روايات

رواية شمس ربحها القيصر الفصل العاشر 10 بقلم بيلا

رواية شمس ربحها القيصر الفصل العاشر 10 بقلم بيلا

رواية شمس ربحها القيصر البارت العاشر

رواية شمس ربحها القيصر الجزء العاشر

رواية شمس ربحها القيصر
رواية شمس ربحها القيصر

رواية شمس ربحها القيصر الحلقة العاشرة

في صباح اليوم التالي ..
خرج قيصر من جناحه متجها الى صالة الطعام بخطواته الرزينة المعتادة حينما سمع صوت سوزان تنادي عليه حيث خرجت هي من جناحها الموجود في الطرف الآخر من الممر في نفس الوقت ..
توقف مكانه ما إن استمع الى صوتها ثم استدار نحوها يرمقها بنظرات هادئة لتقترب نحوه بخطواتها المتمايلة وذلك الفستان الأرجواني ينسدل فوق جسدها بنعومة محددا تفاصيله الجذابة أما شعرها الأشقر فقد رفعته بتسريحة بسيطة تاركة بضعا من خصلاته تنسدل على جبينها وجانبي وجهها ..
ابتسمت بعذوبة وهي تهتف به :
” صباح الخير عزيزي ..”
رد بإقتضاب :
” صباح الخير ..”
اقتربت منه أكثر ولامست ذراعه مرددة بأسف :
” أعتذر عما قلته مساء البارحة يا قيصر .. لم أقصد إزعاجك .. لقد تفوهت بذلك دون وعي مني .. ”
أكملت وهي تتصنع الحزن :
” ربما لإنني شعرت إنك لا تريدني معك في نفس الفرع ..”
رد قيصر بصوت هادئ لا مبالي :
” لا عليكِ .. لقد نسيت الموضوع حقا ..”
ثم سرعان ما تركها وسار في نفس طريقه لتتأفف بحنق وهي تسير خلفه بكعبها العالي الذي يصدح صوته اثناء سيرها ..
دلفت الى غرفة الطعام وهي تبتسم بإتساع لتجد كلا من حوراء ودينا وخالد ولميس هناك ..

 

 

 

 

ألقت تحية الصباح بحبور وهي تجاور لميس التي تجلس بجانب خالد مقابلهما تجلسان حوراء ودينا بينما يترأس قيصر الطاولة ..
رد الجميع تحيتها بإستثناء حوراء التي تبغضها بشدة فيكفي إنها إستقبلتها عندما وصلت كونها مضطرة لذلك بسبب غياب والدتها ..
قال قيصر محدثا خالد الجالس في اول مقعد على جانبه :
” سوزان ستبدأ العمل في المجموعة في الفرع المسؤول انت عنه ..”
نظر خالد إليه بوجوم ثم اكتفى بهزة من رأسه بينما سألت سوزان :
” هل بدأتِ عملكِ يا حوراء ..؟!”
ردت حوراء دون أن ترفع وجهها نحوها حيث تقصدت ان تضع تركيزها على طبقها :
” كلا .. لكن سأبدأ قريبا ..”
هزت سوزان برأسها متفهمة ثم لوت فمها وهي تكمل بنبرة ذات مغزى :
” برأيي أن العمل عموما لا يناسبك .. فأنتِ لديك إهتمامات مختلفة ونشاطات عديدة .. العمل سوف يقيدك كليا .. ”
توقفت حوراء عن طعامها ووضعت الشوكة جانبا ثم قالت وهي تنظر الى سوزان بهدوء غريب :
” لستِ أنتِ من يحدد ما يناسبني .. انا فقط من تعلم إذا ما كان العمل مناسب لي او لا أما بخصوص نشاطاتي فأنا أستطيع الموازنة جيدا بين مختلف نشاطاتي وإهتماماتي ..”
هتفت سوزان بوداعة مصطنعة :
” ما بالك يا حور ..؟! هل تضايقتِ من حديثي .. انا لم أقصد شيئا سيئا حقا .. كنت أتحدث لمصلحتك .. ميدان العمل ليس هينا عموما .. فقط أردت نصحكِ لا غير .. العمل يحتاج الى شخص متفرغ .. هذا ما وددت إخبارك به .. أليس كذلك يا خالد ..؟!”
اتجهت أنظار حوراء لا اراديا نحو خالد الذي كان يتناول طعامه طوال الحديث المتبادل بينها وبين سوزان غير مباليا بهذا النقاش وكأنه لا يسمعه من الأساس ..
توقف خالد عن تناول طعامه ورفع بصره لا اراديا لتتجه أنظاره نحو حوراء التي تطالعه بنظرات متأهبة ليهتف أخيرا وهو يلتفت الى سوزان :
” هل قلتِ اسمي يا سوزان ..؟!”
قالت سوزان بسرعة ومزاح مفتعل :
” نعم قلت .. لكن يبدو إنك شاردا في شيء آخر بعيد عن حديثنا .. كنت أسألك اذا ما قلته صحيح بخصوص رأيي إن العمل لا يناسب حوراء وسوف يقيدها خاصة إنها تهتم بأشياء ونشاطات اخرى أهم ..”
عاد خالد ببصره نحو حوراء المتحفزة لرده ليهتف بعد لحظات صمت بدت طويلة لجميع الحاضرين والذين ينتظرون جوابه بفضول شديد :
” مع إنني لا أحب الأشخاص الذين يقدمون للآخرين نصائحهم الثمينة عموما فكل شخص مسؤولا عن قراراته وإختياراته لكن ..”
صمت للحظة ثم أكمل وهو ينظر في عيني حوراء بقوة :
” برأيي الشخصي أنتِ آخر من ينصح الآخرين بأمور العمل كونك لم تبدئي العمل بعد .. كيف تنصحينها بشيء أنتِ لم تجربيه بعد ..؟! ربما أنتِ أيضا لا تتناسب حياتك وإهتماماتك مع العمل ..”
ارتسمت إبتسامة انتصار صريحة على شفتي حوراء التي أخذت تنظر نحو سوزان بقوة بينما قالت دينا بصوت خافت لم تسمعه سوى أختها التي تجلس بجانبها :
” في منتصف الجبهة ..”

 

 

 

 

انهى خالد طعامه ثم مسح فمه بالمنديل قبل أن يحمل هاتفه ويهم بالخروج من غرفة الطعام ..
انحنى ناحية قيصر هامسا له بمكر :
” اذا كنت تظن إنك بجلبها عندي في الشركة ستتخلص منها فليكن بعلمك إنني لن أتردد لحظة واحدة في نقلها من فرعي اذا لم تكن على قدر المسؤولية وحينها ستضطر الى جلبها عندك ..”
ثم تحرك بعدها خارج المكان تاركا قيصر يشتعل غيظا من خالد قبل أن يسمع حوراء تهتف بجدية :
” ماما ستعود ظهر اليوم يا قيصر ..”
اومأ قيصر برأسه متفهما ثم أنهى طعامه وخرج من المكان بعدما ألقى تحية الوداع بإقتضاب ..
…………………………………………………………..
كانت شمس تسير ذهابا وإيابا داخل غرفتها وهي تسب وتلعن حظها العاثر بشدة ..
ألا يكفي ما حدث معها حتى الان لتخبرها والدتها إن عليها الزواج من أيمن ابن خالتها ..؟!
ذلك الغبي الذي ظنت نفسها تحبه يوما ليفاجئها بتصرفاته الغبية والتي أثبتت لها مدى سخافة تفكيره و صغر عقله الذي لا يتناسب مع سنوات عمره وعمله كمهندس في احدى دول اوروبا ..
عقدت ذراعيها امام صدرها وأخذت تحدث نفسها بضيق :
” هل سأهرب من شيطان حقير لأقع بآخر سخيف بلا أخلاق ..؟! هل كتب علي التعامل مع رجال من هذا النوع ..؟! ”
زفرت أنفاسها وهي تجلس على السرير تتذكر أيمن وحقيقته التي اكتشفتها منذ عدة أشهر ..
ذلك الشاب المهذب الرزين ذو الاخلاق الحميدة والذي تبين فيما بعد إنه يتلاعب بالفتيات ويخدعهن بإسم الحب مستغلا وسامته الملحوظة وشخصيته اللبقة فيلتف حولهن بكل مكر ودهاء حتى يقعن في شباكه واعدا كل واحدة منهن بالزواج القريب ثم ما إن يقضي معهن مدة من الزمن وينال منهن ما يريد يطردهن من حياته بكل حقارة ..
تذكرت موقفه عندما واجهته بحقيقته التي عرفتها وكم زادت صدمتها به وهو يبرر لها افعاله بحجة إنه يلهو قليلا مثل اي شاب وإنه يحبها هي دونا عن الجميع والوحيدة من يريدها زوجة له ..
الغبي يظن إنها ساذجة صغيرة سوف تصدقه وتقبل به بعد جميع ما عرفته عنه لا والأدهى إنها ستصدق وعوده بالتوبة عن كل هذه الأفعال الخرقاء والعودة له..
ضغطت على شفتيها وهي تشعر بالحنق من قرار والدتها والذي سيرحب به أيمن وخالتها العزيزة التي خطبتها مسبقا أكثر من مرة أولهما عندما كانت في الثانوية ..
ماذا ستفعل الآن ..؟! يجب أن تخبر والدتها بحقيقة أيمن .. والدتها ستتراجع عن قرارها بالتأكيد فهي ترفض هذا النوع من الشباب ولا تحبه .. لكن ماذا عن قيصر وما قاله ..؟! هل كان يعني حقا ما قاله ..؟!
سمعت صوت طرقات على باب غرفتها يتبعها دخول شقيقتها الغرفة وهي تسألها :
” ماذا تفعلين ..؟!”
نهضت شمس من مكانها تسألها بدورها بغضب :
” ما شأنكِ أنتِ ..؟!”

 

 

 

صاحت بها ربى بحنق :
” ما بك تصرخين بي هكذا ..؟! لم أفعل شيئا يستحق أن تصرخي بي ..”
زفرت شمس أنفاسها وردت بضيق مخفي :
” لم أقصد يا ربى .. انا فقط مضطربة قليلا ..”
سألتها ربى بملل :
” لماذا ..؟!ماذا حدث ..؟!”
أجابت شمس بإمتعاض :
” لا شيء .. مضطربة بسبب الامتحانات طبعا ..”
همهمت ربى بتهكم :
” من يراكِ يقول إنكِ تذاكرين ليلا ونهارا .. أنت لم تفتح حتى الآن مادة واحدة ..”
اغتاظت شمس من حديث شقيقتها فقالت وهي تدفعها بعيدا عنها :
” اخرجي اخرجي .. لا أريد أن أسمع منكِ المزيد ..”
أغلقت الباب بعدها وهي تتمتم بكلمات حانقة قبل أن تقرر الخروج من المنزل والذهاب عند صديقتها المقربة التي لم تذهب اليها منذ مدة طويلة فهي تشعر إنها ستساعدها وتنتشلها من حيرتها خاصة بشخصيتها المتزنة وطريقة تفكيرها التي لطالما أعجبتها ..
غيرت ملابسها وخرجت من غرفتها متجهة الى خارج المنزل لتسمع صوت والدتها ينادي عليها ..
التفتت نحو والدتها التي سألتها :
” أين تذهبين ..؟!”
أجابتها شمس :
” سأذهب الى صبا ..لم ألتقِ بها منذ مدة طويلة ..”
قالت والدتها بسخط :
” الآن وفي هذا الوضع .. ”
ردت شمس بحذر :
” ما المشكلة ..؟! ”
صاحت والدتها لا اراديا :
” ألا تجدين مشكلة حقا في هذا ..؟! عودي الى غرفتك فلا خروج من المنزل ..”
خرج والدها من غرفته وقال متسائلا :
” ماذا يحدث يا مها ..؟! لماذا تصرخين بها ..؟! ماذا فعلت ..؟!”
سيطرت مها على غضبها وهي تستدير نحوه تخبره :
” لا شيء .. فقط شمس هانم تريد الذهاب لصبا في الوقت الذي لم يتبقَ به سوى يوم واحد على امتحانها ..”

 

 

 

 

قالت شمس بسرعة :
” والله كنت سأعود بسرعة .. فقط اشتقت لها .. فكرت أن أذهب اليها قليلا خاصة إن منزلها قريبا للغاية من منزلنا ..”
” اتركي تذهب الى صديقتها قليلا يا مها .. لن يحدث شيئا اذا ارتاحت قليلا من المذاكرة ..”
نظرت شمس الى والدتها بإرتباك ليكمل عماد مشيرا الى ابنته :
” اذهبي يا شمس ولا تتأخري ..”
هزت شمس رأسها وردت بضعف :
” لن أتأخر ..”
ثم سارعت للخروج من المنزل تحت أنظار والدتها الغير راضية لكل ما حدث ..
……………………………………………………………….
في منزل صبا ..
وضعت صبا صينية تحتوي على مشروب العصير وقطع الكيك الجاهزة امام صديقتها التي تجلس على سريرها في غرفتها الصغيرة وتهز قدمها بسرعة وتوتر بالغ ..
” حسنا اهدئي ودعينا نفكر بالعقل .. الغضب والتوتر لن يساعدانا ابدا ..”
استمرت شمس في حركتها تلك بينما تقضم شفتيها بأسنانها لتقبض صبا على فخذها توقفه عن حركته الموترة لها وهي تهتف بها بضيق :
” قلنا يكفي .. ”
تأففت شمس بضيق ثم نهضت من مكانها وأخذت تسير ذهابا وإيابا وهي تتحدث مع نفسها بصوت عالي تحت أنظار صديقتها المصدومة بما تراه فهي لم تعتد أن ترى شمس بوضع كهذا ..
” ما هذا الحظ ..؟! لمَ يحدث معي كل هذا ..؟! ماذا فعلت في حياتي أنا كي يبتليني الله بكل هذا ..؟!”
صاحت صبا بضجر :
” يكفي .. تعالي واجلسي ودعينا نتفاهم ..”
زمت شمس شفتيها بعبوس ثم اتجهت وجلست بجانبها تهتف بتساؤل :
” ماذا سأفعل يا صبا ..؟! أخبريني هيا .. ساعديني أرجوكِ ..”
أخذت صبا تفكر في حل مناسب لمشكلة صديقتها التي أخبرتها كل شيء بالتفصيل حتى محاولة اعتداء فادي عليها ..
لطالما كانت صبا بئر أسرار شمس التي لا تتردد لحظة واحدة في إخبارها بكل ما يحدث معها واللجوء لها في مشاكلها ..
بالرغم من إنهما لا تلتقيان الا على فترات بعيدة بسبب مشاغل الحياة والدراسة إلا إن علاقتهما المتينة والتي بدأت منذ اكثر من سبعة اعوام لم تتأثر أبدا بذلك ..
فشمس لا تتردد لحظة واحدة في الذهاب الى صبا عند وقوعها في أي مشكلة خاصة إنها تدرك دوما رجاحة عقل صديقتها وقدرتها على مساعدتها في حل مشكلاتها ..
” صبا قولي شيئا ..”
قالتها شمس بتذمر لتقول صبا أخيرا :
” الموضوع يحتاج الى تفكير طويل يا شمس … بالنسبة لقيصر عمران فأنا لا أستطيع أن أقول لا تهتمي بحديثه لإن هذا النوع من الرجال يفعلون أي شيء حتى ينالون ما يريدونه فهم يظنون أنفسهم يملكون الجميع وعلينا جميعا أن نبقى تحت طوعهم .. ”
نظرت شمس إليها بحزن بينما اكملت صبا بعدما لاحظت حزنها :
” انا اسفة شمس ولكن هذه الحقيقة .. حسنا كنت سأقول إن كلامه مجرد تهديد ولكن تصرفاته معك وهيمنته الواضحة و إنعدام ضميره تدل على إنه يفعل اي شيء دون تردد فالذي يخطف فتاة ويهددها بعائلتها كي تتزوج أخيه شخص عديم النخوة يفعل اي شيء قد لا يستوعبه عقلنا حتى ..”
” والحل يا صبا ..؟! أتزوج أيمن رغم كل ما عرفته عنه ..؟!”

 

 

 

 

ردت صبا بجدية :
” هل تظنين إن أيمن قادر أن يحميكِ منه إذا ما أراد أن يتزوجكِ ..”
” أتزوجه هو إذا ..؟!”
سألتها شمس وقد تشكلت الدموع داخل عينيها لترد صبا بسرعة :
” لا أعلم صدقيني .. زواجك من قيصر هو دخول الجحيم .. أنا أعرف جيدا هذا النوع من الرجال .. بالأحرى هذا النوع من العوائل الإرستقراطية عديمة الضمير الذين يظنون جميع من لا ينتمي لطبقتهم نكرة لا يستحقون أن ينظروا اليهم .. هل تظنين زواجك منه أمرا هينا يا شمس ..؟! بعيدا عنه هو بكل قسوته وحقارته لكن ماذا عن عائلته ..؟! هل تظنين إنكِ تستطعين التأقلم معهم ..؟! مع نظام حياتهم المقرف ..؟! مع تكبرهم وغرورهم ..؟! مع فوقيتهم الكريهة ..؟! الأمر ليس هينا ولكن الرفض أيضا قد يخلف الكثير .. لا أحد يضمن ردة فعله إذا رفضته ولا حتى زواجك بآخر سينقذك منه ..”
قالت شمس فجأة :
” ربما عندما أتزوج من آخر سوف يلغي الأمر من رأسه .. ”
ردت صبا بعقلانية :
” هذا أمر ممكن ولكنه ليس أكيد .. ربما بالفعل سيقرر نسيان الأمر ويتركك لحال سبيلك وربما يكون شخص مريض مهووس بحب السيطرة والتملك فيضاعف زواجك بآخر من رغبته بتملكك ليصبح الأمر بمثابة تحدي بالنسبة له ..”
” يا الهي ، ماذا أفعل ..؟!”
قالتها شمس وهي ترفع بصرها نحو الأعلى دلالة على نفاد صبرها لتقول صبا فجأة وكأنها انتبهت لأمر ما :
” لحظة . تعالي هنا .. أنت تودين حقا الزواج من أيمن في سبيل الخلاص من قيصر ..؟! أقصد يعني هل أنتِ حقا مستعدة للزواج بشخص مثل أيمن ..؟!”
مطت شمس شفتيها وهي ترد مدعية عدم الاهتمام :
” وهل لدي حل آخر ..؟! منذ لحظات كنتِ تعددين مساوئ الزواج من قيصر .. مهما بلغت مساؤى أيمن فلن تصل الى نصف مساؤي قيصر حتى .. لذا وفي وضعي انا مضطرة للقبول بأيمن كي أتخلص من شر ذلك البغيض ..”
طفرت الدموع من عينيها لا اراديا وهي تستوعب وضعها وما وصلت اليه وكل هذا بلا ذنب ..
كل ذنبها إن هناك شاب مريض مضطرب نفسيا وقع بصره عليها بالصدفة البحتة فأصبح مهووسا بها يريدها بأي شكل ..
شعرت بذراع صبا تحتضنها من الخلف وكفها يربت على كتفها ونبرتها الهادئة تتسلل إليها :
” لا بأس يا شمس .. كل شيء له نهاية .. صدقيني .. ”
أكملت بعدها وهي تتمعن النظر في عينيها الباكيتين : ” “سينقذك الله من كل هذا .. فقط ثقي بذلك ..”

 

 

 

 

سألتها شمس بصوت مبحوح :
” ماذا سأفعل مع والدتي التي ستخبر خالتي إنها موافقة على الزواج بأيمن ..؟!”
ردت صبا بجدية :
” أخبريها ما إن تعودي الى المنزل بأفعال أيمن ودعيها هي تقرر وأنا واثقة إنها ستتراجع عن كل هذا ..”
أغمضت شمس عينيها تكتم دموعها ثم فتحتها وهي تأخد نفسا عميقا تحاول من خلاله أن تدعم نفسها ..
……………………………………………………………
دلف حاتم الى مكتب صديقه ليجده واقفا امام نافذة المكتب الواسعة المطلة على منظر البحر الرائع خاصة في الصيف ..
” مساء الخير ..”
قالها حاتم وهو يسير نحوه ليلتفت قيصر تجاهه فيسأله حاتم بجدية :
” لم تتصل بي منذ صباح البارحة فقلت لأتي بنفسي وأفهم ما حدث بعد خروجي وما فعلته بتلك الفتاة المسكينة ..”
تقدم قيصر نحوه وجلس أمامه على الكرسي المقابل لكرسيه ورد بفتور :
” لا شيء .. أخبرتها إنني سأتزوجها إجبارا عنها ثم أوصلتها الى منزلها ..”
” أخبرتها إنكَ ستتزوجها إجبارا عنها ..!!”
قالها حاتم مندهشا قبل أن يهتف بجدية :
” يا لكَ من رجل ظالم ..”
احتدت عينا قيصر بشكل مخيف لكن حاتم لم يبال بنظرات صديقه المتقدة وهو يهز كتفيه مكملا بلا مبالاة :
” كم أنت عديم الضمير يا رجل ..؟!”
كز قيصر على أسنانه وهو يشيح بوجهه بعيدا عنه ليهتف حاتم متسائلا :
” ولكن أخبرني ، ما سبب هذا التمسك المريب بتلك الفتاة ..؟! هل سبب هذا رغبتك بتملكها حقا ..؟! ألم تقل إنك لا تسمح لرغباتك أن تسيطر عليك ..؟! وقلت أيضا إنكَ لا تجبر واحدة على ما لا تريده .. أين ذهب كلامك هذا ..؟! ”
رد قيصر بجمود :
” عندما تأتي فتاة في مثل سنها تتحداني بوضوح وتظن نفسها قادرة على التمرد ومعارضة ما أقوله فيجب أن أقوم بتأديبها جيدا كي لا تظن نفسها قادرة على أي شيء .. عليها أن تدرك مقامها جيدا ومن تكون هي ومن أكون أنا ..”

 

 

 

 

تمتم حاتم بعدم تصديق :
” أنت قلتها بنفسك يا قيصر .. فتاة في مثل سنها .. إنها فتاة صغيرة أقرب الى مراهقة بعمرها وتصرفاتها .. ماذا جرى لك يا رجل ..؟! هل تضع عقلك بعقل فتاة تصغرك بأربعة عشر عاما ..؟! منذ متى وأنت هكذا ..؟! ”
نهض قيصر من مكانه واتجه نحو المكتب مخرجا علبة سجائره من درج مكتبه ثم أشعل سيجارة ونفث دخانها عاليا ليهتف حاتم بضيق :
” أصبحت تدخن كثيرا هذه الفترة مع إنك لا تحب التدخين عموما ..”
لم يرد قيصر عليه وهو يستمر في تدخين سيجارته بشراهة غريبة عليه ليردف حاتم بتجهم :
” ماذا يحدث معك بالضبط ..؟! كل شيء يحدث غير طبيعيا .. حسنا أنا أفهم شخصيتك وحقيقة إنك لا تسمح لأي شخص يتجاوز حدوده معك مهما كان لكن ليس لدرجة أن تضع عقلك في عقل فتاة صغيرة تحدثت بشكل أهوج غبي .. ثانيا أي تأديب هذا الذي يتم بزواجك منها ..؟! هل هذه طريقة تفكير شخص عاقل بالله عليك ..؟! تتزوج بها كي تؤديها ..؟! هل تعي ما تقوله يا قيصر ..؟! ”
أطفأ قيصر سيجارته في المنفضة بعنف ثم نظر الى صديقه وسأله بتحفز :
” ما نهاية كلامك هذا يا حاتم ..؟!”
رد حاتم بقوة وقد مل من اللف والدوران :
” قل بصراحة إن هناك شيء ما يجعلك تريدها بقوة شديدة .. شيء يجذبك إليها بلا وعي ويجعلك تفعل أي شيء لتملكها .. هل تظن إنني غير واعي لتصرفاتك يا قيصر ..؟! هل تظنني لم ألاحظ خوفك الشديد عليها عندما إنهارت ..؟! اهتمامك بتفاصيل لا داعي لها كالبيجامة مثلا وإصرارك على إرسالها الى منزلها مع سائق من سواقك.. ؟! هل تظنني غبي كي لا أشعر بتلك النظرة التي تطل من عينيك عندما تقترب منك أو نبرة صوتك وأنت تتحدث عنها ..؟! ”
قاطعه قيصر وهو يضحك بخفة :
” وماذا بعد ..؟! لم أكن أعرف إنك شاعريا وحالما الى هذا الحد ..”
بادله حاتم ضحكته بأخرى قصيرة مصطنعة قبل أن يقطعها وهو يرد بنبرة تشبه نبرته الساخرة :
” حقا ..؟! يا للدهشة ..”
ثم تجهمت ملامحه كليا وهو يقول بحدة :
” انا لا امزح يا قيصر .. اعترف لنفسك بالحقيقة وأرحها وأرحني أنا شخصيا ..”
” أعترف بماذا ..؟! أي هراء هذا الذي تريدني أن أعترف به ..؟! ”
نهض من مكانها متجها نحو النافذة مرة اخرى يتطلع الى الخارج للحظات قبل أن يلتفت نحو حاتم مشيرا نحوه بيده هادرا بغضب :
” أخبرتك مسبقا إنكَ تتوهم أشياء لا وجود لها .. لكنك تصر على أوهامك .. ربما عليك أن تذهب الى طبيب نفسي في أقرب وقت كي تجد حلا لنفسك وتتخلص من هذه الأوهام الغبية ..”
انتفض حاتم من مكانه هاتفا بعصبية شديدة :
” اذا كان هناك من يجب أن يذهب الى طبيب نفسي فهو أنت بالتأكيد .. إذهب الى طبيب يخلصك من تكبرك وغرورك اللذان يجعلانك عاجزا عن الإعتراف بحقيقة ما يعتمل داخلك ..”
صاح قيصر بنفاذ صبر غير آبها بصوته الذي وصل الى الخارج :
” وما هو الذي يعتمل بداخلي ..؟!”
رد حاتم بقوة بعدما تقدم نحوه ووقف أمامه :
” إن ما تشعر به نحوها ليس مجرد رغبة كما تظن .. ربما ترغب بها حقا لكن تصرفاتك هذه لا تنبع من رغبتك .. إنها تنبع من شيء آخر .. شيء يدركه قلبك لكنك ترفض الإعتراف به ..”

 

 

 

 

حل الصمت المطبق بينهما للحظات ..
عينا حاتم تنظران الى عيني قيصر بقوة ومجابهة تتحدانه أن ينكر ما يقوله ..
تحدث قيصر أخيرا بصوت بارد لا حياة فيه :
” اخرج ..”
ابتسم حاتم بإتساع وقال :
” سأخرج ولكن لا تنسى أن تعترف لنفسك بحقيقة ما تشعر به نحوها بعد خروجي .. ”
” اخرج حالا .. اخرج هيا ..”
قالها قيصر وهو يجاهد كي لا يلكمه بقبضته القوية ليسير حاتم بهدوء نحو الباب ثم خرج من مكتبه تاركا قيصر يعتصر قبضة يده بقوة اكبر ونيران صدره تزداد اشتعالا ..
………………………………………………………………..
كانت تسير نحو المنزل وهي تفكر فيما ستقوله لوالدتها وكيف ستشرح لها سبب رفضها أيمن بعدما كانت تريده ..
رن هاتفها فحملته ظنا منها إن والدتها او ووالدها من يتصل بها لكنها وجدت رقما غريبا عرفته على الفور فإبتلعت ريقها بتوجس ..
همت برفض المكالمة لكنها تراجعت فجأة وهي تجيب عليه :
” نعم .. ماذا تريد ..؟!”
جاءها رده الحاد :
” لا تتحدثي معي بهذه الطريقة .. ”
ردت بإستفزاز :
“معك حق يا سيد .. من العيب أن نتحدث مع كبار السن بهذه الطريقة ..”
لم تكن تعلم إنها بحديثها عن هذا الموضوع تستفزه لأقصى درجة فهي كما يقولون أتت على الجرح ..
أطلق شتيمة بذيئة لا تليق بمكانته ولا حديثه المنمق الراقي الذي يتغنى به دائما ..
صاحت مستنكرة :
” أيها الأحمق .. كيف تتحدث أمامي بهذه الطريقة ..؟! عيب والله عيب .. إنك حقا رجل عديم التهذيب غير محترم .. ”
صاح وقد بلغ غضبه ذروته :
” إخرسي .. قسما بربي كلمة أخرى وسوف آتي عندك وأسحبك من شعرك الطويل بلونه الغريب وأبرحك ضربا ..”
شهقت بفزع لا إرادي وتخيلته وهو يضربها بكل قوته ..
سمعت صوت أنفاسه العالية يتبعها حديثه الصلب كالعادة :
” اسمعي ما سأقوله وافهميه جيدا لإنني حقا فقدت جميع ما أملكه من صبر معكِ ..”
ضمت شفتيها بشدة ليكمل بصوت آمر حازم لا يقبل نقاش وكأنه يلقي على مسامعها تقريرا مجبرة على الإلتزام به :
” سأخطبك رسميا من والدك اليوم وأنتِ ستقبلين .. وإذا فكرتِ مجرد التفكير بالرفض فسوف أخبر عائلتك بخطف أخي لكِ ومحاولة إغتصابه لكِ .. لا أظن إنك ترغبين بذلك حقا يا شمس خاصة إن موقف عائلتك سيكون صعبا للغاية بعد معرفتهم بكل هذه خصوصا والدك الذي لا يعلم أي شيء عن الموضوع ..”

 

 

 

 

أدمعت عيناها وإرتجفت شفتاها لتسمع صوته الهادئ يكمل :
” أراكِ مساءا يا شمس ..”
ثم اغلق الخط في وجهها لتنظر الى هاتفها بعينين مغشيتين ثم تركض مسرعة الى منزلها ..
دلفت الى المنزل واتجهت الى غرفتها دون أن تلقي التحية حتى لتغلق الباب بالمفتاح وتهوي بجسدها على السرير وتبدأ في وصلة بكاء لا تظن إنها ستنتهي ..
…………………………………………………………………
مساءا ..
خرج قيصر من جناحه متجها الى الخارج حيث سيذهب الى عائلة شمس ويخطبها رسميا ..
مر أمام غرفة الجلوس متجها نحو الدرج و هم بالهبوط الى الطابق السفلي لكن صوت والدته أوقفه فضغط على أعصابه وهو يلتفت نحو الغرفة ثم يسير بخطواته نحوها ..
دلف الى الداخل ملقيا تحية المساء بإقتضاب حيث تجلس كلا من والدته وسوزان واخته دينا ..
سألته والدته بدهشة :
” هل ستخرج الآن وأنت عدت منذ نصف ساعة فقط ..؟!”
رد قيصر بهدوء :
” لدي موعد هام ..”
عادت وسألته مستفسرة :
” موعد مع من ..؟!”
أجابها بنفس الهدوء :
” سأخطب …”
وضعت سوزان كوب قهوتها على الطاولة لا إراديا بينما عيناها تنظران إليه بعدم استيعاب اما دينا فقد كانت تتأمله بفاه مصدوم غير مصدقة لما تسمعه ..
نهضت كوثر من مكانها تهتف بإنكار :
” ماذا تقول أنت ..؟! هل هذه مزحة ..؟!”
رد بجدية :
“لست من النوع الذي يتبع إسلوب المزاح عموما وخاصة في موضوع مهم كهذا .. ”
” يعني ستخطب حقا ..؟!”
سألته سوزان هذه المرة بصوت مضطرب ليلقي عليها نظرة عابرة قبل أن يعاود مواجهة والدته ويهتف بها :
” نعم سأخطب .. هل يوجد داعي لتكرارها كثيرا كي تستوعبونها …؟!”
” ومن هي سعيدة الحظ ان شاءالله ..؟!”

 

 

 

 

سألته والدته بعصبية غير ظاهرة ليرد بصوت جاد :
” ستتعرفين عليها عندما تذهبين بنفسك لخطبتها بعد أخذ موافقة والدها ..”
همت والدته بالرد لكنه سارع لإنهاء الحديث :
” عن إذنكم فأنا تأخرت على موعدي المتفق عليه مع الرجل .. أراكم مساءا ..”
ثم خرج من المكان بأكمله تاركا الجميع يتابعه بأعين مصدومة تارة وأخرى متحسرة ..
……………………………………………………………
في غرفة شمس ..
تسير داخل غرفتها ذهابا وإيابا غير مصدقة لما سمعته على لسان والدها عن إتصال قيصر عمران به وإخباره بأمر قدومه كي يتحدث معه بأمر هام ..
والدها الذي كان مصدوما بدوره فهو لا يعرف الرجل ولم يلتقِ به من قبل .. هو مثله مثل الجميع يسمع عنه وعن عائلته من خلال التلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي ..
عقدت ذراعيها أمام صدرها وهي تحاول السيطرة على نبضات قلبها التي تزداد ارتفاعا كلما اقترب الموعد ..
تبقت دقيقتان .. فكرت بهذا وهي تتمنى لو تحدث معجزة ولا يأتي ..
ربما تصدمه شاحنة كبيرة تسرق روحه باذن الله مثلا ..
أغمضت عينيها وهي تفكر إنه بالتأكيد كالقطط بسبعة أرواح بل ربما يفوق القطط في عدد أرواحه ..
سمعت صوت جرس الباب يرن فهوى قلبها أسفل قدميها ..
ضغطت على اعصابها التي تشعر بها ستنهار كليا واتجهت نحو الباب حيث فتحتها وسارت بخطوات بطيئة غير مسموعة بعد لحظات خارج الغرفة حتى توقفت أمام الصالة تستمع الى الحديث من خلف الباب ..
” أنا أطلب يد الآنسة شمس منك …”
سمعت قيصر يقولها بثقة مفرطة ورزانة يتمتع بها على الدوام فأغمضت عينيها بقوة قبل أن يأتيها صوت والدتها القوي :
” ولكن شمس مخطوبة ..”
حسنا من المفترض أن يثور قيصر الآن ويغضب او ربما يتراجع عن أمر الخطبة ويعتذر كمثل أي شاب محترم يوضع في موقف كهذا لكنها تعرفه جيدا وتعرف إنه سيتصرف بالطريقة الأولى وربما سيفعل شيئا يتسبب بفضيحة لها خاصة إنها متأكدة إنه متحامل على والدتها بعد حديثها السابق معه وما ألقته على مسامعه وقتها ..
لكن صوت قيصر الهادى وتلك الإبتسامة الرائقة التي إرتسمت فوق شفتيه وهو يرد على حديث والدتها صدمها بشدة ..
” غريب ما تقولينه يا هانم .. لقد سألتُ عنها بنفسي وتأكدت من كونها غير مرتبطة .. كما إنني متأكد إنها لو دخلت الآن سوف أجد يدها خالية من خاتم الخطبة ..”
أكمل وهو يوجه حديثه الى والدها هذه المرة :
” انا بالتأكيد لن أتقدم لخطبتها دون التأكد من كونها غير مرتبطة .. لا يخطبُ الرجل على خطبة أخيه .. هذا ما نعلمه جيدا يا بك وما نسير عليه وأنا لن أتجاوز هذا أبدا..”
” يا لك من رجل محترم مثالي لا تخالف أمور الشرع إطلاقا ..”

 

 

 

 

قالتها شمس داخلها بإستهزاء بينما رد والدها بعدما ألقى نظرة محذرة على والدتها مخبرا إياها ألا تتدخل بأمور الرجال ..
” هذا صحيح .. شمس غير مخطوبة بالفعل .. الموضوع كله إن ابن خالتها سبق وتقدم لها أكثر من مرة ونحن رفضنا وقتها بسبب صغر سنها ..”
قال قيصر بتمهل مشددا على كلماته :
” وأنت قلتها يا بك .. رفضتم حينها ..!!”
تدخلت والدتها في الحوار وهي تقول بإصرار :
” ولكننا أعطيناه كلمة يا بك .. أخبرناه إن شمس ستكون له ما إن تتخرج ..”
رد قيصر بصوت بارد :
” لا يوجد منطق يقول أن نوعد الشاب بشيء كهذا .. ينتظرها حتى تتخرج .. الحياة تتغير مع مرور السنوات وربما من تريده شمس اليوم ترفضه بعد مدة عندما تتغير قناعاتها في الحياة .. حضرتكِ تقولين إنه خطبها عندما كانت صغيرة .. ربما كانت في المدرسة حينها .. والآن ستكمل سنتها الجامعية الثانية .. خلال هذه المدة تغيرت الكثير من الأشياء كما إنها نضجت وأكيد تغيرت قراراتها ..”
أخذ نفسا عميقا قبل أن يكمل :
” على العموم هذا الكلام لن يؤثر بطلبي لإن القرار الوحيد لشمس .. أليس هذا ما يجب أن يحدث يا بك ..؟!”
ركضت شمس مسرعة الى الداخل وقد فهمت إنهم سينادون عليها ليأخذوا رأيها لكنهم لم ينادوا ..
اما في الخارج تولى والد شمس دفة الحديث قائلا :
” اترك شمس على جنب الآن وأخبرني يا بك .. من أين تعرف ابنتي كي تطلب يدها ..؟! أين رأيتها من الأساس ..؟!”
أجابه قيصر بهدوء وثقة :
” رأيتها لأول مرة في الجامعة .. كنت في زيارة هناك حيث كان لدي موعد مع عميد الجامعة لأجل توظيف الطلبة الاوائل في الأقسام الهندسية المطلوبة عندي في الشركة .. رأيتها صدفة ولفتت انتباهي منذ ذلك الوقت .. عدت ورأيتها بعد مدة في زيارتي الثانية للجامعة حيث دعاني العميد للمهرجان السنوي ولأكن صريحا فأحد أسباب ذهابي الى هناك رغبتي في رؤيتها .. عندما تم تكريمها في المهرجان كونها من الاوائل السنة الماضية عرفت إسمها فبحثت عنها وأخذت المعلومات التي أريدها .. وجدتها فتاة مهذبة ذكية على خلق عالي ومن أصل طيب .. حسنا ربما يوجد فرق سن لا بأس به بيننا لكن فرق السن هذا ليس غريبا في أمور الزواج لإن الرجل دائما يكون أكبر من شريكته وهذا لا يؤثر على نجاح الزيجة عموما .. بإختصار انا وجدت بها المواصفات التي أريدها وأبحث عنها في زوجتي إضافة إلى إنني أعجبت بها ككل ولإني لا أحب اللف والدوران قررت خطبتها رسميا … ”
توقف عن حديثه للحظة منتبها لنظرات والدتها المشتعلة من حديثه الذي لا يوجد به حرف واحد صادق فأكمل بجدية :
” للمرة الثانية يشرفني أن أطلب منك يد ابنتك يا بك وسوف أكون سعيد للغاية إذا ما فزت بها ..”
تأمله عماد بإعجاب حقيقي فالرجل يبدو رزينا مهذبا محترما للغاية اما مها فكانت تغلق فمها بصعوبة فنظرات زوجها المحذرة أخرستها تماما ..
أكمل قيصر بجدية :
” أنا أخبرتك من قبل عن اسمي وعائلتي وعملي وطبعا تستطيع أن تسأل بنفسك عنك وتعرف كل ما تريده فهذا حقك بالتأكيد كي تطمئن على ابنتك مع إنني أعدك منذ الآن إن شمس ستكون بإيدي أمينة وإنني سأحافظ عليها حتى آخر أنفاسي ..”
أومأ عماد برأسه ثم قال بجدية :
” بالطبع سأسأل عنك بنفسي فأنا لن أمنح ابنتي لأيا كان .. لا أحد يستطيع أن ينكر الكلام الجيد الذي نسمعه عنك وعن عائلتك والسمعة الجيدة التي تتحلى بها لكن هذا زواج ويجب أن أتأكد من كل شيء قبل ادلاء الرأي النهائي مع حقيقة إن القرار النهائي لإبنتي وليس لي .. انا أعطي رأيي فقط لكنها من تقرر القبول او الرفض ولا أحد سيتدخل بها أبدا أيا كان ..”
ابتسم قيصر برزانة ثم نهض من مكانه وودع الرجل وزوجته التي قابلت توديعه بهزة مقتضبة ليخرج من المنزل وهو مرتاح كليا بعد حديثه مع والدها لكن تتبقى عقبة واحدة وهي والدتها التي حاوطته بنظراتها المغيظة طوال الوقت ..
…………………………………………………………………

 

 

 

 

خرجت شمس من غرفتها وهي تسير على أطراف أصابعها تستمع الى حديث والديها حيث والدها يحذر والدتها من تصرفاتها التي أزعجته بينما والدتها لا تقل شيئا وتستمع اليه بصمت ..
” أنت سترفض هذه الخطبة يا عماد .. أليس كذلك ..؟!”
سألته والدتها بجدية ليرد عماد :
” ما بالك يا مها ..؟! ترفضين الخطبة بتعنت غريب مع إن رجل مثل قيصر عمران حلم لأي فتاة .. حسنا قولي هذا لا يعني إنني أعطي موافقتي النهائية التي بالأساس هي بيد ابنتك لا بيدي او يدك لكن لن ننكر مبدئيا إنه رجل مثالي تحلم بنسبه جميع العوائل ..”
” أغراكَ بمركزه وماله يا عماد. ..”
هدرت بها مها بغضب ليرد عماد بهدوء :
” اولا الرجل لم يجلب سيرة مركزه وثروته طوال حديثه معنا .. لم
يتباهَ بكل هذا يا مها كما يفعل البعض وأنت كنت موجودة وشاهدة على حديثه .. ”
أطلق تنهيدة صغيرة وأكمل :
” لكن بعيدا عن كل هذا .. هل يوجد أب وأم في العالم لا يتمنيان لإبنائهم أفضل زيجات .. هذا أمر طبيعي .. ”
” هل أصبحا المال والمركز من يجعلان الزيجة أفضل ..؟!”
رد بضيق :
” المال مهم في حياة الجميع يا مها والمركز مفيد أيضا في بلادنا التي تتعامل مع كل شخص حسب منصبه .. هذا شيء لا تستطيعي نكرانه .. لكن هذا لا يعني إنني سأزوج ابنتي لأي شخص لديه مركز ومال .. بالطبع هناك ما هو اهم كالأخلاق والسمعة الطيبة .. لكن عندما يجتمع هذا مع المال والمركز سوف يكون الرفض غير منطقي …”
شعرت شمس بأن النقاش سيحتد فقررت قطعه وهي تتقدم نحوهم وتقول :
” بابا .. ماما .. اهدئا من فضلكما .. لا داعي لكل هذا الغضب .. ”
أكملت وهي تخبر والدتها بتعقل :
” الرجل طلبني للزواج ونحن لنا حق القبول من عدمه ..”
ابتسم عماد وهو يقول :
” وهذا ما سيحدث يا ابنتي .. انتِ لك الحق في القبول من عدمه .. ”
صاحت والدتها بسرعة :
” سترفضين بالطبع ..”
نظرت شمس الى والدتها بتردد ثم قالت وهي تهز كتفيها :
” ولمَ سأفعل هذا .. إنه رجل محترم ومقتدر ماديا ذو سمعة جيدة حسب علمي .. ”
نظرت الى والدتها التي أخذت ترمقها بنظرات غير مصدقة لتكمل وهي تشيح بنظراتها بعيدا عنها وتركزها على والدها :
” لكن قبلها يجب أن يسأل عنه والدي أولا ثم أقابله بنفسي وأتحدث معه ثانيا .. انا لن اوافق عليه حتى أتعرف عليه جيدا وأقرر اذا ما كان يناسبني أو لا ..”
قالتها بهدوء ووعيد خفي قبل أن تتحرك بعيدا عنهما عائدة الى غرفتها تاركة والدتها تتابعها بذهول وهي متأكدة إن هناك شيء ما حدث لا تعمله ..
شيء توصلت إليه أخيرا لتجحظ عيناها وهي تستوعب ما حدث لابنتها والتي ستتأكد منه منها بنفسها وحينها لن تتردد لحظة واحدة في قتل الفاعل سواء كان هذا الرجل او اخيه ..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شمس ربحها القيصر)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!