روايات

رواية شظايا أنثى الفصل الرابع 4 بقلم بتول علي

رواية شظايا أنثى الفصل الرابع 4 بقلم بتول علي

رواية شظايا أنثى الجزء الرابع

رواية شظايا أنثى البارت الرابع

رواية شظايا أنثى
رواية شظايا أنثى

رواية شظايا أنثى الحلقة الرابعة

دلفت رانيا إلى غرفة مريم حتى توقظها من النوم لكي تؤدي صلاة العصر قبل فوات وقته حيث أنه لم يتبقَ سوى نصف ساعة على غروب الشمس.
استيقظت مريم وأدت الصلاة ثم تناولت الطعام واطمأنت على ابنتها قبل أن تجلس أمام رانيا التي سألتها:
-“أنا جهزت أوراق قضية الطلاق اللي هنرفعها على بهاء وهقدمها بكرة الصبح في المحكمة”.
هتفت مريم بضيق:
-“طيب وأنتِ ليه رفعتِ قضية طلاق يا رانيا أنا كنت عايزة أخلعه وأخلص منه على طول لأن قواضي الطلاق بتاخد وقت طويل أوي”.
أمسكت رانيا بيدها معبرة عن دعمها الكامل لها قبل أن تردف:
-“لأن يا حبيبتي سنين عمرك اللي ضاعت في الذ.ل والإهانة دي مش ببلاش، حرام أوي لما تتعذبي وتتبهدلي معاه وفي الأخر تطلعي من الجوازة دي من غير ما تاخدي منه حقك، أنا عارفة أن أبوكِ جوزك لبهاء من غير قايمة ومش مكتوب غير المقدم والمؤخر ووزن الدهب اللي جابه يعني أنتِ ليكِ عنده الشبكة والمؤخر ونفقة بنتك ومينفعش تتنازلي عنهم مهما حصل”.
فكرت مريم قليلا في حديث رانيا ورأت أنها على صواب فهي قد ذاقت الذ.ل طوال سنوات وحان وقت تحررها ولن تضحي بأي شيء في سبيل الحصول عليها لأنها تستحقها بجدارة.
توجهت رانيا نحو غرفة نومها وأغلقت الباب جيدا ثم أمسكت بالأوراق التي كتبت بها مريم تفاصيل حكايتها المأساوية واستأنفت القراءة من أول الفقرة التي تتحدث بها مريم عما حدث معها بعدما تزوجت بهاء.
جحــ…ـيم … كانت حياتي في هذا المنزل عبارة عن جحــ…ـيم وعـ…ـذاب لا يمكن تحمله، فهمتُ الآن لماذا شعرت بالخوف عندما دخلت إلى هذا البيت أول مرة.
تمنيت كثيرا أن يكون كل هذا كابوس وأستيقظ منه ولكن للأسف لم يكن كذلك، أخذت أفكر وأتساءل هل يمكن أن أتحرر يوما ما من هذا السجن الأبدي؟
هل يمكن أن أتخلص من هذه الأغلال التي تقيدني؟
أنا أعيش في هذا الجحيم منذ بضع سنوات وأصبح لدي ابنة أكرث حياتي لها فقط، كنت أعيش وأنا أتأمل وأنتظر اليوم الذي سأخرج فيه من هذا المنزل دون رجعة.
لعلكِ تتساءلين الآن يا عزيزتي رانيا عن أي جحيم أتحدث؟
حسنا دعيني أخبركِ بكل شيء منذ البداية، سبب زواج “بهاء” بي هو لأنني فتاة جميلة ومحترمة ولا أشبه هؤلاء الســ…ـا قطات الذي يقضي معظم أوقاته برفقتهن.
سوف أكون دقيقة أكثر في التعبير وأقول أنني كنت جميلة فقد سرق هذا الشقاء الذي عشت فيه طوال السنوات الماضية جمالي وتركني مجرد حطام وشظايا أنثى تحتاج إلى من يرمم كسـ…ــور روحها التي ظلت تتـعـ..ـذب لفترة طويلة.
بهاء بطبعه شخص يهتم بالمظاهر فقط وعندما رآني ذات مرة وأنا أسير نحو المدرسة أُعجب بي ووجد أنه لا يوجد طريقة للحصول عليّ سوى الزواج وعندما حصل على مراده وأصبحت جاريته مثلما يدعوني عاد إلى عادته القديمة وهي شرب الخمر ومرافقة الســ…ـا قطات.
كان يعود إلى المنزل كل يوم في وقت متأخر وهو يترنح ويردد كلمات غير مفهومة ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل يقوم أيضا بضــ…ـربي إذا قلت له أي شيء ووصل به الأمر أنه أصبح يجبرني على خدمة هؤلاء العاهـ…ـرات.
لم أعد بإمكاني تحمل هذا الأمر وفكرت أن أذهب إلى منزل أهلي وأطلب الطلاق ولكن عندما توجهت إليهم بعد مرور ستة أشهر على زواجي لم أحصل سوى على
صفــ..ـعة من أبي الذي صـ…ــرخ في وجهي بغلظة جعلتني أقسم ألا أسامحه مهما حدث ولن أسير في جنازته وأنعيه أمام الناس وأبكي عليه مثلما تفعل أي فتاة تفقد والدها:
-“عايزة ترجعيلي مطلقة بعد ست شهور من جوازك عشان الناس تاكل وشي يا خلفة عـ…ـار، ده أنا أقتـ…ـلك وأشرب من دمـ…ــك أحسن قبل ما تعملي فيا كده، الست ملهاش إلا بيت جوزها ومهمتك هي أنك ترضيه مش تجيلي وتقوليلي عايزة أتطلق”.
أنهى والدي حديثه وطلب من أخي أن يعيدني مرة أخرى إلى زوجي، نظرت إليه مرة أخرى وأنا أبكى وحاولت أن أستعطفه بقولي:
-“بابا عشان خاطري مترجعنيش هناك تاني أنا مش قادرة أعيش معاه، ده بيخليني أنزل أخدم أهله وبيضــ…ـربني وكل فترة بيجيب ستات البيت وبيخوني في أوضة نومي وعلى سريري”.
كنت أرجوه بشدة ألا يعيدني إلى بهاء ولكنه لم يستمع لي فقد أعمى المال بصيرته وجعله قاسي القلب لا يهتم بأنين ابنته الوحيدة.
حاولت أمي أن تتدخل وتمنع ما يحدث ولكن أوقفها أبي بصفــ..ـعة قاسية جعلتها تخفض رأسها بأسف وتهتف بحسرة:
-“سامحيني يا مريم، عشان خاطري سامحيني يا بنتي ولما أموت ابقي ادعيلي على طول بالرحمة وادعي على مرات أبويا اللي جوزتني غصـ…ــب عني للشخص ده ولولا أن مش هيكون ليا مكان غير الشارع كان زماني اطلقت منه من زمان وحميتك مش شره وقسوته يا قلب أمك”.
التفت عبد الستار إلى زوجته وصفعها مرة أخرى
وصـ…ــرخ في وجهها:
-“طيب ما هو أنا ممكن أطلقك دلوقتي يا نبيلة وأرميك دلوقتي في الشارع وأسيبك لكــ….ـلاب السكك تنهـ…ــش فيكِ”.
نظرت له نبيلة بعدم اكتراث قائلة بمرارة:
-“وماله اعملها وارميني في الشارع، العمر خلاص مبقاش فاضل فيه كتير وكلها شوية وهرتاح من الدنيا وهمها”.
حاولتُ أن أتوجه نحو والدتي حتى أحتضنها فقد انقبض قلبي كثيرا بعدما جلبت سيرة الموت وشعرت أن لحظة الوداع قد اقتربت ولكن أمسك بي أخي وأعادني قسـ…ــرا إلى بهاء الذي نظر نحوي بتشـ..ــفي وقال:
-“أنتِ إيه اللي رجعك هنا يا مريم بعد ما مشيتي الصبح وقولتي أنك مش راجعة البيت ده تاني غير على جثـ….ـتك؟”
نظر له إيهاب وقال:
-“امسحها فيا المرة دي يا بهاء وأنا أوعدك أنها مش هتكررها تاني، احنا معندناش بنات تسيب بيت جوزها وتغضب وعشان كده أنا رجعتهالك وأنت حر تتصرف معاها زي ما أنت عايز لما تغلط في حقك وتخرج عن طوعك”.
كنتُ أتابع حديثهما وأنا أقف كالمغيبة لا أصدق أن أخي قد أعادني إلى جحــ…ـيم بهاء مرة أخرى.
تعرضت للإهــ…ـانة أكثر من مرة فذهبت إلى منزل أبي مرة أخرى ورأسي تنــ…ـزف حتى يرى بنفسه ما يفعله زوجي لعل قلبه يرق ويساعدني ولكنه اتصل ببهاء وطلب منه الحضور فاعتقدت حينها أنني سأنال الطلاق ولكن ألجمتني الصدمة بعدما سمعت والدي وهو يقول:
-“خد يا بهاء مراتك وحل مشكلتك معاها بعيد عني أنا مش ناقص وجع دماغ”.
سحب بهاء مريم التي صارت تصـ…ــرخ وخاصة بعدما أخذ يضــ…ـربها أمام والدها الذي كان يتابع المشهد ببرود.
تجمهر الناس أمام منزل عبد الستار ومن بينهم شريف الذي أراد أن يتدخل ولكن منعته والدته فنكس رأسه أسفا وحزنا على ما يحدث.
لم تتحمل نبيلة رؤية ابنتها وهي يتم إهـ…ـانتها بهذه الطريقة فتدخلت وصفـ…ـعت بهاء في الشارع وسحبت مريم وكادت تعود بها إلى المنزل مرة أخرى ولكن أمسك بها عبد الستار وأشار إلى بهاء أن يغادر برفقة زوجته.
صر.خت نبيلة بقهر ثم سقطت فجأة على الأرض وتهدجت أنفاسها فشحب وجه مريم وركضت نحوها وهي تهتف بصدمة:
-“مالك يا ماما فيكِ إيه يا حبيبتي؟”
خرجت الكلمات بصعوبة من فم نبيلة التي كانت تجاهد حتى تلتقط أنفاسها:
-“ادعيلي يا مريم ربنا يرحمني ويعوضني عن كل الهَم اللي شوفته في حياتي”.
أمسكت نبيلة بيد ابنتها وهي تتابع:
-“قلبي وربي راضيين عنك يا حبيبتي”.
نطقت نبيلة الشهادة قبل أن تخرج روحها فصر.خت مريم فقد رحلت والدتها وهي تشعر بالقهر والحسرة على عجزها وضعفها أمام جبروت عبد الستار.
اكتشفت مريم بعد وفاة والدتها أنها كانت تعاني من مرض خطير بالقلب وكانت تحتاج لإجراء جراحة دقيقة حتى يتم إنقاذها ولكن لم يسعفها الوقت ولا الإمكانيات المادية.
أخذت رانيا تبكي بعدما قرأت هذا الجزء من القصة فهي قد تذكرت اليوم الذي رحلت به والدتها عندما كانت لا تزال طفلة صغيرة.
أزالت رانيا الدموع العالقة بين أهدابها وقلبت الصفحة حتى تعلم ما حدث بعد ذلك اليوم الذي توفيت به والدة مريم.
مرت الأيام وأصبح كل شيء أسوأ بعد وفاة والدتي، صار بهاء يضــ…ـربني ويعنفني أكثر من ذي قبل لأنه بات على يقين بأنه لن يدافع عنِّي أي شخص من عائلتي، لم يكتفِ بهذا بل أصبح يحضر صديقاته الســ…ـا قطات المنزل كل يوم بعدما كان يفعل ذلك على فترات متباعدة وكان يمارس خيانته في غرفتي وأمام عيني.
لم يضايقني هذا الأمر لأنه زوجي وأغار عليه بل كنت حزينة لأن ابنتي ستعيش طوال حياتها ترى أفعال والدها القـ….ــذرة، كنت أكرهه كل يوم أكثر من اليوم الذي قبله فهو حتى لا يكلف نفسه بإعطائي المال من أجل ابنته بل يقوم بإعطائه لوالدته التي تقوم بإذ.لا.لي دائما قبل أن تضع بيدي المصروف.
هذه العجوز الشمـ…ـطاء تجعلني أقوم بتنظيف شقتها وخدمة ابنتها بالرغم من أن نورا ليست متزوجة ولكن هذه الحقيـ…ـرة لا تريد لابنتها أن تقوم بأي شيء فهي يجب أن تظل ملكة متوجة معتقدة أنه عندما يأتي أحدهم لخطبتها ويراها تعيش هكذا فإنه سيجعلها تعيش معه حياة مليئة بالرفاهية.
كلما أفكر في هذا الأمر أشعر بالشفقة قليلا على هذه العجوز الشمـ…ـطاء فنورا تكبرني بعامين أي أنها تخطت الخامسة والعشرون من عمرها وعندما يأتي أحد لخطبتها ويرى كم هي فتاة مغرورة ومتعجرفة وذات لسان سليط يرفض الزواج بها.
والدة زوجي تكر.هني لأنني أصغر من ابنتها ومتزوجة ولديّ طفلة كما أنني رغم كل شيء أجمل بكثير من نورا ولا يمكن المقارنة بيننا من الأساس لأنني سوف أتفوق عليها باكتساح.
أنا لا أقول ذلك لأنني مغرورة أو بسبب كر.هي لهما بل لأنني سمعتهما وهما تتحدثان ذات مرة وكانت نورا تصر.خ بشدة قائلة:
-“هو أنا ليه كل ما يجي واحد عشان يشوفني بيرفض يتجوزني، هو أنا و.حشة يا ماما؟”
هتفت فتحية بغضب وهي تبرم شفتيها من شدة الغيظ:
-“كله من ورا البو.مة مرات أخوكِ اللي بسببها حالك واقف، كل اللي بيجي يتقدملك بيشوفها حلوة وبعدها بيشوفك فبيقول لنفسه جايبين لابنهم بنت حلوة وعايزيني أتجوز بنتهم الو.حشة”.
نظرت نورا لوالدتها والصدمة تسيطر عليها:
-“أنا و.حشة يا مامي! معقولة تقولي عنِّي كده!”
نفت فتحية هذا الأمر وهي تربت على كتف ابنتها:
-“لا طبعا يا حبيبتي أنتِ مش و.حشة بس الناس بتشوفك كده جنب غر.ا.ب البيت اللي اسمها مريم”.
كان هذا ما سمعته في هذا اليوم على لسان حماتي وابنتها … كنت أصلي كل ليلة وأقرأ القرآن وأدعو ألا تصبح ابنتي مثلهم فهي السبب الذي أعيش من أجله.
استجاب الله لدعواتي ولم تصبح صغيرتي مثلهم فهي تجلس بجانبي وأنا أقرأ القرآن وقد استغليت حبها لكتاب الله وبدأت بتحفيظها السور القصيرة.
في أحد الأيام عندما كنت أحتضن ابنتي وأقوم بتحفيظها القرآن سمعت صوت بهاء وهو يصر.خ ويقول بغضب:
-“أنتِ يا هانم محطتيش القزايز في التلاجة تسقع ليه؟”
نظرت إلى ابنتي ووجدتها ترتجف بخو.ف بعدما سمعت صوت والدها وتتشبث بي فطبعت قبلة فوق جبينها ثم خرجت من الغرفة ونظرت إلى هذا المدعو زوجي الذي يبدو أنه في حالة سُكر وقلت:
-“عايز تسقع قزايز الز..فت اللي أنت بتشربه ده سقعها أنت، أنا مش همسك القر..ف ده بإيدي”.
أراد أن يصفـ…ـعني ولكنني كنت أسرع منه وأمسكت بيده ولأنه كان ثملا استطعت د.فعه وركضت بسرعة نحو الغرفة وأغلقت الباب من الداخل ولم أهتم بصياحه ووعيده.
جلست أرضا خلف الباب وأنا ألـ…ـعن عجزي الذي يمنعني من مغادرة هذا المنزل دون عودة لأنني لم أعد أحتمل مزيدا من الإ.هانة.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شظايا أنثى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى