روايات

رواية وسام الفؤاد الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم آية السيد

رواية وسام الفؤاد الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم آية السيد

رواية وسام الفؤاد الجزء الخامس والعشرون

رواية وسام الفؤاد البارت الخامس والعشرون

رواية وسام الفؤاد الحلقة الخامسة والعشرون

الاستغفار يزيل الهم ويوسع الرزق ويطهر القلب استغفروا❤️❤️
✨✨✨✨✨✨
“ليه كده يا أحمد… ليــــــه!!!!!!
هب احمد واقفًا وولى ظهره للمكتب ليخفي شاشة الحاسوب، ثم طاطأ رأسه لأسفل حرجًا من أخيه وأخذ يبتلع ريقه مرتبكًا ومنتظرًا صفعة محمود أو طعنـاته بكلماتٍ جافة قاسية، فأردف محمود بحسرة:
-إنت يا أحمد!! يالي بتحفظ كتاب ربنا!! يا شيخ أحمد يالي بتصلي بالناس!
قالها محمود بسخرية وهو يهز رأسه مستنكرًا،أطلق تنهيدة طويلة وزم شفتيه وهو يحدق بملامح أخيه الوجبة الخجلة حاول محمود أن يبعد أخيه عن شاشة الحاسوب؛ يود قراءة المحادثة كاملة وفي سرعة فصل أحمد الجهاز عن مصدر الكهرباء، وقف أمام محمود يمسح ذقنه ويتلاشى النظر بعينية قائلًا بنبرة مرتعشة:
-أنا هفهمك كل حاجه
قطب محمود جبينه وقال باستهزاء:
-هتفهمني ايه!! ما أنا شوفت كل حاجه… بحبك يا سديل وهي كمان بحبك!
ضحك بسخرية وقال بعدم تصديق:
-المشكله إن إنتوا الاتنين عارفين الحرام من الحلال… أنا حقيقي اتصدمت فيكم!
شعر أحمد بوغزات الدموع في عينيه أوشك على البكاء حتى أن فمه تقوس لأسفل يوشك هو يعلم أنه مخطئ كانت تلك هي المرة الأخيرة وسيرجع عما يفعله! فهل انكشف عنه ستر الله؟ رفع رأسه يُطالع وجه أخيه المتجهم وتعلو الصدمة خلجاته ومعالمه، ابتعد محمود خطوات وجلس على الأريكة يضـ رب كفًا بالأخر متعجبًا، فأقبل أحمد وانحنى أمامه قائلًا بصوت مختنق:
-مش أنا إلي بكلمها والله يا محمود… أنا متابع الرسايل مش أكتر… إديني فرصه أشرحلك… والله هحكيلك كل حاجه من البدايه بس اسمعني وافهمني…
نهض أحمد وقام بتوصيل مصدر الكهرباء بالحاسوب مجددًا مرددًا بندم:
-أنا غلطان وأستاهل ضـ رب الجزمه بس متظلمهاش
دقيقة مرت عليهما في صمت تام حتى أضاءت الشاشة غأشار احمد نحوها موضحًا:
-بص يا محمود ده أكونت رضوى أهوه بس أنا فاتحه
وقف محمود جواره محدقًا بالشاشة وقال:
-دا أكونت رضوى بنت خالتك!!!
اومأ أحمد رأسه إيجابًا وقال:
-أ… أيوه وهي إلي بتكلمها والله بس أنا شايف الرسايل
-يعني إيه… وليه تشوف الرسايل!!!
تلاشى أحمد النظر لعيني أخيه وقال بنبرة منكـ سرة:
-أنا إلي خليت رضوى تكلمها و… كانت بتبعتلها فديوهات ليا يعني للقناه بتاعتي و… و…
زفر محمود بقـ وة ورفع إحدى حاجبيه قائلًا:
-وطنا عايزك تحكيلي من البداية
جلس أحمد على المقعد مقابل أخيه يُحدق بالأرض بإحرج وقال بنبرة خافته:
-كنا في أول رمضان… كنت عند مريم وهي طلعت من غير النقاب وشوفتها… ساعتها كان عندي فضول أعرفها وصلت لصفحتها من تلفون مريم واتفقت مع رضوى تتعرف عليها و… وتكلمها عني وتشوف رد فعلها ورضوى اديتني الباسورد عشان أقرأ المحادثات بس… بس هما بقوا أصحاب ورضوى قالتلي إنها أخر مره تخليني أقرأ المحادثه وأنا… وأنا كمان كنت عايز أبطل أعمل الذنب ده ودي كانت أخر مره
-عيب عليك والله… ورضوى كمان مشتركه معاك…
مال محمود بجزعه العلوي نحو أخيه ورفع ءقنه لينظر لعينيه مردفًا:
-دي خيانه يا أحمد ملهاش أي مسمى تاني إنت خاين… وقبل ما تخونها هي خونت نفسك
أغلق جفونه ليعصر مقلتاه وتهطل الدموع منهما على وجنتيه، تذكر كلامه مع أسامه فها هو يشبهه الآن! يُقال: “من عاب ابتلى” وفي حديث الترمذي قال صلى الله عليه وسلم: ” من عير أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله” وهو عير أسامه بمصاحبته للبنات، نعم عيره وكلما اتيحت له الفرصة وذكر اسم أسامه في مجلس كان يسخر منه بين الجميع وها هو يقع في فعل أشبه بما فعله أسامة نعم فالآن هو يُعتبر خائن!
ارتخت ملامح أخيه أثر دموعه وقال بنبرة هادئة:
-هي مشاعرها ايه من ناحيتك يا أحمد؟!
مسح أحمد دموعه المناسبة دون توقف وقال بصوت متحشرج:
-هي كمان بتحبني… بس هي محترمه جدًا يعني عمرها ما كلمتني ولا بتفكر أصلًا تكلمني
نهض محمود واتجه نحو باب الغرفة فهب أحمد واقفًا ومسك يد أخيه قائلًا برجاء وبصوت باكٍ:
-متقولهاش يا محمود بالله عليك… أنا آسف والله… والله هصلح كل حاجه بس متقولهاش متخليهاش تكرهني أنا بحبها والله وهتجوزها
نظر محمود لعمق عيني أخيه البارقة بالدموع قائلًا بعتاب:
-مفيش راجل بيعمل كده يا أحمد.. الراجل مش بيروح يكلم البنت ولا بيحاول يلفت نظرها.. الراجل بيشتغل ويشقى ويكد ويتعب عشان ياخد إلي بيحبها مش يفتنها بيه ويفتن نفسه بيها!! مفكرتش إن ممكن ربنا يحرمك منها بسبب تهورك ده…
هز أحمد رأسه نافيًا بعـ نف فلا يتخيل أن تكون لغيره وقال بسرعة:
-لا لأ متقولش كده أنا هصلح كل حاجه… صدقني
ربت محمود على كتف أحمد وقال:
-ماشي يا احمد أنا هسيبك.تراجع نفسك وأنا واثق فيك بس خليك عارف إن زي ما إنت أخويا سديل برده أختي وأنا لا يمكن أسمح لحد يلعب بمشاعر أختي… فاهم؟
أومأ أحمد رأسه لأسفل مرددًا: فاهم
خرج محمود من الغرفة وصفع الباب خلف ظهره، واستلقى أحمد على الفراش يفكر فيما فعله وكيف كان مغيبًا لشهر كامل تُجر قدميه في الخطأ ولا يكاد يشعر حتى وجد نفسه في القاع ولا يعلم متى وصل إليه!!!
__________________________
أضاء صباح ثاني أيام عيد الفطر المبارك، في السادسة صباحًا وقفت هبه بالشرفة ترتدي إسدالها فلم تنم مذ صلت الفجر، كانت تستمع لتغريدات العصافير وتتذكر ليلة الأمس وكيف كان آصف يُطالع عاصم بغيرة واضحة ابتسمت وأغلقت جفونها لتسمح للهواء النديّ بمداعبة وجهها، ليخرجها من أفكارها صوته الخشن أثر النوم:
-الله! دا القمر بيطلع الصبح وأنا معرفش
لم تلتفت فلابد أن ترفع تاج كرامتها وستنصرف من أمامه دون تعقيب كادت أن تغادر فأوقفها صوته الرخو:
-إيه يا برتقالي إحنا هنفضل كده كتير! يعني معقوله نقضي أول عيد لينا مع بعض وإحنا متخاصمين!
وقفت أثر كلماته، ودنا هو منها ليقف مقابلها قائلًا بندم:
-أنا آسف
احتد صوته قليلًا وأردف:
-ولو إني مغلطتش… بس أنا آسف
تخصرت هبه واتسعت مقلتيها قائلة بنبرة مرتفعة وبتعجب:
-مغلطتش!!! والله!!!
انفرجت ثغره بابتسامة واسعة وقال:
-خلاص يا ستي غلطت سامحيني بقا!
لم ترد عليه ورفعت رأسها عاليًا تنظر للسماء بكبرياء فأردف:
-ها نقول صافي يا لبن
ابتسمت ونظرت له بطرف عينها قائلة:
-ماشي يا أحمر
ألقى لها قبلة في الهواء وقال بابتسامة:
-كل عام وإنتِ معايا يا حبيبتي
وبحرج قالت وهي تتحاشى النظر لوجهه:
-كل عام وإنت بخير يا أحمر
وقفت مجددًا تستند على سور الشرفة وتُطالع الشجر والطريق الخالي من الناس، فتنهد آصف بارتياح ودنا منها ووقف جوارها ثم قبض على كفها الناعم بين يده ودون أن ينظر إليها قال بعاطفة: أنا بحبك يا هبه
نظرت له مطولًا وهو يُطالع الطريق، لا تعلم هل هي تحبه! لمَ تلك الكلمة ثقيلة على لسانها؟ هي لا تتخيل أن تفقده لا تتخيل حياتها بدون وجوده فهل هذا حب! بل لا تتخيل يومها يمر دون أن تراه ولو خلسة هل هذا حب!
كان يراها بطرف عينيه يعلم أنها تُطالعه فلم يلتفت لها بل ظل مبتسمًا لحين نظرت أمامها مجددًا فالتفت لها بكامل حسده ورفع كفها لأعلى ليطبع قبلة على باطنه وابتسم متذكرّا يوم زفافهما حين وضعت يدها على صدره وكأنها في تلك اللحظه ربتت على قلبه وضمته فبات يعشق تلك اللمسة الحانية…
“ضع على صدري يمناك فما أجدر الماء بإطفاء اللهب”
كان آصف يغني تلك الكلمات بصوته الخشن بابتسامة واسعة وهو يضع يدها على صدره أو بالأحرى على قلبه، ويضغط على يد هبه الممتعضة من صوته قبل لمساته، نفخت بحنق وقالت:
-بقولك إيه مش كل شويه تحط إيدي كده وتقرفني… أنا أصلًا مبحبش التلزيق ده
طالعها بهُيام وبصوتٍ رخيم قال:
-بس أنا بقا بحبه والعبد لله لما بيحب حاجه مش بيسيبها
نزعت يدها منه بعنـ ف وسارت خطوتين بعيدًا عنه ثم عادت مرة أخرى وقالت بضجر:
-وبعدين قولنا صوتك وحش ميتسمعش مصمم تصدعنا… طيب أنا هستحمل عادي البنت إلي جوه دي ذنبها إيه!!
قهقه ضاحكًا وولت هبه ظهرها لتضحك هي الأخرى بخفوت قبل أن تلج لغرفتها فهرول خلفها وفتح عليها الباب قائلًا:
-هبه أنا محتاج احتواء وحد يحس بموهبتي… مع شوية تدريب بقا صوتي هيتحسن
قهقهت ضاحكة وقالت بضجر:
-الموهبه مش موجوده أصلًا عشان حد يحس بيها… يا حبيبي صوتك ميتسمعش
ابتسم ووقف أمامها ليميل نحو وجهها قائلًا بهُيام:
-حبيبك!! إنتِ قولتِ حبيبي؟
تداركت ما قالته بعفوية ودفعته بخفه ليفسح لها الطريق وهي تقول:
-مقولتش حاجه! وسع كده أنا رايحه الحمام…
خرجت من الغرفة بخطوات واسعة لتهرب منه واتسعت ابتسامته وهو ينظر لطيفها مرددًا بانتصار:
-طيب والله قالت حبيبي… طيب الحمد لله أهي بدأت تنقط
استغفروا❤️💐
______________________________
وفي التاسعة صباحًا ووقفت وسام تنظر عبر النافذة على الحديقة التي زينها فؤاد ونوح بالبلالين ووضع بها مرجوحة وكثير من الألعاب الأخرى بناء على رغبة الجد لأطفال العائلة فاليوم هو ميعاد التجمع العائلي إحتفالًا بالعيد، وإذ فجأة يتجهم وجهها على ذكر تجمع العائلة متبرمة من قدوم ابنة خالتها “چيهان” تلك الفتاة اللزجة السمجة الأكبر منها بثلاث أعوام والتي كانت تحب فؤاد منذ الطفولة وأخوها “جاسر” الأكثر لزوجة وسماجة منها! والأدهى أنهم سيقضيان معهم عدة أيام لأنهما من محافظة أخرى! أما يكفيها ما حدث بالأمس يبدو أن اليوم أيضًا سيكون مليئ بالمفاجئات! زفرت بقـ وة وأخذت تقطع الغرفة ذهابًا وإيابًا تصرخ كلما تذكرت ما حدث بالأمس وما سيحدث اليوم! تذكرت كيف أخذتها خالتها عنـ وة من غرفة فؤاد لتنام جوارها وكيف قضت ليلتها في أرق وقلق، والآن يجب أن تخرج من حالتها تلك ويتثنى لها أن ترسم ابتسامة جليدية على وجهها طوال اليوم وترحب بالجميع، نظرت لنفسها عبر المرآة ولإبتسامتها السمجة وقالت:
” مرحبًا هنا وسام تُرحب بكم”
انتبهت والتفتت يمينًا حين فتح فؤاد الباب وأقبل نحوها قائلًا بابتسامةٍ عذبة:
-أنا قولت إنك صاحيه؟
عقبت بنزق:
-منمتش أصلًا يا فؤاد
-مقومتيش وجيتِ جنبي ليه يا حبيبتي؟
-ما أنا خوفت خالتي تزعل!
ابتسم بعذوبة وقبض على يدها قائلًا:
-خلاص هانت وهنبقى في بيت واحد ونخلص من خالتك المفترية دي… بس دلوقتي يلا بقا عشان نفطر أنا مستنيكِ من بدري!
-هما فطروا تحت!!
-يـــاه من بدري… يلا بقا نجهز فطارنا!
قهقه ضاحكًا وهو يتذكر طفولتها وغمز لها مردفًا:
-فطار تاني يوم العيد فاكراه؟
تهلل وجهها وقال بابتسامة واسعة:
-لبن وبسكويت!!
أومأ رأسه وضحك قائلًا:
-فاكر لما كنا بنقعد نأكل سوداني لحد ما يجعلنا اسهال ونقعد نتخانق على الحمام!
ضـ ربته بخفه على كتفه وقالت من خلف ضحكاتها:
-إنت بتفكرني بإيه يا عم؟!
أردفت بضحك:
-ولا فاكر الشيكولاته إلي خالتو كانت بتخبيها تحت السرير وكنا برده بنوصلها وتتفاجئ لما تخلص
أشار بسبابته ضاحكًا وهو يتذكر ما كانا يفعلانه وقال:١
-وكنا بنلبسها في مريم… البت مريم دي أصيله كانت شماعه مصايبنا كلها
انفـ جرا بالضحك، وظل شبح الإبتسامة على شفتيها وهي تُطالع ضحكاته وتحدق بملامحه حتى أدمعت عينها وقالت بنحيب:
-أنا كنت مفتقداك أوي يا فؤاد…
عبس وجهه وضمها قائلًا بقلق:
-لا لا بتعيطي ليـــه يا بابا؟
أخذت تنحب وهي تردد:
-ليه يا فؤاد مسألتش عني كل الفتره دي! أنا كنت متوقعه إنك مش هتسيبني!! ليه سيبتني؟
أخرجها من بين ذراعيه ونظر بعينها قائلًا بنفي:
-مين قالك إني مسألتش عليكِ! أبوكي كان مانعنا نشوفك ولما جدك أصر عليه بقى يبعتك كل سنه مره بس أنا كنت بكون مسافر للكليه وماما كانت بتطمني عليكِ!
شهقت عدة مرات وقالت بلوعة:
-كان خايف إني أقول إن سالم حـ رقني واليوم إلي كنت جايه فيه لجدي حذرني أقول حاجه… دا حتى أهل البلد معرفوش بالي حصلي كانوا مخبين جامد… وبعدها سالم سافر وقعد اربع سنين مينزلش مصر!
جز فؤاد على أسنانه وقال بغضب:
-سالم ده حسابه معايا تقيل… مش هسيبه
ضمها مجددًا وأخذ يُربت على ظهرها، محدقًا بالفراغ ومرددًا بتأكيد:
-مش هسيبه وهجيبلك حقك منه يا وسام
شددت على ضمه وقالت:
-بس أنا مبقتش عايزه حاجه من الدنيا غيرك
قبل رأسها وابتسم مشددًا على ضمها، أغلقت هي جفونها لتستكين بين ذراعيه لدقائق…
من فضلك ردد لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين 🌹
_____________________
فتحت فرح جفونها ببطئ ورفعت رأسها قليلًا تتأمله، كان مستلقيًا على جانبه يفرد إحدى ذراعيه لتنام عليه ويحاوطها بالذراع الأخر متشبثًا بها وكأنها ستهرب منه، ابتسمت وهي تتأمله أهي بحلم أم ماذا! بالأمس كان غريبًا واليوم بات قريبًا بل قريبًا جدًا هي لا تذكر أي شيء لكنها فرحة تكاد أن تطير من فرط سعادتها لأنها أصبحت زوجته، رفعت يدها بشرود تمررها على ذقنه ثم شعره ففتح عينه وابتيم لها فابتسمت بخجل، انقلب على ظهره ثم نحو ذلك الضوء المنبثق من بين حواف النافذة وقال بحسرة:
-يا الله راح علينا الفجر!!!
نهضت جالسة ثم تنحنحت بخفوت لتجلي حلقها من أثر النوم ولمست أنفها قائلة بتلعثم:
-صباح الخير
ابتسم وجلس هو الأخر ثم نظر لها بحب قائلًا:
-صباح النور يا حبيبي
حاولت فرح فتح أي حوار فقالت:
-أ… أنا كمان مسمعتش الفجر خالص
تذكر يوسف ما فعلته ليلة البارحة وانفـ جر ضاحكًا، فطالعته بتعجب لا تعرف عما يضحك من وجه الصباح! قال:
-ولا أنا والله أصل بعيد عنك امبارح كان فيه واحده كده بتزرغد طول الليل فمعرفتش أنام!
عقدت فرح بين حاجبيها قائلة بتعجب ونزق:
-مين الهبله إلي بتزغرد بالليل دي؟
ضحك يوسف مجددًا وعقد جبهته ملوحًا بيده يمينًا ويسارًا وهو يقول:
-إنتِ مش فاكره حاجه خالص؟!
هزت رأسها نافية وهي تقول:
-لأ بصراحه مسمعتش حاجه خالص
نظر لملامحها بابتسامة فلو كانت تذكره لقال لها ما فعلت ويخر منها بقدر ما يشاء، لكن مع حالتها تلك فهو مشفق عليها، فالآن هي تخجل من مجرد الحديث معه، مسد على شعرها بحنو وقال بجدية:
-متشغليش بالك يا حبيبتي… يلا خلينا نقوم نفطر عشان تاخدي علاجك
ابتلعت ريقها وقالت:
-هو إنت… إنت ممكن توديني عند جدو؟!
-حاضر يا روحي هوديكِ عند جدو
أومأت رأسها بابتسامة وقالت:
-أصل النهارده بيكون تجمع العيله وهناكل فسيخ… صحيح هو إنت بتحب الفسيخ؟
قالت سؤالها بابتسامة وملامح مترقبة فقال:
-بعشقه مش بحبه بس…
قالت بتلقائية وبابتسامة:
-جدو بقا إلي بيعمله وبيكون حلو أوي… إنت هتاكل معانا صح؟
اتسعت ابتسامته وهو يتأملها فيبدو أنهما رجعنا لنقطة البداية وسيبدآن بالتعارف من جديد، قال:
-أكيد طبعًا هاكل… بس إنتِ متاكليش كتير عشان الحمل!
قال جملته وهو يضع يده على بطنها، فهي تخجل منه أكثر كلما ذكرها بحملها، قالت بملامح عابسة:
-هو أنا هفتكر امته أنا بجد نفسي أفتكر قوي
ربت على ظهر يدها قائلّا بحنو:
-هتفتكري يا حبيبتي أهم حاجه تاخدي العلاج وان شاء الله هتفتكري كل حاجه
ابتسمت وحدقت بملامح وجهه لتتفرس ما بداخله متسائلة:
-هو أنا كنت بحبك؟… يعني… اتجوزنا ازاي وعملنا فرح ولا لأ؟!
أطلق يوسف تنهيدة طويلة وقال:
-طيب إيه رأيك نقوم نصلي ونفطر ونشرب قهوه كده وأقعد أحكيلك وأفرجك على الصور
أومأت رأسها بابتسامة ونهض هو ثم ساعدها لتنهض وهو يبتسم لها بحب…
صلوا على خير الأنام ❤️
____________________
“خلصي بقا يا رحيل بقالك أكتر من ساعه وأنا عايزه أطلع الطاقه إلي جوايا اشمعنا إنتِ”
قالتها سديل للمرة التي لا تعرف عددها بضجر لأختها التي تلعب ملاكمة منذ أكثر من ساعة، التفتت لها رحيل وقالت بتبرم:
-سديل أمشي من قدامي دلوقتي وبطلي زن… بدل والله ما أسيب كيس الملاكمه وألعب في وشك
اتجهت رحيل صوب المكتب وأخذت هاتفها وقامت بتشغيل قرآن ثم وصلته بالسماعة التي وضعتها بأذنها ونظرت لسديل النازقة قائلة بإنتصار:
-زني براحتك بقا معدتش سامعاكِ
هزت سديل رأسها باستنكار وخرجت أكملت رحيل لعبها؛ تضـ رب كيس الملاكمة وتصيح:
-دي بقا لعمي!
صدع جرس الباب بالرنين فارتدت سديل نقابها وفتحت..
“أهلًا ازيك يا أبيه… لو حضرتك تسمحلي يعني أقولك يا أبيه محمود”
ابتسم محمود وقال:
-إنتِ تقولي إلي إنتِ عايزاه… أومال فين رحيل! رنيت عليها كتير مبتردش
أشارت سديل للداخل وقالت:
-رحيل جوه… طيب اتفضل
دلف للبيت فسمع صوت رحيل ولكماتها تلك، وهي تصيح: “ودي بقا لمرات عمي”
فسأل محمود سديل:
-ايه الصوت ده؟!!
ارتبكت سديل لا تعلم ماذا تقول فانطلق لسانها موضحًا:
-دي رحيل متعصبه وبتلعب ملاكمه بقالها ساعه ومش راضيه تخليني ألعب!
-ملاكمه!!! هي رحيل بتعرف تلعب ملاكمه؟!!
اومأت سديل رأسها بالإيجاب، فأطلق محمود ضحكة كالزفرة وعلى الفور ساقته قدماه نحو صوت رحيل الهادر، اتسعت حدقتي سديل بصدمة وحاولت صده وهي تركض خلفه قائلة بنبرة مرتجفة:
-استنى رايح فين يا أبيه؟!
طالعها محمود عاقدًا جبهته وواضعًا سبابته على فمه أن صه، ثم فتح باب الغرفة بهدوء ليتابعها مضيقًا جفونه بتركيز ومطالعًا حركات قدميها المتناغمة المُرتبه وحركات يديها وهي تلـ كم الكيس بغضب وتصيح:
-دي بقا لنغم…
ثم تضـ رب أخرى بكامل عزمها صائحة:
-ودي لسحر
أطلقت يدها بعدة لكمـ ات متتاليه وهي تردد بغيظ واضح ونبرة مرتفعة لاهثة:
-ودول لمحمود عشان هو إلي عزمهم!
ضحك بخفوت ودلف للغرفة ثم صك الباب خلف ظهره لكنها لم تنتبه وأكملت لعبها.
ضـ ربت سديل جبهتها بحسرة ثم تخصرت ومصمصت شفتيها مرددةً بخفوت:
-الله يرحمك يا رحيل كنتِ طيبه والله…
زمت شفتيها وعدلت من وقفتها مردفة بتبرم:
-بس تستاهل عشان مش راضيه تبطل بقالها ساعه وأنا عايزه ألعب
وقفت لبرهة مشدوهة تتخيل رد فعل رحيل ثم دبدبت بقدميها وقالت بنزق:
-يــــــــوه… ما أنا برده مليش ذنب هي إلي صوتها عالي
وضعت سديل أذنها على باب الغرفة لوهلة وسرعان ما اعتدلت واقفة ونفخت بحنق ثم دلفت للمطبخ لتُحضر له الضيافة.
*****
أكملت رحيل لعبها دون أن تلتفت خلفها وهو يتابعها بابتسامة وبإعجاب، حتى رفعت رجلها لأعلى لتضـ رب كيس الملاكمة برشاقة وتألق وهي تصيح لاهثةً:
-أما دي بقا لسالم….
صفق محمود بإعجاب مرددًا بابتسامة:
-الله الله يا بطل… إيه الحلاوة دي!!
وللحظة ظنت أنه خُيل لها أنها سمعت صوته، وقفت لوهلة تلهث وعرقها يهطل بغزارة، نزعت السماعات من أذنها والتفتت خلفها ببطئ ثم صرخت، وقالت لاهثة: “إنت هنا إزاي! ودخلت منين؟”
محمود برتابة:
-من الباب عادي!
قالت بتبرم:
-وإزاي تعمل كده؟! اطلع بره
دنا منها وقال بمكر:
-مراتي وأدخل في أي وقت
-لا إحنا ما اتفقناش على كده! إحنا قولنا إننا مخطوبين وبس!
فتح محمود الباب وقال:
-ما علينا البسي هدومك وتعالي أنا مستنيكِ بره
نظرت لملابسها فهي ترتدي بيجامتها السوداء وتربط شعرها على شكل ذيل حصان، طالعها بنظرة أخرى بابتسامة قبل أن يخرج من الغرفة ويتركها، أخذت تمور حول نفسها وتصرخ بغضب ثم لكـ مت الكيس مرة أخرى قائلة:
-ودي لسديل… ماشي يا سديل وحياة ربنا لآدبك على الحركه دي!
أخذت ترتدي ثيابها وهي تنفخ بحنق ثم خرجت له فوجدت سديل تجلس معه وترتدي ملابس الخروج وحين رأتها نهضت واقفة وقالت:
-أنا رايحه المقرأه
رحيل بنزق:
-مقرأة إيه النهارده تاني يوم العيد!
-أيوه ما هي المعلمة هتختبرني النهارده
تركتها سديل وانصرفت دون التفات لوجه أختها الغاضب وملامحها المكفهرة، صاحت رحيل:
-سيبي الباب مفتوح يا سديل
صاح محمود آمرًا:
-لا اقفلي الباب وراكِ يا سديل عشان الناموس والدبان!
ضحكت سديل بخفوت وصكت الباب خلف ظهرها ثم خرجت، وجلست رحيل تطرق قدميها بالأرض بتوتر ونزق حتى قال محمود بمكر:
-مكنتش أعرف إنك موهوبه كده ملاكمة وحركات… يليق بيكِ تكوني زوجة ظابط
لم تُعقب رحيل وران عليهما الصمت للحظات وهو يرتشف القهوة ويُحدق بها بابتسامة، حتى قطعت الصمت وقالت بتلعثم:
-أنا كنت عايزه أسألك عن حاجه
نهض واقفًا وقال:
-تعالي نقعد في البلكونه واسألي براحتك
تبعته الشرفة ووقف هو متكئًا على السور يُطالعها بنظرات محبه، فسألته متلعثمة:
-في مره كده.. أ… كنت نايمه و… وقومت من النوم لقيت مكالمه فايته منك… أنا مش فاكره إلا صوت ضحكتك وجملة معقوله هو العسل بيعمل كده؟
انفـ جر ضاحكًا وعقب:
-أنا لحد الآن لما بفتكر المكالمه دي بضحك يا رحيل!
تنحنحت لتجلي الغصة من حلقها وهتفت بارتباك:
-ليه هو… هو أنا قولت ايه يضحك كده؟
نظر لوجهها الذي احتقن بالد**ماء وقال:
-بقولك مين معايا قولتيلي أنا محمود اتفاجئت.. وسالتك محمود مين؟ قولتيلي الظابط فبقولك إنت شاربه حاجه قولتيلي لأ أنا واكله عسل عشان كده قولتلك معقوله العسل بيعمل كده!
انفـ جرت ضاحكة وقالت:
-يا ربنا!!! أنا قولت كده… أنا كنت نايمه أصلًا…
قال من خلف ضحكاته:
-إنتِ قولتِ حاجات كتير مفهمتهاش أصلًا!
وضعت يدها على فمها منخرطة في نوبة من الضحك، ليقاطعها نبرته الهادئة مبتسمًا:
-رحيل!
التفتت له فوجدته يُحدق بها فقالت:
-نعم!
تفاجئت حين ابتسم ورفع كتفه لأعلى قائلًا:
-أنا بحبك
أطرقت رأسها لأسفل بخجل، فنظر لها قائلًا:
-أنا همشي دلوقتي بس اعملي حسابك هنتقابل بالليل أنا وإنتِ وفؤاد ووسام وهبه عشان نحل لغز القضـ يه دي
أومات رأسها وتبعته للباب وكأنها قد أتى فقط ليحبرها بما يجيش به صدره، أغلقت الباب خلفه ووقفت تضع يدها على قلبها قائلة:
-يا نهار أبيض!!
ثم أخذت ترقص بالشقة وهي تغني: دا إيه اليوم الحلو ده…
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ❤️
___________________________
-انا لما بشوفها واقفه جنبه د**مي بيفور ساميه!؟ أنا بكره البت دي…
قالتها حبيبة بملامح متجهمة وبنبرة حاقدة، فعقبت ساميه:
-اهم حاجه تكوني اتفقتِ مع أسامه
-اتفقت ياستي وهيساعدني
-خلاص متقعديش توجعي دماغنا بقا!
-الصبر بس لما ترجع الكليه وهتشوفي هتعمل فيها ايه!
تعالت رنات هاتفها المحمول فابتسمت حين حدقت بشاشته وقالت:
-أنا رايحه أقابل أسامه… باي باي
دلفت ساميه للبيت فوجدت سليمان يسحب حقيبة سوداء ويخرج من إحدى الغرف التي يُغلفها دائمًا حتى خرج من البيت كان يتلفت يمنة ويسرة بتوجس مما أثار الريب والفضول بداخلها وارتدت ثيابها في عُجالة وتبعته حتى وصل للمقابر، وارتجل سالم من سيارته متلفتًا يمنة ويسرة ليتوارى عن الأعين ثم أقبل نحو سليمان وأخذ الحقيبة منه ثم انصرف، فقال سامية بتركيز:
-يا ترى فيها ايه الشنطه دي! ماشي يا سليمان مسيري هعرف مخبي عني إيه!
************
دخل سالم لبيت عمه ووضع الحقيبة أمامه ثم قال:
-الشنطه أهيه عاوزين نوزع إلي فيها… اليومين دول عز الطلب والأسعار عاليه
أخذ عمه نفسًا من السيجارة بده ثم نفث الهواتف قائلًا:
– هوزعها على رجالتنا يصرفوها بس أهم حاجه اوعى يكون حد شافك
-عيب عليك يا عمي هو أنا عيل!
نفث عمه الدخان من فمه وقال:
-عفارم عليك يا واد يا سالم…
____________________________
في غرفة واسعة تضم مقاعد للتدريس أمامهما لوحة “سبورة” بيضاء اللون، كانت سديل تجلس بارتباك مقابل المعلمة فتاة في السادس والعشرين من عمرها تختبر حفظها للقرآن الكريم وسديل تتعثر بالتسميع فلم تكن تلك طبيعتها مطلقًا، مع انها راجعت جيدًا لكن لا تعلم لمَ تتعثر هكذا! هل فعلت ذنب ما حتى نزع الله القرآن من قلبها! أيعقل أن يكون بسبب تعلقها بـ أحمد! أجل هذا هو ذنبها الوحيد، ماذا حدث لها!؟ انجرفت إليه فانحرفت عن معتقداتها، نعم أخطئت وذلك الخطأ ستدفع ثمنه غاليًا، أطلقت بصرها دون رقابة تركت لقلبها العنان ليسير نحو هواه دون هوادة اتبعت خطوات الشيطان وحطـ مت كل قيود قلبها تاركةً أبوابه مفتوحة على مسرعيها ليتوغل حبه لأعماقها، لم تشعر بحالها إلا حين انغمست كليًا في وحل الهوى فانقطع عنها الأكسجين! نعم الأكسجين! أصبح هناك حائل بينهما وبين القرب من الله، القرآن، الأذكار، صلاة القيام، قلبها متعلق بشيء أخر، فهذا أول رمضان يمر عليها لم تشعر بلذة طاعتها، بادرت مقلتاها بذرف الدموع، فقالت المعلمة:
“خلاص يا سديل مش مشكله راجعي تاني وبكره هنزلك مخصوص”
جففت سديل دموعها وأسدلت النقاب على وجهها حين طرق أخدهم باب الغرفة واذنت له المعلمة بالدخول، رفعت عينها تُطالع ذلك الشاب الملتحي الذي يبدو وسيمًا، دلف للغرفة وأسقطت هي بصرها أرضًا في سرعة ثم نهضت واقفة لتغادر فأوقفتها المعلمة قائلة:
-لو سمحتِ يا سديل استني كنت عايزاكِ في موضوع
جلست سديل مجددًا وأخذت المعلمة تهمهم مع هذا الشاب بكلمات كثيرة لم تسمع سديل أي منها، ثم جلس الإثنان مقابلها وأخذ الشاب يُطالعها قائلًا بارتباك:
-ازي حضرتك يا أنسه سديل أنا الأستاذ آسر عبد الحميد مدرس لغه عربيه عندي ٢٤ سنه و…. وأخوها
قال أخر كلمة وهو يشير للمعلمة المبتسمة بعذوبة، لم تفهم سديل لماذا يُعرفها بنفسه هل سيختبر حفظها أم ماذا! تلقت جوابها حين تنحنح مردفًا:
-المهم ندخل في الموضوع يعني… أنا كنت عاوز أتقدم لحضرتك
وضعت سديل يدها على قلبها المتصارع وتلعثمت قائلة:
-لأ… أصل… أ… يعني
عقب آسر بابتسامة زادته وسامة حين ظهرت غمازاته:
-بصي أنا مش عايزك تتوتري أو تردي دلوقتي خالص خدي وقتك وصلي استخارة وفكري
ازدادت خفقات قلبها والتفتت حولها أين الباب! تريد الفرار من تلك المواجهة الآن، أخذت نفسًا عميقًا وقالت بنبرة مرتجفة يتجلى بها التوتر:
-لا لا لا أنا مبفكرش في الموضوع ده أبدًا أنا في تالته ثانوي
ابتسم الشاب قائلًا:
-وإيه المشكله تالته ثانوي أنا هستناكِ عادي وعلى فكره أنا عارف كل ظروفك
هزت عنقها نافية وقالت برفض تام:
-أ… أنا مش هينفع خالص أرتبط
حاولت سديل بشتى الطرق صرف ذاك العريس ولكن انتهى الأمر بتدبيسها وبتبادل الأرقام بينها وبينه على وعد أنها ستفكر وتصلي استخارة قبل أي قرار.
سارت تضرب الأرض بقدميها بغضب تُعـ نف حالها على إعطاء رقمها له، فتحت بيانات هاتفها ووقفت في ركن بعيد لتحكي لرضوى كل ما حدث بتسجيل طويل لتخبرها ماذا تفعل!
وصلت سديل للبيت فرأت الفتيات يجتمعن تحت المظلة وما يقرب من عشرة أطفال يلعبون بالحديقة، والبيت من الداخل يعج بالسيدات سلمت سديل على وسام ورحيل ومريم وفرح وچيهان ثم جلست فسألتها وسام بترقب:
-عملتِ إيه في الأمتحان؟
أومات رأسها وقالت بجمود:
-الحمد لله كويس
تفحصتها چيهان وقالت بتقزز:
-إيه إلي إنتِ عملاه في نفسك ده! هو إنتِ شايفه إزاي كده! دا حتى عينك مش باينه!
رفعت سديل البيشه وقالت:
-شايفه عادي
نظرت وسام لملابس چيهان الضيقة ومكياجها الصارخ وقالت بسخرية:
-خليكِ في حالك يا چيچي
جلست سديل جوارهم لكنها كانت في عالم أخر تعبث بهاتفها كل فترة لترى إذا ردت عليها رضوى…
انتبهت لوسام التي قالت موجهة كلامها لفرح:
-مالك يختي قلقانه كده مش كنتِ بتقولي مش فارق معاكِ تفتكري!
تنهدت فرح بعمق وقالت:
-ساعات بنحتاج نردد كلام مش مقتنعين بيه… مش بيقولك الزن على الودان أمر من السحر… أديني بزن على عقلي يمكن يقتنع!
ابتسمت مريم قائلة:
-ده إيه العمق ده! الظاهر فقدان الذاكره ده خلاكِ عاقله ولا إيه!
ابتسمت چيهان وطالعت الأطفال الذين يلعبون بالحديقة ثم أطلقت تنهيدة طويلة قائلة:
– الأيام بتجري فاكرين لما كنا صغيرين وأقصى مشاكلنا مين يركب المرجيحه ومين يلعب بالزحليقه
عقدت وسام بين حاجبيها وقالت بخبث:
-ومين هيتجوز فؤاد… وفؤاد بيحب مين أكتر!
ضحكن جميعًا وعقبت چيهان:
-إنتِ من صغرك بتغيري على فؤاد يا بت وأديكِ اتجوزتيه يختي
وسام بابتسامة:
-بس بصراحه إنتِ اتغيرتِ والظاهر كده إني هحبك يعني مبقتيش سمجه أوي زي زمان
ضحك جميعهن ونظرت چيهان لسديل قائلة:
-ساكته يعني يا سديل؟
سديل:
-هــ.. هقول إيه؟
وسام:
– إنتِ مش طبيعيه يا سديل حاساكِ متغيره خدي وإدي معانا في الكلام متبقيش كتومه كده!
رفعت سديل كتفيها لأعلى وقالت بتلعثم:
-ما… أ… أنا معنديش حاجه أقولها
كانت رحيل تدقق النظر بعيني أختها تحاول تفرس ما تواريه، قالت:
-سديل أنا عاوزه أقولك حاجه أو أفكرك بحاجه كنتِ بتقوليهالي دائمًا!
قالت سديل: تفكريني بإيه؟!
رحيل بمكر:
– لما تلاقي قلبي اتعلق اسكتي ومتحاوليش ترددي إلي جواه وأما تلاقي نفسك بتفكري في حد اقطـ عي أفكارك اصرخي بصوت عالي وقولي stop it أو كفايه… ركزي في مزاكرتك يا سديل إنتِ لسه صغيرة!
نهضت سديل واقفة حين رن هاتفها معلنًا عن رسالة من رضوى وقالت بنزق:
-أنا مش فاهمة حاجة ومش عارفه بتقولي كده ليه!
بدلت سديل نظرها بينهن وأردفت:
-عن اذنكم أنا رايحه أذاكر
غادرت سديل بخطى واسعة وهن ينظرن إليها فسألت وسام رحيل:
-هو فيه حاجه ولا ايه؟!
همست رحيل جوار أذن وسام:
-مش مريحاني نظرات أحمد ليها وطريقته معاها ونظراتها ليه!
-بس أحمد محترم وما شاء الله حافظ القرآن وعارف ربنا مستحيل يعمل حاجه غلط!
حدقت رحيل بالفراغ قائلة:
-فيه حاجات بتبقا غصب عننا يا وسام ساعات تلاقي قلبك بيسوقك للغلط… مفيش حد معصوم وأنا شايفه أختي متغيره جدًا مش هي دي سديل!!
مريم بمرح:
-لا يتناجي اثنان دون العشره الي حوليهم شاركونا بتقولوا إيه؟
ابتسمتا وجلسن يتسامرن ويتبادلن الكلام بمواضيع عدة، حتى جذب انتباههن وهيبة التي تتنازع مع الأطفال على المروجوحة حتى ركبتها، ضحكن وقالت چبهان:
-تيته وهيبه دي فظيعه
وسام بضحك: اقعدي بس معانا شويه وإنتِ هتشوفي زيكوا والضحك إلي بجد!!
استغفر الله وأتوب إليه
___________________
“يا رضوى خلاص أنا فوقت لنفسي أنا غلطت في حقها وفي حق نفسي! بس رجعت لربنا وتوبت”
قالها أحمد عبر الهاتف لرضوى ابنة خالته فردت عليه بضجر:
-بقولك إيه روح اقرأ أخر محادثة وبعدين ابقى توب براحتك
-فيه ايه يعني المحادثه دي؟
-سديل متقدملها عريس يا أحمد وخد رقمها!
شهق بصدمة وصاح بحدة:
-نعـــــــم!!! عريــــــس… وكمان خد رقمها؟ هو أنا لسه هشوف المحادثه دا أنا هروحلها البيت دلوقتي
عقبت رضوى بنزق:
-اهدى يا عم إنت… تروح فين؟
نفخت بحنق وقالت:
-أنا عايزاك تقرأ أخر رساله سديل بعتتها وبعدين قرر هتعمل ايه!
وعلى الفور فتح حسابها الشخصي من هاتفه وقرأ أخر رسالة:
” العريس ده زي ما أنا عايزاه بالظبط ملتحي حافظ القرآن ملتزم ومحترم وفوق ده كله وسيم متفصل بكل المواصفات إلي اتمنيتها… وممكن ميجيليش فرصه زي دي تاني… أنا لازم أفكر في موضوع العريس بجدية”
رضوى: “طيب وأحمد!!!”
سديل: “أنا بعترف إني حبيته أو اتشديتله لكن أنا مش ضامنه لو هو شايفني أصلًا… أنا معنديش مشكله أستناه العمر كله وارفض العريس ده بس لو أنا ضمناه يعني لو فكرنا بعقل فالعريس ده فرصه والمفروض أمسك فيها”
قرأ رسالتها الأخيرة وقال بغضب:
-عريس ايه ده إلي تفكري فيه دا أنا أدبـ حك وأدبـ حه… ماشي يا سديل وأنا هخليكِ تضمني!
جلس يفكر بما سيفعله تحدث مع أخيه ومع والديه بشأن ما قرر أن يفعل وابتسم فرحة حين أخذ موافقة الجميع عازمًا على أخذ تلك الخطوة هذه الليلة…
____________________________
في المساء استأذنت رحيل من محمود أن تذهب خطبة صديقتها مع وسام فوافق شرط أن تذهب معها هبه التي وافقت لأنها ستغير جو تريد الخروج والتنفس ولو لبعض الوقت، تركت چوري مع آصف، بعدما أقنعته أنهن لن يتأخرن بالحفلة لأنهن سيجتمعن بالمطعم، تقابلن أمام إحدى العمارات وقالت هبه:
-هي قالتك في الدور الكام يا بنتي؟
نظرت رحيل لأعلى وقالت:
-في الدور الثالث أنا سامعه صوت الدي چي وفيه نور أهوه
وسام:
-أيوه تقريبًا هو ده المكان
صعدن للشقة وسألت وسام الرجل الذي يبدو عليه الشدوه أو أنه يريد النوم لا تستطيع تفسير حالته:
-عمو هي دي خطوبة ليلى؟
أومأ الرجل رأسه دون كلام وسارت وسام خطوتين ثم التفتت تُطالعه بتعجب أي ما بك أيها الرجل هل أصاب لُبك شيء!! دخلن للشقة وقابلهن السيدات بالأحضان والقبلات والزغاريد وكأنهن يعرفونهن، ابتسمت بمجاملة وجلسن ينتظرن العروس، كان ورائهن صف من الرجال ما يقرب من سبعة يدخنون السجائر، ومقابلهن صف أخر من النساء يشربن شاي بالنعناح، ويضحكن مع بعضهن، شعرت هبه بحـ رقة في عينيها فقالت:
-ريحة السجائر فظيعه إحنا هنقعد كده كتير يا رحيل!
وسام بضحك غير معلوم السبب:
-مش عارفه والله
شاركتها رحيل الضحكات وهي تقول:
-احنا لازم نسأل حد!
شاركتهما هبه الضحك حتى أدمعت عيناها وكأن هناك من يدغدغها ويداعبها وقالت:
-قومي يا وسام اسألي الست إلي هناك دي
نهضت وسام التي تحاول السيطرة على ضحكاتها وسألت السيدة:
-لو سمحتِ هي دي خطوبة ليلى؟
قالت السيدة بابتسامة واسعة:
-لا يا حبيبتي دا حنة فريدة
هرولت وسام نحو هبه ورحيل اللتان تضحكان بهسترية وقالت بضحك:
-قومي يا بنتي العنوان غلط
وقبل خروجهن من الشقة سمعن رجل يقول للأخر:
-الصنف ده عالي يا أبو فريده
خرجن من الشقة يضحكن بهسترية وينظرن لبعضهن فقالت هبه:
-صنف ايه هو احنا عملنا دماغ ولا ايه؟!
ضحكت وسام بقـ وة وقالت:
-مس عارفه بس جماعه أنا حاسه إني مبسوطه أوي
رحيل بضحكات متتالية:
-أنا كمان والله مبسوطه أوي أوي أوي
نظرت رحيل لهاتفها وقالت بضحك:
-ده محمود
انفجـ رن بالضحك لا يعرفون على ماذا لكنهن يريدن الضحك فحسب! حاولت رحيل التماسك لترد عليه وتخبره بمكانهن ليأتي، وعندما انتهت ضحكت وقالت:
-لا بجد مش قادره أبطل ضحك… أنا حاسه إم فيه حد بيزغزغني
وامام العمارة وقفت وسام تضحك وتردد:
-الرجاله بيشربوا سجاير والستات بيشربوا شاي بالعناب
أشارت هبه بسبابتها وعقبت مصححة بضحك:
-قصدك شاي بالنعناع
أومأت وسام رأسها وقالت بابتسامة:
-أيوه هو ده… هو ده
ظللن هكذا يضحكن على أي كلمة وعلى كل من يمر أمامهن حتى أتى محمود ومعه آصف بالمقعد الأمامي، ركبن الثلاثة بالمقعد الخلفي وهن يقهقهن بالضحك مما أثار فضول آصف ومحمود وقال محمود وهو يُطالعهن عبر المرآة:
-بتضحكوا على إيه؟!
وضعت هبه سبابتها على فمها وهي تضغط شفتيها معًا وتحثهما ألا تضحكا فليتأدبا، حاولن الثلاثة كبح ضحكاتهن وهن يضغطن شفاههن وينظرن لبعضهمن للحظات وإذا فجأة ينـ فجرن بالضحك في نفس واحد وتطرق هبه بيدها على نافذة السيارة وهي تردد:
-مش قادره بجد… مش قادره أبطل ضحك
ضحك محمود وآصف على ضحكهن وسأل آصف:
-إيه إلي حصل مخليكم مسخيخين كده؟!
ضحك محمود ونظر لآصف قائلًا بسخرية:
-دول كأنهم عاملين دماغ..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وسام الفؤاد)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!