Uncategorized

رواية أتحداك أنا الفصل العاشر 10 بقلم أميرة مدحت

 رواية أتحداك أنا الفصل العاشر 10 بقلم أميرة مدحت

رواية أتحداك أنا الفصل العاشر 10 بقلم أميرة مدحت

رواية أتحداك أنا الفصل العاشر 10 بقلم أميرة مدحت

كان عليك أن تُزيل أحزاني، لا أن تصنعهـا.
ظنت أن ذلك اليوم، هو بداية حيـاة هادئة مستقرة سعيدة، لا تعلم بأن الحياة تتبع مبدأ توقع الغير المتوقع، لا تعلم أن الحزن والألم ينتظراهـا، وما سيحدث لهـا ما أن تنتهي تلك العملية، جلست «لينا» مع «آريان» في غرفتهــا بعدما أغلقت الباب بالمفتاح مؤقتًا، تنهدت بحرارة وهي تقول بجدية:
-آريان، طبعًا أنا هنزل مصر كمان شوية مع مراد، وإنت إللي هتكون هنا، أزل ما العملية التسليم هتبدأ، هيتم القبض على داود وروكـان.
عقد ما بين حاجبيــه وهو يسألها بإهتمام:
-يعني خلاص هما أتواصلوا مع الأنتربول؟!..
أومأت برأسهـا إيجابيًا وهي تقول بصوتٍ جاد:
-أيوة، لما لاقوا إننا حاولنا ننزلهم مصر لأي سبب ومفيش فايدة، قرروا ده، لأن أي تصرف مننا مش مقنع هيخليهم يشكوا، عشان كدا حصل تواصل مع الأنتربول وهيساعدونا في عملية تحويلهم لمصر.
هز رأسه بصمت ينتابه القلق من القادم، تسائلت «لينا» فجـأة بصوتٍ شارد:
-تفتكر هنعرف نبدأ حياة جديدة؟!..
زفر «آريان» زفيرًا حارًا وهو يتمتم:
-مش عارف، إحنا غلطنا كتير يا لينا، غلطات ورثناها من أهالينا، إنتي شجعتيني إننا نبدأ حياة نضيفة، بعد ما كنتي أتعودتي على شغلنا وحياتنا.
إبتسمت بألم وهي تهمس:
-لما أبويا قتل أمي، وقتهـا فوقت، فوقـت من إللي كنت أنا فيه، موت أمي كسرني بس فوقنـي يا آريان.
سألها بوجهٍ جامد الملامح:
-ومراد، ناوية بردو تقوليله؟!..
ردت عليه بحذرٍ وقد ظهر الارتباك في نبرتها:
-آه طبعًا، على الأقل يعرف إني كويسة، مش وحشة زي ما هو شايفني، هو شايفني دلوقتي شيطانـة، وأنا مش كدا.
بدا صوته عميقًا وهو يسألها بنفس الجدية:
-تفتكري لما تقوليله كل حاجة هترجع زي ما هي؟!.. أحب أقولك يا لينا قصتك إنتي ومراد مش هتبقى بالسهولة إللي إنتي متخيلاهـا، في عواقب كتير هتقف قدامكم.
ابتلعت ريقها قائلة بنظرات متوترة ووجه قد شحبت حمرته قليلاً:
-زي إيـه؟!..
التوى ثغره للجانب معلقًا:
-مش هقدر أقولك، هتعرفي لوحدك.
اشتدت نبرته قوة وهو يخاطبهـا بهدوء:
-لينا، عاوزك تفضلي متأكدة إنك لو في يوم من الأيام أحتجتيني هتلاقيني، آه إحنا لازم نختفي بعد العملية ومنتقابلش مؤقتًا، عشان الأمان، لكن يوم ما أعرف إنك عوزاني هتلاقيني جنبك على طول.
لتهتف هي بصوت مخنوق:
-تقريبًا إنت الحاجة الوحيدة إللي طلعت بيهـا من حياتي في المكان ده الـ(…).
سكت ولم يرد فأكملت هي مغلقة الموضوع:
-أنا هقوم أستعد يا آريان، لازم أكون في المطار بعد ساعة.
نهض من مكانــه بكل هدوء، ثم توجه نحو باب الغرفة يفتحه، ألتفت لها برأسه وهو يهتف لهـا بإبتسامة صغيرة:
-خدي بالك من نفسك.
حركت رأسهـا بالإيجاب وهي تبادله إبتسامة صغيرة حزينة، فهذا آخر لقاء بينهمـا، لمعت عيناها بالدموع وهي تراه يخرج، لتسحب نفسًا عميقًا تزفره بحرقة واضحة، همست بخفوت حازم محاولة أن تبث الطمأنينة بداخلها:
-هـانت.
*****
كان جالسًا بداخل غُرفتهُ ومازال يفكر بهــا، تمطع بعنقهُ للجانبين في نظرات تحمل الضيق، وهبّ واقفًا ونزع قميصهُ عنهُ وأرتدى قفازات اليدين الخاصّة بمُلاكمة، وتوجّه نحو غُرفته الرياضية قاصدًا نحو وسادة مُلاكمة ضخمة تنسدل بحبل من السقف، وبدأ يسدد ضربات قوية وهو يهتف بغضب مكبوت:
-ليـه؟! .. ليـه يا لينا؟!.. ليـــــــــه؟!..
 بعد دقائق ليست بقليلة.. توقف «مراد» عن سد اللكمات، وأصبح وجهه يتصبب عرقًا غزيرًا من فرط المجهود، تحرك نحو خارج الغُرفة الرياضية متوجهًا نحو غُرفة نومه ليجلس على الأريكة وهو يمسح على شعرهُ الغزير، أظلمت عينيـه بوميض قاسٍ وهو يتمتم:
-أنا آسف يا لينا، إنتي إللي أضطرتيني أعمل كدا.
*****
هبطت «لينا» إلى الأسفل بخطوات ثابتة واثقة، ضيقت عينيهــا وهي ترفع حاجبهـا للأعلى بتهكم، وصلت إلى الأسفل وهي ترى والدهــا يتقدم نحوهــا بغروره العالي الذي يكاد أن يحطم السقف، وقف قبالتهـا وهو يتمتم بإبتسامة ماكرة:
-تعرفي طول عمري كنت بتمنى أجيب ولد، عشان يقول بكل الشغل إللي بتقومي بيه، لكن محصلش نصيب وجيتي إنتي، بس بصراحة مفيش زيك، بقيتي أهم عميلة عندنـا، حقيقي بحيكي.
أتسعت إبتسامتهــا وهي تجيبـه بثقة:
-تربيتك، وكل إللي إنت زرعته جوايا يا داود باشا هيطلع عليك ماتقلقش، بس لسه مجاش الوقت، لكن بأكدلك أنه خلاص، قــرب.
ارتفع حاجبه للأعلى متسائلًا بوجه مشتعل:
-قصدك يا بنت ناريمان؟!..
تنفست «لينا» بعمق لتحافظ على ذلك الهدوء الحذر الذي يعتري ملامحها قبل أن تتابع بنبرة غير مبالية:
-ولا حاجة، متشغلش دماغك غير بشحنة النهاردة.
أطلت شرارات الحنق من عيني «داود» ثم عقب باستنكارٍ وقد بدا غير مقتنع بأي حرف مما تمليه على مسامعه وقد قبض على يدها بقوة:
-يعني إيه مشغلش دماغي، إنتي بتكلمب أبوكي لو مش واخدة بالك.
ارتفعت نبرتها نسبيًا معلقة وهي تجذب يدها بقوة لتتحرر من قبضته:
-إنت مش أبويا، وأنا معرفكش غير داود باشا، أكبر تاجر مخدرات، وقـــاتل أمي.
أومأ مضيفًا باقتضابٍ واثق:
-إذا كنتي شيفاني بالصورة دي، فـ مفيش مشكلة، بس خافي مني يا لينا، خافي.
تحولت نظراتها للقسوة وهي تقول:
-للأسف مش بعرف أخاف، وأظن إنت عارف ده كويس، على العموم أستنى روكان هنا، لأنه هيستقبلك بنفســه عشان تتناقشوا في كام حاجة.
-لينــا، يالا عشان نتحرك.
قالهــا «مراد» وقد تحولت ملامحه للجمود والتحجر، ألتفتت له «لينـا» قبل أن تتوجه نحوه، هزت رأسهـا بإيماءية خفيفة، ليتحركا معًا نحو خارج القصر، تاركين خلفهم عينين قاسيتين تتابع خروجهما بغضب جامح.
*****
وهناك أن وصل كل من «مراد» و«لينا» إلى مصر، كانت الساعة الثانية بعد مُنتصف الليل، وقفا معًا ينتظران الشحنة أن تمر وأن تلتقي «لينا» بـ«عماد»، حتى تعطيـــه حقيبة بها المال الخاص بـه، ويطمئن كل منهما على وصول الشحنة، تحرك أمام ناظريها ثلاث سيارات تقترب منها ومن «مراد» الذي أستقام في وقفتــه أكثر وهو يستعد لتلك المقابلة.
رحب «عماد» بـ«مراد» وهو يمد يده يصافحه بجدية:
-كان نفسي أقابلك يا مراد، سمعت عنك كتير، وحقيقي مبهور بشغلك.
إبتسم له «مراد» بتهكم وهو يؤكد له:
-لا ولسه هتنبهر أكتر.
لم يفهم «عماد» مغزى كلماته، ولكن لم يبالي وأتجهت أنظاره إلى «لينا» التي صافحته بكل جدية وهي تعرفه على نفسهـا، ليقول سريعًا:
-أعرفك طبعًا، هو  في حد ميعرفش لينا الصاوي؟!..
تعالى رنين هاتف «عماد» فجـأة، فـ جلبــه أحد رجاله ثم عاد إلى مكانه، رد «عماد» على المتصل وهو يقول بلهفة:
-أيوة، ها الشحنة وصلت؟!..
أتسعت عينــاه بصدمة، وهو يهدر بذهول:
-إزاي؟!.. إزاي البوليس جه؟!.. ما تنطــق؟؟..
صمت قليلًا قبل أن يلقي هاتفــه على الأرضية الرملية، وهو يهدر بجنون:
-روحت في داهية، روحت في داهيــة، ده الكينج هيقتلني فيهــا.
نظر لـ«مراد» وقبل أن يتحدث وجده يخرج سلاحـــه المندس في قميصــه، إبتسم له ببرودٍ قاتل وهو يقول:
-قبل ما المكينج يقتلك، إنت مقبوض عليك يا عماد، ومش لوحدك…
نظر في إتجاه «لينا» وهو يتابع بقسوة:
-إنت ولينا الصاوي.
بلعت «لينا» ريقها بصعوبة وهي تتنفس بعمق، ألتفتت لرجال «عماد» لتجدهم يخرجون أسلحتهم ويصوبونها نحو «مراد»، بنفس اللحظة وصلت سيارات الشرطة الاتي تلقت إشارة من «مراد» ومن «لينـا».
بدأت تنتشر الطلقات النارية في المكان، تنحت «لينا» جانبًا قبل أن تشهر سلاحهـا في أحد الأماكن، ثم أطلقت طلقة نارية أُصيبت رأس أحد رجال «عماد»، أنتشرت الطلقات النارية في المكان وتحول الوضع إلى شيء مأساوي، فقد قُتل الكثير من رجال «عماد» ورجال الشرطة، كادت أن تُصيبهـا إحدى الطلقات ولكن تفادتهـا بمعجزة، حركت «لينا» رأسهـا لترى أحد رجال «عماد» قريبًا من أحد رجال الشرطة، وقبل أن يقتلـه، صوبت سلاحها نحوه وقتلتــه كي تحمي الرجل الشرطي.
ولكن في نفس الحظة التي أطلقت النار على أحد رجال «عماد»، هي نفس الحظة التي أطلق ذات الشخص على الرجل الشرطي، فوقع كل مهما على الأرض قتيلًا، زفرت «لينا» بإختناق وهي تهمس:
-ملحقتكش.
شعرت بمن يقف خلفها، فألتفتت على حين غرة، لتجده يسحب منها السلاح بقوة، وهو يحدق في عينيها مباشرةً بطريقة غريبة.. قاسية، تصنمت في مكانها وهي تنظر له بصدمة، فوجدته يتراجع للخلف وقد رفع سلاحه نحوها بثبات، ضيقت حاجبيها وهي تسأله:
-يعني تطلع ظابط، وجاي تقتلني دلوقتي؟!..
أجابها «مراد» بلهجة قوية تليق به:
-أيوة، وعندي أوامر بقتلك، ولازم أنفذها.
أرتعشت شفتيها وهي تقول:
-هتقتلني بجد يا مراد؟!!..
هدر بها بغضب شرس:
-أخرسي، مش عاوز أسمع صوتك، إنتي تستحقي الموت وأكتر، لسه قاتلة الظابط قدام عينيا وعيزاني أسيبك.
هزت رأسها نفيًا وهي تقول بعصبية:
-لأ، أنت مش فاهم حاجة.
هتف بقسوة:
-اللي أعرفه إني لازم اخلص البشرية من شيطانة على هيئة إنسانة.
نظرت له بثبات غريب وهي تواجه بسؤال ألجمه:
-وبنسبة كلمة بحبك اللي قولتها إمبارح؟؟..
أجابها بسخرية قبل أن يقول بإبتسامة تهكم:
-أحب مين، أحب واحدة أبوها راجل مخدرات، ولا واحدة كل شوية ألاقي راجل داخل أوضتها وينام معاها؟!..
أرتسمت تعبيرات الوجع لأول مرة على وجهها وهي تقول:
-أنت عارف أنت بتقول إيه؟.. أنت بتهد كل حاجة.
عادت ملامحه إلى الجمود محاولًا وقف نبضات قلبه المتزايدة ألمًا، رفع ذقنه قليلًا قبل أن يقول بهدوءٍ قاس:
-معدش في حاجة تتقال، اللي بينا انتهى وبموتك.
أغمض عيناه للحظة قبل أن يهمس لها بألم خفي:
-أنا آسف.
لحظةٍ واحدة وكانت أنطلقت رصاصة نحوها، شهقت بخفوت وهي تتراجع للخلف خطوة واحدة، هبطت دموعها لأول مرة أمامه وهي تنظر له ثم إلى قميصها الذي بدأ ببقعة من الدماء وتزداد بغزارة، وضعت يدها على الجرح وهي ترتجف قبل أن تقع على ركبتيها وهي تنظر له بعينين حمراوتين قبل أن تهمس له:
-هتندم.
أغمض «مراد» عينيه بقوة يكاد أن يعتصرهما، وذلك الألم الحارق يضرب قلبه، روحه تشتعل ألمًا وغضبًا على ما وصلا إليه، في حين بدأت تشعر أن العالم يدور من حولها، وأنها تقع بداخل بئر عميق مُظلم، ولأول مرة تستسلم له بسلام، فاقدة الوعي والشعور بالحياة.
وأنتهت قصة الحب بموقف.
يتبع…..
لقراءة الفصل الحادي عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى