Uncategorized

رواية خط أحمر الفصل الحادي عشر 11 بقلم عبدالرحمن أحمد الرداد

 رواية خط أحمر الفصل الحادي عشر 11 بقلم عبدالرحمن أحمد الرداد

رواية خط أحمر الفصل الحادي عشر 11 بقلم عبدالرحمن أحمد الرداد

رواية خط أحمر الفصل الحادي عشر 11 بقلم عبدالرحمن أحمد الرداد

أطلق رصاصته الثانية لتستقر بجسد «طيف» الذي هدأت أنفاسه وسالت دمائه بغزارة وسط تصوير صديقه لما حدث بابتسامة واسعة وفي تلك اللحظة داهم المكان قوات مجهولة يبدو أنها تابعة لـ «سيزكا» فصرخ «خالد» بصوت مرتفع:
– استنوا ! أنتوا مش فاهمين حاجة 
وقبل أن ينطق بالحقيقة التي عرفها عن طيف أطلق هؤلاء المسلحين الرصاص عليه وعلى من كان معه دون رحمة ثم توجه أحدهم ووضع يده على رقبة «طيف» لثوانٍ قبل أن يقول بجدية:
– لسة عايش عايزين دكتور حالا يطلع الرصاصتين من جسمه علشان لو اتنقل من هنا هيموت!
هز صديق له رأسه ورفع هاتفه بعدما ضغط على أزراره وانتظر لثوانٍ قبل أن يقول بجدية:
– تعالى بسرعة على المكان اللي هبعتلك عنوانه دلوقتي وخلي بالك كويس 
وضع هاتفه بجيب بنطاله ونظر إلى صديقه «هادي» الذي قام بشق ملابس «طيف» عن طريق مطواه ثم خلع قميصه ووضعه على مكان الرصاصتين ليمنع خروج الدماء ، مر من الوقت عشرون دقيقة قبل أن يصل الطبيب، جلس الطبيب على الأرض بجواره وفتح حقيبته وأخرج منها المعدات الطبية لكي يُخرج الرصاصتين من جسده وبالفعل بدأ في نزع الرصاصة الأولى وما إن نجح في ذلك حتى بدأ في نزع الرصاصة الأخرى وبعد وقت ليس بطويل استطاع مداواه جرحه وإنقاذ حياته، نظر «هادي» إلى صديقه «مروان» وردد بجدية:
– تلاتة يشيلوه ويدخلوه العربية دلوقتي حالا لأن الشرطة ممكن توصل في أي ثانية 
هز رأسه بالإيجاب ونفذ أمره وبدأ ثلاثة من الرجال يحملون طيف ثم اتجهوا به إلى السيارة الخاصة بهم ثم انطلق بقية الرجال واستقلوا السيارة الأخرى ورحلوا من هذا المكان.
***
وصلت «نيران» إلى مكتب اللواء «ايمن» بمديرية أمن القاهرة وكانت بحالة يُرثى لها، شاهدتها «فاطمة» فأسرعت إليها وأمسكت يديها قبل أن تسقط وهي تقول:
– نيران حبيبتي فيه أيه مالك؟ حصل أيه 
انهمرت الدموع من عينيها ورددت بصوت باكي:
– لازم أقابل اللواء أيمن دلوقتي حالا
في تلك اللحظة حضر «رماح» الذي اتسعت عينيه بصدمة بعدما شاهد حالتها تلك وأردف بتساؤل:
– نيران! حصل أيه وأيه اللي عمل فيكي كدا؟ اللواء أيمن كلفني أدور عليكي لأنك مختفية من بداية اليوم 
نظرت إليه ورددت بصوت باكي وضعيف:
– لازم أقابل اللواء أيمن دلوقتي، طيف هيموت
لم يستمر بالكلام بل طرق مكتب اللواء «ايمن» على الفور فأذن له بالدخول، عاد إلى فاطمة وأشار إليها بأن تتقدم بها فساعدتها على المشي واتجهت إلى المكتب ودلفوا إلى الداخل جميعًا، وقف «ايمن» ونظر إلى «نيران» بصدمة وهو يقول بتساؤل:
– نيران أيه اللي عمل فيكي كدا وكنتي فين من الصبح؟
كان قلبها يحترق على زوجها وحياتها بأكملها ورددت بصوت ضعيف يأبى الخروج:
– طيف اتكشف وهيقتلوه 
صمتت للحظات قبل أن تتابع:
– أو قتلوه خلاص 
تحرك «ايمن» من مكانه واتجه إليها وهو يقول بصدمة:
– طيف! عرفتي إزاي؟ طيف في مهمة سرية ومحدش يعرف هي أيه أصلا 
شرحت له بإيجاز كيف وصلت له وما حدث تمامًا حتى تلك اللحظة فوضع يده على رأسه وفرك شعره بقوة وهو يقول بقلة حيلة:
– إزاي اتكشف؟ رجوعه مصر أصلا كان أكبر غلط حتى لو كان جزء من الخطة، مش هنتكلم في حاجة حصلت دلوقتي، المهم نلحقه 
التفت ونظر إلى «رماح» وهو يقول بجدية:
– أجهز أنت وفاطمة وكلم رجالتنا وروحوا على المكان اللي قالته نيران، كل حاجة في سرية علشان كدا مش هيبقى فيه حاجة بشكل رسمي تمام؟
هز رأسه بالإيجاب وأجابه بجدية:
– تمام سعادتك اعتبره حصل 
ثم انطلق على الفور ومعه «فاطمة» وأثناء تحركه هاتف رجال الشرطة العاملين بالفريق بشكل سري وأخبرهم بما قاله اللواء «ايمن»
***
– من الآخر يا سيزكا إحنا هنفضل نطارد تامر لغاية ما نقتله 
قالها أحد أعضاء مجلس الخط الأحمر «سامي» لـ «سيزكا» التي كانت تجلس أمامه وتطلب منه إنهاء الأمر مع باقي المجلس بصفته الرأس الأكبر بينهم فوقفت هي ورددت باعتراض:
– ده أمر مني بصفتي رئيسة منظمة الريد لاين يا سامي وأنت عارف إنك باللي بتعمله ده هتخلي فيه اشتباك دايم بين رجالتي ورجالة المجلس وده هيضعفنا بين المنظمات الدولية كلها
وقف هو الآخر ونظر إليها بجمود وهو يقول بإصرار:
– ده هيحصل بسبب حتة عيل ملهوش لازمة وأنتي هتفضليه علينا وعلى المنظمة، أهداف المنظمة واضحة وصريحة ومش أنا اللي هقولك ده لأنك المفروض عارفة ده من ساعة لما كنتي طفلة، المجلس بياخد خطوة في صالح المنظمة متجيش أنتي علشان الرئيسة تدمريها وتجري ورا قلبك 
رفعت أحد حاجبيها ورددت بغضب واضح:
– أجري ورا قلبي! المفروض أضيع حياتي وعمري في خدمة المنظمة وتتحرق حياتي صح كدا؟ أنا عارفة أحمي المنظمة كويس أوي واحذر أنت وباقي المجلس علشان زي ما أنا بجري ورا قلبي ممكن أخد خطوة محدش خدها قبل كدا وأنا بقولك أهو لو تامر حصله حاجة صدقني هقتلك وهقتل أي حد يخالف أوامري
وقبل أن ترحل أوقفها هو بتلك الكلمات التي قالها:
– مش هتقدري تقتلي كل مجلس الريد لاين لأن دول جذور المنظمة والمسؤولين عن اختيار القائد، صعب تمامًا تقتليهم لأن رجالتهم كتير وفي كل مكان ولو حصل وعملتي ده يبقى قطعتي جذور المنظمة ودمرتيها بنفسك 
التفتت قبل أن تقول بابتسامة:
– يبقى أنت كدا بتعلن عصيان أوامري ولعلمك أنا أقدر أقتلكم واحد واحد بس باين إنكم فقدتوا الثقة فيا شوية بس أنا هرجعها وأفكركم مين هي سيزكا 
أخرجت سلاحها ووجهته تجاهه قبل أن تطلق رصاصتين ليسقط قتيلًا أمامها، اتجهت إليه وانخفضت لتمسكه من لياقة قميصه وهي تقول:
– أنت هتكون البداية
تنفس بصعوبة ورمقها وهو يقول بضعف وصوت متقطع:
– أنتي كدا بتعلني الحرب على نفسك، كـ.. كل المنظمات هتبقى ضدك ومجلس الريد لاين هيبقى ضدك والحكومة الفيدرالية هتبقى ضدك، أنتي بتعلني نهايتك مش نهايتي 
ابتسمت ابتسامة واسعة وهي تقول بجدية:
– أنا أقدر أواجه كل دول لوحدي، أنا سيزكا قائدة منظمة الريد لاين أقوى منظمة في العالم، أنتوا اللي خسرانين مش أنا 
ثم وقفت ووجهت المسدس تجاهه مرة أخرى وأطلقت رصاصتها الثالثة على رأسه لتنتهي حياته في الحال
***
وصلت قوة الشرطة إلى المكان وتحركوا بخطوات حذرة إلى الداخل ليجدوا العديد من الجثث وسط الدماء، بحثوا عن «طيف» بينهم لكنهم لم يجدوه، تقدمت «فاطمة» وامسكت بهذا الهاتف الذي وجدته في المنتصف ثم فتحته بسهولة لأنه كان بدون رمز، وجدت تطبيق الكاميرا مفتوحًا فولجت إلى آخر ما تم تصويره لتجد هذا الفيديو والذي يظهر «طيف» فيه مُقيد اليدين، ضغطت على ذر التشغيل بعدما اقترب منها «رماح» ونظر إلى ما تنظر ليتفاجأ الاثنين بما حدث حيث أطلق هذا المجرم الرصاص على «طيف» ولم يكتفي برصاصة واحدة بل أطلق الثانية ليُنهي حياته وانتهى الفيديو عند هذا الحد.
ابتعد عنها وفرك فروة رأسه بقوة وهو يقول بغضب:
– قتلوه ولاد ال*، كان لازم ميبقاش لوحده في موقف زي ده
نظرت إلى الأسفل بحزن وهي تقول:
– للأسف ده اللي حصل
ثم رفعت رأسها واقتربت منه وهي تقول بتساؤل:
– بس فين جثة طيف؟ مش موجود هنا!
هز رأسه وأجابها:
– معرفش .. طالما قتلوه خدوا جثته ليه ومين دول اللي مقتولين 
أقترب منهم «زين» الذي قال بعدم فهم:
– طيف اتقتل! جبتوا الكلام ده منين؟ مفيش جثة يبقى بخير
مدت يدها بالهاتف فتناوله منها وضغط على الشاشة ليقوم بتشغيل الفيديو الذي جعل حدقتيه تتسع بصدمة كبيرة مما شاهده، أنهى مشاهدة الفيديو وأغلق عينيه بحزن شديد فرددت «فاطمة» قائلة:
– باين فيه حد اقتحم المكان وقتلهم وخد جثة طيف لكن هيفضل السؤال بردو مين دول وخدوا طيف ليه؟ 
***
“في الوقت الحالي بعد مرور عدة أيام”
انتهى من عمله بإحدى الشركات الصغيرة وترك مكتبه بعدما جذب هاتفه والمفاتيح الخاصة به ، تحرك إلى الخارج وسار الشارع الطويل كي يصل إلى المكان الذي يستقل منه سيارة ميكروباص لكي توصله إلى منزله وأثناء سيره وقفت سيارة «زين» بجواره واخرج رأسه قائلًا :
– نائل استنى 
تفاجئ «نائل» به فتوقف واتجه إليه بابتسامة قائلًا :
– يااه عاش من شافك يا زين باشا
صافحه بحرارة قبل أن يبتعد ويقول بجدية :
– بقى كدا يا راجل ! تسيب شركتك اللي بقت أكبر شركة في الشرق الأوسط وتشتغل في شركة ملهاش أسم أصلا ! ده أنت اللي عملت الشركة ووصلتها للمكانة دي يا راجل
ابتسم ابتسامة خفيفة قبل أن يقول بجدية :
– مبقاش ليا مكان هناك خصوصًا بعد اللي حصل 
شعر «زين» بالحزن على حاله لذلك تحدث بصوت هادئ :
– مش ناوي تسامح بقى وترجع ! 
رفع حاجبيه وهو يقول بابتسامة ساخرة :
– أسامح ! أسامح في الظلم اللي اتظلمته ولا في الإهانة اللي اتعرضتلها ؟ ياسمين مكتفتش بأنها صدقت البنت الـ**** دي لا دي قللت مني وحسستني إني ولا حاجة ، قولتلها هتندمي لكن مسمعتش الكلام ودي كانت النتيجة ، هي مش كانت عايزة الطلاق ! اديني نفذت رغبتها وطلقتها في اليوم اللي أثبت فيه براءتي .. أنا بعتبرك صاحبي واخويا يا زين بالله عليك متضيعش الأخوة اللي بينا دي 
نظر إلى الأسفل بأسى قبل أن يرفع بصره مرة أخرى وهو يقول :
– طيب مش هكلمك في الموضوع ده تاني بس مش هسيبك تشتغل برا الشركة اللي ساهمت في نجاحها بشكل كبير ، لازم ترجع وتمسك منصبك من تاني 
أغلق عينيه وتنهد قبل أن يفتحها مرة أخرى وهو يقول :
– مش هقدر أشتغل معاها في مكان واحد تاني ، مش هقدر خالص
وضع يده على كتفه وردد بإصرار :
– أنا مش هكلمك على الموضوع التاني علشان أنت رافض ده ، ياريت بقى مترفضش طلبي أنا كمان وترجع الشركة .. لو أنا أخوك فعلا زي ما بتقول يبقى ترجع الشركة وتنفذ طلبي الوحيد اللي بطلبه منك 
لوى ثغره وفكر لثوانٍ قبل أن يجيبه قائلًا :
– هحاول يا زين ، أوعدك هحاول
عاد إلى منزله واتجه إلى غرفته قبل أن يلقي المفتاح ويخلع سترته الجلدية، دلفت شقيقته إلى الغرفة وردد بابتسامة:
– نائل حمدالله على سلامتك
اتجه إليها ووضع يده على رأسها وهو يقول بابتسامة واسعة:
– الله يسلمك يا حبيبة قلبي، أيه أخبار المذاكرة معاكي والدنيا تعالي احكيلي 
جلس هو على فراشه وجلست هي إلى جواره وهي تقول بابتسامة:
– جيت من الدرس ذاكرت شوية وبعدين قومت أعمل الأكل ولسة مخلصة قبل ما تخش علطول
ابتسم ونهض من مكانه وهو يقول:
– تسلم ايدك يا أجمل أخت في الدنيا، يارب أشوفك عروسة وأسلمك لعريسك بأيدي يارب
ابتسمت ورددت بتلقائية:
– إن شاء الله يا نائل بس بعد ما ترجع لياسمين تاني
اختفت ابتسامته والتفت لينظر إليها وهو يقول بمعاتبة:
– متجيبيش سيرتها تاني يا يارا، أنا وياسمين انفصلنا نهائي عن بعض ومفيش رجوع في ده
وقفت هي الأخرى وضمت حاجبيها وهي تقول بإصرار:
– بس أنتوا بتحبوا بعض، أيوة ياسمين غلطت وظلمتك بس الإنسان كل ما تكون ردة فعله كبيرة وغير متوقعة ناحية اللي بيحبه كل ما يكون بيحبه لدرجة الجنون، ياسمين زعلت وزعلها عماها علشان بتحبك وأنا واثقة مليون في المية إنها عمرها ما هتكرر الغلط ده تاني 
أغلق عينيه بألم قبل أن يفتحها ويرد على شقيقته بهدوء لكي يوضح لها ما بداخله:
– يارا يا حبيبتي أنتي لسة صغيرة ومش فاهمة كويس اللي حصل، ياسمين غلطت وندمت ده أنا عارفه لكن نيجي نبص نشوف غلطها كان عامل إزاي هنلاقي إنها شتمتني وعايرتني بفقري زمان وخدت الشقة اللي أنا كاتبها بأسمها كتعبير عن حبي ليها وغير ده كلها موثقتش فيا وهي أكتر واحدة تعرف أخلاقي كويس، اللي حصل يا يارا دمرني وحرق قلبي مش مجرد إنها غلطت في حقي وأنا اسامح وخلصت، جوايا إحساس رافضها بعد اللي حصل
شعرت هي بما يشعر به فتقدمت وربتت على كتفه وهي تقول بابتسامة:
– ربنا يبعد عنك الزعل ويسعدك يا نائل لأنك تستحق كل خير وأكيد كل حاجة وحشة حصلت ربنا بيختبر صبرك بيها وهيجي الوقت اللي تنسى فيه كل الزعل ده 
ابتسم لكلامها وأمسك يدها التي كانت على كتفه وهو يقول بحب:
– إن شاء الله، ربنا يقدم اللي فيه الخير
***
– يعني مش لاقين جثته يا أيمن ! فهمني يعني أيه ؟ انا عايزة أدفن ابني
قالتها «اسماء» بغضب واضح من بين بكائها الشديد فأجابها «ايمن» بحزن :
– هنوصله يا أسماء .. ده شغلنا مش شغلك أنتي متخليش الزعل يسيطر عليكي
كانت تستمع «نيران» إلى شجارهم بوجه شارد ، كانت تبكي بصمت وعلى وجهها علامات الحزن الشديد كما سيطرت الصدمة عليها فهي لم تتوقع فراقهما سريعًا هكذا فهو كان بانتظار مولد طفلته والآن فارق الحياة قبل أن يراها بعينيه ، كلما تذكرت طلبه منها بالرحيل يزداد بكائها ولوم نفسها لأنها سمحت له بأن يلقى حتفه وحده ، تمنت لو أنها قُتلت معه حتى لا تعيش هذا الألم المميت.
انتشر فيديو مقتل «طيف» على كافة القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي ولاقى حزن كبير من الجميع خاصةً أنه لم يتم العثور على جثته حتى الآن.
***
فتح عينيه بضعف ونظر حوله فوجد نفسه في غرفة من الحجارة وتضيئها الشموع الكثيفة الموجودة بها ، حاول النهوض من نومه لكنه تألم كثيرًا فوجد من تضع يدها على كتفه وتعيده إلى النوم مرة أخرى وهي تقول :
– تامر حبيبي متتعبش نفسك ، كدا غلط غلى الجرح .. ريح خالص ومش تتعب نفسك 
أغلق «طيف» عينيه وفتحها بصعوبة وهو يقول بتعب واضح :
– سيزكا ؟ أنا جيت هنا إزاي ! أيه اللي حصل ؟
أمسكت بتلك المنشفة القطنية وجففت العرق الذي كان يتصبب من جبينه ورددت بإبتسامة :
– هعرفك كل حاجة بعدين .. المهم دلوقتي حمدالله على سلامتك
كافح كثيرًا لكي تبقى عينيه مفتوحتان لكنه لم يستطع ونام بفعل التعب الشديد الذي سيطر عليه بسبب إصابته برصاصتين قبل بضعة أيام ، تابعت تغير ملامح وجهه وما إن أغلق عينيه حتى مسحت بيديها على وجهه بحب وقربت وجهها كثيرًا منه وهي تقول بحنين :
– هتقوم يا حبيبي وتبقى معايا علطول ، أنت غيرتلي حياتي ومستحيل هسيبك .. مش هخسرك ومش هسمح لأي حد يبعدك عني
ثم بدأت في تنظيف جرحه بهدوء شديد حتى لا يتألم ورددت بصوت خافت:
– مش هسمح لحد يأذيك تاني، اللي أتسببوا في اللي حصلك هقتلهم كلهم، أوعدك إني أقتلهم كلهم وهبدأ باللي فشلوا يحموك
تابعت تنظيف جرحه قبل أن تضع عليه كريم يساعد على التئام الجروح ثم قامت بتغطية الجرح، مسحت العرق الذي كان يتصبب من جبينه بقطعة من القماش ثم مررت يدها على وجهه وهي تنظر إليه وهو نائم، قبلت جبينه بحب ثم نهضت من مكانها وقابلت رجلها «هادي» بالخارج قبل أن تردد بجدية:
– هم فين؟
أشار بيده لكي تتحرك معه فتحركت أمامه إلى الخارج وقادها هو إلى الغرفة المجاورة، دلف إلى الداخل ودلفت هي خلفه لتجد سبعة أشخاص مُقيدين، فردت يدها في الهواء فوضع «هادي» المسدس بيدها قبل أن تقبض عليه وهي تقول بغضب:
– متستحقوش إنكم تبقوا رجالتي، متستحقوش تبقوا من منظمة الريد لاين، لما الخط اللي تدوهوله يتعرف رقمه وكمان تفشلوا في حمايته يبقى متستحقوش إنكم تعيشوا 
وجهت سلاحها باتجاه أحدهم وأطلقت رصاصتها الأولى على رأسه ثم تحركت وأطلقت على الثاني وتابعت إطلاق الرصاص حتى قتلتهم جميعًا.
***
في صباح اليوم التالي أنهى «نائل» ارتداء ملابسه وانتظر ثوانٍ قبل أن يقرر العودة إلى الشركة مرة أخرى فهو قد صلى صلاة استخارة بالأمس ليقرر هل يعود أم لا واتخذ قراره صباح اليوم بالعودة، تناول الإفطار مع شقيقته ثم تحرك إلى العمل، وقفت سيارة الأجرة أمام الشركة التي لم يراها منذ وقت طويل، ترجل من السيارة ثم رفع بصره للأعلى وتردد كثيرًا في الدخول فهو لا يعلم ما الذي سيحدث بالداخل، وقف لدقيقتين وتسارعت دقات قلبه عندما تقدم باتجاه الباب المؤدي إلى الداخل، دلف إلى الداخل وسط نظرات دهشة الجميع فهم لم يتوقعوا عودته بعد ما حدث، سار بخطوات هادئة وصافحه بعض العاملين ترحيبًا بعودته مرة أخرى، ضغط على الزر لكي يستدعي المصعد وانتظر لدقيقتين قبل أن يفتح الباب له، تقدم إلى الداخل واستدار لكي ينظر إلى المرآة بعد أن ضغط على الزر لكي يصعد به إلى الأعلى وقبل أن يغلق المصعد أبوابه تقدمت «ياسمين» بسرعة ووضعت قدمها لكي يفتح الباب مرة أخرى وما إن فُتح الباب مرة أخرى حتى تقدمت إلى الداخل وهي تقول بابتسامة هادئة:
– معلش عطلتك 
التفت بعد كلمتها تلك ليتفاجأ بها أمام عينيه، عجز لسانه عن النطق بينما اتسعت عينيها هي بصدمة وتسارعت دقات قلبها بشكل عنيف وكأن قلبها أراد كسر قفصها الصدري والخروج من مكانه، ظل هو وهي هكذا ينظران إلى بعضهما البعض وكأنهما لا يران إلا وجودهما فقط والعالم من حولهم لا يوجد، لم يتوقعا أن أول لقاء بيومهما هذا سوف يكون بينهما فقط، فاق هو من شروده بعد أن وصل المصعد إلى الطابق العلوي وردد بإيجاز:
– ولا يهمك 
ثم اتجه إلى الخارج لكنها لم تستطع منع نفسها ورددت بصوت مرتفع نسبيًا:
– أنت هنا ليه؟ 
توقف للحظات قبل أن يلتفت وهو يقول برسمية تامة:
– رجعت أستلم شغلي، الرائد زين كلمني امبارح وقررت ارجع أستلم شغلي، ممكن أستلم الشغل لو حضرتك معندكيش مانع
توترت كثيرًا وهي تجيبه بتلعثم كبير:
– آآآ.. لا لا معنديش مانع طبعا، مكتبك جــ جاهز 
التفت وأكمل طريقه إلى مكتبه بينما تابعته هي بعينها بحزن شديد فهي في أول لقاء به ودت أن تلقي نفسها بين أحضانه لكنها لا تستطيع فعل ذلك بسبب ما فعلته، أغلقت عينيها بحزن قبل أن تمسك هاتفها وتهاتف شقيقها الذي أجابها وهو يقول:
– ياسو مش عوايدك يعني تتصلي بيا في الوقت ده 
ابتسمت ورددت على الفور:
– هو أنت كلمت نائل علشان يرجع الشغل؟
رفع أحد حاجبيه وهو يجيبها بتعجب:
– هو رجع ولا أيه؟
هزت رأسها وأجابته بسعادة:
– أيوة رجع وشوفته 
ابتسم لسعادة شقيقته وتحدث بجدية تلك المرة:
– أنا كلمته امبارح وقالي إنه هيفكر، كويس إنه رجع، دلوقتي أنا عملت اللي عليا ورجعتهولك أنتي بقى عليكي الخطوة التانية، صلحي غلطك واكسبيه تاني لأن نائل مش هتلاقي زيه تاني
هزت رأسها بالإيجاب عدة مرات ورددت بصوت هادئ:
– يارب يسامحني وأنا مستعدة أعوضه عن كل اللي عملته ده 
على الجانب الآخر بداخل المكتب ألقى سترته على المقعد الخاص به وزفر بقوة فهو لم يتوقع أن يلتقي بها بتلك السرعة وبداخل المصعد لتبقى هي فقط أمام عينيه، في تلك اللحظة نسي كل ما حدث وتذكر أنها أمامه فقط لكنه سرعان ما فاق قبل أن يتغلب عليه قلبه وتذكر ما صدر منها تجاهه لكي يقسو قلبه مرة أخرى ولا يستسلم لنظراتها، جلس على طرف مكتبه ورفع بصره لأعلى قبل أن يرفع كفيه ليدعو الله قائلًا:
– اللهم يسر لي أمري، اللهم وفقني في عملي وابعد الشر عني ووفقني إلى ما تحبه وترضاه يا أرحم الراحمين
مسح على وجهه واتجه إلى الخارج حيث «اسراء» وردد قائلًا:
– ازيك يا اسراء عاملة أيه 
وقفت ورددت بابتسامة:
– الحمدلله يا مستر نائل، نورت الشركة برجوعك تاني 
بادلها الابتسامة وردد بجدية:
– تسلمي ده نورك، معلش كنت عايزك تبعتي كل حاجة حصلت خلال الفترة اللي فاتت على مكتبي علشان أعرف أيه الدنيا وأكمل على الشغل القديم
اختفت ابتسامتها ونظرت باتجاه مكتب «ياسمين» قبل أن تعود ببصرها مرة أخرى وهي تقول بتردد:
– الصراحة مدام ياسمين طلبت مني إن لو حضرتك طلبت أي حاجة بخصوص الشغل الفترة اللي فاتت أبلغك تروحلها هي
تعجب من هذا الأمر ونظر إلى مكتبها بتردد وبداخله حيرة كبيرة هل يذهب إلى مكتبها ليعلم آخر تطورات العمل أم لا!
***
فتح عينيه بضعف ليجد ضباب يضعف رؤيته لكنه استمر في غلق وفتح عينيه عدة مرات بهدوء لكي تتضح الرؤية وأخيرًا ظهر السقف بشكل واضح نسبيًا فحاول تحريك يده اليمنى لكنه لم يستطع سحبها، حرك بصره ليعرف السبب فوجدها تمسك بيده وتنام عليها، همس بصوت ضعيف يأبى الخروج:
– سـ..سيزكا !
فتحت عينيها على الفور ونهضت من مكانها قبل أن تقترب منه أكثر وهي تقول بلهفة:
– حبيبي أؤمر وأنا انفذ 
أغلق عينيه ثم فتحها مرة أخرى ليقول بصوت ضعيف:
– أيه اللي حصلي! أنا آخر حاجة فاكرها إن حد كان ماسك سلاح وضربني رصاصة وقبل ما استوعب اللي حصل ضربني رصاصة كمان ومحستش بحاجة بعدها، أنا إزاي عايش 
انهمرت الدموع من عينيها وهي تقبض على يده بقوة وأجابته بصوت هادئ:
– أنت عايش علشان ده عمرك ده غير إنك مصدر حياه لحد تاني، أنت مصدر حياة ليا، صدقني أنت لو كان حصلك حاجة أنا كنت هقلبها نار جهنم على الكل وبعدها كنت هنتحر وأحصلك، قولي أنت حاسس بأيه؟ تعبان أجيبلك المسكن؟
هز رأسه بالإيجاب وهو يقول بضعف:
– ياريت فعلا المسكن، أنا تعبان أوي
نهضت من مكانها بسرعة واتجهت إلى أحد أركان الغرفة وحملت حقيبة أدوية ثم اقتربت منه مرة أخرى ووضعت حبة الدواء بفمه قبل أن ترفع رأسه بيدها اليسرى بهدوء وتسقيه المياه بيدها اليمنى، أنهت هذا ثم أخرجت حقنة من الحقيبة فنظر لتلك الحقنة وهو يقول:
– بخاف من الحقن، بلاش
رفعت أحد حاجبيها وهي تقول بتعجب:
– يعني دكتور وبتخاف من الحقن! لازم الحقنة دي علشان مضاد حيوي ولازم تاخدها دلوقتي علشان الجرح يلم وتبقى كويس
استسلم لما تقوله وتابعت هي تجهيز الحقنة وما إن انتهت حتى قالت:
– يلا 
رفع أحد حاجبيه وهو يقول بتعجب:
– يلا أيه؟
أجابته على الفور:
– أجهز، هساعدك تنام على جنبك علشان اديك الحقنة 
اعترض على ما تقوله ومد يده ليأخذها منها وهو يقول:
– لا لا بتكسف أقلع قدام حد هاتي الحقنة وأنا هتصرف 
رفضت ترك الحقنة من يدها ورددت بإصرار:
– تتصرف أيه يا تامر دي حقنة مش علاج وبعدين متتكسفش أنا هديلك الحقنة علطول
تردد في البداية لكنه وافق في النهاية وساعدته هي لكي ينام عاى جنبه الأيسر ثم أعطته إياها فردد هو بصوت هادئ:
– ما شاء الله إيدك خفيفة، أنا أعرف دكتور لما بيديني الحقنة بيخلي مصر كلها تسمع صوت صويتي
ارتفعت ضحكاتها على ما قاله قبل أن تساعده لكي يعتدل في نومته مرة أخرى، غطت جسده ورددت بابتسامة:
– بالشفاء إن شاء الله
اختفت ابتسامته وفكر بحال «نيران» في هذا الوقت فهي بالتأكيد تلوم نفسها على تركه بتلك الحالة، تألم كثيرًا عندما شعر أن قلبها يتألم لفراقه وود لو يترك هذا المكان ويعود إليها ليخبرها أنه بخير وأنه على قيد الحياة
تابعت هي تغير تعابير وجهه فرددت بتساؤل:
– مالك؟ حساك زعلان أو متضايق من حاجة!
نظر إليها وسألها عن «خالد» الذي أطلق عليه الرصاص وكان يعرف سره بأكمله:
– هو اللي قتلني ده فين دلوقتي!
ابتسمت وأجابته بثقة كبيرة:
– في المقابر دلوقتي، رجالتي وصلوا المكان بعد ما ضرب عليك الرصاص وقتلوه هو ورجالته، حقك رجع متقلقش
رفع أحد حاجبيه قبل أن يسألها مرة أخرى:
– وصلوا المكان اللي أنا كنت فيه إزاي؟
ابتسمت وأمسكت بكفه الأيمن ثم أشارت إلى الخاتم الذي كان بيده ورددت:
– الخاتم اللي طلبت منك متقلعوش من إيدك قبل ما تسافر عبارة عن جهاز تتبع وعن طريقه رجالتي وصلولك 
***
أراح ظهره بعد يوم شاق من التدريب فهو إعتاد يوميا التدريب بعد أوامر «سيزكا» لرجالها بأن يتم تدريبه على أعلى مستوى، هو كان على علم بكافة أساليب القتال وتم تدريبه من قبل لكنه مثل عدم معرفته شيء وتابع تدريبه بشكل طبيعي، أغلق عينيه وقبل أن يغرق في النوم وجد من يلصق فوهة مسدسه برأسه ففتح عينيه ورمقه بعينين متسعتين من الصدمة ليقول هذا المسلح:
– أهلا سيف، مجلس الريد لاين مش راضي عن تدريبك هنا وقرر تصفيتك 
هنا تحدث «يوسف» ورددت بصوت هادئ:
– أنا هنا بأوامر سيزكا، مش أوامر المجلس بتاعك
ابتسم هذا المسلح وردد بجدية:
– أنا عارف ده كويس وعلشان كدا ركبت كاتم للصوت علشان اقتلك ومحدش يعرف إني دخلت هنا أساسًا
ثم شد أجزاء سلاحه ووجهه إلى رأسه مرة أخرى إستعدادًا لإطلاق رصاصته القاتلة …
يتبع..
لقراءة الفصل الثاني عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى