روايات

رواية ورطة مع السعادة الفصل السابع عشر 17 بقلم رضوى جاويش

رواية ورطة مع السعادة الفصل السابع عشر 17 بقلم رضوى جاويش

رواية ورطة مع السعادة البارت السابع عشر

رواية ورطة مع السعادة الجزء السابع عشر

رواية ورطة مع السعادة
رواية ورطة مع السعادة

رواية ورطة مع السعادة الحلقة السابعة عشر

كم كانت مفاجأة مدوية تلك التي رتبها لها الحاج حسن بعد رحيله .. لقد نقل ملكية شقته لها ..لكن لما فعل ذلك ..!؟. اخبرها المحام السمج ذاك الذى كاد ان يفقد ياسين صوابه انه وحيد لا أقرباء او ورثة له من اى درجة و كان يعتبرها كأبنته فقرر ان يورثها شقته اما كل ما تبقى مما يملك فقد تبرع به للأطفال الأيتام و المرضى ..
همست متنهدة في حزن و هي تتذكر تلك الصدمة التي شملتهما هي وياسين عندما أمرها المحام بتوقيع أوراق الملكية .. كادت تفقد وعيها حرفيا و فغر ياسين فاه للحظات حتى استوعبا الامر .. اه يا حاج حسن .. لطالما كنت ذاك الاب الذى فقدته و حتى بعد وفاتك لازلت ذاك الاب الذى كنت احتاج .. هي حتى الان لم تدرك الحكمة من ان يهبها الحاج حسن شقته ..
لا تدرك لما فكر بذلك من الأساس ..!!
لكنه على أية حال قد حل لها مشكلة كانت ستواجهها منذ عودتها من زيارة عمة ياسين فقد قررت ان بقاءها و أياه اصبح غير مطلوب و لا مرغوب من ناحية عمته التي تراها غير مناسبة لتلك الخطط التي تضعها لمستقبل بن اخيها .. ابنها البكر كما تدعوه دوما ..
كما ان بقاءها بجواره سيضيف على عذابها المزيد من العذاب .. عليها الرحيل حتى ولو لم يكن هذا الرحيل بعيدا عنه بقدر ما يجب لكنه بعيد قدر استطاعتها ..
ستنتقل لشقة الحاج حسن .. لقد قررت ذلك منذ استعادت رشدها و بدأت التفكير في تلك الشقة كملك لها فعلا و لها مطلق الحرية في التصرف فيها و ها هي تفعل ..
انتظرت حتى سمعت صوت باب الشقة يقفل إيذانا بخروجه و تنفست بعمق في محاولة لتشجيع نفسها للمضى فيما قررته و العمل على تنفيذه ..
فتحت باب حجرتها و بدأت في سحب تلك الحقائب التي أعدتها للرحيل في سرية تامة ..
فتحت باب الشقة و اتجهت لشقة الحاج حسن و فتحتها و هي تسمى الله فتحت الباب و أدخلت الحقائب و عادت لشقة ياسين تضع ورقة مطوية على تلك الطاولة بجوار الباب و أخيرا خرجت و هي تلقى بنظرة أخيرة على تلك الشقة التي لها معزة خاصة في نفسها ..
أغلقتها في سرعة لإنهاء تلك اللحظات المؤلمة و اندفعت تدخل شقة الحاج حسن .. شقتها الان وتغلق بابها خلفها تتطلع الى جوانبها المظلمة و عيونها تدمع تأثرا و دعاء يتردد في جوف صدرها لصاحبها .. هي لم تدخل تلك الشقة الا مرة واحدة عندما أصر الحاج حسن على اعدادالافطار يوم عقد قرانها على ياسين ..
ضغطت أصابعها على زر الإضاءة و توجهت للردهة و أضاءت جمع الأنوار .. الشقة لا تختلف كثيرا عن شقتها المقابلة غير انها لاتزل تشعر بالرهبة و الوحدة فيها ..
قررت ان تلقى بكل مشاعرها الان خلف ظهرها و تبدأ في احياء الشقة لتصبح صالحة للعيش فيها من جديد ..على الرغم من ان الحاج حسن لم يكن يهمل نظافتها و كانت تأتيه تلك السيدة المدعوة ام سالم لتقوم على نظافتها … بدأت في فتح النوافذ حتى يدخل الهواء النقى و جالت في أنحاء الشقة لتستأنس بها و تألف أركانها ..
ستعمل على نقل معداتها و أدوات عيادتها لهذه الحجرات لتبدأ في العمل من هنا كما كانت مقررة في الشقة السابقة .. ستجعل الشقة مكان للسكن و العمل معا ..
استغرقها العمل على تنظيم و تنظيف الشقة من جديد و أخيرا دخلت غرفة النوم .. خطت داخلها في رهبة و كأنها ترى طيف الحاج حسن في كل ركن .. بدأت في التنظيف و ما ان وقعت نظراتها على الطاولة الصغيرة جوار الفراش حتى لفت انتباهها ظرف موضوع أسفل لمبة الإضاءة الليلة على تلك الطاولة ..
تناولتها في وجل و فتحت الظرف الذى وجدت على جانبه الاخر كلمات بخط الحاج حسن المنمق “الى ابنتى العزيزة ..مى ” أخرجت ورقة مطوية فضتها في تردد و ضربات قلبها تتسارع و بدأت الدموع تلمع بمأقيها حتى انحدرت على خديها .. جففت عيونها حتى تستطيع قراءة السطور التي تهتز أمامها الان .. و بدأت في القراءة ..
“مى .. عند قراءتك لهذه السطور سأكون انا في عالم اخر مختلف عن عالمكم .. سأكون في رحاب الله حيث الحق و الراحة و النعيم باذنه ..
أعلمى أننى تركت لك تلك الشقة وهى أعز ما املك .. تركتها كانما اتركها لابنتى التي لم يرزقنى الله أعز منها ..
اعرف انكِ تتسألين الان .. لما تركت تلك الشقة لكِ ..!؟.. و هل في هذا صالحكِ ..!؟؟..
نعم .. تركتها حتى تتخلصى من القيد الذى قد يربطكِ بياسين .. تركتها حتى تكونىِ حرة في اتخاذ قراركِ بانهاء علاقتكما او استمرارها دون اى ضغوط من اى نوع .. تركتها حتى تبتعدى قليلا حتى تقررى .. هل اصبح ياسين جزء لا يمكنكِ الاستغناء عنه في حياتكِ بعيدا عن الشقة التي تربطكما .. ام ان الشقة هي الأساس في تقاربكما !؟
تركتها لكِ حتى يدرك هو أيضا كل تلك الأمور .. و يبدأ في التفكير بعقلانية بعيدا عن تأثير بقاء كل منكما في مجال الاخر ..
ابنتى ..دعواتى لكِ دوما بالراحة و السعادة .. و لا تنسينى من دعاءكِ و ارسلى لى الرحمات دوما .. حتى تظل عملى الذى لم ينقطع من الدنيا .. فانت الولد الصالح الذى سيظل يدعو لى ..
استودعتك الله الذى لا تضيع عنده الودائع ..
ابوكِ ..
حسن الصراف
ضمت مى الخطاب لصدرها و انهارت باكية على اطراف الفراش ..لا تعلم كم ظلت تبكى و تترحم على ذلك الرجل الطيب الذى عوضها الله برحمته عن غياب ابيها في حياتها و افتقادها إياه ..
انتفضت تمسح دموعها عندما علا صوت رنين جرس الباب و تلك الطرقات و التي لا تعرف منذ متى تتعالى و لم تسمعها…
اندفعت تفتح الباب بلا تفكير حتى طالعتها صورة ياسين أمامها تسد عليها مداخل الضوء و الهواء ..
صرخت تخرج كل غضبها في هتافها :- ماذا هناااك..!!؟؟..
انتفض في وجهها راغبا في اغاظتها :- سلام قول من رب رحيم … تنفس بعمق مدعيا الذعر و أخيرا هتف ساخرا :- مرحبا يا ام سالم .. ادخلى و ارسلى لى الدكتورة مى لأمر هام …
جزت على أسنانها غيظا .. ايشبها الان بأم سالم تلك السيدة متوسطة العمر و التي كانت تأتى للحاج حسن كل فترة لتنظف له الشقة وتقوم على خدمته وإعداد بعض المأكولات له قبل ان تأتى مى و تقوم بهذا الدور معظم أيام الشهر التي تغيب فيها تلك السيدة الطيبة ..
وضعت كفها على رأسها في نفاذ صبر لتكتشف وجود ذاك المنديل الذى تعقفه على جبينها كفلاحين فيلم الأرض و وجهها الذى اصبح كلوحة فنية من الغبار بتلك الاثار التي ترتسم عليه في عدة مناطق متفرقة و التي تحولت الى اثار طينية من اثر الدموع التي حاولت مسحها قبل فتحها الباب لتزيد الطين بلة.
ألقت نظرة جانبية على مظهرها العام في تلك المرآة الحائطية التي توازى مكان وقوفها لتؤكد في نفسها .. هو لم يخطئ .. انا بالفعل أشبه ام سالم كادت تبتسم رغما عنها .. دوما ما يستطيع نزع ضحكاتها من قلب دموعها .. هكذا فكرت وهى تتطلع اليه راغبة في معرفة سبب مجيئه الى بابها ..
هتفت متصنعة الضجر:- دكتور ياسين .. لا رقت لدى لمزاحك .. ما الذى أتى بك يا ترى !!
هتف ساخراً وهو يبرز بوجهها تلك الورقة التي تركتها عند مغادرتها :- هذه .. هل هكذا تتركين شقتكِ دون اذن من زوجكِ ..!؟..
همست محاولة تمالك أعصابها :- دكتور ياسين .. لقد أعلمتك برحيلى بالطريقة التي رأيت انها افضل للجميع .. كما يجب ان تعرف ان ما كان يربطنا اصبح من السهل إنهاءه ..
همس متسائلا :- و شقتكِ..!!؟.. و أدواتكِ و أجهزتكِ ..!؟..
أكدت بصرامة :- الشقة لنا فيها حديث اخر .. اما اجهزتى فسأرسل الفنيين لنقلها الى هنا حيث سأبدأ في العمل باذن الله ..
قال بنبرة حانقة :- لقد رتبتِ كل شيء .. دوما بارعة .. قادرة .. ومستقلة ..
نظرت اليه بلا تعليق ليمزق هو جواب إخطارها أياه برحيلها و يندفع من أمامها لشقته التي دفع بابها في حنق حتى اصطدم بالحائط
و قبل ان يهم بإغلاقه هتف صارخاً :- أرجوكِ ضيفى صفة هامة جداا لصفاتك الأسطورية .. انكِ حمقاااء ..
و أغلق الباب في عنف مستعيرا عادتها لتنتفض هي مع صفق الباب بهذه القوة و تعود للداخل و هي متعجبة من رد فعله و هي تتساءل في تعجب .. لما نعتها بالحمقاء ..!؟..
**************************
لم يعد باستطاعتها تحمل المزيد .. انه سيدفع بها لا لترك الشقة محل نزاعهما بل ستترك له البناية بأكملها و تهرب ..
كم من المرات طرق بابها بأسباب واهية متحججا مرة بنقص الملح و مرة بعدم وجود السكر و مرة بعض الشاي و مرة رغبته في معرفة كيفية صنع صينية البطاطس و مرة ومرة .. بل مئات المرات .. و في كل مرة تفتح الباب ليطالعها بإلتسامته المغيظة تلك و نداءه المقيت ذاك “جارتى العزيزة ” و الذى لا ينفك يردده في كل مرة و مع كل طلب سخيف ..
دق الان جرس الباب لتندفع هائجة تقسم ان تقتله .. لقد أفقدها صوابها بالفعل.. فتحت الباب بعنف صارخة :- الرحممممة .. هذا يكفى .. اقسم ..
قاطعها ياسين مبتسما بهدوء :- الفنيون هنا و كانوا يسألون عنكِ من اجل اجهزتكِ .. ياااجارتى العزيزة ..
ضمت قبضتيها في غيظ وودت لو اتيحت لها الفرصة لتلكم وجهه بأحدى قبضتيها لكنها نظرت خلفه لتجد الفنيين يقفوا بالباب في نفاذ صبر لبدأ عملهم ..
تناولت مفتاح شقتها و خرجت مغلقة بابها و دخلت شقة ياسين يتبعها الفنيون و هو معهم .. اشارت لبعض الأجهزة حتى بدأوا العمل بها
و ما ان انتهوا حتى طلبوا مكان نقلها الجديد فاندفعت تفتح باب شقتها و تشير اليهم أين يمكنهم إعادة تركيبها ..
نقل الفنيون الأجهزة لشقتها و هو يتبعهم لذا نظرت له مستفسرة :- شكرا لك دكتور ياسين .. لن نعطلك اكثر من هذا .. يمكنك العودة لشقتك و ..
هتف بنبرة صارمة :- لن اعود لأى مكان حتى ينتهى الفنيون من عملهم .. لن ادعكِ وحدكِ حتى يرحلوا ..
هتفت معترضة :- لكن ..
هتف معترضاً بدوره:- ليس هناك لكن .. انتهى ..سأرحل عندما يرحلون .. وبالمناسبة .. عيادتك اجعليها للنساء فقط ..
صرخت الان معترضة بشدة :- ليس من شأنك بالمناسبة .. انا أعالج المرضى اى كانوا .. و لن انال اى أوامر منك في هذا الشأن ..
نظر اليها نظرة مطولة قبل ان يقول في نبرة هادئة :- حسنا .. دع اى رجل يدخل هنا و صدقينى سأكون اول من يعرف مما يعانى لأجعل له الألم مضاعفا .. و بدل من ان يخرج هنا بعد جلسة علاج طبيعى و قد عادت عظامه لوضعها .. سيخرج هو وعظامه كلها مفككة ..
جزت على أسنانها غيظا و حنقا و أخيرا هتفت من بين أسنانها :- اذن لا تتعامل مع النساء بالمثل ..اذا كان الامر كذلك ..
انفجر ضاحكاً :- حااضر .. اذا ما حدث و بدأ الرجال في حمل ووضع الأطفال سأفعل بكل سرور ..و حتى هذه اللحظة التاريخية لن استطيع التعامل الا مع النساء اما انتِ فبإمكانك التعامل مع اى من كان .. و الأفضل طبعا النساء .. لا رجال بعد اليوم .. مفهوم يا جارتى العزيزة!!؟..
كادت ان تصرخ معترضة الا ان الفنيين انتهوا من عملهم و بدأوا في الرحيل ليكون هو اخر من يخرج من باب شقتها يلوح لها بكفه مودعاً و على وجهه ابتسامته تلك التي تصيبها بالجنون.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ورطة مع السعادة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!