روايات

رواية لولا التتيم الفصل الخامس 5 بقلم ناهد خالد

رواية لولا التتيم الفصل الخامس 5 بقلم ناهد خالد

رواية لولا التتيم الجزء الخامس

رواية لولا التتيم البارت الخامس

رواية لولا التتيم الحلقة الخامسة

“وما أنا إلا مجرد ردة فعل لأفعالهم، ومع هذا يدعون أنني أقسو!”
_ايوه… انا.. ان.. انا روحت للدكتور وشيلته من ٣ شهور..
مرت دقيقة كاملة على اعترافها ورغم اشتعال عيناه بنيران الغضب إلا أنه ظل صامتًا وأول ردة فعل منهُ كان أنه اتجه لطفله النائم بسلام فوق الأريكة وحمله بلطف رغم تصلب عضلات جسده من الغضب، وما إن فعل حتى التفت لها يقول ببرود تام:
_ يلا عشان نروح.
رمشت بأهدابها عدة مرات بعدم استيعاب لموقفه قبل أن تسأله بتردد:
_ هنروح؟
وبجمود كانت إجابته:
_ مش بقيتِ كويسة؟ يلا قومي ولا هنبات هنا!
نهضت بهدوء من فوق الفراش حتى أصبحت بالقرب منهُ فتحرك للباب وفتحه ولم تتوقف خطواته وهو يخرج من المستشفى وهي تتبعه بقلقٍ غزى قلبها من ردة فعله وجموده الذي يشعرها أن القادم أسوء مما توقعت يوم أن ذهبت للطبيب لتتخلص

 

من وسيلة منع الحمل دون علمه.. ما جال في خاطرها يومها أنه سيثور ويغضب قليلاً وبعدها بالطبع سيتقبل الأمر، لذا فاستعدت لعاصفته التي ستستمر قليلاً ثم تهدأه بطريقتها، ولكن أين تلك العاصفة؟ تعلم هي أن كل عاصفة يتبعها سكون.. وهناك سكون ما يسبق العاصفة.. والفرق أن السكون الذي يلي العاصفة يكون موحشًا تاركًا دمارًا لا يُرمم بسهولة.. لذا فسكون ما يسبق العاصفة هو ما نرجوه.. ولكن في حالته هو العكس تمامًا ما تمنت حدوثه، فقد تمنت لو حلت عاصفته لينتهي الأمر هنا وحين العودة للمنزل تبدأ في ترميم الدمار الذي خلفته العاصفة.. ولكن ليوسف رأيًـا آخر!
________________________
أسبوعًا كاملًا مرا على أبطالنا وفي قلب كلاً منهم حروبًا لا تُرى.
“بدر” الذي اتخذ التجنب سبيلاً مع “ليان” التي حاولت لثلاث مرات تحديدًا أن تسوي الأمور بينهما ولكنه لم يستجيب، فثارت كرامتها واتبعت هي الأخرى منهجه وتجنبته مقسمه أنها لن تحاول معه مرةً أخرى وإن كان هذا الوضع يرضيهِ فليكن..!
وهو “بدر” لم ينتظر منها أكثر من اعتذار يشعر بصدقه، لكنها للأسف لم تقبل على هذا.. ففي الثلاث مرات التي حاولت

 

مصالحته فيهم كانت قبل الاعتذار تشير إلي أنها تضحي كي تسوي الأمر بينهما وإن ما فعلته كان مجرد ردة فعل لرفضه الغير مبرر لوجود “نانسي” في حياتها، كيف لشخص أن يعتذر وهو يشير بنفس ذات الوقت أنه لم يخطئ!؟ وكيف له أن يتقبل اعتذارها وهي لا تعترف بخطأها أساسًا..
يرهقه الوضع بينهما لسبعة أيام كاملةً، فالأمر لا يتعدى سوى بعض الكلمات القليلة جدًا طوال اليوم، وهذا الوضع لا يناسبه تمامًا ولا يهواه قلبه فهو لم يعتاد من قبل على هذا البُعد بينهما رغم كثرة الخلافات، لكن ماذا بيده وهو يراها ما زالت بنفس كِبرها وغرورها وتعنتها.. مازالت لا تعترف بخطأها، بل والأدهى توقفت محاولتها على مراضاته وتجنبته هي الأخرى وكأن كرامتها حتمت عليها هذا! فدفعت كرامته هي الأخرى للثوران.. فإن كان المُخطئ يتكبر عن تسوية الوضع بينهما سيفعلها هو!!!.
_______________________
وأما “ريهام” فهي الوحيدة التي مرت عليها هذة الأيام بهدوء تام بل وجعلتها تعترف بكثير مما حاولت تجاهله.. ولكنها لم تستطع أن تستمر في التجاهل وهذا أول ما اعترفت بهِ، وتاليًا اعترفت أنها ما زالت لا تستطيع تقبل حياة طبيعية مع زوجها العزيز “عاصم” فكل مرة تحاول إجبار ذاتها على تقبل حياتها معه تجد ذاكرتها تقف لها بالمرصاد وهي تذكرها بندالته معها سابقًا.. ولا تُسمى غير “ندالة”، مازال ألم الخذلان لم تتخلص منهُ وربما هذا أكبر حاجز بينهما.. ولأنها ذكرته ب”العزيز” فهذا ثالث شئ اعترفت بهِ لذاتها.. أنه” عزيزًا” رغم كل ما حدث بينهما ورغم كل شئ لكنها مازالت تحمل له مشاعر خاصة في قلبها، مازالت “تحبه”! وهل يستمع القلب لحديث العقل؟ بالطبع لا، لذا فقلبها لم يكره يومًا كما ادعت سابقًا، والبُعد بينهما أكد لها هذا.. وآخر ما اكتشفته أنها لن تستطيع الابتعاد عنهُ كثيرًا.. ليس لشئ سوى أن عقلها طوال اليوم مشغول بهِ، ماذا أكل؟ وماذا يفعل الآن؟ وماذا يفعل حين يعود من عمله؟ هل يبقى في شقته بمفرده أم مكثَ مع أهله ليستأنس بهم؟ تُرى هل يفتقدها؟ إذًا لماذا لم يهاتفها ولو مرة منذُ تركها ببيت والدتها؟ أم أنه ملَ من المعافرة؟؟

 

وعند هذه النقطة انتفض قلبها فزعًا فوجدت ذاتها تتجه لهاتفها وحينها توقفت بحيرة هل ستحدثه فعلاً؟ ماذا ستقول له لماذا لم تحدثني طوال هذه المدة؟ وهل من المفترض أن تحدثه من الأساس أم أنه من يتوجب عليهُ المباردة؟! جلست فوق فراشها برفض لمحادثته وتمتمت:
_ المفروض هو الي يسأل عني.. لا مش هكلمه.
فكرت لثواني لتأتي بعقلها فكرة أفضل بكثير، ففتحت هاتفها بحماس وأتت بالرقم الذي قررت محادثته.. ثواني وأتاها الرد لتهتف بهدوء:
_وعليكم السلام، ازيك يا طنط؟
أجابتها على الجهة الأخرى:
_ الحمد لله، أنتِ ازيك؟
استغربت من جمود نبرة والدة زوجها التي لم تعتادها من قبل لتسألها بحيرة:
_ انا الحمد لله.. بس ليه حاسه صوتك حضرتك متغير، هو حضرتك تعبانة ولا زعلانة مني في حاجة؟
أجابتها بنفس الجمود:
_ لا أنا كويسة الحمد لله، وهزعل منك في ايه يعني.
أصرت على موقفها وهي تقول بهدوء:
_ انا متأكدة إن حضرتك زعلانة مني.. ممكن تصارحيني مش يمكن في سوء تفاهم.

 

استمعت لزفرة الأخيرة قبل أن تقول:
_ بصي يا ريهام أنا عارفة يابنتي إن والدتك تعبانة يعني ربنا يشفيها، ولما عاصم قالنا من اسبوع إنك هتقعدي عندها لحد ما تتحسن برضو قولنا وماله مجراش حاجة ماهي أمك برضو، لكن ابني جوزك وهو كمان له حق عليكِ، أنتِ عندك أختك ربنا يخليهالكوا تقدر تقعد مع والدتك شوية وتراعيها مكانك ولا هو لازم أنتِ كمان تكوني موجودة؟
استغربت “ريهام” من هجومها في الحديث ومن تلك القصة التي ألفها زوجها لأهله ليبرر بها غيابها، فردت بتحفزٍ:
_ معلش يعني يا طنط هو حضرتك منين ماتضايقتيش إني جيت لماما اراعيها، ومنين زعلانة وبتكلميني كده وتقولي خلي اختك تقعد بيها؟ ولا حضرتك مستكترة إني اقعد معاها أسبوع وهي تعبانة ومحتاجاني؟
ارتفعت وتيرة صوت الأخيرة وهي تقول بضيق:
_وهو يعني ابني مش محتاجك! أنا عمري ما شوفت كده يعني تعرفي إنه تعبان وعامل حادثة ومتسأليش ولا تيجي حتى تبصي عليه وتكتفي بمكالمة التليفون الي بينكوا؟ متقدريش تسبيها ساعة تيجي تطمني على جوزك؟ ايوه أنا مبسيبهوش بس برضو في حاجات يتكسف مني إني اساعده بيها والأولى بمساعدته في الحاجات دي أنتِ.
تيبس جسدها وتصلبت معالم وجهها منذُ وقعت كلمة “حادث” على مسامعها، قلبها انقبض بشكل كاد يزهق روحها، وأخيرًا بعد صمتها رددت بنبرة متحشرجة:
_حادثة؟؟
انتفضت واقفة وجسدها يرتعش بأكمله وكأنها قد استوعبت الأمر للتو لتصرخ في من تحادثها بنبرة مرتعشة:
_ أنتِ بتقولي ايه؟ حادثة ايه الي عملها وامتى؟ هو كويس طيب؟ أنا.. أنا مش فاهمة حاجة.
رددت الأخيرة بعجزٍ ولم تنتبه لفتح الباب ولا دلوف والدتها على صراخها.. هدأت ثورة والدة زوجها “سمر” وهي تشعر بوجود شئ خاطئ:

 

_ الله هو أنتِ متعرفيش!؟ هو صحيح قالي انه معرفكيش عشان متسبيش والدتك لوحدها بس أنا مصدقتش فكرته بيقول كده عشان متكلمش عليكِ ولا اقوله ازاي متجيش تراعيك.
لم تهتم بأيًا من هذا، لتصرخ بها ثانيةً:
_ ردي عليَّ.. حادثة ايه وهو كويس؟
_ كويس الحمد لله يابنتي ربنا نجاه.. هو بس يعني.. هي حاجة بسيطة بس..
انهارت أعصابها وهي تسألها بصوتٍ مرتعشٍ:
_ حصله ايه؟
_ هو بس عمل عملية صغيرة كدة، الدكتور قال اضطر يركبله شريحتين في رجله الشمال لأنها اتأثرت جامد من الحادثة، فطبعًا مبيقدرش يمشي عليها خالص دلوقتي، والمفروض ان بعد اسبوعين هيبدأ يعملها علاج طبيعي عشان يقدر يدوس عليها زي الأول.
لم تستفسر عن شيئًا آخر فقط سألتها:
_ هو في شقتنا ولا عندكوا؟
_ لا مرضيش يسيب الشقة قالي كل حاجتي هناك، فروحت انا قعدت معاه من وقتها.
_ أنا جاية.
وأغلقت المكالمة دون حرف آخر ودون حتى توديع “سمر”.. قذفت بهاتفها فوق الفراش وركضت لخزانتها لتخرج ثياب تلائم الخروج.
_ في ايه يا بنتي قلقتيني، مين عمل حادثة أختك كويسة؟؟

 

رددتها “بشرى” بقلق وهي تتابع حركات ابنتها السريعة المتلهفة، حتى انها بدأت تغير ثيابها غير مهتمة بوقوفها على غير العادة، هتفت ثانيًة بأعصاب تالفة:
_ يابنتي رُدي عليَّ، انا اعصابي مبقتش فيَّ.
انتهت من ارتداء ثيابها لتقف أمام المرأة لتلف حجابها وهي تهتف بدموع متساقطة:
_ عاصم..عاصم عمل حادثة يا ماما.
توترت معالم وجه والدتها وهي تقول:
_ استر يارب.. حادثة ايه دي؟ وهو عامل ايه دلوقتي؟
لم تكن بحالة تسمح لها بإجابة والدتها على اسئلتها فردت باستعجال وهي تخرج من الغرفة:
_ معرفش يا ماما.
اتبعتها والدتها للخارج وهي تسألها:
_ هتروح فين طيب؟
ارتدت حذائها وهي تجيبها بانفعال:
_ هو ايه الي هروح فين! هروح اشوف جوزي..
أنهت حديثها وهي تفتح باب الشقة وخرجت منها دون السماع لوالدتها التي ودت لو تخبرها أن تنتظرها حتى ترتدي ثيابها هي الأخرى وتذهب معها، لكنها لم تعطيها فرصة حتى.
__________________
فتحت الباب لتتفاجئ بوجود “نانسي” أمامها، ابتسمت تستقبلها برحابة ودلفت معها للداخل وهي تسألها :
_ بس غريبة مكلمتنيش يعني قبل ما تيجي زي العادة.
جلست على أحد الكراسي في الصالة الواسعة وهي تقول مبتسمة:
_ قلقت عليكِ قولت اجي اشوفك.

 

جلست أمامها وهي تقول:
_ قلقتِ ليه ما أنا بكلمك دايمًا.
_ صوتك مش عاجبني يا ليان في ايه؟
زفرت باختناق لكنها قالت كاذبة:
_ مفيش.
لم تقتنع “نانسي” بحديثها لتصر وهي تقول:
_ لا فية.. أنتِ مش طبيعية، البيه منكد عليكِ صح؟ متخانقين من يوم ما خرجنا؟
أدمعت عيناها تلقائيًا لتستسلم للبوح وهي تشعر بأنها ستختنق إن لم تتحدث مع أحد:
_ ايوه.. من يومها واحنا مبنتكلمش غير قليل، حاولت اصالحه كذا مرة وهو مبيتصالحش، واخد موقف مني.
قطبت حاجبيها بغضب وهي تردد :
_وده ليه يعني! جرى ايه لكل ده؟ سيبك منه يخبط دماغه في الحيط.
ذمت “ليان” شفتيها برفض وهي تقول:
_ مانا سيبته، بس الوضع مضايقني ومخنوقة، مش متعودة منه على كده، رغم إننا اتخانقنا كتير بس عمره ما اتجنبني ولا عمل زي دلوقتي.
تغاضت “نانسي” عن حديثها وسألتها:
_المهم قولتيله على سفرية دهب؟
توترت ملامح “لليان” قبل أن تجيبها:
_ بصراحة.. هو مرضيش، خصوصًا لما عرف أن التيم الي طالع معانا فيه شباب وكده.
تلونت ملامحها بالغضب وهي تهتف:
_ هو ايه ده! ايه يعني فيه شباب.. ثم إني كنت عوزاكِ معايا.. ازاي يعني ايفينت مهم زي ده يخص شغلي ومتبقيش موجوده فيه.. اقرب صاحبة ليَّ وكل ده عشان البيه مش راضي!
احتدت نظرتها وهي تقول:
_ نانسي.. لو سمحتِ اتكلمي بأسلوب اهدى من كده، ثم إني لما فكرت لقيت ان معاه حق، اوك أنا حابه اكون معاكِ واشاركك لحظة مهم في حياتك زي دي، بس أنتِ رايحة مع جروب شغلك انا معرفش اي حد فيهم، وأنتِ هتكوني مشغولة وأنا هكون معظم الوقت لوحدي، غير إن كلكوا هتنزلوا في نفس الفيلا والناس دي أنا معرفهمش عشان اعيش ٣ أيام معاهم وأنام في نفس المكان كمان.

 

انتفخت أوادجها بالغضب وهي تقول:
_ لا أنتِ بتحلليله رفضه مش مقتنعه أصلاً بالي بتقوليه، بس عشان تكونِ عارفة هو ملوش حق يرفض عمال على بطال ولو كنتِ قولتيله إن مفيش جروب شباب ولا حاجة كان هيرفض برضو، جوزك ده عاوز يعيش دور سي السيد ولو موقفتيهوش عند حده هيسوق فيها!.
قطبت حاجبيها برفض وهي تقول:
_ بس هو بيحبني.. انا اوقات بحس انه مش قاصد يتحكم هو بس بيخاف عليَ و…
قاطعتها بسخرية وهي تقول لاويةً فمها:
_ أنتِ الي خايبه يا لليان .. بقولك ايه هي بتبدأ كده وبعدها بتقلب تحكم وخنقة ومتقدريش تقوليله على حاجه لأ، وميبقاش ليكِ شخصية.
اهتزت حدقتيها بتوتر لا تعلم اهي من معها الحق بتفكيرها ام صديقتها؟، هي تشعر انه لا يقصد التحكم بها هو فقط يخشى عليها ويحاول أن يحيطها برعايته وحبه، ولكن حديث صديقتها يشوش عقلها حتى أصبحت لا تدري ما الصواب وما الخطأ!؟
_ وأنتِ قاعدة في بيت سي السيد الي مش عاجبك ليه؟
انتفضا على صوت “بدر” لتبتلع “نانسي” ريقها بتوتر بالغ، واهتزت حدقتي “لليان” بخوف من القادم.
بينما هو كانت شياطين الجن تتراقص أمام عينيهِ بعدما استمع لحديثها مع صديقتها والتي لم تتوانى عن بخ سموم كلماتها في أذن الأخرى.
أكمل بغضب متصاعد وهو ينظر لزوجته:
_ عرفتي ليه مش عاوزك تعرفيها، عرفتي ليه دايمًا ببعدك عنها عشان خراب بيتنا هيكون بإيدها.
انتفضا واقفتان إحدهما بغضب والأخرى بتوتر وقلق من الموقف برمته..
هتفت “نانسي” بغضب وهي تستشعر الإهانة في حديثه :

 

_ انا هخرب بيتكوا؟ وأنت فاكر إن الوضع محتاجني عشان يتخرب.. أنتَ بأفعالك وطريقتك الي هتخرب بيتك ولو هي استحملت الوضع ده تبقى غبية وهتعيش عمرها كله تعيسة.. انسان مُعقد كل حاجة لأ، وطول الوقت خناق ده أنتَ لو طولت تقفل عليها وتمنعها تتنفس هتعملها.
استفزه كثيرًا تبجحها وتدخلها فيما لا يعنيها، واستفزه أكثر تلك الجملة الوحيدة التي هتفت بها “لليان” حين قالت بضيق:
_ بس يا نانسي عيب الي بتقوليه ده.
فقط؟ هل هذا كل ما لديها حقًا؟ ألن تنهرها حتى وتخبرها ألا تتدخل بينها وبين زوجها؟!
كبح لجام غضبه وهو يتصنع البرود وقال وهو ينظر لأعين “نانسي” مباشرةً:
_ ليه هو أنتِ فكراني طليقك الي كان بيصبحك بعلقه ويمسيكِ بعلقة؟ ولا همنع عنها كل حاجة في حياتها زي ما كان بيعمل، حتى امنعها تخرج بره باب الشقة عشان شاكك فيها ومش مأمنلها، ولا فكراني زي أبوكِ الي رماكوا وراح اتجوز واحده تانية ومبقاش حتى بيسأل انتوا عايشين ولا ميتين، ويوم ما روحتيله عشان يخلصك من جوزك ويطلقك منه، قالك بكل نداله أنا مليش دعوه بمشاكلك.. أنا بقى لا شكاك ولا ندل عشان اخرب حياتي بأيدي ومش محتاج لنصايحك العظيمة لمراتي.
_بس بقى اسكت.. ايه الي بتقوله ده أنتَ اتجننت!
صرخة بها “لليان” بأعين متسعة بعدما اقتربت من “بدر” تضربه بقبضتها في صدره ليصمت، ليمسك كفها بغضب وهو يصرخ بها:

 

_ اشمعنا دلوقتي نطقتي؟ اشمعنا اتحمقتِ عشانها ولما غلطت فيَّ اتخرصتِ، كلامها على هواكِ؟ شيفاني سي السيد.. شيفاني انسان معقد وهخرب بيتي بايدي؟
سحبت كفها من يده حين رأت “نانسي” التي خرجت راكضة من المنزل لتركض خلفها تحاول اللحاق بها وهي تناديها لكنها لم تتوقف حتى، لتسرع في خطوتها لتمسكها من ذراعها وتقف أمامها وهي تردد برجاء:
_ نانسي متزعليش أرجوكِ هو بس…
هتفت “نانسي” ببكاء حار مقاطعة إياها:
_ هو بس عايرني بميلة بختي.. هو بس فكر إني.. إني مستكترة عليكِ عيشتك.. هو مقالش حاجة غلط يا لليان.. أنا فعلاً بختي مايل مع الرجالة.
حاولت تهدأتها وهي تقول:
_ حبيبتي متقوليش…
قاطعتها مرةً أخرى وهي تبتعد منفضة يدها عنها:
_ سبيني يا لليان حابة ابقى لوحدي.
انهت حديثها وتحركت مستقلة سيارتها دون الالتفات مرة واحدة.
تابعت “لليان” ابتعادها بضعف وعجز فأي كلام ستقوله لن يجدي نفعًا الآن، اشتعلت عيناها بالغضب وهي تتذكر حديث زوجها والذي تسبب في جرح صديقتها وانهيارها هكذا.
اندفعت للداخل بهجوم وشراسة تنوي عراكًا لن تتراجع فيهِ أبدًا حتى لو انتهى بطلاقهما… اشتعل الغضب أكثر حين وجدته يجلس فوق أحد الكراسي بهدوء.
– أنتَ ايه الي قولته ده؟ ازاي تسمح لنفسك توجعها بكلام زي ده؟؟!
_ زي ما سمحت لنفسها تتدخل في الي ملهاش فيه وتخرب بينا.
أشاحت بيدها في وجهه بعصبية:
_ هي ملهاش دعوة، ومش عاوزة تخرب بين حد.. احنا الي مش نافعين مع بعض.. احنا الي دايمًا بينا مشاكل بسبب تحكمك وحبك لفرض السيطرة.. أنتَ السبب في مشاكلنا مش هي.

 

انتفض واقفًا وهو يشير بسبابته لذاته:
_ أنا؟ أنا السبب، ولا تهورك وغبائك وسمعاك لكلام صاحبتك من غير تفكير، وعِندك الي مخليكِ دايمًا عاوزه تعارضيني حتى لو صح عشان بس متحسيش إني بتحكم فيكِ، مستعدة تقفي قدامي عشان وجعت صاحبتك بالكلام لكن هي تقول عليَّ الي تحبه وأنتِ عادي مش كدة!
رفعت اصبعها تحذره وهي تهتف متجاهلة حديثه:
_ لآخر مرة هحذرك يا بدر، إلا نانسي ومش أنتَ الي هتحدد علاقتي بيها او هتكون سبب اني اقطع علاقتي بيها في يوم، سامع.
انهت حديثها وصعدت للأعلى على الفور دون كلمة أخرى، بينما زفر هو أنفاسه بضيق واختناق قبل أن يتجه لخارج المنزل مرة أخرى غير قادرًا على المكوث فيه.
________________________
لاتعرف كيف وصلت لشقتها بهذه السرعة، فقط ركضت تصعد درجات السلم لتصل لشقتها بأسرع ما يمكن.. وحين وقفت أمام الباب تذكرت أنها لا تملك مفتاحًا فضربت الجرس منتظرة الرد وقدميها تهتز بعصبية تنبأ بعدم القدرة على الانتظار.
وأخيرًا فُتح الباب لتجد “سمر” أمامها التي هالها مظهر الأخرى الباكي وعينيها الحمراء بشدة، فهتفت تهدأها:
– ايه يا بنتي الي عملاه في نفسك ده أنا قولتلك أنه الحمد لله كويس.
دلفت للداخل وهي تحاول ألا تبكي ثانيًة وقالت بصوت بهِ بحة خفيفة من كثرة بكاءها طوال الطريق وهي تتخيل إن كان قد أُصيب بمكروه والأدهى أنهما على خلاِف، وقفت في منتصف الصالة تلتفت حولها بحيرة حتى هتفت بلهفة:
_ هو عاصم نايم؟

 

اجابتها وهي تُشير على باب غرفة النوم المفتوح:
_ لا ده الدكتور جوه بيغيرله على الجرح وبيطمن على وضع رجله.
وما إن أنهت حديثها حتى وجدت “ريهام” تتجه للغرفة سريعًا.. دلفت للداخل لترى “عاصم” مسطح فوق الفراش بأعين مغمضة يبدو على وجهه الألم، وجهه الذي آُصيب ببعض الخدوش التي بدت قاربت على الشفاء وجرح بارز قليلاً بجانب جبهته، سلطت عيناها على ساقه لتشهق بفزع قبل أن تغمض عيناها وقد أقشعر جسدها للمظهر الذي رأته..
فتح عيناه على صوت شهقتها التي وصلت لأذنيهِ، فاتسعت عيناه بعدم تصديق حين رآها واقفة أمامه.. لا يصدق أنها بالفعل هنا! تُرى أأت صدفًة أم أتت خصيصًا من أجله؟ تصاعدت نبضات قلبه وهو ينظر لها لِمَ يشعر أن العشرة أيام اللذين غابتهم عنهُ أشبه بعدة أشهر؟ كان يعلم أنه أشتاق لها ولكنه الآن تأكد أن اشتياقه لها قارب أن يحرقه.
فتحت عيناها وسلطتها على ساقه مرة أخرى لتتساقط الدموع فوق وجنتها وهي ترى ذلك الجرح الغائر أسفل ركبته بقليل، جرح يشبه الثقب الواسع وقد تم تقطيبه، وأسفله بقليل من السنتيمترات ثقب آخر دلف فيهِ خرطوم طويل يسحب الدماء الزائده من الساق ليفرغها في كيس بلاستيكِ يقبع آخر الخرطوم من الخارج.. ارتعش قلبها بوجع على المظهر الذي أمامها لتتصاعد شهقاتها دون إرادة منها وعيناها مازالت مسلطة على قدمه حتى لم تنتبه لصوت الطبيب الذي حاول أن يطمئنها..
لا يعلم إن كان بكاءها خوفاً وحزنًا على ما أصابه أم مجرد أن مظهر ساقه آثر بكاءها، هتف بصوتٍ عالٍ يحاول جعل صوته يصل لها:
_ ريهام.. ريهام اهدي.
وبالفعل وصل صوته لها لتجد ذاتها تقترب منه وتجاوره فوق الفراش ولسانها يسأله بلهفة لم تواريها:
_ أنتَ كويس؟
هل له أن يتمنى لو أصابه هذا الحادث منذُ زمن؟ يكفيهِ رؤية خوفها المنبعث من عينيها وارتعاشة صوتها، يكفيهِ أنه قد أيقن الآن أن هناك مكانًا مازال له بداخلها.
_ أنا كويس.. اهدي.

 

التفت برأسها للطبيب الذي قال:
_ هشيل دلوقتي الخرطوم هو هيألمك شوية بس معلش استحمل.
توترت نظراتها وهي تنقل بصرها له حين أومئ برأسه للطبيب موافقًا، أعادت نظرها لِمَ سيفعله الطبيب لتتسع أعينها حين رأته يسحب الخرطوم من داخل ساقه.. وارتجف قلبها حين استمعت لصوت تألم “عاصم” قبل أن يقول بعدم تحمل:
_ لحظة.. لحظة..
توقف الطبيب يعطيهِ برهة ليلتقط أنفاسه.. أغمض “عاصم” عيناه بوجع وأنفاسه التي حبسها من الألم تتسارع الآن..
ألمها ما يشعر بهِ فاقتربت منهُ أكثر لتمسك كفه بكفها المرتعش تحاول إلهائه عن الشعور بالألم، ليفتح عيناه ينظر لها فقالت مبتسمة:
_ تعرف إن قلب وجعني اوي لما طنط قالتلي إنك عملت حادثة وعملت عملية كمان.
رأت الدهشة تسكن عيناه لتكمل بوجه تلون بالحمرة لِمَ ستقوله تاليًا:
_ بصراحة مكنتش طيقاك عشان مسألتش عليَّ كأنك ما صدقت ترميني.. بس لما عرفت الي حصل..
ظن أنها ستخبره بأن غضبها منه قد ذهب، لكنه تفاجئ بها تقول:
_ زعلت منك اكتر عشان كان لازم تتصل عليَّ تعرفني، ولا هو أنا يعني مش مراتك ولازم اكون جنبك!
تنهد بعمق قبل أن يقول:
_ مش عاوزك تبقي جنبي عشان أنتِ مراتي.. مش عاوزك تبقي جنبي عشان أنتِ عاوزه ده.. عشان بتحبيني يا ريهام.
نظرت بطرف عيناها للطبيب لتجده منهمك فيما يفعله ولا يستمع لهما، فقالت بهمس:
_ أنا مش موجوده عشان مراتك ولا عشان ده واجب عليَّ.
ورغم اختصار جملتها إلا أن قلبه تراقص فرحًا لمغزى جملتها.
_كده خلصنا.
رمش بعيناه بعدم استيعاب حين وجد الطبيب انتهى من عمله بل ووضع لاصقة فوق الثقب محل الخرطوم..لا يعلم كيف انتهى الأمر بلا شعور بالألم.
_ هو الثقب ده هيلم يا دكتور؟

 

أجابها الطبيب بتأكيد:
_ ايوه هيلم لوحده بس كل يوم تشيلي اللزقة وتدهنيه بيتادين عشان يساعده يلتئم.. وهو خلال اسبوعين هيلم تمامًا، بس زي ما اتفقنا مفيش ضغط على رجليك خالص.
سألت الطبيب في محاولة لفهم حالته:
_ هو هيقدر يمشي عليها امتى؟
ابتسم الطبيب وهو يقول:
_ لا يمشي ايه… ده قدامه مش أقل من ٣ شهور عشان يقدر يمشي عليها.. بعد اسبوعين كده هيبدأ يدوس عليها واحده واحده.. وبعدها هيبدأ في العلاج الطبيعي الي هيستمر لشهر لحد ما يقدر يتخلى عن العكاز، وباقي المُده هيبقى في عرجة بسيطة في رجله بس هتروح مع العلاج الطبيعي.
أسبلت عيناها بحزن ولم تعقب، ليهتف “عاصم” بهدوء:
_ إن شاء الله.. شكرًا يا دكتور..
خرج الطبيب ليلتفت لها وهو يقول بعدما لاحظ حزنها:
_ الموضوع بسيط، وزي ما سمعتِ مجرد وقت.
رفعت عيناها الدامعة له تسأله:
_الحادثة دي حصلت ازاي؟
تنهد مجيبـًا:
_ خبط عربية نص نقل في عربيتي بس كانت من ناحيتي فعشان كده اتدشملت كدة.. والعربية في ذمة الله محتاجلها شغل كتير.
ردت بلهفة:
_ في ستين داهية العربية المهم أنتَ.
نظر لها بتمعن مبتسمًا وقبل أن يعقب على حديثها دلفت والدته تقول:
_ اعملك الغدا يا حبيبي؟

 

وقبل أن يجيب كانت “ريهام” تسبقه وهي تقول:
_ تسلمي يا طنط.. انا هعمله متتعبيش نفسك.
سألتها باستغراب:
_هتلحقي تعمليه قبل الدنيا ما تليل؟ عشان تلحقي ترجعي قبل الليل.
ابتسمت تجيبها:
_ لا مانا مش هرجع.. هقوم اغير هدومي واشوف الغدا.
أنهت حديثها تنهض متجهة للغرفة الأخرى الخاصة بالملابس والتي تركت بها بعضًا من ملابسها..
هتفت “سمر” بابتسامة:
_هروح أنا يا حبيبي مادام مراتك رجعت.
ارتسمت ابتسامة على ثغره وهو يقول:
_ تسلمي يا ماما تعبتك معايا.
_ أنتَ عبيط؟ في حد يتعب وهو بيخدم ابنه.. ربنا يتم شفاك على خير يا ابني.
خرجت من الغرفة تاركة اياه مازال مبتسمًا بعدم تصديق، هل “ريهام” عادت بارادتها وستبقى معه برغبتها؟!
__________________
ركضت للصالة حين سمعت صوته يحادث طفلها، وقفت تنظر له بترقب لتجده لم ينظر لها حتى واتجه لغرفتهما، لتوقفه بسؤالها:
_ يوسف مش هتاكل؟
ودون أن ينظر لها كان يجيبها:
_ مش دلوقتي.
أغمضت عيناها بحزن فهذا هو حالهم منذُ أسبوع كامل، يتجاهلها بشكل يؤلم قلبها، اتبعته للغرفة لتراقبه بصمت وهو يبدل ثيابه، صمت دام لثواني قبل أن تقول:
_ مش هتاكل ليه!؟ أنتَ مبتكولش من وقت ما بتفطر!
ارتدى ثيابه البيتية وهو يقول:
_ أنا هنزل اقعد مع خالتي شوية مقعدتش معاها من يوم ما جت.

 

ضغطت على أسنانها بغيظ، فتلك المصيبة “شيرين” لم تذهب بعد ثلاثة أيام كما قالت بل جاءت خالته هي أيضًا بحجة أنها تريد الترفيه عن ذاتها ليمر أسبوع دون أن يذهبا..
_ هو أنتَ هتفضل زعلان مني لامتى!؟
تجاهل حديثها ثانيًة يقول:
_ لو عاوزه تتغدي أنتِ ويونس اتغدوا.
مر بجانبها لتمسك ذراعه وقد أغضبها تجاهله لتقول بعصبية طفيفة:
_ أنا عملت أيه لكل ده؟اسبوع كامل متجاهلني، أنا عمري ما توقعت أنك تعاملني بالقسوة دي!
نفض ذراعها بعنف قبل أن يقول:
_ أنتِ مش مقتنعة بالي عملتيه، وشايفة إنك صح.. أنا فعلاً قاسي إن كان عاجبك.. وياريت تتعودي على الوضع ده لأنه الي هيبقى مستمر الفترة الجاية.
تركها دون كلمة أخرى وذهب، تهاوت دموعها بحزن وهي ترى تعقد الوضع بينهما وقسوته الغير معهودة معها.. وضعت الطعام لطفلها ودموعها لا تجف، فلم تجد لها شهية لتأكل.
أنهت إطعامة وأخذته مترجلة للأسفل كي تحضر تلك الجلسة التي تكون ثقيلة على صدرها لكنها مضطرة لها كي لا يدعون أنها لا تريد رؤيتهم.
وأثناء جلستهم وصمتها المعتاد سمعت “شيرين” تقول بعدما أنهت تحدثها بالهاتف، بابتسامة واسعة وفرحة ظاهرة:
_ باركولي يا جماعة.
هتفت”دعاء” والدته:
_خير يا حبيبتي؟
بنفس الابتسامة ردت:
_ أنا اطلقت.
_يالهوي!
رددتها “دعاء” بشهقة وهي تضرب بيدها على صدرها.
لتهتف والدة “شيرين” بفرحة:
_الف مبروك يا حبيبتي.

 

استنكرت “دعاء” لتهتف:
_مبروك على ايه؟! بتباركي لبنتك انها اطلقت دي ايه الخيبة دي!
_اصله كان مطلع عيني يا خالتو ما صدقت خلصت منه، اومال انا نزلت من السفر ليه.
هكذا بررت “شيرين” لتتوجس نظرات “دعاء” و”صفية” اللتان نظرتا لبعضهما ثم حولا بصرهما بين “يوسف” الهادئ بشكل مريب وبين “شيرين” السعيدة.
_مبروك يا شيرين..عن اذنكم يا جماعة محتاج ارتاح.
هذا كل ما قاله قبل أن ينسحب لأعلى تتبعه زوجته وطفله.
منذُ صعد وهو يجلس صامت دون حديث، ويبدو شاردًا.. وهذا ما جعل الدموع تتجمع بعيناها وهي تتخيل أنه الآن يفكر في طريقة يجمعها بهِ بعدما أصبحت دون ارتباط.
جلست جواره تطالعه بصمت، لينتبه لها فزفر بضيق وهو يقول:
_ ياريت متفتحيش كلام في نفس الموضوع عشان مصدع.
أردفت ببحة بكاء:
_ مصدع ولا دماغك مشغولة.

 

_هتفرق!
هكذا رد ساخرًا، ليطفح الكيل بها فقالت ببكاء بدأت بهِ:
_آه.. هتفرق.. بتفكر ترجعها ليك ازاي مش كدة؟
نظر لها ببهوت مقطبًا حاجبيهِ بتعجب:
_ هي مين!؟
تساقطت دموعها بعجز وهي تقول:
_ شيرين.. حبيبتك الي مقدرتش تتقبلني في قلبك بسببها…شيرين الي من وقت ما رجعت وأنتَ مش على بعضك.. شيرين الي بسببها رافض حملي وعامل الجعجعة دي كلها.. عشان ميربطكش بيا طفل تاني فيبقى صعب تسبني مش كدة؟
صرخت بالاخيرة بقهر.. لينظر لها بأعين متسعة بصدمة ودهشة لا يصدق أنها تعلم بشأن “شيرين”!؟ ومنذ متى وهي تعلم؟!!!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لولا التتيم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى