روايات

رواية القاتل الراقي الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم سارة بركات

رواية القاتل الراقي الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم سارة بركات

رواية القاتل الراقي الجزء الثاني والعشرون

رواية القاتل الراقي البارت الثاني والعشرون

رواية القاتل الراقي الحلقة الثانية والعشرون

“لكل جريمةٍ شاهد (2) – طفلٌ مكسور”
توتر طارق عندما رآه أمامه بشكلٍ مفاجئ هكذا حاول إخفاء إرتباكه وتوتره ..
طارق بهدوء مصطنع:”آخر يوم ليا في المستشفى النهاردة.”
إقترب ياسين منه بخطوات قليلة حتى توقف أمامه مباشرة وظل ينظر له بهدوء ..
ياسين:”قبل ماتمشي يا دكتور، في كلام كتير بيني وبينك لازم يتقال.”
توتر طارق أكثر ونظر حوله يحاول الهرب لأنه يعلم أن نهاية ذلك الحديث لا تُبشرُ بالخير .. ترك الحقيبة التي بيده وحاول الهرب كالسارق ولكن ياسين أمسكه من ياقة قميصه … إلتفت طارق له وحاول لكمه ليستطيع الهرب منه ولكن ياسين تفادى تلك اللكمة و رد له لكمة قوية أوقعته أرضًا .. أمسكه ياسين من فروة رأسه يسحبه بقوة ليرفع رأسه إليه …
ياسين بهدوء:”في حاجة حصلت النهاردة وأنا محتاج أعرف منك تفاصيلها مش مطلوب منك إنك تهرب مني زي الحرامي، المطلوب منك إنك تجاوبني بصراحة.”
ضحك طارق والدم يسيل من فمه وهو ينظر في عينيه على إعتقاده أن ياسين يتحدث عن مقابلته مع مريم … عقد ياسين حاجبيه بسبب ضحكاته تلك ..
طارق:”أول مرة أشوف ياسين المغربي خايف، عينيك واضح فيها الخوف، خايف مراتك تسيبك وتمشي لدرجة إنك مسألتهاش بنفسك أنا قولتلها إيه النهاردة؟”
إستطاع طارق الإبتعاد من تحت يد ياسين وأستأنف حديثه ..
طارق:”خايف أكون قولتلها إنك قتلت أختها؟ ولا خايف تعرف إنك ماكنتش بتحبها أصلا وإنك بتحب سارة لحد دلوقتي.”
صمت ياسين قليلًا وهو ينظر إليه ثم إبتسم بهدوء وبدأ بالتحدث …
ياسين بإبتسامة:”مش ده يا دكتور إللي جاي أتكلم معاك فيه، وبعدين دي أمور خاصة بيني وبين زوجتي مالكش إنك تتدخل فيها.”
إختفت إبتسامة طارق وتحولت ملامحه للخوف عندما لاحظ نظرته الخالية من الحياة تلك …
ياسين بإستفسار:”سمعت إن حبيبتك كانت بين إيديك وهي ميتة، ممكن أعرف إزاي؟”
عاد طارق للخلف من خوفه ولكن مع كل خطوة كان يرجع بها كان ياسين يقترب منه ببرود … ظل طارق يعود للخلف حتى أصبح ظهره ملتصقًا بالحائط نظر حوله ووجد ذلك الكوب الخزفي موجودٌ على المكتب بجواره إعتدل ووقف أرضًا وحمل ذلك الكوب وقام بكسره ورفع الجزء الحاد أمام وجه ياسين ..
طارق:”لو قربت مني هقتلك.”
إقترب منه ياسين ببرود وطارق مازال يلوح بذلك الكوب المكسور أمامه … أمسك ياسين بيده التي تحمل الكوب بقوة وحاول طارق أن يقوم بسحب يده وبالفعل إستطاع ووجه الكوب بسرعة نحو شُريان يد ياسين الأيسر وبحركة سريعة من ياسين أمسك بيده التي تحمل الكوب مرة أخرى وصرخ طارق بألم لأن ياسين قام بكسر أصابعه ووقع الكوب المكسور أرضًا .. أمسك طارق يده المكسور أصابعها بيده السليمة يحاول تحمل الألم الذي لا يُطاق أما بالنسبة لياسين فقد تجاهل الدماء التي تخرج من شُريان يده اليُسرى وضم يديه خلف ظهره وتحدث بهدوء ..
ياسين:”موتك سهل بالنسبالي، لكن أنا في العموم جاي في إستفسار بسيط يا دكتور، إزاي سارة كانت بين إيديك وهي ميته؟؟ ده السؤال إللي أنا عايزك تجاوبني عليه.”
نظر طارق له وعلى محياة الألم وتحدث بألم ..
طارق:”أنا عارف إنك قتلتلها أو بمعنى أصح سمعتك.”
لم تتغير ملامح ياسين وظل ينظر إليه ينتظر أن يُكمل …
طارق:”قبل ما تروحلها أنا كنت هناك .. كنت قاعد على السلم قدام شقتها………………..”
منذ ثمانية سنوات:
كان يجلس على أحد الأدراج أمام شقتها ينظر أمامه بحزن وشرود لا يدري كم عدد المرات التي ستخبره فيها أنها تُحِبُ ياسين وستظل معه دائمًا .. لا يصدق كيف رفضته وهو يخبرها أنه يريد أن يتزوجها .. أنه يريدها أن تكون شريكة حياته، يالك من مغفل طارق … أنت أحمق!! .. لا يدري كم مر من الوقت وهو يجلس على الدرجِ هكذا .. حتى سمع صوت المصعد يتحرك وتوقف في الطابق الموجود به .. إستقام بسرعة من مقعده وصعد للأعلى ليرى من أتى … لقد كان هو .. ياسين المغربي .. يخرج من المصعد ووقف أمام باب الشقة وقام بفتح الباب بالمفتاح ثم أغلقه خلفه .. تألم طارق لأنه شعر أن قلبه ينخلع من صدره عندما رأى رجلًا غيره يقوم بزيارة حبيبته في شقتها، قرر الرحيل والإبتعاد عنها محاولًا نسيانها ليعيش حياةً طيبةً هادئة، هبط على الأدراج بهدوء يحاول الخروج من المبنى السكنى الراقي ذلك وعندما إقترب من الشقة سمع همسات عالية بعض الشئ خلف ذلك الباب، إستنتج أنهم يتبادلون أطراف الحديث، أراد الرحيل ولكن فضوله جعله يضع أذنه بهدوء على الباب يحاول الإستماع لما يقولونه …
سارة:”ياسين فى إيه؟ كلامك مش مريحنى.”
ياسين:”وتانى أكتر حاجة بكرهها فى حياتى هى إن حد يعمل نفسه عبيط عليا.”
سارة:”صدقنى مش فاهمة حاجة و………….”
عقد طارق حاجبيه لما يسمع .. إنتفض عندما سمع صراخها ..
سارة:”أنا معملتش حاجة صدقنى، معملتش أى حاجة.”
ياسين:”بتبيعيني لأعدائي؟”
سارة:”أنا ماعملتش حاجة، أنا ماخونتكش، إنت عارف إنى بحبك وماقدرش أخونك، ماقدرش أعمل أى حاجة تأذيك.”
ياسين:”تالت أكتر حاجة بكرهها فى حياتى هى الكذب.”
كان طارق يشعر بالخوف ولا يعلم السبب .. ولكن لماذا طال صمتهم هكذا؟؟ .. هل سيتركها أخيرًا له؟؟؟ … هل سيتركها لحال سبيلها؟؟ .. يبدو أنه يقوم بإنهاء علاقته بها .. تجدد الأمل بداخله عندما سمع جملة ياسين تلك …
ياسين:”عملت منك بنى آدمة وإنتى مجرد واحدة رخيصه، إنتى بالذات ماكنتش أتوقع منها إنها تخونى، بس عملت حسابى إن اليوم ده هييجى .. لإنى عمرى ماوثقت فيكى زى أى حد.”
عقد حاجبيه عندما صمت ياسين قليلًا ولكن إنتبه لحديثه عندما تحدث …
ياسين:”إنتى خاينه زيك زي الكل.”
سارة:”ياسين، هحكيلك على كل حاجة هما قالولي……………….”
تعجب طارق عندما صمتت ولكنه صُدم عندما سمع حديث ياسين..
ياسين:”إرموا جثتها في البحر، ومش عايز يكون في أثر لوجودي في الشقة.”
لم يشعر طارق سوى أنه يصعد للأعلى مرة أخرى ولكن تلك المرة الصدمة بادية على وجهه .. لماذا قال جثة؟؟؟ .. هل .. هل قتلها؟ّ!!! لا يُمكن!! .. هبط على الأدراج بسرعة عندما هبط ياسين بالمصعد ودخل الشقة وجدها مُلقاةً أرضًا .. هرول نحوها بسرعة يحاول إيقاظها ولكنه صُرِعَ تمامًا عندما وجدها مفتوحة العينين تنظر أمامها بنظرات خالية من الحياة وفي ذات الوقت رقبتها تنزل بشده ..
طارق بصوت مرتعش:”سارة.”
حاول إيقاظها بشتى الطرق ولكن دون شعور منه بدأ بالبكاء وإحتضنها بقوة يبكى بقهرٍ عليها ولكنه إنتبه عندما سمع صوت أقدام تصعد على أدراج سلالم المبنى بسرعة .. إبتعد عنها وصعد للأعلى مرة أخرى وهو يحاول أن يقوم بكتم شهقاته من صدمته التي عاشها .. لقد ماتت حبيبته .. لقد قتلها من أحبته .. قتلها دون أن يرمُشَ له جفن .. حمل رجال ياسين جثتها وخرجوا من الشقة بعد أن قاموا بإشعال النيران في الشقة .. أما طارق ظل بمكانه يبكي على فقدانه حبيبته ..
………………………………
في الوقت الحالي:
كانت مريم تجلس بالغرفة حزينة وفي ذات الوقت تشعر بالإعياء قليلًا وبعض الدُوار تنهدت بصعوبة وقامت بفتح هاتفها متجاهلة جميع الرسائل المُرسلة إليها من قِبَلِ أشرقت .. وقامت بفتح برنامج معين على الهاتف تحسب به أيامًا معينة بالشهر وتفاجأت أنه مر أسبوع على التاريخ الموجود أمامها .. إستقامت من مقعدها وتوجهت نحو أحد أدراج خزانة ملابسها كانت هناك عُلبة صغيرة موجودة بحقيبتها قد قامت بشراءها مؤخرًا من المستوصف الطبي عندما تأخر طمثها يومين وذلك كان منذ شهرين ولكن بعد شراء ذلك الإختبار وجدت أنها قد قامت بشراءه دون فائدة وقامت بالإحتفاظ به لوقتها … قامت بفتح العُلبة وأخذت الإختبار بيدها و هي ترتعش لا تدري من الخوف أم من ماهو آت؟؟ … بدأت بعمل الإختبار وإنتظرت لدقائق وعندما نظرت إليه بدأت بالبكاء؛ فقد كانت النتيجة إيجابية .. يعني أنها تحمل طفله … كان طارق يحاول أن يمنع تلك الدموع من الهطول ولكن مع الأسف هبطت الدموع من مقلتيه وهو ينظر إليه … أما بالنسبة لياسين فقد كان ينظر إليه بالمقابل بهدوء، إلتفت وتوجه نحو باب الغرفة ليرحل ولكن إستوقفه إستفسار طارق الذي يبكي …
طارق:”كانت بتحبك، إختارتك إنت عن الدنيا كلها، إزاي قدرت تعمل فيها كده؟ إنت إزاي قدرت تتجوز أختها؟؟؟ إزاي عايش معاها تحت سقف واحد وإنت قاتل أختها؟؟؟؟ ضميرك مرتاح؟؟ إنت إزاي عملت فيها وفيا أنا كده؟؟؟ دي إنسانة سلمتك حياتها ونفسها .. إزاي عملت فيها كده؟؟”
لم يُجبهُ ياسين وقام بفتح باب الغرفة وكاد أن يخرج ..
طارق:”طب ليه ماقتلتنيش لحد دلوقتي؟؟ ليه خارج وسايبني كده؟؟”
تحدث ياسين بهدوء وهو معطيًا إياه ظهره …
ياسين:”لإن إحساس الفُقدان أصعب من الموت، و الموت رحمة ليك.”
أغلق ياسين الباب خلفه أما بالنسبة لطارق فقد بكى بنحيب لتذكره تلك الواقعة مرارًا وتكرارًا ..لقد تدمر بعد وفاتها، كان طبيبًا مسالمًا يحب الإبتسامة ويتمنى الخير للجميع ولكن حاله ذلك تبدل من بعد ماحدث لحبيبته، لقد تحول لأكثر شخص يمقته .. شخص يتملكه الإنتقام ويملأه الكُره .. لقد أحبها كثيرًا لقد كانت الإنسانة الوحيدة التي قام بإختيارها وستظل كذلك .. سينتقم لها .. هو من سيقوم بذلك تلك المرة ولا أحد سيفعلها غيره …
……………………………
بمرور الوقت:
كانت مستلقية بفراشها على جانبها الأيمن واضعة يدها على بطنها الملساء تمسح عليها بهدوء، تنظر أمامها بشرود لا تدري ماذا تفعل .. تشعر بأنها تائهة .. تشعر أنها قد طُعِنَت بخنجر في قلبها .. لقد رأت الكثير من الصعاب وهي مراهقة .. بكت وتألمت وصرخت ولم يراها أو يسمعها أحد .. لقد كانت وحيدة .. كانت تمر عليها ليال بدون أن تأكل شئ .. لقد كان بقائها على قيد الحياة في ضلك الوقت معجزة .. إستفاقت عندما سمعت باب الغُرفة يُفتح ويتم إغلاقه بعدها بهدوء .. ظلت هكذا ولم تستدر .. وقف ياسين في الجهة الأخرى من الفراش ينظر لها بملامح هادئة … تحرك للجهة الأخرى، شعرت به يقترب نحوها وأغمضت عينيها بسرعة لا تريد أن تراه … وقف ياسين أمامها وهبط أرضًا ليكون بنفس مستوى جسدها وقام بتقبيل رأسها وهنا شعر بإنتفاضة جسدها إثر قبلته تلك …
ياسين:”مريم.”
كانت تجاهد محاولة عدم فتح عينيها وإنتبه لمحاولتها تلك … إعتدل وتوقف وتحرك نحو المرآة وقام بفك ربطة عنقه ولكنه إلتفت عندما سمعها تتحدث إليه وهي معيطة إياه ظهرها ..
مريم:”أنا محتاجة فترة راحة، محتاجة أسافر في مكان أرتاح شوية.”
ظل واقفًا بمكانه ينظر بهدوء لتلك القابعة بفراشها والتي لا تريد حتى النظر إليه .. ولكنه عاد وإلتفت مرة أخرى ينظر للمرآة كأنها لم تتحدث مُطلقًا .. أما بالنسبة إليها فقد تضايقت لتجاهله لها وأنه لم يُجيبها عقدت حاجبيها بغضب وإستقامت من فراشها ونظرت إليه وهو يقوم بخلع سترته بهدوء ولكنها لم تنتبه لهدوئه وهو يقوم بذلك ..
مريم بغضب:”بقولك أنا عايزة أمشي من هنا.”
لم يُجبها وتجاهلها حتى قام بخلع سترته بهدوء وهنا تفاجأت مريم عندما رأت الدماء بقميصة وإنتبهت لنقطة الدماء التي سقطت أرضًا من يده اليُسري .. شعرت أنها تريد التقيؤ لمظهر الدماء أمامها ولكنها حاولت التحكم بذلك الشعور، بدأ ياسين بفك أزرار قميصه ولا يُعيرها أي إنتباه …
مريم بغضب:”أنا بتكلم، رد عليا ماتتجاهلنيش.”
ولأول مرة يُعلن ياسين عن غضبه ويتحدث بصوت عالٍ …
ياسين:”عايزة تمشي إمشي، ماتنتظريش مني إجابة، .. *أشار لباب الغرفة* .. إتفضلي الباب قدامك.”
هدأت ملامحها عندما رأته غاضب هكذا … ملامح لم تراها قبلًا .. ذلك القاتل البارد .. المُجرم .. لقد كان غاضبًا حقًا … دخلت الغرفة الخاصة بخزانتها لكي تقوم بتجهيز حقيبتها وبعد دقائق خرجت من الغرفة وقد بدلت منامتها لثيابٍ أخرى مناسبة وتَجُرُّ خلفها حقيبة كبيرة كأنها تقوم بالهجرة لبلدٍ آخر ولن تعود .. تجاهل ياسين ذلك وذهب للحمام ليقوم بتضميد جرح يده … أما بالنسبة لمريم فقد خرجت من الغرفة بدون أن تنظر خلفها لأنها ستذهب دون رجعة .. تحركت بالممر وحمدت الله أنها لم تقابل عماد في طريقها فهو سوف يتمسك بها لكي لا ترحل .. طلبت من الخادمات المساعدة في تنزل الحقيبة معها وقد ساعدوها بالفعل في ذلك .. هبطت على الدرج خلفهم بهدوء وهي تقوم بالمسح على بطنها بهدوء لا تصدق ما يحدث تشعر أنها في كابوس .. إنها تحمل جنين ذلك القاتل … عقدت حاجبيها بغضب ولكنها تحاول أن تتحمل فهي وأخيرًا ستخرج من ذلك الكابوس .. خرجت من القصر وركبت إحدى السيارات ليقوم أحد السائقين بإيصالها لأقرب محطة مواصلات بناءًا على أمرٍ منها، وأصرت على عدم ملاحقة أحد من الحرس خلفها … كان ياسين يقوم بتضميد جرح يده بالحمام وبعد أن إنتهى قام بإلقاء المخلفات التي إستخدمها في القُمامة وكاد أن يُغلق سلة القُمامة وجد جهاز صغيرٌ ملقى بها .. إلتقط الجهاز ورأي النتيجة التي أمامه …
……………………………………….
“رواية/ القاتل الراقي .. بقلم/ سارة بركات”
بعد مرور خمسة أشهر:
كانت تسير على إحدى الشواطئ بمدينة الإسكندرية .. تنظر أمامها بشرود تتأمل حالها .. لقد مرت خمسة أشهرٍ منذ أن تركت القصر ولكن غضبها لم يخمد .. ونيران الإنتقام بداخلها لم تنطفئ .. نظرًا لأنها تحمل في بطنها قطعة منه تذكرها به .. كان عماد وأشرقت يقومون بالإتصال بها بإستمرار ليعلموا بمكانها ولكنها لم تُخبرهم .. كانت تقوم بإطمئنانهم أنها بخير ولا تخبرهم بأي شئ آخر .. لم تتعجب أن ياسين لم يتصل بها خلال تلك المُدة الطويلة فهي كانت تهرب منه لأنها لا تريد رؤيته من الأساس ولا حتى الإستماع إلى صوته التي باتت تمقته، بعد أن قامت بالتمشية قليلًا قررت العودة للشقة التي تقطنُ بها وبالطبع قامت بالعودة إلى العمل في إحدى المستشفيات بالإسكندرية ولكن بشكل متقطع ولتعجبها لقد رأف بحالها مدير المشفى فهي إمرأة حبلى في الشهر السادس، تتذكر سعادتها عندما علمت جنس الجنين وأنها تحمل في بطنها ولدًا؛ كانت سعادتها لا توصف فهي أم تنتظر لقاءها بجنينها … بعد دقائق قليلة وصلت لشقتها وصعدت بالمصعد للطابق المطلوب ثم قامت بفتح الشقة بالمفتاح وهي تحمل بعضًا من الحقائب البلاستيكيه بها بعض الأدوية لأجلها وأيضًا مكونات طعام الغداء الذي ستقوم بتجهيزه .. وفي ذات الوقت تتذكر في بداية حملها أنها في البداية كانت تتمنى أن تتخلص من ذلك الجنين ولكن مع الأسف هذا الطفل ليس له ذنب فيما فعله والده … ومن جهة أخرى هي تكون والدته .. كيف لأم أن تتخلص من إبنها وقُرة عينها؟؟؟ .. تنهدت بصعوبة عندما دلفت للشقة وأغلقت الباب خلفها .. تشعر بأنها قامت بمجهود كبير لا يُطاق على الرغم أنها قد سارت لمدة ساعة تقريبًا وذلك لكي تُحَسِن من نفسيتها بناءًا على تعليمات الطبيبة التي بدأت بالمتابعة معها منذ أن أتت هنا .. توجهت نحو غرفة الصالون لتريح قدمها قليلًا وعندما دخلت الغرفة صُدِمت عندما وجدته أمامها .. ينظر لها بهدوء .. أما هي فقد شعرت بشعورين مختلفين عن بعضهما عندما رأته أمامها .. فقد شعرت الغضب والخوف في آن واحد وبحركة تلقائية منها وضعت يدها على بطنها المُمتلئ كأنها تحاول أن تحمي طفلها من الشخص الذي تراه أمامها … نظر ياسين نحو يدها التي تضعها بحمايه على بطنها المُمتلئ وإبتسم بهدوء ..
ياسين:”أنا مش هأذيكم.”
مريم:”إنت بتعمل إيه هنا؟؟”
ياسين بهدوء:”أنا جاي أطمن على زوجتي وطفلي.”
مريم بغضب:”إطلع بره، مش عايزة أشوفك هنا.”
ياسين وهو ينظر في عُمق عينيها:”لو مش عايزة تشوفيني هنا، يبقى خليكي جريئة وواجهيني يا مريم بدل مانتي خايفة من مواجهتي.”
نظرت له قليلًا وشعرت أنها تريد البكاء ..
مريم:”مع الأسف إنت ضيعت حقك في المواجهة يا … *نظرت له بكُرهٍ وسخطٍ* .. براء، شوف إنت جاي ليه وإتفضل إمشي، إنت مش مُرحب بيك في بيتي.”
تركته وذهبت لغرفتها ولكنه ظل واقفًا بمكانه ولم يذهب .. أما هي بدأت بالبكاء على ماتشعر به … قاتل أختها بالخارج .. براء بالخارج!! .. حتى الآن تشعر بالتيه لا تعلم كيف تتصرف .. لا تعلم ماذا تفعل .. الرجل الذي أحبته منذ الصغر ووالد إبنها يكون قاتل أختها!! .. ظلت هكذا تبكي لا تدري ما العمل لأنه من الواضح أنه لم يخرج من الشقة حتى الآن .. لن يتركها .. ظلت هكذا خائفة على نفسها وحياة طفلها وتبكي بسبب مافعله بها ياسين حتى تذكرت أمرًا ما .. قامت بالبحث في أدراج الكومود تبحث عن زجاجه قد إحتفظت بها سابقًا .. حتى وجدتها أمامها، زجاجة صغيرة ممتلئة بمادة سائلة .. نظرت لزجاجة أخرى موجودة بنفس الدرج ولكنها تجاهلتها وأغلقت الدرَج وأمسكت الزجاجة بقوة .. ظل ياسين بالشقة وقام بخلع سترته ووضعها على إحدى الأرائك بطريقة منظمة وراقية ونظر للحقائب البلاستيكية التي وضعتها مريم أرضًا خارج الغرفة .. قام بحملها ودخل للمطبخ وبدأ بتحضير الغداء .. سمع خطواتها وهي تخرج من باب غرفتها وتقترب نحوه وإلتفت عندما سمع حديثها ..
مريم بجمود:”أنا إللي هطبخ، أنا مش ضامنه إنك ممكن تحطلي سم في الأكل عشان تخلص مني أنا وإبني زي ماعملت قبل كده، أنا مش زيك.”
تعجب ياسين من حديثها ذلك ولكنه أفسح لها المجال .. لم تنتبه لعينيه الذابلتين ولا للحيته التي نَمَت قليلًا مما جعلته وسيمًا أكثر من ذي قبل … تركها ياسين أما هي أكملت إعدادها لطعام الغداء وبداخلها تتمنى أن ينتهي الكابوس الذي تعيش به … بعد مرور عدة دقائق … كانت قد قَرُبت من الإنتهاء من إعداد الطعام وقامت بتجهيز الصحون، نظرت نحو المكان الذي دخل منه ياسين وتأكدت بأنه لن يراها وقامت بإخراج الزجاجة من جيب بنطالها ووضعت كل السائل الذي بها في أحد الصحون وقامت برسم خطٍ صغيرٍ على الطبق بالطعام لكي تعلم أيهم هو الصحن المسموم! … وضعت الصحون على الطاولة وذهبت لتناديه ..
مريم ببرود:”الأكل جاهز.”
إبتسم ياسين لها وإستقام من مقعده وتبعها .. جلست على كرسي بالطاولة الصغيرة وهو جلس أمامها على الكرسي الآخر .. نظر ياسين لصحنه وتحدث بإبتسامة هادئة ..
ياسين:”تسلم إيديكي.”
مريم بإبتسامة:”مش لما تدوق الأول، وبعد كده تبقى تقول تسلم إيديكي.”
ياسين بإبتسامة:”مش مهم إني أدوق الأول .. حتى السُم من إيدك طعمه حلو.”
إختفت إبتسامتها عندما رأته يحمل الملعقة ويبدأ بتناول الطعام وعندما تناول أول ملعقة إنقبض قلبها .. نظر لها ياسين بهدوء ثم إبتسم لها وعاد ينظر في صحنه مرة أخرى للحظات ولكنه أكمل تناوله للطعام أما هي كانت تنظر إليه وهو يتناول الطعام كله!! .. إنتفضت عندما وقعت الملعقة من يد ياسين وهو ينظر إليها بنظرة قد كسرت قلبها لعدة قطع حتى أنها لم تشعر بدموعها التي بدأت تنهمر .. شعر ياسين بالإعياء وبدأ بالتحدث ..
ياسين:”أنا جاهز إنك تواجهيني ماتخافيش مني .. السُم هيقتلني قبل ما أقرب ناحيتك زي مانتي متوقعة.”
كانت تبكي وهي تنظر إليه .. هل كان يعلم؟؟؟؟ .. لقد تناول الطعام كله … لقد كان يعلم أن الطعام مسمومٌ من البداية! ..
مريم بإستفسار وعدم إستيعاب:”ليه؟”
نظر لها ياسين بإستفسار ..
مريم ببكاء:”ليه أكلت الأكل وإنت عارف إنه مسموم؟؟”
ياسين بإبتسامة:”لإني عارف إن دي الطريقة الوحيدة إللي هتخليكي تعرفي تواجهيني، ولإني عارف إنك خايفة إني أقتلك زي ما قتلت سارة، بس أنا إللي يهمني إنتي، إللي يهمني تبقي عارفة إني حبيتك، حبيتك أكتر من أي حد، إنتي الوحيدة إللي سرقت قلبي.”
هزت مريم رأسها وهي تبكي …
مريم ببكاء:”إنت متخيل إنت عملت فيا إيه؟؟ إنت قتلت أختي، وبسببك ماما ماتت .. إنت ظلمتنا كلنا! .. قتلتنا كلنا سوا .. إنت مُتخيل أنا شوفت إيه في حياتي من بعدهم؟؟ .. *صرخت ببكاء* .. متخيل أنا عشت إزاي؟؟؟”
أغمض ياسين عينيه ثم أخذ نفسًا عميقًا …
ياسين بهدوء:”هتصدقيني لو قولتلك إني من أول يوم شوفتك فيه وأنا حاسس بالذنب وماكنتش أعرف إيه السبب؟ وخاصة إن إللي لفت إنتباهي ليكي هو إن فيكي شبه منها، و لما عرفت إنك تبقي أختها عرفت السبب … لإنك من بعدها حصلك حاجات كتير .. أنا آسف.”
مريم ببكاء:”مس متقبلة أسفك ده أبدًا .. أنا تقبلتك على حقيقتك لما عرفت إنك قاتل .. بس مع الأسف كرهتك ومش طايقة وجودك وخاصة من بعد ما عرفت إنك السبب في كل إللي أنا عشته، أنا أختي عملتلك إيه؟؟ سارة مكنش في أطيب وأحن منها، إزاي تقتلها؟، إزاي تحرمني من أختي إللي ماليش غيرها؟ أنا كنت دايما مقتنعة إنك عمرك ماهتأذيني .. مهما يكن جوزي حبيبي عمره مايأذيني .. لكن إنت عملت إيه؟؟؟ إنت قتلتني يا ياسين، إنت قضيت عليا.”
صمتت قليلًا تنظر لحالته وهي تشهق شهقات كبيرة … ثم إستكملت حديثها ..
مريم:”ليه قتلتها؟؟”
ياسين وهو يتنفس بصعوبة:”عشان خانتني، باعتني لأعدائي .. كانت بتقابل ناس عايزين يخلصوا عليا وبتتفق معاهم عليا.”
هزت مريم وهي تقوم بمسح دموعها ..
مريم:”برافو عليك؛ وبعد كده قتلتها صح؟ ده السبب؟”
صمت ولم يُجبها …
مريم ببكاء:” تعرف يا ياسين، انا بكرهك جدا وفي نفس الوقت مشفقة عليك جدا … أول حاجة عشان أختى ماتت مظلومة لإنها عمرها ما خانتك ومهما يكُن ذنبها إيه؛ فهي ماتستحقش الموت .. وتاني حاجة إنك ماقتلتهاش هي لوحدها، إنت قتلتها هي وإبنك.”
نظر لها بدهشة من حديثها ذلك …
مريم بتأكيد وبكاء:”أيوه، سارة ماتت مظلومة وكانت حامل منك وقتها.”
………………………………………………………………..
كونوا في إنتظار البارت الأخير الأسبوع الجاي إن شاء الله
تم كشف أغلب الحقائق .. يا ترى سارة ماتت مظلومة إزاي؟ .. ياسين ظلمها وظلم نفسه … مريم سممت ياسين!! .. قولولي إيه إللي هيحصل في البارت الجاي؟؟؟

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية القاتل الراقي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى