روايات

رواية جمال الأسود الفصل السادس عشر 16 بقلم نور زيزو

رواية جمال الأسود الفصل السادس عشر 16 بقلم نور زيزو

رواية جمال الأسود الجزء السادس عشر

رواية جمال الأسود البارت السادس عشر

رواية جمال الأسود الحلقة السادسة عشر

أنطلق “نادر” بسيارته إلى الملهي الليلي بجنون أصابه بعدما سمع أن هناك أفراد من العصابة أقتحموا المكان وبدأوا فى تهديد “سارة”، وصل للمكان ليستقبله الرجل الذي أتصل به وقال:-
-أول أوضة على الشمال
صعد للأعلي مُسرعًا وهو يكاد يجن جنونه بعد ان علم أن رئيس هؤلاء أخذها للغرفة، فتح باب الغرفة ورأها تجلس هناك على قدمي الرجل وتسكب له الخمر بوجه باكي وهو يحيط رأسها بذراعه وفى يده سكين حاد يضعه على عنقها، أزدرد لعابه بضيق وهو يراها تخدم هذا الرجل تحت التهديد، تبسم الرجل بسخرية وقال:-
-مش قولت محدش يزعجني
تقدم “نادر” نحوهما أكثر ببرود وينظر حوله بسخرية من هذا الرجل ثم قال:-
-جالك الجرأة ترفع عليها سلاح
نظر الرجل لها بإعجاب شديد ثم قال:-
-بصراحة هي ميترفعش عليها سلاح لكن أعمل أيه معها هى اللى عنيدة ولو كانت جت بالرضا مكنتش جت بالغصب

 

أومأ “نادر” له بنعم موافقًا إياه الرأي ويتحاشي النظر لهم وقبل أن يتحدث الرجل مرة أخرى صُدم بزجاجة الخمر تكسر فوق رأسه من “نادر” لتسيل الدماء من رأسه فسحبها بقوة إليه حتى جرحت السكين عنقها قليلًا بخدش صغير، غادر الغرفة بعد أن أخذها ليهجم رجال الأمن الخاصين بها بعد أن تحررت فكانوا خائفون من المجازفة كونها رهينة لدي هذا الرجل المسلح، سارت معه للخارج مبتسمة بمكر وغمزت لأحدهم بأنتصار على تنفيذ خطتها كما أمرت، وتركت الحقيبة مع النادل فتبسم بعد أن غادرت وفتحها ليجد بها مخزونًا من المال لنجاح خطتها، صعد إلى زملائه وقسم المال معهم ليبتسموا بحماس وضمدتوا جرح صديقهم ….
____________________________
“قصـــــر جمــــــال المصـــــري”
ظلت غاضبة فى غرفتها حتى سمعت صوت السيارة فهرعت مُسرعة للأسفل تنادي على “حنان” حتى تطمئن عليه قائلة:-
-حنان…. حنان….
توقفت عن الحديث عندما رأته يقف أمامها بعد تسريحه من المستشفي ومعه والدته “ولاء” وفتاة أخري فى عمرها تقريبًا لتعلم أنها “جميلة” أخته الصغرى، كانت ترتدي تنورة طويلة سوداء وبلوفر من الصوف وحذاء ذو رقبة قصيرة ولديها وجه جميل به زوج من العيون الخضراء كأخاها وبشرة متوسطة البياض وأنف صغيرة جدًا وشعر أسود يصل لمنتصف ظهرها مموج، تبسمت “جميلة” عليها وهمست إلى “حنان” بعفوية فى أذنها:-
-هى دي؟

 

أومأت “حنان” لها بنعم ونظرت إلى “مريم” التى تحدق به بنظراتها مُطولًا تفحصه بدق أو بالأحري تشبع شوقها إليه بعد أن غاب لأسبوع كاملًا عن نظرها، ضربات قلبها تسارعت لرؤيته وصرخ هذا القلب بين ضلوعها مُتمني أن تكمل ركوضها نحوه لكنها ظلت مكانها لا تقترب أكثر وتفقد صواب قلبها العاشق، تطلع “جمال” بها فى صمت تقف أمامه بنحالتها وخفتها مُرتدية بيجامة قطنية عبارة عن بنطلون وردي فضفاض مرسوم عليه ريش باللون الأزرق وبدي وردي بحمالة وفوقه سترة طويل تصل لركبتها مفتوحة، شعرها البنية كالبندق وحبات القهوة ينسدل على الجانبين بحرية فكم تكره هذه الفتاة تقيد شعراتها بالمشبك أو دبوس الشعر، يحيط بوجهها الجميل كعتمة السماء التى تحيط القمر كل ليلة، قاطع نظرتهم الطويلة صوت “ولاء” تقول:-
-تعال عشان ترتاح
تنحنح بحرج وصعد السلالم مع والدته حتى مر من جوارها لتستنشق رائحته التى تشبه المستشفي من مكوثه هناك، رمقته عن قرب بنظرة حزينة من تجاهله لها بينما هو صعد غير مبالي لها، تتبعته بنظرها حتى قاطعها صوت “جميلة” تقول:-
-هاي، انا جميلة أخته
نظرت “مريم” بحرج لها وقالت:-
-مريم… ضيفة مؤقتًا

 

صعدت لغرفتها بحزن تملكها من صلتها به وهى حقًا مجرد ضيفة هنا، دخلت غرفتها لتتبعها “نانسي” ورأت دمعة هربت من عينيها لتقول بحنان:-
-الله!! ليه الدموع دى؟ مين زعل القمر بس
تمتمت بضعف وحزن يخيم على قلبها قائلة:-
-أنا عارفة أنى غلطت وعارفة أن الناس كلها بتتكلم عنه بسببي وأن اللى حصل من تحت رأسي بس هو يعنى مينفعش يغفرلي دا ولا لازم يفضل يعاقبني بقسوته
ضمتها “نانسي” بلطف وبدأت تمسح على رأسها ثم قالت:-
-أهدئي يا مريم أنا قولتلك حكاية مراته وأن الناس تتكلم عنها وعن الخيانة اللى اتعرض لها مش سهل عليه برضو هو بشر
نظرت إليه بصمت ولم تعقب على كلماتها….
__________________________
أخذها “نادر” إلى شقتها كما طلبت منه ودلفت بصحبته تصطنع الخوف مما حدث وجلست على الأريكة ليقول:-
-أبقي خلي بالك من نفسك وهاتي حراسة كويسة لأن الأشكال دى كتير ووارد وجودهم فى مكانك
أومأت إليه بصمت لينظر إلى عنقها المجروح وقال بضيق شديد يتملكه:-
-هااا الغبي كان لازم ادب الأزازة فى رقبته مش دماغه!!

 

رفعت “سارة” نظرها إليه وترمقه فى صمت وهو بدأ يعقم جرحها بوجه عابس مُتذمرًا على خدشها وكأن هذا الرجل أفسد الجمال الذي يُقدسه ومزق جمالها، وضع اللاصقة على عنقها بلطف ووقف لكي يغادر لكن أستوقفته “سارة” عندما مسكت يده وقالت ببراءة مزيفة وتصطنع الخوف بعد ما حدث لها:-
-خليك معايا النهاردة، أنا خايفة
أبتلع ريقه بأرتباك ثم جلس جوارها من جديد لتقف “سارة” وسارت نحو البار لتحضر زجاجة من الخمر وكأسين وهى تعلم أن عينيه لا تفارقها فتأففت بضيق شديد وهى لا تعرف كيف تضع المخدرات له فى الكأس مع نظره المُسلط عليها يلتهمها، نظر إليها وهى تسير نحوه وتتدلل وتتلوي كالحية خلف وجهها الجميلة، ترتدي فستان أسود طويل ومفتوح من بداية الفخذ الأيسر للأسفل مع سلاسل كثيرًا بهذه الفتحة المُثيرة لتظهر من وراءها أقدامها العارية ببشرتها البيضاء وتصدر صوتًا جذابًا كالأجراس مع خطواته وطقطق كعبها العالي على الأرض الرخامية ومن الأعلي ضيق جدًا من الصدر ومفتوح بكم واحد وذراعها اليمني عاري تمامًا وشعرها الأسود يداعب هذا العنق النحيل وعظمتين الرقبة، وضعت الزجاجة والكأسين على الطاولة وقالت ببراءة مُصطنعة:-
-هجيب الثلج
سارت مجددًا إلى البار لتدخل خلفه هذه المرة وتحجب عنه الرؤية، نظر إلى رأسها التى تظهر أمامه وسكب كأس لنفسه وأرتشفه على جرعة واحدة ثم نزع رابطة عنقه وفتح زر واحد من قميصه ويكاد أن يفقد صوابه أمام هذه المرأة، تبسمت “سارة” بأنتصار ثم نزلت للأسفل تختفي كليًا عنه وجلبت كوب صغير ووضعت به المخدر بجرعة كبيرة تكفي لثمالته كليًا وفقد عقله ثم سكبت الخمر فوقه بمكر شيطانية وقالت مُتمتمة:-
-المرة دى أنا اللى هنجح يا جمال…
نزعت فرد حذائها وكسرت الكعب بيديها ثم أرتدته وتركت الكأس على الأرض ووقفت تحمل الثلج وتبسمت إليه، تبسم إليها وهو يرتشف كأس أخر فتقدمت خطوة لتسقط أرضًا من كعبها المكسور، وقف من مكانها بذعر عليها وهرع إليها، ألتف حول البار ودخل لها ليراها جالسة على الأرض ومكعبات الثلج فوقها، جلس جوارها بهدوء وقال:-

 

-أنتِ كويسة؟
تألمت بشدة مصطنعة الوجع بتعابير وجهها قائلة:-
-اااااه رجلي مش قادرة
نزع لها الحذاء ونظر إلى قدمها فكانت بخير لكنها تأني من الألم أمامه فقال:-
-مش تخلي بالك وأنتِ ماشية
أجابته بنبرة خافتة ودلال مُفروط:-
-مكنتش أعرف اني هقع
أبتلع لعابه بأرتباك وهو يبعد مكعبات الثلج عنها حتى لا تصيبها بمرض فى هذا الشتاء وقال:-
-أنتِ وقعتي على قلبي…
لم يتمالك أعصابه أكثر وسرق منها القبلة التى تمناها كثيرًا لكنها أبتعدت عنه كعادتها فنظر إليها بهدوء مُتعجبًا رفضها لترفع الكوب أمام فمه بيده وأرتشفه منها وهو يتحسس يدها يكتشف نعومته دون أن يفكر ولو قليلًا من أين جاء الكوب فى الأرض لتبتسم بمكر وسحبته من قميصه…….
_______________________________
“قصــــر جمـــــال المصـــــري”

 

خرجت “مريم” من غرفتها صباحًا لتراه ينزل الدرج بخطوات ثابتة بسبب جرحه وذراعه مُعلق فى رقبته ليتحكم بحركة لأجل أصابته، اسرعت إليه وأخذت يده كي تساعده لكنها صدمت عندما أبعد “جمال” يدها عنه بضيق شديد فنظرت له بغيظ من معاملته لها وقالت:-
-هو فى أيه؟
توقف عن النزول ووألتف “جمال” ينظر إليها بضيق ثم قال:-
-فى أيه؟ أنتِ بجد بتسألي في أيه؟ مش واخدة بالك أن كل اللى حصل واللى إحنا وصلنا له بسبب عمايلك وغبائك
-غبائي!!
رددت كلمته بدهشة من طريقته فى الحديث، تحدث بنبرة قوية غليظة قائلًا:-
-اه غبائك، مين سمح لك تقفلي تليفوني وتسيبي ساعتي فى المرزعة، ونروح لوحدنا، مين أدي لك الحق تتصرفي فى حياتي بطريقتك وعلى كيفك؟ أنتِ مين أصلًا عشان يبقي لك رأي
ضحكت بسخرية على كلمه الذي أحزنها وأوجع قلبها، قسوته لم تعد تتحملها أكثر فقالت بضيق شديد:-
-صحيح أنا مين أصلًا؟ مجرد ضيفة
مرت من امامه ليصرخ بها بأنفعال قائلًا:-
-وضيفة تقيلة كمان
أبتلعت “حنان” ريقها من مشاهدتها لهذا الشجار ثم أخذت الخادمة للمطبخ وهى تُتمتم:-
-خلينا ندخل قبل ما الحرب تقوم فى البيت دا
جهزت الإفطار مع الخدم وجلسوا يتناولوا الطعام فى صمت و “ولاء” تراقب ابنها بنظراتها فقالت “جميلة” بنبرة هادئة:-
-وعلى كدة قاعدة هنا لحد امتي؟
رفع “جمال” نظره إلى أخته بضيق شديد من حديثها على الطعام، نظرت “حنان” إليها لتشير لها بأن تصمت رجاءًا ولا تزيد من غضبه، أدارت “جميلة” نظرها إلى اخاها بقلق وقالت بحيرة:-
-عادي يا جمال بسألها قاعدة لحد أمتى لأنها قالتلي أنها ضيفة؟
وضعت “حنان” يدها على وجهها مُستعدة للحرب التى ستقام للتو باستسلام، نظر “جمال” إلى “مريم” الجالسة بنهاية السفرة وحدها بعيدًا عنهم ليقول:-
-قالتلك ضيفة بس
تنحنحت “ولاء” بنبرة باردة وهى تتناول طعامها:-

 

-وأرملة أخوك! هو في ….
قاطعها صوته القوي بنبرة باردة حادة يقول:-
-خطيبتي، نسيت تقولك يا جميلة أنها خطيبتي أعذريها أصلًا بتنسي كتير
رفعت “مريم” نظرها إليه بغضب سافر من كلمته، أهو يعاملها بقسوة ويوبخها والآن يتحدث عن خطبتهم لتقول بضيق:-
-أنا موافقتش أكون خطيبة حد
رفع حاجبه لها بسخرية من كلمتها وعاد بظهره للخلف بأسترخاء وقال بنبرة أكثر بروده:-
-وكأني محتاج لموافقتك يا مريم
ضربت السفرة بقبضتيها بغضب شديد يتملكها لتقول:-
-أنا رايحة الجامعة قبل ما أرتكب جناية هنا
وقفت من مكانها ومرت من جانبه ليقول ببرود أكثر يُثير أستفزازها وغضبها:-
-مفيش خروج
ألتفت إليه وكادت أن تقترب منه وتضربه على رأسه بأنفعال من الغضب الذي تملكها للتو لتمسكها “حنان” وهم يقفوا خلف ظهره دون ان يراهما وحاولت منعها قائلة:-
-عشان خاطري ، عشان خاطري أنا يا مريم أطلعي
عضت شفتها السفلية بأغتياظ منه و”حنان” تحيط جسدها بذراعيها تمنعها من لكمه فصرخت من الغيظ:-
-اوووووف أنا طالعة عشان خاطرك بس يا حنان
صعدت للدرج، وقف من مكانه ببسمة أنتصار خفية وقلبه يتراقص فرحًا من كرة الغضب الذي قذفها بها وقال:-
-لا وأنت الصادقة دا عشان معندكيش خيار تاني

 

ضربت الدرج بقدمها من الغيظ لتصرخ من الألم فتبسم أكثر ثم دخل للمكتب وكان “شريف” بأنتظاره، تطلع ببسمته بأندهاش فنادرًا ما يرى بسمة على وجه هذا الرجل ليقول:-
-خير إن شاء الله؟
تلاشت البسمة عن وجهه ليتنحنح “شريف” بحرج ثم قال:-
-التليفون اللى لاقينا مع واحد من الرجل طلع أخر رقم متصل به، رقم حد تعرفوه كويس
جلس “جمال” على مقعده خلف المكتب برفق بسبب أصابته وذراعه المُعلق فى كتفه ثم حدق بـ “شريف” وبدأ يخمن الشخص قائلًا:-
-حمزة..
هز “شريف” رأسه بلا ليتابع “جمال” التخمين بضيق:-
-نادر… أمال مين انت بتنقطني يا شريف
-سارة
قالها “شريف” بنبرة هادئة وهو يعلم بأن أسمها سيُثير غضب هذا الرجل ليقول:-
-سارة!! المربية

 

ضحك “شريف” بسخرية بعد أن جلس على المقعد وأتصل الهاتف بشاشة المكتب ليعرض عليه جزءًا من حياة “سارة” الآن وقال:-
-قصدك سارة ستار!! صاحبة أكبر نادي ليلي وتاجرة المخدرات، أسمها بقي أشهر من النار على العلم بين الشباب الفاسد والمتعاطين، دا مش فاتحة كازينو عادي يا مستر جمال، دا منبع للفساد ومش هتصدق دلوقت بتلف علي مين
نظر “جمال” إلى الفيديو الذى أمامه من داخل الملهي الليلي ليتابع “شريف” الحديث بعد أن مرر يديه على الشاشة ليظهر الفيديو التالي:-
-نادر الهواري
حدق “جمال” بالفيديو الذي يجمع “سارة” و”نادر” على طاولة واحدة ويضحكون ليقول:-
-الطيور على أشكالها تقع
عاد بظهره للخلف بعد أن اغلق الشاشة وقال:-
-تتاجر فى المخدرات وتلف على نادر دا شيء ميخصنيش لكن تقرب من مريم دا اللى يخصني، أنت عارف أنى متعودتش أكون مدين لحد حتى لو بقلم واللى عملته لازم يتردلها يا شريف، مفيش أخبار عن حمزة؟
أجابه “شريف” بنبرة هادئة بحرج من فشله قائلًا:-
-للأسف من ساعة الحادثة وهو مُختفي
صرخ “جمال” بانفعال بعد أن وقف من مكانه بضيق شديد:-
-بقالي شهر بسمع نفس الجملة، حمزة لازم يدفع تمن اللى عمله فيها، لازم أخليه يدوق العذاب والالم اللى دوقه ليها طول السنين دى

 

أومأ “شريف” له بنعم ولا يعلم سبب هذا الغضب القوي،غادر المكتب وتركه ليجلس “جمال” مرة أخرى على مكتبه بأختناق مُنذ أن أخرجها من الصندوق غريقة كقطعة ثلج باردة وهو يبحث عنه بكل مكان سيجعله يجرب هذا الشعور والأختناق تحت الماء، سيمزق جسده أربًا بالسكين كما فعل معها وبعدد الندوب التي رأها فى جسدها، سيرد له الألم الذي رأه فى المزرعة فى وجهها وجسدها أطنان، سيجعله ينتفض خوفًا وذعرًا كما جعلها تنتفض، لن يتهون معه وسيريه كم هو وحش من داخله وأنه لا يمكن أن يكون خصمًا له..
تمتم بنبرة خافتة يقول:-
-أستحملي يا مريم والله لأقتله وأخلصك منه للأبد عشان تعيشي
وقف من مكانه بعد أن ضغط على الزر الأحمر حتى لا يجرأ أحد على الدخول إلى المكتب، فتح الباب السري ودلف للغرفة لينظر إلى هذا الحائط ووضع دائرة على صورة “سارة” وقال:-
-الوحيدة اللى أستفادت من موت مُختار… كل أملاكه راحت ليكي، من بعده ورثتي ملايين… ليه ميكونش انتِ اللى حرضت على قتله، ما هو مش معقول حمزة فجأة قرر يدافع عن بنته ويحميها من الأغتصاب، متطلعش من واحد مريض زيه…
بدأ “جمال” يجمع كل الخيوط ويربطها معًا من حكاية “مريم” وخصيصًا بعد أن عثر على أثر الرصاصة، وضع خط أسفل صورة “حمزة” وقال:-
-أنت اللى عارف مكان الجثة
_______________________________
تنهد “تامر” بهدوء محاولًا كبح غضبه مما سمعه للتو وقال:-
-أتجوزتها!!
أومأ “نادر” له ببرود شديد ثم قال:-
-اه زى ما سمعت
جلس “تامر” على المقعد المقابل له بهدوء وقال بضيق تمكن منه بسبب هذا الحديث:-

 

-أتجوزت رقاصة!! أنا عارف أنى مجرد موظف عند سيادتك لكن حضرتك رجل أعمال وليك وضعك وداخل على منافسة قوية مع جمال المصري والحكومة هتقرر أن واحد فيكم اللى هيأخد المشروع دا، أزاى جازفت بكل دا وأتجوزت رقاصة، أنا ما صدقت سكت الصحافة وحمدت ربنا أنهم بصوا على جمال عشان نعلى إحنا
تأفف “نادر” بضيق شديد من هذا الحديث ثم قال:-
-اللى حصل حصل بطل ندب زى النسوة، وبعدين أنا محستش بحاجة أنا فوقت النهاردة لاقيتنى ماضي على ورقة جواز عرفي، وبعدين أنا فهمتها أن الموضوع دا لازم يكون سر عشان وضعي وسارة أتفهمت دا
وقف “تامر” من مقعده بأنفعال وكاد أن ينزع شعره من محله من الغيظ وقال:-
-واحدة لفت عليك عشان تتجوزك وسوري فى اللفظ لحضرتك شربتك لحد ما أتصطلت ومضتك على ورقة جواز وحضرتك سكران دى هتحتفظ بالسر
رفع “نادر” نظره إلى مدير أعمال بغيظ ليتأفف “تامر” من الغيظ وقال:-
-أنا يا دوب أستعد لمواجهة الخبر فى الصحافة لأن الخبر مش هيستخبي عليهم كتير
خرج من المكتب مُتذمرًا ليفرك “نادر” رأسه بضيق بعد أن وقع فى الفخ وأصبحت زوجته، كأن يريد أن تكون علاقة عابرة لليلة واحدة لكن هذه المرأة أوقعت به ليقول:-
-شغل عوالم
أرتشف فنجان قهوته على جرعة واحدة…..
___________________________________
“قصـــر جمــــال المصــــري”
كانت تستمتع بركوبها على ظهر “إيلا” وهى تركض بها بعيدًا بسرعة و”مريم” تتشبث بشعراتها بلطف وجلسها يصعد ويهبط مع ركوض “إيلا” لتري “نانسي” تخرج من القصر بصحبه تسانده بلطف حتى جلس على الأريكة البيضاء تحت أشعة الشمس، ظلت تنظر عليه خلسًا و”إيلا” تركض بعفوية، رمقها “جمال” ليراها كفراشة تحلق فى الهواء وشعرها يتطاير مع نسمات الهواء فطلب من “نانسي” أن تذهب إليه، أقترب “نانسي” من السياج وقالت:-
-مريم

 

ألتفت “مريم” إليها فأشارت إليها بانه يُريدها، تنهدت بخفوت وهى الآن لا تريد الشجار، نزلت عن ظهر “إيلا” وأعطتها إلى “حاتم” وسارت نحوه، قالت بهدوء شديد:-
-نعم!!
-أقعدي
قالها بهدوء شديد لتجلس على المقعد الموجود أمامه ناظرة إليه حتى يتحدث فقال:-
-أنا طلبت من سلمي تشوف دكتور نفسي
نظرت له بأندهاش من كلمته ليقول:-
-ليكي
أتسعت عينيها على مصراعيها بصدمة من كلمته وقالت بتلعثم:-
-ليا أنا، ليه شايفنى مجنونة قصادك
نظر إليها بهدوء ثم قال:-
-مريم، أنتِ مُتعلمة وفاهمة ان مش كل اللى بيروح لدكتور نفسي بيكون مجنون أنا مبيشكش فى سلامة عقلك أنا بتكلم عن نفسيتك، الخوف اللى جواكي وحالة الذعر اللى موجودة عندك من الفيوم والمزرعة والأحلام الكوابيس اللى بتشوفها، الأصوات اللى بتسمعيها فى عقلك مع كل مطر ورعد، مش معقول هتكوني كل مرة جوا القصر، نفترض كنت فى الجامعة وحصل رعد دا ظاهرة طبيعية بتحصل
-هتأكد من الطقس ومش هخرج وقت المطر
قالتها بعفوية وبسمة لا تفارق وجهها ليقول بجدية صارمة:-
-أنا مش بهزر يا مريم، طب الأحلام والكوابيس، أيه مش هتنامي كمان
صمتت بهدوء لنحني قليلًا للأمام حتى أخذ يدها فى قبضته وقال:-
-أنا عايز مصلحتك يا مريم، أنتِ كنتِ جميلة تحت المطر حرام تحرمي نفسك من دا
نظرت إليه بهدوء وتذكرت يوم ميلاده الذي أخبرته فى بحبها ولعبها تحت المطر معه، تابع حديثه قائلًا:-
-أعتبريها مجرد فضفضة مع شخص موثق منه، أنتِ مشوفتيش كنتِ بتتفضي أزاى وأنت نايمة فى المزرعة والخوف اللى جواكي، تقدري تقوليلي لو أتجوزتي فعلًا هتقدري تسمحي لجوزك يقرب منك ولا هتفضلي تشوف اللى حصلك فى اليوم دا
تنحنحت بحرج من كلماته ليقول بهدوء ونبرة دافئة:-
-أنا أسف لو بتكلم معاكي فى حاجة زي دى، بس الخوف اللى جواكي يخلي كل حاجة جايز تحصل، أرجوكي جربي جلسة واحدة مع الدكتور ولو مرتحتيش أو حستي أنك بتضغطي على نفسك قوليلي وأنا من ناحيتي أوعدك متكررش
أومأت إليه بنعم ببسمة خافتة ثم قالت:-
-موافقة ممكن أنت بقي توافق أنى أروح الجامعة

 

ترك يدها وعاد بظهره للخلف بغضب وقد تلاشي دفئه وهدوئه وحل محلهم الغضب والغيظ ثم قال:-
-لا، مفيش خروج من باب القصر
أغمضت عينيها بغضب من رفضه لكنها كبحت هذا الضيق وحاولت السيطرة عليه ثم قالت:-
-عشان خاطري
-لا
قالها بحزم ولهجة أمرية لا مجال للنقاش فكزت على أسنانها من الغيظ ووقفت لتغادر من أمامه، تمتم بنبرة حادة قائلًا:-
-لحد ما أخلص من أى خطر صدقينى مش هقدر أخرجك من القصر
_________________________________
وصل “حمزة” على الملهي الليلي بعد أختفائه ليبحث عن “سارة” فقال “حازم” بسخرية:-
-أتجوزت، مش هتلاقيها فاضية اليومين دول
-أتجوزت!!
قالها “حمزة” بسخرية ليُجيب عليه “حازم” بلا مبالاة كأنه لا يهتم بما تفعله والدته:-
-اه رجل الأعمال نادر الهواري، محظوظة أمي مبتقعش غير واقفة
-محظوظة فعلًا
قالها بسخرية ثم خرج من الملهي الليلي ليعبر الطريق إلى سيارته وقبل أن يصعد ظهر مجموعة من الرجال وأختطفوه فى سيارة رباعية الدفع سوداء، تبسم “عاشور” وهو جالسًا فى المقعد الأمامي وأتصل بهاتف “جمال” ليقول:-
-حصل يا ريس ……….
__________________________________
“قصـــــر جمــــال المصـــــري”
خرجت “نانسي” من المطبخ بفنجان قهوته وقبل أن تصعد الدرج نادتها “ولاء” قائلة:-
-نانسي تعالي أقولك..

 

نظرت على الفنجان بتردد فى الذهاب إليها أم إلي “جمال” لكن سرعان ما تبسمت عندما رأت “مريم” تنزل من الأعلي وقالت بعفوية:-
-معلش تطلعلي القهوة لجمال بيه
ترددت “مريم” فى أخذ القهوة لتشير لها على “ولاء” فأخذتها وصعدت للأعلي، دقت باب غرفته بهدوء ليقول:-
-أدخلي يا نانسي
دلفت بفنجان القهوة ووضعته على الطاولة دون أن تحدثه، لم ينتبه لوجودها وظل ينظر على نفسه فى المرآة وهو يحاول أرتدي قميصه الأسود بصعوبة من أصابته وسترته على الفراش فقالت “مريم” بقلق:-
-أنت خارج؟
ألتف على صوتها ليرى فنجان القهوة، عاد بنظره إلى المرآة بجدية وكيف لا يخرج بعد أن حصل عليه ليقول بحزم:-
-اه
-وأنت تعبان؟ أعتقد أني سمعت حنان بتقول أنك ترتاح وشريف نبه عليك متتحركش كتير
قالتها بقلق على جرحه وصحته، أجابها ببرود وهو يدخل ذراعه فى الكم بصعوبة:-
-أنا مبأخدش أوامر من حد، سيبني بقي عشان أكمل لبسي
لم يحصل على جواب منها لكنه شعر بيدها تمسك القميص ليكمل دخول ذراعه، ألتفت لتقف أمامه وبدأت تغلق الأزرار لأجله بوجه عابس فهو حقًا لن يستمع لها نهائيًا، تطلع بوجهها الغاضب منه وهو مُدرك بأن هذا الغضب بسببه، كانت ترتدي بنطلون أسود يظهر نحافة قدميها وبلوفر من الصوف أخضر اللون طويل يصل لركبتها وأكمامه طويل تخفي أصابعها النحيلة، شعرها منسدل على الجانبين ويصنع فرقًا بمنتصف رأسها، قال بنبرة خافتة:-
-شكرًا
أجابته وهى تصعد بيديها للأزرار العلوية دون أن تنظر إليه هاتفة:-
-لو عايز تشكرني فعلًا متخرجش وأنت تعبان، بس أنا عارفة أن حتى أنا مبتأخدش أوامر منها ومش هتسمع ليا
-لو مكنش الموضوع ضروري مكنتش خرجت يا مريم
قالها بحدة صارمة لتتوقف عما تفعله ونظرت إليه بعد أن تجنبت النظر إليه مُنذ أن دخلت الغرفة لتتقابل عيونهما، عينيها الذهبية التى تتقلب فى معظم الأوقات إحيانًا يشعر بأنها صفراء وإحيانًا عسلية والآن يراهما يميلان للون الأخضر الذي يشبه ملابسها، لا يعلم أهذا سحرًا أم ماذا لكن المؤكد أنها نعمة من الرب رزقها بها، هذا الزوج من العيون الجميلتين يصاحبهم القلق والخوف عليه بوضوح وتسأله نظرتها ماذا إذا أصابه شيء فى الخارج أو تضرر الجرح فقال مُجيبًا بلسانه عليها:-
-متقلقيش أنا معايا عاشور والحرس

 

خرجت منها تنهيدة قوية وجلبت رابطة العنق الذي أختارها ووضعتها حول عنقه وهى ترفع جسدها على أطراف أصابعها بلطف حتى تصل إليه بسبب قصرها وهى حافية القدمين ليتابعها بنظره، تمني أن يأتي اليوم الذي تفعل له هذه الأشياء البسيطة برغبتها ولا تكن مجبورة بسبب أصابته وإشفاقها عليه، شعرت بشيء يداعب رأسها لترفع نظرها فرأته قريبًا جدًا منها مُغمض العينين لتعتقد باأنه مريض لتقول بقلق:-
-أنت كويس؟
فتح عينيه بهدوء بعد أن مزقت لحظته وهو يحاول أستنشاق رائحة شعرها الفريدة وقال:-
-اه
رفعت حاجبها بشك من امره وأحضرت الفيست الخاص بالبدلة وساعدته فى أرتدته ثم أغلقت الأزرار لتقول:-
-متتأخرش
رفع حاجبه إليها بجدية لتقول بتعجل وقلق:-
-مش أمر لك الحرية، هو مجرد طلب منى
أشار برأسه إليها بنعم لتبتسم على موافقته لطالما فعل ما تريده عندما تتطلبه، أحضرت السترة الرمادية من أجله ووقفت خلفه لتساعده فى أرتداها فأستدار “جمال” هذه المرة لأجلها ، وقفت تحدق به وهى تضع سبابتها بين أسنانها بطريقة عفوية ثم ضربت كفيها معًا قالت بإعجاب شديد:-
-فكرت فى الموضوع وأكتشفت أنك أوسم رجل أربعيني، لا ميصحش، مستحيل أقدمك للناس على أنك ولي أمرى محدش هيقصد أن الرجل دا ولي أمر أنسة كبيرة زي نهائيًا، أزاى أقنعهم أنك ولي أمرى، لا، لا أنت من الأفضل متحضرتش حفلة تخرجي
تبسم بلطف على كلماتها وهى تتغزل به بطريقة غير مباشرة لتتعجب إلى هذه البسمة التى رأتها للتو على شفتيه لتبستم كالبلهاء على جمال بسمته الساحرة التى تشبه التعويذة التى ألقاها على قلبها فى الحال ليخطف دقات قلبه التى ركض إليه مُهرولًا، أخذ خطوة نحوها بعفوية وقال بمكر:-
-خلاص قدميني على أنى خطيبك
توقفت عن هيامها به وأعتدلت فى وقفتها بوجه حاد وكزت على أسنانها بضيق شديد منه وتواري إعجابها لتقول:-
-مُصر تعصبني، ليكون بعلمك أنا مش خطيبتك وأحب أفكرك أن باقي من المدة ٩ شهور يا جمال، ٩شهور زى الست الحامل بالظبط وأخرج من هنا، أنا مستحيل أتجوز رجل أربعيني وأكرر الغلطة مرة تاني

 

أخذ خطوته الأخيرة التى تفصله عنها ليصبح على قرب شديد منها ويشعر بأنفاسها ثم قال:-
-ليكون بعلمك أنتِ يا مريم أني ٣٨ سنة مش أربعينى وأحب أوضحلك حاجة أنتِ مش هتخرجي من هنا إلا لو أنا اللى قررت دا، لكن بالنسبة لقراراتك فأنتِ عارفة مصيرها ايه هنا، ولا ليها لازمة
قضمت شفتها السفلية بأسنانها مُستشاطة غيظًا حتى جرحتهم من شدة الغضب وهو يتعامل معها بأسلوب الأكراه والجبر لم يحاول أن يفعل باللين، لو كان طلب منها أن تكن خطيبته باللين واللطف لتركت العالم أجمع لأجله، لكنه يعاملها كجاريته المُفضلة يلقي لها أوامره فقط، وهذا ما يغضبها منه دومًا، صدمت عندما أنحنى إليها سارقًا قبلة خاطفة من شفتها المجروحة ثم ابتعد عنها، قوست شفتيها بحزن كبير وقالت:-
-جمــــال…
نظر إلي عينيها بنظرة هادئة ورفع يده إلى وجهها يضع خصلات شعرها خلف أذنها الصغيرة ثم قال بجدية رغم دفء نبرته التى تسللت إلى قلبها العاشق:-
-أقسملك لأجل جمال اللي بتطلع منك لأرد لهم أطنان من الأذي اللى سببوه ليكي يا مريم
لم تفهم كلماته وعن من يتحدث؟ من الذي سيرد له أطنان من أذيتها؟ أتسعت عينيها على مصراعيها ونظرت نحوه وهو يغادر الغرفة لتهرع خلفه بصدمة ألجمتها وقالت:-
-أنت رايح فين؟ هتقابل مين يا جمال؟

 

-هرد دين فى رقبتي
قالها بنبرة حادة مُخيفة، أرعبتها من الداخل وخلعت قلبها من محله وهى لا تفهم شيء سوى انه ذاهب للأنتقام من أجلها فقط حتى لا تعرف ممن سينتقم؟ لكن نبرته وطريقته فى الرحيل مع رجالة أخبرتها بأنه كالهلاك سيلتهمهم جميعًا إى أن كان من سيتلقي منه الأذي وسيقابله اليوم…….

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية جمال الأسود)

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!