت و تسيبهم شاورت للولاد بحب و قالت لهم : ده كله من خير ربنا ، هشوفكم تانى يا عيال ان شاء الله
بعد ما مشيت ، عبد الهادى اخد ولاده و دخلوا البيت و قفل الباب و قال : احكولى بقى ايه اللى حصل
فاطمة : بعد ما انت مشيت قعدت انا و فهمى نتفرج على البيت و نلعب سوا
لحد ما بصينا لقينا البنت اللى اسمها عزة دى جاية جرى بتزعق لنا و بتقول لنا انتو بتعملوا ايه فى بيت خالى ، و لما قلت لها ان ده بيتنا ، قفلت الباب على فهمى حبسته ، و قعدت تجرى ورايا و هى عاوزة تضربنى لولا طنط سِليمة هى اللى حاشتها عنى ، و فتحت لفهمى ، و قالت لعزة انها هتقول لمامتها لو عملت حاجة وحشة تانى ، و لما عرفت ان فهمى جعان اديننا العيش اللى اكلناه ده
فهمى لبراءة : العيش بتاعها حلو اوى يا بابا
عبد الهادى بابتسامة : طب ما تدوقونى معاكوا
فهمى قطع حتة عيش و اداها لابوه اللى حطها فى بقه بعد ما سمى و بعدين قال بابتسامة : فعلا و الله .. صدقت يا فهمى طعمه حلو اوى
فاطمة : طب جيبتلنا اكل
عبد الهادى بابتسامة : جيبتلكم اكل و ما لقيتش عيش ، و ادينى اهوه ربنا بعتلنا العيش من عنده ، الحمدلله

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط علي : (رواية سليمة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى