روايات

رواية الشيطان وقع أسيرها الفصل السابع عشر 17 بقلم سولييه نصار

رواية الشيطان وقع أسيرها الفصل السابع عشر 17 بقلم سولييه نصار

رواية الشيطان وقع أسيرها الحزء السابع عشر

رواية الشيطان وقع أسيرها البارت السابع عشر

رواية الشيطان وقع أسيرها الحلقة السابعة عشر

الفصل السابع عشر(ولكنه قلبي!)
“”ربما لم يكن شيئا مهما بالنسبة لك يا ريتا لكنه كان قلبي””
محمود درويش
-بيري !!!
قالتها جواهر بصدمة ثم نظرت حولها وعندما لم تجد احد اقتربت من عبير وأمسكت ذراعها وهي تبتعد بها من المكان بينما الرعب يتصاعد داخلها …
ظلت تسير وتسير بها وقلبها يدوي داخل صدرها …تخاف ان يقبض عليها شريف …
واخيرا وقفت في مكان بعيد عن فيلته وهي تنهت بعنـ ف ثم نظرت الى عبير وقالت بغضب :
-ايه اللي جابك هنا يا بيري افرض اتمسكتي ؟! ايه مفكرتيش أن ده ممكن يحصل ؟!!!…
كانت جواهر تتكلم وهي تنظر حولها تخاف ان يراها أحد ….
-جواهر …جواهر !!
قالتها عبير بلوعة ثم اندفعت تضمها بقوة وهي تبكي بعنـ ف …كانت دموعها تنفـ جر من عينيها دون توقف …تشعر بقلبها ينسـ حق داخل صدرها …لا تصدق ان صديقتها تورطت من اجلها وهي السبب في كل شئ…
-انا السبب يا جواهر أنا السبب …أنا اللي سلمتك لبابا…هر بت ومفكرتش فيكي …
احتشدت الدموع بعيني جواهر …كان الأ لم يعصف بها …نعم لقد تد مرت حياتها لانها ساعدت عبير ..ابتعدت عن والدتها وتزوجت بالبا طل وهي الآن تكذ ب وتخد ع وتستـ غل عدي وأسرته كي تنجو …ولكن رُغم.ذلك هي لن تتخلى عن عبير …لن تضـ حي بها ولن تسلمها لوالدها …ضمت عبير بدورها وهي تقول بنبرة مختـ نقة :
-بس خلاص …اهدي أنا كويسة محصلش حاجة …
ابتعدت عبير وقالت والدموع تغرق وجهها:
-ازاي يعني يا جواهر محصلش حاجة …قوليلي !!!بابا استـ غلك وخلاكي تتجوزي عدي على أساس أنك أنا …أنتِ اتورطتي في مشكلة بسببي أنا …بس ليه ؟!!ليه يا جواهر وافقتي ليه ؟!
أطرقت جواهر برأسها وقالت بتعب :
-لأن أبوكي ماسك عليا شيكات يا بيري….للأسف من فترة استلفت منه عشان علاج ماما واخدت منه فلوس كتير ومضيت شيكات بيهم وهو استغل الموضوع ده ..مكانش قدامي غير كده…اما. اسمع كلامه او اتحبـ س وأسيب أمي ..وانا مقدرتش أعمل كده يا بيري ..مقدرتش احر ق قلب أمي واسيبها اللي فيها مكفيها …
-أنا السبب…أنا السبب
قالتها عبير وهي تبكي لتمسك جواهر كفها وتقول:
-لا انتِ معملتيش حاجة …أبوكي هو السبب هو اللي كان هيبيعك …أنتِ عملتي الصح وأنا لو رجع بيا الزمن هعمل كده برضه صحيح اتمنيت للحظة أنك ترجعي وتخلصيني بس دلوقتي خلاص اللي حصل حصل وانا بعد ما اخلص شغلي مع عدي هتطلق منه وأتحرر وبكدة بإذن الله ارجع لحياتي عادي
-ايه رأيك نقول لعدي الحقيقية يمكن …
هزت جواهر رأسها وقالت :
-للاسف عدي مش سهل يا بيري ..عدي مش هيساعدنا بالعكس ممكن يحبـ سني أنا وأبوكي ويد.مر حياتنا …مظنش أنه هيسامح في حقه…هو مش هيسامح ابدا …
-مينفعش نجرب حتى…
-الموضوع في خطو رة …منقدرش نخا طر لاني للاسف متورطة مع ابوكي يا بيري …الله يسامحه بقا د مر كل حاجة …
ارتفع نشيج عبير وقالت:
-انا اسفة …اسفة أووي يا جواهر … قوليلي اساعدك ازاي …قوليلي اعمل ايه وانا أعمله …اطلعك ازاي من الورطة دي ..
ابتسمت جواهر بحزن وشدت على كفها وقالت:
-تساعديني انك تهربي ..تختفي دلوقتي لحد ما اقدر اخد الشيكات واتحرر من الجوازة دي وبعدها هخليكي تروحي فرنسا ومترجعيش هنا تاني …تبعدي عن ابوكي خالص وتعيشي حياتك …ابعدي دلوقتي يا بيري أنا هعرف اتصرف معاهم…
أخرجت من حقيبتها ورقة وامسكت القلم ثم سجلت رقمها بسرعة وقالت:
-اتواصلي معايا على الرقم ده يا بيري …كلميني كل يوم وطمنيني عليكي …
بكت عبير وهي تنظر أرضا وقالت :
-مش مضطرة تتورطي تاني بسببي …
دمعت عيني جواهر وقالت:
-أنتِ صاحبتي واختي وانا مش هسلمك لأبوكي يا بيري …قولتلك أنا مش ندمانة عشان ساعدتك …ولا هندم…روحي يا بيري …روحي وعيشي حياتك بعيد عن ابوكي وطمنيني عليكي دايما…
أخرجت من حقيبتها مبلغ من المال وأعطته إياها وقالت:
-دبري نفسك بدوول ولو عوزتي اي حاجة تاني اتصلي بيا …
ضمتها عبير مرة آخري وهي تبكي وقالت:.
-هنلاقي حل متقلقيش ..
ثم ابتعدت عنها وهي تمسح دموعها لتقول جواهر :.
-يالا روحي …بسرعة …
لتهز عبير رأسها وتنطلق
…..تنهدت جواهر وهي تجدها تبتعد …تحلق وتكون حرة وابتسمت على الأقل ضميرها مرتاح من ناحية عبير. ..هي لن تسلمها لوالدها أبدا …هي لا تستحق هذا ..هي فقدت والدتها واكتشفت ان والدها حقير…حسنا يكفيها ما عاشته …مسحت دموعها وهي تقنع نفسها انها بالتأكيد سوف تنجو .. ستستطيع الخروج من هذا الزواج دون أي خسا.ئر …بالعكس هي الرابحة فشريف سوف يدفع تكاليف علاج والدتها …يجب أن يفعل هذا …
ارتدت نظاراتها تخفي عينيها التي احمرت قليلا بسبب البكاء وذهبت
…………….
كان أمير يقف على الشارع العمومي وهو ينتظرها….كان القلق ينهـ شه بقوة وقد شتـ م نفسه عدة مرات لانه لم يذهب معها واستمع لكلامها ومكث هنا …رباه ماذا سيحدث إن قُبض عليها …هو لن يسامح نفسه ابدا ….
حك.شعره بتوتر وهو يضع يده في جيبه وقرر ان يتقدم قليلا عله يجدها وان لم تظهر سوف يذهب لمنزل والدها ولن يهتم لأي شئ ….
كان ان يتقدم ولكن ظهورها المفاجئ جعله يتنهد براحة وابتسامة رائعة احتلت وجهه الذي أشرق …وصلت عبير إليه وهي تنهت بينما تمسح باقي دموعها …
-قلقتيني عليكي…
قالها بصدق لتقول عبير وهي تلهث قليلا :
-خلينا نمشي من هنا وأنا هقولك على كل حاجة !
هز رأسه وهو يسير أمامها …اراد ان يفهم كل شئ ولكنه قرر الإنتظار
……………..
أخيرا وصلا الى منزل أمير …
ولجت عبير وهي تخلع شاربها ولحيتها والشعر المستعار وتزفر براحة وهي تحرر شعرها الناعم …ظل أمير ينظر إليها للحظات وقد فقد سيطرته على عينيه ولكنه استغفر وثبت عينيه على الأرض …
جلست عبير على الأريكة وهي تغمض عينيها تتذكر كلمات جواهر لها …لقد فضلتها جواهر على نفسها …سمحت لها بالهروب …تلك المسكينة وقعت بفخ والدها وللمرة الثانية عبير تهرب وتترك جواهر ولكن ماذا تفعل ؟!كيف تحل تلك المشكلة ؟!
فركت عينيها بتعب ليخرجها من شرودها صوت أمير وهو يقول :
-ممكن تفهميني اللي حصل وأنتِ وصاحبتك رسيتوا على أيه ؟!
أغمضت عبير عينيها بتعب وقد شعرت بالأ لم يتصاعد داخلها للمرة الثانية…كل الطرق أمامها مغلقة…ماذا تفعل …ماذا تفعل!!
نظرت إلي أمير وبدأت تقص عليه ما حدث وكيف تورطت جواهر بعمق ..
..
بعد ان انتهت بدا على أمير الذهول وقال:
-يعني لو عدي رشيد ده اكتشف اللي باباكي عمله هو وصاحبتك هيروحوا السـ جن وسمعتهم هتتد مر ده غير أنك بتقولي انه مش سهل يعني مش هيعدي الموقف ده بسهولة …
انسابت دموع عبير مرة آخرى وقالت :
-أنا السبب يا أمير أنا السبب لو كنت سمعت الكلام واتجوزته مكانش ده هيحصل ولا كانت جواهر هتتورط في جواز با طل…
-وحتى لو أتجوزتيه ..جوازك.منه هيكون باطل لانه غصب عنك !!متحسيش بالذنب انتِ عملتي الصح …ومتقلقيش صاحبتك هنحاول نشوفلها مخرج..
هزت عبير راسها وقالت بصوت مختنق:
-مفيش أي مخرج يا أمير …مفيش للأسف ..
-ايه السلبية اللي أنتِ فيها دي …أكيد فيه مخرج متفقديش الامل كده.بسرعة ولا تيأسي …ربنا مبيسبش عباده …
مسحت دموعها وقالت :
-ونعم بالله ونعم بالله …بس أنا مش لاقية اي حل …مخي هينفـ جر من التفكير يا أمير …مش عارفة أعمل ايه ؟!…مش عارفة ..
-بس احنا لازم نساعدها!! مش هنسيبها كده هي اللي ساعدتك يا عبير .
-أنت فاكر أني عايزة اسيبها !!!مش حاسس بيا يا أمير …أنا الذ نب هيمو تني…صاحبتي هربتني وتورطت هي ومش عارفة أنقذها ..مش عارفة أعمل أيه ؟!!
قالتها وهي تبكي بعنـ ف …تنهد وتأ لم .قلبه وهو يراها تبكي بتلك الطريقة ….كان يختنق لأنها حزينة …اعطاها محرمة وقال:
-أنا آسف ممكن تهدي…
جلس بعيدا عنها نوعا ما وهو يثبت عينيه على الأرض وقال ؛
-يعني مفيش أمل أننا نقول لعدي ده الحقيقة يمكن يسامح ؟!
هزت رأسها وهي تبكي وقالت:.
-للاسف الموضوع فيه خطورة يا أمير …عدي ممكن يبلغ ويحبسها …ده هد د بابا وكان هيحبسه عشان شيكات ما بالك لو عرف أنه اتخدع ..
تنهد أمير وعقله متوقف تماما عن التفكير بينما وضعت عبير كفها على وجهها وأنفجـ رت بالبكاء مرة آخري …وتلك المرة تركها أمير تفرغ حزنها!!
………
-انا حاسة أنك فرحان اووي يا بني…ورد قدرت تسعدك . صح ؟!
قالتها والدة ياسين وهي تربت على كتفه بينما ورد كانت بالمطبخ تجهز العصائر وياسمين تلعب بجوارهما …
كانت صفية ترى السعادة بوضوح في عيني ابنها …كان يبدو مُشرق…وعرفت ان اختيارها كان صائب للغاية فها هي ورد استطاعت جلب السعادة لوجهه…ابتسم ياسين بإتساع وهو ينظر اليها بشرود …حقا هو سعيد …لم يظن ان ورد سوف تحتله لتلك الدرجة ولكنها فعلت ..حقا غيرت من حياته …وهو يريد أن يتغير من أجلها …يريد ان يسعدها كما اسعدته …يتنهد وهو يتذكر انها تفعل المستحيل لإسعاده هو وابنته وكم يتمنى ان يسعدها أيضا …يتمنى أن تضحك دوما …يتمناها ان تحبه بحرية ويتمنى ألا يؤ ذيها أبدا …
-ايه سؤالي صعب؟!
قالتها والدته برقة وهي تبتسم ثم تمعنت فيه بقلق تنتظر أجابته ليشد ياسين كفها ويقبلها وه
على وجهه ابتسامة رائعة تنافس في جمالها لمعان عينيه وقال :
-أنا مبسوط …مبسوط أووي يا أم الباشمهندس ياسين …
ضحكت صفية برقة وضمته إليها وهي تقول:
-الحمدلله …الحمدلله يا بني انا كدة اقدر ارتاح …أخيرا فرحت في حياتك
ابتسم ياسين أكثر وهو يربت على كتفها ثم ابتعد وقال :
-طيب عن إذنك يا ماما هشوف ورد جهزت ولا لأ..
هزت صفية رأسها وقالت:
-روح يا ابني ربنا يهدي سركم يارب ويبعد عنكم.العين ويرزقكم بالذرية الصالحة
نهض ياسين مبتسما وهو يلج للمطبخ ..
توقف وهو يراها تضع قالب الكيك على الحاجز الرخامي …عبس وهو ينظر إلى فستانها البيتي الطويل ….هو يحبها في الفساتين القصيرة أكثر…بالطبع في المنزل فقط …ولكن والدته هنا ولا يصح أن ترتدي شيئا قصير …
ابتسم بشقاوة وابتسم وهو يقترب منها ….
شهقت ورد بقوة وهي تشعر به يحاصر خصرها ويجذبها إليه …
-ياسين بتعمل ايه ؟!
قالتها وقد بدأ وجهها يتخضب بحمرة الخجل بينما يسند هو رأسه على كتفها ويقول :
-لسه مخلصتيش ؟!
زفرت بحنق وقالت:
-خلاص هقطع الكيك اطلع برا واقعد مع طنط عيب كده افرض.دخلت دلوقتي تقول علينا ايه ؟!.
-لا عادي أمي متعودة على كده منه …دايماً بتقول عليا متربتش !!!
استدارت لكي تدفعه ولكن من سوء حظها ضمها إليه بقوة حتى أصبح وجهها يقابل وجهه …وضعت كفها بينهما وهي تحاول دفعه الا انها فشلت تماما …
-ياسين احترم نفسك وابعد ..افرض حد دخل دلوقتي هيقول علينا ايه
-ميهمنيش..
قالها بتسلية وهو يقترب بشفتيه من وجهها الا انها ابعدت وجهها وقالت :
-بالله عليك ابعد وبطل اساليبك دي مامتك برا ..ياسين .. ياسين…
هتفت بإعتراض وهو يضع شفتيه على وجنتها ويقبلها بتتابع على وجهها …تنهدت وهي تستلم له وتبتسم ثم وضعت كفيها على جذعه وهي تسمح لنفسها بالإنقياد خلف جنونه
-آه …
كانت تلك صرخة انفلتت من بين شفتي صفية …
ابعدت ورد ياسين بعـ نف وقد أحمرت بشدة وهي تنظر لحماتها بخجل …أرادت في تلك اللحظة فعلا ان تختفي تماما …شعرت بخجل كبير وكم أرادت ان تقتـ ل ياسين الذي وضعها في هذا الموقف المحرج …نظرت إليه وعينيها البنية تشتعل بغضب لتجده غير مبالي …غير محرج حتى ينظر الى والدته بإبتسامته المستفزة….
ضحكت صفية وقالت:
-معلش يا بنتي يا ورد ..اصل ياسين ابني مترباش …
ضحك ياسين وقال وهو يشد ورد إليه :
-انا قولتلها كده مصدقتش …
كادت ورد أن تبكي من شدة خجلها ونظرت أرضا بتوتر وخجل …
ضحك عليها ياسين لتقول صفية فجأة :
-صحيح يا بني رافت كلمني وقال إنه جاي هنا للدكتور هو ومراته …وانا بصراحة بستأذنك أعزمه عندك …
-اووف يا أمي انا مبطقش الراجل ده !!!
قالها ياسين بغضب …لتحاول صفية تهدئته وتقول:
-معلش يا ابني …ابن خالتك وهو جاي على العشا وهيمشي علطول على بلده .
نفخ ياسين بضيق وهو يفكر أن غدا سوف يكون الأسوأ بالتأكيد !!
…….
في المساء
جالس على مقعده المهتز بينما يدخن سيجارته …قلبه مُتألم …لقد خـ سر …خسر مجددا !!!
كانت عينيه ملبدة بالدموع …لقد تحطـ م قلبه للمرة الثانية …الالم كان شديد ..لن ينكر أنه تصرف بحقا.رة ولكن فكرة أنها سوف تتركه تقتـ له …
انسابت دموعه وهو يعود برأسه على المقعد …يتنفس بسرعة والذكريات تجتاح عقله …ذكريات تمنى دوما أن يتخلص منها …ذكريات تمنى أن تختفي دون رجعة …ولكن الذكريات تلك مصممة على اختراق عقله من وقت لآخر …دعك عينيه وجسده يهتز ..أنه يبكي …يعود للماضي …خمسة عشر عاماً …خمسة عشر عاماً منذ أن انكسر…منذ أن حطمت قلبه تلك !!كان عمره ست وعشرون عاما وقتها …كان شاب مفعم بالنشاط …محب ومخلص …صحيح أحواله المادية سيـ ئة قليلا ولكنه دوما كان متفائل ولكنه أرتكب اكبر خطأ قد يرتكبه شاب مثله …أحب …عشق بجنون …أعطى قلبه ومشاعره وحياته كلها لفتاه هواها من النظرة الأولى …لقد عشق تلك الفتاة …أثرت به حقا…وعلى قدر عشقه لها ..تحطـ م بعنف على يدها ….انسابت دموعه أكثر وهو يتذكر ما حدث بالماضي…يتذكر كيف تحطـ م بعـ نف على يد من عشق أكثر من الحياة
…………..
في الماضي ..
-انا اتعينت خلاص رسمي في الكلية وأحوالي هتتحسن مع المحاضرات وشغلي الإضافي بإذن الله واقدر اجي لوالدك واطلبك …
قالها يوسف وعينيه العسلية تبرق بحب …ملامحه الفتية كانت تفيض بالعشق لها ..لرقية حبيبته …لقد وقع في غرامها من أول يوم رأها فيه في الجامعة حيث كانت هي في الفرقة الأولى من كلية العلوم وهو في الفرقة الثانية وبما أنه كان الطالب الاكثر اجتهادا في دفعته كان دوماً يأتيه الطلاب من دفعته والدفعات الأصغر منه ليساعدهم …وهي من لفتت نظره فأعطاها اهتمام أكبر وبعد محاضراته الطويلة والمنهكة كان يجلس معها ويشرح لها ما عجزت عن فهمه… كان مفتون بها حقا …قصة حبهما كانت عنيفة للغاية …كان ينتظر بلهفة حتى يعدل من أحواله المالية ويطلبها للزواج. ..
على الرغم من العشق الذي كان يفيض من وجهه كانت ملامح رُقية باردة للغاية تشعر بأن مشاعرها تبهت نحوه …لا تنكر أنه مر بظروف صعبة للغاية خاصة بعد مر ض والدته وهو من تكفل بعلاجها بالكامل حتي أخذ الله أمانته وهو إنها ر لفترة ولكنه عاد مجددا ليحاول الزواج منها … ولكن يوسف لن يحقق أحلامها أبدا !!!
تنهدت وهي تنظر إليه وقد اكتست ملامحها بالغضب …
-بس أنا تعبت يا يوسف …احنا بقالنا كتير مرتبطين وأنت توي هتبدأ تجهز نفسك …
قالتها رُقية بغضب …ليرتبك ويقول :
-حبيبتي اصبري سنة بس …صدقيني هشتغل بإيديا وسناني لحد ما اكون مبلغ محترم ونتجوز
ضحكة ساخرة أفلتت من بين شفتيها وقالت:
-طيب وبعد ما نتجوز يا أستاذ يوسف هتصرف عليا كويس. هتحقق كل احلامي ولا هعيش معاك في الفقر …اطلع من المرار اللي في بيت بابا وادخل بيتك وأشوف مرار تاني …هو انا مش مكتوب عليا أرتاح أبداً !!!
ضيق عينيه وهو ينظر إليها وقال:
-ايه اللي أنتِ بتقوليه ده يا رُقية …مرار ايه اللي هتعيشيه في بيتي . أنا هكون دكتور يعني هيكون ليه مرتبي ووضعي وهعيشك كويس …هتكون أحوالنا مرتاحة يعني متخافيش . .أنا مش هخليكي تحتاجي حاجة ابدا ..ابدا ..
رفعت رأسها ونظرت إليه وهي تقول :
-يعني هتجيبلي العربية اللي وريتهالك على الواتس من يومين …
ضحك ..حقا ضحك وقال:
-حبيبي ..عربية ايه دلوقتي …يعني استني واحدة واحدة وهنشتري عربية واللي أنتِ عايزاه …
-هتكتب الشقة اللي هتشتريها بإسمي …
هز رأسه وقال؛
-عيوني يا ستي لما الأحوال تتضبط هعملك اللي عايزاه…بس حاليا هنعيش في شقة إيجار ..
كانت خيبة الأمل تكسي وجهها …كانت غاضبة بشدة من سلبيته…هي لا تريد تلك الحياة …لا تريد أن تعيش هكذا دون أي رفاهية …هي تريد أن تخرج …ترى العالم …ترتدي كما تحب …تكون لها سيارات ملكها …قصر يكون ملكها …صحيح انها كانت تحبه ولكن الحب أبداً لا يكفي …
-للاسف يا يوسف مينفعش …
-ايه هو اللي مينفعش يا حبيبتي ؟!
قالها بحيرة ولكن بدأ الخوف يتسلل بخبث لقلبه ..لتُعيد خصلات شعرها للخلف وتقول :
-أنت مش هتقدر تحقق احلامي خالص …أنا مش عايزة واحد ياكلني وبس ..أنا عايزة أخرج وأشوف العالم …عايزة اللي أطلبه الاقاه فورا ..مش تقولي اصبر ومصبرش …أنا صبرت كتير عليك ومش ذنبي ان والدتك تعبت …
-رُقية !!
قالها بصدمة وقد شعر بالدموع تلسع عينيه…
امسكت حقيبتها ونهضت وقالت؛
-أنا متقدملي صاحب الشركة اللي بابا شغال فيها وكنت مترددة بس شايفة ان هو ده اللي هيحققلي أحلامي …آسفة يا يوسف !!!
ثم ذهبت وخرجت من المقهي بكل بساطة …خرجت بعد أن فتتت قلبه …لا يظن أبدا أنه سيحب مرة آخري !!!
…..
-آه …
خرج من شروده وهو يصرخ بينما الدموع تغرق وجهه كم يتأ لم …أنه يمو ت …يمو ت بالفعل …لقد أحب مجددا …وخسر مجددا. ..ولكن لا نسرين ستعود له …ستعود له برغبتها أو رغما عنها حتى …هي لن تتسرب من بين يديه !!!
………………..
-مبقتش حابب أنك كل شوية تروحي تباتي عند ليان يا نسرين أنتِ ليكي بيت وانا مش حابب شغل السرمحة ده !
تكلم كريم على طاولة العشاء وقد نفذ صبره بسبب تصرفات ابنته الطائشة …
لم تنظر إليه حتى ولم ترد بل أخذت تأكل بدون مبالاة…
-انا مش بكلمك !!!ايه طرشة !!
زعق بها لتتدخل نهى وتقول :
-كريم لو سمحت كفاية كده وبعدين احنا عارفين ليان ومفيهاش حاجة لما تروح عندها …
-وليه هي معندهاش بيت …
-بتريح أعصابها …
نهض كريم بغضب وقال؛
-تريح أعصابها من مين ..حد كلمها …
تنهدت نهى بتعب وقالت:
-كفاية لو سمحت …كفاية دي مش طريقة تعامل بيها نسرين وانا مش هسمحلك كل شوية تكلمها كده.
نهضت وقالت بغضب :
-بنتك من فترة جالها إنهيار عصبي وكانت هتروح مننا …هو ده اللي عايزه يا كريم …اتعامل معاها كويس لو سمحت !!!
ضرب على طاولة الطعام بعنف وقال:
-متتدخليش بيني وبين بنتي يا نهى …أنتِ مش امها عشان تعلميني ازاي اتعامل مع بنتي …
-خلاص خلاص كفاية …
صرخت نسرين وهي تنهض وقد فقدت السيطرة على دموعها …وأكملت :
-هو اي تلكيكة وخلاص عشان تنكد عليا …عايز تعمل اي حاجة عشان تتخانق معايا …أنا عملتلك ايه …عملتلك ايه لده كله ….
اقترب منها بنية ضر بها إلا أن نهى وقفت بينهما وصرخت :
-كفاية يا كريم …كفاية ….
حاول كريم إبعاد نهى وزعق:
-عشان متربتيش …عايزة تمشي على حل شعرك وخلاص ..
-كريم كفاية …كفاية !!!
اخذت نهى تصرخ به لتقول نسرين بنبرة باردة:
-يمكن فعلا بمشي على حل شعري عشان حضرتك مش فاضي تربيني…
-والنعمة لاوريكي يا نسرين !
قالها كريم بغضب ثم دفع نهى بعيدا حتى وقعت على الأرض وصفـ ع نسرين بقوة ….لم يجعلها تبتعد بل امسك شعرها وعينيه الزرقاء كعينيها تشتعل :
-قوليها تاني…قوليها تاني ..أنا مربتكيش صح ؟!!طيب يا نسرين أنا دلوقتي هربيكي …هربيكي يا نسرين من اول وجديد عشان تحترمي نفسك !!!وعشان تحترمي ابوكي ..لاني للاسف سيبتلك الحبل على الغارب وكنت موافق على كل تصرفاتك….
صفـ عها مرة آخرى وآخرى ثم بدأ يخنـ قها بقوة …كانت نهى تصرخ وتحاول أبعادها عنه بينما نسرين تنظر إلى والدها بذهول وقد تحطـ م شئ داخلها…تحطـ م للأبد ..لا الضر ب ولا الخنـ ق كانا يؤثران بها مثل الكر ه الذي تراه بعينيه….
-كفاية بقا …كفاية يخربيتك!!
صرخت نهى ليدفع كريم نسرين فتقع على الأرض …نظر كريم وقال ببرود:
-ياريتك كنتِ مو تي مع أمك …ياريت …
-كفاية ..كفاية …اسكت يا مر يض دي بنتك !!!!
وكأن تلك الجملة كانت بمثابة مياه باردة انسكبت على وجه كريم ليفيق مما يفعله !!
كانت واقعة على الأرض…عينيها باردة لا أثر فيها للدموع ولكن فمها ينز ف قليلا من أثر ضربه …تراجع كريم وهو يعود لوعيه ويرى ماذا فعل بإبنته …شعر حقا بالخجل من نفسه …
-نسرين !!
قالها بتردد وعينيه تلمع بفعل الدموع …
بينما جلست نهى بجانبها وكانت تبكي بعنف …ضمتها نهى إليها وقالت:
-نسرين حبيبتي …
-انا كويسة يا خالتو…
قالتها نسرين ثم نهضت ونظر إليه بثبات وقالت:
-ياريت فعلا كنت مُـ ت ورا ماما مكنتش هسببلك الإزعاج ده كله…
-نسرين أنا …
كان يتكلم بصعوبة …يشعر بأ لم كبير في قلبه …كيف فعل هذا …كيف ضر ب ابنته بتلك الطريقة …ولكن ما ارعبه فعلا هو رد فعلها …فرد فعلها غريب للغاية…خاف أن تنها ر كما حدث من قبل ….
-نسرين …أنا …
قالها مجددا وهو يقترب منها ليلمسها ولكنها ابتعدت وقالت :
-انا هسيبلك البيت …مش هقعد هنا تاني …
ثم ذهبت من أمامه وولجت إلى غرفتها …بينما نهضت نهى وهي تلج خلفها لغرفتها وتقول :
-استني يا نسرين …
هزت نسرين رأسها وهي تحزم حقيبتها :
-لا يا خالتو مش هقعد في البيت ده تاني …
تنهدت نهى وقالت:
-طيب استنيني هلم هدومي واجي معاكي …هنروح نعيش في بيت فؤاد!!
…….
في اليوم التالي ..
-يا أبلة معلش خرجي أنتِ الحاجة أنا هقف وأعمل الأكل …
قالتها رانيا بإرتباك …كانت تحاول ان تخفي إنفعالها ولكن مشاعرها كانت تنفلت منها وتظهر على وجهها…نظرت إليها السيدة بحيرة وارادت ان تعترض ولكنها تنهدت بإستسلام وهي تمسك الصينية وقالت:
-حاضر يا رانيا هطلعها …
-شكرا …شكرا اوي يا أبلة …
هزت رأسها وتمتمت :
-ربنا يصبرني عليكي …
بعد ان خرجت وضعت رانيا كفها على قلبها الذي يدوي بعنـ ف داخل صدرها ….كانت عينيها ملبدة بالدموع …كانت لا تصدق حظها السئ الذي جعلها تعمل هنا ولكن الأمر الجيد أنها لن تعمل هنا لمدة طويلة …سوف تذهب قريبا وبالتالي سوف تبتعد عن يحيى وخطيبته وحياتهم تلك !!!..ستحمي قلبها من أن ينكـ سر مرة آخري …لقد تغيرت …نعم قد نحتاج احيانا إلى ضر بة قوية لنتغير …لنودع احلامنا الطفولية الغبـ ية …هي عرفت أن حبها ليحيى حلم طفولي غبـ ي …لقد ظنت أنها سندريلا ويحيى الأمير الذي سوف ينتشلها من حياتها المظـ لمة….يأخذها إلى حصانه ويطير بها بعيدا…
ابتسمت بحزن وهي تنظر إلى نفسها وتفكر أنها ليست سندريلا ….ولكن يحيى أمير ووجد أميرته …أميرة من عائلة مرفهة تليق تماما بالطبيب …هزت رأسها وهي تبعد تلك الأفكار عن رأسها فالبكاء على الماضي لن يفيد أبدا …هي الان يجب أن تُركز في حياتها الجديدة …تُريد فعل الكثير…وأول شئ تريد فعله هو أن تكمل دراستها …تريد أن تُحسن حياتها وتفتخر بنفسها
………
-أنا حابب اعتذر مرة تانية عن اللي عملته ماما مع ر..البنت اللي بتساعدكم هنا .
قالها يحيى لليان بينما عينيه تدور خلسه وتبحث عنها ….
تنهدت ليان وقالت بصراحة:
-مامتك صعبة شوية دي بهدلت البنت …صعبت عليا اووي …
أطرق يحيى وقال :
-كل أنسان وعنده صفات مش مقبولة أنا كلمتها وأنا بعتذرلك بالنيابة عنها
ابتسمت ليان وقالت:
-مفيش مشكلة يا يحيى حصل خير .
هز يحيى رأسه واطرق متوترا بينما يحل صمت ثقيل على المكان …الأثنان يشعران ان هذا الإرتباط لن يستمر …نظر يحيى الى ليان فجأة وهو يتساءل ماذا حل بإعجابه بها وأين ذهب …لماذا هو ليس سعيد …رفع رأسه عندما شعر بأحد ما قد أتى ..ووجدها خادمة مُسنة تقدم له العصير …
…….نظر إلى السيدة المسنة بخيبة أمل …لقد ظن أن رانيا من ستخرج …تنهد وهو يبتسم لها بشكر ويمسك كوب العصير الخاص به ويشربه بهدوء …نظر إلى ليان وقال بتردد :
-هي البنت اللي ماما اتخانقت معاها سابت الشغل صح ؟!هي ماما جر حتها للدرجادي …
هزت ليان رأسها وقالت:
-لا موجودة عادى متقلقش ومتحملش نفسك ذنب مامتك اللي غلطت من انت وبيري اعتذرت منها كذا مرة ..
ابتسمت ليان وقالت :
-بيري إنسانة مشوفتش زيها بصراحة …أنا نفسي اكون زيها ..
-بس أنتِ مميزة زي ما أنتِ يا ليان… أنتِ إنسانة طيبة وقلبك أبيض ..
ابتسمت ليان وقد احمر وجهها بإحراج ..وهناك من هنا يراقب احمرارها من بعيد وهو يطحن أسنانه بغضب …لم يظن أبدا أن رؤيته معها سوف تجر حه لتلك الدرجة …فها هي ليان بدأت تنسجم مع خطيبها الجديد ويبدو أنها قد نسيته تماما !!!
تنهد موسى وهو يغمض عينيه بغضب …هو غاضب…غاضب بشدة …ويغار…نعم يغار ولن ينكر الأمر ..هذا الإهتمام له …هذا الحب له .. قلبها له …
انطفأ غضبه فجأة وهو يفكر أنه هو من فعل هذا ..فعل هذا ليحميها من نفسه …من ماضيه …فليان تحب موسى …ولكن إن عرفته كقيصر أكيد سوف تشمئز منه …هو ابدا لن ينسى الماضي …ابدا
……..
في المساء …
-طيب أقولكم نكتة تاني …
قالها رأفت ابن خالة ياسين وهو يضحك بهيستريا شديدة …أدار ياسين عينيه بملل وتمتم بصوت منخفض :
-يا مصبر الوحش على الجحش يارب اليوم ده يخلص بسرعة أنا عندي مرارة واحدة ….
كانت صفية تنظر إلى ياسين بقلق ثم تنظر إلى ورد التي اخفت ابتسامتها بسرعة …ولكن رأفت لم ينتبه لياسين الممتعض وقال:
-واحد غبـ ي راح عند دكتور أسنان، وقاله أنت محتاج تقويم.. فقاله ويا ترى هيكون هجري ولا ميلادي.
ثم أخذ يضحك بقوة هو وزوجته …وورد ابتسمت مجاملة بينما نظرت صفية إلى ابنها الذي زم شفتيه بضيق
تدخلت سارة زوجة رأفت وقالت:
-الله نكتة حلوة …ما تقولنا نكتة تاني …
-حاضر حاضر ..
قالها رأفت لاهثا من بين ضحكاته الشديدة ثم أردف :
-طيب تعرفوا ليه الفراولة هتدخل الجنة ؟! تعرف ليه يا ياسين ..
نفخ ياسين وقال:
-لا والله محصليش الشرف اني اعرف …
-عشان فيها حسنات كتير ..
ثم ضحك هو وزوجته …دعك ياسين عينيه بتعب وهو يحاول السيطرة على غضبه …نظر إلى والدته بغيظ وكأنه يخبرها أنها هي السبب …أطرقت صفية بوجهها ليعلو صوت رأفت المرح مرة آخري ويقول:
-طيب تعرفوا ليه الطماطم هتروح النار؟!
صمت الجميع بينما غطي ياسين وجهه بكفيه ليكمل رأفت :
-عشان بترقص في الخلاط..
انفجـ رت زوجته بالضحك وقالت:
-أنت دمك خفيف أوووي …
نظر رأفت إلى ياسين وتراجع مرحه قليلا …
-طيب أنا خلاص هبطل اقول نكت واكل شكله أستاذ ياسين اتضايق. ..
قالها رأفت وهو يضحك ليقول ياسين بنبرة متصلبة :
-باشمهندس ياسين …
-نعم ؟!
قالها رأفت بحيرة ليرد ياسين :
-باشمهندس ياسين مش أستاذ …
ضحك رأفت وقال:
-يا سيدي متدقش ده احنا قرايب …وخلاص مش هقول نكت تاني شكلي ضايقتك …
-كويس لاني معدتي قلبت وثانية وهرجع على الترابيزة…. مستوي خفة دمك في النكت سالب تمنتاشر
تركت ورد المعلقة ونظرت إليه بغضب ثم ضر بته من تحت الطاولة عندما رأت أن رأفت وجهه أصبح أحمر من الإحراج …
ابتسم ياسين وقال :
-انا كنت بهزر معاك …يظهر أن مستوانا احنا الاتنين في الكوميديا محتاج تعديل ….سبحان الله يعني احنا الاتنين مهندسين ومستوانا بشـ ع في الكوميديا ..كان مفروض نتجوز هنعمل ثنائي هايل …
سعلت صفية وهي تتمني أن يتوقف ابنها الغبـ ي عن مزاحه الثقيل ولكن رأفت ضحك وقال:
-لا حلوة والله ..دمك خفيف ..
ثم أخذ يضحك بقوة ليضحك الجميع معه ليتمتم ياسين ويقول وهو يشرب :
-عقبال ما يبقى دمك خفيف زيي إن شاء الله
كانت ورد تنظر إلى ياسين والغضب يتصاعد داخلها …لقد كر هت قلة ذوقه فعلا !!!
………..
-عيب ..عيب اللي أنت. عملته ده يا ياسين ..مهما كان ده كان ضيفك ومفروض تعامله كويس مش تهيـ.نه!!!
صرخت به ورد بعد أن ذهب رأفت وزوجته …كانت والدته تنظر إليه بخيبة أمل …لقد أحرجها ابنها اليوم …لا تصدق أن ياسين يتصرف بتلك الطريقة الو قحة مع ضيوفه ولكن ابنها هكذا بالفعل …و قح لا يهمه أي شخص …يجر ح الناس دون الإهتمام بمشاعرهم….
نهضت صفية وقالت:
-انا ماشية يا بنتي …
نظرت إليها ورد وقالت:
-وده ينفع يا طنط …لا هتباتي هنا …مش هتمشي دلوقتي …
هزت صفية رأسها وقالت:
-معلش أنا همشي…
ثم أتجهت إلى الباب لكي تذهب اقترب منها ياسين وقال:
-ايه اللي بتقوليه.ده يا ماما ..مش هتمشي طبعا ه…
ولكن والدته نظرت إليه بغضب وقالت:
-لما تتعلم تحترم ضيوفك هقعد …لما تتعلم مترميش دبش وتجر ح اللي قدامك هقعد يا أستاذ ياسين …ده ابن اختي اللي انتَ جر حته ده واستهزأت بيه …ده ضيفك ….أنت بتعامل ضيوفك كده …أنا فعلا معرفتش اربيك …
نظرت إليه نظرة أخيرة ووجهها يكسوه خيبة الأمل ثم غادرت …
تنهد ياسين بتعب لتقترب منه ورد وتصرخ ؛
-عجبك كده!!!حلو انك تبقي قليل الذوق …بتحب دايما تجر ح اللي قدامك ومش قادر تصون لسانك …اهي طنط زعلت ..غير انك كسفتني قدام الضيوف …
-يوووه خلاص انا مش ناقصك أنتِ كمان …هو انا عيل صغير عشان اتهز ق!!!
-ايوة عيل صغير …لما متعرفش تحترم ضيوفك وتسيطر على نفسك يبقى عيل صغير …انت عمرك ما هتتغير ..هتفضل كده بتجر ح في الناس ..عارف ليه ..لانك عندك عقدة نقص بتطلعها على اللي حواليك …
-ورد أخرسي …
رفع كفه ليصـ فعها ولكنه توقف في اللحظة الأخيرة لتبتسم ورد بحزن وتقول :
-جوازي منك كان أكبر غلطة عملتها في حياتي !!!
…………
في اليوم التالي ….
وقفت أمام غرفة والدتها تنظر إليها بينما الدموع تحتشد بعينيها …كانت تبدو حقا مرتاحة ترتدي زي المشفي ….غرفتها واسعة ومنظمة ..حتى المشفي التي تتعالج به كبير ..ولجت للغرفة وهي تقول بصوت مُختنق:.
-ماما!!
نظرت سوسن الى صوت ابنتها وقالت بلهفة :
-جواهر …جواهر بنتي …
اندفعت جواهر إليها وعانقتها بقوة والدموع تطفر من عينيها …كانت تشعر بوجع لا يُصدق في قلبها …لقد أشتاقت لوالدتها …اشتاقت لها كثيرا …
-وحشتيني يا ماما …وحشتيني اووي..
قالتها جواهر بصوت مختنق وهي عاجزة عن السيطرة على دموعها…هي تختنق وهي بعيدة عن والدتها …منذ أن عرفت بمر ضها وهي أقسمت أن تقضي معها كل وقتها ولكن الآن هي اخلفت بهذا الوعد !!
ابتعدت سوسن وهي تنظر إلى ورد بعتاب
-نستيني يا جواهر ..أخص عليكي …أخص …ليه مبتجيش تزوريني ؟!!
قالتها والدتها بعتاب لتمسك جواهر كفها تقبله وهي تقول :
-سامحيني يا ماما ..سامحيني ….الشغل واخد كل وقتي …
-الشغل واخدك.مني معقول ؟!
قالتها بعتاب سافر لتهز جواهر رأسها وهي تبكي وتقول :
-لا طبعا بس لازم اشتغل عشان تبقي هنا وتتعالجي …المكان حلو هنا صح …
شدت والدتها على كفها وقالت:
-يا بنتي أنا خلاص نهايتي معروفة…مهما تعملي ..أنا عارفة وأنتِ عارفة يبقي لزومه ايه المصاريف …خديني البيت خليني أعيش باقي أيام حياتي معاكي يا جواهر يا بنتي …عايزة أبقى معاكي …
ارتفع نشيج جواهر وانفجرت دموعها وقالت:
-لا لا أنتِ هتخفي و ..
قاطعتها والدتها وقالت وهي تمسك وجهها وتقول :
-جواهر أنا علمتك ايه ؟!أننا مش بنكد ب على نفسنا وأننا نتقبل القدر مهما كان ونقول. ..
بكت جواهر وهي تقول :
-نقول الحمدلله …
ابتسمت والدتها بحب وقبلت رأسها فقالت جواهر :
-بس كمان قولتيلي أننا منيأسش من رحمة ربنا …وان دايما فيه امل وان المعجزات بتحصل …يبقي ليه منجربش …عشان خاطري يا ماما .. عشان خاطري ابقي هنا واتعالجي وعلى فكرة…
تنهدت وهي تصطنع كذبتها بمهارة وقالت:
-انا كلمت الدكتور وقالي انك بتتحسني…عشان خاطري يا ماما خليكي هنا …عشان خاطري متستسلميش …عشاني أنا …أنا مقدرش اعيش من غيرك !!!
هزت والدتها رأسها وهي تبتسم لها ثم بظأت تمسح دموع جواهر …امسكت جواهر كف والدتها وبدأت تقبله بحب شديد …
ثم قالت ببهجة :
-شوفي جيبتلك أيه ..
ثم أخرجت من الحقيبة الكبيرة ..شعر مستعار باللون الأحمر …كان يبدو بالفعل رائع …
ضحكت سوسن وقالت ؛
-احمر يا ورد …
-ايوة احمر يا سوسن ..ثم البستها إياه وهي تضحك بينما ترى والدتها سعيدة ..هي تفعل كل هذا من أجلها !!
…………
-أبوس ايديك ..خليني ادخله …عايزة أكلمه !!
قالتها تلك الفتاة السمراء الجميلة دموعها تنفجر من عينيها السوداء …كانت شفتيها ترتعش وهي تتوسل حارس القصر أن يُدخلها …ولكن الرجل قال :
-أسف يا كارمن هانم عدي بيه أمر مدخلكيش …لو سمحتي روحي ومتعمليش مشاكل …
-طيب روح قوله …قوله مش همشي من هنا الا لما أكلمه …ابوس ايديك روحله قوله كارمن هتفضل برا لحد اخر يوم في حياتي …لحد ما يقرر يكلمني …
نفخ الحارس بضيق وقال:
-يا ست أبوس ايديكي امشي من هنا …لو سمحتي متعملليش مشاكل هنا !!لو دخلتك عدي بيه هيطر دني!! …
اخذت كارمن تبكي وهي تنظر إليه. ..تستعطفه لكي يدخلها ولكنه كان عنيد …هو لن يعرض عمله للخطر من أجلها هي
خرجت من سيارة الأجرة وهي تنظر إلى تلك التي تبكي بعنـ ف أمام بوابة القصر .. كانت تصر خ ببكاء عنـ يف:
-بقولك عايزة اشوفه ….حرام عليك عايزة اشوف عدي …
ولكن الحارس كان وجهه متصلب. ..لا يظهر عليه أي نوع من المشاعر !!!
-ايه اللي بيحصل؟!
قالتها جواهر وهي تقترب منها وتنظر إليها بصدمة …
-عبير هانم ..
قالها الحارس ثم بدأ بفتح البوابة الإلكترونية لها وقال:
-اسفين على الفوضي دي …
كادت عبير أن ترد إلا أن كارمن تلك الفتاة اندفعت بعنف داخل القصر …
-امسكوها!!!
صرخ الحارس وهو يركض خلفها …كانت جواهر لا تفهم ما بها .. ولماذا تريد أن ترى عدي …وضعت كفها على فاها عندما أمسكوا بها وهي تصرخ …أحد الحراس جرها بحزم نوعا ما ثم اقترب من البوابة ودفعها للخارج بينما انغلقت البوابة من تلقاء نفسها …وقعت كارمن على الأرض وهي تبكي بعنـ ف وتصرخ:
-عدي …عايزة اكلم عدي حرام عليك …
-هو فيه ايه ..مالها دي ؟!
ولكن الحارس أطرق برأسه وقال:
-متهتميش بيها يا هانم واحنا اسفين مرة تانية….
نظرت جواهر إلى الفتاة بشفقة ورفعت رأسها جهة القصر لتجد عدي ينظر اليهما…وكم بدت نظراته قاسية وقتها …
……
دقيقتين ووصلت للغرفة التي يقبع بها عدي دخلت لتجده يقف أمام النافذة الكبيرة …اقتربت منه بهدوء لتجده يراقب تلك الفتاة التي تبكي بعـ.نف شديد :
-مين دي ؟!
قالتها ثم أكملت :
-دي هتمو ت عشان تقابلك ..
ابتسم عدي ابتسامة غريبة وقال:
-وهو ده عقا بها …أنها هتمو ت عشان تشوفني ومش هتقدر تشوف طيفي حتي …
اهتزت جواهر من الداخل وقالت:
-هي عملت ايه لده كله ؟!
-كذبت ..خد عتني والغلط الأكبر أنها حبتني عشان كده هي بالحالة دي
اولى عدي اهتمامه ببيري وقال وهو يتلمس وجنتها الناعمة :
-اللي يفكر يكذب ويخدعني هيعاني يا بيري …هيعاني طول حياته …فاحسنلك متفكريش تعمليها والا هيبقى حالك زيها !!!هتعاني عشان بس تشوفي طيفي ومش هتقدري كمان ..أنا عقابي وحش اووي يا بيري. ..
ازدردت جواهر ريقها برعب …كم بدأ مخيف في تلك اللحظة..
……
استيقظت بصعوبة وفجأة اتسعت عينيها وهي تراه أمامها …يقف ويتأملها مبتسما
-موسى بتعمل أيه هنا ؟!
-انا بحبك يا ليان !!
-ايه.؟؟
قالتها بصدمة ليكمل
-تتجوزيني !!!!

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الشيطان وقع أسيرها)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى