روايات

رواية قاع البير الفصل الثاني 2 بقلم هنا عادل

رواية قاع البير الفصل الثاني 2 بقلم هنا عادل

رواية قاع البير الجزء الثاني

رواية قاع البير البارت الثاني

رواية قاع البير الحلقة الثانية

بمجرد ما سمعت صوت اخويا بيرن فى ودني حسيت انى تايه اكتر ما انا، لا عارف ابص على ابني اللى واقع على الارض ولا عارف ابص على اخويا اللى صوته صداه فى وداني، لكن من غير ما افكر لقيت نفسى برجع اقرب من اخويا واقعد على ركبي جنب منه، وكأني مستني منه يتكلم معايا، الناس من حواليا اخدوا عيالى وطلعوهم بره الاوضة، بس وجعي على اخويا خلاني مش عارف ابعد عنه، ده خلاص كلها شوية دقايق ويفارق الارض اللى بنعيش عليها، عارف أن ابني جنبه اللى يخلوا بالهم منه، لكن اخويا كلمني نده عليا، نطق بأسم بنته، كنت قاعد معاه لواحدنا، مش قادر اغطي وشه، أه انا عارف ان ملامحه اختفيت وضاعت، لكن دى جتتة اخويا، الملامح اللى ساحت واتحرقت دى انا حافظها وكأني شايفها قدامى بعنيا:
– أنور ياخويا، أنا قاعد جنبك اهو، جيتلك متأخر حقك على راسى، ياريتني كنت انا وانت لاء يا خوي.
سكت للحظات وكأني مستنيه يرد عليا، لكن هو مردش، كملت كلامي انا حاسس انه هيسمعني:
– متخافش يا ابن ابوي، بنتك امانة فى رقبتي، لحد أخر نفس فيا مش هسيبها ولا ابعدها عني، دى بنتي الغالية اللى من ضهر الغالي، ارتاح يا حبيبي، وفى جنة المولى ونعيمها، مش صعبان عليا المك من النار اللى قادت فيك، انا عارف ان ربنا هيعوضك عن حرقتها ولهيبها برحمته ونعيم جنته يا نني عين اخوك.
خيري:
– كفاياك يا زكريا ارحم حالك، ادعيله بالرحمة وخلينا نروح نصلي عليهم، الوقت ازف.
زكريا وعنيه على اخوه:
– شيماء بت اخوي فين يا خيري؟
خيري:
– مع الحريم، عماتها معاها متقلقش.

 

 

زكريا:
– مفيش حريم تطلع ورا الجنازة، لكن بنت اخويا تبقى فى يدي، توصل ابوها واخواتها وأمها معانا.
فى اللحظة دى حصلت حاجة غريبة جدا، وكأن اللى حصل اشارة بالرفض من خروج شيماء ورا جنازة اهلها، أتحركت رأس انور علشان تتجه للجنب التاني بعد ما كان وشه فى اتجاه السقف، اتفزع خيري لما شاف رأس انور اتحركت لواحدها:
– الحق يا زكريا، اخوك راسه مالت الناحية التانية.
زكريا:
– لسه روحه حوالينا يا خيري، حزين على بته اللى اتيتمت بدري، يلا خلينا نطلع.
خيري:
– طيب اعقد الكفن بقى يا زكريا، علشان نخرجوهم.
فعلا قومت من مكاني مسكت رأس اخويا بالراحة انا حاسس انها طرية زى العجين فى ايدي، على مهلي عدلت وشه زى ما كان وربطت الكفن على رأسه وبوست رجليه ودماغه وودعته، وخرجت للجماعة علشان يدخلوا الخشبة، وقفت معاهم وشيلناه فى الخشبة بتاعته..وروحت ساعدت الناس فى نقل ولاد اخويا للخشب، وكانت مرات اخويا الله يرحمها اخواتها نقلوها لخشبتها، الصراخ والعويل منقطعش، مقدرتش اقول لحد حرام ولا أسكّت واحدة من الحريم، أنا بروحي كنت بولول زيهم، دورت بعيني على بت اخويا بس مش شايفها فى وسط الحريم، كانوا اخواتى واقفين وجنبهم مراتي وغادة بنتي كريم ابني كان واقف معايا لكن ضياء كمان مش شايفه، عرفت ان اللى سقط مننا فى الاوضة اكيد ضياء وعلشان كده مش موجود، اتحركت خطوتين لورا وقربت من اختي:
– بت اخوكي فين يا عزيزة؟
عزيزة بعياط:
– ربنا يلطُف بيها يا زكريا.
زكريا:
– خليها تيجي توصل ابوها وامها واخواتها.
عزيزة:
– روحوا وصلوهم انتم، سيب البت فى اللى هى فيه، يا حرقة قلبى عليكي يابنتي.
قالت عزيزة الكلمة دى وابتديت تصرخ وتلطم، ودى كانت سبب فى ان باقى الحريم صوتهم يعلى ويزيد صراخهم، حتى مراتي وبنتي كانت دموعهم سامع صوتها بوداني، الحزن كبير على اي حد وبالذات على الغاليين، لكن عندنا فى الصعيد الحزن صعب، والموتة كانت توجع وتحزن، والرايحين اغلى الغاليين، طلعنا بيهم، ومش هبالغ لو قولت ان البلد كلها كانت ورانا، نجع حمادي بحالها كانت بتصلي على الغاليين، بصلي عليهم ودموعي نازلة مش عارف احوشها، ملقيتش حد منهم بيمثل الحزن، روحنا نوصلهم للمدافن نزلت مع اخويا، نيمته واطمنت عليه ودعته لأخر مرة، نام ابنه الوحيد جنبه بسلام، وكأن الاتنين رفضوا يبعدوا عن بعض، اصل اخويا وابنه كانوا أصحاب بمعنى الكلمة، ومرات أخويا وبنته الكبيرة نزلوا مكانهم الاخير، خلصنا الدفن ووقفنا على قبورهم ندعي ونقرأ القرأن، محدش خلص الدفنة واستعجل انه يمشى، صوت ترديد دعوات الشيخ كانت بتهز المدافن من كترها، وقفنا وقت طويل ندعيلهم ربع ساعة، نص ساعة…ساعة بحالها الناس واقفة حوالين القبور تدعي وتقرأ قرأن، احنا دافنينهم العصرية، وقفت خدت العزا على المدافن انا وخيري ويوسف وجاد ومحمد أجواز اخواتي، والحاج صالح كمان كان معانا، واخوات مرات اخويا، وأعمامنا وأخوالنا، اصل احنا عيلة كبيرة.

 

 

عمي مسعود:
– يلا يا رجالة نرجع على البيت، الصوان لازم يتنصب.
خيري:
– متقلقش يا حاج مسعود، كل حاجة جهزت، يوسف وجاد كتر خيرهم خلصوا كل حاجة مع الفراشة، ومحمد اتفق مع الطباخين.
الحاج خلف:
– كان اصول نعمل عزا بنت اخوي عند دوار ابوها يا حاج مسعود.
الحاج مسعود:
– يا حاج خلف، العزا أتعمل قصاد بيت المرحوم والمرحومة، أنا مقولتش نعمل العزا قصاد بيتي ولا بيت اخويا، العزا اتعمل مكان ما عاشوا وماتوا.
الحاج خلف:
– ماشي يا حاج مسعود أنت راجل تفهم فى الاصول وأنا مش هعدّل عليك، يلا بينا نتوكل على الله، ميصحش الناس تروح الصوان وتلاقي محدش فينا موجود.
عمي مصطفي:
– يلا يا زكريا يابني، خلينا نروح ناخد العزا.
زكريا:
– انتم الخير والبركة يا عمي، روحوا وانا هحصلكم طوالي.
كريم:
– يابابا يلا بينا نمشى مع الناس. ايه اللى هيخليك تستنى هنا؟
زكريا:
– هحصلكم يا كريم، روح انت مكاني مع اعمامك، وهتلاقونى جيت وراكم علطول.
عم مسعود:
– ياولدي الدنيا هتليل، وأنت اخوه لازم تكون موجود.
زكريا:
– مش هطول يا عمي، هتلاقونى قبل ما الناس تبدأ تيجي، ولدى كريم مكاني لحد ما ارجع.
محمد:
– خلاص يا جماعة خلوه على راحته، بس بلاش تتأخر فى الليل، متنساش ان المدافن لها حرمتها كمان.
زكريا:
– ماشى يا محمد.
فعلا مشوا كلهم وفضلت انا قاعد فى مدفن العيلة، اصل احنا لينا مدافن بتاعت عيلتنا، الحريم والرجالة مدفن متحاوط بمبنى كده وحواليه مصاطب علشان من عادات العيلة عندنا ان فى كل اربعين او سنوية لحد من اللى راحوا، نعمل ختمة قرأن فى المدفن بتاعنا على روحهم، وعلشان كده المدفن كان شبه الاستراحة، قعدت قصاد المدافن قرأت قرأن من المصحف اللى اتحط على القبور بتاعتهم، ورجعت دماغى بذكرياتى مع اخويا، مش عارف فات وقت قد ايه وانا بفتكر، لكن مفوقنيش من شرودى غير صدى صوت فى المدفن، صوت جالي وانا مش عارف صوت مين، أتكلم بوضوح، شيماء يا زكريا، خد بالك من شيماء.

 

 

سمعت الصوت قلبى اتنفض هو مش صوت اخويا، أنا عارف صوته كويس، بقيت بتلفت حواليا زى المجنون بشوف الصوت ده جاي منين، خرجت اجري اقف على باب المدفن اقول يمكن حد واقف يكلمنى من برة المدفن، لكن مفيش بني ادم واحد واقف فى المكان بحاله، رجعت بصيت تاني على القبر بتاع اخويا وانا فاكر أن اللى بسمعه ده تخاريف من صدمتى ووجعي على اللى حصل، لكن فى لحظة سمعت صدى الصوت، القاع يا زكريا، السر فى القاع دور عليه هتوصل.
بعد اللى اتقال ده عرفت ان انا مش بيتهيألي لاء ده فيه حد بيتكلم معايا، بس قاع ايه ده اللى ادور عليه، ومين اللى بيتكلم وهو فين، ده مش انور ولا ده صوته، قبل ما ابدأ ازود فى كلامي مع نفسي والتفكير فى اللى سمعته، جالى غفير المقابر وبصوت خشن لقيته بيتكلم:
– ايه يا حاج زكريا، انت مش ناوى تمشى ولا ايه؟ خلاص الليل دخل والوقت ده مش حلو تستنى فيه هنا.
زكريا:
– انت جيت من شوية يا حسنين هنا؟
حسنين:
– جيت فين يا حاج؟ انا من وقت ما خلصت الدفنة كنت فى اوضتي بعد ما خلصت شغلي.
زكريا:
– يعني انت مكنتش واقف على الباب قبل ما اشوفك دلوقتى؟
حسنين:
– لا والله يا حاج انا لسه طالع من اوضتي وبأمن على ابواب المدافن اللى اتفتحت النهاردة، اصل انا لازم قبل ما انام اتأكد ان المدافن كلها مقفولة، أنت عارف ولاد الحرام حتى حُرمة الميت مبيبقاش لها هيبة عندهم.
زكريا:
– ماشي يا حسنين، خلي بالك من المدفن، وأنا الصبح هرجعلك تاني.
حسنين:
– ربنا يصبرك يا حاج زكريا، ويرحمهم برحمته الواسعة، بس الا هو ايه سبب الحريقة اللى حصلت؟
وده السؤال اللى لحد الوقت ده مهتمتش انى اعرف اجابته، طول الوقت كنت مهتم ان خلاص اخويا مفارقنى وحزنى على فراقه كان اكبر من انى اهتم بأيه اللى حصل، لكن صحيح هى الحريقة قامت ازاى؟
وازاى كلهم راحوا فيها؟
وازاى شيماء بت اخويا هى الوحيدة اللى طلعت من الحريقة دى بخير؟
اصل البت مش فى المستشفى، معنى كده ان حالتها كويسة، ولا تكون عزيزة اختى مرضيتش تقولى ان البت فيها حاجة وقت ما سألت عليها علشان متزودش الحزن عليا؟، صحيح اصل ازاى هتسيب البت لواحدها فى الحالة اللى هى فيها وبعدين الصدمة صعبة، وعيلة زي دى مش هتتحملها بسهولة.

 

 

حسنين:
– ايه يا حاج؟ روحت فين؟
زكريا:
– هااا؟ معلش يا حسنين هسيبك انا علشان عوأت عليهم وتلاقى العزا اشتغل بكرة الصبح هتلاقيني هنا.
حسنين:
– ماشى يا حاج، ربنا يجعلها اخر الاحزان.
خرجت من المدفن وسمعت صوت القفل والسلاسل اللى بيقفل بيها حسنين باب المدفن وانا ماشي، لكن لأول مرة احس ان جسمي بيتنفض وكأن فيه حاجة بتطوف حواليا او حاجة مرقباني، وصدى الصوت سمعته مرة تانية، القاع يا زكريا، دور على القاع هتوصل.
معرفش ازاى لقيت نفسي بجري وكأن حد بيجرى ورايا عايز يمسكني، للحظة فكّرت ان حسنين ممكن يكون ماشى ورايا، لكن الخوف اللى كان فى قلبي خلانى اجري وكأني لو لفيت ابص ورايا هشوف حاجة مش عايز اشوفها، مش عارف جريت قد ايه ولا ازاى ولا حتى عارف انا ازاى وصلت عند البيت علشان الاقى العزا شغال والصوان مليان ناس على اخره لكن برضه ابني ضياء مش باين وانا نفسى حاسس اني تايه لكن لازم اخد العزا، وده اللى عملته علشان ده مش وقت كلام ولا سؤالات ويخلص العزا ولكل حادث حديث.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قاع البير)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!