روايات

رواية غمرة عشقك الفصل الثامن 8 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الفصل الثامن 8 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الجزء الثامن

رواية غمرة عشقك البارت الثامن

رواية غمرة عشقك
رواية غمرة عشقك

رواية غمرة عشقك الحلقة الثامنة

ازدادت خفقات قلبها بقوة وهي تسمع صوته في صالون البيت يتحدث مع خالها (عارف) ووالده
أيضاً يقوم بتقدم إليها نيابة عن ابنه رسمياً…..
همست وهي تغلق باب الغرفة بتوتر….
“هو انا مالي متوترة كدا ليه…..”
ابتسمت حنين وهي تجلس على حافة الفراش
تتابع سيرها في الغرفة ذهابا وعودة بسرعة…..
قلبت حنين عينيها بانزعاج…
“خيلتيني على فكرة…اركزي كده لحد ما نشوفهم هيتفقه على إيه…. ”
وقفت سمر وهي تقول بارتياب….
“امه برا ياحنين…..”
عقدت حنين حاجبيها بغرابة….
“واي المشكلة هي هتكلك يعني……اهدي ياسمر وتعملي بطبعتك…..”
فتحت زينب الباب ونظرت الى ابنتها بحنان
وفرحة وهي تقول…..
“يلا ياسمر ياحبيبتي تعالي عشان تقدمي العصير للضيوف…..”
اتجهت اليها حنين وهي تسألها بفضول…
“اتفقتوا على اي ياخالتي…..”
ردت زينب عليها وهي ترفع عينيها على ابنتها بسعادة…..
“لسه بيتكلمه…. بس باين عليه شاريها وموافق على كل طلبتنا عقبالك ياحنين…….. مبروك ياحبيبتي….”
ابتسمت سمر واسبلت جفنيها وزاد توهج وجنتيها والخفقات تكاد تمزق صدرها…..
“يلا ياسمر…..”
فركت في يداها وهي تقول بارتباك….
“ها…..هو… هو لازم انا اللي اقدمه….”
ضاحكة حنين بدهشة وهي تتجه الى صديقتها..
“انتي بتقولي إيه… مين العروسة هنا… لازم تطلعي
وتقعدي معاه كمان …و مع أهله….”
ردت والدتها بتأكيد…..
“آآه امه سألت عليكي ياسمر… وحبيبة كمان… دا
غير إبراهيم هو مسألش بس شكله بيقول انه مستنيكي….” ضحكة والدتها وهي تربت على وجنتها بحب وقد دمعت عينيها بتأثر لاجل الصغيرة الشقية
التي قد كبرت واصبحت عروس اجمل عروس التف جسدها الصغير في دوامة الشباب لتخرج منه شابة فاتنة للاعين توقع القلوب من نظرة واحده فقط نظرة من جمال عينيها الساحرة يقع العاشق اسير
هواها !….
مسحت زينب عينيها وهي تدفع ابنتها برفق….
“يلا ياسمر كفاية تاخير……لازم ابقى قعده مع خالك مانتي عارفه ممكن يتوه في الكلام مع الناس……..”
اومات لها سمر وهي تخرج وبجوارها حنين….
……………………………………………………..
تحدث والد إبراهيم بشموخ امام الخال عارف….
“وطبعاً اللي تقدرو عليه جبوه واحنا هنكمل….سمر مش غريبة دي زيها زي بناتي والله…..”
رد عارف بجدية وفخر امامه….
“تشكر ياحاج راضي دا عشمنا فيك برضو…بس أم سمر الحمدلله مجهز بنتها من كله ومش مخلاياها نقصها حاجة…..”
رد حامد عن اخيه الاكبر وهو يقول بمودة…
“طبعاً عارفين الخير كله عندكم……اخوي راضي قصده بس ان ابراهيم مستعجل والجواز يعني هيبقى بعد ست شهور عشان كده مش عايز يكعبلكم
و بيقولكم تجيبه اللي تقدروا عليه……احنا اهل ومفيهاش حآجة لو سدينا قصاد بعض…المهم نفرح بيهم ويتممها على خير……”
أومأ له عارف بتفهم…..
نظر أحمد لحبيبة الجالسة على احد الارئك بجوار زوجة عمها تتابع الحديث باهتمام وصمت جميل
اكتمل بهيئة الملكة البيضاء المتوجه التي دخلت بيته منذ نصف ساعة يكاد يجزم انه لم يستمع لم قيل في الجالسة ولم يلاحظ غيرها….. انه حتى يبعد
عيناه عنها بصعوبة لاجل المحيطين بهما….
رفعت حبيبة عينيها الزيتونية عليه للمرة الرابعه لتجده ينظر لها نظرة مبهمه غريبة وكانه يستشف شيءٍ من على وجهها…. وكانها لوحة جميلة يجب التأمل وتمعن بتفاصيلها بمنتهى الرزانة والهدوء…..
عضت على شفتيها بارتياب وهي تشيح عينيها عنه وداخلها تشتمه بغضب…. الغبي الاحمق لا يفهم
انها في بيته محاطه بعائلتها وعائلته.. اي عبث
هذا…..

 

 

 

 

رفعت عينيها عليه من جديد فتلاقت الأعين لثانية لتجده في لمح البصر يغمز لها بوقاحة….
فغرت شفتيها بصدمة لتاتيها الحازوقة في لحظة وتخرج بصوتٍ عالٍ مفاجئ…..
انتبه الجميع للصوت ناظرين إليها…..لكن أحمد الوحيد الذي اطرق براسه وهو يضحك عليها…
مما زاد الحرج لديها وهي تضع يدها على فمها بخجل وعيناها الزيتونيه تتوزع عليهم بترتيب المضحك….
اول من تحدث نوال وهي تربت على كتفها
بحنان….
“اسم الله عليكي ياحبيبتي…..عايزه مايه….”
لم ينتظر عارف ردها بل امر ابن أخته بقوة….
“قوم ياحمد هاتلها كوباية مايه…..”
نهض احمد من مكانه وهو يقول بفتور خبيث….
“حاضر ياخالي…….”
جلب احمد كوب الماء وعندما قدمه لها وقفت حبيبة واخذته منه وفي لحظة تناولها للكوب دخلت سمر
مع والدتها وحنين صديقتها… ازدحم المكان واصبح التركيز مصوب كله نحو العروسه الحاملة صنية التقديم…….
نظر احمد للكعب العالي التي ترتديه حبيبة والتي
زاد طولها بسببه وأصبحت بنفس طوله تقريباً…
علق على الحذاء وهي تضع الكوب في يده شاكرة إياه برسمية….
“شكراً…….تعبتك معايا… ”
لم يلاحظ احد حوارهم وهو يقول لها ببرود…
“لا تعب ولا حاجة ياست بيبه…..بس اي الكعب العالي ده…مش خايفه تقعي على جدور رقبتك وتكسري……”
احتدت عينيها الزيتونية بحنق…..
“وانت مالك مركز معايا ليه…..”
رد احمد ببساطة وكانه امر متوقع….
“طبيعي اركز معاكي….امال هركز مع مين يعني…وبعدين اي الهباب اللي حطاه على
وشك ده… ”
توترت حدقتيها وهي تضع يدها على وجهها
تتحسسه بصدمة…
“هباب…….فين ده….”
رد بإختصار وثقه وهو يشير باصابعه في الهواء على وجهها….
“الاحمر والاخضر والاصفر…على فكرة انتي حلوة
من غير الالوان دي…..”
رفعت حبيبة حاجبيها وهي تنظر له بغرابة…
“اي ثقه دي يابني ؟…. انت مالك أصلا بتدخل ليه حلوة ولا وحشة ما يخصكش…. ”
رد أحمد بحماقة….
“لا يخصني….والبرفان ده متحطيش منه تاني عشان ريحته جامدة….”
ردت حبيبة ببرود عليه….
“ملكش دعوة بالبرفيوم وبعدين ريحته خفيفة على فكرة…”
عقب أحمد باشمئزاز….
“برفيوم….اسم برفان يابرنسيسه…فوقي انتي عايشه في حارة يامااا…. مش نزللنا من القصر بتاعكم…”
امتقع وجهها وهي تقول ببرود….
“ملكش دعوة…… خليك في حالك…….”
لم يعقب على استفزازها بل سألها على الاهم
بنسبة له……
“يعني اي مش ناويه تجيبي رقمك برضو…..”
امتقع وجهها وهي تنظر اليه ببرود قائلة
باستفزاز يحق لها….
“لا طبعاً….. لو اخر واحد في دنيا مش هكلمك…. انا
مبديش رقمي غير لصحابي البنات…. انت بنات؟…”
عض على شفتيه وهو ينظر اليها بغيظ
مكبوت وعقب….
“بنات؟!….. طب اترزعي مكانك… عشان معوركيش قدامهم……”
برمت شفتيها وقد راقها استفزازة فقالت….
“متقدرش تعمل معايا حاجة انت بوء أصلا……”
اشار احمد لها ان تجلس بمقت وهو يقول….
“طب قعدي يامستفزة…..”
تابعها احمد بعيناه وهي تتجه لاخته لتسلم
عليها…. وتقبلها اخته من وجنتيها الإثنين بمحبة
وحرارة….
بلع احمد ريقه وهو يهتف بداخله بوقاحة….
(بوسيهالي بضمير ياختي…لحد ما يجي دوري…)
سلمت سمر على الحاج راضي وحامد وحبيبة واتت عند نوال عانقتها بحرارة وربتت على ظهرها وهي
تقول بصوتٍ حاني…..
“عامله اي ياطنط…….وحشتيني….”
توترت ملامح نوال امام كلماتها الرقيقة وسلامها
الحار اليها الذي يبث عدة اشياء غير مصطنعة بالمرة على وجه تلك الشابة التي تجبر الجميع على تقبلها عنوة عنهم….. وتدخل القلب من اول لقاء…..
لذلك رق قلب نوال وهي تسلم عليها بمحبة وتبتسم في وجهها أخيراً بعد وجوم طال لايام بداخلها…
ستاخذ وقت لتتقبل الامر لكن بنهاية ستتقبلة فهي لن تقف امام سعادة ابنها ولن تحرمه منها….وان
كانتى السعادة والهنا عن طريق سمر فهي ستقبلها وتحبها لاجل عيون ابنها وراحة قلبه !….
كذلك هي الأم فلا تحكم على قلوبهن…. انها تقبل المرفوض بداخلها لأجل ابنائها !…..
التضحية أم ، ومن بعدها ياتي الوطن !…..
ارتاح قلب سمر قليلاً مع ابتسامة السيدة اليها…
كانت ستجلس بجوارها ولكن اصرت امها عل احرجها
وهي تقول بابتسامة تعرف ان بعدها ستقع عليها بلوى….
“مش هتسلمي على ابراهيم ياسمر…..”
نظرت سمر لأمها بصدمة وغضب كبحت اياه في لحظة وهي تمد يدها لإبراهيم قائلة بصوت يكاد يسمع بصعوبة……
“از…….ازيك يابراهيم…..”
اتكأ على يدها بين يده وهو يقول ببساطة عكسها تماماً…..
“الحمدلله……ازيك انت ياشـ……”
توسعت عينيها بتحذير نحوه ونظرت حولها
ثم سحبت يدها من بين يده في لحظة خاطفة….
كبح ضحكته وهو يراها تجلس بجوار امها بحرج…
وكانت ترتدي فستان انيق طويل وتطلق شعرها الاسود المموج خلف ظهرها كامواج عاصفة لا تقبل الرضوخ….وكذلك كانت تضع القليل من المسات البسيطة على وجهها الفاتن……
تحدثت زينب وهي تشير لحنين التي اتت عليهم ووضعت بعض الحلويات والشوكولاته امامهم على الطاولة الزجاجية…..
“تعالي ياحنين قعدي جمبي….”نظرت للجميع وهي تقول بتعريف عن هواية الصبية الجميلة….
“دي حنين…صاحبة سمر…صحاب وجيران…متربيين سوا….”
سلم الجميع على حنين بابتسامة وكلمات مرحبة بها…
رفع ابراهيم كوب العصير على فمه ونظر لسمر التي كانت ترتشف أيضاً كوب العصير وعينيها تختلس النظر اليه…..
انزل الكوب ووضعه على الطاولة وهو يتنحنح بخشونة لاجل ان ينتبه له الجميع وبالفعل حصل على الانتباه سريعاً فقال بهدوء….
“يعني بما اننا اتفقنا……نقرا فاتحه على الاتفاق…و زي ما عمي قال تيجوا تشوفوا الشقه ولو عجبتكم نحدد معاد الخطوبة رسمي…..”
ردت زينب بمودة…

 

 

 

 

“مفيش مشكلة يابني…نقرأ فاتحة على الاتفاق وانا مش هلاقي راجل احسن منك لبنتي انت الناس كلها بتحلف باخلاقك وتربيتك…زين ما ربيتي يام ابراهيم ربنا يباركلك فيه وتفرحي بيه عن قريب وتشيلي عياله….”ربتت زينب على كتف نوال بمحبة والتي ردت الحديث عليها بالباقة…..
“تعيشي ياحبيبتي….نفرح بيهم عن قريب ان شاء الله….”
“يعني نقرا الفاتحة….”
قالها ابراهيم بتعجل واضح بنبرته مما جعل حنين تبتسم وهي تلكز صديقتها بخبث وهي تقول…..
“انتي عملتي إيه ياخربيتك….الراجل هيموت عليكي…..”همست لها سمر باعجاب وعينيها على إبراهيم….
“طالع حلو اوي ياحنين بطقم ده…الاسود هياكل
منه حته…”
علقت حنين بتأكيد…
“هو قمر بصراحه…..وشكله بيحبك….مبروك ياحبيبتي….”قبلتها من وجنتيها بمحبة وسعادة لأجلها…..قالت سمر وهي تقبلها هي الأخرى…
“عقبالك يانونه….لم البسك الطرحة بايدي….”
قالت حنين بمزاح…
“الطرحة بس….انتي ناسيه انك كوافيرة ولا إيه…دا
انا هستغلك احلى إستغلال….”اخبرتها سمر ببساطة
وهي تقول بابتسامة رقيقه…
” ومالو اذ كان كده استغليني براحتك… بس اعمليها الأول…. ”
كادت حنين ان ترد عليها ولكنها سمعت صوت الخال عارف وهو يقول بسخرية موجها لإبراهيم….
“انا مش عارف انت مستعجل على إيه…..”
ابتسم راضي وهو يقول بهدوء…
“حماس شباب ياحاج عارف ….”
مصمص عارف بشفتيه وكانه يعيد الذكريات وهو يسرد لهم بفخر……
“حماسك ده فكرني بواحد صاحبي…اسمه فتحي ….. الله يرحمه…..”
بلع احمد ريقه فهو يعلم القصة جيداً فقال
بصوت متردد لخاله…..
“بلاش ياخالي……بلاش نحكي عن الأموات
خلينا في الأحياء….وبعدين الوقت مش مناسب ”
هتف عارف بخشوة وعتاب إليه…
“دا انسب وقت احكي فيه عن فتحي….وبعدين مانا حكيلك حكيته…..”
تحدث أحمد هامساً بارتياع….
“ماعشان كده بقولك بلاش….الراجل داخل على جواز ومسئولية……..واختي لعروسة….”
تحدث عارف نحو ابراهيم وهو يقول بجدية….
“سيبك منه يابراهيم دي القصة دي فيها موعظة…..وانت وشاطرتك بقه….”
توترت ملامح سمر وحنين فهن يعرفنا مآسِي تلك القصص التي معظمها تأليف خالها عارف….
تحدث عارف بجدية….
“كان صاحبي زيك كده حماسه واخده ونفسه يتجوز….وحب واحدة واتجوزها في خلال شهرين…وعلى اللي حصل بعد كده….مكانتش بتعمل حاجة في حياتها غير انها تطلب.. تطلب…لحد ما راجل شاب قبل أوانه……لا وكل سنه تجبله عيل زي الارنبة…لحد ما بقى عنده عشر عيال…..معرفش صاحبي يعمل إيه ويجيب منين والمرتب مش مكفي العيال حتى في الاكل مابالك التعليم والبس والذي منه….قام ملقاش حل غير انه يسافر ويتغرب سافر العراق ايام الحرب وخد طلقه في راسه جابت أجله…ومات……مات وكان متحمس زيك كده بظبط…….يلا ربنا يسترها عليك……”
هتفت نوال بلوعة الأم….
“اسم الله عليك يابني ان شاء الله عدوينك….”
نظرت سمر لامها ثم لاحمد وكذلك الى حنين وهي غير مستوعبه بعد ان خالها يفسد الزيجة بقصة خرافية……من تخاريف عقله الغير متوازن في
بعض الأوقات…..
نظر ابراهيم لسمر بتسأل فضولي… اشاحت بوجهها بحرج وهي لا تعرف بماذا ترد….
ابتسمت حبيبة وهي تهمس لأبيه….
“بابا….. هو الجواز بيموت الناس فعلاً…..”
رد والدها عليها بفكاهة الأب…
“الجواز يابنتي مش اعدام دا مؤبّد علطول….حتى اسألي امك….. ”
ضحكت حبيبة وشاركها والدها الضحك….
حاول احمد قتل الصمت والنظرات القائمة في تلك الجلسة… فضحك وهو يقول لخاله بمزاح….
“خالي بيحب يهزر ياجماعه… احنا أصلا لسه مكلمين فتحي ده من يومين….”
“مش ده فتحي ياغبي…. دا متولي…..” ارتفعت عيني عارف على ابراهيم بتذكر شيء هامٍ فقال
بابتهاج غريب….
“أهو متولي دا بقه يابراهيم بيفكرني بيك كان
زيك كده فـ….”
قاطعه ابراهيم وهو يبتسم بجاذبية قتلت عيون سوداء تاكله بعينيها….
“خليني المرة الجايه اسمعها كفاية حكاية فتحي…”نظر لسمر التي ضحكت واسبلت جفنيها بحرج…..فاكمل ابراهيم بهدوء….
“نقرأ الفاتحة بقه….”
ابتسم الجميع براحة و بدءا بقراءة الفاتحة…نظر ابراهيم نظرة دافئة لذات العيون السوداء فبدلته
بابتسامة رقيقه وعيون تحمل مشاعر جديدة
إليه…….
رفعت حبيبة عينيها على أحمد وهي ترفع يداها امامها وتخفي بها معظم وجهها باستثناء عينيها
الزيتونية الامعة…وجدته يغمز لها من جديد وينظر ليداه المرتفعه قليلاً ثم لعينيها….فهمت الاشارة الصبيانية فضحكت بخفوت خلف يداها ولم تعقب
بل ابعدت عينيها عنه بخجل……
…………………………………………………………..
جلس معاها في شرفة شقتها….كانت تجلس على الكرسي المقابل له وبينهما طاولة صغيرة وضعت عليها والدتها بعض الحلويات الشرقية والعصائر
ظل يتاملها في صمت وهي تختلس النظر له بين الحين والاخر واوقات تتعلق عيناها على المارة بالاسفل او المباني المجاورة……
عقب ابراهيم بعد تنهيدة سأم….
“شكلك اول مرة تشوفي الشارع…..”
تنحنحت وهي تنظر اليه بتردد…
“آآه….لا… يعني…… عادي…..”
فغر ابراهيم شفتيه وهو يقول بغرابة….
“هو اي اللي عادي…..ركزي معايا ياسمر هما ربع ساعة اللي هنقعدهم سوا….فـ إيه بقه…”
نظرت له بدهشة وقالت بتحفظ….
“هو اي اللي إيه…على فكرة احنا مكتبناش الكتاب دي قراية فاتحة……”
“اي الدماغ دي يابنتي…..استهدي بالله….انا كُنت عايز اقولك مبروك…..مبروك ياست البنات…..”لفظ اخر جملة بنبرة حنونة دافئة اوصلت الرجفة لجسدها
كلياًّ وشلت تفكيرها للحظات فقالت بنبرة عادية….
“الله يبارك فيك….”

 

 

 

 

كبح ضحكته على ردها وعلق بمزاح…
“اي دا……. مفيش عقبالك….”
نظرت له بدهشة ثم وجدته ينظر لها بشقاوة
خبيثة ضحكة وهي تعلق….
“على فكرة غلس……”
مالى عليها قليلاً وطاولة تفصل بينهم
فسالها بشك…
“مين دا اللي غلس….”
مالت عليه وهي تقول بشجاعة مصطنعة….
“انتَ طبعاً….. فكرني هخاف؟…..”
“وانا مش عايزك تخافي…انا عايزك تطمني…تطمني على الآخر…….على….. اخر…..”وصلت قدمه لقدمها فاتكا عليها بخفة شهقت وتوسعت عينيها وهي تحاول سحب قدمها من تحت قدمه….
“ابراهيم متهزرش……….انا…..”
سالها بوقاحة وعيناه تلاحق حركاتها
في التخلص منه….
“انتي رجلك سقعه كدا ليه…”
كبحت ضحكتها وهي تحاول سحب قدمها…
“إبراهيم متهزرش…هفضحك وقول بتتحرش بيا…”
ضحك باستمتاع وهو يعقب بتسلية…
“انتي هبله هو التحرش بقا في صوابع الرجل اليومين دول……”
قالت بترجي وعيناها على باب الشرفة
المفتوح….
“أبراهيم…. ونبي….حد يدخل… ”
رد بخشونة وعيناه لا تفارق عينيها بل ان الابتسامة لم تذوب على محياه بل ظلت محفورة على ملامحه الرجولية الجذابة….
“هسيبك…. بس عايز اقولك اني في فرق بين بخاف منك وبحترمك وبقدرك….فهمتي في فرق رهيب بينهم……عارفه ولا اشرحهم بظبط…..”
حاولت ان تجارية في الحديث بعد ان يآست من سحب قدمها……
“عارفه………خلاص بقه….”
هز راسه وهو يخرج تنهيدة عميقه من صدره..
“ولا عرفه اي حاجة ياسمر وهتعب معاكي….انا عارف…”
“الف مبروك ياسمر….الف مبروك يابراهيم…”قصف هذا الصوت لسيدة في سن والدتها تسكن في
المبنى المقابل لهم من الناحية اليمنى اي بجوار مبنى ابراهيم…….
ابتسمت لها سمر بتحفظ وهي تحاول سحب قدمها والعابث مكلبشها بقوة وكانها التصقت في ارضية الأرض…..قالت سمر بنبرة متحفظه…
“الله يبارك فيكي يام محمد…..عقبال محمد…..”
ردت السيدة بابتهاج….
“يارب ياحبيبتي اشوفله عروسة قمر زيك كده….تعرفي محمد ابني كان ناوي يجي يتقدملك بس انا قولتله خلاص ياواد دي اتخطبت لابراهيم راضي…. ام إيه فرحلكم اوي وانبسط عشانكم…. ”
شعرت ان ابراهيم يتكأ اكثر على قدمها فقالت
سمر للمرأة بحنق ملموس في نبرتها…..
“حبكت يعني يام محمد….طب ياحبببتي ربنا يسعده…”
ضحكت السيدة بحرج وهي تنظر لابراهيم…
“ياختي عليا نسيت ان ابراهيم جمبك…لامؤخذه ياهيما…..”
رد ابراهيم بخشونة على المرأة وهو يفك قيد سمر بعد ان ابعد قدمه عنها……
“لا ولا يهمك…….يام محمد…..عقبال ما تفرحي بعيالك…….”
زغردت السيدة فرحا وابتهاج اليهم وهي تقول….
“تعيش ياحبيبي…والف الف مبروك عقبال
الليله الكبيرة….. “دخلت شقتها بعد ان اشعلت الجلسة….
أقترب منها ابراهيم بالكرسي وجلس بجوارها وسد بجسده الضخم باب الشرفة والرؤية كذلك…
” مين محمد دا بقه….. ”
ادعت الغباء وهي تمد يدها لتاخذ قطعة صغيرة
من الكنافة وتضعها بفمها وقالت بلؤم….
“الله ابن ام محمد……..مالك.. ”
نظر لها غضب قائلاً بتحذير….
“سمر متهزريش….. هو كان عايز يتقدملك فعلاً…”
برمت شفتيها وهي تقضم من قطعة الحلوى…
“ايوا امه لمحة قبل كده لامي…. بس يعني انا ما شوفتهوش اصلا…..”
“ومقولتليش ليه…..”
توسعت عينيها و ردت عليه بدهشة….
“مجتش فرصة يابراهيم…. احنا مبقلناش ياما مع بعض…..”
نظر لها بعيناه الحادة وقال بسخط….
“يعني هي دي الحجه اللي عندك…..”
نظرت له بغرابة وهي تاخذ قطعة اخرى من
الحلوى وتضعها بفمها مدعية الانشغال بالاكل
فقربه يصيب قلبها بتوتر اكثر خصوصاً مع لفح انفاسه الساخنة لصفحة وجهها. ….
“اوعى تقولي انك بتغير احنا ملحقناش…..”
رد وعيناه تجتاح عينيها السوداء بنظرات صادقه
وعقب على جملتها بوجه مشتد غضب و…
وغيره عليها….
“الحاجة دي ملهاش معاد ياسمر…… ومبتستأذنش قبل ما تيجي…..”
توقفت الحلوى بحلقها وهي تنظر اليه بزعر….
وسعلت بعدها بقوة وأحمر وجهها لتجده يمرر يده على ظهرها بخوف ويعطيها كوب ماء لتشرب منه القليل….
مرر يده على ظهرها مرة أخرى وهو يسألها
بحنان….
“بقيتي كويسه دلوقتي……”رفع يده عنها حينما
اومات له وهي تنظر لعيناه القاتمة ثم سالت
بارتباك…
“تقصد اي بكلامك ده؟…..”
رد عليها إبراهيم بنبرة مبهمة مختصرة….
“أكيد فهمتي يعني….واكيد وقتها هيبقى احسن لم احسها من ناحيتك انتي كمان…..”
اومات له ولم تعقب وزاد اضطراب جسدها بقربة..
وحاولت ان تكون طبيعية في تلك الجلسة المشحونة بعدة مشاعر غريبة عليها…..
مدت يدها له بقطعة من الحلوى وهي تقول بنبرة عادية….
“طب خد دوق دي….عملاها بإيدي…مش من برا
يعني….”
اخذها منها ووضعها بفمه وهو يقول بهدوء….
“تسلم إيدك……”
عقدت حاجبيها وهي تراقبة ياخذ قطعة غيرها ويضعها بفمه بتلذذ….
“بجد حلوة ولا بتجملني…..”
مسك كف يدها الصغير بين يداه الكبير وتحسسها بكلتا يداه بحب وشوق يبثه بتلك اللمسات
العاطفية…
سارت الرعشه اكبر بجسدها وهي تهمس باسمه بخفوت……
“إبراهيم……”

 

 

 

 

زاد توهج عيناه عليها وهو يتحسس يدها الناعمة الرقيقة ثم مسكها بين يده وطبع قبله بداخل كفها كانت طويلة بطيئه…….لماذا يقتلها ويتجازو حدود
لم يخترقها غيره ولماذا الأمان والحب….والادمان
عليه؟! …
كل مافيه يروقها بشدة………كلامه الجاد إليها…..
مشاكسته معها….. امتلاكه وقوته نحوها…… اختراقه لكيانها وحياتها بابسط الطرق تاثيراً..لمساته وتدليله لها….حتى لو كان التدليل خارج النمط العاطفي يظل تدليل من وجهة نظرها وتحبه مهم سمعت غيره……
(إبراهيم راضي) رجل يروقها بكل معنى الكلمة وتجد
بجواره اشياء مفقودة منذ زمن ، انها تستردها كلما اقترب منها واشعرها بوجوده !….
سمعته يقول بنبرة حانيه وعيناه لا تفارق عينيها…
“والله حلو….. أصلا الشبح بتاعي مبيعملش حاجة وحشة….”قرصها من وجنتيها برفق….
فضربته سمر على يده وهي تقول بحدة….
“بس بقه اتلم…..”
رد عليها بصدمة….
“اي يابت ما كنا مشيين حلو وربنا هديكي…”
توسعت عينيها ذاهلة وهي تنظر إليه ثم لفظت بشراسة وتقريع قادم لا محال…
“يسلام؟!….. بقا كده انتَ فكرنـ …..”
قاطعها حتى لا تفسد اللحظة الشاعريه بينهم….
“بس اسكتي هتفصليني…كفاية عليا أيدك….”مسك يدها اليمنى ، سحبتها سمر وهي تقول باقتضاب…
“بلاش ايدي اليمين عشان هاكل بيها… امسك
ايدي الشمال عشان فاضية….”اعطته يدها
اليسرى
نظر لها إبراهيم بحنق وهو يترك يدها قائلا
بضجر…
“لا وعلى إيه…….كُلي بالاتنين……عشان تشبعي… ”
كبحت سمر ضحكتها فهي قصدت افساد هذا الجو
الشاعري لأجل الحفاظ على ماء وجهها أمامه فهي
لو عليها لقبلته بقوة كما تتمنى وتباً للمنطق !…
مدت قطعة الحلوى اليه وهي تقول برقه…
“طب خد دي مني….”
اخذها من يدها واكلها وهو يقول لها بجدية….
“الزيارة الجايه هتبقي عندنا…. عشان تشوفي شقتك….. وفي تلفون بقه قوليلي الالوان اللي انتي عيزاها…… وانا هعملها….او أجيب مهندس ديكور يعملهالنا…. اعرف واحد صاحبي شاطر… مهندس ديكور برضو وعلى اد ايدينا…. وشغل بتاعه حلو برضو…. ”
قالت سمر بأختصار وهي تنظر إليه….
“مش لم اشوفها الأول يابراهيم…..”
رد عليها وهو يهز راسه بتأكيد مُضيف….
“هتشوفيها و ان شاء الله تعجبك…. هي كبير اربع اوض وصالة والحمام والمطبخ كبار يعني… اد
شقتنا كده…..”
صارحت سمر بعفوية اليه….
“مش مهم كبيرة ولا صغيرة…. المهم اني هبقى معاك فيها…..”
لم يستوعب ابراهيم بعد جملتها ليظل يحدج بها للحظات ثم لاح على وجهه الدهشة فقال ذاهلا….
“أخيراً ابو الهول نطق…..”
قالت بدلال وهي تشيح عيناها عنه….
“الله بقه…..”
ابتسم عليها وهو يقول بمشاكسة…
“الله بقه…. ماشي ادلع برحتك ياشبح…. لو مدلعتش عليا انا هتدلع على مين……”
ابتسمت سمر بخجل وهي تشيح عيناها عنه للامام حيثُ السماء الصافية…..
مسك ابراهبم يدها من جديد وقبض عليها بين
يده وهو ينظر معها لسماء الصافية المطله من
تلك الشرفة البسيطة……وشعرها المموج يرفرف
حول وجهها بفعل الهواء ورائحة عطرة الرجولية تفوح لانفها بقوة تجعلها تبتسم براحة ويزيد الامان مع قبضة يده عليها…….
انها تعيش أجمل حلم لم تتمناه يوماً لذلك أتى واكتشفت بعد مجيئه انها كانت تنتظرة بفارغ
الصبر !…..
كيف يتعافى المرء؟ حينما يجد الحب… حينما يجد من يسعى إليه ومن يتلهف عليه…حينما يجد من يحاول نيل رضاه واسعاده بكل الطرق الممكنه…حينما يشعر بالامان….. والسعادة….. ودفئ….الراحة… والكمال في العلاقات ، اعلم انه وجد نفسه ووجد المفقود به !…..
………………………………………………………..
كانت تجلس حبيبة بجوار زوجة عمها في صالون الشقه وبجوارها على المقعد والدت سمر……
كانت سيدة بشوشه الوجه نظراته حنونه ودافئه لكن تثرثر بكثرة في اشياء عديدة وكذلك تشاركها الثرثرة
زوجة عمها…وهي تتابع بصمت وملل…فقد ابتعد الجميع وتركاها تجلس بجوار السيدتان….
اخذ ابراهيم سمر للشرفة للجلوس معها قليلاً بعد الاستئذان من الجميع…والخال عارف اخذ والدها
وعمها لاحد الغرف ليعطي مساحة للسيدات في
التحدث سوياً…. ام صديقة سمر رحلت لأمها…
واللزج الأحمق تركها ورحل بعد ان صدح هاتفه بمكالمة غرامية….. مؤكد فتاة ! …
انكمشت ملامحها وهي تشعر انها تتدخل فيما لا يعنيها نحوه…وان كانت فتاة ما دخلها فليفعل ما يحلو له…..ماذا يعني لها ؟..
تحدثت نوال بخبث النساء وهي تسأل زينب…
“وجيبالها اي بقه في جهازها…يام سمر…..”
ردت زينب بفخر وهي تخبرها…
“جيبالها…دا انا جيبالها الهنا والخير كله دا انا جيبالها شوية حاجات انما إيه ا…..”سكتت زينب ثم قالت
بلهفة وصلف…..
“اقولك هنروح بعيد ليه تعالي افرجك بنفسي….”
هتفت نوال بامتناع…..
“لا ياحبيبتي مش لازم…..”
نهضت زينب بجسدها المكتز وهي تشير لها بنهوض باصرار….
“ونبي ياختي لتقومي معايا هو انتي غريبة….”ثم نظرت لحبيبة وقالت…..
“قوم انتي كمان ياحبيبة معانا…افرجك على جهاز سمر……”
هزت حبيبة راسها بامتناع وهي تكتفي بالجلوس مكانها على الاريكة بثبات…..
“لا يطنط….انا مبفهمش في الحاجات ده….اتفضلوا انتوا وانا هستناكم هنا…..”
اومات لها زوجة عمها وهي تنهض مع زينب…
“شوية وجليك ياحبيبة….”
اومات لها حبيبة بتفهم وحرج….
وظلت وحدها في صالون البيت المفتوح…..
خرج أحمد من غرفته امام عينيها وكان يتحدث في الهاتف قائلاً….
“خلاص بكرة نتقابل سلام…… ماشي مش هنسى…”
اتسعت ابتسامته وهو يغلق الهاتف امام عيني حبيبة التي برمت شفتيها بضيق واسبلت جفنيها بتوتر….
رفع أحمد عيناه فلمحها تجلس بمفردها…عقد حاجبيه وهو ينظر حوله ثم خطى الخطوات نحوها وهو يسألها…..
“قعده لوحدك كدا ليه….مرات عمك وامي فين…”
ردت عليه ببساطة…..
“دخلو يشوفو حاجة جوا وجيين….”
اشاحت بعينيها وحاولت ان تكون طبيعية برغم ان بداخلها قلب يعصف بضراوة واضطربات جسدها تزداد تحت نظراته المتفحصة لها….
جلس أحمد بجوارها على الاريكة وبينهم مسافة رفعت حبيبة عينيها عليه بحدة وهي تقول بنبرة مشتدة….
“انت بتعمل اي انت اتجننت……”
تحدث بصوتٍ خافض محذر إياها….

 

 

 

 

“اهدي يابيبه…….هتفضحينا…..”
توترت ملامحها للحظة قبل ان تسأله بنفاذ صبر وبنبرة خافضة….
“عايز اي يعني…..”
هتف بتوجس منها….
“ياستار يارب…… اسلوبك لا يطاق…….”
زفرت بغضب زائف تخفي خلفه تلك الاضطربات المجنونة….
“الله انت هتقول ولا اقوم امشي…..”
تحدث احمد بسرعة قبل ان تضيع الفرصة هباءاً وياتي احدهم على صوتها….
“خلاص هقول….بصي انا كنت عايز اشور عليكي في حاجة كده…..”
حركت راسها نحوه وتفقدته بغرابة….
“تشور عليا في إيه؟…..”
بدأ متوتراً وهو يخبرها بتلك النبرة التي تداهمها دوماً بخلوتها بصورة متكررة….انها تجمع مابين العبث والدفئ كعيناه حينما ينظر إليها…احمد به شيءٍ غريب يجذبها….تبرهن بداخلها انه افضل من تلك
الصورة التي يحاول رسمها امام الجميع…ربما
ينتظر من يجمل تلك الصورة ويضع بها بعض التعديلات ليكن افضل كما تراه بعيناها وكم
يستشعر به قلبها !……
أخبرها أخيرا بعد صمت للثوانٍ….
“هو عيد ميلاد واحده معجب بيها صاحبي يعني….”
رفعت حاجبيها وهي تقول بدهشة مصطنعة
بها لمحة من التشكيك….
“صاحبك؟؟…”
نظر اليها بجدية وهو يقول…
“آآه صاحبي…..مالك مش مصدقاني….”
حركت كتفيها بالا مبالاة وهي تقول بفتور…
“اصدقك ولا مصدقكش انا دخلي اي أصلا…”
تمسك بالهدوء و رزانه قليلاً وهو يقول…
“اسمعي يابيبه….انتي بنت فأكيد يعني عندك خلفية عن اي اللي ممكن يتجاب في مناسبة زي دي……..ساعدينا يعني…..”
رق قلبها فأجابت عليه بنبرة عادية…
“على حسب يعني ممكن ورد شوكلاته….
اكسسورات… ساعة يعني او انسيال….او ممكن يجبلها برفيوم……”
لم يتمالك نفسه وهو يقاطعها باستفزاز……
“اسم برفان…..عيشي عيشت أهلك… ”
نظرت اليه بغيظ وهي تقول بجمود….
“برفيوم….. ولو قطعتني عن الكلام تاني مش هتكلم….”
محى الاستفزاز في لحظة وهو يسالها باهتمام…
“خلاص خلينا في المهم… يعني لو هجيب برفيوم حلو كده…….. اجيب اي نوع…..”
ردت حبيبة ببساطه عليه
“خلي يسألها هي بطريقه غير مباشرة نوع Perfume المفضل عندها…..”
تحمس أحمد اكثر معها في الحديث فهو لاول مرة
يتحدث معها وكم احب هذا وراقه بقوة.. وكانه
وجد الالفة بقربها……
“ايوا يعني نوع الPerfume بتاعك إيه عشان اجيب زيه….”
عقدت حبيبة حاجبيها بدهشة…
“نعم؟…… وانا مالي بالموضوع……”
اقنعها بطريقة خبيثة….
“يابنتي ماهو عيد ميلادها بليل وصاحبي يدوب يلحق يجيب هدية فقوليلي انتي اي احسن نوع
يجيبه…..”
“انا بستعمل *****بس في انواع تانيه ممكن
اقولك عليها…..”
سجل أحمد الاسم على هاتفه سريعاً حتى لا ينساه وهو يخبرها ببساطة….
“لا متتعبيش نفسك….انا كدا كده صاحبي فركش أصلا امبارح…..”
عقدت حبيبة حاجبيها بدهشة واكفهر وجهها
وهي تعقب بتشنج…
“انت متخلف يابني…..”
رفع احمد عينيه عليها بذهول….
“مين دا اللي متخلف يامحترمة…..”
اكفهر وجه أكثر حبيبة وهي ترد عليه بغضب…..
“لا حاسب عندك…… انا محترمة غصب عنك…..”
رفع أحمد حاجبيه معاً وهو ينظر لها بغرابة…
“اي الهبل ده هو انا شتمتك أصلا…..”
هتفت بتشنج من استفزازه اللعين لها…
“متقدرش أصلا…. تصدق انا غلطانه اني قدرتك أصلا وقعدت اتكلم معاك…. قال صاحبك معجب بواحده قال……تلقيك انتَ…. آآه وبتستغلني عشان تعرف تجبلها هديه……”
رفع احمد زواية من شفتيه للاعلى بضجر وهو
يعقب هازئاً…
“هو ده كل استنتاجك اني بستغلك؟؟…. حقيقي
فعلاً العقل زينة والله…. على العموم آآه انا كُنت بستغلك…”
غمغمت حبيبة ببرود وكانها لم تسمعه من الأساس….
“أصلا اللي زيك يعرف الاعجاب منين….دا لو الواحد فتح قلبك هيلاقي طابور بنات ماشي فيه….”
نهض أحمد من مكانه وهو يقول بتأثر زائف واخبرها قبل رحيله ببساطة….
“ومين اللي ماشي في اول الطابور يابيبه ؟… مش انتي برضو !….”
فغرت شفتيها بدهشة

فغرت شفتيها بدهشة وهي تنظر إليه لتجده يغمز لها ويلقي السلام العسكري بيده قبل ان يرحل ويتركها ذاهله بجلستها وحيدة بازدحام الأفكار….
……………………………………………………………
خطى خطواته باتجاه المسبح الخلفي للفيلا بعدما سأل عليها الخادمة فاخبرته انها عند المسبح مع
ابنه علي……
ظهرت امام عيناه تسبح في المسبح بمنتهى المهارة التي بها لمحة من الاغراء الاثنوي….. كانت جميلة متلألأة وسط البرقة الزرقاء… كنجمة تسبح في سماء القاتمة لتعطي بريق يخطف الابصار ويضيع الوقت تاملاً بها……
لن ينكر يوماً انجذابه الجسدي لها لن ينكر انها كانت تشبع رغباته في الفراش… لن ينكر انه لم يجد مثلها
في تلك العلاقة… وكان جسده ادمنها ولم يجد الملاذ
مع غيرها….
كانت ناعمة هادئة بجسد فاتن يصيبه بجموح نحوها
كانت تحبه… احبته( آية) ولن ينكر هذا…. ولن ينكر انها اعطته الكثير من حبها بل اغرقته به وهو
لم يقدر بل كان ناكر النعم….. متمرد لعين…
فكرة ان تكون مجبور من البداية على حياة لا
تريدها هذا هو النقيض الاصعب في التقبل…
وهو كان هكذا برغم كل ما بها لم يحاول التقرب
منها لم يحاول ان يراها بقلبه….
فقط لانه احب المراة الرخيصة المصطنعة في الخضوع لأوامره ، ولم يتاقلم مع أمرأه عملية في حياتها… تسعى لاجل صناعة كيان باسمها ناجح لها
تستند عليه في حياتها….بدون الاعتماد عليه او الاكتفاء بحياة زوجية فقط معه….. وكذلك كانت
عزيزة النفس في حبها له…. (اية) هي غيرهن
تختلف عن ما يريد…. ولكنه لم يجد ملاذه

 

 

 

 

ونفسه إلا معها
حتى (مروة) طليقته السابقة برغم من انها كانت تحت طوع يداه بسابق…. وكانت لا تتحرك خطوة في حياتها الا عندما يأمر إلا انها لم تملئ مكانها ولم يشعر معها بما كان يشعر به باحضان آية…
اي سحر ألقى عليه منها جعله يلتف حول نفسه غير قادر على الراحة والاستمرار بحياته من دونها؟!….
فاق من شروده على صوت ضحكاتها الناعمة وهي تلاعب (علي)الجالس على كرسي مخصص للاطفال بعمرة محكم على خصره ، كانت تقفز بالماء وتخرج إليه بشقاوة وتظل تلاعبهُ بحاجبيها وعيناها العسلية وشفتيها المكتنزة الحمراء تحركهم بطريقة
مضحكة جعلت الصغير يقهقه بسعادة نحوها…
وجعلته هو كذلك يبتسم عنوة عنه وهو يراقب ابتسامتها الشقية عن قرب…..
هي ذات مشاعر فياضة والوحيد الذي ينعم بعد فراقه عنها ، بهذا النهر الوردي هو (علي) ابنه…
رفعت اية عيناها وقد انتبهت لوجوده أخيراً حولهم
بلعت ريقها بوترت..واهتزت حدقتيها وهي
تحاول التحدث بنبرة جافة مشتدة قليلاً….
“خالد؟……انت اي اللي جابك هنا….”
“جيت عشان اشوف علي….”رد عليها ببساطة وهو يميل على ابنه لياخذة…..
استغلت اية فرصة انشغال عيناه عنها…خرجت من المسبح سريعاً وارتدت المئزر على ثوب السباحة..
لكنها لم ترى عيناه وهي تختلس النظر إليها بـ…اشتياق ليطوف بعقله احد اليالي البعيدة التي كانت شفتيه تطوف على هذا الجسد الغض بجنون واشتياق…. وكان دوماً يسأل نفسه لماذا يشتاق لها وهو غير قادر على حبها كما تحبه هي بكل جوارحها….
اقتربت منه بعد ان غطت جسدها بالمئزر الطويل
عقدت ذراعيها وهي تقف امامه بصلف وهتفت
بجمود…….
“اولا ياخالد احنا قولنا الزيارة تبقى بمواعيد…مينفعش تيجي كده من غير ما تستاذن…..وعز كمان مش في البيت يعني….”
قاطعها خالد وهو يهدهد علي بين يداه….
“انتي عيزاني اخد معاد وانا جاي اشوف ابني….”
ردت عليه بنبرة هادئة….
“ايوا……….لان دي الاصول…..”
رد عليها خالد بتبجح..
“اي اصول انك تحرميني من ابني….وبعدين انا رنيت على عز وهو مردش عليا….وحضرتك بتغيري ارقم تلفوناتك طول الوقت….”
“طبيعي اغيرها مانت عارف شغلي….”اجابته اية ببساطة وهي تسكب بعض العصير في احد الاكواب
وتعطيه له….
“اتفضل…..”
اخذه منها على مضض وهو يضع ابنه في مقعده
بعد ان قبله……
جلس على احد المقاعد وارتشف من العصير وهو ينظر لها….فقد جلست على احد الكراسي واولته ظهرها وهي تداعب ابنها محاولة الانشغال عنه بكل الطرق الممكنه…..
نادى خالد عليها بنبرة هادئة…لطالما كانت تهوى
تلك النبرة ولا تغفو عيونها إلا عليها..ويصبح
صباحها مشرق بفراشات الحب حينما تستيقظ
كذلك عليها….وخصوصا حينما يلفظ إسمها كما
يفعل الان…
اغمضت آية عينيها بالم كم آلامها وذبح قلبها
بخيانته لها وفي شدة قهرها على هذا الحب المائع كان ينعم باحضان أمرأه غيرها قد تزوجها بعد طلاقهم بايام قليلة……. آآه كما تتمنى ان ترد له
الأذى لكن قلبها لا يطاوع شيطانها عليه…
استدارت أخيراً له وهي تقول بوجه انثوي هادئ دُفنت التعبير خلفه منذ فترة طويلة…
“خير ياخالد في حاجة…..”
توترت ملامحه قليلاً في ان يخبرها ولكنه حسم
أمره وسالها بنبرة مكبوتة التعبير قليلاً….
“اكيد سمعتي الاشاعات اللي بتتقال عنك…انتي ورائف الدسوقي….”
رفعت احد حاجبيها وهي تساله بشك….
“رائف؟……هو دا اللي خلاك تيجي لحد هنا يعني…”
رد خالد باستنكار به لمحة من التشنج…
“قولتلك اني جاي اشوف ابني…وكنت عايز اسألك
على موضوع الاشاعات دي….”
سالته اية بجمود…
“وتسالني بصفة إيه…..”
“يعني اي الكلام ده….”
ردت بنبرة مشتدة متحفظة….
“يعني اللي بيني وبينك ابنك دا اللي يخصك وتسأل عليه….اكتر من كده ملكش انك تسالني…..”
حاول ان يبرر سؤاله….
“بس انتي ام ابني وانا…..انا…..”
نهضت من مكانها ووقفت امامه وهي تقول باستنكار به لمحة من البغض….
“انتَ إيه…….انت ملكش حاجه عندي….اللي كان بيني وبينك إنتهى واذا كنت انا بتعامل معاك لحد دلوقتي
عادي…. فا ده عشان خاطر ابني ميتأثرش بسبب الطلاق ده…..لكن اقسم بالله لو كان (علي) مش موجود بينا انا كان عمري ما هوريك وشي دا تاني…. ولا هقف اتكلم معاك زي مانا وقفه اتكلم دلوقتي…..متدخلش في اللي ميخصكش عشان
دي حياتي وانا حُرة فيها
طالما محفظة على شكلي وشكل ابني قدام الناس يبقى متجيش تكلمني……وبنسبة للاشاعات فا
دي بتطلع كل يوم على اي ممثل بقدمه ضيف في البرنامج عندي……ودا اللي اقدر اقوله ليك….لكن علاقتي برائف او غيره ميخصكش واكيد مش
هاجي استأذنك في حاجة زي دي … ”
صاح بحدة امام عيناها العسلية الجامدة في تعبير..
“يعني اي مش هتيجي تستأذنيني….لازم اعرف
ياهانم لو هتجوزي عرفيني…..”
برمت شفتيها وعقدت يداها امام صدرها وهي تقول ببرود…
“اعرفك؟..اعرفك ليه؟… هو انت لم بتيجي تتجوز بتعرفني….”
رد بطريقة حمقاء….
“ايوا بعرفك….”
“بأمارة إيه؟….”

 

 

 

 

“بامارة اني هتجوز تاني يا اية…..”
صرخ في وجهها فقد استفزه جمودها معه لم تكن هكذا اصبحت كصقيع بلا حياة…أين ذهبت تلك
المرأة الحنونة الشفافة في حبها وشوقها إليه
قد جف نهرها الجاري بسببه ! انها غلفة كل
مابها بجليد…..
برغم من جمود ملامحها الجميلة إلا انهُ بان الالم في عينيها العسلية وكانه طعنها في نفس الجرح الذي لايزال حياً ينبض بالوجع….كره نفسه وهو يرى هذا الوجع بعينيها ولكن غضبه تحكم به وظل امامها قاسي جامد وقال من جديد…..
“انا جاي عشان اقولك اني هتجوز…..”
افترقت شفتيها في ابتسامة ساخرة وهي
تقول بهدوء…
“مبروك ياخالد……اكيد هاجي وباركلك بنفسي…”
ابتعدت عنه ومالت على ابنها لتاخذه بين يداها
وهي تقول بنبرة جامدة…..
“علي محتاج يغير……… عن اذنك….”
ابتعدت عن المكان للداخل وعلى وجنتيها تنهمر دموع الوجع !…….
زفر خالد بكبت وهو يراها تختفي امام عيناه….
ثم زفر بثقل على صدرة وهو يتمتم بحيرة من
أمره…
“ايه اللي عملته ده….”
اغمض عينيه الخضراء بتشتت وخرج من المكان
لسيارته الفارهة….
لطالما كان الحب وسعادة بين يداك وبمنتهى الغباء تسرب عن عمد منك ، لمجرد انك تميل لشقاء ، و رفس النعم هواية مبدع انتَ فيها اكثر من ابداعك في سير أمور حياتك !….
لا تسأل الحبيبة لماذا تغيرتي معي ، بل أسأل قلبك لماذا هان عليه الحب !…..
……………………………………………………………
“يعني اي مفيش اكياس دم في المستشفى…. المفروض اني اعمل اي دلوقتي…..” صاحت حنين بغضب وعجز وهي تنظر للطبيب المتابع حالة والدتها…..
رد الطبيب ببرود قائلاً بعملية…
“البنك مفهوش دم…. ووالدتك محتاجه كيسين حالياً
ممكن تشتريهم من اي بنك دم من برا……”
هدأت نبرتها ولمعة عينيها بدموع وهي تقول
بعجز….
“اجيب منين يادكتور…. احنا في مستشفى حكومية المفروض ان ده متاح عندكم….”
رد الطبيب بجدية عليها….
“يانسه حنين احنا هنا بنقدم اللي نقدر عليه لكن في حاجات غير متاحه عندنا وملزم ان المريض يجبها…..”
فقدت اعصابها من جديد وصاحت بقهر وهي تقف في ممر المشفى التي بها عدد ليس هين من الناس..
“يعني اي ملزم منه…ولي مش معاه يموت….ولا هو بس كلام اعلام… الشرطة في خدمة الشعب…والبلد دي بتاعت الشعب…..والمستشفيات والمدارس واحنا بنكبر وبنطلع وهنبقا وهنبقا….. فين كل ده وابسط حقوقنا مش واخدنها…. امي بتموت وانتَ بتقولي روحي اشتري دم…. روحي اعملي اشاعه من برا
هاتي دوا بشيء الفولني…… طب انا مش معايا… اسبها تموت… رد عليا… لحد امتى هيفضل يتمص في دمنا.. حتى واحنا رقدين على فراش الموت…. حسبي الله ونعم الوكيل….. حسبي الله ونعم الوكيل…..”
رجع الطبيب خطوتين للخلف ذاهلا من هجومها عليه…. فما دخله هو في كل هذا الكلام السياسي
الأقرب للتمرد على حكام الدولة… تلك الفتاة
غبيه وسينالها الأذى ان تطاولة اكثر على حكام
الدولة ، فكم من شاب صرخ بالحرية مطالب بدولة عادلة في الحقوق….. وكم من فتاة وقفت في قلب حشد كبير بين الرجال تطالب بحقوقها المغتصبة تعافر وسط صراخ موجع بالحرمان ، كم منا ضحى لأجل وطنه ودُفن تحت الرمال بدمٍ جاف… وظل المغتصب حي ينعم بوطنه……
احتلال وطن ظاهراً للاعمى….لكن اغتصاب وطن يظل مثل الابواب المغلقة لا يعرف ما بدخلها إلا اصحابها !…..
نظر الطبيب بخوف الى الرجل ضخم الذي يرتدي
زي ضابط شرطه والذي كان قادم عليهم بعد ان انهى
زيارته لأحد زملائه في الغرفة المجاورة…..
دخل هذا الضابط بوجه مكفهر عينيه تشع بالتقزز والشر اتجاه حنين….
“اي الدوشة دي ياعصام….مالها البت دي بتزعق ليه…”
ارتعد جسد حنين بخوف حينما ابصرت ملامحه المتجهمة الغير مبشرة بتهاون ، ظلت مكانها
واقفه بصمت ولم تقدر على الهرب من امامه…….
انتبه الطبيب لملامح حنين المرتعدة فقال
بهدوء……
“مفيش حاجة ياباشا هي بس امها تعبانه وكانت……”
“امها تعبانه تقعد جمبها مش نقصين دوشه….يلا يابت من هنا ومش عايزين صداع….”دفعها بيده
بقوة ارتطم جسدها في الحائط بشدة مما جعلها
تفقد اعصابها وهي تنفجر بوجهه…..
“اي قلة الادب بتاعتك دي…. هو انا بشحت منك …هو مفيش مراعيه عندكم ابدا……اي
الافترى بتاعكم ده…”
توسعت عيني الضابط بشر وكأنه كان ينتظر تلك الخطوة منها…..
“قلة ادبي انا طب تعالي بقا ياروح امك شكلي هتسلى عليكي انهاردة……”
مسكها من ياقة القميص وكانها مجرمه قد مسكها متلبسه للتو بقضية مشبوهة….قال وهو يجراها معه وهي تقاومة بقوة…
“قليل الادب ده هوريكي هيعمل في امك إيه…….تكونيش يابت فكراني مسمعتش البوقين الحمضانين اللي قولتيهم من شوية للدكتور…..البلد والشعب دي قضية تانيه ياروح أمك تخليك متشوفيش نور الشمس من تاني….”
حاولت ان تفك قبضة يده على قميصها وهي تصيح بنحيب قهر…..
“حرام عليك سبني….حسبي الله ونعم الوكيل فيكم……..”
رد الضابط بتوعد…..
“زودي على نفسك ياروح امك…..في القسم هنتحاسب…….”
خرجت معه وهي تبكي بقوة القاها في سيارة الشرطة من الخلف وكان بها عسكري كان ينتظر خروجه للذهاب للقسم معه…..نظر الضابط للعسكري وهو يوصيه عليها حتى لا تهرب منه….
“خد بالك منها يابني………لحد مانوصل….”
اوما له العسكري وهو يضع الكلبشات في يداها الإثنين…فغرت حنين شفتيها وهي تنظر للكبشات بصدمة….هل أصبحت مجرمه لمجرد انها خرجت
عن صمتها وتركت الجبن للحظات؟!…
اين انتَ يا وطني ، انا لا أنتمي لك صحيح ؟!….
اتى الطبيب ركضا الى الضابط وهو يترجاه ان يترك حنين فهي لم تقصد الاساءة إليه ولكن الضابط رفض
فتح المجادلة معه حتى ونظر له نظرة اخرسته وهو يستقل السيارة بجوار السائق بشموخ وقد اشار
له بالانطلاق للعمل فاليوم سيبدأ مع تلك المعتوها الجالسه تنتحب في صندوق السيارة الخلفي……..
توسعت اعين نزار وهو يدخل سيارته ويجري اتصال برئيس عمله….فتح الخط بعد لحظتين وقال عز الدين بملل وهو غارق بين أوراق مكتبه…..
“خير يانزار…..في إيه……”

 

 

 

 

رد نزار بحيرة وهو ينطلق بسيارته خلف
سيارة الشرطى…
“مش عارف اللي هقول لساعتك ده يهمك ولا لا….”
زفر عز الدين من الناحية الاخرى وهو يمضي على عدة أوراق…..
“اخلص يانزار انا مش فاضي لشغل العيال ده….”
“حنين…..”
تذكر عز الدين رائحة البصل فقال بتقزز غير
مبالي….
“مالها الهانم…….. قبلت خالد تاني….”
“لا…. حنين كانت عند امها في المستشفى النهاردة وانا رقبتها زي مانتَ امرتني…. قعدت مستنيها لحد
ما تخرج… ولم خرجت لقيت ظابط ساحبها وراه وبيزعقلها ودخلها البوكس…….وشكلهم طالعين على القسم انا وراهم دلوقتي……” صمت نزار للحظات
ثم قال…
“شكله قسم ***….البوكس وقف قدامه….تؤمرني بأيه ياعز بيه…..”
رد عز الدين بجمود….
“ولا حاجة سبها….اهو هنكون خلصنا منها
وارتاحنا….”
توسعت عينا نزار وشعر بصدمة فهو كان يتوقع شيءٍ غير هذا…..
“بس حضـ…….”انزل نزار الهاتف من على اذنه بعد ان سمع صرير انتهاء المكالمة…..ضرب نزار كف بالاخر وهو يقول بدهشة…..
“لا حول ولا قوة الا بالله……هو اي اللي حصل في دنيا……ياترى عملتي اي يانسة حنين…..”
……………………………………………………………
دخل الفيلا بعد يوم عمل طويل ككل الايام وجد
أخته(اية) تتحدث في الهاتف بعصبية لاحد
طاقم العمل في برنامجها والتي تستضيف به
أبرز النجوم في الوطن العربي وكذلك إظهار
بعض المواهب لدعمهم….
“متجدلنيش يارضوى….اعملي اللي بقولك عليه…”انتبهت لأخيها فقالت بنبرة هادئه
لا تخلو من الحنق…..
” طب أصبري…… هكلمك كمان شويه سلام…. ”
اغلقت الهاتف واقتربت من اخيها وقبلته في
وجنته وهي تقول بلطف….
“عامل ياعز….. حمدلله على سلامتك…..”
رد عليها بهدوء وهو يسالها باهتمام….
“آلله يسلمك…. مالك متعصبه كدا ليه….”
ردت آية عليه بملامح متجهمة…
“أبداً مانتَ عارف الشغل وكده…….”
زفر عز الدين بضيق وهو يسالها سؤال
محدد…..
“خالد جه النهاردة مش كده…..”
توترت حدقتيها وهي تحاول الهرب من امامه…
“آآه كان جاي يشوف ابنه……”كادت ان تبتعد
ولكنه اوقفها بهدوء وهو يسألها بشك….
“قالك اي ياية…..خلاكي مش طايقه نفسك بشكل ده…..”
ردت بتوتر جلي على وجهها….
“انت بتقول اي ياعز هيكون قالي اي يعني…انت عارف الشغل و…….”
هتف عز الدين بنبرة حازمة مُصرة……
“اية متكدبيش عليا…..انا عارفك وحفظك اكتر من نفسك…….قوليلي قالك إيه…..”
زفرت بسأم وهي تخبره بجزع…..
“قالي……كان جاي يبلغني ان هيتجوز تاني…..”
شتم عز الدين بصوت خافض وهو ينظر لوجه اخته الحزين باسى وعجز…..ود لو يمسح هذا الوغد من عقلها وقلبها ود لو يحمي قلبها من الوجع وعذاب
الهوى….يبغض الحب…..يبغض الضعف الذي يجعل المرء ضائع وضعيف امام من يحب بل ويحتاج لوجوده وكانه احد مصادر الحياة بنسبة له !…
“واي المشكلة……. انتي لسه بتحبيه….”
بطبع ردت عليه بانكار وانف مرفوع….
“لا طبعاً…. دي حياته وهو حُر فيها… ربنا يوفقه…”
لم يصدقها وضغط عليها بتشكيك اكبر….
“وطالما الموضوع كده ياية…… لي زعلانه ومتأثرة اوي كده….. وعماله تتخانقي مع دبان وشك….”
حاولت الهروب من تلك المناقشة الموجعه لقلبها
فقالت بعجلة..
“قولتلك عادي ياعز شغل….. انا هطلع فوق….”
“استني ياية…..” اوقفها بعد ان اولته ظهرها فقال خلفها بنبرة قاسية كالخنجر غرز في ظهرها….
“لو عايزه ترجعيله…. انا ممكن اتكه عليه وخلي يرجعك……. غصب عنه ان حكمت…..”
استدارت اليه اية بوجع وهي تساله بعتاب ناظرة الى عيناه بقوة….
“وترضاها لاختك ياعز…….. اغصبه على ان يرجعلي……انا مش عيزاه ياعز حتى لو هو جه من نفسه…….اللي باعني مستحيل اشتريه مهم كان….. ”
انهت النقاش وهي تصعد السلالم الى غرفتها بجوار
ابنها قطعه من حبيب ذبح قلبها بسكين بارد…..
زفر عز الدين بحنق وهو يصعد على السلالم بعدها داخل غرفته بوجوم……
اغلق الباب وخلع قميصه امام المرآة وهو يفكر في حديث اخته عن زواج خالد الذي ابلغها به وكانه
تأكد من رد تلك الشابة المدعو بـ(حنين)
“حنين…..” نطقها وهو يلقي قميصه على الفراش
ليطوف في عقله اول لقاء بها منذ عدة ايام فقط
هيئتها الفوضويه وثوبها المتسخ و رائحة….
مط شفتيه بتقزز وهو يدخل الحمام ليغتسل…
خرج بعد مدة ولم يرتدي إلا بنطال قطني

 

 

 

 

وظل عاري الصدر واستلقى على الفراش
هكذا…..
حاول النوم قدر المستطاع ولكن ابى النوم ان ياتيه
نهض بغضب واتجه الى شرفة غرفته اشعل سجارته وظل ينفث بها بحزع……وهو لا يعرف ماذا أصابه
ولما التفكير بها وتأنيب الضمير نحوها….
ما دخله هو ان دخلت السجن ام لا….اكيد مسجله لديهم فأول لقاء بينهم كانت تخشى ان يكون من
الشرطة…….
ما به هل هي من بقية اهله ليحمل لها هماً….
نفذت السجارة الثالثة فشعر بنعاس وقتها فدخل للفراش واستلقى عليه وذهب في ثباتٍ عميق……
………………………………………………………..
قد ظهرت الشمس أخيراً من خلال تلك النافذة الصغيرة العالية……في غرفة مظلمة برئحة
عفنه بين حشد ليس هين من النساء ذات
قضايا مشبوهة…….
نظرت حنين للشمس بوجع وعقلها يدور في اتجاه واحد…. والدتها واشقائها من سيتكفل بهما بعدها
ليس لديهم أحد……وان حكم عليها بعد افتراء هذا الضابط حتما لن ترى نور الشمس من جديد إلا بعد ان يشيب شعرها كما اخبرها الوضيع الذي جلبها إلا هنا ظلما…. بحجة التسلية عليها في العمل؟!…..
دخل العسكري في تلك اللحظة ونادى عليها
بصوتٍ جهوري بين الزحام…..
“حنين السيد……”
ظهرت بينهم وهي تقول بصوت مرهق….
“ايوا انا……”
قال العسكري بغلاظة….
“تعالي الباشا عايزك……”
تقدمت من العسكريّ فوضع الكلبشات من جديد بين يداها وقال بأمر…..
“قدامي يامتهمه……”
ودت لو صرخت بوجهه واخبرته انها لم تفعل شيء وليست مذنبه ولكنها متعبة…. متعبه لدرجة
تجعلها تقف على قدميها بصعوبة !….
دخلت مكتب الضابط…..وابصرت بعينيها عز الدين يجلس امام المكتب على احد المقاعد…. نظر لها
وتمعن بما اصابها فشعرت بالحرج وتوتر والاختناق
من هذا الموقف ومن تلك النظرات القوية…..
نظر عز الدين بدهشة إليها… كانت شاحبة الوجه بعيون حمراء كالدماء من شدة البكاء ، شعرها البني الداكن فوضوي مشعث….جسدها هزيل قد لاحظ هذا عن المرة السابقة ربما لانها ساكنة صامته لا تبهرج
بجنون كسابق….كانت طبيعيه مكسورة شفافه….. محرجه منه !؟…..
نهض الضابط من مقعده وهو يقول بلطف
وحرج….
“حقك عليا ياحنين هانم….انا مكنتش اعرف انك تبع الباشا….اللي ما يعرفك يجهلك…..”
عقدت حنين حاجبيها ونظرت اليه بدهشة وبرمت شفتيها بسخرية على حال البشر وتغيرهم….
نهض عز الدين من مكانه اليها وهو يقول للضابط بصرامة…
“اللي حصل لحنين من هيعدي على خير يارشاد…
أعرف انك هتتحاسب عليه…..”
رد الضابط بتملق مصطنع…..
“ياباشا انا كُنت بقوم بشغلي…ولي ما يعرفك ياجهلك بس……”اشار له عز الدين بيده بان يتوقف عن الحديث وبالفعل صمت بوجوم…….
وقف عز الدين امام حنين وهو يسالها بهدوء…
” انتي كويس ياحنين…… ”
هزت راسها ونزلت دموعها وهي تقول بتعب….
“ينفع اخرج من هنا…..”
مد يده ومسح دموعها بيده وهو يقول بنبرة
هادئه فاترة…
“هنخرج متقلقيش…..”
نظر للكلبشات بين يداها ثم لعينيها الحمراء واتجها بعينيه العسلية القاسية للضابط وهو يقول….
“هات مفتاح الكلبشات دي…..”
توتر الضابط وهو ينهض بسرعة ينادي على العسكري بصوت جهوري…. لياخذها منه بعدها ويتجه نحو حنين ليفك قيدها لكن امتنع عز الدين وهو
يقول بأمر…..
“هات المفتاح وسبنا لوحدنا شوية…..”
اوما له الضابط باحترام وخرج مغلق باب المكتب خلفه…..
سألها وعيناه على القيد الحديدي….
“عملتي اي عشان ياخدوكي……”
اغمضت عينيها وفتحتهم باعياء….
“انا مش قادره اقف….. ينفع قعد…..”
أومأ لها وهو يمسك يدها يساعدها على السير خطوتين حتى وصلت للمقعد وجلست….
جلس امامها بحنق على أحد المقاعد واخذ يدها
وبدا بفك القيد……
“أحنا هنخرج من هنا دلوقتي… تحبي اوصلك فين…”
ردت بمعجزة وسط ارتخى علقها وجسدها….
“المستشفى………. عند امي….. ”
تامل تعبها للحظات بقلق ثم المه قلبه لاجلها فهو سبب ما تعانيه لو كان اخرجها حينما علم من
نزار لكانت نائمة في بيتها الآن….
انه اصر تجاهلها طوال الليل برغم انشغال عقله
بها، وقد ظن للحظات انه نسى أمر اخرجها من
تلك البلوى الواقعه فيها ولكنه لأول مرة لا يفهم نفسه وهو يخرج مبكراً اليها بعد ليله كان النوم فيها متقاطع على نحو مرهق لاعصابه لاجل امرأة غريبة لم يقابلها إلا مرة واحدة؟!….
سالها بعينان قويتان تخترق الإجابة قبل القاء
السؤال على عاتقها…..
“انتي مسامحه الظابط على اللي عمله فيكي…”
رفعت عينيها إليه بحيرة ولم تفهم بماذ يعني سؤاله فوضح جملته اكثر وهو يقول بخشونة….
“انا ممكن أنقله في اخر بلاد المسلمين……وخلي يسف التراب في البلد اللي هيقعد فيها…..بس انا مش هعمل دا كله غير لم تقوليلي….عشان دا في نهاية حقك انتي…… مش حقي انا….”
نظرت له بعينيان جامدة برغم شفافية تعبيرها
قالت بشفتيها اليابسة….
“انا وكلت ربنا وهو هياخد حقي……..”
“ونعم بالله بس….”
قاطعته وهي تنهض بصعوبة….
“شكراً ياستاذ على اللي عملته معايا……ينفع أروح…”
أنتبه انها حتى الآن لا تعرف اسمه فقال بنبرة
هادئه ولكنها صارمة …
“اسمي عز الدين….عز الدين الخولي…….وااه ينفع تروحي….بس استني تطلعي معايا الأول
وبرا القسم نشوف انتي هتروحي فين….اتفقنا….”
اومات له وهي تقف مكانها بصعوبة وتشعر ان الارض تميل بها……..
دخل الضابط بعد ان نادى عليه عز الدين….
“اوامرك ياباشا……”
اقترب منه عز الدين ومالى على اذنه وهو يقول بهمس خطير غاضب….
“المحضر يتقطع….واحمد ربنا يارشاد….ان حنين سكتت وعفت عنك…..مع ان كان نفسي تديني بس الإشارة…….ساعتها كنت هوريك النجوم في عز الضهر…… ”
“ياباشا انا…..”
قاطعه عز الدين بنبرة صارمة ساخرة….
“انا عارفك يارشاد مبتقدرش غير على الضعيف……متنساش اول مره قبلتك فيها……”

 

 

 

 

بلع رشاد ريقه واسبل جفنيه بارتعاد وهو يتذكر نفس سوء التفاهم بينهم وماذا فعل به عز الدين ليعاقبه اسقاه المُر لكي يعفو عنه ، وبعد كل تلك السنوات يتكرر الأمر عند شابة بائسه فقيرة يتضح بعد
المبيت ليله واحده في الحجز انها تخص نفس
الرجل الصارم الغير متهاون في تلك الأخطاء
أبداً…..
لكنها تهاونت تلك البائسة نيابةً عنه وعفت عنه ؟!
اتجه عز الدين نحو حنين ومسك بمعصمها برفق
وهو يقول….
“يلا بينا شكلك تعبانه…..”
سارت معه بتعب لم تقدر حتى على سحب ذراعها من بين قبضة يداه ولا حتى التعليق على اي شيء…
شعر بذراعها يرتخي وهم يسيرا في الممر الطويل..
نظر لها بدهشة فوجدها تغمض جفنيها وتترك الراحة لجسدها عند اعمق نقطة في الظلام……
التقط جسدها في لحظة بين يداه ونادى عليها بقلق…..
“حنين……. حنين….” لم تستجيب حتى بعد ان صفعها برفق على وجنتيها…..
احضر له احد العساكر كوب ماء وقد ألقى عز الدين قطرات منه بيده على وجهها لكنها لم تستجيب…
وكان وجهها شاحب وتحت عينيها أزرق.. انها
متعبه بقوة وكانها تتالم في سكونها….. هيئتها تلك جعلت عقله يستوعب وهو يحملها بين ذراعيه ويخرج بها سريعاً لسيارته…..

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى