روايات

رواية غمرة عشقك الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الجزء الثالث والعشرون

رواية غمرة عشقك البارت الثالث والعشرون

رواية غمرة عشقك
رواية غمرة عشقك

رواية غمرة عشقك الحلقة الثالثة والعشرون

جلست على مقعد مقابل له وقالت وهي تضع حقيبتها جوارها على الطاولة المستديرة…..
“أخيراً روحت البيت……”
“اه روحت امبارح بليل…….”
نظر للناحية الاخرى متاففاً بحنق……
ضيقت حبيبة عيناها وهي ترمقه باستفهام….
“مش ناوي تقولي اي اللي بيحصل معاك….”
نظر لفنجان القهوة امامه ثم لعيناها الزيتونية
الامعه ثم امتنع بوجوم…..
“مفيش حاجة يا حبيبة عادي…….”
حركت راسها واحتدت نبرتها قليلاً بعتاب….
“لا في يا أحمد… انت مخبي عليا إيه……هو مش المفروض تحكيلي على اللي بيحصل معاك.. وتفتحلي
قلبك زي مانا ما بعمل معاك……”
نظر لعيناها بقوة وقال….
“وانا يعني مش فتحلك قلبي….”
احتقن وجهها وهي تتشدق…
“فين ده !… تقدر تقولي غبت الشهور دي عن البيت ليه.. وليه روحت قعدت عند كرم… ويوم فرح اختك
محدش شافك……. انت زعلان مع مامتك…..”

 

 

زم أحمد شفتيه بامتنان وهو يقول…
“زوزو !…. ياريت المشاكل كلها تبقى مع امي هيبقا على قلبي زي العسل…..”
اسندت حبيبة جزعيها على الطاولة قائلة بتأثر
واضح….
“يبقا سمر ولا خالك عارف….. مش معقول خالك عارف يزعلك دا طيب اوي…. اكيد سمر انت زعلان من جوازها صح….. انا كمان متأثرة من اللي عملته
ومش عارفه اذا كان اللي حصل ده صح ولا غلط….”
افصح بشرود وهو ينظر لعينيها….
“محدش عارف……. يمكن مضايق منها شويه… بس
زعلي كله هو اني خايف عليها من نفسها ومن الراجل
اللي متجوزاه ده……”
عقدت حبيبة حاجبيها وسألته بقلق…..
“ليه بتقول كده….. هو الراجل دا مش كويس……”
صمت ولم يرد عليها بل اشاح وجهه بوجوم
مجدداً بعد ان انتبه لكلامه…
نظرت له حبيبة بعتاب وزفرة وهي تقول….
“برضو هتسكت يا أحمد مش ناوي تحكيلي اي اللي بيحصل بظبط حولينا….”سكتت قليلاً ثم تذكرت وهي تقول سريعاً…..
“آآه سمر كمان كلمتني امبارح….وكانت بتعيط وهي بتطمن على إبراهيم…..وهو كمان كلمها…..”
عاد لعيناها وسالها بفضول….
“متعرفيش قالو إيه……”
ضمت شفتيها بخيبة امل وهي تقول….
“سمعت لكن مقدرتش افهم حاجة…..”
نظرت لعيناه وحاولت تغير الموضوع قائلة …
“أحمد ممكن ننسى كل حاجة وتفك التكشيرة دي وتركز معايا شوية…….”
سالها بجزع….
“اركز معاكي في إيه…..”
افتر ثغرها بابتسامة متألقة وهي تحاول الهروب معه من مشاكل تحيط بهما من كل الاتجاهات والغريبة
انها لا تخصهما بل تخص اشخاص غاليين جداً على قلوبهم……..
“يعني مش ملاحظ اي حاجة مختلفة فيا….”
عنوة عنه ابتسم وهو ينظر لها ملياً بتركيز…كانت جالسه على المقعد تربط شعرها من الجاهتين
بتسريحة انيقة تنتهي بضفيرتين يستلقيان
على صدرها………وكانت ترتدي بنطال جينز
فوقه كنزة انيق خضراء كالليمون…..
فقدت الكثير من الوزن فبرز اكثر على جسدها الهزيل الشبيه بعارضة ازياء عافرة بكثرة وحرمت نفسها من لذة الحياة لتصل لهذا الجسد المثالي…….حبيبة بدون معافرة تصل لهذا الجسد الذي يغيظه اوقات فهو لن ينكر أبداً انه يعشق المرأة مليئة المنحنيات…..
منفوخة الوجنتيْن كي يقضمها باسنانه كلما أراد…..
عقب بعد هذا التفكير المنحرف….
“انتي مبتاكليش كويس ليه…..”

 

 

نظرت له بغرابة وقالت ببراءة….
“اي السؤال الغريب ده…… مانا باكل زي اي حد….”
رمق جسدها بنبرة وقحة….
“مش باين خالص بصراحة…….انتي بتخسي
جامد…. ”
احتدت نبرتها تدريجياً وهي ترمقه بتحذير…
“احترم نفسك….ومتركزش في الحاجات دي……”
لاحت السخرية في صوته وهو ينظر لها
بعبث…
“مش انتي اللي قولتي ركز……..اديني بركز….”
برمت شفتيها وهي تنعته بـ…..
“وقح……….انا قصدي على التسريحه دي حلوة على وشي…..”اشارت على الضفيريتين…..رفع شفتيه للأعلى باستهجان وعقب……
“زي الزفت متعملهاش تاني…….’
“قليل الذوق اوي…..”
احمرت وجنتاها بغيظ وهي تنظر له شزراً
عقب أحمد بتبرير جادي….
“فين قلة الذوق دي…….يعني انا بعلق على حاجة مهمة انتي تعلقي على تسريحة شعرك….انا عايزك
تتغذي مش كده……على كده بعد الجامعة مش هلاقيكي……”
امتقع وجهها اكثر وهي تحدثه بانزعاج…
“آلله….هو انت مش هتبطل تعلق على حاجات ملكش فيها…….المرة الجايه هسيبك ومشي على فكره…. ”
رد بوقاحة وغرور….
“وتسبيني وتمشي ليه……كل لمصلحتك عشان تملي عيني……..”
رفعت احد زوايا شفتيها باستهجان….
“وملى عينك ليه اكونش المدام بتاعتك…”
رد بمراوغة صبيانية….
“ياااه لو انتي المدام بتاعتي…..”
رغماً عنها ابتسمت وهي تقول باستهانة
“اي فيها يعني…..”
قال سريعاً بعيون تلمع بالفرحة لمجرد تخيلها
زوجه له……
“اي فيها….دا فيها وفيها وفيها كمان…..ينهار فرح…..”
تنهد بحرارة وهو ينظر لعيناها مضيف….
“يارب تكوني من نصيبي…….يا احلى بيبه دخلت حياتي……..”
أسبلت جفنيها وزحفت الحمرة لوجنتيها
فعقبت بخجل……..
“ربنا يحققلك كل اللي بتتمناه…….”
رد وهو يسافر على وجهها ناصع البياض
بهي الملامح….
“كويس انك عارفة انك بقيتي أمنية حياتي….
يارب اكون انا كمان كده……”
نظرت للناحية الاخرى وهي تقول بقوة رغم
خفوت صوتها….
“ريح نفسك يا احمد مش هجريك في كلامك…….
لما نرتبط رسمي نبقا نشوف…..”
مط أحمد شفتيه بيأس….
“على كده هستنا كتير…….على ما سمعها منك…..”

 

 

حاولت الهروب منه فقالت بهدوء…
“خلينا في المهم……… اي اخبار الجامعة…..”
ضيق عيناه بخبث واراد اغاظتها فقال….
“تمام……. فيها شوية بنات اوف ياحبيبة ملظلظين لظلظه………”
“اتلم………”رمقته بغيظ….
ضحك باستمتاع وهو يقول بلؤم….
“وانا قولت إيه مش انتي اللي بتسألي….”
رمقته بعتاب حاد وقالت…..
“انا برضو بسأل عن البنات……انت مستفز ومتنمر….”
ارجع ظهره للخلف مطصنع الدهشة….
“اعوذ بالله متنمر مرة واحده……خدي في بالك انا بحب العود الفرنساوي جداً…..”
“يسلام…..”عقدة ذراعيها امام صدرها بتشكيك حانق……
اوما براسه وهو يقول بلؤم…..
“آآه حتى اسالي قلبي هيقولك ان أحمد بيموت فيها
موت…….”
اهتزت ابتسامتها وهي تسأله بعدم فهم
مصطنع…
“هي مين دي بقه……”
رد احمد بغمزة شقيه
“اي واحده اسمها بيبة……”
اهتزت شفتيها مجدداً في ابتسامة مهدده
بالخروج… لكنها سيطرة عليها بصعوبة لكن
أحمد قال وقتها……
“بتكتميها ليه يابطتي….اضحكي…..وهعمل نفسي مش واخد بالي…..”
ضحكت حبيبة بقوة وهي تضع يدها على فمها بخجل……ضحك معها وهو يشعر ببعض الارتياح والسعادة لمجرد التحدث معها ومشاكستها….
بعد مدة…..وبعد ان دخل شقته اتاه اتصال من
رقم غير مسجل…. فتح الخط وقال بخشونة….
“الو……..مين…..”
اتى من الناحية الاخرى صوت انثوي مطصنع الانتحاب…..زفر بضيق وهو يتمتم بيقين….
“مُنى تاني !……….جبتي رقمي منين……”
قالت بنبرة متحشرجة ناعمة….
“كويس انك لسه عارف صوتي……”
القى نفسه على الفراش بملل…
“اخلصي يامُنى عايز إيه مني…..”
هتفت مُنى بلهفة…..
“وحشتني يا احمد…. معقول موحتكش……”
حاول انهاء المكالمة بنزق….
“مُنى انا مش فاضي للشغل بتاعك ده….انا تعبان وعايز انام سلام…….”
احتدت نبرتها تدريجياً وهي تقول بغضب…
“دلوقتي بقيت تعبان وعايز تنام……لقيت لعبه جديدة تتسلى بيها مش كده…..”
زفر بحنق ثم قال بتشنج واهانة نحوها….

 

 

“مُنى ابعدي عني….. وخلي عندك شوية كرامه…. بقولك خلاص فضناها سيره….. واحنا كنا في الاول والآخر صحاب……”
صاحت هاكمة بنزق قوي…….
“صحاب والكلام اللي كنت بتقولهولي في التلفون كلام مينفعش يطلع غير بين اتنين متجوزين….”
لوح أحمد بيده وهو ينهض بتشنج…..
“كانت مرة وراحت لحالها… وانتي اللي كنتي فاتحه المجال للكلام ده…. اكيد يعني لو محترمه هحترمك
ولو حطى حدود بينا مش هعديها يا مُنى….. وبرضو مكانتش سذاجة منك…. لانك ابعد من السذاجه ولا إيه……..”
هدرت مُنى بقوة عبر الهاتف…
“انت ندل وواطي……ومبتعملش حاجة في حياتك غير انك تلعب ببنات الناس وتعلقهم بيك….”
تاثر للحظات من كلماتها السامة ولكنه هتف
بتبرير….
“انا ملمستكيش ولا جيت جمبك….. مجرد كلمتين قولناهم لبعض في لحظة شيطان…..وانتي برضو
اللي كنتي فاتحه المجال……..”
نفس الحدة قالت هازئة…
“يعني انت مغلطش صح….”
افصح لها بهدوء وهو يخرج تنهيدة طويلة…
“كلنا بنغلط يا مُنى…. وانا بعترف اني عملت حاجات كتير غلط قبل كده…. بس انا من ساعة ما عرفتها وانا بدأت أتغير للأحسن…….. وعايز اكمل معاها بجد
مش تسليه……”
لمعة عينا مُنى بقسوة وهي تهدر عبر
الهاتف….
“والله دانت حبتها بجد بقا…..”
قال بسأم من وقاحتها الغير منتهيه….
“حبتها يا مُنى…. وهفضل أحبها….. ممكن بقا نقفل الموضوع ده وتبعدي عني وتسبيني في حالي…”
صاحت مُنى بتشنج….
“اسيبك في حالك بساهل كده…..”
صرخ احمد تلك المرة بنفاذ صبر…..
“مُنى انا لحد دلوقتي بتعامل معاكي براحة وبالادب
لكن لو زودتي العبط بتاعك ده عن كده هتزعلي… والمرادي بقه هروح لكبيرك يربطك جمبه…. ويبعدك عني…”
توسعت عينيها بشيطنة وهي تهدر بشر….
“بقا كده يا أحمد….. طب اسمع بقا يا حبيبي… يا تفضل معايا ياما وربي هبعت التسجيل لحبيبة تشوف احترامك واصل لحد فين……”
عقد حاجبيه بعدم فهم….
“تسجيل اي بظبط…..”
التوت شفتيها بابتسامة انتصار ماكره وهي تقول بكيد النساء…..
“هو انا مقولتلكش اني سجلت اجمل كلمتين قولناهم لبعض من ساعة ما كلمتك…. تصدق يا احمد كل ما بتوحشني بسمع التسجيل بتاعك…… بحس اني..
ولا بلاش…….. ” فور انتهاءها ضحكت بميوعة..
هتف باقذع الكلمات وهو فاغر شفتيه بعدم تصديق…….
“اي الوساخه دي يابت……. انتي اتهبلتي يا****..”
ردت عليه بطريقة بذيئة مستفزة …..
“يعجبني فيك لسانك الطويل وانت متعصب… بقولك اي…….. انا عندي استعداد اسيبك تكلم معاها في التلفون زي مانت عايز اهو تسلي نفسك لحد ما
تزهق منها بس بعد كده ترجعلي وبرضو مكالمتنا

 

 

مش هتقل…….”
ضحك احمد بغضب وهو يسير بالغرفة بتجهم…
“والله ما مصدق ان في بنات رخاص بالشكل ده…”
قالت مُنى وهي تبتسم من الناحية الاخرى
بتشفي…….
“تقريباً في بنات كتير مبتحبش تسيب حقها لحد ولي يحاول ياخد حاجة منها بتعمل اي حاجة في
سبيل انها تفضل معاها……”
هاج احمد عليها بغضب….
“وانا مش حاجة ياروح امك….. ولي عندك اعمليه…”
برمت خصلة حول اصبعها وهي تقول بلؤم….
“عندي كتير اوي ياحمادة….. ولو مش مصدق ان التسجيل معايا افتح الوتساب هتلقيني بعتهولك
على الرقم ده…… اتأكد وفكر و رد عليا…….”
ارجع خصلاته للخلف بقوة وهو يرى تلاعبها به
فقال بتحذير…..
“مش انا اللي هتهدد يا مُنى دا انا افضحك…… انا راجل وميعبنيش حاجة…..انتي اللي سمعتك هتبوظ
وهيتقال عليكي شمال……..”
ردت عليه باستمتاع ماكر…..
“مش مهم ياقلبي…. اقرب حاجة هيجوزونا لبعض
لم اتبل عليك اكتر من كده….”
شتم اياها وهو يصيح بازدراء…..
“يابنت ال*****……. اجوزك انتي….. هو خلاص ملقتش غير الشمال اللي هديها اسمي…..”
ردت بتأثر مصطنع…..
“اخص عليك ياحمادة…… الشمال دي معرفتش غيرك…..”
كانت عينا مثبته على اللا شيء وهو يهدر
من بين انفاسه الغاضبة…
“ابعدي عني يامُنى انا لو حطيتك في دماغي هفضحك…. ابعدي عني احسلك…… وفتكري ارقام الشباب اللي متسجلين على خطك 01…. عارفاه
طبعاً……”
بلعت ريقها بتوتر ولكنها تعلم ان أحمد لن ينزلق لهذا المستوى الدنيء ويفضحها لذلك اصرت بوقاحة…
“انا معرفش انت بتكلم عن إيه بصراحه… مفيش
غيرك اللي بكلمه…..”
افصح عن كل شيء بغيظ وغضب منها….
“لا بتكلمي ومن زمان وانا عارف من اول ما بدات اكلمك وكل ما كنت ابعدك عني اقلايكي لازقه بغرة ومش عايزه تبعدي…… وفري على نفسك دور الشريفة المطعونة في كرامتها بعد ماجه واحد وحش ضيعها
وضحك عليها بكلمتين مع انها تضحك على بلد بحالها…….”
زمت مُنى شفتيها ببرود وقالت عبر الهاتف…
“يعني مصمم تمام….. انا هبعت التسجيل لحبيبة…”
هتف أحمد بتحذير قوي…
“لو في حاجة وصلت لحبيبة هتزعلي….وقسما بالله ما هرحمك بعدها…… ”
قالت بتملك وقح…….
“يبقا نرجع نتكلم زي الأول وتبعد عنها وتفضل معايا……قولت إيه… ”
رفض بشدة وهو يقول بسخط….

 

 

“لا….. لو اخر واحده في دنيا يا مُنى…. مش على
اخر الزمن هربط نفسي بواحده لمؤخذه…..”
حركت حاجبها الرفيع بفعل مشرط حاد وهي
تهتف عبر الهاتف بسخرية…..
“الله……… وكان فين الكلام ده في الأول…..”
عض على شفته وهو يقول بهدوء مريب
خرج بمعجزة…..
“كل ما الواحد بيكبر بيعقل وبيفهم نفسه اكتر.. وبيحاول يصلح…………. وربنا غفور رحيم…..”
قلبت عينيها ببرود وهي تقول هازئة…..
“ماشي يا شيخ احمد…. هسيبك تفكر وهكلمك كمان يومين تبقا ترد عليا…..”
القى أحمد الهاتف على الفراش بعصبية وهو
يزمجر بغضب بقلب غرفتها…..
“يابنت الـ……احنا اللي بقا بيتسجلنا دلوقتي وبنتهدد….. اقسم بالله لولا حبيبة لكنت زماني سلختها……. انا عمري ما شفت واحده كده….”
فتح مسجل الرسائل ليجد التسجيل بالفعل عبارة عن كلمات وقحة منه لا تقال إلا بين الزوجين…. وكانت مُنى تجاريه ومستمتعة بالحديث معه…… وكانه راقها…..
يعلم وقتها انه اذا كان اطال المكالمة معها لكان حدثت علاقة محرمة عبر الهاتف لكنه لحق نفسه واغلق قبل ان يحدث بينهما ابشع من هذا… وقتها استغرب انها كانت مستمتعه بالحديث وكانت
تحاول اثناء المكالمات الأخرى ان تفتح المجال مجدداً معه…… لكنه كان يتهرب كان يشعر بالاختناق والذنب……….. انها الوحيدة التي افصحت له هذا المجال….
تحدث مع الكثيرات قبلها وبعدها ومعها أيضاً لكنه
لم يتجاوز حدوده إلا معها هي…..وهي من دفعته لذلك….
هو أخطأ وحاول الابتعاد عن هذا المستنقع المظلم ولكنها كانت مصممة على سحبه معها لجسد يهوى
الذنوب….. وحينما ابتعد عنها كلياًّ بدات المطاردة
اللزجه منها بأسم الحب ؟!…..
هل ستنفذ تهديدها وترسل التسجيل لحبيبة… ان سمعت حبيبة هذا الحديث منه مؤكد ستكرهه وتستحقره…… وتبتعد……. انه يجزم انها كانت لحظة شيطان ونادم عليها بشدة ، وتغير بعد ان عرف حبيبة واقترب منها…. يجزم انه لم يخونها ولو للحظة بل وكان صادق في مشاعره نحوها……
هل سيدفع ثمن استهتاره الآن… ويخسر حبيبة عقاباً
له وتكفير عن ذنوبه….. قاسي هذا العقاب قاسي ان حدث وافترقا للأبد ؟!….
ارجع شعره للخلف بقوة وخرج للشرفة بتشتت…
انه يحترق في وقفته وعيناه مثبته على شرفة حبيبة بقلق… هل مُنى أرسلت التسجيل بالفعل….اما
انه مجرد تهديد اهوج…… مُنى لا تهدد مُنى مجنونة
وستفعلها بطبع في سبيل ما تريد الوصل اليه…….
فتحت شرفة غرفتها… وخرجت الجميلة الشهية وجبة الافطار ذات العيون الزيتونية والوجه الابيض كالبدر……..
نظر لها بصمت وعقد لسانه في لحظة بعد طلتها البهيه عليه… ولاح نفس السؤال بذهنه هل
سيدفع الثمن بابتعادها عنه ؟!…….
ابتسمت حبيبة وهي تنظر له خلسة ثم اشارت
بيدها بمعنى (مالك….. ساكت ليه….)
ابتسم بصعوبة وعيناه مثبته عليها باعتذار !…
استغربت تلك النظرة فمسكت هاتفها وارسلت له رسالة(مالك يا أحمد….في حاجة حصلت عندكم تاني….)…….ذهب ليجلب هاتفه وهرب من عيونها
وهي يرد على فراشه……
(مفيش حاجة ياحبيبة…. انتي كويسه…..)
ردت برسالة بوجهاً متعجب…..

 

 

(كويسة طبعاً اي لازمة السؤال ده.. دا احنا لسه سايبين بعض….. قولي كلت؟….)
اجاب برسالة كاذبة…
(آآه كلت…………. وانتي…..)
ارسلت وجه يخرج قلوب من عيناه وكتبت….
(لسه هروح اكل تيجي تاكل معايا…..)
ارسل قلب مع رسالة وكتب….
(بالهنا والشفا يابيبه…طب روحي كُلي…. انا هقفل…)
ارسلت سريعا قبل ان يغلق….
(هكلمك كمان شويه….)
امتنع برسالة متردده وعليه وجه يتثأب….
(لا…….. يعني…… انا هنام شويه عشان تعبان…)
ارسلت وجه متاثر وكتبت…
(الف سلامه عليك يا أحمد….. مالك؟…..)
رد برسالة مختصرة…..
(مفيش ياحبيبة…. شوية صداع……. لما انام هبقى كويس…….)
ردت سريعا برسالة راقية جميلة…..
(خلاص هرن عليك على اذان الفجر كده عشان تصلي……وبقى اطمن عليك بالمرة….)
لاحت ابتسامة مؤلمة على شفتيه انها في بعد الاوقات تدفعه دفع كي يصلي الفجر جماعه في المسجد…..
لن ينكر انه تغير لوجودها بجواره…. حبيبة جميلة كالملائكة صافية القلب….. حنونه وصديقه جيدة وحبيبة رائعة وقد اخذت من اسمها نصيب فهي حبيبة دوماً في قلوب من يراها ويقترب منها…..
يبدوا ان هناك علاقات تسحبك للظلام وهناك
علاقات ترافقك للنور خطوة بخطوة……..
مع حبيبة كان كل شيءٍ مختلف…. كانت علاقة نقية
برغم من مشاكسته الوقحة قليلا معها والتي ولدة بالفطرة داخل اي رجل إلا انها كانت توقفه حينما
يتجاوز اول اطراف حدودها……وبنظرة من عينيها
كانت تحفزة ان القادم لن يعجبه منها.. فكان يخشى ان تبتعد او تاخذ عنه لمحة خاطئة عن صداقتهما
الذي اصر عليها يوماً…… لذلك كان يسير على درب
معين معاها….
ربما هناك علاقات غير شرعيه تحدث بين الرجل والمرأة ربما المرأة جزء ضعيف في بعض العلاقات
لكن لو كان هناك وعي ودين لكانت اشد آلة تبتر
الذنب قبل اقترابه…….
لا تشوهه الحب فهو بريء من خطيئة ارتكبت
باسمه ؟!…. فرغبه هي من تحرككم ولذة
الذنب تدفعكم للتجربة…….
……………………………………………………………
أوصلها السائق بسيارة الفارهة امام البنية التي تقطن عائلتها بها……
خرجت من السيارة باناقة مرتديه بنطال جينز فوقه
قميص انيق من اللون الاحمر الشاحب…… كانت تاركه شعرها ينساب على كتفيها وظهرها وتضع على عينيها
نظارة سوداء فخمة بماركة غالية…….
نظرت حنين للسائق من أسفل نظاراتها وقالت بهدوء….
“استنى مني مكلمة ….”
اوما السائق بتهذيب……

 

 

“تحت امرك ياهانم….”
حملت الهدايا وصعدت بها لأعلى البنية المتهالكه القديمة…. تاففت حنين بانزعاج من امها.. فحتى الآن
ترفض الذهاب للحي السكني الراقي الذي به اشترى عز الدين شقة وسجلت باسمها على حسب شرطها هي……
طرقت على الباب ففتح اخيها محمود لها وتوسعت عيناه حينما رأها امامه وتهلل وجهه فرحاً حينما لمح الاكياس بين يداها…..
“حنين جت ياما….. حنين جت……”
ابتسمت حنين وهي تدخل ثم سألته…
“عامل اي ياحودة….. وامك واخواتك عاملين إيه
وحشتني اوي…” وضعت الاكياس على المنضدة وعانقت اخيها بقوة وشوق بادلها العناق وهو يقول بحماس….
“وانتي كمان وحشتيني…. جيبالنا اي معاكي……”
ضربته حنين على مؤخرة عنقه وهي تقول بين ابتسامتها الامعة….
“علطول مستعجل كده استنى طب اما اسلم على امك واخواتك…..”
اتت في تلك اللحظة والدتها واخواتها…..قالت ماجدة
بابتسامة بشوشة فوق ملامح متعبة من شدة المرض……
“حنين…….. حمدال على السلامة ياضنايا…..”
“الله يسلمك يامااا… عامله اي ياحبيبتي….” ضمتها
حنين بشوق وهي تقبل وجنتها بلهفة…..
بادلتها والدتها السلام بحرارة وهي تقول بنبرة خافته…..
“في احسن حال يابنتي…. الحمدلله….انتي عامله
اي ياحبيبتي مع جوزك…..طمنيني… ”
توردت وجنتي حنين بخجل وهي تومأ براسها بسعادة تلمع في عينيها …
“الحمدلله ياماا……… مبسوطه اوي معايا……”
رفعت ماجدة يداها داعيه لها بحنان…..
“الحمدلله يابنتي….. يارب دايما في خير وسعادة مع بعض متتحرموش من بعد أبداً……”
تغيرت ملامح حنين قليلاً ولكنها حاولت تغير الموضوع وهي تقول بحماس…..
“بصي جبتلك إيه…..” اخرجت حنين سترة صوف ثقيلة ووضعتها على كتف امها وهي تقول ….
“حلو اوي ياما الجاكت دا عليكي تقيل وحلو هيدفيكي…..” اخرجت عدة عباءات شتويه ثقيلة
وقالت بمرح…
“والكام عبايه دول بقه هيبقى حكاية عليكي ياماجدة…..”
ضحكت والدتها بحرج وهي تقول…
“لي بس تعبه نفسك ياحنين….. انتي أولى بالفلوس دي يابنتي……..”
عقدت حنين حاجبيها وهي تحدث والدتها…
“اولى اي بس هعمل بيهم إي يعني…..انتوا محتجانهم اكتر مني……وبعدين انا وانتوا إيه….” اخرجت حنين عدة العاب مغلفة بالعلب وقدمتها لاشقاءه الثلاثة باستثناء المراهق الصغير الذي قدمت له علبة
تحتوي على هاتف بماركة عالية…. قالت حنين
بجديه إليه…..
“التلفون دا بقه ليك يامحمود…. عايزك تحافظ عليه عشان هكلمك من عليه اطمن عليكوا وعلى امك وعلاجها ماشي…….. في الخط وفي كل حاجة..”
مسكه الصغير بسعادة وعيون تلمع بحماس وهو يقول….
“ماشي ياحنين بس دا شكلو غالي اوي…. دا بكام ده……”
لكزته حنين بدهشة…
“هو اكل ولا بحلقه……… خدوا وخلاص…..”
اوما لها الصغير وهو يبتعد بالهاتف لاحد الغرف…
جلست حنين على اقرب اريكه وهي تنظر لامها
قائلة بعتاب…..
“انا مش عارفه ياماا… انتي ماسكه في الشقه دي كدا ليه…. ما خلاص بقا ياحبيبتي سبيها وتعالي اسكني
في شقتنا الجديدة دي جاهزه من كله مش محتاجه
غير ناس تعيش فيها……”

 

 

نظرت والدتها لكل ركن في شقة من خلال تلك الردهة الصغيرة….ثم قالت بتأثر…
“مش هاين عليا ياحنين….. دا المكان اللي اتجوزت فيه ابوكي…. المكان اللي خلفتكم فيه وربتكم وعشت مع ابوكي فيه عمري كله…. المكان ده شهد على فرح قليل وحزن كتير…. هنا عاش معايا ابوكي وهنا مات…….. إزاي اسيب كل ذكرياتي وروح مكان تاني مفهوش الحيطان دي…. الحيطان اللي شافت ولي شهدت على كل حاجة حلوة ومُره عشتها…..”
نظرت حنين باستنكار للحوائط الباهته ذات الشقوق
العميقة الغير قابلة للاصلاح……. كحياتهم سابقاً…..
“كفايه دراما ياماا….. هناك احسن…….الشقة حلوة وواسعه… واسعي على نفسك وعلى اخواتي…. ونبي ياما وفقي انا بقالي يامااا بتحايل عليكي… ”
اومات والدتها بطيبة وهي تسالها عن احوالها…
“سبيها على ربنا ياحنين……..المهم انتي عامله إيه…….وجوزك…..”
قالت حنين بهدوء….
“الحمدلله يامااا كويسين…انتي صحتك عامله إيه واخواتي تعبينك……والشاغله والممرضه بيجولك
صح……. بيشوفه طلباتك ولا لا…..”
هزت والدتها راسها مجددا وقالت بطيبة….
“ااه يابنتي بيجولي….كتر خيرهم بيتعبوا اوي معانا……”
ردت حنين بتفهم…..
“كل بتمنه ياحبيبتي المهم راحتك……… وانا برعيهم على قد ماقدر متقلقيش…..”تنحنحت حنين
وهي تسال والدتها باهتمام….
“قوليلي ياماا….هو انتي ما بتشوفيش سمر…حتى كل ما بسألك عليها في التلفون بتتهربي مني……هو في حاجة حصلتلها…..”
تنهدت ماجدة وهي تقول بخفوت….
“والله يابنتي انا ما فاهمه اي اللي بيحصل مع سمر…..سمر اتجوزت ياحنين من يومين بس…..”
تهلل وجه حنين بسعادة وهتفت….
“من يومين……طب كويس…اتجوزت ابراهيم صح..”
هزت والدتها راسها وهي تقول بعدم فهم….
“لا يابنتي اتجوزت واحد قد ابوها بيقوله ان راجل اعمال كبير وغني………”
هتفت حنين بصدمة وتعجب…
“راجل قد ابوها !….طب وابراهيم…دي كانت بتحبه اوي……”
لوت ماجده شفتيها بحيرة حقيقية وبررت من منظورها……
“يمكن شافت الفرصة الاحسن ليها…ابراهيم برضو جدع غلبان وعلى قد حاله…….”
بلعت حنين ريقها بحرج وهي تتذكر صراخها بوجه سمر…..(عند حق اي اللي جاب السوق للباشا….)
اغمضت عينيها بقوة محاولة نسيان حقارتها مع صديقة عمرها……اضافة حنين بنفي….
“سمر مبتفكرش كده…..بقولك كانت بتحبه اوي…اكيد في حاجة غلط……مش معقول تجوز…”صمتت قليلاً
وتوسعت عينيها وكانها انتبهت أخيراً لمواصفات زوج سمر…..
“انتي بتقولي يامااا…انه…قد ابوها وغني…..هو اسم اي يامااا ماهر صح………ماهر……”
اومات والدتها بتذكر….
“ايوا يابنتي بيتهيألي دا الاسم اللي سمعته من الجيران……..”
نهضت حنين سريعاً بعيون متسعة بشكلاً ملحوظ وكانها رأت شيطان يتحضر امامها…. خفق قلبها برعب على صديقتها فقالت لامها سريعاً…..
“انا راحه لخالتي زينب يامااا…..أروح اسألها على سمر وطمن عليها…….”
خرجت من الشقة بعد موافقة امها…..
ترى ماذا حدث لسمر في تلك الفترة التي غابتها…
خبر زواجها لا يبشر بخير….وهي التي كانت تظن ان سمر تنعم الان في أحضان الرجل الذي أحببته
وسرق قلبها من أول لقاء بينهما كما اخبرتها…….
اطرقت حنين على شقة سمر فتح (عارف) لها
الباب…قالت حنين وهي تدخل الشقة بلهفة وكان البيت ملكاً لها…… وهذا امراً طبيعي فالطالما كانت
ابنة تلك العائلة مُنذ الصغر…..

 

 

“ازيك ياخالي…….هي خالتي زينب فين…..”
اشار عارف الى غرفة زينب بوجهاً مجعد حزين وترك بعدها حنين ودخل الصالون جالساً برفقة صديقته الحنونة الارجيلة……
اطرقت حنين باب الغرفة فخرج صوت زينب الباكي
من خلف الباب…..
“ادخل يا عارف…….”
دخلت حنين اليها وهي تقول بابتسامة فاترة….
“مش عارف ياخالتي حنين ادخل ولا إيه…”
قالت زينب باللهفة وهي تبكي اكثر فعندما رأت
حنين ازدادت حرقة قلبها مع تذكر حب ابنتها
لحنين وصداقتهم الطويلة……
“تعالي ياحنين…..تعالي ياحبيبتي رجعتي امتى…”اقتربت منها حنين وسلمت عليها لكن زينب
سحبتها وعانقتها وهي تبكي بلوعة أكبر…..
“الف مبروك ياحنين……معلش اني مقدرتش اجي فرحك لانا ولا سمر…..لو كانت سمر هنا كانت هتفرح اوي لم تشوفك……..”
ابتعدت حنين عن احضانها وهي تجلس على حافة الفراش وتسالها بنبرة شاجنة وعينيها تلمع بدموع بعد بكاء زينب……
“اي اللي حصل مع سمر ياخالتي…ولي سابت ابراهيم
وتجوزت ماهر…….”
صاحت زينب بعويل وهي تضرب فخذيها بحرقة…….
“جوازه سودة….حسبي الله ونعم الوكيل…يترى عامل اي دلوقتي يابنتي…..انا هتجنن عليها…..هتجنن…..”
نظرت لها حنين لبرهة وتشدقت…..
“هي مش بتكلمك في التلفون ياخالتي….”
قالت زينب وهي تمسح دموعها المنهمرة
بالمنديل….
“لسه قفله معايا……ونبرة صوتها مريحتنيش…وكانها بتعيط من ساعة ما مشيت……”
سالتها حنين بتوجس….
“هي متجوزه غصب عنها ولا إيه…..”
هزت زينب راسها بتأكيد وهي تبكي….فازداد إتساع عينين حنين وهي تقول بصدمة….
“إيه اتجوزت غصب عنها…. ازاي ياخالتي… وليه تعمل كده…….”
تشدقت زينب بحسرة……
“منه لله ماهر الكلب… ربنا يوريني فيه يوم… بحق ما حرق قلبي على بنتي…….. وحرق قلب بنتي وكسر فرحتها……..”
ربتت حنين على كتفها وهي تتحدث بارتياب….
“بالله عليكي ياخالتي فهميني في ايه……انا استويت من كلامك ده…..مالها سمر ياخالتي وابراهيم سبها ليه…… ”
قالت زينب بعجز حزين……
“هقولك……هقولك ياحنين….”قصت زينب على حنين كل شيء حدث في خلال الثلاثة اشهر الماضية..مع كل حدث كانت تتسع عيون حنين اكثر وتنزل دموعها
رغما عنها تاثراً وصدمة من كم المشاكل والمصائب التي هبطت على راس صديقة عمرها…..والمؤسف والمخزي في كل حدث يحكى امامها…بانها لم تكن متواجدة……كانت غائبة مع كل مُصيبة كانت بعيدة تنعم بحياتها الجديدة الوردية المليئة بالهنا والراحة……وصديقتها تعاني بمفردها ومزالت تعاني..
واين هي كانت ومزالت انانيه لا تبحث إلا عن نفسها
وعن عائلتها…وتركت اول انسانه كانت بجوارها دوماً
في أشد المحن حينما كانت تربت على كتفيها وتخبرها بانها هنا……
اول شيءٍ قالته بعد ان صمتت زينب….

 

 

“معاكي عنوانها ياخالتي صح……”
هزت زينب رأسها بنفي وهي تخبرها….
“انا معرفش ياحنين الاماكن الجديدة دي….احمد هو اللي عارف عنوانها………..هو في اوضته بس مش هيرضى يجي معاكي……..”
عقدت حاجبيها باستغراب وتساءلت…..
“وليه مش هيرضى يجي معايا……هو زعلان مع سمر…”
اخبرتها زينب وهي تمسح عينيها الحمراء من كثرة البكاء……..
“ايوا……..مكنش موافق على الجوازه دي….. وسمر صممت وشدت معاه يومها…. ”
هتفت حنين بدفاع وتفهم للمرحلة التي مرت
بها سمر……..
“يعني كانت هتعمل اي غصب عنها……مكنش قدامها غير الحل ده…….”نهضت حنين وهي تضيف….
“انا هخبط على أحمد وهحاول اخد منه عنوانها….ولو جه معايا يبقا احسن برضو……”
خرجت حنين من الغرفة ووقفت امام غرفة
أحمد اطرقت الباب عدة مرات وهي تقول….
“أحمد انا حنين افتح عايزه اتكلم معاك… ”
رد أحمد بايجاز من خلف الباب….
“ادخلي ياحنين……”
دخلت حنين واغلقت الباب وهي ترفع عيناها عليه وجدته يجلس على حافة الفراش يرتدي حذاءه
الرياضي ويبدوا من ملابس الخروج المرتبة عليه
انه خارج من البيت الان…
“انت خارج ولا إيه؟……”
رفع عيناه عليها وهو يتفحص هيئتها الجديدة
الانيقة كذلك…….وعقب بفتور….
“حمدال على السلامة الاول…… مقولتيش يعني انك اتجوزتي……… مبروك…….”
اسبلت جفنيها بحرج منه وهي
تبرر…..
“الموضوع جه بسرعة……”
نهض من مكانه ووقف امام المرآة يهندم ملابسه ثم عقب بنزق……..
“واضح من الطقم اللي انتي لبساه والخاتم الالماظ اللي في ايدك…….ياترى قد ابوكي زي سمر ولا قد
جدك………ولا يكونش واحد من الفرافير اللي بياخده المصروف من بابي……..”
صاحت حنين وهي تنظر له بغضب….
“احمد…….”
“سكت…..”وضع يده على فمه بتشنج….
نظرت حنين للناحية الأخرى بوجوم….لن تستغرب أبداً طريقته معها بالكلام لطالما كان بمثابة أخ
صغير لها يتحدث معها بمنتهى الاريحية ، وكأن
الحياة اعطت له اختين سمر وحنين فكانت
دوماً علاقته بها مختلفة قليلاً وقريبة بعض
الشيء…….
سمعت صوته يخبرها بأختصار….
“انا مش هروح معاكي في حته عايزه العنوان خديه……”
رفعت عيناها عليه واحتدت نبرتها قليلاً
بصرامة…..
“واضح انك سمعتنا……طب ليه مش عايز تروح…
مش عايز تطمن على اختك…..”
رد ببرود به لمحة من العناد…..
“مش عايز كفايه انتي هتطمني…..”
لعبة على نقطة ضعفة وهي تقول ببراءة…..
“مانا مش هروح لوحدي يا أحمد…..يرضيك تسبني امشي لوحدي…….”
لوى شفتيه وهو يعدل ياقة قميصة
ساخراً…..

 

 

“ليه وفين السواق……… ياحنين هانم…..”
تاففت بحنق وهي تحاول اقناعه بكل
الطرق….
“ممكن تبطل تريقه وتريحني من الكلام شويه…
تعالى معايا يا احمد عشان مبقاش لوحدي ولو
مش عايز تشوفها استناني برا وانا مش هقولها انك معايا…..”
صمت أحمد قليلاً ولم يرد عليها… هتفت
حنين بحزم…..
“اخلص يا أحمد………وكفاية عند…….”
بعد برهة رفع سبابته وهو يقول هاكماً….
“انا هاجي معاكي…….بس هستنا برا…….ماشي…”
هزت راسها وهي تقول باستهجان…..
“ياقسوتك…..ماشي يا أحمد المهم نروحلها…… يلا هستناك برا…….”
خرجت من الغرفه بعدها…. عم الاستياء وجهه وهو ينظر للمرآة بجزع…..
يبدوا ان الجميع يركض خلف الفرصة
الافضل……..بحجة التضحية لأجل مصلحة
الآخرين ؟!……
…………………………………………………………….
على حافة الفراش كانت تجلس تنظر للبعيد بعيون سوداوية جامدة…..مر يومين على زواجها من ماهر
يومين تشاركه الطعام وبعد المشاركة في الجلسة المسائية…..يومين تتعامل بمنتهى الخنوع معه حتى
لا يحاول نيلها غصباً….فهو ليس رجلا يتمتع بالشهام
والرجولة فلو كان هكذا ما كان فعل بها كل هذا…
لكنها تحاول ان تجاريه وتتقي شره محاول ترويضه قدر المستطاع حتى
رفعت راسها للاعلى بتيه وهي تسأل نفسها بارتياب حتى ماذا ياسمر……سينالك الوغد يوماً ما….سيلمس
جسدك وينعم به….ربما حملتي منه يوماً وربطكما طفلاً يحمل دماءه الدنسة…….
اعتصرت عينيها بقوة وهي تحاول الهرب من التفكير بحاضرها….ربما وجدت مخرج من هذا السجن يوماً
ما…..سجن؟!…
نظرت حولها بجدية اكبر……حيثُ الغرفة الشاسعة الانيقة والفرش الفخم فخامة لم ينسجها خيالها
يوماً في أعمق احلام اليقظة…..لكنه سجن بنسبة لها
كاتابوت زجاجي يطبق على صدرها بقوة يكاد يخنقها
يوماً بعد يوم…….
نزلت دموعها مجدداً وعلى وجنتيها تنهمر بانسياب وشعرها الأسود متهدل حول وجهها الشاحب باهمال
وتكتمل صورة المرأة المحطمة بنظرات عينيها الباهته وهي ترمق نقطة بعيدة بلا أمل واحد
يذكر داخلها……
اخر مكالمه بينهما كانت وداع…وداع مؤلم ومعذب
انهُ اتهامها بطريقة غير صريحة انها خانته….خانت العهد وتركته برغم من معرفته انها فعلت كل ذلك لأجله لكن كبرياء رجولته يمنعه من نطق الحقيقة حتى بين حاله…….
تعلمه كما يعلمها وكلاهما على علماً ان القدر لن يجمعهما أبداً…….
نهضت من جلستها بصعوبة وهي تمسح دموعها محاولة النزول للجلوس في حديقة الفيلا لعل الهواء
المنعش يطفئ نيران صدرها….ويتلاشى الاختناق الذي يرافقها من يوم دخولها لهذا القبو المظلم…..
قبل ذلك الوقت…
وقفت السيارة المستلقيه بها حنين في المقعد الخلفي هي وأحمد الذي تافف وهو يخرج معها قائلاً بعناد صبياني……
“قولتلك مش داخل عايزه تدخلي انتي ادخلي…..اديني وصلتك زي مانتي عايزه…انا هاخد بعضي وامشي….”
ابتزت إياه عاطفياً وهي تنظر اليه بحزن….
“وهتسبني لوحدي يا احمد………يرضيك……”
لوح بيده بناظرته المستهانه…..
“انتي مش لوحدك معاكي السواق…..”
امتنعت حنين وهي تقنعه….
“خليك برضو….. عشان ارجعك معايا بالعربية….”
لوى أحمد شفتيه وقال باستخفاف….

 

 

“تشكري ياحنين هانم هاخد مواصلات… ميكروباص
عرفاه ولا ML نساكي…..”
رمقته بنظرات غاضبة ثم هزت رأسها وامتنعت الرد
فهذا هو أحمد حينما يكن في حالة من الغضب وكبح الغيظ يخرج من فمه مخلفات ملوثة……
اشاحت حنين بعيناها عنه ونظرت للسائق قائلة بهدوء…..
“ربع ساعة وجايه يا شرف…..”
استدارت حنين بكامل كليتها للبوابة الكبيرة ورمقة الافته المعلقة جانباً (فيلا ماهر المحمدي…)
عندما كانت تنزل سمر على السلالم رأت الخادمة تتقدم من الباب الكبير المزخرف بفخامة… فتحت الخادمة الباب وسمعت سمر صوتٍ مالوف لها
او ربما توهمت انه صوت حنين…… لكن الخادمة
حينها استدارت تنظر لها بتهذيب قائلة بخفوت…
“ست هانم…… في واحده عايزه حضرتك….”
تقدمت حنين من عتبة الباب اكثر حينما وجدت الخادمة تحدث سمر عن قرب….رفعت حنين عينيها
على سمر وكذلك سمر التقطت عينيها في حوار طويل معاتب لاختين قست الحياة عليهن فارادت
كلن منهن أذاقه القسوة والجفاء للأخرى في سبيل
الشعور ببعضاً من الراحة ولكن كيف تاتي الراحة في الهجر والخصام؟!….
بلعت حنين ريقها بحرج وهي تنظر لسمر الواقفها
امامها على أول درجات السُلم الممتد ترتدي طاقم بيتي انيق يبرز قدّها الجميل وملامحها الشرقية
الفاتنة التي تلتف بشراسة سمر التي تعرفها حق المعرفة……وبرغم من انكسار عينيها إلا انها مزالت
بنسبة لها المثل الاعلى في صمود والمعافرة… مزالت تتمنى ان تمتلك شخصيتها يوماً ما……برغم من انها على علم ان الشخصية هي من تصنعنا لا نحن ؟!…
كانت تظن ان سمر ستطردها او تصرخ عليها وتعاتبها
بعد ملحمة النظرات المعاتبة بينهن لكنها سمعتها تقول بنبرة باهته وهي تتابع الهبوط من على اعلى السلم الممتد بهدوء…..
“أهلا…….. ياحنين….”
بعد قليل….
جلست حنين على أحد الارئك شديد الفخامة وبجوارها عل احد المقاعد جلست سمر وهي
تضايفها بهدوء……
“تشربي إيه…….”
تلك المرة نظرت اليها حنين بقوة غير معهودة وهي تقول بجدية….
“ولا حاجة……بلاش تعامليني على اني غريبة…..انا جايه اطمن عليكي…..”
لاحت بسمة مؤلمة على شفتي سمر
وعقبت بسخط…..
“جاية متاخر اوي ياحنين……..متاخر اوي….”
قالت حنين بسرعة وهي تنظر لسمر باعتذار…
“عارفة…. بس غصب عني… والله ما كنت اعرف اي اللي بيحصل معاكي… وامي الله يسامحها محكتش حاجه غير لم جيت زورتها النهاردة……”
ردت سمر بنبرة باهته….
“مكنتش هتفرق كتير اللي حصل حصل….”
رفعت حنين حاجبيها وتشدقت…
“إزاي مكنتش هتفرق على الاقل كنت هبقى جمبك…….. ونحلها سوا…..”
ردت سمر بفتور…..
“كلامك ده مش هيفيد بحاجة… خلاص اللي حصل حصل…..” استدركت حديثها وقالت بهدوء
“عامله اي مع جوزك……… الامور تمام…..”
اغتاظت حنين من مواربة الحديث وتحدث بمنتهى
الدبلوماسية وكانهما لم يتعاركنا في اخر يوماً راتها
فيه……. ردت عليها بعدها بنفس الخفوت…
“كلو تمام ياسمر…. المهم انتي عامله اي مع ماهر….”
لوت سمر شفتيها….ثم خرج الكلام بقسوة يقطر
سم على اذني حنين…..

 

 

“زي مانتي شايفه عايشه في قصر وبيعاملني زي الملكة…….. مش الفلوس احسن برضو من الفقر
ولجوازه دي احسن من جوازة السواق ولا انتي
رايك إيه…….”
هتفت حنين بغيظ منه…
“بلاش الطريقه دي ياسمر….. عاتبيني زي ماكنتي بتعملي الأول… اتكلمي وزعقي…… بس بلاش تشيلي مني بشكل ده……. طول عمري بغلط وانتي بتسامحيني……”
قالت سمر بسخرية…
“وعشان كده خدتي على الغلط ياحنين.. عارفه اني هسامح زي كل مرة…… مش كده….” رمقتها بخزي…
نزلت دموع حنين بسرعة وهي تقول بتهدج….
“اسمعي انا جيت النهاردة بس عشان اطمن عليكي… حتى لو مش طيقاني وحتى لو كرهتيني….انا هفضل في ضهرك زي ما كنا في ضهر بعض في كل
حاجة….. ولو مكنتش جامبك الفترة اللي فاتت دي فكان غصب عني وليكي الحق انك تزعلي وتعاتبيني….بس والله…والله ياسمر لو كنت اعرف كنت جتلك علطول وفضلت جمبك…..وانتي عارفه كده كويس….. ”
نزلت دموع سمر بقهر واشاحت بوجهها للناحية الأخرى بضيق….
مسحت حنين دموعها وهي تنهض من مكانها بصعوبة فهي لا تود تركها لكن مقابلة سمر
وجفاءها أصأب صميم قلبها بخيبة الأمل……
“هبقى اجيلك تاني….وانا خدت رقمك الجديد من امك وهكلمك من عليه ابقي ردي……”
نهضت سمر وهي تقول بنبرة هادئة….
“شرفتي ياحنين……”
نزلت دموع حنين مرة اخرى ونظرت اليها بضيق
ثم اتجهت اليها في لحظة وهي تقول بغضب نحوها…..
“انتي معندكيش ريحة الدم ياسمر……والله ما عندك دم…”جذبتها حنين لاحضانها بالقوة والاجبار
وهي تبكي….
ابتسمت سمر وهي تبادلها العناق وهي تنتحب
كذلك قائلة بنبرة متحشرجة…..
“وحشتيني ياحنين………وحشتيني ياحزينة.. ”
ابتعدت حنين عنها وهي تقول بعيون
حمراء….
“وانتي والله العظيم ياسمر…..”
مدت حنين كلتا يديها ومسحت وجنتي سمر وقبلة جبهتها وهي تعتذر لها بدموع…..
“سامحيني ياسمر…..حقك عليا…والله ما كنت اقصد اجرحك…….انا مش عارفه ليه عملت كده بس حسيت اني عايزه ابعد عنك….عن اكتر واحده معريه نفسي قدمها وعارفه كل اسراري…..خوفت والله ياسمر خوفت من نظراتك ومن كلامك خوفت اكرهك او تكرهيني…. ”
ابتسمت سمر بوجها مبلل وهي تمسح وجنتي حنين كذلك وناكفة اياها بحنق….
“طول عمرك عبيطة…….وتفكيرك عبيط…..انتي أصلا قطعتي علاقتك بيا عشان مبقتش قد المقام…”
لكزتها حنين بقوة وهي تتشدق بعتاب….
“اخص عليكي والله العظيم أبداً…انا كنت ناويه اجي ازورك في بيت جوزك……وكنت فكرة انك اتجوزتي ابراهيم……بس لم عرفت النصيبة دي جتلك على مال وشي…..كنت ناويه اصلحك كده كدا….مش جايه هنا يعني عشان بقيتي مرات ماهر المحمدي….بالعكس
انا جايه ارضيكي عشان عارفه اني غلط في حقك…”
اومات سمر بتفهم وهي تقول بحزن..

 

 

“انسي ياحنين انا مش زعلانه…..مسافة ما شفتك كل حاجة نسيتها…..وانتي متزعليش اني رفعت ايدي عليكي…”
مررت حنين يدها على وجنتها بتذكر وهي تعقد حاجبيها بتالم وكانها صفعتها للتو…..
“كانت ايدك تقيلة اوي…..”
ضمت سمر شفتيها بحرج وهي تقول بتأثر حزين..
“حقك عليا يانونا انا مش عارفه رفعت ايدي ازاي عليكي……..دي اول مرة تحصل بينا……”
سحبت حنين نفساً طويل وهي تقول بتهاون عن الأمر……
“كفاية عتاب واعتذرات….. وطمنيني عنك….عايزه اعرف كل حاجة حصلت معاكي…..انا سمعت من خالتي كل حاجة بس انا عايزه اعرف منك بظبط
اي اللي وصل الامور لكده…….”
بعد ما يقارب الساعتين خرجت معها حيثُ البوابة الخارجية حيثُ تصف السيارة الفارهة بانتظار حنين بسائقها الذي يجلس على المقعد مكانه بانتظارها….
واحمد الذي يقف بوجوم ساند ظهره على مقدمة السيارة باهمال….. حينما التقطت عيناه سمر وحنين يخرجون معاً…. شتم حنين في سره فهو يعلم انها اخبرت سمر انه معها لذلك رافقتها سمر للخارج…..
رمقته سمر بنظرة معاتبه غاضبة.. ثم عانقت حنين و ودعتها…… وبادلتها حنين العناق وهي تشير لاحمد بان يتقدم….. تقدم على مضض وهو يشتم حنين
مرة اخرى بغضب أكبر…….
“مش ناوي تسلم على اختك ولا إيه….” قالتها حنين وهي تلكزه بكلتا يداها كي تدفعه على سمر التي نظرت له بضيق وقالت بعتاب….
“طالما انت جاي معاها مدخلتش ليه تسلم عليا…”
رد أحمد باندفاع فظ…
“مش عايز اسلم على حد….”
ردت سمر بحنق وقلبها يخفق شوقاً لطفلها
الصغير…
“على اساس ان انا اللي هموت وسلم عليك….” ثم لمعة عينيها بغمامة من الدموع وهي تشير له بيدها كي يتقدم…….
“تعالى……….يا أحمد……”
تقدم منها وهو يتكأ على أسنانه ممانع الدموع كي لا تتجمع في مقلتيه لكن رغما عنه اثار دموعها ونظرتها
شعر بغصة بكاء تهدد بالافصاح عنها… بلعها وهو يجذب اخته لاحضانه ولفرق الطول بينهما ارتاحت
رأسها على صدره وبكت على قميصة بقوة.. وهي تقول بعتاب…….
“هونت عليك يا أحمد……. هونت…..”
زمجر بعتاب قاسي في احضانها وهو يقول….
“انتي اللي مبتسمعيش الكلام… عجبك اللي احنا
فيه ده…. جه عليكي باي دا كله…. وجع قلب ليكي ولينا……..ومفيش اي فايدة من الجوازة دي…نفسي
افهم استفدتي اي…… ”
مررت حنين يدها على ظهر أحمد وهي تهمس اليه بتحفظ…..
“براحه عليها يا أحمد…. ملوش لازمه الكلام بتاعك ده……..اللي حصل حصل…. ”
خرجت من احضان اخيها وهي تمسح دموعها ومسكت بذراعه قائلة بترجي طفلة ضائعة….
“ادخل يا احمد قعد معايا شويه….. بلاش تمشي
مع حنين خليك معايا شوية….”
امتنع أحمد بقلبا ملتاع حزناً وشفقة عليها….

 

 

“مش هينفع يا سمر…… امك لوحدها في البيت ومش مبطله عياط…….هروح عشان ابقى جمبها… وهطمنها عليكي…….. وحاولي تجيلنا……. ولا هو منعك….”رمقها
بنظرات قوية مستفهماً….
هزت براسها بنفي وهي تضيف…..
“اكيد هاجي يومين كده عشان الناس…..”
ابتعد عنها بعد ان ودعها وقبل مقدمة راسها
قائلاً بحنو…..
“هبقى اكلمك على التلفون…….”ابتسمت حنين واضافة بمناكفة نحوه….
“وانا كمان يا سمر……اوعي تردي على أحمد…..”
رد أحمد ببرود…
“آآه ردي على حنين هانم هي اولى برضو….”
ضربته حنين على راسه وهي تقول…..
“بطل رخامه……ويلا عشان اتاخرت على عز…..”استلقت السيارة وهي تلوح لسمر
بوداع….
رمق احمد السيارة الفارهة قبل ان يستلقي
جانبها…..قائلاً بنزق….
“اها عز…….ما العز كلو باين فعلاً…….. اطلع ياسطا لحسان اتاخرنا على عز…….”
شهقت حنين وتوسعت عينيها وهي تنظر للسائق ثم لسمر الواقفه بجوار السيارة عن بعد……ضحكت سمر تلك المرة بقوة وهي تنظر لحنين….وبرغم من حنق حنين من طيش احمد واستهتاره بالحديث إلا انها ابتسمت بوجه سمر فاخيراً رات ضحكتها قبل ان تغادر……..
ربما محن الحياة مستمرة ولا تنفذ لكن بجوار المحن
تظهر لك محبة البعض وتكتشف مع الوقت كراهية البعض الآخر…….وبعد كل محنة تتغير نظرتك
للحياة………
………………………………………………………………

دخلت الفيلا ثم صعدت على السلالم حيثُ الطابق العلوي……..
فتحت باب غرفتهما بهدوء لتجد عز الدين ينتظرها
على الفراش جالس عليه باسترخاء ممد الساقين
يلعب بسلسلة مفاتيحة بحركة مقررة بها لمحة من التشنج……. وعيناه كانتا مثبتاتان عليها بنظرة كالنمر
الغاضب الذي يود الانقضاض عليها ربما تتوهم فماذا فعلت لتحصل على كل هذا العداء…….
اغلقت الباب خلفها وتقدمت منه وهي تلقي حقيبتها الغالية على الفراش…….
“حمدال على السلامة…… جيت بدري يعني…..”
لعب اكثر في سلسلة المفاتيح التي صدح منها خشخشه مزعجة….. واثناء هذا قال بهدوء…
“انتي اللي جايه متأخر…. كُنتي فين…..”
خلعت سترتها ووقفت امامه ببادي بحمالات رفيعه بارز نصفها العلوي ومفاتنها…. هربت من عيناه وهي تقول……
“كنت عند امي… مانا قيلالك اني هروح عندها النهاردة…..”
نهض من مكانه بعصبية وهو يقترب منها واستفسر….

 

 

“يعني مروحتيش في حته تانيه….”
استدارت اليه بهيئتها المغرية الشهية وبرغم ذلك لم يتاثر بهذا الجزء بل كان غضبه يشعل صدره ويزيد سواد عيناه قساوة…… قالت حنين بتردد….
“اي لازمة الاسئله دي ياعز…. هو في ايه….”
تحكم في اعصابه قدر المستطاع وسالها….
“كنتي بتعملي إيه في فيلا ماهر المحمدي….. ومين الواد اللي كان راكب معاكي العربية ده…..”
توسعت عينيها بدهشة ورفعت حاجبها وهي تنظر له ببلاده لبرهة قبل ان تتشدق ذاهلة….
“هو شرف سواق ولا مخبر بيوصلك كل تحركاتي…”
صاح عز الدين بتجهم…
“متغيريش الموضوه و ردي على قد السؤال….”
استشاطت غضباً وهي تلوح بيدها مبتعده عنه خطوتين ببغض….
“ازاي ارد على قد السؤال… افهم ازاي….. انت بتشك فيا عشان كده مخلي السواق يبلغك بكل حته بروحها….. وطالما بتشك فيا اوي كده اتجوزتني ليه….”
هتف بقسوة مسننه….
“انتي عارفه انا اتجوزتك ليه……..”
ارجعت وجهها للخلف وكانه صفعها للتو… اقوى صفعة اخذتها في حياتها…. لِمَ تتصنع الغباء والصدمة الآن….. انها الحقيقة التي تغفل عنها دوماً…. زوجة للمتعة… اليس هذا المعنى الحرفي لعلاقتهما……. قست نظراتها وهي تخبره بنزق…..
“تمام…… وانت كمان عارف انا وفقت عليك ليه…”
لمعة عيناه بالقسوة وتوهمت بخطٍ من الحزن
اخترق نظراته الغاضبة…….ولم يصدق ان الهشه
اصبحت تقصف الجبهات وترد الصاغ صاغين..
عقب بعد افكاره تلك بسخط…..
“واضح ان اللي افتكرنا موسى طلع فرعون…..”
ردت بتحدي امام عيناه….
“تقريبا من عاشر الـ…….”
قاطعها عز الدين بصرخه قوية….
“اخرسي………” مسك ذراعها بقوة واحتدت نظراته وهو يقول بنبرة مهيبة….
“اسمعي ياحنين انا اكتر حاجة بتقفلني من الواحدة لسانها الطويلة وكدبها عليا… وانتي عملتي الاتنين
تبقي…….”
نظرت له بغضب وقالت باستهجان….
“ابقى اي طالق تمام احسن برضو طلقني وخلينا نخلص……”
عقد حاجبيه بدهشة وتابع كلامه بغضب…
“تبقي تحطي لسانك جوا بؤك وتردي على قد السؤال…….” قربها منه اكثر ورد على جملتها السابقة
“وطلاق اي اللي انتي عايزه تطلقي بعد تلات شهور من جوزنا…… انتي اتجننتي……”
لفظت من تحت اسنانها بغيظ وهي تحدج به عن قرب شديد منه…..
“تلات شهور من جوزنا…. يعني هو دا اللي منعك…”
قرب راسه منها اكثر وهو يقول بغضب وانفاسه الساخنة تضرب وجنتيها بقوة….
“انتي عارفه كويس اي اللي منعني….”
بلعت ريقها وبرغم الانفعالات التي تضرب صدرها إلا ان اضطراب عاطفي احمق احتل كيانها في المركزة الاولى…… فاقت على صوته شديد اللهجة……

 

 

” كنتي بتعملي إيه في فيلا ماهر……مين الواد اللي كان معاكي في العربية ده…. ”
افصحت عن الامر بمقت وهي تبتعد عنه بغضب…
“دا أحمد اخو سمر صاحبتي…….وروحت فيلا ماهر
عشان اقبل سمر لانها مراته……”
هتف بصوتٍ مندهش…
“صاحبتك بقت مرات ماهر المحمدي…..” ثم
استدرك الاهم وعاد غضبه يعصف مجدداً…
“وازاي مكلمتنيش وعرفتيني انك رايحلها لي خلتيني أعرف بصدفة من السواق……”
رفعت شفتيها بتشكيك….
“بصدفه ياعز…… بصدفه……”
اخبرها باستهجان….
“ايوا بصدفة اي مش مصدقة انك لم اتاخرتي حاولت اكلمك على تلفونك لقيته مقفول ولما اتصلت
بسواق بلغني انك في فيلا ماهر المحمدي… ومعاكم واحد اسمه أحمد……..” برم شفتيه وهو يحدثها
بضيق….
“شكلي إيه وانا بكلم السواق اعرف منه مراتي فين……شكلي اي وانا عامل شبه الاطرش في الزفة
ومش عارف مراتي عند ماهر بتعمل إيه… ومين
العيل اللي سحباه معاكي دا كمان…….”
اطرقت براسها بحرج وهي تمسك بين يداها هاتفها المغلق بوجوم…… قالت بحرج بدون ان ترفع عيناها عليه….
“عندك حق انا كان لازم اكلمك واستاذنك… بس الموضوع جه…… مش عارفه اجبهالك ازاي بس كان لازم اشوف سمر وطمن عليها واحمد اخوها هو اللي كان يعرف العنوان …..وكان لازم اروحلها النهاردة وشوفها باي طريقة……”
هدر بقلة صبر وهو يقلص المسافة بينهما بتشنج…
“وكان لازم انا اعرف ياهانم…….كان لازم اعرف تحركاتك احنا متفقين انك راحه عند اهلك مش
راحه تلفي على صحابك……”
رفعت عيناها وبررت….
“الموضوع جه فجأه و……”
صرخ وهو يضرب بقبضته سطح طاولة الزينة بهيجان…..
“كفاية تبرير ياحنين بتعصبيني اكتر…..”
تهشم شيءٍ أسفل يداه فنظرت لزجاجة العطر المتناثرة لاشلاء ثم ليده التي جرحت اثار
قبضته القوية…… وقع قلبها وهي تمسك يده سريعاً…….
“عز انت بتنزف……….ايدك…..”
سحب يده بقوة وهو يدفعها بعيداً عنه…..قائلاً
بتشنج هائل….
“انزف ولا أولع…..ابعدي عني السعادي ياحنين….
مش عايز اشوفك قدامي….. فاهمه…..”اغلق الباب
خلفه بقوة وانتفض جسدها على آثره…….
اغمضت عينيها وهي تجلس على المقعد بانهزام هذا اول خلاف بينهما ……..وأول مرة تراه بهذا الشكل كثور الهائج ينطح كل ما يراه أمامه……
ربما أخطأت حينما نسيت ان تخبره……يالهي ان كانت بررت الامر بنسيان كان شنقها لا محال…..ربما ردود افعالها حمقاء ومستفزة لكنها امام غضبه وبوابل الاسئلة الملحه منه تجفل ويعقد لسانها وتظل واقفه مكانها ترمقه ببلاده كتلميذة مذنبة……
مررت يدها على وجهها بحيرة وغمغمت….
“هعمل اي دلوقتي……..ايدُ بتنزف……..”
طقطق بشفتيها بغضب وقلق عليه وهي تحسم امرها وتخرج إليه…….
نزلت للأسفل وسالت الخادمة عنه فاخبرتها انه خرج
من الفيلا باكملها……عضت على شفتيها وهي تعود بادراجها للطابق العلوي…..
في المساء كانت تنتظره على احر من الجمر بدلت ملابسها بقميص نوم قصير باللون المشمش…..
عليه ارتدت روب يماثله …..

 

 

ظلت تقضم اظافرها بغضب وهي تسمع خطواته الثابته من على اعلى السلالم ثم اختفى الصوت تدريجياً وهي تسمع احد الغرف المجاورة تفتح ويغلق بابها ويختفي صوت اقدامه عند هذا
الحد…….
توسعت عينيها بصدمة وهي تقول بغير استيعاب…
“معقول…….هينام في اوضة تانيه….”
ضربة جبهتها وهي تحاول التفكير بجدية…..ثم لم تلبث إلا وخرجت من الغرفة ذاهبة إليه…..طرقت على
باب الغرفة المنشودة والتي اسفل عقب بابها كان يظهر خطٍ من الضوء مما جعلها تستنتج وجوده هنا بدون البحث في باقية الغرف…..
فتح الباب وقد كان تخلص من سترته وبدأ في فتح
أزرار قميصة الذي ظهر صدره باكمله من خلاله والذي كان قوي مشدود بصلابة مهلكة…..اسبلت جفنيها وهي تقول بخفوت…..
“ممكن اتكلم معاك شوية………”
ابتعد عن الباب واكمل خلع قميصة والقاه أرضا بأهمال وهو يلقي جسده الضخم على الفراش…..
“بس انا مش عايز اتكلم…..انا جاي تعبان من برا وعايز انام….طفي النور وقفلي الباب وراكي ومشي…….”
اغلقت الباب ووضعت يدها بخصرها وهي تنظر
له شزراً…..
“مش لم اعرف الاول انت كنت فين كل ده…..”
فتح عيناه ونظر لها في نومته قائلا…
“انتي بتحاسبيني ولا إيه……”
صممت وهي ترمقه باتهام….
“واشمعنا انت بتحاسبني……..كنت فين ياعز….”
رد عليها ببساطه….
“كنت مع واحده ارتاحتي…….”
شعرت بطعنة قوية تنغرز في صدرها وهي تساله بتيه……
“كنت مع واحده؟!………”
اوما براسه ببرود وهو يغمض عيناه….
“آآه……. شدي الباب في ايدك وانتي خرجه…..”
توسعت عيناها وذأبت الصدمة وهي تدرك انه يتلاعب به كي يغضبها ويحرق قلبها ليس إلا….
“وشد الباب ورايا ليه…. خلينا اطمن عليك الأول وشوف الهانم بسطتك ولا لا…..” اقتربت منه وجلست على حافة الفراش بعصبية وهي تتفقده نائم
باسترخاء على الفراش عاري الصدر متجاهلها
بطريقة اشعلت فتيل صبرها……
“ما ترد عليا انبسط معاها……”
ناكفها بالكلام وقال ببرود…..
“اخر انبساط……… عايزه تسمعي اي تاني…..”
تنفست بغضب وكادت ان تستسلم لغمامة البكاء مجددا لكنها ابتلعت الغصة بصعوبة وهي تزمجر…..
“بلاش الطريقة دي ياعز… انت كنت مع واحده
فعلاً…….”
نهض من مكانه وهو يقول بعصبية….
“كنت مع ناس صحابي ارتاحتي……”
نزلت دموعها وهي تزمجر بغضب…..
“اقسم بالله ما شفت واحد في بجاحتك…. هنتظر إيه من جوز الأربعة……”
قال من بين اسنانه بغضب…..
“خمسة ياحنين….. بيكي خمسة…….”

 

 

هتفت وهي تنهض بكبرياء رافعه انفها للاعلى…
“لا انا متحسبش معاهم……انا لوحدي مليش دعوة بيهم…..”
نهض من مكانه مؤكد المعلومة…..
“انتي فعلاً في حته تانيه لوحدك…..”
لوى شفتيه وهو يدرك انها اكثر أمرأه استفزته واخرجته عن شعوره… وشعر بالغضب والغيرة نحوها في فترة قصيرة…..
دخل الحمام وصفع الباب بنفس القوة….. غمغمت بعصبية بعد ان انتفضت مجدداً بسبب اسلوب الهجامين هذا…..
“يارب يقع على دماغك عشان تحرم ترزع الحاجة
كده……” ثم ادركت ما قالته فغمغمة بخوف….
“بعد الشر عليه……”
استلقت على الفراش بانتظاره….. ماذا تفعلي ياحنين بعد حديثه وتبجحه تنتظري…. بجح وقح اكثر رجل قابلته متباهي بعلاقته مع النساء ووقح ولا يخشى شيءٍ ولا يهتم لاجل شيءٍ… وبارد اعوذ بالله انهُ ثلاجة متحركة…….. لكنه اوقات يكن شعلة موقدة حينما…..
عضت على شفتيها وزحفت الحمرة لوجنتيها…..
وتوقفت الأفكار بعد الانحراف لتلك النقطة….
بعد برهة خرج عز الدين وهو يجفف وجهه وشعره
مزال عاري الصدر يرتدي بنطال البذلة….. رفع عيناه
العسلية عليها وسالها مستنكراً….
“انتي ناويه تنامي هنا ولا إيه…..”
نهضت من جلستها وخلعت مئزرها وهي تقول
ببرود واغواء……
“حاجة زي كده عندك مانع……..”
ظهر قدّها الممشوق وبرزت مفاتنها الناعمة من خلال قميصها القصير الذي اظهر بياض بشرتها وجمالها باغواء…….
استلقت على الفراش وهي تسحب الغطاء بتمهل وخبث…….وقالت باستفزاز يشعله…وللاسف
يعجبه قليلاً ؟!….
“طفي النور ياعز….. ولو عايز تنام في الاوضة بتاعتنا روح…….. بصراحة انا عجبتني الاوضة دي وهنام فيها شكلها مريحه…. تصبح على خير يازيزو…..”
عض على شفتيه وهو يطفئ النور ودار حول

 

 

الفراش من الناحية الأخرى وهو يقول بغيظ….
“انا شايف ان انتي اللي تروحي الاوضة التانيه… انا جيت هنا الأول……”
في الظلام الكاحل قالت بمكر….
“اي شغل العيال دا يازيزو…….. ما كلها اوض….”
رد بحنق وهو ينظر للسقف وسط الظلام
العميم…..
“قولي لنفسك الكلام ده…… وبعدين انا اسمي
عز ماشي……”
اغاظته وهي تمرر يدها على صدره العاري
بعبث….
“الله واي يعني لم ادلعك هو انت مش جوزي…..”
ابعد يدها وهو يقول بغضب وعتاب….
“الموضوع مش هيعدي كده ياحنين……”
اقتربت منه ووضعت راسها على صدره العاري النابض بقوة وهي تراضيه بقلب بات لا يهوى إلا احضانه….
“امال إزاي هيخلص……..”
تحشرج صوته وتاثر من قربها فقال بغيظ…..
“اول وأخر مرة تروحي في حته من غير ما تقوليلي حتى لو كان في اي بالذي…. لازم اكون عارف…. سامعه….” صفعها على كتفها العاري الطري….
تاوهت وهي تقول بحنق…..
“ايدك ياعز تقيلة حرام عليك…….”
مسك حفنة من شعرها برفق لأجل ان يقربها منه
وزمجر بغضب وهو يشعر ان جسده باكمله يشتعل من قربها…. لماذا معها يشعر انهُ لم يلمس ولم يقترب ولم يشبع رغباته من اجساد جنسها يوماً ؟!..
“ردي عليا ياحنين اول وآخر مرة…..سامعه….”
انفاسه الساخنة داعبت صفحة وجهها بقوة فحاولت
استفزازه بـ…..
“افكر………”
“حنين……..”ناداها بقوة فقالت برضوخ…
“خلاص اخر مرة…….”
سمعت صوته يعصف وسط عتمة الظلام….
“واخر مرة تجيبي سيرة الطلاق…….”
لاح الاندهاش على وجهها وهي تسأله بغرابة…
“بس انت قولت قبل كـ…….”
شعرت بشفتيه تخترق شفتيها فتوقف الكلام
بحلقها وهي تبادله بحياء واشتياق….غرزت
اصابعها بشعره وهي تشعر بثقل جسده على جسدها وشفتيه الدافئة المتسلطه تسير على كل جزء من قسمات وجهها ثم تهبط لجيدها كي تتذوق حلاوة
انوثتها وتعلو شفتيه مجددا لشفتيها ممتص كل
اعتراض تود اخراجه…….
جولة بعد جولة كان يرتشف بجنون كل شيءٍ بها
كان عنيف معها اليوم وكانه مزال غاضب منها ويفصح عن غضبه في قبلاته ولمساته وعناقة القويّ…وهي قاومة نوبة غضبه بقدر المستطاع

 

 

فهي من اتت إليه وعليها الصبر الان ان كانت تود انهاء خصامهما اليوم قبل شروق الشمس……
ارتاحت على صدره وجبهتها تقطر بقطرات العرق
وانفاسها تعلو وتهبط بسرعة وكانها أتت من سباق
جري…….وهو كذلك كانت انفاسة متحشرجه عالية وقد استنزف كل طاقته في احضانها ونعم براحة
حينما تمتع بقربها واستنشق كل جزءاً بها
بنهم غير متناهي……
ضمها عز الدين لاحضانه ومسك يدها وطبع قبلة بداخل كفها بصمت…… اغمضت عينيها وتمرغت
براسها على صدره وهي تقول ببحة خافته…
“لسه زعلان…….”
هز راسه بنفي وهو يضمها اكثر….
“لا…….. متزعليش مني ياحنين… انا قلقت عليكي لما لقيت تلفونك مقفول ولما عرفت من السواق انك في
فيلا ماهر……….. نزلت جري عشان اروحلك…. بس السواق اتصل وقالي انكم جايين في السكة…. قعدت واستنيتك….. وسبحان من صبرني على النص ساعة دي……..”
سالته حنين ببلاده….
“عز هو انت بتشك فيا…..”
اخبرها بحزم…..
“اي الهبل ده….. لو بشك فيكي هتجوزك ليه…..
انا خوفت عليكي وقلقت خصوصاً اني معرفش
انتي عند ماهر بتعملي إيه……”
اخبرته مجدداً بخفوت…..
“انا كنت راحه اشوف سمر…. لانها متجوزه ماهر من كام يوم بس…….”
اوما براسه وهو يمرر يده على ذراعها قائلا….
“بلاش تزوري صاحبتك في بيتها تاني… قبليها في النادي او عندنا هنا…. بلاش تدخلي بيوت حد.. اتفقنا…….”
سالته بحيرة…..
“طب ليه……”
حدثها بتصميم وحزم….
“اسمعي الكلام ياحنين وريحيني من غير ما تجدليني………..انا عايز كده…..”
لمعة ابتسامتها في الظلام وهي تقول بتنهيدة لئيمة…..
“شكلك بتغير…….”
قال عز الدين باختصار فاتر…..

 

 

“اكيد بغير مش مراتي لازم اغير عليكي….”
زمجرت حنين باستنكار بعد
جملته….
“آآه وكنت بتغير عليهم كلهم كده صح…”
رد عز الدين ببساطة…..
“أيوا…… طبيعي مش كانوا شايلين اسمي…..”
حاولت الخروج من بين احضانه ولكنه كبلها بقوة فقالت بحنق…..
“ابعد عني ياعز……. اقسم بالله ما شفت في بجحاتك……..”
حذرها باختصار…
“لسانك ياحنين……… لسانك…..”
هتفت بتشنج…..
“وانت بتعمل اي دلوقتي…..”
وبخها عز الدين بعتاب….
“وانتي بتسألي ليه عنهم ….مفيش غيرك معايا…. كلامك دا بيحسسني اني مقعد كل واحده فيكم
في اوضة…..”
مطت شفتيها بامتعاض معقبة….
“والله دا اللي نقص فعلاً……”
ضحك عز الدين ساخراً وهو يقول….
“تقريباً هتتفقه مع بعض وتقتلوني…..احتمال
مدبوح او مسموم…….”
لفظت بعفوية…
“بعد الشر عليك……”
ضمها بعاطفة قوية الى صدره وهو يتأوه بالوعة
من ما تفعله تلك المرأة به…..
“آآه ياحنين…. لو تسمعي الكلام بس شوية.. وتبطلي تفتحي في القديم هتبقي زي الفل….”
عاتبته بحماقة وغيرة تشتبك
بوجدانها……
“محدش قالك اتجوز أربعة……”
ابتسم وهو يستشعر غيرتها وتفهم الامر فقال…
“انا حاسس انك بتعيريني……. مانا لو كنت قابلتك في الأول اكيد كنت هستكفى بيكي….”
“بجد ياعز…..”سالته بتشكيك…….
قال وهو يمشط شعرها باصابعه…..
“بجد ياعيوني……..”
مررت يدها على يده المصابه الملتفه بالشاش
الطبي فسالته برفق…..
“اتعورت جامد……”
زم شفتيه وابتزها عاطفياً….
“يعني تعويره بسيطة……… كله بسببك….”
مسكت يده المصابه وقبلتها وهي تقول بحنو…
“معلش………..حقك عليا…. ”
ضمها اليه بصمت ودفن انفه بشعرها مستنشق اكبر قدر من عطر الياسمين المنعش…….ثم اغمض عيناه
وهي معه…….لن تنسى اول شجار بعد الزواج انه
يحمل مذاق آخر غير اي شجار حدث قبل زواجهما
او حتى سيحدث بعده…انه سيبقى بمكان خاص بقلبها واكيد بداخل قلبه……..
………………………………………………………….

 

 

كانت جالسة مع ماهر تشاركه وجبة الغذاء بشهية مفقودة وشعور الاشمئزاز والانقباض طاغي عليها
بوجوده……
قلبت في المعلقة بوجوم وهي تنظر لكم الاصناف المعدة خصيصا على شرفها….. كي يرضيها ويقترب منها كما اخبرته……. وكان تلك الوليمة ستحبس
الالم وتنسى معها أفعاله الدنيئة…..
لماذا يراودها شعور بتقيؤ كلما غزة رائحة عطرة القوي الغالي انفها فزاد الانقباض والنفور بداخلها…..
“مش بتاكلي ليه ياسنيوريتا…..”
رفعت عينيها ورمقته بصمت بارد ثم قالت على مضض كي تتقي شره قدر المستطاع….
“بأكل……” قالتها وهي تدس قطعة بسيطة من اللحم بفمها…….. سمعته يقول بنبرة قوية اضطرب جسدها على اثارها…..
“صحيح نسيت اقولك ان بعد شهر بظبط… هاخدك ونسافر برا مصر نقضي شهر العسل في اي حته
في اروبا….”
وقفت اللقمة في حلقة ، سعلت بقوة وهي تختنق فعلياً وليس مجرد شعور بات مسيطر عليها في الاونة الأخيرة……… مسكت الكوب بجوارها ودفعته
بداخل فمها بقوة تحت انظاره السوداوية التي تحاط
بها بشرٍ……. وضعت الكوب ورفعت عينيها عليه ثم بادرت بهدوء جامد…….
“انا مش مستعده اسيب مصر دلوقتي……انا بصراحة مبحبش السفر…….”
تكذب….والله تكذب فمن الحمقاء التي ترفض سفرية ترفيهيّة كتلك…….ماهر يغريها بكل الطرق وهي تعلم ذلك لذلك تمقت افعالة واي ذرة غادرة تستجيب لهذا الاغواء….فلن يفلح الامر بداخلها لا بالمال ولا السفريات…..لن يبدد اي شيءٍ حزنها وخسارتها مهم كان ثمين ورائع……. لن يبدد…………أبداً…………
رمقها ماهر باستهجان قائلاً بنزق….
“حد يرفض سفرية زي دي……. معقول ياسنيوريتا…..بترفسي النعمة برجلك……”
ردت سمر بجدية اكبر وهي تتحاشى النظر
نحوه فهو بات اكره شيءٍ تراه وتتعامل معه…..
“انا حبى اعيش هنا مش عايزه ابعد عن اهلي وبلدي…….”
رد ماهر بتملق وهو يرمقها بنظرات جائعة متوعدة
لها…..
“مين قالك ان احنا هنهاجر….شهر وهنرجع……نقضي مع بعد وقت لطيف ونقرب اكتر من بعض….”تلامس
كتفها باصابع يده الناعمة من كثرة الثراء والراحة…
ابعدت سمر ذراعها في لحظة وكأن ماس كهربائي لمسها……رمقته بغضب وقالت بحنق……
“هو احنا اتفقنا على إيه….مش قولتلك اديني مساحتي لحد ما تعود على الوضع……”
نظر لملابسها المحتشمة بحنق وزاد حنقه مع
جملتها فقال بضيق…..
“هو انتي مش ناويه تغيري طريقة لبسك قدامي وتاخدي راحتك اكتر……..”
رمقت سمر ملابسها التي كانت عبارة عن طاقم بيتي انيق محتشم وفي ذات الوقت يبرز قدّها بجمالاً شرس يجذبه رغم….. رغم الاحتشام المغيظ له….
قالت سمر بضيق وهي تنهض من مكانها….
“لم اخد عليك الأول…. ابقى اشوف موضوع اللبس ده……..”
عصف صوت ماهر من خلف ظهرها…. وقفت مكانها وهي تسمع…
“كل واحد وليه طاقة ياسمر….متفكريش اني هسكت كتير……..انا معملتش دا كله عشان في الاخر اعيش معاكي كده…….اسمعي هو شهر وهنسافر وهناك هاخد اللي انا عايزه حتى لو غصب عنك……. ”
اتجهت للخارج وهي تشعر ان التابوت يخنقها بالفعل يا رب….متى ينتهي هذا الكابوس وياتي الخلاص من عندك……….
كانت ستخبط في احدهم في سيرها لكنها انتبهت في اخر لحظة ورات ابغض وجه ممكن ان تراه
بعد ماهر(تامر)زميلها في العمل القديم صالة التجميل
التي كانت تعمل بها عند رزان…….(تامر)الحقود الذي لا يحبها ولا يحب الخير لها بسبب انها استولت
بمهارة على مقعده وأصبحت تُطلب بالاسم على لسان
اغنى السيدات….. واكثراهما كرم في الاكراميات….

 

 

نظرت له شزراً وهي توزع نظراتها عليه ثم خلفها حيثُ يقف ماهر الذي خرجه للتو خلفها…….قالت
بقرف نحو تامر…..
“اي ده معقول سبت رزان وبقيت بتشتغل مع ماهر على المكشوف…..هو شغل العصافير مبقاش بيجيب
همه ولا إيه…..ولا حبيت توسع رزقك اكتر فقولت تشتغل مع الإتنين…اهو تنقل الكلام على قد ما تقدر……..زي المرا اللي قعده على المسطبه
تنم على رايح والجاي……”
بلع تامر ريقه بتوجس من هجومها الشرس عليه
فقال باحترام امام رب عمله…..
“مبسوط اني قبلتك ياهانم……… الف مبروك…..”
صاحت بتهكم وهي تستعد للهجوم عليه…..
“هانم ؟! يانغه….تكنش مفكر الفيلا والهدمتين
دول هيخلوني هانم لا يالا فوق انا جبتها من تحت اوي……..”مسكته بشر من مقدمة قميصة المزركش الملون بألوان متعبة للاعصاب والعين كذلك……
صاح تامر برعب ولؤم كذلك….
“في إيه……….هو انا عملت إيه……..”
هجمت عليه سمر وبدات بضربه بقوة وافرغت
غضبها كله عليه وهي تصيح بغيظ وغضب….
“آآه اعمل بريء…..انا دلوقتي عرفت مين اللي بيوصله اخباري ايام ما كنت شغاله في البيوتي
سنتر……كنت شكه ساعتها فيك بس كنت مفكرة انك عصفورة على رزان مش عليا…….يافتان ياجعر..
ياكلب القرش….تبيع ابوك عشان الجنيه…..تبيع إيه دا انت امك ماتت بسببك ياخصيص….بعد ما رمتها في دار مسنين….. يابن الـ…….”
“سمر……” صاح ماهر وهو يتقدم منها…
صرخت في وجهه بعصبية وهي تقول بغضب….
“ابعد عني ومتقربليش اياك تلمسني…… ابعااااد…….”
حاول ماهر وضع جسده حائلاً بينهما حتى تتوقف سمر عن بطش ولكم تامر الذي كان بين يداها كالكتكوت المبلل…..لا حول له ولا قوة…….
صاح ماهر بغضب منها فهو لا يعرف ماهذا
الجنون الذي يعتريها الآن…..
“اطلعي على فوق دلوقتي……… اطلعي……”
زمجرت وهي تحاول سبه……
“مش قبل ماخد حقي منكم…. ياولاد الـ……” كتم ماهر فمها ونادى احد حراسه كي يحملها على كتفه
كشوال بطاطس وهي تضرب بقدميها وتصرخ بعنف وجنون انتابها………
“ياعرة الرجاله… ياندال…… كلكم اندال….. اندال….”
وضعها الرجل على الفراش وخرج مغلق الباب خلفه
قذفت ما بفمها على الباب وهي تتمتم بغضب…..
“ياولاد الكلب……عاملي فيها راجل وسايب الحيطه ده يشلني كده………..فينك يابراهيم…….فينك…..”
نزلت دموعها بحسرة وغضب وهي تشعر بوخزة تحتل صدرها وتزيد انتشار متعب…..متى سينتهي الوجع وتترك الامواج تدفعها كي تغرق وتنتهي…لماذا تتمسك بنجاه وهي لا تعرف كيف تسبح حتى
تخرج لضفة البحر وتنجو……

 

 

سحبتها غمامة كئيبة من الدموع مجدداً استسلمت إليها وهي تنكمش على نفسها بحزن…ثم بعد برهة من التعب مسكت هاتفها واصبحت تقلب في الصور
بوجوم…..توقفت عند احد الصور فزادت البسمة
وجع عميق وهي تقلب في اخرى وآخرى تحمل
نفس طلته الرجولية ووسامته الشامخه ككل شيءٍ به…..
ابتسمت وسط دموعها وهي تتذكر احد الأيام
حينما كانت تنزل صباحاً وترجع ليلاً وهي تحمل الاكياس الكثيرة بين يداها الخاصة بجهازها من ضمنهم او اكثريتهم ملابس العروس التي كانت تنتقيها بعناية أليه…….كم كانت وقحة في هذا اليوم الذي اتى كي يصطحبها للعودة بعد ان ابلغته في الهاتف انها اليوم
تشتري وحدها بعض الاشياء……..والتي كانت تظن انها ثلاثه او اربع اكياس فقط….. ولكنها تفاجأت بعد التسوق المهلك انها انتقت كمية كبيرة من الملابس وزادت الاكياس بشكلاً ملاحظ……
رفعت حاجبيها حينها وهي تراه يخرج من سيارة
أجرة……سالته بغرابة
(فين المكنة يابراهيم وبتاع مين التاكسي دا..)
رد وهو يبرم شفتيه ناظراً للاكياس المحاطه بها
ثم لعينيها الحبيبتان…..
(التاكسي بتاع واحد صاحبي…. وبذمتك يعني المكنة تنفع مع السوق اللي انتي عملاه حوليكي ده…..اي دا كله ياسمر….انتي بتفتري…)
ساعدته في وضع الاكياس في المقعد الخلفي
وهي تقول بعتاب ناعم…
(آلله……هدومي يابراهيم بلاش اشتري هدومي يعني…..)
ناكفها ابراهيم بمشاكسة وهو يتعمق بنظر
لعيناها….
(فهمني ياشبح انت ناوي تستولى على الدولاب كله
وترمي هدومي في دولاب الاطفال ولا إيه….)
ردت سمر بنبرة سوداوية ممازحه إياه…..
(لا طبعاً دولاب الاطفال ده للمفارش…انا هحط هدومك في كيسه سوده تحت السرير……)
رد بطريقة مسرحية مهددة…..
(ولي الكرم دا كله خليهم عند امي احسن…..)
ضيقت عينيها بلؤم وهي تقول….
(والله فكره اهو بلاش جواز خالص… انا قولت من الاول نفركش……)
قال بتملكه الجميل نحوها….
(بعينك ياشبح بعينك…….دا كلها ايام وتبقي في حضني…….تحت السرير بقه فوق السرير المهم انك هتبقي في حضني………)
اغلقت الباب الخلفي واستلقت بجوار السائق وهو
سبقها و احتل مقعد القيادة…..ردت عليه سمر بمراوغة جميلة…
(عليك رومانسيه يابن عم راضي توقف القلب….)
هتف ابراهيم بمحبة…..
(بعد الشر على قلبك ياست البنات…..) ثم نظر في المرآة الامامية واستدرك بوقاحة…
(قوليلي الهدوم دي داخلي ولا خارجي……)
ردت عليه بسماجة…..
(لم نتجوز هتعرف…….)
اخبرها بخبث وهو ينطلق بسيارة….
(لا نعرف دلوقتي ولم نتجوز اشوفهم عليكي….)
زمجرت فيه بعتاب كي تحفظ ماء وجهها فقط

 

 

أمامه !……
(اتلم……..يابراهيم….انت أصلا من ساعت ما الفرح قرب وانت بقيت بتقول كلام ميصحش…..)
القى عليها نظر خبيثه واسترد باختصار شديد….
(طبيعي ماهو قرب بقا…ولازم تحاولي تاخدي عليا على قد ما تقدري بذات في الحاجات دي…..)
(والله…….)رفعت حاجبها بشراسة كقطة تتاهب للهجوم على صاحبها……
اوما وهو يتابع بقلة حياء…..
(والله ياشبح…….قوليلي بقا كترتي من القصيرين…..)
شهقت وهي تنظر للنافذة المجاوة وحمرة وجنتيها فقال ابراهيم بمكر…..
(طالما وشك احمر تبقي كترتي….جدعه….فهماني….)
فلتت الضحكة من ثغرها ولم ترد عليه…فحاولت
تغير الموضوع وهي تقول…..
(على فكرة دي هدوم بيتي….وكام تحفة كده عجبوني للشقة مش اكتر……..الحاجات التانيه دي
انا جبتها امبارح….)
ضرب على عجلة القيادة بتاثر حزين وهو يقول ببراءة….
(ياخسارة مقولتليش ليه كنت جيت معاكي……)
رمقته باستفهام….
(تيجي تعمل إيه……)
رمقها بمراوغة ثم عادت عيناه للطريق مجدداً
وافصح بوقاحة…..
(انقي معاك ياشيح هو انت مش هتلبسهم ليا ولا إيه……..مش لازم يكونوا عجبني……)
ردت بهدوء…محاولة بعدها تغير الموضوع….
(اكيد هيعجبوك طالما عجبوني…….صحيح يابراهيم انت اتفقت مع العربيات اللي هتحمل العفش عايزين نلف فيه في الحارة كلها………)
ناكفها بشقاوة محببه لقلبها…..
(اتفقت معاهم متقلقيش…..مبروك عليكي انا ياست البنات……)
ابتسمت له ابتسامة تقطر عسلا على قلبه وهي
تقول برقة….
(طبعاً مبروك عليا……ابراهيم راضي بحاله هيكون
ليا لوحدي………)
تعانقت العيون للحظات فهمس ابراهيم وقتها بصعوبة……
(بلاش البصة دي عشان اقسم بالله انا بفكر اطلع بيكي على المأذون دلوقتي……)
ضحكت سمر بملء شدقيها وهي تشيح عينيها عنه بصعوبة………لتمر اللحظات وتجده في لحظة اوقف فرامل السيارة بسرعة ولفظ سب بذيء من بين انفاسه الغاضبة…..رفعت سمر عينيها لترى السيارة التي وقفت امامهما في طريق في لمح البصر والتي اسرعت بعدها بقوة وكانها لم تتسبب بفوضى
خلفها….
حمد الله ان السيارة بخير لكنه نظر للأسفل حيثُ المقعد الخلفي ليجد بعضاً من الاكياس وقعت أرضا اثار وقفته المفاجئه…….
مالى على الاكياس في جلسته ورفعها…انتبه لقطعه
براقة حمراء اللون يظهر جزاءاً منها من احد الاكياس…
انتابه الفضول وهو يحاول رؤية هذا الشيء بدون
ان يرفعه كي لا تلاحظ سمر التي تنظر له قائلة بقلق….
(ابراهيم هي الكياس وقعت ولا إيه……)
رد بعبث….
(لا دول كستين تلاته استني هلمهم……)
اهتزت حدقتيها وهي تحاول ازاحته كي
تلملم اشياءها……
(خليك انت انا هلمهم……)

 

 

صاح وهو منحني الرأس بالخلف يسد الطريق بجسده الضخم وهو يرمق الملابس بخبث…..
(والله أبداً……توطي وضهرك يوجعك خليكي انا عايزك سليمه يوم الفرح…..شكلك هتتعبي اوي
معانا ياست سمية جمال ولا نقول يالوسي…..)
شهقت وهي تترجم كلماته لتقفز عن المقعد وتنظر من خلال ظهر المقعد بوجها أحمر حرج وغضب كذلك منه…….
رفع ابراهيم عيناه عليها وغمز لها بعبث وهو يرفع بذلة الرقص قليلاً حتى لا يراها احد…..
(اقسم بالله طلعتي فهماني اكتر من نفسي…اي دا ياشبح……انت ناوي تعمل فيا اي بظبط….مش عيب كده…….بدلة رقص….وحمرة كمان…… دا احنا ليلتنا عناب…….)
انتفخت اوداجها وهي تمسك الكيسة وتضمها لصدرها ثم جلست على المقعد وقالت بغباء….
(دي مش بتاعتي…….دي بتاعت واحده صاحبتي…..)
هز راسه بتفهم وهو يقول بخبث…..
(آآه عارف الفيلم ده…….فرحها قرب برضو وجيباها لجوزها مش كده….)
كبحت ضحكتها وهي تضع يدها على فمها
بخجل…
ضرب على عجلة القيادة قبل ان ينطلق ثم قال بتوعد ذكوري لذيذ………..
(اقسم بالله كل اللي عملتيه فيا هيطلع عليكي ياسمر………وحيات الترتر الاحمر ده…..هتشوفي
هعمل ايه…….)
نزلت دموعها وهي تعود من ذكرياتها على صوت طرقات الباب من الخادمة….صرخت سمر وهي
تلقي نفسها على الفراش وتنتحب بقوة….
“مش عايزه اشوف حد ابعده عني…..ابعده عني……تعبت………تعبت بقا…..”
……………………………………………………………..
دخل من باب الشقه مهموم….. يجر خيبته معه…..
اكثر من أسبوع يبحث عن عمل في كل مكان ولا
أحد يرضى بتعينه….البعض يكشف على بطاقته
الشخصية ويظهر عبر الحاسوب القضية التي
لفقت له…… مزالت مثبته عليه وستاخذ بعضاً
من الوقت لدى الحكومة حتى تُزال……وبالتالي
يرفض صاحب العمل توظيفة فهو واجهة غير
مشرفة أبداً للمكان وأيضاً تحت الشبهات…..
وبعض الأعمال الآخرى تتطلب شهادة جامعية
وغيرها يتطلب خبرة مسبقة في الاعمال
اليدويه…..
وبرغم الاختلافات من ذاك لذلك النتيجة واحده رفض…….أصبح عاطل بكل معنى الكلمة…..
لا يعرف شيء إلا القياده والانطلاق بسيارة على
الطريق السريع………
اعتصر عيناه بتعب وهو يلقي جسده على اقرب اريكه قابلته……وجلسه جلسه كئيبة تحكي عن
ضياع وفشل بات يحيط به…..
خرجت والدته من المطبخ وهي تنظر إليه
بحزن وشفقه وسألته……
“مالك يابراهيم…..ملقتش شغل برضو……”
اوما لها بوجوم….تقدمت منه وجلست بجواره قائلة

 

 

بعطف الأم…..
“ولا يهمك ياحبيبي….مصيرها تفرج ربك كبير واكيد الخير جاي….بس اصبر……”
تمتم ابراهيم وهو ينظر للسقف بشجن…..
“صابر ياماا……………والله صابر…….”
حاولت نوال التخفيف عنه…..
“والله ربنا هيجزيك خير….بالك انت ان المحن دي مش بتعلم…….المحن دي خير رغم قسوتها بس خير………..انا مبعرفش اذوق الكلام…وعلى قدي
لكن انا عارفه ان ربك رب قلوب ومصيره يزيح
عن قلبك الهم والحزن ويبدلهم فرحه وخير
وبكره تقول امي قالت…….”ربتت على ركبته
بتشجيع وحنان……
لمعة عينا ابراهيم ومسك يدها وقبلها وهو يقول بمحبة…….
“ربنا يخليك ليا ياحاجه…….ويطول في عمرك يابركة حياتي انتي…….”
ترقرقت الدموع في عينا نوال وهي تربت على وجنته بحنان……
“ويخليك ليا يانور عيني….ورجع اشوف ضحكتك ومنغشتك ليا تاني…….”مسحت دموعها وهي تضيف…
“التلات شهور دول غيروك اوي يابراهيم…..مبقتش زي الأول…..”
قبل يدها مجددا معتذر منها بعيون تقطر
مرارة الظلم……
“غصب عني…………غصب عني ياحاجه…..”
نزلت دموع والدته وهي تقول بعطف….
“عارفه…..عارفه ياضنايا……بس اوعدني انك مش هتفضل كده اوعدني يابني انك هتنسى وتكمل حياتك……….انسى اللي حصلك وانساها….الله
يسامحها دخلتك بينهم وانت اللي رحت في
الرجلين……”
انتبه ابراهيم اليها اكثر ورفع عيناه عليها بقوة….وبعد تلك النظرة التي راتها نوال بوضوح تابعت بعتاب…
“بتبصلي كدا ليه….ما كل حاجة واضحه من اول المحامي الكبير اللي وكلته ليك لغاية جوازها
في نفس اليوم اللي خرجت فيه…….واضحه يابني
انها وفقتك على الخطوبة بس عشان تحرق دم الرجل الشراني ده يقوم يغير عليها ويتجوزها
وانت تروح في الرجلين…….”
لم ينفعل ابراهيم ولم يبدي اي دفاع عن سمر كل
ما قاله امام عينا امه الغاضبة سؤال وجيهاً….
“ولو كلامك صح…..خرجتني ليه من السجن ما
كانت سابتني…..مانا كدا كده كنت الكوبري اللي هتعدي عليه عشان توصل للي في دماغها…… ”
صمتت نوال وهي تحاول التفكير بجدية فكلما وصلت عند تلك النقطة تجد قصتها وهمية
نسيج من خيالها الباطن وقلبها الغاضب على سمر
بعد زواجها من الرجل الثري…….هتفت نوال بسرعة …..
“اكيد قالت تخرجك من ضيقتك عشان محدش يعيب عليها من اهل الحارة……”
لوى ابراهيم شفتيه بابتسامة باهته وهو يقبل قمة راس امه ويخرج من الشقة….سالته نوال بسرعة قبل ان يخرج…..
“رايح فين يابراهيم………”
رد قبل ان يغلق الباب خلفه……
“نسيت حاجة في شقتي هجبها ونازل…..”
صعد للطابق العلوي حيثُ شقة انيق بألوان راقية
قد تم انتقاءها بذوق رفيع مميز كصاحبته…حتى ديكورها كان غاية في الفخامة…من يراها لا يصدق ان تلك الشقة بقلب حي شعبي…مساحتها مذهلة ومقسمة بذكاء وكذلك مظهرها انيق من الداخل والفرش الثمين المرصوص بها بعناية ينتظر البشر للعيش به…….

 

 

ابتسم شبه ابتسامة وهو يرى شقتهما براقة تغويك
كي تبقى بها ولا ترحل……
أغلق الباب جيداً ووضع المفتاح بجيبه…. المفتاح
نسخة منه معه والاخرى معها… بعد ان فرشة وجهزت الشقة ليوم الزفاف ترك نسخة المفتاح معها وضعه بسلسلة مفاتيح انيقة تحمل اسمه واسمها على شكل قلب صغير مصنوع من الخشب……. كانت سلسلة المفاتيح غاية في الجمال والرقة تليك بها…. برغم
من انها بعيدة عن الرقة……… فهي القطة الشرسة خاصته….
شعر بمخالب تنغرز بقلبه فوضع يده على صدره وهو يذكر نفسه انها رحلت ولم يبقى منها إلا ذكريات
جمعت بينهما……
المؤلم حقاً ان كل ما تركته بقلبه كان عبارة عن عشق ومشاعر عاطفية تقربهما…… كيف يكرهها ويحتقرها
وهو يحمل بقلبه عشقاً غير متناهي نحوها….. لا
ينقص بداخله بل يزيد حتى في غمرة عذابة
وغضبه منها يظل على العهد عاشق مولاته……
نظر للفرش مجددا ولاح السؤال في عقله…
لماذا لم تاتي لتاخذه او تطلبه حتى….هل هذا
تعويضاً عن البعد والهجر حبيبتي….وهل تلك
الاشياء ستعوضني عنكِ …وحتى مال العالم لا يساوي شيءٍ امام نظره من عيناكِ السوداوين البراقتين حبيبتين لقلبي مهم ابتعدتا عني
ستظل أجمل ما رأت عيناي……..
انت تعذب نفسك……
فاق عليها وهو يحاول نفض هذا الانهزام كي يخرج من هنا…….. لا يجب ان يدخل تلك الشقة حتى لا يعاني اكثر يكفي معاناته وصراعته مع نفسه طوال هذا الأسبوع الذي مر كالسنوات الطويلة عليه… وفي كل ليلة يخلد بها للنوم يتساءل هل هي بين احضانه الآن هل يحدث بينهما ماكان يتمنى حدوثه معها وهي زوجته….. هل حقاً سُلب حقه منه وقد
باعت الحب وتابعت سيرها…….. وكانها كانت
ضيفة في حياته عندما وجدت ضالتها ودعته
ورحلت للأبد……
شعر ان راسه سينفجر خرج سريعاً من الشقة واغلق الباب جيداً… ثم هبط على السلالم واستقلى الدراجة البخاريّه وانطلق نحو النيل العذب ربما يجد السكينة
بين عذوبة المياة….. ويخمد نيرانه مع رياح الليل الباردة………
عند نهر النيل وبنفس المكان الذي كانا يجلسان
به كان يجلس ينظر للبعيد بشرود كئيب وكان الحياة
وقفت وانتهت بعدها وبات كل شيءٍ مُر وأسود….
شعور مُر وسيء لا يتمنى ان يجربه أحد…شعور الفراق وآه من انواع الفراق خصوصاً ان كان القلب يهوى بدون هوادة……….لا يرحمك ولا يرحم من
أحببت………تظل غمرة عشقك بقلبك لا تزيل حتى الأبد………
صدح هاتفه برقم غير مسجل…..فتح الخط
ونظر امامه منتظر مباردة المتصل أولاً….

 

 

بالفعل اتى سريعاً صوت وقور لسيدة
انيقة…..
“الو……….الاسطى ابراهيم راضي…..”
عقد حاجبيه وتنحنح وهو يقول بنبرة
عادية…
“ايوا ابراهيم راضي مين معايا….”
اتى صوتها المتعالي الوقور كذلك……
“معاك المدام راندا حرم راجح العراقي دكتور
(….) المعروف….”
لم يفهم ما تلك المقدمة السخيفة المتعالية فهو لا يريد الا معرفة ماذا تريد منه…..
“تشرفنا يامدام اي خدمة…….”
تحدثت السيدة بهدوء…..
“بصراحة انا كنت محتاجه سواق خاصة ليا وبصراحه في ناس ولاد حلال دلوني عليك….”
لمعة عيناه بومض مخيف وهو يسالها وبين اصابعه السجارة ينفث بها بغضب مكبوت….
“ناس مين…….”
ردت السيدة بغرابة فقد ظنت ان الرد سيكون
لهفة عن العمل معها……
“ناس وخلاص هو انت مش عايز تشتغل ولا إيه….”
حاول التريث لبرهة ثم قال برزانه اتت بمعجزة
وسط تشنج انفاسه واحتراق صدره…..
“لا مش عايز اشتغل….ممكن اعرف مين اللي كلمك…”
ردت السيدة بغرابة أكبر….
“هو محبش يقول اسمه…..”
عدل الكلمة سريعاً بحنق….
“قصدك هي…..مش كده…..ممكن اعرف اسمها….”
ردت السيدة بغباء….وقد ظنت ان هناك الكثيرات ممن يودون مساعدته شفقة على حاله…….
“مش هينفع هي محلفاني……”
ابتسم ابراهيم بقسوة وقد وصل لضالته بعد تلك الجملة فتمتم للسيدة بنبرة مبمهة……
“تمام………….شكراً……”
اغلق الخط وهو ينظر امامه بغضب….هي…من غيرها
سيفعل هذا…….تستخدم ماهر كي تخرجه من السجن وتستخدم زبائنها الأثرياء كي يجدوا عملاً له……
هل هو عاجز لتلك الدرجة امامها…..هل هو طفلا سيضيع ان تركته……
يكفي ياسمر…… لماذا لا تبقي مع من فضل عليا…
لماذا لا تبقي في احضانه وتتركيني وشاني….
يكفي يابنت الناس والله تعبت منكِ ومن عشقك
والله تعبت…….
يجب ان أضع لكِ حد كي تبقي في ساحتكِ وتتركيني لساحتي الخاصة التي هجرتِ اياها
بملء أرادتك….
…………………………………………………………….
قبل تلك الايام…..
اجرت سمر اتصال بحبيبة….كالعادة كي تطمئن على إبراهيم…..اخبرتها حبيبة ببعض الأشياء التي لا تسر
أبداً…عن ضيق حالة وعصبيته الزائدة…وانه يخرج
كل يوم يبحث عن عمل ويعود بيدي فارغة منهزم مكتئب كاره الحياة وما فيها……..اخبرتها حبيبة
انهُ تحول للنقيض وبات صعب المعاملة ونظراته
باتت اكثر قتامة ورعباً عن السابق…..
وقتها اجرت سمر اتصالاً باحد السيدات التي كانت تعمل لديهن وطلبت مساعدتها في إيجاد عمل
لسائق ابن حلال….وحكت لها عن ظروفه واهمها
عن القضية التي لفقت إليه وقتها تفهمت السيدة الوضع وكانت متعاونه معها جدا وسعت لأجل
تشغيله بعد ان اشفقت عليه……
…………………………………………………………….

 

 

قد مر اسبوع على حبسها بهذا القبو…اليوم ستخرج
للذهاب لامها بعد ان رضخ ماهر لطلبها على مضض
فحتى وجودها بالبيت يعكر مزاجه وصراخها وتطويل لسانها على الجميع بات امرا مزعج…
ربما تتعمد التصرف بشكلا غير لائق كي تخلق نفور بينهما……ربما طلقها الوغد وانتهى الكابوس….
نزلت على السلالم بعد ان ارتدت طاقم انيق وعكست
شعرها المكوي على كتفها…وهبطت على السلالم بخفة….وهي تفكر
هل حقا سيطلقها ان تعمدت تلك الطريقة معه..ام
انها تتوهم وهو سيتركها فقط كي ينتهي الشهر ويبدأ بالاقتراب كما اخبرها بسابق……
نظرت لملابسها الانيقة الفخمة ولوت شفتيها باستهجان……
اصبحتِ هانم ياسمر وكم هذا يجعلكِ تمقتِ على حالك اكثر………وتشمئزي من وضعك كالعروسة المتحركة بالخيوط تسير يميناً ويساراً على حسب
المتحكم بها……
منذ متى يتحكم بكِ رجل…….. الحب سقاكِ الذل
ليتكِ لم تعشقي يوماً ما كنتِ تنازلتِ عن حقك
بهذا الشكل المخزي…….
ولأجل العشق انتِ بمكان لا يناسبكِ…..ولاجل العشق تري الرفاهية المحاطه بكِ كتابوت زجاجي يطبق على انفاسك ببطئ…..
استلقت السيارة وانطلق سائقها بعد ان اعطته عنوان الحي…….
وقفت السيارة عند احد اشارات المرور المزدحمة تافف السائق بهدوء وهو يعتذر لها…..
“معلشي ياهانم….شكلنا هنتاخر انتي شايفه الزحمة…….”
اومات له بدون نطق شيءٍ…….ثم نظرت من خلال نافذة السيارة المجاورة لتجده شخص امامها في لحظة ويشير بعيناه عليها ثم على السائق………
بلعت ريقها وهي تنظر حولها لتجد كشك صغير
على الجهة الأخرى…..اشارت للسائق بصوتٍ
متحشرج…..
“ممكن تجبلي ازازة مايه……”
“عنيا ياهانم حاضر…….”
اوما لها الرجل باحترام وهو يخرج من السيارة….
حينما خرج الرجل دخل ابراهيم واحتل مقعد السائق….. تردد صوتها بصعوبة وهي تقول….
“أبراهيم……..”
فتحت اشارة المرور فقال بنبرة خافته خطرة
وهو يحرك محرك السيارة……
“متكلميش انا المرادي اللي هتكلم بس لما نوصل…….”
همست برعب لاول مرة منه فنظراته اصابتها بالفزع وكانه شيطان يتحضر امامها….
“عـ… على فين…….”

 

 

لوى ابراهيم شفتيه بابتسامة قاسية خطرة
وهو يقول بازدراء…
“متقليليش هرجعك لجوزك سليمه……”
وكم واقع الجملة بينهما اوجعها وخلق طعنة جديدة
بقلبها المحطم……. التزمت الصمت وهي جالسه بمقعدها الخلفي وهو يحتل مقعد السائق وعيناه
مثبته على الطريق بقوة مفجعة ، وسرعة تزيد وخفقات قلبها تتسابق معها ؟!…..

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!