روايات

رواية تراتيل الهوى الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم ديانا ماريا

رواية تراتيل الهوى الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم ديانا ماريا

رواية تراتيل الهوى الجزء السابع والثلاثون

رواية تراتيل الهوى البارت السابع والثلاثون

تراتيل الهوى
تراتيل الهوى

رواية تراتيل الهوى الحلقة السابعة والثلاثون

كانت سروة مازالت متمسكة بشدة بتاج الذي يمسح على شعرها بحنان.
قالت من بين بكائها بنبرة مكتومة: أنا آسفة، أنا كنت غيورة، أنا بحبك.
ازداد ضغط ذراعي تاج حولها وهو يدير وجهه ليقبل شعرها بحنو كبير.
هدأت قليلا فأبعدها تاج وهو ينظر لوجهها بابتسامة وبنظرة طالما تمنتها وحلمت بها.
مسحت على وجهه باشتياق وهي تتأمل ملامحه الوسيمة، عينيه البنية التي اشتاقت للنظر لها براحة، ملامحه التي يهدأ قلبها حين تراها، ارتفعت يدها لشعره الأسود بشوق.
وضع يداه على وجهها يمسح دموعها برقة لأنها لم يعد يتحمل دموعها: خلاص يا حبيبتي كفاية عياط علشان خاطري أنا مش بستحمل دموعك دي.
ردت بصوت متحشرج: يبقى متخلنيش اعيط تاني يا تاج، متخلنيش اعيط تاني أبدا.
قبل جبينها فأغمضت عيناها بارتياح وهي تحمد الله وتدرك أنها أخيرا وصلت لنهاية محنتها التي طالت.
ابتعد عنها وهو يبتسم: يلا نروح إيه رأيك نرجع بيتنا ولا نروح بيت خالي؟
نظرت له سروة بمشاكسة وقالت بدلال وهي تعبث في أزرار قميصه: عايزة أروح بيتنا أصله وحشني أوي.
ازدادت ابتسامته اتساعا ولمحت في عينيه لمحة خبث أحبتها ولكن انقلبت تعابير وجهه في لحظة وقال بجدية: قرار صح إحنا كمان محتاجين خصوصية علشان نصفي بقية الأمور اللي بيننا.
نظرت له سروة بارتباك وهي لا تفهم مقصده، أية أمور عالقة بينهم؟
أمسكها من يدها وحمل حقيبته في يده الأخرى ثم حدق إليها: يلا بينا.
ساروا معا ليُوقف سيارة أجرة حتى تُقلهم للمنزل، جعل الارتباك سروة تصمت طول الطريق لقد ظنت أن كل شيء أصبح على مايرام بينها وبينه.
حين وصلوا للمنزل دلفت قبله إلى الداخل وهي تستعد لما سيوجهه لها من أقوال.
أغلق الباب ووضع الحقيبة على الأرض ثم كتف ذراعيه وقال بنبرة خشنة: كنتِ فين؟
ارتبكت سروة فقد بدا وكأنه يستجوبها ولا يبدو عليه أنه على استعداد للتحرك من مكانه قبل أن يحصل على إجابته.
أخذت نفسا عميقا قبل أن تجيب بهدوء تُخفي توترها: كنت عند صاحبتي.
رفع حاجبه باستهجان: صاحبتك مين؟ أنا سألت عنك عند كل صحابك ومفيش حد كان عارف مكانك!
نظرت إلى الأرض كمن يخفي شيء وقد ظهر على وجهها الذنب فقال بتوجس: يعني إيه؟ يعني حد منهم كان عارف مكانك وكدب عليا؟
رفعت بصرها بسرعة وقالت باندفاع: أنا كنت عند سارة وهي كدبت بعد اصريت عليها لأني كنت عايزة أفضل لوحدي.
اتسعت عيونه بغضب: يعني كل الأسابيع دي كنتِ عند صاحبتك وأنا عمال أدور عليكِ لا بأكل ولا بشرب ولا بنام بفكر ممكن تكوني فين أو حالك إيه وأنتِ مستخبية مني!
ردت بيأس: حاول تفهمني يا تاج أنا كنت محتاجة أبعد شوية.
حدق إليها باستنكار وصاح بحدة: تبعدي عن مين؟ عني؟ وليه؟ كل ده علشان سمعتي بالغلط حاجة مش مقصودة وكانت ماضي؟ لسه عاقبتيني على ذنب معملتهوش؟
لم تجب وهي تشيح وجهها للناحية الأخرى تحاول في دموعها إلا أنه اقترب منه وقد صاح بصوت أعلى: ما تردي!
فزعت بسبب صوته العالي، ازدردت ريقها بصعوبة وهي تشعر كأن هناك حجر ثقيل يجثم على قلبها بسبب تغيره معها.
ردت بصوت متهدج: ده مكنش السبب الوحيد اللي خلاني أبعد يا تاج فيه حاجات تانية خليتني أعمل كدة.
قال بهدوء: أحب أعرف الحاجات دي، من حقي أعرف السبب اللي خلاكِ تسيبيني أنا وباباكِ وماما قلقانين عليكِ مش عارفين أنتِ فين.
مدت يدها التي ترتجف بشكل طفيف إلى حقيبة يدها وأخرجت هاتفها، فتحته وناولت له.
أمسكه منها وهو مقطب الجبين ثم اتسعت عيناه من الصدمة حين رأى صورته مع روفان في اليوم الذي قابلها فيه، رأى العبارة المرفقة أسفل الصورة والرسالة الصوتية ففتحها لتزداد صدمته وهو يسمع نفسه وقد اُقتُطع جزء من حديثه ليتم إرساله لسروة.
تسارعت أنفاسه من شدة الغضب والانفعال حتى برزت عروق وجهه، لا يصدق إلى أي مستوى حقير قد تدنت له روفان حتى تحقق غرضها وتنتقم وتفرق بينه وبين سروة.
تغيرت قسمات وجهه للبرود وسروة تنتظر بترقب ردة فعله.
ناولها هاتفها دون حديث فأخذته باستغراب وهي تحدق إليه بدهشة.
ابتسم بتهكم حين رأى دهشتها: إيه؟ متوقعة مني أقول إيه؟ أنتِ عارفة أنه دي حاجة تدينك أصلا!
أشارت سروة إلى نفسها بذهول: أنا!
أطلقت منه ضحكة سخرية: طبعا واحدة تخبي على جوزها حاجة مهمة زي دي وتسيبه وتمشي وهو زي الأطرش في الزفة ميعرفش حاجة أصلا يبقى تدينك ولا لا؟
اخفضت رأسها مما زاد في غضبه فأمسكها من ذراعها بقوة: ردي عليا! مقولتليش ليه؟ مواجهتنيش ليه؟ مستنتيش تسمعي تبريري ومشيتي سايباني تايه لا عارف ليه إيه ولا أنا عملت إيه! أنا استاهل منك كدة؟
ترك ذراعها وهو يتابع بعدم تصديق ممزوج بالقهر: أنا فضلت شهور بحاول ابني علاقتنا وأعمل كل حاجة علشان تثقي فيا وتبقي قادرة تعيشي حياتك من جديد وتقفي على رجلك وتتقبلي حياتك معايا وتتقدمي في علاقتنا بدون خوف وثقة وأنتِ هديتي كل ده في لحظة!
حاولت القول بتلثعم: ت..تاج الموضوع مش كدة أنا..
قاطعها بجفاء: مفيش تفسير للموضوع غير كدة أنتِ عمرك ما وثقتي فيا أبدا كنتِ مستعدة تصدقي الأسوأ عني من غير ما تسمعيني.
زفر بشدة وهو يمسح وجهه بيديه ويقول باستسلام: الظاهر اني كنت غلطان لما فكرت أنه ممكن نبني حاجة سوا وفي الآخر أنا اللي كنت بنبي لوحدي.
خطى لغرفة النوم فلحقته سروة بخطوات سريعة وهي تقول برجاء: يا تاج اسمعني أنت فاهمني غلط.
استدار لها بنفاذ صبر: أفهم إيه؟ أني ولا حاجة بالنسبة ليكِ؟
صرخت به بقهر: لا أنت عارف كويس أنت بالنسبة لي إيه بس أنت مش فاهم حاجة مش فاهم إحساسي كان عامل إزاي وهي جاية بكل بجاحة تقولي أنها حبيبتك وأنت بعدت عنها غصب عنك واتجوزتني وهي نفس البنت اللي كانت في الحفلة، خيبت عليك لأني قولت مش مهم المهم أننا مع بعض دلوقتي بس لما وصلتني الرسائل دي وسمعت كلام عمتو مقدرتش! عارف يعني مقدرتش استحمل؟ ايوا أنا عارفة ظروف جوازنا كويس بس كان صعب عليا أوي بعد ما حبيتك أسمع أنه الكلام ده طلع منك وأنه كان بالنسبة لك بتدمر حياتك لما بتقرب مني! حسيت أن قلبي انقسم نصين ساعتها، مكنتش عايزة أشوف حد ولا أسمع حد أنا تعبت وعانيت فترة كبيرة أوي يا تاج وأنت عارف كدة كويس عارف أد إيه ثقتي في نفسي اتدمرت مش بس اتهزت وكنت بحاول ابنيها واحدة واحدة تتخيل إحساسي إيه لما أعرف كل ده!
كانت الدموع تنهمر على وجهها أثناء حديثها حتى انهارت كليا مرة أخرى في البكاء وغطت وجهها بيديها وبكت بحرقة، لعن تاج نفسه لأنه تسبب في بكائها مرة أخرى لقد ترك الانفعال يجره دون أن يشعر وقد آلت الأمور للأسوأ.
اقترب منها وهو يزيح يديها من على وجهها ويمسك بذقنها حتى يرفع وجهها له.
قال بندم: أنا آسف أنا غبي….
قاطعته بصوت باكي من بين شهقاتها: لا أنت مش غلطان بس أنت مش فاهم أنه المشكلة مكنتش فيك يا تاج كانت فيا أنا.
ترك ذقنها وأمسك بوجهها بين يديه يقول بحزم: أوعي تقولي كدة أبدا المشكلة عمرها ما كانت فيكِ أنت مفكيش مشكلة أصلا عايزك تعرفي كدة كويس وتحفظيه، يمكن دي كانت غلطة نتعلم منها لقدام.
ضحكت باستخفاف من بين دموعها ووجهها المحمر: قولتلي مش بتستحمل دموعي وخليتني اعيط تاني أهو.
رد بعبث وعيونه عادت تلمع ببريق الخبث: يا خبر مليش حق طبعا لازم أصلح غلطتي حالا وأمسح الدموع دي.
اقترب منها وهو يمسح الدموع بشفتيه، أغمضت سروة عيناها بتأثر وقد سرت قشعريرة في كامل جسدها.
مرر أصابعه في شعرها وهو يقول بحنان: متعرفيش إزاي كنت عايش من غيرك الفترة اللي فاتت، كانت صعبة أوي وأنا اللي بقول المرة دي متبعديش عني تاني.
ابتسمت له بسعادة وهي تهز رأسها بقوة، فجأة تكلم بتعجب كأنه يحدث نفسه: بس إزاي كنتِ عند سارة ومحدش فينا عرف؟ ده حتى باباها صاحب باباكِ أوي.
توترت سروة بشدة واحمر وجهها وهي تبتلع ريقها، قطب تاج حاجبيه بريبة: إيه؟
تراجعت خطوة للوراء والكلام يخرج منها: على فكرة بابا كان عارف أنا فين و….
توقفت عن الكلام حين تغيرت قسمات وجهه وقد ظهر في عينيه بريق خطير، تقدم نحوه ببطئ فتراجعت للوراء وهي تقول بارتباك: هو…هو كان عارف أنا فين بس…بس أنا نبهت عليه ميقولش علشان… كانت نفسيتي لسة تعبانة…
كانت أثناء حديثها تتراجع للوراء وتاج يتقدم نحوها بوجه جامد حتى اصطدمت بالسرير الذي خلفها وتعثرت به فوقعت عليه، ألقى تاج بنفسه فوقها وهو يضع يديه بجانب رأسها.
قال بنبرة غامضة: أنتِ عارفة على كلامك ده أنا نفسي أعمل فيكِ إيه؟
قالت بحيرة ممزوجة بالفضول: إيه؟
رد تاج وقد تشكلت ابتسامة خطرة على شفتيه: نفسي اعلقك من رجلك وأمسك عصاية امدك بيها.
ارتفع حاجبيها بذهول قبل أن تنطلق منها ضحكات عالية عذبة قبل أن يكتم تاج ضحكاتها بقبلته القوية التي طال عمقها قلب سروة التي استجابت له بعاطفة جياشة.
بعد وقت كانت سروة نائمة في أحضان تاج بينما هو مازال مستيقظ يفكر، لم يذهب عن باله ما رآه على هاتف سروة، لم ينطفئ غضبه كليا من روفان التي سعت لآخر لحظة حتى تدمر حياتهما معا، ابتسامة خفيفة ظهرت على شفتيه حين تذكر أنه سمع منذ فترة أثناء اختفاء سروة أن روفان قد جردها والدها من كل الصلاحيات التي كانت تتمتع بها من قبل وقد منعها من السفر إلى الخارج مجددا والخروج بحُرية من المنزل ثم عقد خطوبتها على ابن شريك له في الأعمال رغم عدم موافقتها وذلك حتى يُحجم من تصرفاتها الطائشة لأن الانضباط والسمعة الحسن هو أكثر ما يهم رجل الأعمال المعروف ولن يسمح لأي شخص أن يتلاعب بذلك حتى لو كانت ابنته المدللة.
أفاق من شروده وهو يحدق إلى سروة النائمة بسلام، اقترب منها ليطبع قبلة على حبينها بحب.
تحركت سروة قليلا ثم فتحت عينيها وابتسمت له وهي مازالت تفيق من النوم.
قالت بصوت ناعس: نمت كتير؟
هز رأسه فتثائبت سروة بكسل ثم أبعدت شعرها عن وجهها.
قالت لتاج بنبرة ذات مغزى: تاج عايزة أسألك على حاجة.
رد تاج بتساؤل: إيه؟
استندت سروة بيديها على صدره وهي تقول بمشاغبة: حبيتني امتى؟ أو اكتشفت أنك بتحبني امتى؟
حدق إليها تاج لثانية قبل أن يضحك بشدة.
نظرت له سروة باستياء وضربته على صدره: إيه اللي يضحك! جاوب على سؤالي.
كان يضحك بصوت رجولي سحرها وجعلها تنظر له بهيام رغم كل شيء، عسل بشكل خفيف قبل أن يتوقف عن الضحك.
كانت تنظر له بعبوس وهي تكتف ذراعيها، سحبها له لتقع على صدره قبل أن يمرر يده في شعرها وهو يقول بصوت أجش من المشاعر: عرفت أني بحبك من يوم ما بقى وجعك هو وجعي، إحساسي بالغضب والانتقام ليكِ كل ما بحس نار في قلبي وأنا شايفك قدامي بتتعذبي وحاسس أني عاجز أعمل لك أي حاجة، يوم ما دخلت السجن كنت بقولك لنفسي ده لمصلحتك وسُمعتك بس الحقيقة اللي اكتشفتها بعدين أني مكنتش هسمح أبدا أنك تتبهدلي وأنا أقف ساكت، أيام جوازنا اللي بدأناه حقيقي مع بعض كانت أحلى أيام في حياتي وأنتِ جنبي بإرادتك يوم ما مشيتي يوم ما حسيت الدنيا كلها ضلمت في وشي ومبقاش لأي حاجة تانية قيمة ولا طعم من غيرك.
رفع كتفيه ثم قال بابتسامة وعيونه تلمع: يمكن كنت بحبك من زمان بس مكنتش عارف.
حاولت أن تتحكم بدموعها التي ملأت عينيها من التأثر ولكنها فشلت لأن دمعة انحدرت على خدها راقبها تاج بانزعاج وهو يمسحها: قولتلك مش عايز أشوف دموعك تاني أنا مقولتش كل ده علشان تعيطي.
هزت رأسها وهي تقول بسعادة غمرت صوتها ووجهها: دموع الفرحة يا تاج أنا مش بعيط لأني زعلانة، أنا فرحانة أوي وأول مرة أجرب دموع الفرحة.
تذكرت أمرا هاما نسيت في غمرة الأحداث أن تخبره به وهو ما كان سببا أساسيا في عودتها.
قالت سروة بنبرة حاولت جعلها عادية: صحيح أنا راجعة الشغل قريب.
سخر منها تاج بمحبة: الشغل ده تقريبا نسيكي من كتر ما بتقولي هترجعي ويحصل حاجة مترجعيش.
قالت سروة بمرح وهي تفرك يديها ببعضهما: لا ما أنا لازم أهتم بيه أوي الفترة دي علشان مش هعرف أروح بعد كام شهر.
قطب حاجبيه باستغراب: ليه هتستقيلي؟
ضحكت: لا هاخد إجازة أمومة.
فغر فاهه كأنه يستوعب ما قالته للتو.
احمر وجهها قليل من الخجل وهي تتابع: أنا حامل.
انتفض تاج جالسًا وهو يردد مصدوما: حامل؟
أومأت برأسها بترقب سرعان ما تغيرت أسارير تاج وغمرتها السعادة من رأسه لاخمص قدميه وقد ظهر كل ذلك في ملامح وجهه.
قال بفرح ممزوجة بارتباك الصدمة: بجد؟ يعني..
متأكدة؟ طب ازاي؟ أنا مبسوط…مبسوط أوي أنا…
لم يجد ما يقوله أكثر فشدها إليها حتى يضمها بقوة وهو يردد بسعادة: الحمدلله يارب الحمد لله أنا مش مصدق.
كان يضمها له بقوة تكاد تطبق عليها ولكن لم تهتم سروة لأنها كانت سعيدة مثله بل وأكثر منه وراضية بردو فعله.
ابتعد عنها وهو يسألها باهتمام وقد أحاط وجهها بكفيه: طب..طب أنت إحساسك إيه؟
غمر الحنان سروة ولمعت عيناها وهي تجيب: مبسوطة زيك وأكتر كمان ومبقتش خايفة خالص، طالما أنت معايا وجنبي مبقاش فيه حاجة تخوفني، حياتي من غيرك كانت ضلمة فعلا ومليانة سواد بس أنت جيت وبقيت النور اللي فيها مش عارفة من غيرك كنت هعمل إيه ربنا يحفظك ليا.
قال تاج بحب مشاعره تظهر في عينيه: أنا بحبك.
خفق قلب سروة وهي تسمعها منه لأول مرة فردت بنبرة عاشقة: وأنا بحبك أوي.
اقترب منها يقبلها بشغف كبير وهو يغرس أصابعه في شعرها فبادلته سروة التي أغمضت عيناها وشعور قد غاب عنها طويلا ها هو يعود إليها الآن وسيبقى إلى الأبد ألا وهو الأمان.
بعد مرور سبعة أشهر كانت سروة ممددة على سرير المستشفى وتتحرك بها الممرضات إلى غرفة العمليات حيث ستخضع لولادة قيصرية طارئة بسبب مشكلة اكتشفتها الطبيبة أثناء الفصحي المعتاد مما اضطرها للخضوع لها فورا.
كان تاج يمسك بها ويتبعها بعيون قلقة، بينما يسير والدها وعمتها على الناحية الأخرى وهما يشجعونها ويخبروها ألا تقلق وأن كل شيء سيمر على خير.
توقفوا على باب العمليات حتى تدخل سروة.
اشتدت قبضة تاج على يدها وهو يرفض تركها، رفع بصره للممرضة يسألها بإحباط: هو مينفعش أدخل معاها؟
قالت الممرضة بعطف: للأسف لا مينفعش.
زفر بضيق فضغطت سروة على يده وقالت بابتسامة رغم خوفها: متخافش يا حبيبي بإذن الله كل حاجة هتبقى بخير الدكتورة طمنتني وقالتلي أنها عملية سهلة وأحسن حل.
لم يقتنع تاج الذي ظل يراقبها بخوف فاقتربت منه والدته وربتت على كتفه تمازحه: متخافش يا حبيبي القيصرية يدوب تاخد بنج يطلعوا العيل وخلصت على كدة أنا مجربتش صحيح بس أسمع كتير.
ابتسم تاج ابتسامة باهتة بينما اقترب والد سروة يقبل جبينها بحنان: ربنا يقومك بالسلامة يا بنتي.
اضطر تاج لترك يدها بينما تتحرك الممرضتين بسروة للداخل.
قال تاج بشوق ممزوج بالقلق: مستنيكِ.
بعد فترة كانت سروة تستيقظ ببطئ من المخدر، فتحت عيونها بتعب لتبصر عيناها تاج أول شيء.
ابتسم براحة حين رآها استيقظت فرفع يدها لشفتيه يقبلها بحب: حمدا لله على السلامة يا حبيبتي.
ابتسمت بتعب: الله يسلمك يا حبيبي، جيبت إيه؟
ضحك تاج بخفة: مش لو كنتِ رضيتي تعرفي من الأول بدل ما تسيبيها مفاجأة للآخر كدة كان زمانك عارفة.
زمت سروة شفتيها وقالت بضيق مزيف: تاج متضايقنيش بقى!
قبل أن يتكلم انفتح الباب وولج والدها الذي يحمل المولود بفرح ورائها عمتها التي تنظر له بغبطة كبيرة.
نظرت له سروة بحنان تولد في قلبها قبل أن تراه ثم عادت تحدق لتاج وقالت بشوق: ها جيبت إيه؟
تلاعب بحاجبيه وهو يرد بهزل: خمني كدة!
بعد مرور أربع سنوات كانت سروة تقدم رسالة الدكتوراه الخاصة بها بينما يقف تاج وهو يحمل ابنهما البالغ من العمر أربع سنوات، كانت نظراتها تتجه نحوهما كل دقيقة بحب بينما نظر تاج لابنه وهو يلاعبه ويشير لسروة بفخر: شوف ماما اهى.
بعد أن انتهت وسقف لها جميع الحاضرين بمن فيهم ابنها هبطت السلالم القليلة إلى أسفل القاعة وهي تتجه نحو تاج وشريط ذكرياتها يمر أمام عينيها، زواجها من تاج، معرفته الحقيقة مساندته لها ثم حبهما، ولادة ابنهما التي كانت صعبة عليها مما اضطرها للمكوث في السرير أغلب الوقت فكان تاج يتولى رعايتها مع عمتها ووالدها اللذان يتوليان رعاية الطفل، حتى أنه أخذ إجازة من عمله ليعتني بها وبابنهما حتى في أبسط الأمور مثل تحضير زجاجة الحليب الخاصة ب(تيم) لأن حليبها كان ضعيف ولا يكفيه.
تتذكر في مرة كانت تحضر له الزجاجة وكانت وحدها لأن والدها في عمله وعمتها ذهبت لأمر مهم وكان تيم يبكي وهدأ فجأة حين عادت كان تاج يحمل بين ذراعيه بحب وحنان أبوي كبير وهو يحرص على وضع رأسه بالطريقة الصحيحة ويتحدث معه برقة.
وصلت لهما فقال تاج بفخر: مبارك يا حبيبتي أنا فخور بيكي أوي.
ثم انحنى ليطبع قبلة على خدها فمد تيم يده ليبعد رأس تاج وهو يناظره بعبوس ثم ضم رأسه والدته له وهو ينظر لوالده بغيرة وعبوس.
ضحكت سروة وهي تأخذ تيم من تاج بينما كشر تاج قائلا: دي مراتي يلا!
مد تيم له لسانه ثم قَبل والدته بتملك وهو يناظر والده بتحدي.
قالت سروة بابتهاج ممزوج بالضحك: فيها إيه يا تاج بيغير على مامته!
سخر تاج منها وهو يقلد صوتها: بيغير على مامته! لا يا حبيبتي يروح يغير بعيد أنا جوزك.
ردت سروة بعشق: طبعا جوزي وحبيبي.
ونظرت لتيم ودغدغته لتتعالى ضحكاته الطفولية المحببة: أنت وتيم طبعا ربنا يحفظكم ليا يا حبيبي.
عادت تحدق إلى تاج بولة: أنا قولتلك أني بحبك النهاردة؟
اقترب تاج وأحطاها بذراعه هي وتيم وهو يرمقهم بنظرات حنونة وقال بصوت رخيم: وأنا قولتلك أنك أحلى حاجة حصلت ليا؟
ربما كانت تظن يوما ما أن حياتها انتهت ولا سبيل لإصلاحها ولكن أتى تاج ليبدد ذلك الظن وليجعلها تتذكر أن نهاية الابتلاء و آخر الصبر عوض الله، وربما كانت لحياة تاج خطط أخرى ولكن في النهاية كان قدر الله الأجمل.
وضع تاج رأسه أعلى شعرها، فابتسمت سروة بامتنان لكل ما آلت إليه أمور حياتها وسعيدة وراضية في أحضان زوجها وابنها.
قال تاج فجأة بمكر: هو إحنا مش هنجيب له أخت بقى ولا إيه؟
#تمت.

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية تراتيل الهوى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى