روايات

رواية كواسي الفصل الثامن 8 بقلم نسمة مالك

رواية كواسي الفصل الثامن 8 بقلم نسمة مالك

رواية كواسي الجزء الثامن

رواية كواسي البارت الثامن

رواية كواسي الحلقة الثامنة

………………………
جاذبية الرّوح لا تُشترى، هي منحة الله لمن يستحقها، لا ينطفئ بريق الرّوح! إلاّ إذا انطفأ نور النّقاء من قلب صاحبها،و “كواسي” أنعم الله عليها بقلبٍ نقي لم يقدره أحدًا من حولها،
و رغم كل ما مَّرت به إلا أنها لم تفقد رونق روحها المرحة، و نقاء قلبها الصافي، تمتلك حضور طاغي يلغي وجود الأشخاص من حولها جعل الغيرة تتأجج نارها بقلب “عزة” فتفننت في كسر خاطرها بشتى الطرق متعمدة تحت شعار خوفها عليها و حبها المزيف لها!
أفعالها هذه لأنها تشعر دائماً بالنقص في وجود “كواسي”، حتى تخطت كل الحدود غير عابئة لمدى الحزن التي سببته لقلب من تعتبرها بمثابة شقيقها!
ليحين الوقت لينزع “عُبيد” رباط الود الزائف من على أعين “كواسي” ليجعلها ترى جمال قلبها و روحها الحقيقي، و ليسترجع لها كرامتها و عزة نفسها ويعلمها كيف تحافظ عليهم،
فلا يوجد ثراء أعظم من عزّة النّفس ولا يوجد جمال يفوق فتنة الروح. الجميلون روحاً جاذبيتهم طاغية واطلالتهم فاتنه لا يفعلون أشياء كثيرة ولكنهم يربِكون القلوب بدرجة كبيرة،الجميلون روحًا يعشقون الفرح بكل أبجدياته يتناغمون مع إيقاعات البهجة في كل حالاتهم ، لأنهم يدركون أنّ القوة تكمن في السعادة. الجميلون لا يدهشهم رونق الأشياء من الخارج فقط، بل قلوبهم شغوفة بإدراك ذلك الجمال الكامن في كُنه الأشياء ومعانيها الجوهرية،
الرائعون بأرواحهم يعشقون الاحتفال بكل لحظة، بكل يوم وبكل شهر، لا ينتظرون المناسبات ولا الأحداث السارة ! لديهم شغف للفرح لا محدود، يدركون جيداً أن الاحتفال في كل وقت هو بهجة الحياة، لأنهم يعرفون أن السعادة لا تُشترى بل تُعاش بأبسط تفاصيلها، فالقدرة على الفرح قوة لا تتمتع بها إلا القلوب الممتلئة بالنقاء..
………… صلِ على محمد ………………
تقف “كواسي” أمام “عُبيد” تتأمله بأعين منبهرة، تبخر خوفها منه تمامًا، أصبحت الفرحة الغامرة هي الظاهرة على قسماتها عكس طبيعتها الحزينة، رفعت يدها وضعتها على لحيته الكثيفه التي تضاعف من وسامته وهي تقول:
“أنا مش عارفه أنت عفريت و جن و لا أيه و مش عايزة أعرف.. كفاية أنك الوحيد اللي فاهمني و مش سايبني لوحدي”..
صمتت لبرهةً حين ترقرقت العبرات بعينيها و تابعت بأسي:
“و الوحيد اللي شايفني جميلة!”..
“أنتي فعلاً جميلة يا كواسي و جميلة أوي كمان “.. قالها “عُبيد” مؤكداً و هو يقبض على رسغها بخفة و سحبها تجاه المرآة المعلقة بجانب الخزانة اوقفها أمامه و بدأ يرتب خصلات شعرها مكملاً :
” جمال ملامحك و روحك و قلبك جمال ملكات”..
غزت الإبتسامة شفاه” كواسي” و هي تطلع لنفسها في المرآة التي تظهر انعكاس صورتها هي فقط،
لم ترى انعكاس صورة “عُبيد” الواقف خلفها! حانت منها التفاته تنظر له من فوق كتفها فأداها ابتسامة مطمئنة و هو يقول أمرًا إيها بلطفٍ:
“بصي لنفسك في المرايا و قولي ورايا”.
قبض بأنامله على ذقنها عدل وجهها تجاه المرآة مغمغمًا:
“أنا كواسي زينة البنات أجمل بنوته في الكون كله، و قلبي أطيب و أحن قلب في العالم و استهال كل حلو الدنيا”..
دون أدنى إرادة منها رددت كل حرف أملاه عليها، و م كل كلمة تفوهت بها كانت تزداد ثقتها بنفسها، و يغمرها شعور القوة، قوة الشخصية التي كانت تفتقدها..
ظلت تردد ما أملاه عليها مرات و مرات غير عابئة لوالدها و والدتها و جدتها الواقفين أمام باب غرفتها، يقفون بالترتيب فوق رؤوس بعضهم البعض يسترقون النظر عليها بعين واحدة عبر فتحة الباب الصغيرة،
الصدمة تحتل تعابير وجوههم حين رأوها تتغزل في نفسها أمام المرآة، لتزيد من صدمتهم أكثر عندما دار “عُبيد” حولها الذي لم يراه أحدًا سواها و وقف بينها و بين المرآة، و حدثها بفخر قائلاً:
“براڨوا عليكي يا بنوتي الطعمة”..
ضحكت “كواسي” بسعادة بالغة و اردفت بلهفة قائلة:
“أنا بنوتك الطعمة و أنت عبودي المسكر اللي عمره ما هيتخلي عني أبدًا و لا يسبني لوحدي تاني “..
“مين عبودها المسكر ده ياواد يا سيد؟! “..
همست بها جدتها في أذن والد “كواسي” الذي لكزها برفق لتلتزم الصمت حتى لا تلفت انتباه ابنته..
بينما” كواسي” أصبحت بعالم أخر حين فتح لها” عُبيد” ذراعيه في دعوة صريحة منه لتلقي كل أحزانها على صدره و هو يقول :
” مستحيل أبعد عنك يا كواسي.. أنا و أنتي ملناش غير بعض”..
لم تترد لحظة واحدة و قبلت دعوته بأريحية و ألقت بنفسها بين ضلوعه، ليحتويها هو بتملك وجنون بكل ما يملك من لينٍ،
جحظت أعين عائلتها و كتموا شهقاتهم بصعوبة وهم يرونها تلتصق بمرآة الخزانة و تعانقها عناق حار!
سقطت قلوبهم أرضًا و أصبحت أقدامهم ترتجف بقوة كأنها تحولت لهلام لم تعد تقوي على حملهم حين وجهت “كواسي” نظرها نحو فتحة الباب دون أن تبتعد عن “عُبيد” و رمقتهم بنظرة مرعبة جعلتهم يفرون راكضون على الفور مبتعدون عن غرفتها نهائياً..
“يالهوي على المصيبة اللي حلت فوق دماغنا كلنا البت بنتنا ملبوسة يا سيد”..
همست بها “صفية” بغصة مريرة و هي تطلم بكفيها على وجنتيها ..
………………. سبحان الله وبحمده…………….
أمام منزل “كواسي”..
توقفت سيارة من أحدث الطراز تجلس بها “عزة” بالمقعد الخلفي و تتحدث بنبرة يظهر بها مدى حقدها الدفين قائلة:
” هو ده بيت المجنونة اللي أنت كلفت نفسك و قطعت تذكرة بفلوس كتير أوي و نزلت لها مخصوص من ألمانيا يا دكتور!”..
تطلعت لفخامة السيارة من حولها و تابعت بصوتٍ خفيض:
“صحيح الحظ لمكتكتين الرووس اللي زيك يا واكسي!”..
صوتها وصل لسمع الجالس خلف المقود بعنجهية تليق به كثيراً، لم يكلف نفسه عناء الرد عليها، و لا بالنظر تجاهها بطرف عينيه التي تخفيها نظرته السوداء و لا حتي مرة واحدة،كان شارد الذهن في” كواسي” تلك البنت التى سلبت عقله من أول مرة سمع صوتها عبر الهاتف،مكالمة مدتها لا تتخطى الدقيقتان كانت لها مفعول السحر عليه، لم يتوقف عن التفكير فيها، حاول بشتى الطرق الإتصال بها إلا أنه لم يستطيع الوصول لها بعدما وضعته على القائمة السوداء، و كلما طلب هاتفها من رقم أخر وجده مغلق، ليقرر طلب صورة لها من “عزة” التي تدعوا أنها صديقتها المقربة، لتقوم الأخيرة بإرسال أبشع صورة ل “كواسي” كانت قد التقطتها لها على غفلة متعمدة تشويه صورتها في نظره كما تفعل دائمًا،لكن صورتها هذه راقت له كثيرًا بل أنها حركت قلبه الذي تنساه، ليتخذ قرار أذهله هو شخصيًا و قام بحجز أول تذكرة طيران قادمة لمصر بعد غياب سنوات طويلة عاشها في الغربة منشغل بدراسته و عمله، جاء خصيصًا لأجلها.. لأجل كواسي..
انتبه من شروده على صوت “إبراهيم”خطيب “عزة” الجالس بجواره بالمقعد الأمامي :
“أنا برضوا زيك يا عزة مستغرب و لحد دلوقتي مش مصدق إنك نزلت مصر يا صاحبي عشان خاطر واحدة متعرفهاش و مجنونة كمان!”..
“الكلمة الوحيدة اللي اتقالت صح من لحظة وصولنا إنك زي خطيبتك يا إبراهيم”.. قالها و هو يخلع نظراته و يتنقل بعينيه بينهما بنظرة متفحصة يخبرهم بها أنه يعلم ما يدور بنياتهم الخبيثة..
ضحك” إبراهيم “بسماجة بينما تشنجت” عزة ” مردفة بعصبية:
” تقصد أيه بكلامك ده يا كتور؟ إبراهيم زيي في أيه بالظبط؟ مش كفاية إني جيت معاكم لحد بيت البت النادلة دي اللي سبتني يوم خطوبتي و مشيت عشان بنصحها و خايفة عليها و قولت لخطيبي يقولك علي حالتها لما قالي إنك دكتور نفسي يمكن تتعالج و تخف من جنانها و نفسيتها المعقدة “..
لم يبالي لها مطلقًا و تحدث بلهجة حادة تدل على نفاذ صبره :
” إبراهيم أنا مش جاي من برة أسمع رغي خطيبتك. لو مش عايزين تطلعوا معايا خليكم في العربية وأنا هطلع لوحدي “..
نظر ل” عزة”من فوق كتفه مكملاً بتساؤل:
” مش بتقولي والدها موجود؟ “..
اشتعلت” عزة” بالغضب أكثر و اجابته بعصبية مفرطة:
“بابها موجود بس حضرتك هتطلع عندهم بصفتك مين؟ لازم أنا أطلع معاك عشان أقولهم إنك تبقى صاحب خطيبي و بتشتغل دكتور و أنا قولتلك على حالة بنتهم المجنونة و جبتك تكشف عليها.. صح يا هيما؟ “..
” صح طبعاً يا زوزتي.. إحنا لازم نطلع معاك.. مينفعش تطلع لوحدك زي ما زوزتي بتقول “..
ظهر الاشمئزاز على قسماته فأغمض عينيه لوهلة و من ثم فتحها و رمقتهم بشرر قبل أن يغادر السيارة بدون التفوه بحرف، ليسرعوا هما بالنزول خلفه متجهين لداخل منزل كواسي؟! ..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية كواسي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى