روايات

رواية ألف ليلة وليلة الفصل الثاني 2 بقلم فهد حسن

رواية ألف ليلة وليلة الفصل الثاني 2 بقلم فهد حسن

رواية ألف ليلة وليلة الجزء الثاني

رواية ألف ليلة وليلة البارت الثاني

رواية ألف ليلة وليلة الحلقة الثانية

في ليلة صافية هادئة، لم يعكر صفوها إلا مقابلة الملك شهريار بفتاة جميلة تدعى شهرزاد، عندما التمس الهواء العليل من نافذة غرفته، فنزل إلى الشوارع يقطعها مستمتعًا بالنسيم والصفاء، وبينما كان شهريار يتمشى، قابل شهرزاد ولم يكن يعرف اسمها، فاستوقفه حسنها وجمالها، سألها: “من أنتِ”، قالت بأدب وهي تنحني له تعظيمًا واحترامًا: “خادمتك شهرزاد يا مولاي”.
وكان شهريار ذا حكمة ورشاد، ويتمتع بخصال المعرفة والعلم الواسع، وكان يحب مباراة الغرباء ويستمتع بهزيمتهم، فلما وجد شهرزاد جعل يسألها فتجبه، بل وتُسقط حجته، فاستشاط الملك منها غضبًا، وأثارت إعجابه، وقرر أن ينتقم منها فقال لها: “لم يهزم شهريار إنس من قبل أو جان، وقد تغلبتي عليّ، لذا سأتزوجكِ”.
لم ترتجف شهرزاد ولم تخف لقول الملك، لأنها تعلم أنه إذا تزوج من فتاة، قت.لها في الليلة التالية، ورأت بفطنتها أن حيلتها نجحت، أن تكون داخل القصر، وربما استطاعت أن تنهي فعلة الملك شهريار بقت.ل زوجاته.
وهي فتاة ذات إطلاع كبير وعلم وفير، قرأت كتب الجن والإنس، وناظرت حكمائهم وفطاحلهم ولم يهزمها أحد قط.
وفي الليلة الأولى، سألت شهرزاد الملك طلبًا نظير زواجهما، فأتاح الملك لها أن تطلب، فقالت: “سأقصُ عليك قصصًا كل ليلة، فكلما أعجبتك قصة يا مولاي تركتني على قيد الحياة ليلة أخرى”. فوافق الملك على طلبها وأمرها أن تقص عليه قصصها.
**************
الليلة الأولى:
قالت شهرزاد:
بلغني – أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد – أن فتاة جميلة بنية الشعر والأعين، مستديرة الوجه سمراء، تسكن غرفة في قلعة ملك مهيب عظيم الشأن، يحترمه الناس قبل مخافته، تعمل مع الخدم في قصره، وهي يتيمة الأبوين – كما يعرف عنها – هزيلة الجسد، يرمي عليها البنات العاملات كل مهامهن، وهي لا تكل أو تشكو تعبًا، وذات يوم جلست إلى زاوية غرفتها، وغلبها الجهد والقهر فبكت، حتى بلل دمعها الأرض والجدار، وشعرت بهزة أرضية غريبة، ولما أبصرت، وجدت جدار زاوية غرفتها ينشق، ويخرج منه دخان كثيف غطا المكان كله، وتشكل في هيئة جنيًا رمادي اللون، رأسه كمطرقة خشبية، ارتعدت لهول الموقف وهيئة الجني، إلا أنه ربت على كتفها ومسح عنها دمعها وقال: ” تمني أمنيتين أحققهما لك”. قالت الفتاة: ” دعني أفكر، وأحضر ليلة غد لأخبرك أمنيتي”.
وهنا أدبر الليل، وأدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح، وقال الملك: “يا لها من قصة مدهشة شيقة، أريد سماع البقية” فقالت شهرزاد: “هذا لا يقارن بما سأرويه عليك غدًا يا مولاي إذا تركتني على قيد الحياة للغد”.
*******************
الليلة الثانية
بينما كانت شهرزاد في سريرها، دخل عليها الملك، واقترب إلى مجلسها وقال: “أكملي بقية قصة الفتاة والزاوية”. فأجابت شهرزاد: “على الرحب والسعة يا مولاي”.
بلغني – أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد – أن الفتاة المسكينة جلست إلى نفسها تفكر، صلت إلى ربها تسأله صواب الرأي والسداد، ثم دخلت إلى مضجعها ونامت، وسمعت في حلمها أصوات متداخلة، حتى وضح لها القول: “لا تستخدمي القوة في الشر، العفو عند المقدرة”.
أفاقت وشمس الصباح تداعب وجهها، فلما قامت إلى عملها، رمت عليها البنات أعمالهن كالمعتاد، فاض بها الكيل من فعلهن، ومن ضمن الأعمال أن تذهب إلى السوق، ولما ذهبت قابلت شابًا يرتكن حزينًا إلى جدار بيت متكسر، كفيف، يربط رأسه برباط والدم مطبوع عليه، ملابسه مهترئة قديمة، فاقربت منه وسألته: “ماذا أصابك يا فتى”، أجابها: “إن لي حكاية غريبة، هل تودِ سماعها، لربما خفف عني الحكي الألم الذي بداخلي”
قالت: “نعم احكي لي”
قال الفتى: “إني تائه، ورماني القدر إلى هذه المدينة الغريبة، أنا ابن ملك له ملك كبير عظيم. لكنه ملك حزين، لقد ولدت ولي أخت توأم، واختطفت من جنية رفض والدي الزواج بها، فعزمت أن تنتقم، ولما أنجبنا توأم، اختطفت أختي إلى حيث لا يعلم إنسان أو جان، تربيت على حزن والدي وأمله أن أكبر وأبحث عنها، ولما بغلت أشدي، أمرني أبي بالذهاب والبحث عن أختي، فركبت البحر شهرًا مع عشرة من البحاره، حتى وصلت إلى جزيرة جميلة، ورأيت فتيات حسان يلبسن الحرير في استقبالنا، ثم اصطحبونني مع البحاره إلى قلعة من الذهب الأبيض في قمة الجزيرة، وسألنني: “إلى أين وجهتك أيها الشاب”، قلت: “أبحث عن أختي”
قلن: “تمكثوا معنا شهرًا، ولا تسألوا من نحن حتى نفترق، وإن سأل سائل منكم، فلكم ويل وشتات”.
وافقنا ومكثا تسعة وعشرون يومًا في هناء وترف، نغني ونأكل ونلعب، حتى غلبني الفضول فلم أستطع الكتمان، وسألت إحداهن عن أصلهن، ولماذا يعيشن في هذه الجزيرة، وبمجرد أن سألت، تمتمت الفتاة التي سألتها بتميمة، وتلونت السماء بالرمادي، وهبت عاصفة كبيرة، واهتزت الأرض تحتي، وفاض البحر وأغرق الجزيرة، ونجوت بفضل الله ولا أعرف كيف نجوت، ووصلت إلى شاطىء مكان ما، ولما أفقت وجدت نفسي أعمى، بكيت كثيراً، ومشيت بغير هدى، تخبطت كثيراً ودهستني قافلة من البعير، وأخذني أفرادها وعطفوا عليّ، وسمعتهم يقولون أنهم ذاهبون إلى هذه المدينة، وهنا تركونني وافترقوا عني منذ أسبوع، جبت المدينة بعدها أسقط وأقوم حتى جرح رأسي وتمزقت ملابسي، فركنت إلى هذا الحائط لاستريح”.
قالت الفتاة بشفقة وحنان: “يا لك من شاب مسكين، قم معي”.
اتكأ الفتى على ساعد الفتاة وذهبا إلى القصر، أجلسته الفتاة في مكان خفي عند مدخل القصر الخلفي، وفي الليل، قادته إلى حجرتها دون أن يلحظهما أحد، جلست إلى زاوية غرفتها تبكي، وبلل دمعها الجدار والأرض، فخرج الجني من زاوية الغرفة يسألها: “حان موعد تحقيق أمنيتيكِ، تمني” قالت: “أمنيتي الأولى أن يبصر هذا الفتى وتنتهي لعنته بالعمى، وأمنيتي الثانية أن تساعده ليعود إلى أبيه ووطنه”.
ابتسم الجني فرحًا، وفتح الفتى فمه دهشة، فقال الجني: “يا لك من فتاة مهذبة رقيقة القلب والمشاعر، وسأحقق لك أمنية ثالثة نظرًا لطهارة قلبك وصفاء نيتك، فأنا أظهر فقط حين تبتل زاوية الغرفة بدموع تفيض من قلبٍ نقي”.
مسح الجني على عينا الفتى فأبصر بإذن الله، فقال الجني: “هذه أمنيتك الأولى، والثانية ستصعدا معًا إلى سطح غرفتك من السلم الخشبي، وهناك ستجدا حصان أسود، سيطير بكما إلى وطنكما”.
ذهلت الفتاة ووجم الفتى، فبادرهما الجني يقول: “لقد وجدك الحرس في قناة مائية أمام القصر، كدت أن تموتي لولا رعاية الله لكِ، وضمك الملك إلى حاشيته في القصر، ورغم كل ما عانيتيه، لم تفقدي نقاء الروح، وهذا الشاب لم يتهاون أو نسى أمرك كأخته، لأنه نقي الروح مثلك، والآن قد وجدتما بعضكم بعضًا، فلتذهبا”.
وهنا أدبر الليل، وأدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح، وقال الملك: “يا لها من قصة مدهشة شيقة” فقالت شهرزاد: “هذا لا يقارن بما سأرويه عليك غدًا يا مولاي إذا تركتني على قيد الحياة للغد”.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ألف ليلة وليلة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى