روايات

رواية غمرة عشقك الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الجزء التاسع والعشرون

رواية غمرة عشقك البارت التاسع والعشرون

رواية غمرة عشقك
رواية غمرة عشقك

رواية غمرة عشقك الحلقة التاسعة والعشرون

كان الطريق طويل ممتد امامها والامطار تتساقط قبل أوانها…… نظرت لنافذة السيارة ولقطرات الماء المنسابة عليها بنظرات باهته وبمقلتي حمراء
ووجه شاحب وشفتي زرقاء ترتجف باستمرار
موجع…….هل من تلك الصاعقة الرعدية شديدة
البرودة ام من صاعقة اقسى عصفت بداخلها
فاطاحت بالاخضر واليابس فجأه ؟!!….
نزلت دموعها مجدداً بندم وخزي……شعرت بالمرارة في حلقها تتزايد كلما تذكرت البدايات وما بعدها
لتصل للنهاية هنا ؟!!…….
اطرقت براسها بحزن وضعف..وتهدل شعرها البني الداكن حول وجهها واخفى الوجع عن العيون
لتخرج شهقات مكتومة موجوعه من بين شفتيني
كان يخبرها مرراً ان من خلالهم يرى أجمل ابتسامة
وردت عليه…….وانه يسعد حينما يراها تضحك
ويتلاشى حزنها……..اليوم تعيش أصعب لحظة
في حياتها….اليوم تزوج من كان يجزم بحبها…
تزوج بالكذب عليها ولعب بمشاعرها…..
كيف تصدق الامر رغم انها راته بعينيها…حتى الان مزالت مشوشة التفكير….كيف يكون ماهراً بتلك
الدرجة التي تجعله بعد ساعة من تركها على سريره بعد ليلة حميمية جامحة بينهما اثبت لها مراراً وتكراراً انه مدله في حبها…. يذهب لاخرى بعدها كي يلقي نفسه بين ذراعيها بمنتهى البساطه وكان قلبه حافلة كبيرة تسعى للكثيرات !!……..
وهل هذا قلب…او حتى حب……..ام انها ببساطة
شهوات بهائم……..وهذا واقع ملموس منذ بداية
معرفتها به….. بداية قربه وتعجله في لمسها والاقتراب منها وتسلله اليها بنزاهة وخبث الرجال وهي وقعت في الفخ بغباء فكانت تسعى وقتها للارتواء عاطفياً وجسدياً خصوصاً من رجل كعز الدين لن تنكر انها السبب الرئيسي لجرح نفسها
فهي من ركضت خلف الهوى وحلاوة مذاقه
والقت مشاعرها بين يدي من لا يفهم إلا
متطلباته الجسديه فقط……كغيره من رجال……
“وصلنا يامدام…..”
فاقت على صوت سائق التاكسي رفعت عينيها الحمراء المطعونة بالم الغدر اليه ثم اخرجت
تنهيدة مرتجفة وهي تعطي اليه الاجرة وتترجل
من السيارة بصمت…..
خرجت من السيارة وسارت في شارع بعيون ذابلة
تسير بقدمين رخوتين وكانت ترفعهم رفع عن الأرض
كانت الامطار تتساقط بانسياب حزين وكان الجو هدأ
ورأف بحال الحزينة فاكمل صورة الوجع بشكلا اعمق
في الأثر………
وصلت البنيه وصعدت لشقة والدتها اطرقت على الباب بيد مجمدة باردة كجسدها وقلبها…..
انحنت امام الباب كوردة ذابلة بانكسار بعد ان
قطفها احدهم واستنشق عبيرها النافذ والقى بها
بعد ان جفت اورقها الحمراء….. وكانها لم تكن
يوماً و ردة مزدهرة جميلة تسر العين كغيرها…..
فتحت والدتها الباب بملامح متعبة وعيون ناعسة
وحينما وجدت ابنتها امامها بهذا الوقت المتأخر….
ومظهره المفجع فكان شعرها مبلل وعيونها باكية حمراء كالدم وجهها شاحب وشفتيها ترتجف
بهستيريه وقد قارب لونها على الارجواني…انزلقت عينا ماجدة المذهولة لملابس ابنتها المبللة وارتجاف جسدها الملحوظ
كل هذا الفحص كان في عدد ثواني قليلة قبل ان تسالها ماجدة بفزع……
“بسم الله الرحمن الرحيم….مالك ياحنين..فيكي إيه ياضنايا……اي اللي مبهدلك البهدلة دي……”
القت حنين راسها على كتف امها وهي تخرج الوجع
المكبوت ببكاء مرير قاسي وموجع للقلب مما جعل
ماجدة تبكي لاجلها رغم انها لا تعرف سبب هذا
الوجع لكنها تعلم ان الذي يوصل حنين لتلك الحالة شيءٍ اكبر من طاقة تحملها وصبرها……
ادخلتها امها غرفتها وساعدتها على تبديل ملابسها
ثم دثرتها تحت الغطاء واغلقت الانوار بدون
ان تفتح اي حديث معها فلم يكن الوقت مناسب
للاستفسارات…..اعطتها مساحة كي تهدا وترتاح
وتخف نوبة الحزن والقهر التي تراه بعيني
ابنتها………
تنهدت ماجدة بحزن وبلعت غصة ثقيلة في حلقها وهي تدخل لابنها محمود الاكبر في اولادها بعد
حنين…….
ايقظت المراهق الصغير برفق وهي تقول….
“محمود قوم……..قوم يابني…..انا مش قادرة
اناهد.. ”
استيقظ الصبي يفرك في عيناه وهو ينظر لامه بدهشة قائلاً بنعاس…..
“اي ياما………. انتي تعبانه ولا إيه…….”
ردت والدته وهي تجلس جواره على حافة
الفراش….
“انا كويسة……بس انا عيزاك ترنلي على جوز اختك…انت معاك رقمه صح……”
رد الصبي وهو يتثاءب……
“ااه معايا رقمه هو وحنين…..ارنلك على حنين…”
قالت الام بحزن…..
“لا اختك هنا….انا عايزة اكلمه هو….رن عليه وديني التلفون اكلمه……”
نظر اليها بعيون ناعسة…..
“هو في اي ياما…….هما زعلانين سوا……”
قالت الام بنفاذ صبر…..
“ملكش دعوه بالحاجات دي انت…..رن عليه وهات التلفون وكمل نوم……”
حك الصبي في شعره وهو يجري اتصال بعز الدين
ثم اعطى الهاتف لامه وعاد للنوم سريعاً كالمغيب عن
الواقع وبلايا الحياة…..
خرجت ماجدة من الغرفة وهاتفة عز الدين بصالة
البيت بصوتٍ خافت حتى لا تسمعها حنين…..حينما
فتح الخط……وقال بفتور….
“الو اي يامحمود….اي اللي مصحيك لحد دلوقتي……..امك كويسة……”
قالت ماجدة بتردد الام….
“انا بخير ياعز يابني……..عامل ايه…..”
عقد حاجبيه بأستغراب وهو يرد بهدوء…..
“الحمدلله………….. ازي حضرتك…..”
“الحمدلله…….”تنحنحت ماجدة بحرج وهي تقول
بخفوت…..
“انا بس برن عليك عشان اعرف اي اللي حصل بينك وبين حنين….خلاها رجعه منهاره بشكل ده…….انا مقدرتش اسألها…لانها كانت رجعه تعبانه من برا
وطبعا انا مقدرش استنى كده لحد الصبح…عشان كده رنيت عليك افهم منك……مالها يابني احكيلي…
ولو هي غلطانه اوعدك اجبها لحد عندك الصبح
تعتذرلك وتراضيك….. ولو انت اللي غلطان قولي صرحني واعتبرني زي امك……..”
هز راسه وعقد حاجبيه بغرابة وهو يسالها بتوجس……
“انا مش فاهم حاجة…….هي حنين عندك……”
ردت ماجدة تلك المرة بدهشة…..
“ايوا….لسه جايه من نص ساعة….انت مشفتهاش وهي خارجة……….”
رد بفتور مفعم بالحيرة…….
“لا…انا برا…..وبعدين احنا سيبين بعض من ساعتين ومكنش فيه اي حاجة………”
لوحت ماجدة بيدها وهي تجلس على الاريكة
بعجز عن التفكير……..
“ازاي يابني….لو انتوا كويسين مع بعض..اي اللي يخليها ترجع معيطه بشكل ده…..وشكلها…..انت لو تشوفها تقول حصلت بينكم حاجة كبيرة….. ”
“معقول……”القى تلك الكلمة وهو يسترجع
ماحدث بينهما قبل خروجه لعله يجد
سبب مقنع لذهابها لامها بهذا الشكل…..
قالت ماجدة بقلة حيلة……
“امال انا رن عليك ليه يابني…..انت مشفتش شكلها وهي جيالي……..”صمتت قليلاً ثم تابعت….
“اسمع ياعز يابني….كلام التلفونات مش هينفع
تعالى افهم منك اي اللي حصل بظبط…..”
اخرج زفرة حائرة كحاله وهو ينظر امامه بتيه…..
“أكيد جاي ربع ساعة وهتلاقيني عندك……”
بالفعل بعد ما يقارب الربع ساعة اتى لعندها فتحت له الباب فطل من خلاله بهالة شامخة ووسامة رجولية جذابة…..وحضور طاغي على كل شيءٍ
من حوله……يجعل كل شيءٍ جميل لمجرد
وجوده به………
قال بلهفة وهو ينظر لماجدة……
“هي فين حنين……..”
اشارت على احد الغرف وهي تقول…..
“جوا…..بس نايمة……….فهمني الاول اي اللي حصل بينكم…. ”
ضرب جانبية بعصبية وهو ينظر لباب الغرفة…
“افهمك اي يام محمود……انا ذات نفسي مش فاهم حاجة….”هدأ من غضبه قليلاً وهو ينظر الى والدتها….
“ممكن اشوفها……”
ردت ماجدة بتردد…..
“بس دي نايمة……”
رد عز الدين بفظاظة…..
“تصحى……..مانا لازم افهم في إيه……”
طرق على باب غرفتها وهو يقول بخشونة….
“حنين افتحي انا عز…….حنين……”
على الناحية الاخرى وقفت حنين خلف الباب وهي تساله ببغض……وعيون لا تنضب من الدمع….
“عايز إيه…….اي اللي جابك هنا أصلا…..”
عقد حاجبيه وشعر بانياب تنهش في صدره في لحظة……وهو يقف مكانه على الناحية الاخرى
يسالها بعدم استيعاب…..
“اي للي بتقولي دا ياحنين….اي اللي حصل لده كله…”صمت قليلا ثم اضاف بحيرة….
“انا فاكر اني سبيك من ساعتين ومكنش في اي
زعل بينا…..اي اللي حصل خلاكي تمشي وتسيبي البيت….آية زعلتك….حد من الخدم ضايقك….افتحي
ياحنين متسبنيش وقف على الباب كده….انتي مش صغيرة افتحي خلينا نتكلم بالعقل…..”طرق على الباب مرتين بحنق….
صاحت بتهكم من خلف الباب باكية….
“لا انا مش صغيرة انا هبلة…هبلة اني صدقت واحد زيك…….كفاية تمثيل وقرف بقا….طلقني ياعز
اتفقنا كده انتهى خدت اللي انت عايزة وانا قبضت
التمن خلاص فركش……..اتفقلت الستارة وخلص
الفيلم الهندي بتاعك….”
استدار عز الدين الى والدتها بحرج…..فوجدها تنظر اليه بحرج يماثله لكنه مليء بندم فهي سبب تلك الزيجة الرخيصة والتي كانت تحاول اغمض عينيها
عن حقيقتها المكشوفة للملأ…….
عادت عينيه للباب بقتامة تشتبك بنفس الحيرة وتيه من حديثها……..فلم يمنع نفسه من السؤال امام امها……
“لو عايزاني اطلقك فهميني اي اللي حصل…اي اللي خلاكي تطلبي الطلاق فجاه كده…بعد ما كنا اتفقنا على كل حاجة….فهميني…..وريحي قلبي ياحنين…..”
كانت اخر جملة منه بها رجاء حاني جعلها تبكي وقلبها يتجرع المًا…….قالت ساخرة بتألم….
“اريح قلبك !!…..بعد اللي عملته…….”
ضرب الباب بقوة افزعها وهو يصيح هائجاً من هذا الباب الحائل بينهما…
“اي اللي انا عملته…..اي هو اللي انا عملته………
فهميني……اطلعي وفهميني…. ”
ابتسمت هازئة…
“افهم انت لوحدك ياعريس……..”
عقد حاجبيه وهو يردد الكلمة بغرابة…..
“عريس…..تقصدي اي ياحنين……”
هدرت فجأة ببغض……
“اللي وصلك……طلقني ياعز…ياما ورحمة ابويا هرفع
عليك قضية خلع وهجرجرك في المحاكم…وافضحك في كل حته……”
رفع وجهه منتفضاً بغضب وهو يردد ذاهلاً……
“تفضحيني انا ياحنين……عايزه ترفعي قضية خلع………لدرجادي…..”
قالت وهي تذرف الدموع بضعف قائلة بكره…
“واكتر….طلقني قولتلي قبل كده…..اني لو طلبت الطلاق منك في يوم هتوافق……اوفي بوعدك
وطلقني زي مانا عايزه……”
ازدادت ملامحه تشنجاً ومن بين تلك التخريف
قال بعناد…….
“مفيش طلاق ياحنين……… مش هطلقك على جثتي…وفتحي الزفت ده خليني افهم اي اللي
قلبك عليا اوي كده…….”
قالت بصوتٍ ضعيف غاضب……
“انت عارف كويس انت عملت إيه……ومش محتاج اقولك…….ابعد عني ياعز…..انا مش عايزة منك غير ورقة طلاقي…….”
هتف بحدة…….
“مفيش طلاق ياحنين…. انتي مراتي غصب عنك وانا اقسم بالله ما هفوت الهبل ده على خير….” ضرب الباب ثم هدر فجأة بقوة ارجفت جسدها…..
“خليكي مستخبيه ورا الباب ياحنين…لينا كلام تاني
بس مش من ورا الباب يامدام……”
ابتعد عن الباب ثم من الشقة باكملها بخطى هائجة
وملامح تزداد قتامة وغضب…….ولاح بها وجع
ممن تطالب بالهجر الآن منه…….بعدما كانت تئن بأسمه بحميمية في احضانه منذ ساعات قليلة !!…….
بداخل الغرفة اخذت تتنفس بسرعة وهي تتطبق على عينيها بعنف….. وظلت تسير قرب الباب المغلق ذاهباً وعودة وهي تضرب وركيها بقبضتين يداها بقسوة وتشنج… وعيونها تذرف الدمع باستمرارية توجع قلبها وتحرق اعصابها اكثر من الازم…….
………………………………………………………………
في صباح دخل الشركة وهو في حالة من العصبية
الشديدة يصرخ في اي شخص يمر بجواره وكانه يخترع المشاكل حتى يفرغ غضبه على الموظفين
أصبح شديد الانفعال وهو الذي كان يتمتع بين الموظفين ببرودة اعصابة ووقار تعامله……..
انقلب للنقيض فجاه جعل الكل يهابه اكثر من السابق……
ترك القلم بعصبية على سطح المكتب حتى اصدر صوتٍ مزعج…ثم سند ظهره للخلف على مقعده الوثير وهو يحل ربطة عنقه باختناق…..شرد
ناظراً باعين حمراء من شدة الاراق وقلة النوم
ليلة أمس…….
أمس؟!!!….حتى الان لا يعرف سبب وجيه يجعلها تطالب بطلاق بتلك الطريقة الغريبة الاقرب للجنون………ماذا أصأب عقلها……..
اغمض عيناه و ازدادت انفاسه سرعة مرهقة وهو يشعر بان حوائط المكتب تطبق على صدره…..
نهض من مكانه بتشنج ووقف امام الحائط الزجاجي الامع…..اجرى اتصال سريع بحارسه الخاص (نزار)
ساله بنبرة رخيمة مفعمة باللهفة…..
“ها يا نزار خرجت…….”
رد نزار على الجهة الاخرى باحترام….
“لا ياباشا……مفيش حد خرج من البيت…..اخواتها بس راحه المدرسة وهي ووالدتها فوق…….”
قال عز الدين بسأم……
“لو والدتها خرجت اتصل بيا علطول…ولو هي
برضو خرجت كلمني……ماشي……”اغلق عز الدين الخط وهو يزفر بضيق…ارجع شعره للخلف وهو يجري اتصال جديد بها وهو يعلم انها لن ترد عليه
فهو حاول طوال الليل مهاتفة اياها عبر الاتصال
والرسائل وهي تأبى بعناد الرد عليه……انها حتى
لا تود ان تريح قلبه وعقله وتحكي سبب وجيه لطلبها المفاجئ بطلاق…………
صدح هاتفه فرفع اياه باللهفة لا تخلو من الغضب
وجد ان المتصل شقيقته…..فتح الخط وقال بصوتٍ كئيب…..
“ايوا يا اية………..خير…….”
سالته اية بارتياب…..
“خير….. في اي ياعز مالك…. انت كويس…..”
رد بنبرة باهته بملل…..
“الحمدلله…….. كنتي عايزه حاجة…..”
لاح القلق اكثر على صوتها وهي تساله بشك…
“هي فين حنين ياعز…….سالت الخدم قالوا انها خرجت من امبارح بليل ومرجعتش….هي باتت
برا ؟!!…… اي اللي حصل بينكم……”
رد عز الدين بجزع…..
“مفيش حاجة يا اية…حنين بس مامتها تعبت شوية
فا راحت تقعد معاها عشان متبقاش لوحدها…..”
قالت اية بعدم اقتناع……
“مامتها تعبت……يبقا لازم اروح اشوفها….هات العنوان ياعز………”
امتنع بسأم…..
“مش وقته يا آية……”
قالت اية بعتاب…….
“هو اي اللي مش وقته لازم ازورها وطمن عليها…جرالك إيه المفروض انت كمان تكون
معاها دلوقتي…….”
لوى شفتيه مستنكراً وهو يقول باعين
شاردة….
“هي مش عيزاني اكون معاها…….”
وقع قلب آية أرضا وهي تساله بخوف…..
“ليه….انتوا متخانقين…….عز ارجوك متخبيش عليا… انا اختك ياعز هتحكي لمين غيري….. ”
“مش وقته يا آية……انا عندي شغل كتير اوي….لم ارجع هنتكلم……”اغلق الخط سريعاً بدون ان
ينتظر ردها……..
اجرى اتصال مجدداً بها فلم ترد عليه بل ارسلت رسالة مليئة بالكراهية والغباء الغير متناهي…….
(ريح نفسك انا لا طيقه اكلمك ولا طايقه اسمع صوتك……نفذ اتفقنا وطلقني ياعز…….اطلع قد
كلامك وطلقني….قدامك اسبوع بعدها هرفع
قضية خلع سمعني…..)
بعد تلك الرسالة الغبية منها زاد تنفسه تشنجاً وازدادت ملامحه قتامة…… اتكأ على ازرار
كيبورد الهاتف بشدة وهو يرسل لها بعنف…..
(وريني هتخرجي من باب بيتكم ازاي للمحاكم
انا مستني خروجك منه…….اطلعي من جحرك ووريني نفسك ياحنين هانم…….يمكن ساعتها
تعرفي تقنعيني بطلاق فطلقك من غير خلع يامؤدبة…..)
ارسلت رسالة تنفث عن غضبها منه….
(غصب عنك مؤدبة ومتربية انت اللي مشفتش
تربية…..طبيعي ترجع في كلامك هنتظر اي من
واحد بيبدل الستات زي بدله……..جوز الاربعه…..)
كتب ذاهلا لها ولم يمحى غضبه نحوها……
(انتي اتهبلتي مش كنا خلصنا من الاسطونة
بتاعتك دي…..)
ارسلت ببغض……
(مخلصناش ومش هنخلص ريح نفسك وريحني وطلقني…..)
(والله لا هريحك ولا هريح نفسي ومفيش طلاق..ولما اشوفك لينا كلام تاني……)اغلق الهاتف وهو يكبح انفعاله ناظراً لابعد نقطة امامه بسوداوية……
………………………………………………………………
ابتسمت بنعومة وهي تعانق الدمية المحشو على شكل خروف بفرو أبيض احد هدايا أحمد لها والتي
اهداها لها في عيد الاضحى……..
ظلت تستمع لاحد الاغاني الرومانسية وهي تحدثه في الهاتف بصوت خافت…..
“يعني قربت على البيت….”
رد على الناحية الاخرى وهو يقول….
“آآه شويه وهوصل…. انتي بتسمعي إيه…..”
ابتسمت بحرج وهي تقرب الهاتف من من السماعة الصغيرة (مكبر صوتي)…….
(وبيستحي بعرف حبيبي بيستحي ياريت لو بطفي القمر ليحكي على عتمة…….)
عادت ووضعت الهاتف على اذنها فضحك أحمد
وهو يقول بخبث……
“متاكدة ان الاغنية دي ليا….. مش مشيه معايا خالص……”
ضحكت هي الاخرى وهي تبرر الامر….
“ليه بقا مش ماشيه معاك…. انت بتعمل حاجة
من ورايا……”
رد احمد بمزاح……
“ولا حتى قدامك……. بس انا ما بستحيش خالص…
تقريباً الست اليسا بتغني لواحد خريج ازهري…. ”
هزت رأسها قائلة بسام…..
“مفيش فايدة فيك……علطول بتثبتلي انك مش سالك…….”
رد بوقاحة……
“كويس اللي يعمل كده متخفيش منه… انتي تخافي من السهونه اللي بيحاول يثبت انه بيصلي على السجادة قدامك ومن وراكي نسونجي قد
الدنيآ……”
قالت بغيظ معاتبه…
“ملفاظ السعد ياستاذ انت مش بتكلم واحد صاحبك…….”
رق صوته وهو يقول باشتياق….
“دي لغة الجيل ياستاذه بيبه…… عمتاً وحشتيني اووي…….”
غيرت مجرى الحديث كالعادة…..
“تمام…….. قولي عملت اي في الجامعة….”
مط شفتيه وابتزها عاطفياً بعتاب….
“احنا هنهزر يابطتي…. فين وانت كمان يا أحمد…. بموت فيك يا احمد….. قلبي يا احمد روحي من جوا يا أحمد… اي هعلمك فيك لحد امتى يابيبة…… انتي لا عايزه تحفظي ولا عايز تفهمي……..”
بللت شفتيها وهي تقول مستنكرة…..
“مش اوانه الكلام دا يا أحمد….”
سمعت صوت مضغ وطحن شيء بضرسه…….
سالته بفضول…..
“بتاكل إيه……”
رد بفتور….
“لب………وسوداني…….”
قالت بمناغشة حلوة…..
“هات شويه طيب……”
قال ببساطه……
“انزلي خدي شويه…….”
“انت تحت…..”سالته وهي ترتدي اسدال الصلاة وتلف حجابها….
رد وهو بالاسفل وسط ضجيج الاطفال بالكرة…
“ااه انزلي لو تعرفي……” صاح للصغار وهي معه
على الخط…….
“احنا مع الفريق الجامد… وعشان منضيعش وقت… جودة معايا…..” عاد اليها قائلاً…..
“نزلي حاجة من البلكونة وخدي فيها اللب ده…..”
صاح للصغار بعدها……
“ضربة جزاء اركن على جمب يابني……اتفرج وتعلم….. ”
اغلقت الخط وهي تخرج للشرفة لتجده يلعب هو وكرم مع احد الصغار بالكرة…وقد اقتحموا بجمال
مبارة الصغار واصبحوا يشكلا جو اكثر حماساً وسعادة مع صغار الحي الذين كانوا منبهرواً بلعب أحمد وكرم الاحترافي بكرة القدم…….
غمز لها أحمد وهو يمرر الكرة بين قدميه بسهولة
حتى لا ينالها كرم ويسجل هدف………فقد
تم تقسيم الصديقان على الفرق بتساوي ليكن كرم منافس لأحمد الذي كان يرقص الكرة بين قدميه
بتلاعب ومهارة…… ثم تجاوز كرم وبعضاً من الصغار ودفع الكرة بقدمة في المرمى مسجل هدف سريعاً بعدها……
فصاح فريق أحمد من الصغار بسعادة وبدا في اغاظة فريق كرم الذي صاح بغضب مصطنع…..
“اي يعني جاب جون اول ما نزل…….”نظر للصغار وقال بجدية…..
“احنا كسبانين يارجالة بعون الله……”
صاح احد الصغار من فريقة …..
“متاكد ياكرم ولا احمد هيعلم علينا……”
رد كرم سريعاً…..
“اكيد هيعلم علينا……”
صاح الصغار بقوة معاً….
“ااااااااااااايه……”
ارتعد كرم للخلف بخوف مصطنع…..
“اهدوا يارجالة اكيد اكيد هنكسب….معاكم كرم صلاح شخصياً وهكسب يعني هكسب….”
لوى احمد شفتيه باستهجان…..
“كرم صلاح هنا زي محمد صلاح كده في المنتخب فهمين……”
“اتريق اتريق… دا انا هقطعك….اصبر عليا….” نزل كرم على الارض وعمل تمرين الضغط امام الصغار
فضحك فريق احمد عليه… وكذلك أحمد الذي قذف من فمه قشر اللب ورفع عيناه عليها فكانت تقف بشرفتها باسدال الصلاة والحجاب الذي زادها نضجاً
وحلاوة….. تلاقت اعينهما فابتسمت اليه ابتسامة تقطر عسلاً…….جميلة ملكة الثلج ذات الوجه
الأبيض بياض يغيظ احياناً من شدة نقاءة…وعيونها الزيتونية كزيتونتين وضعوا على طبق من الجبنة البيضاء وشفتيها يمثلاً قطعتين من الطماطم
الحمراء….لم تكن وجبة دسمة لكنها شهية صحية
للعين للقلب لمشاعره التي عبثت بها البيضاء فأصبح لا يرى جمالاً إلا من خلال عينيها …..
عض على شفتيه وهو يجد افكاره تنحرف وهو يفكر في شعوره حينما يمرر شفتيه ولسانه الشهواني على تلك الملامح الانثوية النقية…….كيف سيكون مذاق وجبة فطوره التي ينتظرها منذ ان وقعت عيناه عليها……..
حاول الخروج من تلك الافكار فلن تزيد الا الإشتياق
ومتطلبات اخرى لا يود الانسياق معها……. رفع يداه اليها بلفة صغيرة من اللب واشار لها ان تنزل السلة لتاخذها…..
بالفعل انزلت السلة الصغيرة ووضع بها لفة اللب
الصغيرة ومعها ورقة صغيرة جداً…. فتحتها في الخفاء بإبتسامة حالمة…..
(بحبك يابيبة…….. يابطتي……)
ابتسمت حبيبة وهي تتابع المبارة الشيقه من
الاعلى وهي تاكل اللب باستمتاع……..
من جديد كسب أحمد وسجل خمس اهداف وفي اخر دقائق سجل كرم هدف واحد فصاح بعد تسجيل
الهدف بسعادة عارمة……
“والله وعملوها الرجالة ورفعه راس مصر بلدنا ووقفه وقفت رجالة مبروك لمصر ولي ولادها…….”
صاح احد الصغار وهو ينظر لكرم بغيظ…..
“احنا خسرنا على فكر ياكرم…….احمد سجل خمس اهداف واحنا هدف واحد……”
رد كرم بالا مبالاة….
“اي يعني احنا حاولنا وعملنا اللي علينا… فين روح المنافسة الشريفة………”
اقترب منه احمد قائلاً بلؤم……
“قولهم يابني…..”وقف امامه أحمد ثم مسك
ياقة قميصة فجأة على مرأى الصغار قائلا
بخشونة…..
“شخلع عشان تعدي…….”
نظر له كرم بتوجس……
“اي يابو حميد في إيه……”
حدثه احمد ثم حدث الصغار بمكر…..
“هو اي اللي في إيه……هو مش اللي بيخسر بيدفع برضو يا رجالة……..”
“اااااااااااااااه…….”
صاح الصغار كلهم معاً حتى فريق كرم…..نظر لهم
كرم بغيظ هادراً……
“جتكم اوه…..يعني اجيب جون وشرفكم ودفع كمان……”
صاح احد فرقة احمد….جودة….
“أحمد جاب خمس تجوان……”
اخبره كرم بازدراء…..
“عشان غشاش…….”
“بتقول إيه……..”
جذبه احمد بغضب من ياقة قميص….
عدل كرم الجملة وهو يقول بنبرة قاربت على
البكاء الزائف……
“عشان حريف…وانا راجل على قدي يرضيكم
تقلبوني…..دا انا ساكن في شارع اللي ورا حتى
يعني ضيف عندكم…….”
تركه أحمد باستياء قائلا……
“يابني هات عشرين جنيه ومتحرجناش قدم العيال……..”
نظر له كرم بغيظ ثم اخرج الاموال على مضض ووضع الورقة بيد أحمد بقوة وهو يقول
مقتضباً……
“خد ادي العشرين زفت……..وخد في بالك احنا مش بنلعب على قمار……..”
رد احمد هازئاً……
“ياخي اتنيل مش لما تفلح في الكورة نلعب قمار………”نظر احمد لجودة وناداه….
“جودة خد الفلوس دي وجيب لرجالة خروب…. ”
اوما له جودة وهو يضحك بسعادة وسحب اصدقاءه معه والذين لا يتعدى عددهم عن الستة من
الفريقان !!….
رفع أحمد عيناه على حبيبة الواقفة بشرفة مكانها تنظر له بحب واستمتاع بتلك المبارة التي انتهت للاسف سريعاً…….غمز أحمد لها بخبث والقى اليها قبلة في الهواء وهو يدخل البنية ومعه كرم…..
ازدادت خفقات قلبها وهي مكانها متسمرة بدهشة
وقد اشتعلت وجنتيها بحمرة الخجل والغضب مما جعلها تمسك الهاتف بتهور وكتبت….
(اللي عملته دا ميتكررش تاني يا احمد…انت…انت قليل الادب……..)
ارسل لها ذاهلاً……
(ياخربيت الهبل وكاني بوستك من بؤك…..)
ردت برسالة منفعلة ببراءه…..
(يسلام متقدرش تعملها دا انا كنت فضحتك…….. وقولت لابراهيم….)
ارسل لها لاول مرة بمراوغة وقحة……
(يادي ابراهيم اللي فكراه بعبع المنطقة…. اسمعي
في يوم من الايام هتبقي حلالي وساعتها هقطع
شفايفك الحلوين دول بسناني………)
(ياقليل الادب انا غلطانه أصلا اني بتكلم معاك….)
وضعته على الحظر سريعاً وهي تبكي وكان من المفترض ان تسعد بكلامه او تخجل…. لكنه حينما يحاول التطاول معها في الحديث تشعر بالاختناق وعدم الارتياح للأمر وكانها تفعل جريمة شنيعة
لذلك كانت تضع حدود واهيه بينهما…….
ليتها كانت تمتلك الشجاعة لتقطع تواصلها به نهائياً….. فكرت كثيراً في الأمر… لكم أحمد
وصل للادمان داخلها…… إدمان وجوده
واتصالاته ورسائلة…….وجود أحمد وكل شيء
يخصه عيوبه قبل مميزاته ؟!!……..
مسحت دموعها بعصبية وهي تجد رسالة من الخط الاخر الخاص ايضا به…..كتب لها اعتذار مشتبك بندم….
(حبيبة انا اسف……معلش……. انا عارف اني
اتجاوزت حدودي معاكي في الكلام…..بس والله غصب عني هي طلعت كده معايا……)اغلقت هاتفها
بتشنج ولم تضع الخط الاخر على الحظر…… بل اكتفت بتجاهلة………وهي تعلم ان هذا انسب عقاب
له…….
دخلت الغرفة وخلعت الاسدال والحجاب بعنف انسدل شعرها البني الفاتح كالبندق
على ظهرها بجمال…
جلست على الفراش لتجد امها تدخل اليها
وهي حزينة الملامح بعيون حمراء اثار البكاء…..
فمزال زوجها يعاقبها ببعاده وجفاءه نحوها….فهو لا يأكل ولا يبات جوارها على الفراش بل كان يبيت في غرفة الصالون على الاريكة….والاكل اوقات كثيراً يهمل فيه….. لولا حبيبة التي تصر على اطعامه باعداد وجبات خفيفة له ، فهو مزال ينفر من كل شيء ياتي عن طريقها هي…..
وكم المها هذا و آثر على نفسيتها تجاهه….فحاولت
ارضاءه بكل الطرق لكنه أبى بعناد وكانه يرى
ان مزال عقابها ببدايته لعلها تخلع جلد المرأة
الفضولية المؤذية وتعود لثوب الزوجة والأم كما
يحتاجها هذا البيت……او سيتم استبدالها او
حذفها من حياتهما للأبد……
لاول مرة يكن زوجها قاسي معها ولاول مرة تجد
خصامة لطمة كبرى لافاقتها من غيبوبة الغل
التي تحيا بها…..وتركز اكثر مع ابنتها وزوجها
ان سمح لها بذلك….فهي مزالت تسعى لرضاه…..
قالت صفاء بنبرة حزينة…..
“مش هتاكلي ياحبيبة……الغدى جاهز… ”
نزلت دموع حبيبة وهي تقول بامتناع….
“مليش نفس ياماما……”
جلست صفاء على حافة الفراش بقلق…..
“ليه ياحبيبة……… مالك بتعيطي ليه……”
قالت حبيبة باعين باكية……
“مفيش…… انا مخنوقه شويه…. ينفع تاخدني في حضنك ياماما…….”
سحبتها صفاء لاحضانها وهي تقول بحنو…..
“ينفع ياحبيبتي…….. تعالي……. مالك بس……”
قالت حبيبة بحرج وهي تشعر بالحرج من
امها…..
“مفيش زعلانه من واحده صاحبتي…….”
سالتها والدتها برفق لاول مرة……
“صاحبتك اوي…….. ولا نص نص…….”
“هتفرق يعني…..”قالتها حبيبة بملل…..
قالت صفاء بهدوء وهي تربت على كتف ابنتها…
“هتفرق لو صاحبتك اوي مش هتقدر على زعلك
وهتتصل تصلحك……ولو صاحبة نص نص يبقا متستهلش دموعك وزعلك عليها……عشان مش
هيبقا فارق معاها اذا كنتي زعلتي منها ولا لا……”
خرجت حبيبة من احضان امها وهي تنظر اليه
وتاخذ المشورة في الخفاء……….
“هي صاحبتي اوي بس اوقات بحس اني زي زي غيري عندها……. مش عايزه تحطني في المكانه اللي استحقها منها……..”
قالت والدتها بمحبة وهي تقرص ذقنها
برفق….
“ولي تستني مكانتك عند حد…. انتي غالية
ياحبيبة…… حبي نفسك وكرميها بصحبة اللي
تستحقيها………..”
عادت حبيبة لاحضان امها وهي تقول بنشيج
حزين…….
“انا مبسوطه انك رجعتي ياماما…. انا كنت مفتقدة
وجودك رغم انك كنتي معايا طول الوقت…..”
ربتت صفاء على كتف ابنتها بحرج قائلة…..
“حقك عليا ياحبيبتي انا غلط في حقك وحق ابوكي واوعدك اني هفضل معاكي دايما واعوضك عن اللي فات…….”
كان حامد يراقب هذا المشهد من فتحت باب الغرفة المفتوح……تنحنح بخشونة وهو يقتحم المكان
بهدوء شامخ…….
خرجت حبيبة من احضان امها ومسحت دموعها ثم نظرت اليه صفاء بحرج يشتبك برجاء…..فقال حامد بخشونة…..
“مش ناوين تغدوني انا جعان…….وريحة الاكل جوعتني اكتر….. ”
نظرت حبيبة الى والدها بصدمة وكذلك صفاء التي ابتسمت بسعادة وهي تقول بلهفة….
“بجد هتاكل يا حامد……”
رد بصوتٍ خشن مفعم بالوقار…..
“ايوا هاكل امال هتفرج عليكم…..”ثم نظر لها
بعيناه الحانية المسالمة…..
“طبخلنا اي يام حبيبة……..”
نهضت وقد عاد لوجهها الحياة وكانه القى عليها
قصيدة غرام……….فقالت…..
“فضلت خيرك ياخويا لحمة ورز….. وطاجن بامية بالحمه برضو…….ربع ساعة والاكل يكون جاهز…. ”
كانت ستخرج لكنه اوقفها قائلاً بحنان الزوج…..
“اغسلي وشك……. وكفياكي عياط…… سمعاني….”
اومات قائلة بصوتٍ حزين ممتناً……
“حاضر……..حاضر يا حامد…..”ربتت على صدره وهي تسير للخارج بخطوات سريعة سعيدة بلهفة كي تحضر وجبة الغداء له……..
نظر حامد لابنته وقال بخشونة….
“يلا ساعدي امك…..هتسبيها في المطبخ لوحدها…”
تهلل وجه حبيبة بالفرح بعد ان مسحت دموعها
في الخفاء…..ثم نهضت قائلة بمناغشة…..
“لا ازاي إحنا نقدر نتعب نبع الحنان…..هروح
اساعدها…….. هوه….. ”
راقب حامد خروج ابنته ثم ابتسم بعدها براحة
وهو يشعر ان المركب تسير في الاتجاه الصحيح أخيراً…….
…………………………………………………………..
كانت تغلق ازرار السترة الكلاسيكية الراقيه وهي
تقف امام المرآة…. قد ارتدت طاقم انيق للعمل
وعقدت شعرها بكعكه مرتبه…… وضعت القليل من أحمر الشفاة القرمزي واضافت كحل لعينيها السوداوين فزاد جمالهم إتساع جذاب…….
صدح هاتفها على حافة الفراش… استدارت اليه
بملامح حانقه…. أصبحت تعاني من مزاج سيء
خصوصاً في صباح….. او طوال اليوم !!…..
لا تعرف لماذا….ربما من يوم ان سمعت خبر خطبته وهي في حالة من الانفعالية الشديدة التي تنتهي بصراخ على اي شخص يحاول اختبار صبرها
عليه…..
لم يكن أوان اتصاله أبداً….. عقدت حاجبيها بحنق
وانفعال وشيك وهي ترى اسمه ينير شاشة هاتفها
صباحاً…….
جزت على اسنانها وهي تفتح الخط واخذت قبلها نفساً عميقاً كي تهدأ من توهج غضبها……
بعد ان فتحت الخط انتظرت مبادرته هو بالحديث
وبالفعل تحدث ابراهيم بنبرة خشنة….
“صباح الخير……”
لم ترد الصباح بل قالت باقتضاب….
“في حاجة يابراهيم…. رانن ليه؟…..”
اتى صوته ببرود…..
“اكيد مش عشان احب فيكي…..”
قالت سمر بجمود ساخرة…..
“وتحب فيا ليه……… كفاية عليك خطبتك……كلمها وحب فيها…..”
رد ابراهيم باستهانة باردة….
“نشوف الموضوع دا بعدين…… المهم انا مستنيكي تحت انزلي……”
قالت سمر باقتضاب…..
“انزل فين بظبط……. ومستنيني ليه…….”
اخبرها ابراهيم بفتور……
“المحامي كلمني وجد في الامور امور في قضية
حرق الكوافير…….”
قالت بايجاز فاتر….
“مم… تمام…. هعدي عليه بعد الشغل….. لوحدي…” شددت على اخر كلمة بكبرياء وتحدي……..
اتى صوته الرخيم بنفاذ صبر……
“المحامي دا تبعي انا والكلام لازم يكون قدامي… انزلي ياسمر……. انا مستنيكي تحت في العربية……”
“قولتلك انـ……..”لاحت الصدمة على ملامحها وهي تنزل الهاتف عن اذنها وتنظر له ذاهله….
” قفل السكه في وشي…… قليل الذوق…… ماشي.. ”
عضت على شفتها وهي تسحب حقيبتها وتخرج
من باب الشقة للأسفل…..
بالاسفل لمحة سيارته تقف بعيد عن منزله بقليل……سارت اليها وهي تشتم وتسب إياه
بتهكم……..
دخلت السيارة صافقة الباب خلفها بقوة كادت ان تهشم زجاج النافذة ومع ذلك لم يعقب ابراهيم
على فعلتها بل نظر لها ببرود وتفقد هيئتها الجذابة
التي تحمل من الشراسة شيء مغري لعيناه وقلبه
المدله بحبها……….
استقرت عيناه على شفتيها المطليه بالقرمزي الملفت
والفاتن كذلك…..بلع ريقه وهو يشيح عيناه عنها بجمود ثم سحب منديلا وقدمه لها بصمت…..
نظرت سمر للمنديل بقرف وقلبت شفتيها ممتعضة وهي تقول…..
“اي دا بقا…….”
قال بجفاء همجي وهو ينظر امامه….
“امسحي الاحمر ده…او خففي امه….انتي راحه شغل مش راحه فرح……..”
قالت سمر بتمرد انثوي……
“وانت مالك…..راحه شغل راحه فرح ميخصكش..زائد
ياستاذ انت ازاي تقفل السكة في وشي وانا بكلمك
اي قلة الذوق دي…….”
“انا قليل الذوق ياسمر……”اشار على نفسه بصدمة وهو ينظر اليها كمدفع رشاش……
اومات له وهي تقول بهجوم……
“آآه…… وبعدين انا هروح للمحامي لوحدي…انا دخلت اقولك الكلمتين دول بس ومشيه……”القت عليه نظرة
باردة…..
“ومن غير سلام كمان……”مسكت مقبض الباب كي تخرج فوجدته أوصد الباب عليها……استدارت اليه بشراسة
“نعم !!………..افتح الباب………”
حرك المنديل بين اصابعه مجدداً وهو يرمقها
بتحذير…….
“خدي الزفت وامسحي ام شفايفك…….”
تمردت مجددا قائلة بحدة……
“مش مسحاها وفتح الباب ياما هصوت وفضحك في الشارع كله……..”
“وانا لسه هستنى لما تفضحيني…….”القى نظرة
جافة عليها وهو ينطلق بسيارة بعدها….كتفت
ذراعيها امام صدرها ونظرت له شزراً ثم تابعت الطريق بغيظ….
اوقف السيارة بقوة امام احد المباني الشاهقة
كانت ستصطدم في زجاج السيارة الاماميه
لولا تمسكها في اخر لحظة مما جعلها تعيد
سبه بخفوت……
ادار ابراهيم راسه اليها وهو عاقد الحاجبين
وسالها بشك……
“بتبرطمي بتقولي إيه…….”
“وانت مالك……..”لوحت بيدها بغيظ وهي تفتح الباب جوارها…..
كبح غيظه وهو يلحق بها للمبنى…حيثُ مكتب المحامي……..
وقفا امام المصعد هما وامرأة عجوزة انيقة الملابس…
لمح ابراهيم هبوط المصعد واقترابه منهم مما جعله يميل على المرأة العجوزة ويخبرها بخفوت وحرج…..
” مش عارف اقول لحضرتك ايه……بس انا مراتي عندها صرع بيجلها لما بتوتر اوي…. وهي اكتر حاجة بتوترها ركوب الاسانسير………فلو حضرتك تحبي تدخلي معانا و تهديها يبقا كتر خيرك……..”
نظرت السيدة لسمر بخوف وتردد وقد اضطربت منهما بعد ابتسمت ابراهيم الباردة فاعادت ادراجها وهي تعتذر له…..
“اعذرني بس انا اعصابي بتتعب من الحاجات دي…..”ثم نظرت لسمر بشفقة قبل ان تبتعد…..
“ربنا يشفيكي ويعافيكي………”
توسعت عينا سمر بعدم فهم وهي ترمق السيدة التي تركتها وهرولت سريعاً….. عادت بعينيها النارية
على إبراهيم وسالته……
“مالها دي؟!…..قولتلها اي عني………”
حينما وصل المصعد سحبها إبراهيم من ذراعها ودخل بها المصعد وحدهم قبل ان يلحق بهما
أحد وهذا ما خطط له منذ البداية….
صاحت سمر وهي تجذب ذراعها من يده
بعد ان دخلت المصعد……
“سبني….انت قولت اي للوليه عليا….قولت اي يابراهيم انطق…….”
اخرج إبراهيم المنديل واقترب منها قائلاً ببساطة
“قولتلها انك عندك صرع……. وبصراحه انا
مكدبتش……”
ابعدته عنها بتشنج وهي تصيح……
“انا عندي صرع……. انا عندي صرع يابن راضي….”
نظر ابراهيم لانفعالها المبالغ فيه فأكد الامر ببرود
“دا اكبر دليل انك مصروعه ياحبيبتي……”
ضربت يده الممسكه بالمنديل وهي تقول بانفعال
مبالغ فيه….
“متقوليش ياحبيبتي…وانا مش همسح شفايفي…انت مالك احط احمر ولا اخضر….ولا امشي عريانه حتى
مالك انت ها مالك انت……..”
سحبها بقوة من خصرها وقد اغتاظ من ردها فنظر لها باعين قاتمة وامتزجت انفاسه اللهثة غضباً
بانفاسها المضطربة بقربه….. هدر ابراهيم بصوتٍ خافت محذر…….
“عريانه ازاي يعني……”
بلعت ريقها وخففت من حدتها وهي تقول
بحرج..
“انا مقولتش كده…….”
سالها وهي يستنشق اكبر قد من رائحتها
الجميلة كبخور العنبر والمسك………
“امال قولتي إيه…….”
قالت بتردد وهي تهرب من عيناه قوية
النظرات
“مش فكرة…….”
اغلق شفتيها باصابعه قائلاً بأمر خشن……
“طول مانتي متعصبة متفتحيش بؤك خالص…”
عندما سحب اصابعه عن شفتيها قالت
بغيظ…..
“يسلام وانت مالك اي هتمسك لساني……”
اخبرها ابراهيم بعبث…..
“امسك اللي يعجبني……..ميخصكيش……”
احمرت وجنتيها فقالت بانزعاج…….
“احترم نفسك……..”
قلب عيناه مصطنع البراءة…….
“مش ذنبي ان نيتك مش سالكه……”
ردت سمر باحتقار……
“على اساس انك انت اللي سالك النوايا……”
قال بصلف وهو يبتعد عنها….
“طول عمري……وانتي اول واحده تشهدي بكده…”
نظرت سمر للمرآة المصعد فوجدت حمرة شفتيها ملطخ بسبب اصابعه الغليظة التي امتدت منذ
ثواني لتغلق فمها بتسلط وسطوة لعينة………
صاحت بغيظ وهي تنظر إليه…..
“عجبك كده……… نيلتني……….”
مد لها المنديل وهو يعقب هازئاً……
“شكلك مسترخصه…….خدي امسحيه… ”
مررت المنديل حول شفتيها وفوقها برفق
وهي تقول ممتعضة بحسرة….
“مسترخصه ؟!! صباع الروج ده بتمن راتب شهري ….”
رفع حاجبه مندهشاً ثم قال بسخط……
“بسم الله ماشاء الله…… كده عرفنا فلوسك بتروح فين………”
كبحت ضحكتها رغم غيظها منه ثم عدلت سترتها حينما وجدت المصعد يفتح ابوابه أخيراً……
فرت هاربه قبله وكانت تسير في تهادٍ……
اقترب ابراهيم منها بخطوات سريعة
ثم بالقرب من اذنها همس بغيرة…..
“اظبط مشيتك ياشبح……….. مش كده…..”
توقفت وهي تنظر اليه فوجدت عيناه في عينيها ثم انحدرت عيناه خلفها للاسفل صاحت بغيظ…..
“عينك يابراهيم……”
جز على اسنانه وهو يقول بحنق منها…..
“الچيبه دي ضيقه اوي…..دي اضيق من خلقي…. انتي اي اللي حصل لاخلاقك بظبط……..”
وضعت يدها على خصرها قائلة بضيق وتهديد…..
“والله لو ما بطلت كلامك ده….هنزل وسيبك……”
قال ببرود…..
“لا وعلى إيه…… ادخلي خلينا نخلص من ام
المشوار ده…..”
في مكتب المحامي جلست سمر وجوارها ابراهيم
امام المكتب…. تحدث المحامي بعد الترحيب بعملية……
“الحكومة وصلت للوالد المسجل ده…. ولي كان سبب في حرق الصالون بتاعك يامدام سمر…..”
اومات له سمر وهي تساله باهتمام…..
“وطلع مين اللي وراه يامتر…….”
تابع المحامي بجدية…..
“بعد التحقيق معاه طلع اللي مسلطه عليكي واحده اسمها رزان الشافعي وواحد شاغل عندها هو اللي اتفق مع الواد ده اسمه تقريباً تامر….النيابة بعتتلهم
وبيتم التحقيق حالياً معاهم…وان شاء الله هياخده جزئهم ولي غلط هيتعاقب….. وانتي هتطلعي على النيابة بكرة الصبح عشان ياخده اقوالك من تاني ويسالوكي عن الصلة اللي بينك وبين رزان وتامر…….”
كانت في حالة من الذهول رغم شكها في رزان
منذ البداية لكنها لم توجه لها اتهاماً على الملإ…
رفعت عينيها على إبراهيم فوجدته ينظر لها
بهدوء بملامح مبهمة ونظرات غير مقروءة…..
سحبت سمر نفساً عميقاً وهي تعود للمحامي قائلة
“ايوا….. هي رزان كانت طليقة جوزي…. اكيد عملت كده عشان ماهر طلقها وبعدها اتجوزني علطول….
وتامر طبعاً كان شغال معايا في البيوتي سنتر… وهو أصلا خدام القرش وممكن يعمل اي حاجة عشانه… ”
عادت لابراهيم بعينيها…فكانت مضطرة ان تسرد صلتها بزران بطريقة طبيعية…..لكن هيهات ازدادت
نظرات الحبيب قتامة نارية وهو يرمقها بغضب
واحتقار………….مما جعلها تخفض جفنيها وهي
تسمع رنين هاتف المحامي الذي فتح الخط
امامهم قبل ان يقول…
“دا تلفون من النيابة….اكيد في اخبار من سيد السكرتير بتاعي…بيباشر القضية هناك……”
اومات له سمر وهي تتابع اتصاله الذي كان مفعم
بتوتر….بعد ان اغلق المحامي الخط اخبرها
بتردد……
“النيابة حققت مع رزان….والقضية بقت للاسف قضيتين…..رزان لسه معترفه بعد الضغط عليها في تحقيق….. انها هي وتامر اشتركه في تدبير الحادثة اللي أدت لوفاة جوزك ماهر المحمدي…… وكانت كمان متوقعه موتك معاه لكن ربنا نجاكي منها ……. ”
توسعت عينا سمر وكذلك لاحت الصدمة والغضب على ملامح ابراهيم فسالت سمر المحامي
بصدمة…….
“ولي عملت دا كله…….”
رد المحامي حائراً…….
“الإجابة دي عندها هي……….لما تروحي النيابة هتعرفي اكتر عن القضية…….وانا اكيد هروح قبلك بكرة……”
نهضت سمر وهي تقول بملامح مرتعدة…..
“انا مش عايزة اروح في حته…..مش هقدر……”
نهض ابراهيم خلفها ومد يده يحيط كتفيها
ويدعمها قائلاً بقلق حاني…..
“اهدي ياسمر…….انا هبقا معاكي……متخفيش…..”
نظرت اليه خلف غلالة دموعها المحتجزة
بعينيها……….وقالت بوهن……
“بجد هتيجي معايا يابراهيم…….”
حرك كتفيها بين يداه وهو يقول
بامتلاك عاطفي…….
“اي مكان ياسمر هبقا معاكي متخفيش…….”
نزلت دموعها بضعف وهي تلقي نفسها في احضانه…..
قائلة بضعف وخزي……
“ليه………..ليه عملت كده…….انا مكنش ليا اي ذنب في طلقها هي عارفه اني عمري ما خنتها….ولما اتجوزته كنت مضطره والله كنت مضطرة…..
لي مفيش حد راضي يعذرني……ولا حد راضي يرحمني ليه……..”
قال بصعوبة وهو يكبح نفوره من تلك
القصة بأكملها والالم الناتج من خلفها…….
“اهدي كل حاجة هتتحل…..اهدي ياسمر…..”
صدح هاتف ابراهيم في هذا الوقت فزفر وهو يخرجه من جيبه وسمر ترتاح على صدره تبكي بصمت……. نظر ابراهيم للهاتف فوجد اسم (هبة)ينير الشاشة….فتح الخط في الرنة الثالثة باقتضاب قائلاً…
“ايوا ياهبة………..خير………”
فتحت سمر عينيها وقد استوعبت أخيراً انها اقتحمت مكاناً بات بأسم امرأة أخرى…… ولا يحق لها الاقتراب من اي شيءٍ ملكاً لغيرها…. خرجت من احضانه وهي تمسح عينيها من الدموع ثم ابتعدت عنه بهدوء ….. وانسحبت بعدها من المكتب باكمله
بدون ان تتفوه بكلمة واحدة……
راقب ابتعادها والهاتف على اذنه يسمع صوت غيرها
وعقله وقلبه يلاحقا بها…. تلك البعيدة جداً…. جداً عنه…..وويلك من وجع الهوى فالبعد اليوم بات بارادته؟!……
………………………………………………………………
ضحكت سمر بعنف وغيظ وهي تنظر لحنين الجالسة بشرفة بيتها على احد المقاعد الخشبيّة
المتهالكة…..

ضحكت سمر بعنف وغيظ وهي تنظر لحنين الجالسة بشرفة بيتها على احد المقاعد الخشبيّة
المتهالكة…..
استندت سمر على سور الشرفة المتهالك مائله برشاقة للأمام وهي تنظر امامها بحسرة……
“يعني انتي جوزك طلع بيخونك….. ورجع لطلقته وانتي على ذمته…. وانا على علم ان ابراهيم قراء
فاتحه على بنت حسان والخطوبة اخر الاسبوع
والفرح بعد شهرين بس…. دا اي الهنا دا كله… احنا منحوسين يانونا…… النحس ركبنا…. مفيش واحده
عاشت مرتاحه……..”
كتفت حنين ذراعيها امام صدرها وهي تنظر للشرفة
في جلستها تلك بكآبة ثم لاح عليها الحزن وهي تقول…….
“فعلاً النحس ركبني…. قال وانا اللي قولت ان بيحبني وانه فعلاً شايفني جوازة العمر… مش فترة وسلام زي غيري……” اخرجت تنهيدة شاجنة
وعيناها البنية تلمع بدموع…….
“تصوري كان واخدها في حضنه في الحفلة وهي عماله تضحك وتدلع على كتفه…. قلة ادب…. بيحب قلة الادب وبيفرح اوي بلمة الستات حوليه… هنتظر اي يعني من واحد كان متجوز قبلي اربعه ها…
هنتظر إيه….. كل محصل بعده…. جت الحزينة تفرح ملقتلهاش مطرح…… ” مسحت دموعها في المنديل
ثم انفها بقوة مصدره صوت مقرف بعدها……
امتعضت سمر وهي تحدثها ساخرة…..
“زعلانه من اي فكاك…..كلب راح عشرة يجوا…….”
جففت حنين وجنتيها وهي تقول بعتاب…..
“عز الدين مش كلب ياسمر….متقوليش عليه كده…”
رفعت سمر أحد حاجبيها ساخرة وعقبت…..
“شوف البت…..صحيح يا داخل بين البصلة وقشرتها ما ينوبك……يلا……”
عادت عينا سمر للشرفة بشرود وقالت بنبرة
باهته….
“من سنة ونص تقريباً قعدنا نفس القعدة دي…..وبعدها اتقلبت حياتنا احنا الإتنين….وبرضو القلبان كان بسبب راجلين…….دخلوا حيات كل واحده فين ومكناش نعرف وقتها في الدنيا غير الشغل والفلوس وازاي نخفف الحمل التقيل اللي على ضهرنا……دخلوا عشان يدوقونا الحب وبعدين
مرارة الحب…….”
انفطر قلب حنين حزناً وهي تقول……
“لحد دلوقتي مش ندمانه اني حبيته يا سمر… وده اللي وجعني……..”
قالت سمر بلوعة وهي تنظر اليها مستندة على
السور بجزعها….
“وجعني اكتر منك……عارفه لو كرهته مش هيفرق معايا………….بس معرفش اعمل حاجة غير اني احبه……..افضل بس احبه وتعذب بسبب بعده…..”
انتبهت اكثر حنين لأمراً أهم
فسالتها…..
“انتي فعلاً هتزوقي خطبته……معقول هتعمليها… ”
ردت سمر بنبرة قوية رغم تألم قلبها…..
“الشغل الشغل ياحنين…..اي عايزاني انكسر قدامه……حتى لو بضغط على نفسي….مش معقول ابينله اني خلاص مش قادرة على بعده……”
قالت حنين بدون مواربة…..
“بس انتي فعلاً مش قادرة على بعده ياسمر…..”
قالت سمر بكبرياء وهي تهرب من عينا حنين بحزن……..
“مقولهاش…..حتى لو روحي فيه مقولهاش…..”
ثم اعتدلت في وقفتها وهي تنظر للمارة بالاسفل
بحنق……….
“مش هو اللي اختار يبعد ويدخل واحده ملهاش ذنب بينا……يبقا خلاص كل واحد يروح لحاله….”
سالتها حنين بفضول……
“تفتكري لو ابراهيم فاق من اللي هو في ياسمر …..
هتسامحي وترجعيله….. ”
قالت سمر بحيرة……
“لو جالي……….وفاق قبل ما يتجوزها….ساعتها يمكن
اسامحه……يمكن… “ثم لوت شفتيها وهي تتذكر رفض اهله لها واصراره هو على نسيانها بامرأه أخرى…
“بس معتقدش ان ده اللي هيحصل…..ابراهيم
خلاص رتب حسباته….. وانا مش في الحسابات دي……. ”
قالت حنين بتبرم وانزعاج……
“هما ليه الرجالة عندهم حتة النقص دي عاليه….”
قالت سمر بقرف…..
“عنيهم فارغة….وبيحبه يعيشوا دور الضحية….”
نهضت حنين عن مقعدها ووقفت جوار سمر
وهي تقول بتأكيد وعن تجربة……
“صح…………ليه فعلاً بيحبه يعيشوا دور الضحية…….والقمصه بتاعتهم حاجة لا تطاق…..”
قالت سمر باستنكار……
“عشان احنا الصدر الحنين ياختي….ملايكه بحناحين
لازم ندادي ونطبطب ياما كده يا نبقا كخه ومش عارفين نحافظ على بيتنا ولا جوازنا……”نظرت سمر
للبيوت المغلقة امامها وهي تحدث حنين
باستياء….
“بصي حوليكي ياحنين….كام بيت من دول مفتوح
بس عشان في أم صبره….. وزوجة راضية
بنصيبها…..”
قالت حنين بشفقة وحزن وهي تتفقد المباني الصامدة وكانها تعرف خبايا كلاً منهم…….
“دول الابطال اللي المفروض يكتب عنهم…احنا
منهم ياسمر ؟……..”
مطت سمر شفتيها حائرة وفضلت الصمت وهي
تطلع حولها بشرود……
اخرجت حنين زفرة ممزوجة بالوجع وهي تسالها
بهدوء……
“هتروحي النيابة بكرة الصبح زي ماقولتيلي……”
اومات لها سمر فقالت حنين برفق…..
“تحبي اجي معاكي عشان متبقيش لوحدك……”
امتنعت سمر برفق……
“ياريت…..بس بلاش شكلك تعبانه…..وانا رجعه
هعدي عليكي……..”
اومات حنين بارهاق…..
“انا فعلاً من ساعة ما صحيت وانا تعبانه….وكمان نفسي انام أوي………”
تثاءبت سمر على سيرة النوم وقالت…..
“انا كمان هموت ونام…..تعبانه وقرفانه وعايزة
اهرب من الغم ده بنوم…..هروح استلم السرير”
سحبتها حنين وهي تدخل غرفتها….
“وتستني ليه لما تروحي…..تعالي نامي جمبي وسكتي……..”
خلعت سمر السترة وهي تقول بحنق….
“والله ما هكسفك…… انا أصلا مش عايزة ادخل الشارع…… حسى اني اول ما ادخله هلقيه في وشي…. هاتي حاجة بقا طريه عشان الهدوم دي مكتفاني……..”
استقلت حنين على الفراش بظهرها وهي تقول
بتعب…..
“ياختي افتحي الدولاب ولي يقابلك البسيه….”
نظرت لها سمر باستغراب فقد اغمضت حنين
عينيها سريعاً بتعب…..
“مالك يابنتي انتي مانمتيش كويس بليل؟….”
فتحت حنين عينيها ونظرت لسقف الغرفة وهي تقول هازئة من نفسها…….
“بالعكس دا انا نمت زي القتيل….والمفروض يعني
واحده جوزها خانها واتجوز عليها امبارح مدوقش
طعم النوم وتقعد تحرق في دمها اكتر ماهو محروق
لكن انا فخورة بنفسي اوي…..حطيت راسي امبارح
على المخدة و روحت…….”
قد انهت سمر تبديل ملابسها بعباءة قطنيه بنصف
كم مريحه للنوم……..ثم تقدمت منها وهي تشجعها
بفخر…….
“جدعه مفيش احسن من النوم…نحرق دمنا ليه وهما مقضينها مع الهوانم بتعهم……..انزحي شويه….”
استلقت جوارها على الفراش نائمة ونظرت للسقف
معها بشرود…..ثم لم تلبث كلتاهما إلا وكلا منهن انفجرت ضاحكة بقوة حتى دمعت أعينهن من شدة الضحك……سالتها حنين وسط ضحكاتها العالية…..
“بتضحكي على إيه…….”
قالت سمر وهي تقهقه عالياً……
“كل ما تخيل شبكة ابراهيم وهو وقف جمب
خطبته اللي شبه خلة السنان دي….بفصل… ”
اومات لها حنين وهي تبتسم……
“هو طويل فعلاً……حتى وانتي جمبه اطول منك بشوية حلوين…….”
قالت سمر بزهو…
“ايوا بس ان ليقه عليه اكتر…….”
اومات حنين بسخرية…..
“امال إيه……..طبعاً……..طبعاً…….”
استلقت سمر على جانبها وهي تنظر لحنين
بغيظ…….
“ليقه عليه ياحنين متهزريش……”
قالت حنين بمحبه وهي تنظر اليها….
“ياجلبي انتي تليقي على اي حد…….هو اللي ما بيفهمش………”
لكزته سمر بكتفها وهي تبتسم بزهو……
“ايوا كده صاحبتي بجد مش كلام….كل ماتزيدي من التطبيل تزيد غلاوتك ويدوم الود بينا……”ثم اضافت سمر بتساؤل …
“وانتي بقا كنتي بتضحكي على إيه…..”
لوت حنين شفتيها وهي تقول…..
“على عز الدين….اصل كان بيقول ان الخاينة
مش في طبعه…….”
عقبت سمر بازدراء……
“ياغتي جميلة…. على المحترم المؤدب……..وانتي طبعاً صدقتي زي الهبلة…….من اول حضن
اندلقتي… ”
قالت حنين بفخر أهوج…..
“من اول بوسه وحياتك….كانت عليه بوسه
بتجيب من الآخر………..”ضحكت حنين
بمرح ساخر وكذلك سمر التي قالت
بسخط….
“هما أصلا مش بيفهموا غير في الحاجات دي……فكرتيني باليوم الحزين اللي كنت
بتعارك فيه مع ابراهيم فوق السطح……
يعني كنا بنتخانق ومش طايقين بعض
وفي لحظة القي بيبوسني غصب….انا اخدت
وقت على ما استوعبت اللي بيعمله……”
قالت حنين وهي تغمض عينيها ناعسة……
“فكره مانتي كنتي حكيالي قبل كده……بس
الفرق اللي بيني وبينك ان انا عمري ما تبست منه بالغصب….. عمره ما غصبني على حاجة……كان
هادي كده وراسي وبياخد اللي هو عاوزه
بالحب……. ”
“ما الحب ده هو اللي جابنا ورا……..”اغمضت سمر عينيها بعد تلك الجملة بتعب…..وقد ذهبا في ثباتٍ
عميق بعد وصلة من الضحك والدردشة التي تخفي
خلفها قلوب مرهقة بأسم الحب………
…………………………………………………………….
وصل بها لأحد المقاهى الراقيه وجلس امامها
على احد المقاعد……ابتسمت هبة بخجل وهي
تنظر اليه بين الحين والاخر باعجاب وسعادة بان هذا الوسيم سيكون زوجها بعد شهرين…….بل وانها ستجلس جواره في حفلة الخطبة….تخشى ان تخرجها سمر قبيحة انتقاماً منها على ارتباطها بخطيبها السابق…
تنهدت هبة هائمة وهي تسترق النظر لابراهيم
من اسفل رموشها….هالة من الرجولة تحيط بهذا الرجل شرقي الملامح……..وسيم الطلة…..بجسد
رياضي وطول فارع يربكها احياناً من قصرة
قامتها ويشعرها بكم هي ضئيلة جواره…..
لكنها اكثر النساء سعادة فهي ستتزوج من رجل يتمناه الكثيرات…..رجل بمعنى الكلمة…يكفي حنانه
وشهامته الملموسة مع الجميع……رغم ان شخصيته
قاسية أحياناً بها نوع من الخشونة التي لا تلين….او
يبدوا انها تلين نحو اشخاص معينة….هي لا تنتمي لهم بتأكيد…..لكنها ستحاول بكل الطرق إختراق هذا الحجر واخذ المكانه التي تستحقها منه……
ابتسمت هبة برقة وهي تسأله بصوتٍ ناعم….
“هو احنا جاين هنا نسكت……..”
خلع نظارته السوادء عن عيناه وظلل الجفاء
والملل نظراته وهو يقول
“لا جايين عشان قولتي ان في حاجة ضروري لازم نتكلم فيها……”
فركت هبة بيدها فتلك الخروجة كانت من تدبير
امها التي تحاول بكل الطرق نجاح هذه الخطبة
التي اتت لهم على طبق من ذهب……
“يعني بصراحة….انا قلقانه شويه و…و…ونفسي
يعني اعرف اكتر عنك……..”
قال ابراهيم بفتور…..
“عايزة تعرفي إيه…….”
فركت بيداها اسفل الطاولة وهي تقول بتلعثم……
“يعني بتحب إيه………بتكره إيه..كـ…..كلمني عنك شوية…..”
اجابها ابراهيم بملامح راخيه…..
“انتي عارفه كل حاجة عني ياهبة…..احنا جيران وتقريباً متربيين سوا……..”
قالت هبة سريعاً بنفس الحرج الملحوظ……
“طبعاً…..بس انا نفسي يعني تكلم معايا اكتر وتفتحلي قلبك……..”
“مش وقته ياهبة……….خلي كل حاجة تاخد وقتها متستعجليش……..”اشار للنادل وهو يسالها
بهدوء…….
“تشربي إيه……..”
زحفت الحمرة لوجنتيها امام نظراته الفاترة
عليها !!…….ادعت الدلال والخجل المغري…..
“اختارلي انت حاجة على ذوقك……….”
ابتسم ابراهيم في وجهها بصعوبة…وهو ينفر من اسلوبها المصطنع لنيل رضاه والاستحواذ على تفكيرة………….ألا تعرف انه مقيد بحب امرأة
ذات عيون سوداء لامعة وشعر طويل غجري
متوهج بجمال حول وجهها……. من نظرة واحده غلبت فؤادة وغمر العشق وجدانه………
………………………………………………………………
بعد يومين……
وضعت عفاف رزم الاموال امام سمر على سطح المكتب وهي تقول بخيبة أمل……
“مرضاش ياخدهم ياسمر….. اتحيلت عليه كتير… وبرضو مرضاش ياخدهم…….”
رفعت سمر عينيها اليها بضيق قائلة باستفهام…..
“يعني اي مرضاش ياخدهم….. قعدي وقوليلي قالك إيه……..”
جلست عفاف والتقطت انفاسها بتعب….ثم
سردت ما حدث معها……
“روحت عنوان المصنع على وصفك…. وطلع
هوه……طلعت اقابله…..وديته الفلوس وقولتلى
زي ما قولتيلي…. اننا حسبنا حسبتنا….وعرفنا اللي دفعه… وحطيت قدامه الفلوس دي وقولتله
دا نص المبلغ ونص التاني هنبعته كمان شهر كده……..”
نظرت لها سمر بجدية وهي تدفعها للمتابعة….
“ها…….. وكان رده إيه…….”
لوت عفاف شفتيها بتهكم وقالت…..
“كان رده يقهر…. مشوار طويل عريض من الصالون
لمصنعه وفي الآخر يقولي….. رجعي الفلوس دي ليها وخليها هي بنفسها تيجي تحاسبني بالورقة
والقلم………..انا مش برمي فلوسي على الأرض….
التقدير حلو……..”
توسعت عينا سمر بغضب وهي تسالها بدهشة
مفعمه بالغيظ……..
“قالك كده ياعفاف…….”
اومات عفاف وهي تقول بصدق….
“والله العظيم ياختي قالي كده…. انتي عرفاني لا بحب ازود كلمة ولا نقص حرف…. زي ما قالي
جيت قولتلك…….”
نهضت سمر عن مقعدها بغيظ قائلة…..
“ماشي يابراهيم……. مش هو عايز يحاسبني بالورقة والقلم…….تمام انا هروحله…….” سحبت رزم الاموال ووضعتهم بحقيبتها الانيقه…….
ثم القت نظرة فاتره على عفاف بينما قالت بهدوء…
“ساعة بظبط ورجعه خدي بالك من المكان في غيابي…….”
اوقفتها عفاف وهمست بلين……
“بس اسمعي بلاش تشدي معاه… اديلو حقه بعد ما يحسب حسبته……….”
اومات لها سمر باقتضاب وهي تخرج من صالون التجميل الفخم……
بعد مدة قصيرة وصلت للمصنع وبعد الصعود للمبنى الإداري وصلت لمكتبه….. دخلت بهدوء بعد ان طرقت الباب برفق…….
كان جالسا خلف المكتب حينما طلت عليه البهية
بعطرها الأخذ….. المسك والعنبر رائحة البخور
القديمة الممزوجه مع رائحة عطرها…
لماذا تضيف عطر وهي تمتلك عطر طبيعي لم يشتم مثله على أمرأه غيرها ولو حتى من باب الصدف !…
رفع عيناه عليها بنفس الانجذاب الذكوري القوي نحوها ، تأنقها وجمالها المميز الجامع بين الجاذبية الانثوية الانيقة وشراسة قطط الشوارع………
كم يحب كل مابها رغم ان كل مابها عكس
مايريد…..لكنه احبه….بل اهوس بكل شيءٍ
تمتلكه البهية…. حسناء الملامح فاتنة
القوام…….زهرة تزدهر وتتفتح كل يوم عن
سابقة ولا تمتلك حق الاقتراب منها بل خلقت
امامك كي تتأملها بحرمان !!….
كانت ترتدي بنطال جينز عليه قميصة ازرق فاتح
كانت ازرارة باكملها مغلقة… كان تضع نصف اطرف
القميص بداخل بنطالها الجينز الضيق….. الذي
برز خصرها الرشيق وبطنها المسطحها…. قوام عارضات الازياء وصلت اليه بفضل المحن التي مرت بها… ربما لم تمتلك يوماً جسد أنثوي ممتلئ لكنها كانت تمتلك جسد انثوي بمنحنيات مغرية ممتلئة لينه….. خسرت الكثير من وزنها فباتت تمتلك قوام انحف…. وهذا لم يقلل من جمالها بل ازدادت حلاوة…….
كانت تضفر شعرها (ضفيرة سنبلة….) كانت تتدلى الضفيرة الجميلة على ظهرها بدلال……..كانت تضع أيضاً بعضاً من الزينة الرقيقة على وجهها فزادت اشرق وجهها بهاءاً……..
للحظة من التأمل ضاع عقله بها…بينما عيناه مرتا عليها في لحظة واحده بدفء واشتياق يكابر في
الفصح عنه……
ارتجفت سمر من نظراته الطويلة على جسدها
وكانه لمسها….رغم غضبها منه وانفعالها الواضح بعينيها الناريه عليه إلا انها للحظات تجمدت مكانها امام نظراته القوية الجريئة عليها….. وقد اشفقت على غباءه في اختيار أخرى كي تحل محلها بقلبه……ألا يرى نفسه كيف ينظر اليها….ألا يرى
كيف حضورها يأثر به؟!….
احقاً ستتزوج ياحبيب….كيف وعيناك تجزم انها
لن تهوى سواي……قلبك مدله في حبي وانا وانت نعلم ان ليس هناك شفاء من غمرة العشق………ويلك من العشق كاللعنة اصابت كلانا من اول لقاء……
اخذ نفس طويلاً وهو يستعيد رزانة عقله قائلا
بصوتٍ اجش……
“نورتي المكتب ياسمر……… خير……”
ذاب الجليد والحنين الغبي نحوه واستعادت غضبها قائلة بانفعال وهي تتقدم خطوتين اخرين من المكتب…
ثم اخرجت رزم الاموال ووضعتها بقوة وقلة ذوق
امامه على سطح المكتب قائلة…..
“دي الفلوس اللي عفاف جبتهالك… وانت رفضت تاخدها…. قال اي ليك حسبه تانيه…….انا جيت بنفسي عشان نشوف الحسبه بتاعتك……قولي عايز كام ونتفق اسلمك اللي معايا والباقي كمان شهر
اكون جمعته……..”
اشار لها بان تجلس وكانت ملامحه خالية من
التعبير…….
“قعدي الاول مش هنتكلم وانتي وقفه…..”
جلست وهي تزفر بضيق وقالت بانزعاج….
“مكنش فيها حاجة يعني لو خدت الفلوس من
عفاف وكنت كلمتني بعدها في التلفون وعرفتني اللي ليك…واللي عليا…..اكيد مش هقولك حاجة دا حقك ودي فلوسك……وانت تشكر انك ساعدتني
ووضبت الركن اللي اتحرق وجبت البضاعه اللي
كلتها النار……..”
نظر لها إبراهيم بحنق ثم سالها ببرود…
“من امتى وانا وانتي في بينا فلوس…..”
ارتجف جسدها برعشة عاطفية متأثرة بحديثه الذي
يدل عن مشاعر ولى زمن الشعور بها بعد ان اخبرها ببساطة انه سيرتبط بغيرها…….بلعت ريقها وقالت
بنبرة قوية مختصرة…….
“الكلام دا كان زمان دلوقتي كل واحد فينا لازم ياخد حقه عشان انا لا اجي عليك ولا انت تيجي عليا….”
رد هازئاً وهو يلوي شفتيه القاسية…..
“واحنا لسه مجناش على بعض ياسمر……”
اخرجت زفرة متعبة وقالت بحيرة…..
“ابراهيم انا احترت معاك…..ومبقتش عارفه انت عايز اي بظبط….وعشان انا مبقتش فهماك ولا فاهمه نهاية عمايلك دي……مش هرد على سؤال معنديش اجابه ليه…. انا هكلمك عن الفلوس اللي جايه ادهالك حقك……”
قال بفظاظة بعد ردها عليه….
“وانا مش عايز فلوس… خدي فلوسك وتوكلي….”
نظر للملفات امامه باهتمام مصطنع وكانها خرجت
من المكتب بالفعل واصبح بمفرده !!……
بينما هي كانت تستوعب اسلوبه الفظ وبعد برهة قالت بغيظ ممزوج بصدمة…..
“اتوكل……انت بتطردني…….. تكونش فاكر اني جايه هنا عشان احب فيك…. لو كنت خدت الفلوس من عفاف ومبعتش معاها الرسالة بتاعتك دي انا مكنتش دخلت المكان ده ابداً…….”
بطرف عيناه اخبرها ببرود……
“محدش قالك تعالي……..”
قالت بنفاذ صبر…..
“كلامك مع عفاف خلاني اجي…..”
رفع حاجبه بتعجب ناظراً لها وقال……
“تيجي عشان تديني الفلوس !!……”
قالت سمر بجفاء…..
“مستغرب ليه……اي اللي هيخليني اجي غير كده…..”
قال بامر قاطع للنقاش…..
“حوارات الفلوس دي عمرها ما هتبقا بيني وبينك…انا مش عايز الفلوس متلزمنيش…….خليها معاكي….”
قفزت من مكانها قائلة بانغعال….
“وتبقشش عليا بتاع إيه….خطيبي….. جوزي …”
اجاب ببرود……..
“لا ده ولا ده…..جارك وفي مقام اخوكي….”
برقة عينيها غضباً هائل وهدرت من بين انفاسها
السريعة باستهجان……
“بلاش الكلمه اللي بتخلي العفريت كلها تتنطط في وشي….اسمع احنا مش اخوات والجيران مبيعملوش كده مع بعض…….ماشي…..”مدت الفلوس امامه مجدداً باصرار…….
“خد الفلوس…..”
اعادها اليها بقوة…..
“متلزمنيش ياسمر خلص الكلام…….”
عضت على شفتيها بغيظ وهي تدب بقدميها بعصبية……
“طالما مش هتاخدها من الاول مكنشي لي لازمة الكلام اللي قولته لعفاف ده………”
رد بنبرة دافئة المعاني رغم رده
البسيط……
“لي لازمة………….كفاية اني شوفتك………”
انتفض قلبها بخفقات سريعة وهي ترى عيناه تحاورها بالحب عن اشياء كانت بينهما ولم
تمحى بداخلهما يوماً…… حتى بعد الفراق……
رفعت سمر حاجباً شريراً وهي تقول بمكر….
“اظن ان هبة هتزعل اوي لو عرفت ان خطبها
عينه زايغه……….”
ابتسم ابتسامة خالية من المرح ثم نظر لها
ببساطة…….
“معاكي رقمها ولا ادهولك……..”
القت عليه نظرة محتقنة……ثم قالت…..
“لا مش عايزة اشبع بيها انت……انا ماشيه…..”
ادارت وجهها وكادت ان تذهب لكنه اوقفها وهو يقول بتسلط لعين……
“ياريت توسعي بناطيلك وچيبك شويه….ومعاهم وسعي أخلاقك……….وطلعي القميص من البنطلون
الصبر لي حدود يابنت الناس…….”
ادارت راسها اليه وقالت بعناد وتحدي سافر….
“كذا مرة قولتلك ميخصكش……دي حاجة ترجعلي
انا……. وانا حُرة……..”
اتكأ على اسنانه وقد ذاب قناع الجمود وحل مكانه
الغضب والعناد معها……..
“والله العظيم لو القميص ده ما طلع من البنطلون
دلوقتي يومك هيبقا اسود…….”
اولته سمر ظهرها وهي تتجه الى الباب…وتسير
في تهادٍ مُغيظ اشعل مشاعره وحرق فتيل صبره عليها……..
قالت وقتها باستهانه بكلامه…….
“والله طب وريني هتعمل اي هخرج…..وقدامك كمان……”
حينما وصلت يدها لمقبض الباب وفتحت جزء بسيط منه وجدت كف قويه سمراء تغلق الباب مجدداً بقوة
جعلتها ترتجف بهلع وتشهق بقوة وهي تستدير اليه
باعين تلوح منها شرارة الغضب……
“افتح الباب اي هتحبسني هنا…….اتجننت….”
مسك ابراهيم يداها الاثنين من عند رسغها وقال بحدة وهو يغوص بعينيها السوداوين الامعة
بالغيظ….
“لسانك ياسمر….اسمعي الكلام لو مرة واحده……”
ردت سمر بعناد امام عيناه الغاضبة وملامحه الحادة وانفاسه الساخنة التي تضرب وجنتيها بقوة و….وعذاب لها………
“مش هسمعه….بتاع اي انت عشان اخد الاومر منك واسمع كلامك ها…….”
ترك يداها بتشنج وهو يحاول التخفيف من حدته
امامها فهو اصبح على حافة التهور معها….ابتعد خطوتين ومسح على وجهه يهدأ من انفعاله
ويكبح رغبة في تقبيلها من شفتيها المتوردة
التي باتت شهيةٍ كلما حركتها بشراسة في
انفعالها…….
“استهدي بالله يابنت الناس وخرجي الزفت ده
من البنطلون مش هتمشي كده….سمعه…..”
زفرة سمر بجزع وهي تضرب على يداها امامه بتشنج……ثم لما تفعل اي شيءٍ غير الصمت ومحاربة
عيناه القاتمة الحادة امام عينيها المشتعلة بالقوة والبهاء…….
لم يبرح عينيها وكانه يتحداها بالخضوع اليه… وهو
يعرفها تماماً هي بعيدة عن تلك الصورة جداً….
ظلت يداه بجيبه واقفاً بشموخ وبطول مهلك ومربك
لقلبها وهالة الرجولة تحيط به من كل مكان…حضوره
طاغي يخفق له القلب خفقات تكاد تصل للعنان……
وضعت سمر يدها في خصرها وهي تقول
باحتقان…
“هنفضل نبص لبعض كتير…….”
رد ابراهيم بملل وهو يخرج يده من جيبه وينظر لساعة معصمه بتافف……..
“بايدك تخلصي نفسك من الوقفه دي….وتسمعي الكلام…….. ولا صعب……..”
دبت بقدمها بقوة وهو تزفر بعصبية عدت مرات وقد أحمر وجهها من كثرة الانفعال…. ثم تقدمت منه سريعاً وقطعت المسافة بينهما….وقد مدت سبابتها الطويلة الرفيعة امامه تلوح بها هائجة بشراسة……
“انا هطلع الشميز من الزفت….بس مش عشان انفذ كلامك او اديك الحق انك تتحكم فيا وانت ملكش حق تتحكم فيا أصلا وانت عارف كده كويس…بس انا هعمل كده بس عشان اخرج من هنا….واسمع
خليك في حالك وبعد عني……وبطل تركز معايا
وفر غيرتك وتحكماتك لخطبتك مش ليه…….”
نظر لسبابتها التي تكاد تخترق عيناه……ثم
حذرها بنبرة مهيبة……
“صبعك هيخرم عيني…..نزلي احسلك….وتعدلي… ”
“همجي……”قالتها بقرف وهي تجذب اطراف القميص امام عيناه بجرأة وغضب…..ثم انساب
الجزء المتبقي من القميص الازرق وقد اخفى
خصرها المنحوت وجزء بسيط من فخذيها
المغريه……..
القت عليه نظرة باردة ولوحت بيدها كسلام بارد مقتضب……واستدارت كي تغادر امام عيناه القاتمة وملامحه الساكنة التي تخفي خلفها شوق ورغبة
في إختطاف تلك المرأة وسجنها بين اضلعه ربما سكنت روحه وطمئن قلبه بعدها وهي بالقرب
جداً جداً منه………
يبدو ان الهروب منها قرب…. والقرب منها هروب….. ماتلك المعضلة الصعبة ؟!!……
……………………………………………………………
بعد ان خطت لفيلا خالها (فؤاد) وجلست بعد السلامات والترحيب الحار من خالها اليها والى الصغير (علي)…….
جلست على الاريكة وهي تسأل خالها بخفوت….
“هو لسه نايم؟…….”
اوما لها فؤاد بعيون عجوز ماكرة وسالها…..
“اي اللي حصل بينكم…. بقاله كام يوم قفل على نفسه اوضته لا بيخرج ولا بيتكلم وعلطول مصدع
وتعبان…..دا غير عصبيته الزايدة على الشاغلين…
قال إيه محدش عارف يعمل فنجان قهوة عدل………….انتوا زعلانين… ”
اخفضت جفنيها بأسى وهي تومأ براسها كتلميذة مذنبه……..
قال فؤاد بعد تلك الحركة بشك….
“يعني انتي اللي مزعلاه المرادي……”
ردت بخفوت وهي تترك الصغير على الارض…وقد انطلق بعدها بحماس جميل…….
“حاجة بسيطه ياخالو…… وهو كبرها……”
راقب فؤاد لعب حفيدة فاقترب منه وهو يلاعبه
بحنان ثم ضيق عيناه بخبث وقال لها…..
“انا من رايي تطلعي تبصي عليه…وبالمرة تعمليلوا فنجان قهوة من ايدك يمكن الصداع يروح…..”
ابتسمت آية بامتنان له….ثم نهضت واتجهت للمطبخ
احضرت له فنجان قهوة لذيذ من صنع يداها تفوح منه رائحه ذكية…………
صعدت على سلالم الفيلا الممتدة الفخمة…وكانت ترتدي فستان صيفي انيق قصير ملتصق
بجسدها باكمله……بارز تفاصيلها الانثويه شديدة الاغراء….كشف كذلك عن ساقيها الرشيقتين الجذابتين….وكان شعرها الاشقر القصير الذي استطال قليلاً بعدما تجاهلت قصه الاشهر الماضية……فبات اكثر حرية وجمال وهو يتأرجح حول عنقها باغواء……….كانت عينيها العسلية
الواسعتين مكحلتين بجمالاً مع زينة رقيقه على وجهها وحمرة وردية على شفتيها فازدادت جمالاً يحبس الانفاس ويهز الحجر الرخامي عن
موضعه……
اطرقت على الباب برفق وبيدها صنية القهوة….
صرخ خالد بصوت حانق عابس وكانه يتنفس
غضباً…….
“اااااادخل……..”
عقدت حاجبيها وترددت بدخول للحظة لكنها سحبت اكبر قدر من الهواء كي تهدأ من روعها وتدلف اليه…
دخلت اليه واغلقت الباب ثم رفعت عينيها اليه فوجدته جالس على الفراش ممدد ساقه الطويلة
ينظر امامه بملامح غاضبه عاقد حاجبيه فوق
عينين قاسيتين……..مخاصمتين……..
قالت آية بابتسامة صافية تقطر عسلاً…
“صباح الخير…….”
رد خالد مقتضباً….ناظراً اليها….
“صباح النور……….”
بلعت ريقها وكانها تلميذة بليدة تنتظر توبيخ استاذها…….اشارت على القهوة بهدوء…..
“القهوة……”
أخيراً رفع عيناه الخضراء المتوهجة بالغضب عليها
وغاص بعينيه بحسن بهاها……وطلتها المغرية…..
بلع ريقه تاثراً وهو يلاحظ بروز منحنياتها الانثوية الممتلئة امامه بتلاعب تختبر صبره في الخصام والبعد عنها…….قال بنبرة جامدة وهو يبعد عيناه بصعوبة عنها…..
“لا شكراً……..مش عايز…….”
قالت متعجبه بنعومة……
“من امتى يعني وانت بترفض فنجان القهوة من ايدي…….”وضعت الصنية جواره على المنضدة
وجلست على حافة الفراش وهي تتحداه بعينيها
العسلية ان ينظر اليها…..
“مالك…..بقالك يومين لا بترن ولا بتطمن……”
ضحك بسخرية مريرة قائلاً باستهجان…
“وبتسالي كمان…….”
احتدت نظراتها نحوه وقد لاح عليها الغضب فقالت……
“محصلش حاجة لده كله……”
قال خالد بعينين غاضبتين……. مخاصمتين……
“وطالما محصلش حاجة جايه ليه…..”نهض من
مكانه بتشنج واولاها ظهره المتشنج بانفعال….
نهضت خلفه وهي تقول بنفاذ صبر…..
“خالد ارجوك متبوظش كل حاجة بينا بكلامك ده….”
أدار وجهه اليها وهدر من بين انفاسه اللهثه غضباً وغيرة عليها……
“مين اللي بيبوظ يا آية……مين اللي بيضحك على مين دلوقتي………واحد بعتلك رسالة بيحب فيكي وطلبك للجواز……واحنا خلاص فرحنا بعد كام يوم……كان المفروض تردي وترفضي عرض
البقف ده…….لكن لا انتي مردتيش عشان كده
النطع اتشجع وكلمك على التلفون……..”صرخ اكثر وهو يقترب منها خطوة وقد انتفضت بفزع منه…..
“اسمع واحد بيحب فيكي وبيطلبك للجواز وقعد ساكت ها….وفي اخر اليوم بعد ما اسيبك القيكي بترني عشان تطمني عليه….وانا من دقيقة كنت
بكسر عضمه وبهدده انه لو فكر بس يكلمك هيشوف النجوم في عز الضهر………تقوم المدام بعدها بكل بساطه تكلمه وهي بتعيط وهتموت من القلق عليه…..”
دافعت عنه نفسها بحرج…..
“انا مكنتش هموت من القلق عليه انا كنت خايفه عليك انت لا تعمل حاجة تندم عليها…..”
صرخ امام وجهها بجنون…..
“ليه شيفاني سفاح………….”مسكها من ذراعها بقوة وقربها منه وهو يقول بوجه أحمر من شدة الانفعال
بينما الغضب الهائل يعصف بخضرة عيناه المتوهجة….
“لما طلبك للجواز……..مرفضتيش ليه……”
قالت بتردد صادق…..
“خوفت اجرح مشاعره…….”
صاح بجنون وهو ينظر لها شزراً…..
“ومشاعري انا ايه؟؟…… بنت حرام يعني……ملهاش تلاتين لازمه عندك…….”
مدت آية يدها الصغيرة الناعمة محاولة اصلاح ما افسدته بالسانها….تحسست لحيته بحنان وهي
تحدثه بهمساً وكانها تراوض فرس جامح…..
“خالد……حبيبي انت عارف اني بحبك…واني مكنش عندي اي نيه ارتبط بحد بعدك……..”
اتكأ على خصرها وهو يقول بتسلط…..
“لا بعدي ولا قبلي يا آية……ولا اي حد هيقدر
ياخدك مني…….. انتي فاهمه…. ”
نظرت لعيناه المتوهجة بالغضب وقالت
بصوتها الإذاعيّ الناعم…….
“ممكن تهدى شويه عشان خاطري…….”
ترك ذراعها بحنق وهو يقول بقنوط……
“سبيني لوحدي وانا هبقا كويس……”
لوت آية شفتيها قائلة بعدم
رضا…..
“يسلام بعد كل دا زعلان………”
لوح بيده وهو يقول بصوتٍ معاتب……
“وهفضل زعلان……هتعرفي تراضيني……وطفي النار اللي جوايا……اللي ولعت بسببك……”
اقتربت منه بدلال وتلك المرة هي من احاطت عنقه بيدها واقتربت وهي تقول بنبرة وقاحة وكانها
عادت معه لعهدها السابق….
“انا ممكن اطفي اي نار الا نار غيرتك……هفضل اشعللها اكتر….. واكتر… ”
قال خالد بجفاء حذر…..
“لو استهونتي بيها ممكن تحرقك…….”
رفعت راسها لوجهه محاولة جذب راسه اليها اكثر لفرق الطول الشاسع بينهما الذي يغيظها أحياناً كثيرة….داعبت انفها بانفه وهي تقول
بمراوغة انثويه…..
“مين عالم ياحبيبي…..هتحرق مين فينا…….”
تأثر بقربها ومبادرتها بالمسه ومعانقتها له كم
اشتاق لمشاعرها التي حجزتها منذ الفراق وفي قوقعه جليدية اخفتها…. ولم تذوب حتى بعد
عودتهم بل اليوم يشعر ان جمودها يمحى بتأني وتوجس وكانها تخشى ترك قلبها والوثوق به مجدداً…….
سيعمل الفترة القادمة على محو تذبذبها هذا….
فقط بعدما تعود زوجته مجدداً……سيحاول نيل
رضاها ومصالحة قلبها ومحو الماضي والوجع
من قلبها…….
وجدها ترتفع على اطراف اصابع قدميها وتقبل كل ذرة بوجهه بدلال واغراء….محاولة استخدم كل اسلحتها الفتاكة نحوه…..
بلع ريقه تاثراً وتلك المرة سلم الرايا..واغمض
عيناه بعذاب وضعف…..شاعراً بشفتيها الناعمة اللينة تطوف على وجهه بتأني …..لوجنتيه….لذقنه الخشنة القاسية……..زاويتي شفتيه…..وتطبع بعدها بقوة شفتيها أعلى شفتيه المخاصمة تدمغ عليها بقوة
وقد امتزجت انفاسها بانفاسه بحلاوة تروي
قلوبهما…….
مد يده وتحسس خصرها الغض المائل عليه بشدة اهلكه اكثر من هلاك شفتيها على وجهه…..اوقفها عن ما تفعله وهو ينظر لعيناها العسلية الواسعة ثم مد
يده ومشط شعرها الاشقر باصابعه بحب وهو
يقول بصوتٍ هادئ يتناقض من الصراخ الذي كان
يصدر منه منذ دقيقتين فقط !!……..ولانه يمتلك قلب طفل يثور ويهدئ بكلمة واحده !!…. ورغم
عيوبه وبلايا ماضيها معه إلا انها تعشق تلك
الميزة وتستغلها بسادية………
“انتي عارفه اني بحبك يا اية…..وبغير عليكي اوي……انتي متعرفيش احساسي وقتها وانا سمعه
بيطلب ايدك وبيحب فيكي في التلفون……”
قالت بقلب عاشقة تعشق لابعد حدود….
“الموضوع خلص ياخالد….. اتفقل والله ومفيش حاجة لا من ناحيتي ولا من ناحيته……”ثم همست امام شفتيه الشهوانية الجائعة…..
“انا بحبك ياخالد…..ومفيش راجل يقدر ياخد مكانك في قلبي وانت عارف كده كويس……..”
لم تجد رد إلا شفتيه الدافئة تنهال من ثغرها متذوقه
عسل كلمات الحب التي القتها عليه شاعراً بعدها بانه عاد لمنزله لاحضان أحب واحن مخلوقه على قلبه
زوجته وام ابنه…… احاطت آية عنقه بقوة وهي تشعر بان ساقاها رخوتين امام هجومة الشديد عليها……… ويداه القوية تحيط خصرها تدعمها حامله إياها كريشة في مهاب الريح…. كي تستقبل القدر الاكبر
من جنونه على شفتيها………..
دبدبات خافته بقبضتين صغيرتين على باب
الغرفة المغلقة عليهما…. وصوت الصغير المشاكس
الذي ينادي عليها باسمها مجرداً كما علمه والده
بل انه يدلل اسمها أيضاً بمنتهى اللطف الشهي
الذي يحولك لذئب بشري تود عض وجنتيه
البيضاء الممتلئة…….نادى علي عليهما خلف
الباب المغلق باصرار الأطفال……
(يو……يو……يو……..يو…..بابا….. بابا…. يو…يو…)
تركها خالد ولامست بقدميها الأرض الصلبة
ثم ابتعدت عنه بهيئة مشعثة اثار يداه التي كانت تعمل في كل اتجاه بوقاحة………عضت على شفتيها الحمراء المنتفخة اثار هجومة الذكوري عليها…. ثم قالت بخجل وهي تنظر إليه…….
“دا علي صح……..”
اوما لها بابتسامة في غاية السعادة والبال الرائق وكانه امتلك كنزاً ثميناً للتو……ثم اتجه للباب
وفتحه فكاد ان يقع الصغير أرضا…فكان يسند
يداه الصغيرة على الباب قبل فتحه….. يبدو انه
قد يأس من ان يفتحا له الباب……..
تمتم الصغير وهو ينظر لوالده ببراءة ينافسه في
لون عيناه الخضراء الامعة……..
(بابا…..)
“عيون بابا……..”حمله خالد وهو يقبله بقوة مشتهي
تلك الوجنتين وكانهم افضل طعام بالعالم……..
اشار الصغير على امه وقال
(يو…..)
قال خالد بمزاح وهو متعلق بعينيها……
“يويو !……يويو دي طلعت شقيه….تصور كانت بتتحرش بيا…….بتفسد اخلاق أبوك…. ”
ضحكت اية ناظره له بصدمة..ثم وجدت الصغير يكركر ببراءة وهو لا يفقه شيءٍ مما قيل له….
غمز لها خالد وهو يتجه اليها حامل الصغير على يده ثم طبع سريعاً قلبه سطحية على شفتيها….زمجر علي بعد ان رآه ثم القى نفسه بعدها في احضان
امه سريعاً مخاصماً والده…. ثم مسك بيداه
الصغيرة وجه امه والصق وجهه بها بحزن ودلال
الصغار…….ابتسمت آية بتفهم وهي تقبله عدت
مرات وتدغدغه باصابعها بمرح…. ضحك الصغير
ورضى بعد لحظات متناسي قبلة والده لها……
لوى خالد شفتيه ناظراً لعينا آية بقنوط……
“واضح ان احنا هنتعب من الاستاذ……”اشار على ابنه بغيرة حمقاء……وهو يتجه لفنجان القهوة
ثم احتسى منه بتأني وتلذذ بمذاقة المميز
كصاحبته………..
بينما اومات له آية بمراوغة حلوة كحلاوة شفتيها
في ملمسها وقالت………
“جداً…………غيور زي باباه….. ”
………………………………………………….
خرجت حنين من غرفتها بتعب وهي تقول باعياء
تسأل امها…..
“عندك برشام مسكن ياماا….بطني بتتقطع…….”
تقدمت منها ماجدة بقلق…..
“مالك ياحنين اي اللي وجعك……”
ردت على امها وهي تجلس على الاريكة بتعب….
“شوية مغص عادي تعب كل شهر………شكلها قربت…..”ثم تفقدت امها التي كانت ترتدي
عباءة سوادء ووشاح يماثلها وكانت على وشك الخروج بوجهها المتعب وعيناها المرهقه….بسبب مرضها الملازم لها وجلسات غسيل الكلى
الأسبوعية………
قالت والدتها وهي تثبت الوشاح على راسها….
“هعدي على الصيدليه وانا رجعه وهجبلك
البرشام معايا…….”
عقدت حنين حاجبيها وسالتها….
“وانتي خارجهراحه فين …”
قالت والدتها بشفقة وهي تتنهد باسى….
“هروح اعزي واحده جارتنا هنا….جوزها توفى امبارح………هروح اخد بخاطرها….وعزيها…..غلبانه
مات وسبلها كوم لحم……يلا اهي امانه وراحت للي
خلقها…..ربنا يرحمه ويرحمنا…….”
قالت حنين بآرق واضح….رغم نومها المتواصل خلال اليومين التي قضت اياهم هنا……..
“تحبي اجي معاكي…لحسان تقعي في السكه انتي تعبانه وبتجهدي نفسك على الفاضي…..”
قالت ماجدة بعاطفة الأم……
“سبيها على ربنا انا كويسة….وبعدين تيجي معايا
فين دا عزا وصويت وحزن…. انتي نقصه كفاية اللي انتي فيه…….. ربنا يصلح حالك يابنتي….ويهديكي
على جوزك ويهدي ليكي……”
نظرت حنين للناحية الاخرى وهي تقول بتبرم….
“ملوش لازمه الكلام ده ياما…..خلاص كل واحد
راح لحالة…وقريب اوي هنطلق…….والحمدلله على
قد كده…….”
قالت ماجدة بجدية امام عينا ابنتها….
“شوري نفسك تاني ياحنين وحكيلي عملك إيه
عشان تطلبي الطلاق مرة واحده كده منه……”
حاولت حنين الهروب من السؤال
فقالت……..
“مش وقته ياما روحي مشوارك ولما ترجعي….”
قالت ماجدة تلك المرة بشدة لا تناسب ملامحها الذابلة من شدة المرض……
“انا لو معرفتش منك… هتصل بسمر وسالها انا عارفه
ان سرك كله معاها…… فقوليلي انتي عشان مسألش
صاحبتك وحرجها وحرجك معاها…..”
“لما ترجعي ياما…….” قالتها حنين وهي تتمدد
على الاريكة شاعره بتقلص امعائها يزيد بداخل…. وكان هناك مكوى ساخنة تسير عليها ذاهباً وإياباً بدون رأفة بوجعها………
والوجع ياتي كثيراً ويختفي قليلاً لبرهة ثم يعود يفترسها و هذا عذابٍ بالبطيء لها……..
زفرت ماجدة بقلق وهي تقول…..
“نص ساعة وهجيل وجبلك البرشام معايا….بس استني اعملك حاجة دافيه قبل ما نزل……”كانت
ستدلف امها للمطبخ لكنها اوقفتها وقالت
بامتناع….
“مش عايزة ياما انتي عارفه وانا تعبانه نفسي
بتقفل من اي حاجة…….انا مش عايزة غير برشام يسكن الوجع ده………”اتكأت على جانبها بيدها
وهي تتلوى بوجع مرة واحده…..قالت ماجدة
بتردد من الخروج وتركها وحدها……
“لا اله إلا الله……… حاضر هنزل اجبلك اللي انتي عيزاه………ولو الوجع زاد عليكي….. املي ازازة مية دافيه وحطيها مكان الوجع هترتاحي…. شويه وجايه ياحنين……. ”
خرجت امها وظلت هي تتلوى بوجع… يسكن قليلاً
ويزيد عليها اكثر………
بعد ما يقارب العشر دقائق وجدت من يطرق على الباب…سارت باعياء نحو الباب ثم فتحت اياه
بدون تردد ظناً منها ان امها قد عادت سريعاً
من العزاء……..
لكن حينما فتحت الباب تفاجئت به يقف امامها بضخامته المذبذبة لثباتها… وحضوره الرجولي
الطاغي على المكان من حوله……
القى عز الدين نظرة متوعدة جامعه مابين الغضب والتوعد لها عن غباءها في خلال اليومين
الماضيين………..

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى