روايات

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل الثاني عشر 12 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل الثاني عشر 12 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الجزء الثاني عشر

رواية بنت المعلم الجزء الثاني البارت الثاني عشر

رواية بنت المعلم
رواية بنت المعلم

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الحلقة الثانية عشر

ارتدت عباءة منزلية فضفاضة، وحجاب يتناسب معها، ثم هبطت متجها إلى الجهة الأخرى من منزلهم… خطت الباب الفاصل بين الجهتين، وعزمت على إنهاء ما قدمت إليه، طرقت الباب برفق، وما هي إلا ثوان وفتحت عليا الباب قائلة بترحاب :
اتفضلي يا هند
ابتسمت هند إليها مردفه بهدوء :
لا مفيش داعي، أنا كنت عايزاكي دقيقتين بس
واسترسلت وهي تقدم إليها الحقيبة التي اعطتها إيها قبل :
أنا اخدتها منك عشان مكنتش عايزك اكسفك وقتها
قطبت عليا جبينها وهي تسألها بعدم فهم :
مش هتخديها ليه؟؟
ردت عليها مبتسمة :
هخدها لو منك
توترت عليا وهي تسألها بتلجلج :
ما هي مني، يعني أنا الـ قدمتها ليكي مش حد تاني!!
نظرت هند إليها بثبات وقالت بمزاح :
أنتِ قدمتيها صح، لكن مش منك
واستطردت باقتضاب :
الكلمة دي كلمته ومحدش بيقولها غيره
تعلثمت عليا وهي تسألها بتعجب مصطنع اجادت رسمه :
هو مين!!! شكلك فاهمه غلط
فتحت هند الحقيبة واخرجت الورقة الموجودة داخل العلبة بجانب الساعة، وأشارت إليها مردده بضيق :
من يوم ما شوفته وهو مش بيقولي غير كدا
” مهلبية” ابتسمت عليا وهي ترمق الكلمة مردفه :
دي طريقة المهبلية عجبتني وكتابتها بس نسيتها في العلبة
نظرت إليها بسخرية متمتمه بوجوم :
سبحان الله أنتِ واخوكي بتحبوها اوي كدا
وجدت عليا ليس هناك داعي لاستمرار مجادلتها، من الواضح أن تمثيلها لم يكن بالقدر الكافي لإقناع هند، فقالت بترجي :
يعني دي هديه ينفع ترجعيها، اقبليها المره دي وبعد كدا متقبليش
قدمت هند الحقيبة مجدداً وهو تقول:
أسفه، معنى اني قابلتها اكون موافقة على قلة أدبه وبسملحه يتمادى معايا
أخذت عليا الحقيبة منها وهي تهتف باستغراب :
هو اكيد مش قاصد يدايقك
تطلعت إليها باستنكار متسائلة بدهشة :
وهو طبيعي انه يهادي ساعة بالمبلغ دا لوحده مفيش اي رابط بينهم؟!!!
ضحكت عليا وهي تتمتم بعبث :
مش يمكن في رابط وأنتِ متعرفيش
عقدت هند بين حاجبيها متسائلة بعدم فهم :
تقصدي ايه؟؟
واستكملت بجمود :
على العموم مش هيفرق في قراراي
ثم استأذنت بالرحيل غير مهتمة إلى باقي حديث عليا، التي وقفت تنظر إلى خطاها بتعجب، لم تتوقع أن تُرجع إلى الهدية حتى أن كان موسى من اتي بها، في النهاية هذا شيء بسيط لا يتطلب مواقفها المبالغ به،
شعرت بوجوده خلفها… دارت وهي تقدم الحقيبة مردده بسخرية :
خودي بس يا عليا وهي مش هتعرف أنها تبعي
واستطردت بحده :
وتطلع كاتب ليها طريقة المهبلية
ضحك موسى وهو يضع الحقيبة جانبا و قال :
اظاهر الطريقة دي مش هتجيب نتيجة
رفعت عليا حاجبيها باستغراب وأردفت مستنكره :
أنت ناوي تجرب معاها طرق تانيه
سألها بشرود :
تفتكري أقدر أقرب منها ازاي؟؟
حدقت به بعدم تصديق وغمغمت بحنق :
البنت لسا خارجه من تجربه فاشلة ولسا لحد امبارح كان طليقها هنا، وأنت تقول تقرب منها ازاي
أخذ مفاتيح سيارته وهو يهتف :
ما هي لازم تتعافى بيا من العلاقة دي
أنهى حديثه غامزا وخرج عائد للقاهرة، عليه الذهاب إلى مكتب الرحلات الخاص به لوجود خطب ما، بعدما اقنع والدته بالانتظار ثلاث أيام آخرين بالقرية، ليتأكد بنفسه من عودتهم سالمين إلى المنزل ..
؛؛؛؛؛؛
على الجهة الأخرى وقفت هند أمام حوض الأزهار في البهو الخارجي، استمعت إلى صوت شخص ما يطلب الدخول، رأت العم محمد يدلف ومعه فتاة لم تراها من قبل… وقف العم محمد وهو يشير على سوزي قائلا :
ست البنات كانت بتسأل عن الست مروه
تطلعت هند إلى سوزي بدهشة مردفه :
اتفضلي
خرج العم محمد الذي تلاقى معتصم عند الباب الحديدي، أشارت هند إلى معتصم بالانتظار، وأخذت سوزي إلى مجلس النساء، واتجهت تهاتف اختها وتطلب منها الهبوط لمقابلة ضيفتها….. ثم خرجت هي الي معتصم،
: جاي المره دي عشان اقول لبابا يطلعه!!!
لم يتعجب معتصم من سخريتها، وقال بهدوء :
لا، أنا البلغة عنه ومش مستني حد يخرجه
واستكمل بوهن :
خالي قفلي ورشة الرخام ومشى الصنائعية
نظرت هند إليها بحزن وأردفت بأسف:
أنت مكلش ذنب، لكن لما بلغت بابا خدك بذنبه
هدر معتصم بحده :
خوفت يعمل فيكي حاجه أو يأذي
واسترسل وهو يرفع اكمام قمصيه ليظهر جرحه الغائر إثر محالة أحمد طعنه بالسكين :
لما حاولت امنعه يخرج مسك السكين وهددني، هجم عليا لما قفلت الباب بالمفتاح وكسره، تفتكري اعمل ايه في الوقت دا، مجاش في دماغي غير الحكومة مكنتش أعرف أن خالي ليه رأي تاني
لم تجد هند رد مناسب يواسيه فقالت بفتور :
أنا مش عارفه اقولك ايه، لكن أخوك دمرني يا معتصم
ظهرت شبه بسمة على شفتي معتصم وهو يردد بسخرية :
واحنا كلنا بندمر يا هند
صمت لبرهه وقال فجأة :
تتجوزيني يا هند ونقفل الموضوع
علقت نظرها عليه وهي تنتطق بعدم تصديق :
ليه مصممين تحسسوني اني مجرد لعبة في أيديكم
اخفض معتصم نظره، فاستكملت بخزي :
كنت فكراك أعقل من كدا
رد عليها بقلة حيلة باديه على نبرته :
هو في حد عنده عقل في البيحصل دا، مراتي سابت البيت ومشيت، عيالي اتحرمت منهم، وورشتي اتقفلت وفوق كل دا مجبور ابيع املاكي واسيب بلدي عشان غلط مش ذنبي
اتجهت هند تجلس على الاريكة الخشبية دون أن تعقب على حديثه، بينما نظر إليها معتصم بيأس والتفت مغادر، فلن يجد ما يقوله ومن الواضح أنها لن تبدي بمساعدته…. ظلت هند تجلس محالها تنظر للفراغ بشرود، تعلم أنه غير مسؤول عن تصرفات أخوه، ولكن أن لم يفعل والدها كهذا لن يردع أحمد خاصة إن فر تلك المرة دون عقاب قاس يطيله مع عائلته …..
؛؛؛؛؛؛
في الداخل
جلست مروه بعد مصافحة سوزي، ثم سألتها بفضول:
حضرتك طلبتي تقابليني، أقدر اساعدك ازاي؟؟
تأملتها سوزي بإعجاب قائلة :
اتحكالي عنك بس معرفتش أنك قمر ما شاء الله
ابتسمت مروه بمجاملة وسألتها باستغراب :
شكراً لذوقك، لكن مين حكالك عني؟؟ وبأي مناسبة!!
ردت عليها مبتسمة :
طلال طول الوقت بيتكلم كلام عنك
: طلال!!!!!
رددت مروه اسمه باستنكار شديد، لم يطول عندما استكملت سوزي حديثها وهي تردف مؤكدة :
دايما كل كلامه بيكون عنك وازاي هو اتغير علي ايدك ومستني وقت ما تكوني معاه بفارغ الصبر
شعرت مروه بريبه في حديثها فسألتها بنفاذ صبر :
وايه صلتك بطلال أصلا؟؟؟
كمن قبضت على جمره أو وضع حول رقبتها سوط من نار يلتف ببطيء، ذلك كان شعورها وهي تهتف بثبات عكس تلك النيران المتأججة بداخلها :
طلال صديق زوجي
بلعت غصتها وأكملت بهدوء :
أنا سوزي زوجة أشرف صديق طلال
حركت مروه رأسها بحيره وهو تغمغم بحرج :
بصراحه أنا مش عارفه مين أشرف ولا فاهمه حاجه
أخفت حسرتها ببسمة مردده :
أنا جايه عشان عرفت ان في سوء تفاهم بخصوصي أنا وطلال ودا زعلني جدا وجيت افهمك
واسترسلت بجدية :
أشرف جاله شغل فجأة خارج مصر وفرصه كويسه ومكنش يرفع يرفضها، وعشان أنا مش من القاهرة طلب من طلال ياخد باله مني بعد ما والدتي جات عاشت معايا، وكمان لأني لسا في أول شهور حملي بتعب فجأة بطلب كتير من طلال يجبلي علاج وكدا بما اننا عايشين في نفس العمارة
رفعت مروه حاجبيها بدهشة وأردفت متعجبة :
بس واضح أنك شاطرة عشان تيجي بلد غير بلدك وتسافري ساعتين وتجيلي
حافظت سوزي على ثباتها متمتمه :
كان لازم اجيلك عشان تعرفي علاقتي بطلال ما هي إلا أخوة
لم تعقب على حديثها، وسألتها بوجوم :
وأنتِ مرجعتيش بلدك ليه بدل ما والدتك جاتلك ومستنيه مساعده من غريب ؟؟
اجابتها مقتصرة :
جوزي رافض اسيب شقتنا
أمات مروه إليها متسائلة بعدم فهم :
لكن مين وصلك أن في سوء تفاهم؟
ضحكت مردده باستغراب :
طلال حكالي أن ابن عمك مفكره متجوز، متعرفيش ضحكت ازاي لما عرفت
حركت مروه رأسها بهدوء قائله :
فعلا هي حاجه تضحك
وقفت سوزي مردفه بترحاب :
اتشرفت بمعرفتك
وقفت مروه متمتمه بمكر :
لسا بدري، استنى اكلم سفيان يجي يوصلك بيتهم عشان تسلمي على عمو عادل
لم تتحكم سوزي تلك المرة في ثباتها وردت عليها بتعلثم :
لا مفيش داعي تتعبيه أنا عارفه البيت وهعدي اسلم عليهم قبل ما أمشي
خرجت مروه معها توصلها للخارج، من حسن حظها انها لا ترتدي حجابها إلا وكانت لحقتها للطريق، ولكن عليها التأكد أن كانت ستذهب أم لا، صعدت بسرعة للأعلى متجه إلى أمل فهي الوحيدة التي يمكنها مساعدتها،
؛************
في مكان آخر
بعد أن وضعت زوجته مائدة الطعام، ذهب إلى غرفة والدته كي يخبرها…. كاد أن يطرق الباب ولكن كانت والدته الأسرع عندما فتحت الباب وهي تحمل حقيبة متوسطة الحجم، عقد ممدوح حاجبيه وسألها بتعجب :
ايه الشنطة دي ياما؟؟
ردت عليه باقتضاب قائلة :
شنطة هدومي، من بعد الساعة دي مليش قعاد في بيتك
صاح ممدوح باستنكار :
ايه الكلام دا ياما
جاءت زوجته تسألها بقلق هي الأخرى :
ليه بس يا خالتي هو انا دايقتك في حاجه؟؟
هدرت صاحبة الخمس وستون عاماً بوهن وهي تنظر إلى ابنها :
مش هستني يوم ما أشوفك زي اخوك وابوك، لما امشي مش هعرف أنت حي ولا مايت، قتلوك ولا قتلت
زفر ممدوح مردد من بين أسنانه:
ايه لازمة السيرة دي دلوقتي، مش قفلنها من زمان
حركت رأسها ترفض كذبه وتمتمت بحزن :
لا مقفلتهاش يابني، سمعتك ساعة الفجرية وأنت بتتكلم عن منصور وعياله
واسترسلت بترجي :
ابوك غلط لما طمع بلاش تغلط زيه عشان خاطر عيالك
امسك ممدوح يدها يرتب عليها برفق وهو يقول :
متقلقيش أنا مش طمعان، أنا عايز حقي
نظرت إليه بقلة حيلة وهتفت بحده:
حق ايه؟؟ ومن مين؟!
أجابها بغضب جلي :
حق اخويا المات في عز شبابه، وابويا التقتل غدر، وفلوسنا الراحت في الهوا، مش هاديه دي الجات تغوي ابويا عشان يشارك أخوها وفي الاخر كرفوه
: ابوك الغلطان ياما حظرته وقولتله بلاش تعادي سالم وتصدق العقربة دي
جلس ممدوح على المائدة، وأخذ قطعة خبز وهو يهتف بتشفي :
خلاص ياما مبقتش عقربة
وأشار إليها والي زوجته مستكملا :
يلا الأكل هيبرد والانتِ عايزاه هيتعمل
اقتربت وهي تتنهد بحيرة، كل ما وسعها أن تضغط عليه هي وزجته بتركه، إذا أصر على ما يفكر به… لن تتحمل أن يضيع هو الآخر أمام عينيها….
؛ ********** بقلم حسناء محمد سويلم
ارتجلت من السيارة وهو تقول بحرج :
معلش يا معلم سالم اخرتك
أشار إليها المعلم سالم بالدخول المشفى بعد أن امر صبيه بالانتظار :
ادخلي يا خديجة وعلى الله نلاقيه بعد كل دا
خطت بجانبه وهي تحمل حقيبة الطعام التي أعدتها إلى عمر، فقد استأذنت المعلم سالم بأن يصطحبها معه في يوم ما إذا ذهب إلى المشفى…. وها هي تأخرت في تحمير الدجاج ليكون ساخن عندما تأتي به، وأدى ذلك لتأخيرها عن الموعد المحدد…
انشقت بسمة عريضة على شفتيها عندما رأته يجلس في الطرقة أمام غرفة والدته، نهض عمر يصافح المعلم سالم بحفاوة، ثم نظر إليها قائلاً بامتنان :
شكراً يا خديجة تعبتك معايا
وضعت خديجه الحقيبة على المقعد وهي تردف :
مفيش تعب، بس ياريت تخلصه كله
قاطعهم المعلم سالم يسأل عمر مستفسرا :
الدكتور طمنك؟؟
اجابه بخفوت :
لسا مفيش جديد غير أنها بدأت تفوق دقيقتين وتنام تاني
واسترسل بصوت مختنق :
شكراً يا معلم على كل حاجه
رتب سالم علي كتفه مردف برفق :
جه يوم ارد مساعدتك ليا، شد حيلك
ونظر إلى خديجة يشير إليها بأن تلحقه، وما أن التفتا حتى وجدوا عليا تقترب منهم، اقتضبت ملامح خديجة وتمتمت دون وعي :
دي جايه تعمل ايه هنا
استمع إليها جيدا فرد عليها متهكم :
زي ما أنتِ جايه تعملي
احمرت وجنتي خديجة واتبعته في سكون….. ألقت عليا التحية على المعلم سالم واخبرته أنها جاءت للاطمئنان على عمر، أشار إليها على مكانه وتحرك يغادر، فقط تأخر على موعده بسبب تلك الغاضبة التي تسير بجانبه…..
؛ *********
في منزل جابر
وقفت خلود أمام المرأة تتأمل فستانها الخاص بموعدها الليلة مع أكرم، وهي تهتف بحيرة :
ايه رأيك حلو، ولا لونه غامق
اجابتها نيره المتسطحة على الفراش خلفها :
جميل ولما تلبسي الطرحه هيظهر اكتر
وضعته خلود جانبا واتجهت إلى خزانتها تخرج حقيبة بلاستيكية سوداء، ثم ألقتها إلى نيرة وهي تغمغم بمكر :
طيب شوفي دا كدا
اعتدلت نيره تفتح الحقيبة بتعجب، وعلى حين غرة شهقت عندما أخرجت فستان قصير باللون الأحمر الناصع، بأكمام من الشيفون، لا يتناسب أبدا خارج المنزل :
أنتِ عايزه تلبسي دا
رمقتها خلود بحنق وصاحت بضجر :
أنا شايفه انك متتكلميش وقومي البسيه
القته نيره بعيداً وهو تحدجها بعدم فهم :
وأنا البسه ليه، وانا مالي
اتجهت خلود إليها مردده بمراوغة :
بصي يا ستي ماما لما شافتك بقالك كام يوم بتباتي معايا قررت تصلح بينك وبين سالم
حل اليأس على ملامحها وهي تغمغم بفتور :
الـ بيني وبين سالم انتهى، دا حتى مهنش عليه يكلمني ويحاول
ضحكت خلود وهي تردف بفخر :
لا ما خلاص ماما قررت تجيبه على بوزه
واستكملت وهي تخرج علبة مساحيق التجميل :
اشترت الفتسان دا ليكي، وطلبت مني اكلم بنوته تيجي تجهز الشقة بلالين وورد وحركات، ودا كله بقا وهي في المطبخ من الصبح بتطبخ الاكل الانتو بتحبوه
ترقرقت العبرات في عينيها غير مصدقة أنها تحظى بكم الحب منهم، تعجبت خلود من دموعها فسألتها بقلق :
مالك؟؟ أنتِ زعلتي!!
نهضت تعانقها بقوة وهي تتمتم بهمس:
مش عارفه اقولكم إيه والله
بدالتها خلود العناق وهي تردف بسعادة :
متقوليش، قومي خودي شاور والبسي وانا هعملك احلى ميكب قبل ما اروح عند عمي
جلست نيرة مجدداً وهي تهمس بخيبة امل:
مش هينفع، مش مستعده يكسفني تاني
وكزتها خلود في كتفها برفق :
كسفه ايه بس، على أساس انك مش عارفه انه بيحبك
تطلعت إليها مردده بيأس :
وأنا كمان بحبه، لكن الحب ملوش لازمه طالما مفيش ثقة
واسترسلت بصوت محشرج :
اخوكي اتخلى عني في اكتر وقت كنت محتاجه وجوده، كنت محتاجه يطمني انه في ضهري، مكنتش عايزه اعيش الخوف دا في وجوده
كان يقف خارجاً يستمع إليهم بضيق، لازالت تحمله كل أخطاءها، لا تعترف أنها كانت السبب في كل هذا من البداية ….
؛***********

حاول التماسك للاستماع إلى باقية ثرثرتها مع أخته، التي تقنعها أنها مشاكل زوجية تقابل اي زوجين في بداية حياتهم، وعليها التغلب ولتلك العقبات ولا تستلم لفرصة صديقتها في تدمير علاقتها بسالم…
: أنت بتعمل ايه عندك
شعر سالم أن دقات قلبه كادت أن تتوقف لوهلة، من شدة تركيزه لم يشعر بوجود زينب خلفه، دار إليها متمتم بحنق :
ياما قطعتي خلفي اكتر ما هو مقطوع
ضيقت زينب عينيها وهي ترمقه بشك :
أنت قدام الباب كدا ليه
ضرب يد فوق الأخرى وهو يغمغم بتهكم :
بلمع اوكر ياما
وكزته زينب بعنف وهي تردف بحده :
امشي احلق دقنك دي وغير هدومك، البس حاجه عدله
انكمشت ملامح سالم وهو يردد بسخرية :
طيب ما تيجي تحميني بالمره
واستطرد بلامبالاة :
أنا مستني خلود عشان هاروح معها عند عمي
صاحت زينب بنفاذ صبر :
اهو منتش فالح غير في المقلته، وملكش دعوة باختك ابوك هيروح معها
زفر سالم بحنق وسألها مقتصر :
أنتِ عايزه توصلي ليه ياما؟؟
ابتسمت وهي ترتب على كتفه بحنو، ثم قالت متمنيه :
عايزه اشوفك مرتاح في بيتك، واعيش ليوم ما أشوف عيالك
واسترسلت برجاء :
بلاش عناد ونشوفية دماغ على التافهه يا بني، وخود عمك عبده مثل واتعلم من غلطه، من يوم ما اتجوز رحاب وهما الاتنين واقفين لبعض على الوحده، والعصا الجامدة في مهب الريح تنكسر، إنما اللين عمرها متتكسر مهما كان طيار الهوا قوي
مال سالم يقبل رأسها ومتمتما بمزاح :
يا سلام عليكي يا زينب وعلى حكمك
استشاطت زينب غضبا من تجاهله إلى حديثها، فأردفت بحده :
يابني متتعبنيش معاك، هو عشان الكلام مش على هواك مبتردش
نظر إليها وهو يضحك وقال بجدية :
ساعة واحده هقضي مشوار واجي اعملك كل التؤمري بيه يا ام سالم
ابتسمت برضا ورفعت يدها تدعي إليهما بصلح الأحوال بينهما، وأن يبعد عنهم كل شر…. ظل سالم يحدق بوالدته بشرود، كل من في المنزل يحاولوا قدر استطاعتهم سير تلك العلاقة، الا هو ونيره… كلا منهم ينتظر الآخر ليعترف بخطاه، غير مستعد للتنازل لأجل تخطي تلك العقبة، ولكن كيف يتخطها أحدهم وأهم عامل أساسي بينهم مختفي…. ” الثقة” لم يجدها بها ولا هي راتها في تصرفاته، خرج من المنزل متجه إلى طريق المؤدي للأراضي الزراعية، ود أن يجلس مع نفسه بعض الوقت كي يحدد موقفه، ولم يجد حجه يخرج بها إلا اختلاق كذبة ليفلت من حصار والدته….
؛ ***************
دفعت باب الغرفة بقوة انتفضت على إثر اصطدامه أمل، التي كانت تشاهد مسلسلها الكرتوني في هدوء….
: في ايه؟؟
دارت مروه حول نفسها وهي تسألها بجمود :
فين تلفونك؟؟
قطبت أمل جبينها بتعجب، وسألتها باستغراب :
اشمعنا؟؟ مالك يا مروه!!
لم ترد عليها واتجهت إلى المكتبة تأخذ الهاتف وهي تردف بأمر لا يحتمل النقاش :
رني على سفيان واسأليه لو في وحده جاتلهم البيت اسمها سوزي
عقدت امل حاجبيها بعدم فهم، وسألتها بتعجب :
مين سوزي؟؟ وايه دخل سفيان وبيتهم
ضغطت على أسنانها وهتفت بضجر :
مش وقتك خالص، يلا كلمي سفيان
واستطردت بنفاذ صبر :
ما أنا مش هرتاح غير لما أعرف
رفعت امل كتفيها بلامبالاة وأخذت هاتفها، وعندما أتت برقم سفيان، انتشلت مروه الهاتف منها وهي تهتف بتفكير :
استنى، لازم تسأليه بطريقة غير مباشرة
: مش فاهمه
جلست مروه أمامها وهي تغمغم بدهاء :
الأول اتكلمي معاه عادي وبعد الهئ والمئ والمحن بتاعكم، تسأليه لو في واحده جات زارتهم انهارده
رمقتها أمل باشمئزاز متمتمه بحنق :
هئ ومئ، أوقات بشك إن في صلة قرابه بينا
اقتضبت ملامح مروه وهو تردد بضيق :
ما تخلصي يا أمل وتريحيني
أمسكت امل الهاتف ممتعضة لذلك التصرف الغير مفهوم، لم تجد رد منه في المرة الأولى، حاولت مجدداً متأملة أن يجيبها تلك المرة…. بالفعل في آخر الاتصال هتف سفيان بترحاب :
يا مرحبا بمهجة القلب
تمنت أمل لو أغلقت مكبر الصوت حتى لا تقع إلى سخرية تلك الجالسة ترمقها بخبث، أشارت مروه إليها بأن تسايره كي لا يشعر بشيء مريب في تلك المكالمة،
: هو أنت في البيت؟
اجابها بصوت ناعس :
لسا داخل حالا، كان يوم متعب في المحكمة
لم تفهم أمل إشارة مروه بأن تجاريه، وفهمت أنها تريد الإسراع في سؤالها، فأردفت بتعلثم :
سفيان هو في واحده جات زارتكم انهارده
ضربت مروه جبتها بخيبة أمل، بينما كانت نبرة التعجب واضحة في سؤال سفيان وهو يقول :
واحده مين ؟؟؟!
ردت عليه ببلاهة دون تفكير :
اسمها سوزي
شخصت ملقتي مروه بصدمه من شدة غباء أختها، أشارت إليه بأنها ستقتلع عناقها بعد أن تنتهي… كانت تود أن تخفي هوية سوزي حتى تتأكد أولا ما إن كانت ذهبت بالفعل لزيارة منزل طلال ام لا، وما زاد فضولها عندما ردد سفيان اسم سوزي بخضة، أثار استنكارهن لتغير نبرته المفاجئ،
تطلعت أمل إلى مروه بتعجب، ثم سألت سفيان بترقب :
مالك اتخضيت كدا ليه
رد عليها بسلاسة :
ولا اتخضيت ولا حاجه، بس أول مره اسمع الاسم دا
واسترسل متسائلا :
لكن أنتِ بتسألي ليه؟؟
همست مروه إليها بأن تعيد سؤالها ما إن كانت هناك صلة قرابه، أو ما شابه لأي فتاه تسمى بنفس الاسم، وبالفعل هتفت أمل تسأله مجدداً :
متأكد أنك متعرفش وحده اسمها سوزي
: في ايه يا أمل هو أنا هعيد وازيد، ما قولت مره معرفش حد بالاسم دا
لأول مرة يتحدث معها كهذا، لم تعهد ذلك الجفاء في نبرته منذ خطبتهم…. حسناً يا أمل لا داعي للقلق، فلابد أن ترى الجانب الآخر من الشخص المحب يوماً ما،
: هقفل دلوقتي
أغلقت المكالمة ونظرت إلى مروه تسألها بعدم فهم :
مين دي يا مروه؟؟ سفيان عمره ما اتكلم معايا كدا، مين دي عشان تشقلب حاله كدا !!!
رمقتها بقتامة وهي تهدر باقتضاب :
صدقيني ساعة ما تأكد مين دي والله ما أكون مروه لو ما شقلبت ولاد عادل وأولهم طلال
لم تهدأ أمل حتى قصت مروه ما حدث، وشعورها المريب خلف تلك المرأة وحول ما قالته…. نظرت امل إليها وهي تسألها بشك :
يعني لو هي كذابة، تفتكري وراها ايه؟؟
ردت عليها بشرود مريب :
مش قادره اتخيل إنها جايه تلبسني على قفايا
واسترسلت بتحذير :
المهم سفيان ميعرفش حاجه بالكلام دا، لحد ما نتأكد بنفسنا
؛ ************* بقلم حسناء محمد سويلم
في نفس الوقت كانت تجلس في إحدى السيارات، منتظره اكتمال عدد الركاب، صدح رنين هاتفها للمرة العاشرة على التوالي دون انقطاع….. لم يكن من الصعب عليها تخمين المتصل، ردت عليه باقتضاب :
ايوا يا طلال
جاء صوته الغاضب قائلاً :
أنتِ مش بتردي ليه
تنهدت بوهن وهي تهتف بفتور:
الفون في الشنطة وانا في المواصلات
حتى لم يكلف نفسه ويطمئن على أحوالها، بالرغم من معرفته لصعوبة ركوب المواصلات في أول أشهر حملها…. وسألها متلهفاً :
صدقتك؟؟؟ وردت عليكي قالت ايه؟!!
شعرت سوزي بالغثيان فأردفت بوهن :
لما اجي يا طلال، مش قادره اتكلم
: مالك!! تعبانه؟؟
زفرت بصوت مسموع مردده بهمس :
دايخه شوية
جاءت نبرته الحنونة علاج إلى تعبها وهو يهتف بلطف :
أنا مقدر موقفك، واتمنى تفهمي أن كل دا لصالحنا، وعشان خاطر ابننا
واسترسل بشغف :
تيجي بالسلامه يا روحي
أعادت الهاتف إلى الحقيبة متنهدة بحيرة، هل ما فعلته الصواب، وأنها حقاً تحافظ على حقوقها كي تتمكن من عقد قرانها بشكل سليم…. أم أنها أخطأت في حق امرأه مثلها، وخدعتها خلف سور الأنانية،
؛ ***************
بدأ قرص الشمس يعود إدراجه رويداً، مع نسمات هواء عليلة … كان غروب رائعاً في منتصف فصل الخريف ..
في أرض زراعية واسعة، وقف يجب علي هاتفه،
: السلام عليكم
ردت عليه باقتضاب :
وعليكم السلام، أنت فين لحد دلوقتي
رفع مرتضى الهاتف ينظر إلى الساعة ثم وضعه على أذنه مره اخرى مردفاً :
لحد دلوقتي ايه المغرب لسا مأذن
غمغمت مها بحده :
اديك قولت المغرب أذن وأنت مرجعتش من وقت الغدا
ضرب مرتضى جبهته بعفوية وهتف معتذرا :
معلش حبيبتي نسيت أني قولتلك هاجي اوديكي للجماعه
همهمت بسخرية وأضافت بضيق :
لو كنت قولتلي أنك هتتاخر كنت روحت أنا، ما أنت عارف اننا بنتجمع عشان هند
رد عليه بأسف :
حقك عليا انشغلت طول النهار في المصنع مع المعلم، وبعدين عيال عمك عدوا عليا
: هتتأخر؟؟
اجابها وهو يشير إلى محمود أنه عائد حين ينتهي من مكالمته :
شوية، بس عايزك تخضري بكرا الغدا وتعملي حسابك هنروح نتغدا عندنا
ردت عليه بتفهم :
حاضر هاقوم احضر قبل ما انام
ارسل إليها قبلة هامس بعاطفة :
في حفظ الله حبيبتي
ودعته ثم اتجهت إلى المطبخ تستعد لتحضير الوصفات وتتركها إلى غدا… بينما اتجه مرتضى إلى جمع الشباب، فقد اجتمعوا في إحدى أراضيهم الزراعية… جلس يعقوب بجانب حافة النيل يتأمل انعكاس أشعة الشمس فوق المياه وكأنها سلاسل من ذهب، شارد في عالم آخر كانت هي مالكته،
ومحمود اتجه إلى جمع بعض الحطب ليصنع إبريق شاي مميز، وبجانبه أخوه المنشغل في تنظيف الذُرة ليقوم مرتضى بشويه…. وكان سالم الآخر ينتظر عودة عامر من منزله بعد أن هاتفه كي ينضم إليهم، ويأتي ببعض المقرمشات والتسالي من إحدى المحلات قبل انه يتجه إليهم، غافلاً تمام عن موعده التي لن تسامحه زينب أن أفسد ما صنعته بعدم مجيئه….. وأخيراً انضم عبدالله وعلى إليهم، ليكون وقت لن يعوض بجمعتهم في جو يغمره المزاح والمرح…
؛ ***********
عودة إلى منزل جابر
وقفت زينب تنظر إلى خلود بأعين دامعة، بينما اقتربت مي تحتضنها برفق بعد أن جاءت من ساعة تقريباً… لم ينتظر جابر وأخذ خلود متجه إلى منزل اخوه، فإن انتظر حين انتهاء وصلة زينب ربما يأذن أذان الفجر وهم منتظرين….
تأبطت خلود ذراع والدها وخطت معه بقلب مرتجف، شعور الرهبة يحوم حولها، هاجس علاقتها الفاشلة يخيل إليها أنها تحل محل الفشل فقط…. كلمات مي معلقة في رأسها وكأنها تأكد ضعفها، عليها معرفة لما كانت هي اختياره من بين جميع النساء، صور إليها عقلها أن جمالها المحدود وبشرتها القمحية انها ليست من تلك الفتيات التي يحظظن بفرص زواج جيدة،
تنحنح جابر بخشونة في البهو، خرجت خيرية بسرعة كي تتأمل خلود، ومن ثمّ افسحها والدها من أمام الباب قائلا :
ادخل يا جابر
: اوعا عليكي يا خوخا يا جامده
التفت والدها إليها مردد بحده :
على ما اظن أن قولت في راجل غريب في المجلس
وضعت خيريه يدها على فمها، ثم أمسكت يد خلود وأدارتها عدة مرات قائلة بهمس :
قمر آخر حاجه
حرك سالم رأسه بضجر وأشار إلى خلود مردف بهدوء :
سيبك من خيريه وتافهتها دلوقتي، وادخلي المجلس أكرم مستني
تسمرت خلود محلها تنظر إليهم بخوف وهي تهتف بتوتر :
هو أنا هدخل لوحدي
ابتسم بخفة مغمغما برفق :
في ايه يا بنتي هو هيكلك، ابوكي قاعد قصادكم وسامر ابن مها قعدلكم جوه زي قرد قطع
ضحك جابر واصطحابها من يدها يرتب عليها بحنو، عندما شعر أكرم بهم، وقف يصافح جابر بحفاوة، واكتفى بسؤال خلود عن الأحوال…. خرج جابر يجلس على المقعد المقابل للمجلس، وتركهم لبعض الوقت، متمنياً أن تسير تلك الزيجة لابنته،
بينما نظر أكرم إلى سامر الجالس أمامه واضع قدماً فوق الأخرى وقال إليه بلطف :
يلا يا حبيبي روح ألعب
تطلع سامر إليه ببرود مميت وهتف بتثاقل :
مش رايح
احتدت ملقتي أكرم وهو يردف بسخرية :
هتفضل قعدلي كدا
:آه
لولا وجود خلود لكان رده الآن غير، كتم غيظه متمتم بضيق :
دا أنت عيل غتت
: سمعتك وهقول لجدو سالم
تحدثت خلود مردده بعتاب لطيف :
سامر عيب ترد على الأكبر منك
التفت أكرم إليها مبتسما، لم يستمع إلى صوتها من قبل، سوى يوم محاولة اختطافها ولم يبدر منها إلا بكاء ساكن… شعرت خلود بنظره المعلق عليها، فكادت أن تنصهر خجلا من تفحصه إليها…
: عامله ايه؟؟
همست بحياء :
الحمدلله
دار أكرم بجزعه العلوي للجهة الأخرى منها، ثم دار إليها مجدداً يقدم إليها باقة زهور بيضاء :
اتفضلي
تطلعت إلي الباقة بانبهار، واخذتها متمتمه بسعادة :
الله شكلها حلو اوى، شكراً
تنهد أكرم براحه وقال ببسمة صغيرة :
فرحت أنها عجبتك
واسترسل بتعلثم :
بصراحة أنا مش عارف ايه لازم أقوله دلوقتي أو المفروض ايه يحصل، بس ممكن نسهل علينا الأمور لما تسأليني واجاوبك
لامست أوراق الزهور بأطراف اناملها وهي تتمتم بحيرة :
ليه أنا؟؟
رد عليها بسلاسة استطاعت إقناعها :
حسيت بانجذاب ليكي غير الباقي
عقدت حاجبيها باستغراب وسألته بتعجب :
أمته؟؟ وفين؟؟!
نظر إليها مردد بحيرة من امره :
الحقيقة مش عارف أمته وفين، لأن أول مره شوفتك يوم ما كنتي هتتخطفي وتاني مره يوم ما عرفت أنك العاملة ورق العنب
ضحكت خلود مردفه بعدم تصديق :
ورق العنب جذبك ليا!!!!!
هامت ملقتيه وهو يغمغم بشغف :
هو مش ورق العنب بس، لكن أنتِ كنتي عاملة شوية محشي يتباس قبل ما يتاكل
ضحكت خلود التي لم تدوم طويلاً، وتحولت لصدمه عندما صاح سامر بعلوي صوته قائلا :
عايز يبوس ابله خلود
وهبط من المقعد راكضا، ومستكملا بصوت جهوري :
يا جدو، يا بابا، يا ماما، الراجل عايز يبوس ابله خلود
؛**************
في نفس الوقت داخل منزل عبده
أخذت سمر صينية العشاء واتجهت إلى غرفة سعد، وجدت باب الغرفة مفتوح… فدخلت وهي تقول بعبث :
خدمه فندقية ولا أروع، على الله يطمر فيك بس
شخصت ملقيتها بصدمه ألجمتها، وأقعت الصينية أرضا وهي تتأمله بعدم تصديق:
سعد أنت واقف على رجليك
؛*******

” حلقة خاصة من منزل المعلم سالم ”
في تمام السادسة صباحاً، أغلق المصحف الشريف بعد قراءة ورده اليومي، ونهض يشغل المذياع على محطة القرآن الكريم…. ثم خرج من الغرفة متجه إلى المرحاض، لكنه توقف فجأة عندما استمع إلى ضوضاء اتيه من المطبخ، وجدها تقف تزين طاولة الإفطار ودون أن تلتفت إليه نطقت عندما شعرت بوجوده خلفها :
ثواني والفطار هيكون جاهز
كانت نبرة فاترة عكس ذاك اللطف المعهود، فسألها بآليه هو الآخر :
ايه مصحيكي دلوقتي؟؟
إجابته وهي تضع آخر طبق :
قلقت لما ملقتش جنبي، فقولت أحضر الفطار لحد ما تخلص
واسترسلت بوضع ابريق الشاي جانباً :
خلصت
تقدم من الطاولة مردفاً :
تسلم إيدك
فتحت النافذة ليتغلغل إليهم تلك النسمات الباردة التي جعلت الستائر تتهاوى بخفة، ثم تمتمت بحب :
تسلم من كل شر
ثم وضعت كوب الشاي أمامه، مستكمله حديثها بنعومة :
سالم كنت عايزه منك حاجه كدا
وضع الخبز من يده متمتم بتهكم :
طالما النبرة اتغيرت كدا يبقا لازم طلب
انكمش بين حاجبي نجاة وهي تردف باستنكار :
هو أنا أصلاً بطلب حاجه!! دا كل فين وفين يا معلم سالم
ابتلع ما في فمه، وابتسم بخفة مردد بعبث :
وطلبك دا من المعلم سالم ولا من سالم، أصلها بتفرق
رسمة بسمة صغيرة على ثغرها وهي تهتف بلطف :
لا المعلم سالم بره حدود الشقة دي، إنما الموجود سالم بس
أشار إليها بأن تكمل دون مقدمات فقالت بتذمر :
أنا عارفه أنك مضغوط بس مش لدرجة إن حتى الكلام مش عارفه أكمله
وضع الخبز جانبا ونظر إليها مردف بحنق :
بلاها فطار والست نجاة تكمل كلامها
ظهر التوتر عليها وهي تردف بتلجلج :
بصراحه أنا عايزه ورد زي العريس خلود جابه امبارح
تأملها لدقيقة ربما غير مستوعب ما تفوهت به، أو ربما دهشته ألجمت لسانه…. عندما طال سكونه شعرت نجاة بالقلق فقالت بتوتر ملحوظ :
هو أنا قولت حاجه غلط
حدجها بذهول مردد بعدم استيعاب :
عايزه ورد؟؟!!!!
أمأت إليه بلهفة مغمغمه بحماس :
يكون أبيض
رفع حاجبيه بدهشة وهو يقهقه بعلو صوته الرجولي، متخيل نفسه يمشي في شوارع القرية بهيبته وشموخه المعتاد، يمسك عصاه في يد وباقة زهور في اليد الأخرى…… بصعوبة هتف من بين قهقته :
دي مراهقة متأخره يا أم حسناء!!!!
شعرت بالضيق من سخريته فقالت ببلاهة :
على فكره انا عندي 37 سنه، ومتجوزه وأنا لسا 18، ومجليش ولا بوكيه غير بتاع فرحي
رد عليها بمراوغة :
أحمدي ربنا، أنا متجوز صباح بمروحه ام ريش وانكسرت قبل الزفة
مطت شفتيها مردده بخيبة أمل :
يعني مش هتجبلي ورد أبيض
وقف يخرج وهو يردد بملل :
سيبي الكلام دا لبنتك، وروحي صحيها
نظرت إلى ساعة الحائط وقالت بتعجب :
لسا بدري
: تنزل تساعد أخواتها، أنا مبلغ صباح الغدا انهارده يكون بدري
واتجه إلى المرحاض، ثم إلى غرفة مكتبه مجدداً…… بينما جلست نجاة مقتضبة الملامح، تتذكر شكل الباقة المبهر عندما دلف بها أكرم،
؛ **************
في الطابق الأسفل
انسدلت ستائر الليل، وهي تجلس علي الفراش، وإذن أذان الفجر ومن شدة تركيزها في الحاسوب المحمول لم تشعر أن ضوء النهار حل عليها، الا من ذاك الضوء المتمردة من نافذتها …..
منذ أن تركت أمل وهي تجلس محلها، تبحث بتمعن في كل الصفحات الشخصية الخاصة بطلال علي مواقع التواصل الاجتماعي، حسها يخبرها بوجود دليل ما يساعدها في الوصول إلي ما تبحث إليه …. بعد أن أغلقت الحاسوب، امسكت بالدفتر الموجود بجانبها، لقد دونت كل ما بدر من حساب سوزي بكل ما يخص طلال، ولكن الأهم الأن لِما تضع سوزي صورة بأحرف ” S ★ T “ غلاف الي صفحتها الشخصية علي موقع الفيس بوك، إذا كان اسم زوجها أشرف !!!!!
؛*************
بعد ساعتين تقريباً
طرقت حسناء غرفة والدها وهي تقول باستئذان :
ممكن أدخل
أشار إليها بالتقدم ونهض يجلس علي المقعد الآخر ليكون مقابل لها بعد أن انتهي من مراجعة فواتير تسليم الطلبيات الي التجار …. جلست مقابل له وهي تهتف بأدب :
ممكن أخرج مع سميه انهارده، عشان هتجيب حاجات ليوم كتب الكتاب
سألها مستفسرا :
مين رايح معاكم ؟!
إجابته بحيرة بادية :
مامتها وعلي
أمأ إليها بهدوء، مستكملا بجدية :
معاكي لحد المغرب وتكوني هنا، لكن غريب أنك لحد دلوقتي متكلمتيش في أمرك مع يعقوب
أصابها التوتر وهي تردف بتعلثم :
اصل الحصل مع هند وسافرنا ومفيش وقت
أستند بمرفقه قائلاً بتهكم :
ولحد دلوقتي شايفه ان مفيش وقت
فركت يدها وهي تردف بتلجلج :
بصراحه يعني هو في وقت لكن
قطعت حديثها وكأنها تستجمع شجعتها واسترسلت بحرج :
يعقوب كلمني وطلب مني أفكر في موضوع جوازنا بشكل طبيعي
: عارف
قالها بهدوء تام وهي يرمقها بثبات، بينما نظرت إليه بصدمه طغت على قسمات وجهها، تدلي فمها بدهشة سيطرت عليها، وتمتمت بعدم فهم :
عارف ازاي
لوي جانب شفتيه وغمغم ساخراً :
الاستاذ قبل ما يكلم حضرتك قالي ،وأنا وافقت أنه يقولك بنفسه وأنتِ ترودي عليه بنفسك
واستطرد بجدية :
قبل ما تقرري لازم تفهمي أنك هتتعايشي مع وضع عمرك ما هتعرفي تغيريه
رفعت حسناء كتفيها ببراءة وهو تردف بحيرة :
مش فاهمه يعني لازم ارفض ولا اوافق
: أنا مش هعيش معاه عشان أقرر ارفض أو أوفق
ابتسمت بخفة وهي تردد بفخر :
بس أنت والدي وليك نظرة في الشخص والموقف ذات نفسه
لم يتعجب ابدا من لباقتها، التي دائماً تستطيع تمحور الحديث كما تريد، نظر إليها لبرهة وغمغم بهدوء :
يعقوب شاب كويس ومن يومه وانا معجب بشخصيته، لكن متنسيش أن مهما حصل بينكم، ومهما وصل بيكم الحال هيفضل فاكر أنه شافك خارجه في انصاص الليالي، وأنا مقبلش تفضلي في خانة الشك طول حياتك
ردت عليه بلهفة :
لا يا بابا يعقوب كلمني وقالي أنه مقدر موقفي ومش هيضغط عليا، هو بس الاول كان فضوله مسيطر عليه، إنما هو واثق فيا وفي أخلاقي وتربيتي
لمح تلك اللامعة الخاطفة في ملقتيها وهي تردف إسمه، يعلم صغر سنها وأنها ليست بالدراية الكافية لتفكر في عقبات تلك العلاقة، فقال بحنو :
وقت الغضب والعصبية مش هيشوف كل دا، وانا مش هستني لما تجيلي في يوم وتقوليلي بيشك فيا أو غلط فيكي
واسترسل بوعيد :
أنا عرفته كل دا وحظرته أن لو لسا في شك من نحيتك يبقا بلاها دي خطوبة ودا اريح ليكي وليه، لكن هو صمم وقال نفس الكلام دا، وانا مش مستعد يا حسناء لحد يجرحك ولا إني افضح بنتي التانيه قدام الناس
فهمت مغذي حديثه التي ولكن قاطع حديثهم رنين هاتفه، فقال بعجلة وهو يخرج بعدما رأي هوية المتصل :
هنكمل كلامنا بعدين
نهضت هي الأخري تخرج كي تبدل ثيابها لتلحق بوالدتها الي الأسفل، كلما شعرت بأنها ستتخذ القرار الصائب، وجدت نفسها تعود إلى نقطة الصفر ….
؛**********
في الأسفل وقف سالم عبده امام بهو المنزل منتظر هبوط عمه، كي يأخذ باقات الزهور المخصوصة إليه
: اتأخرت كدا ليه ؟؟
سأله باقتضاب، فأجاب سالم بضحك :
اتأخرت ايه يا معلم دا انا لفيت علي صاحب المحل عشان اصحيه من نومه
نظر إليه بجمود فاستكمل بتوتر :
قصدي أن الساعه 8 ولسا مفيش محلات فتحت
وقدم الثلاث باقات دون أن يضيف، تطلع المعلم سالم الي الباقات يتفحصهم، الأولي باللون الأحمر، والثانية باللون الوردي، أما الثالثة فكانت باللون الأبيض كما طلبت مسك الختام….
لفت نظره تلك الباقة الصفراء المعلقة بين يديه فقال سالم عندما فهم السؤال المنبعث من ملقتي عمه :
دي لندي أصلها بتحب الأصفر
أخذ الباقات منه وهو يردد بمكر :
علي الله ترضي عنك بس
اختفت بسمة سالم عندما ذكره بغلافهم، ثم غادر يتمتم بسخط لحظه المنحوس … علي الجهة الأخرى رفع المعلم سالم يده يعدل من وضعية جلبابه البني مغمغم ساخراً :
والله يا سالم وشلت ورد
دلف إلي اول طابق حيث توجد دائما صباح، ولكن كانوا انضممن إليها خيرية وأمل وحسناء، بالإضافة إلي نادية في غرفة المعيشة، ونجاة التي ذهبت توقظ هند …
تسمرت خيريه محلها وهي تشير الي أخواتها بأن ينظرن علي من دلف للتو وهي تهتف بذهول :
هو دا بابا ولا أنا لسا نايمه
لم يكترث سالم إلي حديث الفتيات واتجه الي المطبخ، وضع الباقة الوردية والبيضاء برفق، وأمسك الحمراء يضعها أعلي المنضدة وهو يردد بلطف قبل أن يتحرك :
في حاجه ليكي يا ام هند علي التربيزه
لم ينتظر واتجه الي غرفة المعيشة، ولكن قبل أن يضع الباقة الثانية اصطدم بـ نادية وهي تخرج …. لم ينتظر أن تستفيق من دهشتها، وقدم إليها الباقة الوردية قائلاً بمزاح :
أنا عارف أن الصدمة تقيله بس مش مشكلة
قطبت جبينها باستغراب وسألته بعدم فهم :
ايه دا ؟؟
كان يعلم منذ البداية أنها من ستجعله يندم علي تلك الخطوة، رمقها بتهكم مغمغما ببرود :
دي ملوخيه
واسترسل وهو يدفعها للخلف برفق :
ادخلي قطفيها لحد ما جيلك
وتحرك مغادرا تحت نظرات نادية المذهولة …. ما أن وصل إلي الطرقة وحدها تدلف مع هند، لم يعطي الفتيات فرصة وقدم إليها الباقة البيضاء برقه، ظلت نجاة تنظر إليه تارة والي باقة الزهور تارة ثم هتفت بسعادة غامرة :
أنا فكرتك مش هتجيبه
أخذت الباقة تحتضنها بلهفة مستكملة بامتنان :
ربنا يخليك ليا يارب وتعيش وتجبلي ..
: قولي يا حبيبتي يعيش ويجبلنا
لم سوي صوت نادية التي خرجت تمسك باقتها، وبجانبها صباح محتضنه باقتها هي الأخرى ….. بهتت ملامح نجاة وهي تطلع إليهم بضيق، ثم نقلت نظرها الي المعلم سالم الذي أردف بسخرية :
ما أنا مش اهبل عشان اكون سبب في الحرب العالمية التالته
وجدت أن حديثها لن يجدي نفعا، فقد قدم إليهم مثلها وانتهي الأمر …. أخذت باقتها وصعدت الي طابقها بامتعاض واضح، صفقت خيرية بحماس وهي تهتف بمزاح :
اوعدني يارب بواحد نص عقل ابويا
نظر إليها بحده فالتزمت الصمت رغماً عنها، بينما رمق صباح بجدية وهو يقول بتذكر :
انهارده رايح ارجع مياده وعايزك تروحي تستقبليها لان رحاب مش ناويه تجيبها لبر
وضعت صباح باقتها برفق مغمغه بضيق :
من عينا يا حاج، لكن رجوع ميادة علي طلب ابن أخوك صعب برده
انكمش بين حاجبيه باستنكار وسألها باستهجان :
وهي واقفت، وأبوها وافق هعترض أنا ؟؟
واسترسل بلامبالاة :
لولا أن ابوها كلمني أشهد علي شروط رجوع بنته مكنتش أدخلت في موضوع يخص عبده من الأساس
ردت عليه صباح قائلة بزهو :
طول عمرك صاحب واجب يا حاج
تحدثت حسناء بمراوغة :
ايوا يا ماما صباح لازم بوكيه الورد يعمل اكتر من كدا
اقتضبت ملامح صباح وهدرت بانفعال :
هو انتو قاعدين للسقطة واللقطة، قومي منك ليها شوفوا ايه يتعمل في المطبخ
لم تستجيب إليها الفتيات الا عندما وجدوا نظرت والدهن المحذرة …. عندما نهضن ولم تظل سوي هند التي لا تشارك في أعمال منزلية لإصابتها التي لم تشفي منها بعد، وجد أنها فرصة مناسبة للحديث معها بهدوء، والاطمئنان ما أن كان جرحها يتحسن أم لا …. ود أن لا يقترف ذلك الخطأ الذي نضج في رحمه، تلك الفتاة التي أصابته بالأرق وتفكيره الدائم في سبب تلك الفجوة بينهما …..
؛************

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت المعلم الجزء الثاني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى