روايات

رواية عهود الحب والورد الفصل الخامس 5 بقلم سارة نيل

رواية عهود الحب والورد الفصل الخامس 5 بقلم سارة نيل

رواية عهود الحب والورد الجزء الخامس

رواية عهود الحب والورد البارت الخامس

عهود الحب الورد
عهود الحب الورد

رواية عهود الحب والورد الحلقة الخامسة

شهقت بفزع عندما رفع الحجارة ضاربًا الثعبان خلفها، ابتعدت بوجل وهي تنظر للثعبان الذي ارتمى على الأرض.
تنهدت براحة لينظر لها بحاجب مرفوع وهتف:-
– مش لميتي عليا الناس يعني يا عهود، بقاا كدا يا عهود عايزة تفضحيني دا ربنا أمر بالستر حتى يا مؤمنة.
ابتسمت على كلماته وجلست على أحد المقاعد قائلة بجدية:-
– يلا من غير تغيير في الموضوع لم الأطباق.
راح يضحك ببساطة وأخذ يُلملم الأطباق وهو يقول:-
– دا ولا ينقص من الراجل أي شيء يا عهود بالعكس دا بيرفعه، أنا في بيتنا كدا مع أمي وأخواتي، مش عيب أبدًا إن أشارك وأنضف معاهم.. دا الرسول صل الله عليه وسلم خير البشر كان بيعاون أهل بيته حتى زوجاته كانوا بيحبوا وجوده في البيت.
فرحة غريبة غزت قلبها من حديثه هذا، تعجبت كثيرًا من طريقة تفكيره، حقًا هذا الفِكر في الرجال واقتداءهم بالنبي العدنان في هذه الخصال نادرًا جدًا بل يكاد ينعدم.
-عليه أفضل الصلاة والسلام، اللهم بارك دا شيء جميل جدًا ونادر أووي يبقى موجود، الله المستعان الزمن ده بقى الراجل رامي كل الحِمل على البنت، حتى الشاب في البيت مش بيهون عليه يعلق هدومه بعد ما يخلعها حتى لو هو فاضي وبيتكل على أخته البنت في أبسط الحاجات، ولما تيجي تعاتبه يقولك أنا راجل وللأسف دا تفكير غلط جدًا، هما فاهمين الرجولة بشكل غلط جدًا.
قال بمرح وهو يرى الجدة دلال قادمة:-
– دا إنتِ منفسنة أووي من الرجالة يا عهود.
– يعني مش دي الحقيقية..!
ذهب بإتجاة الجدة يحمل أكواب الشاي بدلًا عنها، وقال:-
– بس صدقيني مش كلهم.
– ما أنا عارفة بس السيئة بتعُم بقاا.
قالت الجدة بمرح:-
– آآه إنت وقعت مع تحقيقات عهود .. ربنا يعينك.
ابتسم أمان وقال بغموض:-
– وماله يا دولا حقها طبعًا وأنا تحت طوعها في أي تحقيق.
وثبت عهود من جلستها فور أن شعرت أن الحديث ينعطف نحو مُنحدرٍ أخر، وقالت بهدوء:-
– هقوم أنا أرتب المكان وأودي الأطباق دي المطبخ.
– ما أنا إللي عليا الدور زي ما إنتِ قسمتي.
– مفيش مشكلة دي حاجة بسيطة إنت ضيف ميصحش.
وذهبت من فورها مستنكرة تلك الهدرات التي تقرع بصخب خلف ضلوعها..
أخفض أمان رأسه بحزن قائلًا بيأس:-
– عهود عمرها ما هتسامحني يا ستي أبدًا.
تنهدت الجدة وقالت:-
– عهود أرق وأطهر من إنها مش تسامح حد، لو هي مش مسمحاك عمرها ما كانت قبلت إنها تكلمك أصلًا يا أمان، كل المشكلة إن عهود خايفة، عايشة في خوف بيهددها دايمًا، خوف إنها ترجع تعيد نفس الأخطاء، خوف إنها تتوجع، حاسة إنها عايشة في عالم لوحدها هي بتحارب جيش عايز يسحبها لورا .. مجتمعنا يا بني بقاا أكتر حاجة الواحد يخاف منها..
دايمًا المسالم بيقع في مصيدة الظلم، وحقيقي يا أمان وجع الظلم بيختلف عن أي وجع.
هي لا تحتاج لأحد يُترجم عنها، هو يعرفها وكأنها ظله؛ لأنها هو من سطر أول تلك الحكاية، هو الصياد الذي فتح مصيدة الظلم عن أخرها وكان ساكنها الوحيد هي عهود..
ابتلع ريقه بتوتر وتسائل بحذر:-
– أيه إللي حصل بعد اليوم ده يا ستي، كان أيه موقف عهود بعد ما رجعت متحطمة من الكلية إللي كانت حلم حياتها.
شردت الجدة قليلًا ثم قالت بمرار:-
– هي فعلًا متحطمة يا أمان، عهود وهي راجعة بعد إللي حصل معاها في الكلية كانت ماشية بين الشوارع زي التايهة المنهزمة .. كانت ماشية مسلوبة الإرادة..
بعد ما غابت النهار كامل عن البيت ومرجعتش بدأنا ندور عليها في كل مكان .. بس جات مكالمة لنا آخر الليل من المستشفى بتقول إنها موجودة بعد ما عملت حادثة صاعبة جدًا عرابية خبطتها في الشارع، طلعنا نجري كلنا على ملا وشنا .. إحنا اليوم ده كنا متجمعين كلنا ومستنينها علشان كنا عاملين مفاجأة بمناسبة عيد ميلادها..
تنهدت بحزن والذكرى تهاجمها بعنف وواصلت حديثها:-
– وصلنا المستشفى والدكاترة قالوا إن حالة عهود صعبة جدًا ويا عالم لو قامت تاني، كان عندها نزيف داخلي .. الكسور والجروح في كل جسمها، بمعنى أصح كانت متحطمة..
تخيل يا ابني تخرج الدكاترة وتقولنا ادعولها مش باقيلها كتير وإن حالتها حرجة جدًا..
بقينا على أخرنا والحمد لله ربنا كتب لعهود عمر جديد وكتبلها النجاة، بس للأسف دخلت في غيبوبة وفضلت فيها أربع شهور ولما فاقت كانت عهود شخص تاني نهائي..
الحادثة أثرت على حركتها وفقدت الحركة، وفضلت سنة تتعالج وتابع مع العلاج الطبيعي مع العلم إن الخلل إللي كان موجود مكانش يستدعي إنها متقدرش تقف على رجليها تاني، بس الدكاترة قالوا إن المسألة عملية نفسية..
دا كله كوم ولما أبوها وأمها وكل العيلة عرفت بخبر فصلها من الكلية كوم تاني والسبب إنها سرقت الإمتحان من مكتب الدكتور وإللي للأسف كان هو إنت واتعرضت لمجلس تأديب بدعوتك إنت وتم فصلها … غير الفضيحة الأخلاقية إللي اتلزقت فيها ظلمًا وعدوانًا، وواقفت إنت شاهد وإنت متعرفش حاجة لمجرد إن الإمتحان لقيتوه في شنطتها..
بنات وشباب العيلة عملوا منها نموذج للسخرية والمعايرة، وهما كانوا منتظرين الفرصة لأن من زمن يا زمن كان في دايمًا منافسة على كليات القمة زي ما بيقولوا بين البنات والشباب .. إللي في منهم في طب وصيدلية وهندسة بأقسامها وإللي دخلوا كليات خاصة بالفلوس علشان مستوى الجامعة يليق بأولاد عائلة فاضل، بس عهود كان دماغها تختلف شوية عنهم .. كانت عايزة تدخل الكلية إللي بتتمناها بمجهودها ومن غير ما تكلف أي حد حاجة، قالت هتحدي الكل إنها هتحقق حلمها وإللي عيزاه من كلية حكومية..
وفعلًا دخلت هندسة زراعية زي ما كانت بتتمنى ومتعرفش هي قد أيه تعبت وشافت الويل .. وفي الأخر بعد ما فات ترم واحد في الكلية لقت نفسها براها مطرودة منها شر طاردة بعد ما لزقت في اسمها إتهامات باطلة..
شوفت الظلم ممكن يعمل أيه يا أمان!..
شوفت كلمة واحدة من الإنسان من غير ما يعرف صحتها تعمل أيه وتدمر حياة فرد إزاي.!
تزلزلت الأرض أسفل أقدام أمان وشعر بالعالم يدور من حوله، ولم تكن ردة فعله إلا أنه أخذ يركض خارح المنزل وأصوات الجدة ترن بعقله وأذناه..
لا يعلم كيف وصل لمنزله وبالأخص غرفته وأغلق الباب من خلفه ثم انهارت وخارت قوته وسقط على ركبتيه بوهن..
رفع كفيه فوق أذنه يمنع تكرار صدى الصوت بداخله الذي يرن دون رحمة..
هطلت دموعه ليغرق في بكاءٍ عنيف كطفل فقد أمه..
ارتفعت شهقاته ليقول من بينها بعدم تصديق من نفسه:-
– بسببي أنا .. بسببي دمرت حياتها .. أنا دمرت حياتها، أنا أقذر إنسان في الوجود .. أنا ظالم ومفتري .. بسببي أنا داقت كل الأوجاع .. بسببي أنا عانت لوحدها واتحرمت من كل حاجة بتحبها .. بسبب كلمة مني دمرتها وحطمتها..
رفع رأسه للسماء وصاح بتوجع:-
– آآآآه يارب .. آآآه يا الله، أنا مش عارف أعمل أيه، أنا مكسوف منك أوي يارب مش عارف إزاي أطلب السماح، أنا ظالم يارب .. إنت حرمت الظلم على نفسك وجعلته بين عبادك مُحرم وأنا استحليته..
بكى كالطفل الصغير وأكمل بنواح:-
– يعني أنا كنت بنام مرتاح وهي بتتقلب بين الأجهزة الطبية والإبر، يعني أنا كنت عايش ولا على بالي وفي واحدة باقي منها حُطام بس .. ياااه قد أيه أنا حقير..
وبطلب منها السماح!! .. أنا ماستحقوش لا..
أنا عمري ما هقدر أرفع عيني فيها، أنا حُبي لها اتكتب عليه الموت قبل ما يتولد ويشوف النور..
ارشدني يارب .. قولي أعمل أيه .. الصح فين..
*******
ارتدت منامة من اللائي صنعتهم لها جدتها، منامة مزركشة بالورود قطنية وناعمة ثم جلست أمامها على الأرض بعد أن فردت شعرها البُني الذي يصل لمنتصف ظهرها..
تسائلت عهود ببسمة صافية وهي تشعر بالراحة عندما بدأت الجدة تُدلك فروة رأسها بزيت جوز الهند:-
– أمال ماله الباشمهندس أمان خرج وشكله مش متظبط ومن غير ما يشرب الشاي.
ردت الجدة بهدوء وثبات:-
– وصل له مكالمة من الشغل وقال إنه نسى حاجة مهمة.
– آآه .. ربنا يستر وميبقاش في مشكلة إن شاء الله.
– ماحكتيش ليا إزاي بقاا وصلتي لأمان، وأيه إللي حصل، عيونك بتقول كتير أووي يا عهد.
غامت أعينها بحزن وقالت:-
– السابعة الأوائل على الكلية لهم فرصة يتدربوا في مشاتل وشركة أمان، روحت معاهم والحمد لله ليا نصيب اتدرب فيها وأخد خبرة ولما روحت تفاجأت بأمان..
ماما وبابا يا دولا مضايقين عليا وأختي مش رحماني، ماما زعلانة هي وبابا على لبسي وبيسمعوني كلام في الراحة والجاية ومصممين إن أغير طريقة اللبس.
تسائلت الجدة دلال بنبرة ذات مغزى وهدوء ظاهري:-
– طب وإنتِ أيه رأيك.؟!
التفتت إليها عهود وقالت مسرعة:-
– ودي عايزة كلام، إنتِ بتسأليني السؤال دا بردوه يا دولا، بعد ما أخيرًا لقيت بر الأمان ارمي نفسي تاني في البحر إللي كان كل يوم بيبلعني جواه أكتر وأكتر..
متعرفيش كم الراحة والسعادة والحماس إللي جوايا، متعرفيش كم الطمأنينة بعد ما لقيت كل أجوبة لأسئلتي، معقول يا دولا بعد ما خرجني من الظلمات للنور أسيبه وأسيب الحلاوة دي كلها..
أنا كنت عارفة إن الطريق مش سهل وكله عقبات وصعوبات، بس مش أصعب من إللي قبل كدا، وأنا بفضل الله وكرمه ورحمته هقدر أنجح في الإختبار ده وأجتازه..
أنا أقدر أنا قدها وقدود ..
لسه الطريق طويل وأنا لسه في بدايته وإن شاء الله ربنا هيسخر ليا إللي يشدد بعضُدي ويقويني كفاية هو موجود.
تنهدت براحة وواصلت بينما الجدة تستمع لها بفرحة عارمة:-
– الصحبة الصالحة رزق ولسه معاد الرزق ده مجاش، لما مش بلاقي حد أكلمه وببقاا وحيدة ببص للسما بحسّ بونس غير عادي ووحدتي بتتبخر .. كفاية كلامي معاه..يكفيني والله..
الزوج الصالح رزق ولسه معاد الرزق ده مجاش، بس أنا واثقة إن دا ترتيب من رب العالمين ليا، شوفي يا دولا أنا واثقة إن مرتبلي حاجة إنما أيه .. تليق بإنتظاري وتليق بكرمه سبحانه.
لسه مسيرة تعليمي في البداية، قدامي أهداف كتير أووي نفسي أحققها .. هشتغل وأبني لنفسي كيان .. لسه هاخد درجة الماجستير والدكتوراه وأقدر أضيف للحياة بصمتي..
هحقق حلمي إللي بنيته من البداية بس الطريق اختلف، هقدر أوفر للمواطنين وأقدملهم منتجات طبيعية مش مليانة بالسموم، نفسي أغير كتير أووي يا دولا..
آآه يلا أسيب كل حاجة تيجي بالتدريج ومستعجلش النجاح، من تأنى نال ما يتمنى..
ربتت الجدة على ظهرها ورأسها وقالت بقوة تبثها داخلها:-
– اعرفي إنك على الطريق الصحيح يا عهود وإللي طال رجعتك ليه، هتوصلي للي إنتِ بتتمنيه وزيادة يا بنتي، وحطي في بالك الجملة دي يا بنتي من استقامت علاقته مع الله استقام له كل هدف..
إنتِ قوية وشجاعة .. تقدري تبقي أي حاجة معادا ضعيفة، إنتِ واجهتي كتير وهتواجهي أكتر..
الراحة يا بنتي ماتخلقتش في الدنيا لأنها في الجنة، الإنسان لابد يفضل في كبد وتعب وشقى لغاية ما يروح للي فوق ويجازيه..
أيامك كلها هتبقى فرحة وهنا لأنه كريم وحنين أووي..
أهم حاجة ثقتك ويقينك مايتزعزعوش.
فهماني يا عهود..
حركت رأسها بإصرار وقوة:-
– أفهمكِ جدتي..
*********
شعرت بالتعب يأتي لها مرةً أخرى ويتمكن منها فيجعلها حتى عاجزة أن تجلب لنفسها بضع قطرات من الماء..
الجميع منشغل فيما يخصه وهي بقت وحيدة..
ابنتها تحيا داخل الهاتف وتغلق غرفتها عليها بعالم موازي أخر..
وزوجها توفيق يسعى خلف العمل ويُحصّل الصفقات ليس لديه الوقت ليُسامرها أو يسأل عن أحوالها، رمى كل هذا فوق أكتاف ممرضة جاء بها لترعاها وتهتم بشؤنها وخادمة تفعل ما يتطلبه المنزل إلى أن تتعافى من تلك الوعكة الصحية التي تجعلها طريحة الفراش.
هاجمتها الذكريات … عندما كانت تصاب بتلك الالتهابات الكبدية .. هي الوحيدة التي كانت تتولى كل ما يخصها، كانت لا تتركها لوحدها وأفكارها..
تأتي بكُتبها وكل ما تحتاجه لغرفتها وتجلس تذاكر أمامها بهدوء حتى لا تتركها وحيدة، حتى أنها كانت تنام بصحبتها..
تهتم بطعامها وشرابها .. والأهم من هذا حالتها النفسة فكانت لا تتركها طرفة عين …
إنها صاحبة القلب الحنون ابنتها عهود..
لكن أين هي عهود!! .. قد جعلوها تترك المنزل عنوة وتقيم عند جدتها وها هي وحيدة بعدما أصابتها تلك الأزمة، لو علمت عهود لأتت حبوًا .. تعلم هذا جيدًا.
إنها ابنتها وتعلم ما بداخلها جيدًا..
تسائلت بتعجب .. ما هو جُرم عهود حتى تَلقى كل هذا منهم، حتى من تقع في الخطيئة ببعض الأحيان وخاصةً بهذه الطبقة لا يكون جزاءها ما تُعانيه عهود..
ابتسمت بوجع .. فقد أتت النكبة تلك لتُعْلِمها من هي عهود فلذة كبدها..
– حقك عليا يا عهود .. حقك عليا يا بنتي، ظلمتك وقسيت عليكِ كل السنين دي علشان في البداية ذنب مش ذنبك وعارفة إنك بريئة منه .. وذنبك التاني إنك حبيتي العفة..
ياااه قد أيه إحنا بقينا وحشين يا بنتي..
بس خلاص آن الأوان إن كل حاجة تتغير وترجع لأصلها الصحيح، وأمك هي إللي هتجيبلك حقك يا عهود.!

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عهود الحب والورد)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى