روايات

رواية شمس ربحها القيصر الفصل الثالث عشر 13 بقلم بيلا

رواية شمس ربحها القيصر الفصل الثالث عشر 13 بقلم بيلا

رواية شمس ربحها القيصر البارت الثالث عشر

رواية شمس ربحها القيصر الجزء الثالث عشر

رواية شمس ربحها القيصر
رواية شمس ربحها القيصر

رواية شمس ربحها القيصر الحلقة الثالثة عشر

انصدمت مها من ردة فعل ابنتها التي إنهارت بين أحضانها باكية دون أن تستوعب إن شمس كتمت داخلها الكثير طوال الأيام الفائتة وآن الأوان لتنفجر وتحرر ما داخلها من مخاوف وأوجاع ..
إحتضنتها بتروي وقد أدركت مدى خطأها .. هي بالطبع لم تكن لتفعل هذا .. من المستحيل أن تعرض ابنتها لموقف كهذا على الإطلاق .. هي فقط أرادت إجبارها على الحديث وإخبارها بما تخبئه لذا فكرت إنها ستضطر للبوح بسرها ما إن تخبرها بذلك وليتها ما فعلت ..
لم يكن عليها فعل هذا ولا إجبارها على الحديث بهذه الطريقة .. فلتذهب شكوكها ووساوسها الى الجحيم ..
” اهدئي يا شمس .. اهدئي حبيبتي .. لم أكن لأفعل هذا أبدا .. والله لم أكن لأفعل .. كيف تظنين إنني سأضعك في موقف كهذا ..؟! انا فقط أردت أن أعلم بما حدث .. أردت أن أفهم … منذ تلك الليلة التي قضيتها مع ذلك النذل وأخيه وأنا قلقة وأشعر إن هناك شيء ما حدث .. ”
إبتلعت ريقها وحمحمت بتشنج :
” خفت أن يكون لمسك أو ..”
صمتت ولم تستطع أن تكمل لتسمع شمس تهتف ببكاء حاد:
” انا لا اعرف .. لا اعرف اذا ما لمسني او لا .. لقد فقدت وعيي .. فقدت وعيي بعدما حاول اغتصابي وهربت منه .. استيقظت بعدها ووجدت نفسي مرتدية ملابسي وقيصر يخبرني إنني ما زلت عذراء .. لقد أكد لي هذا مرارا لكنني لا أصدق ذلك ..”
شهقت باكية وهي تردف:
” لا أصدق إنه تركني وشأني ..”
جذبتها والدتها معانقة إياها وهي تحاول داخلها أن تستوعب كل هذا ..
اذا لقد حاول فادي إغتصابها وفقدت وعيها بعدها ..
هل كلام قيصر صحيح ..؟! هل شمس ما زالت عذراء ..؟! أم إنها تعرضت للإغتصاب وقيصر سيتزوجها لإجل ذلك ..؟!
أخذت تربت على ظهر ابنتها وهي تفكر في كل هذا وقد أدركت سبب تمسك ابنتها بهذه الزيجة ..
إبتعدت شمس عن أحضانها بعد لحظات وأخذت تكفكف دموعها لتسمع والدتها تخبرها بجدية :
” اسمعيني يا شمس .. ما حدث قد حدث .. لا أريد لهذا أن يؤثر عليكِ .. أعلم جيدا إن الأمر ليس هينا .. لكنه لا ذنب لك .. إذا كنت سليمة فسيكون خيرا .. وإن ..”
صمتت وهي تكمل بصوت متحشرج :
” وإن كنتِ فقدت عذريتك فهذا ليس ذنبك ابدا .. لا تشعري بالخجل او العار من نفسك .. أنت لست مذنبة .. إن كان هناك شخص يجب أن يشعر بالخجل فهو ذلك الحقير وأخيه .. لكن هناك شيء هام يجب أن تعلميه ..”
نظرت شمس إليها بصمت لتهتف بصوت هادئ قوي رغم الألم الذي يمزق قلبها وروحها :
” إذا كنتِ ستوافقين على هذه الزيجة خوفا عليكِ وعلينا من الفضيحة فإياكِ أن تفعلي .. سأخبركِ بذلك مرة أخرى .. أنت غير مسؤولة عن اي شيء ولا ذنب لكِ على الإطلاق .. هل فهمتِ ..؟!”
أومأت شمس برأسها ثم قالت بصوت مضطرب :
” معك حق ماما ..”
قالت والدتها وهي تجذبها من كفها وتوقفها :
” اليوم سوف يأتون عائلته ويسألونك مع والدك عن رأيك .. انا لن أتدخل في قرارك ابدا .. لكِ الحرية المطلقة يا شمس .. ”
هزت شمس برأسها موافقة لتكمل مها بجدية :
” اعتني بنفسك جيدا وتجهزي بالكامل قبل موعد قدومهم ..”
ثم رحلت بعدها تاركة شمس تناظر المكان حولها بحزن قبل أن تجلس فوق السرير تتأمل الفستان بملامح متألمة ..
……………………………………………………………….

 

 

 

في قصر عائلة عمران ..
جلست هند بإسترخاء على الكنبة وبجانبها علياء زوجة أخيها ووالدة خالد تقابلهما كلا من كوثر وحوراء بينما تجلس على جانبهما سوزان ولميس بعدما إنتهوا جميعا من تحية العمة الكبيرة وزوجة العم الأوسط ..
هتفت هند وهي ترمق سوزان ولميس بنظراتها :
” اشتقت لكما كثيرا يا ابنتي أخوي .. ”
ثم أردفت وهي تنظر الى حوراء :
” وانتِ أيضا يا حوراء .. اشتقت لكِ ..”
أردفت وهي تتسائل بعدما رد الثلاثة عليها معبرين عن سعادتهم بوصولها :
” كيف حالكن يا صبايا وأين دينا ..؟! ألم تعلم بقدوم عمتها الكبيرة بعد كل هذا الغياب .. ؟! ألم تخبريها بأمر قدومي يا كوثر ..؟!”
قالت جملتها الأخيرة وهي تنظر الى كوثر الذي ردت بإبتسامة مصطنعة :
” بالطبع أخبرتها .. لديها درس خصوصي مهم .. لقد قارب على الانتهاء وستعود حالا ..”
صدح صوت خالد في المكان ملقيا التحية على الجميع قبل أن يتجه نحو عمته ويقبلها من كفها بإحترام لتربت العمة على كتفه بعدما إحتضنته وقالت بحب :
” اهلا يا خالد .. اهلا يا حبيب عمتك ..”
” اهلا عمتي .. أنرتِ قصركِ ..”
ردت العمة وهي تربت على لحيته الخفيفة :
” القصر منير بكَ وبأبناء إخواني يا خالد ..”
اتجه خالد نحو والدته وضمها بشوق قبل أن يتجه نحو الكنبة ويجاور لميس في جلسته ..
سألت كوثر :
” كيف حال الأولاد يا هند .. ؟! لماذا لم يأتوا معكِ ..؟!”
ردت هند بجدية :
” جميعهم بخير ويرسلون لكم سلامهم .. سيأتون بالتأكيد لكن ليس الآن فهم منشغلون في العمل والدراسة ..”
أكملت بعدها بسعادة :
” كم هو جميل أن يتزوج قيصر أخيرا يا كوثر ..؟! بالتأكيد تشعرين بالسعادة الشديدة اليوم ..”
وقبل أن ترد كوثر كان قيصر يدلف اليهم مقبلا نحو عمته وهو يهتف بهدوء :
” بالطبع سعيدة وبشدة ..”
ثم انحنى وقبل كف عمته التي إحتضنته هو الآخر قبل أن تقول بفرحة صادقة :
” وأخيرا فعلتها يا قيصر .. عقبال طفلك و وريثك الأول والذي سيحمل إسم أخي رحمه الله ..”
لم تنتبه هند لملامح سوزان التي امتعضت كليا بينما هتفت كوثر بضيق :
” لا تفرحي كثيرا يا هند … فربما لن تنال العروس إعجابك ..”
ردت هند بهدوء :
” المهم إنها أعجبته هو .. كما إنني أثق بذوقه واختياره لفتاة ذات خلق عالي .. “

 

 

 

أردفت هند بنبرة ذات مغزى :
” الشيء الوحيد الهام هو أخلاق العروس .. أن تكون فتاة محترمة شريفة ذات خلق عالي .. بقية الأشياء غير مهمة .. المركز والمال والشهادة وغيرها أشياء لن تؤثر على الزواج أبدا طالما الأخلاق موجوده والطرفان سعيدان وراضيان ببعضيهما ..”
ظهرت على ملامح قيصر الرضى التام عما قالته عمته والذي كان يعلم مسبقا إنها ستقوله فعمته بالرغم من قوتها وتسلطها إلا إنها تنظر الى الكثير من الأمور بشكل مختلف عن والدته لتتشكل إبتسامة خافتة حقيقية ..
سمع صوت زوجة عمه تخبره بهدوئها المحبب :
” مبارك لك يا قيصر.. اتمنى حقا أن يتم زواجك على خير وأن تسعد معها ويرزقك الله بالذرية الصالحة ..”
ضمت كوثر شفتيها بقوة وهي تدرك جيدا إنها لا تستطيع الحديث أمام هند او الرد عليها بينما هتفت قيصر بود حقيقي :
” شكرا يا عمتي .. عقبال خالد ولميس ..”
نظرت هند الى خالد وقالت بحماس :
” قريبا باذن الله .. ”
ابتسمت لميس بينما سألت سوزان :
” هل ستتزوج لميس قريبا ..؟!”
ردت هند بجدية :
” لميس ما زالت صغيره على الزواج .. عندما تنهي دراستها سنفكر في أمر تزويجها لمن يليق بها إن شاءالله .. انا اتحدث عن خالد ..”
خفق قلب حوراء بقوة واتجهت انظارها لا اراديا نحوه بينما كان هو يتابع حديث عمته بصمت وهدوء لتسأل سوزان بصوت شاحب :
” هل سيتزوج خالد أيضا ..؟!”
ردت هند بجدية :
” بالطبع سيتزوج وأنا سأسعى لذلك في اقرب وقت .. لدي عروس رائعة له ستعجبه كثيرا .. انا واثقة من ذلك ..”
شعرت حوراء برغبة شديدة في الهروب بعيدا وقد اخترقت كلمات عمتها قلبها بينما سيطر الوجوم على ملامح سوزان لتهتف علياء بفرحة :
” أتمنى حقا أن تكوني تقصدين نفس الفتاة يا هند ..؟!”
وقبل أن ترد هند قال خالد ببروده المعتاد :
” ما بالكم تتحدثون هكذا وتقررون ان زواجي قريبا بل وتفكرون بفتاة معينة .. ؟!”
أكمل بجدية :
” لماذا أنتم واثقون لهذه الدرجة إنني سأوافق ..؟! والأهم لماذا تظنون إنه لا يوجد فتاة بالفعل إخترتها وأنوي الزواج بها كي تقرروا أنتم هذا ..؟!”
شعرت حوراء بإن قلبها ينفطر حزنا وقد تأكدت الأن من شكوكها بينما نظرت سوزان اليه بدهشة من حديثه ..
كادت حوراء ان تنهض وتخرج لكنها ضغطت على اعصابها وبقيت في مكانها وقبل أن يرد احدا على حديثه كانت دينا تقتحم الجلسة وتقترب من عمتها مرحبة بها بسعادة حقيقية ..
………………………………………………………………..

 

 

 

مساءا ..
كان قيصر يجلس بجانب عمته مرتديا ملابسه الأنيقة ويتحدث معها بينما تجلس مقابله والدته التي ترتدي ملابس شديدة الأنيقة تهز قدميها بحنق شديد..
بالقرب منها تجلس علياء التي تنظر في هاتفها بملامح مسترخية وبجانبها حوراء التي شردت بعيدا عن الجميع تفكر في خالد وتلك الفتاة التي يريد الارتباط بها ..
سألت هند قيصر بجدية :
” متى سيعود أخيك من السفر يا قيصر ..؟! لقد أخبرتني كوثر إنه سافر فجأة دون أن يخبر أحدا سواك ولا تعلم متى سيعود ..”
رد قيصر بجدية بعدما ألقى نظرة عابرة على والدته :
” إنه بحاجة للراحة قليلا .. فادي ما زال يعاني من تبعات ذلك الحادث يا عمتي .. انا أرسلته هناك للإسترخاء قليلا ..”
تنهدت عمته بحزن وردت :
” اتمنى ان يتحسن وضعه يا قيصر .. لا أحب أن أرى أحدا منكم يعاني أبدا ..”
ربت قيصر على كفها هاتفا بجدية :
” لا تقلقي عمتي .. لا أحد سيعاني طالما انا حي .. ثقي بي ..”
ردت هند بجدية :
” أثق بك أكثر من أي شيء ..”
في هذه الاثناء دلف خالد الى المكان ملقيا تحية مقتضبة على الجميع تتبعه لميس التي جلست بجانب والدتها على الطرف الآخر لتهتف هند بسعادة :
” خالد جاهز ايضا .. تحدث مع خالك كي لا يتأخر ..”
سأل قيصر وهو يحاول اخفاء دهشته من حضور خالد:
” هل ستأتي معنا حقا..؟!”
رد خالد ببرود :
” نعم سآتي .. هذه خطبة رسمية ويجب على جميع أفراد العائلة الأساسيين أن يحضروا .. هذا واجب علينا جميعا .. يجب أن نظهر أمام الجميع بصورة العائلة الموحدة المتماسكة كي لا نسمح لأحد أن يمسنا بكلمة ..”
كان حديث خالد اعلان صريح إن قدومه للخطبة فقط لأجل إسم العائلة ومظهرهم فمن غير المنطقي ألا يحضر ابن عم العريس خطبته ..
وبالرغم من إنزعاج قيصر من إسلوبه هذا وصراحته المعهودة إلا إنه شعر بالإعجاب الشديد نحو ابن عمه وذكاءه ورجاحة تفكيره وكم تمنى أن يكون فادي مثله ..
فخالد يكبره بسنوات قليلة لكن الفرق بينهما كالفرق بين السماء والارض ..
اتجه خالد وجلس على احد الكراسي ومن سوء حظ حوراء إنه إختار الكرسي الذي يجاور الكنبة التي تجلس عليها فأصبح بجانبها ..
سألت لميس :
” ألن تذهبي معهم يا حوراء ..؟!”

 

 

 

ردت حوراء محاولة اخفاء توترها من قربه :
” كلا .. ”
أكملت ساخرة :
” الصغار لا يحضرون هكذا جلسات مهمة يا لميس ..”
كتمت لميس ضحكتها بصعوبة على منظر حوراء المحتقن بينما هتفت علياء بحنو :
” لا بأس يا حوراء .. هكذا الأصول يا ابنتي .. ”
أكملت هند موافقة على حديث زوجة عمها :
” نعم يا حوراء .. فالآنسات الصغيرات لا يحضرن قراءة الفاتحة .. ربما لو كنتِ متزوجة لكنا أخذناكِ معنا ..”
” سارعي للزواج يا حور كي تحضري خطوبة بقية أفراد العائلة ..”
قالتها دينا بمزاح وهي تدلف الى الداخل لترد حوراء بإقتضاب :
” انا لن اتزوج ابدا .. ”
هتفت هند معترضة :
” ما هذا الكلام ..؟! بالطبع ستتزوجين .. ماذا ينقصك كي لا تتزوجي .. ؟! ”
ضحكت علياء وهي تقول :
” هي تقول هذا لإنها لم تجد بعد الشخص الذي يجبرها على التفكير بالزواج .. عندما تجده ستغير رأيها يا هند ..”
أكملت بعدها بصدق :
” أنتِ فتاة جميلة للغاية ومميزة ومن عائلة كبيرة .. بالتأكيد ستجدين العرسان خلفك دوما ..”
ابتسمت حوراء إبتسامة صادقة لأول مرة وردت بهدوء :
” أشكرك عمتي .. هذا من لطفك .. ”
” ليتزوج قيصر اولا .. وبعده خالد .. وعندما أنتهي منهما هما الإثنين سوف يأتي دوركِ أنتِ وسوزان ..”
اضطربت مشاعر حوراء بينما هتفت دينا بمرح :
” سوف تزوجين افراد العائلة جميعا .. بعدها لميس وأنا في النهاية ..”
ردت هند بحبور :
” بالطبع يا صغيرة فأنت من ضمن المجموعة الصغيرة ومعك التوأم ..”
مطت دينًا شفتيها بعدم رضى بينما دلف الى الداخل صالح عمهم الذي قرر أن يفاجئهم ويحضر الخطبة بعدما فكر ووجد إن هذا الأفضل له ولإبنته ..
رحب الجميع به رغم دهشتهم بقدومه خاصة بعد اعتذاره عن الحضور مسبقا ..
انتهى الجميع من الترحيب به ليتصل قيصر بخاله الذي أخبره إنه وصل فيذهب الجميع الى منزل شمس تاركين الفتيات لوحدهم في المنزل يشعرن بالضيق لعدم حضورهن هذا الحدث المهم ..
………………………………………………………………….
في منزل شمس ..
كانت شمس تسير داخل غرفتها ذهابا وإيابا وهي تشعر بالتوتر الشديد يأكلها ..
لقد جائوا الضيوف منذ دقائق وهي تنتظر قدوم أحد يخبرها بالخروج لإلقاء التحية ..
في تلك اللحظة لم تكن تشعر بالغضب والألم من هذه الزيجة بقدر ما كانت تشعر بالخوف والتوتر مما ينتظرها ..
لم توضع بموقف كهذا مطلقا ..
فكرت بهذا وهي تتخيل ما سيحدث معها بعد قليل ..
تجهمت ملامح ربى وهي تتابع حالتها تلك لتهتف بها بضيق :
” يكفي يا شمس .. توقفي عما تفعلينه .. ما بالك ..؟! لماذا متوترة الى هذا الحد ..؟!”
ردت شمس بسخرية تحاول أن تخفي خوفها بل رعبها من خلالها:
” معك حق يا ربى .. لا داعي للتوتر فلن يحدث شيء سوى إنني سأخرج بعد لحظات لأقابل أشخاص لا أعرفهم والمشكلة إنني العروس التي يريدون خطبتها ..”
زمت ربى شفتيها وردت :
” كوني طبيعية ولا تخافي .. إلقي التحية عليهم بثقة ثم اجلسي واستمعي إلى حديثهم .. هكذا فقط .. الأمر بسيط للغاية ..”

 

 

 

همت شمس بالرد لكنها توقفت وهي تستمع الى صوت الباب يفتح يتبعه دخول أخيها الذي قال :
” هيا يا شمس .. يجب أن تخرجي ..”
دب الحماس في ملامح ربى وهي تهتف بها :
” هيا يا شمس .. ليتني كنت معك ..”
اضطربت شمس كليا وبلغ توترها أشده لكنها قررت أن تسيطر على توترها هذا فرفعت ذقنها وسارت بخطوات حاولت جعلها واثقة نحوهم ..
” مساء الخير ..”
قالتها وهي تدلف الى الداخل لتقع عينيها على ثلاث نساء الأولى تتأملها بملامح هادئة سيطرت عليها ابتسامة هادئة لطيفة بعد لحظات والوسطى تتأملها بملامح مندهشة سرعان ما تحولت الى ابتسامة خفيفة والثالثة بملامح كارهة سرعان ما تحولت الى أخرى هادئة لا تدل على شيء ..
كان قيصر يتأملها من رأسها الى أخمص قدميها وقد بدت في فستانها الرقيق قمة في الرقي والأنوثة ..
كان فستانا طويلا راقيا جذابا ينتهي بمسافة قريبة من كاحلها ذو لون زهري مطعما بنقوش محببة من النصف السفلي ..
كانت الجهة الأمامية من الطرف العلوي مكونة من قماش من الدانتيل الأبيض الذي يغطي الطرف العلوي بالكامل حتى رقبتها بإستثناء ساعديها وذراعيها حيث كان ذو أكمام شفافة طويلة من نفس القماش الزهري المزخرف المستخدم في النصف السفلي من الفستان..
ترتدي في قدميها حذاء كريمي اللون ذو كعب عالي متوسط الطول فهي طويلة لا تحتاج الى كعب عالي للغاية ..
شعرها المتوهج كان منسدلا بنعومة وقد رفعت خصل قليلة من جانبيه وأعادتهما نحو الخلف قليلا أما وجهها فلم تضع فيه سوى الكحل الاسود وأحمر شفاه زهري اللون ..
كان يود بالإنفراد بها في تلك اللحظة بعيدا عن أعين الجميع وكم تمنى لو يستطيع أن يفعل ذلك بعد انتهاء المراسيم لكن بالطبع لن يسمح والدها له بالخروج معها قبل إقامة حفل الخطبة وارتداء الخواتم ..
” تعالي حبيبتي .. تعالي واجلسي بجانبي ..”
سمع صوت عمته هند يصدح في المكان مرحبا بها لتتجه شمس نحوها بخجل أدهشه للغاية وهو يتسائل في داخله عن تلك الفتاة الخجولة التي تجلس بجانب عمته على الطرف الآخر من الكنبة التي يحتل هو الطرف المقابل منها ..
هز رأسه بإستنكار من هيئتها وعينيها المنخفضتين نحو الأسفل وإجابتها الخافتة الرقيقة على سؤال عمتها عن حالها وفي داخله تمنى لو تبقى هكذا الى الابد ..
كم سيكون مرتاحا سعيدا حينها ..؟!
” ماشاءالله يا هانم .. مثل الشمس حقا ..”
قالها هند الى امها التي رسمت إبتسامة مصطنعة على شفتيها وردت بهدوء :
” هذا من ذوقك يا مدام ..”
ثم نظرت الى والدة قيصر الهادئة وفي داخلها تجزم إن تلك المرأة ليست كما تبدو الآن بذلك الهدوء والصمت ..
هتف عمه صالح وقد قرر افتتاح الحديث :
” دعونا نتحدث بما جئنا لأجله .. نحن بالعادة نسمح لأختنا الكبيرة بالتحدث في هذه المناسبات فهي كبيرة العائلة وبمثابة ام لجميع أولادنا ..”
ظهر الإمتعاض كليا على وجه كوثر فكيف لها أن تكون جالسة في خطبة ابنها الأكبر وأخرى تتحدث عنها ..
لاحظت مها ملامحها التي تبدلت بعد لحظة لتبتسم داخلها بسخرية وهي تفكر إنها تمثل الهدوء لا اكثر ..

 

 

 

صدح صوت هند التي قالت :
” قيصر ليس مجرد ابن اخي الأكبر رحمه الله بل هو كبير عائلتنا .. لا أمدحه كونه ابن اخي الذي أعتبره ابني ايضا لكن يكفيني أن أخبرك إن ابنتك ستكون في أمان و سعادة معه ..”
انتبه قيصر لذلك التهكم الذي سيطر على ملامح والدة شمس فسيطر الجمود عليه للحظات وتسائل في داخله عن ردة فعل شمس على حديث عمته واذا ما كانت تهكمت في داخلها عليه ..
لم يكن يعلم إن شمس كانت تشعر في تلك اللحظة بالإختناق ولم تكن ترغب بشيء سوى انتهاء هذه الخطبة التعيسة ورحيلهم جميعا ..
” أنا أثق إنه سيحبها ويحميها ويحافظ عليها بدمه .. أنت ستعطيها لرجل حقيقي … ”
أكملت وهي تنظر الى شمس التي رفعت وجهها فظهرت ملامحها المرتبكة :
” كريمتك ماشاءالله قمة في الأدب والجمال .. يكفي إن قيصر إختارها لأعلم إنها تمتلك من الاحترام والهدوء و الأخلاق ما يجعله يريدها دونا عن الجميع كزوجة له ..”
نظرت شمس اليها بصمت وهي تفكر إنها ليست هادئة أبدا وقيصر أكثر شخص شهد جنونها ..
” لذا يشرفني أن أطلب يد كريمتك لولدنا قيصر وأتمنى أن توافقوا على ذلك .. ونحن جاهزون لكل ما تطلبونه فعروسنا تستحق كل غالي ونفيس ..”
سمعت شمس والدها يقول كلام عام عن قيصر وسمعته التي لا غبار عليها قبل أن ينهي حديثه بجملة :
” لكن الرأي في النهاية رأيها هي … هي من لها الحق في قبول الزيجة من عدمه ..”
اتجهت جميع الأنظار الى شمس حينما سألتها هند :
” ماذا يا شمس ..؟! نريد سماع رأيك .. هل أنت موافقة على الزواج من قيصر ..؟!”
تمنت شمس لو تنشق الأرض وتبلعها بعدما شعرت بأنظار الجميع ترتكز عليها ..
ابتلعت ريقها وهي تهتف بتردد :
” الرأي رأي أبي يا هانم ..”
ابتسمت هند برضا وقالت :
” والدك موافق لكنه يريد رأيك فهو لن يعطيك لنا دون موافقتك ..”
صمتت شمس ولم تستطع النطق بينما قال عدنان خال قيصر بهدوء وإبتسامة صادقة :
” السكوت علامة الرضا .. أليس كذلك يا ابنتي ..؟!”
رفعت شمس بصرها نحوه وإبتسمت بتوتر لتهتف هند بحبور :
” وهاهي تبتسم ايضا بخجل .. لنقرأ الفاتحة اذا …”

 

 

 

ثم رفعت كفيها نحو الأعلى وبدأت في قراءة الفاتحة وفعل الجميع مثلها حتى كوثر التي فعلت ذلك على مضض وهي لا تصدق إن إبنها سيتزوج من تلك الفتاة التي لا توجد بها ميزة واحدة ..
لقد راهنت إن ما جذبه إليها جمالها على الأقل فظنت إنها ستجد نفسها أمام فتاة خارقة الجمال متفجرة الأنوثة لكنها صدمت بشمس التي كانت عبارة عن فتاة صغيرة ذات ملامح عادية ..وبالرغم من إنها بدت جذابة بفستانها و شكلها الذي جعلها تبدو وكأنها تنتمي حقا لطبقتهم الراقية لكنها لم تمتلك الشيء الذي كانت تظنه موجودا بها والذي جعل ابنها يختارها ويصر عليها هكذا وهو الجمال الخارق والأنوثة الشديدة فهي صغيرة للغاية لدرجة تجعلها شبه متأكدة إنها لا تناسب ابنها الناضج والمفعم بالرجولة الشديدة ..
انتهى الجميع من قراءة الفاتحة بينما جرت بعض الاحاديث الجانبية بين الموجودين وقد قررت مها أن تتحدث مع العمة بنبرة مستحسنة متجاهلة والدة قيصر تماما التي بدورها اكتفت بمراقبة الجميع بصمت ..
……………………………………………………………..
جلست شمس بجانب اختها في المطبخ وهي تتنهد بأرهاق بينما ربى تهتف بها :
” أخبريني ماذا حدث .. هيا ..”
قالت والدتها وهي تدلف الى المطبخ :
” حددنا موعد الخطبة والذي سيكون يوم الجمعة القادمة اي بعد خمسة ايام .. ”
سألتها ربى بفضول :
” هل ستكون خطبة فقط ام عقد قران ..؟!”
ردت والدتها وهي تنظر الى شمس التي نهضت واتجهت نحو الثلاجة تخرج لها بعض الطعام كي تتناوله :
” سيكون عقد قران ايضا ..”
أكملت بضيق :
” العريس من أصر على ذلك .. مثلما أصر أن يتزوجان قبل بداية العام الدراسي الجديد ..”
” بالطبع سيصر ..”
ثم أكملت وهي تغمز لأختها :
” فهو عريس ينتظر ليلة إجتماعه بعروسه على أحر من الجمر ..”
رمقتها شمس بنظرات حادة بينما اكملت ربى وهي تخفي ضحكتها بصعوبة :
” وماذا عن عائلته ..؟! كيف هم ..؟!”
ردت مها بجدية :
” والدته لم تعجبني إطلاقا ..”
نظرت اليها شمس بصمت وهي تفكر إنها لم ترتح لها بدورها رغم إنه لم يجمعها معها حديث سوى تحية الوداع عند خروجهم بعدما أخبرتها هند إن هذه والدة قيصر ..
كانت إمرأة جميلة جذابة تبدو في الخمسينات من عمرها ذات ملامح حادة قوية ..
وبالرغم من إنها لم تقل لها شيئا حيث ردت عليها تحيتها بهدوء الا انها لم تحبها ابدا ..
” وماذا عن البقية ..؟!”
سألتها ربى بفضول لتكمل مها :
” عمته سيدة محترمة .. أعجبتني للغاية .. وقورة جدا ولها هيبة واضحة .. زوجة عمه وكذلك زوجة خاله تبدوان جيدتان ورجال عائلته جيدون كبداية طبعا ..”

 

 

 

تنهدت وأكملت :
” أتمنى أن يكونوا على قدر التوقعات كما أتمنى ألا تسبب والدته المشاكل لكِ يا شمس ..؟!”
لم ترد شمس بل جلست على الطاولة وبدأت تتناول طعامها بعدما سخنته وهي تفكر في حديث والدتها وتتمنى داخلها ان تكون عائلته لطيفة معها فيكفيها هو وقسوته وغروره ..
……………………………………………………………….
دلف قيصر الى جناحه أخيرا بعد يوم طويل ليخلع سترته ويرميها على السرير يتبعها بربطة عنقه ثم يخرج هاتفه من جيبه ويفتحه بعدما جلس هو بدوره على السرير ليجد اتصالات من عدة اشخاص آخرهم حاتم ..
انتبه الى ريتا التي اتصلت به عدة مرات فتعجب من ذلك ليقرر الاتصال بها فربما تحتاج شيئا ..
ردت عليه ريتا بسرعة :
” كيف حالك يا قيصر ..؟! اتصلت بك كثيرا ولم ترد ..”
أجابها وهو يفك أزرار قميصه العلوية :
” انا بخير يا ريتا .. ماذا حدث ..؟! هل هناك شيئا ما لتتصلي بي عدة مرات ..؟!”
ردت ريتا متأسفة :
” اعتذر يا قيصر .. لكن هناك مشكلة في المركز ولم أستطع حلها لوحدي ..”
” مشكلة ماذا ..؟!”
أجابته شارحة له تلك المشكلة التي لم تستطع حلها ليخبرها أخيرا بعدما انهت حديثها:
” بسيطة يا ريتا .. أعطني يومين وسوف أجلب لكِ الموافقة من البلدية .. ”
هتفت ريتا بسرعة وإمتنان :
” أشكرك كثيرا يا قيصر .. كنت أعلم إنك الوحيد القادر على انقاذي .. ”
أكملت بعدها بشوق صادق :
” متى ستنير منزلي بزيارتك فأنا أتحرق شوقا إليك ..؟؟”
رد بعد صمت استمر للحظات :
” لا أعلم يا ريتا فأنا مشغول حقا هذه الفترة ..”
جاءه صوتها الأنثوي الرقيق مشوبا بالحزن :
” على راحتك يا قيصر .. انا دوما في إنتظارك ..”
أنهى قيصر مكالمته معها ليأتيه اتصلا مباشرة من حاتم الذي هتف ما إن أجابه :
” اهلا بالعريس .. ما الاخبار..؟! أريد أن أطمئن .. هل أعطوك الفتاة ..؟!”
رد قيصر وهو يبتسم بخفة :
” هل لديك شك في هذا ..”
ضحك حاتم وهو يرد :
“بالطبع لا ..من يستطيع أن يرفضك يا باشا ..”
ابتسم قيصر وهو يتجه نحو المرآة يعدل شعره بينما حاتم يكمل :
” مع من كنت تتحدث قبل قليل ..؟! ظهر لي إنه لديك مكالمة اخرى .. ”
اكمل بخبث :
” لا تقل لي إنك تحدثت مع عروسك ما إن عدت فورا تسألها عن رأيها بك اليوم وعن مدى سعادتها بخطبتكما ..”
رد قيصر هازئا :
” بل كنت اتحدث مع ريتا ..”

 

 

 

صاح حاتم مندهشا :
” ريتا .. ريتا يا قيصر .. تتحدث مع عشيقتك بعد خطبتك أخرى بأقل من ساعة ..”
رد قيصر بإقتضاب :
” هي من اتصلت بي وكانت تريد مني مساعدة ..”
سأله حاتم بجدية :
” وهل ستساعدها ..؟!”
رد قيصر :
” بالطبع .. منذ متى وأنا لا أساعد من يخصني او يهمني .. ؟! ريتا تهمني .. في النتيجة انا اعرفها منذ اعوام ولم أرَ منها سوءا أبدًا ..”
” ألن تنهي علاقتك معها بما إنك ستتزوج ..؟!”
حل الصمت المطبق بينهما قبل أن يرد قيصر بهدوء :
” اترك كل شيء لوقته .. فأنا ما زلت أعزب ..”
انهى قيصر المكالمة مع صديقه قبل أن يبحث عن رقم شمس فيرسل لها رسالة نصية مقتضبة :
” سأكون عندك غدا صباحا في تمام الساعة الحادية عشر كي نذهب ونشتري خواتم الخطبة .. كوني جاهزة في الموعد المحدد ..”
ثم رمى هاتفه واتجه لتغيير ملابسه والنوم فهو يشعر بالإرهاق الشديد ويحتاج أن ينام لساعات طويلة ..
………………:…………………………………………..
نظرت شمس الى الرسالة بوجوم ثم صاحت وهي ترمي الهاتف على السرير بحنق :
” أوامر .. أوامر .. أوامر .. لا يعرف سوى إلقاء الأوامر ..”
أكملت بضيق :
” حسنا انا مرهقة ولا طاقة لي للخروج .. ”
زمت شفتيها بعبوس ثم عادت تنظر الى هاتفها بحنق لتفتحه وتقلب به قبل أن يجذب إنتباهها خبرا جعل عيناها تتسعان بصدمة ..
( علاقة تارا الهاشم مع رجل الأعمال المعروف قيصر عمران تطفو الى السطح من جديد ومقربون من الطرفين يؤكدون زواجهما العرفي منذ مدة طويلة ..)

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شمس ربحها القيصر)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى