روايات

رواية في هواها متيم الفصل السادس عشر 16 بقلم سماح نجيب

رواية في هواها متيم الفصل السادس عشر 16 بقلم سماح نجيب

رواية في هواها متيم الجزء السادس عشر

رواية في هواها متيم البارت السادس عشر

رواية في هواها متيم الحلقة السادسة عشر

مجالسة الصالحين تحولك من ستة إلى ستة: من الشك إلى اليقين .. من الرياء إلى الإخلاص .. من الغفلة إلى الذكر .. من الرغبة في الدنيا إلى الرغبة في الآخرة .. من الكبر إلى التواضع .. من سوء النية إلى النصيحة.
ابن قيم الجوزية
١٦– ” أمر واقع ”
تجمدت ملامح وجهه بعد رؤيتها ، وليس هذا فحسب ، فهى تقف تلوح له بهدوء كأنه تخبره أن القادم سيكون الأسوء ، فهو لم يضع بباله ومعتقده ، أنها ستقدم على فعل ذلك ، فهو ظن أن الأمر أنتهى بينهما بذلك اليوم بالمطعم ، عندما أخبرها أنه لم يعد كالسابق ، وأن ما بينهما لم يعد له وجود ، ومن الأفضل لها نسيان الماضى ، وتدع كل شئ بحاله ، ولا تحاول إيصال علاقة ، كتب لها أن تنتهى نهاية غير مرضية على الأقل بالنسبة له
لم ينتشله من فيضان أفكاره ، سوى صوت رهف وهى تقول بسعادة غامرة :
:” ابيه رفيق حمد الله على السلامة وحشتنى اوى اوى كده سايبنا المدة دى كلها”
تحول ببصره لوجهها ، وتبسم لها قائلاً :
:” معلش يا حبيبة قلبى فى حاجات عطلتنى وخلاص انا جيت اهو انتى عاملة إيه”
أهدته إبتسامة عريضة وهى تقول:
–:” تمام الحمد لله انت واقف ليه كده تعال ندخل”
قامت رهف بسحبه من يده ، فدلفا إلى المنزل ، وليان وباسم مازالا بالسيارة ، فمن رأى رفيق ورهف هو باسم ، فليان لم تهتم أن تنظر اليه ، فهى حتى لاتريد ترك السيارة ، كأنها تنتظر أن يعود بها الى بلدتها مرة أخرى
أحنى باسم رأسه ونظر عبر الزجاج الأمامى للسيارة وهو يقول :
–:” هو أبيه رفيق راح فين كده وسابنا”
تبسمت ليان وقالت بسخرية :
–:” أبيه رفيق ! هو خلاص كل بعقلك حلاوة يا باسم زى ما عمل مع تيتة علية الله يرحمها”
أستدار باسم برأسه لها وقال:
–:” هو الصراحة ذوق اوى ومؤدب ومشوفناش منه حاجة وحشة”
همست ليان بصوت منخفض ، لكى لا يسمعها شقيقها :
–:” مؤدب! دا قليل الأدب ومترباش ولا شاف تربية”
بعد أن قالت كلماتها ، التى لم تصل لمسامع اخيها ، تذكرت لمساته على وجهها ، ونظرة عينيه التى تفقد اى فتاة راشدة عقلها ، ولكنها لن تكون تلك الفتاة ابدا ، فهى تصمم بداخلها على ان تجعل أيامها فى هذا المنزل ، الذى يخصه أياماً لا تطاق ، فهى ستعمل جاهدة على ان تثير أعصابه حتى يأخذها هو بنفسه الى منزلها لكى يتخلص منها”
استقبلته والدته بحفاوة ، وكأنه كان مهاجراً منذ زمن ، فهى تضمه بين أحضانها بحنان أمومى كبير ، فهو يريد التحدث ولكن شقيقته ووالدته لم يعطوه الفرصة للحديث
فقبلته منى على وجنتيه وهى تقول بحب :
:” يا حبيب قلب امك حمد الله على السلامة يا قلبى”
قبل رفيق يديها وهو يقول :
–:” تسلميلى يا امى يارب بس انتوا اخدتونى كده ونستونى الضيوف اللى معايا”
نظرت منى خلفه وقالت بتساؤل :
–:” انت معاك ضيوف يا حبيبي هم فين دول”
ترك رفيق يديها وقال بإبتسامة :
–:” ايوة موجودين معايا فى العربية ثوانى بس اجبهم”
خرج رفيق إليهما ثانية ، فقام بفتح الباب لباسم ، تليه ليان التى تأخرت فى الخروج ، بسبب وقوفه بجانب باب السيارة يسد عليها الطريق بجسده
فرفعت رأسها إليه وهى تقول:
–:” عايزة انزل لو سمحت”
نظر لها رفيق قائلاً :
–:” ماتنزلى وانا ماسكك يلا انزلى”
نفخت ليان بضيق فقالت :
–:” أبعد علشان أنزل أنت واقف سادد السكة خدلك جمب كده اتزحزح يا استاذ”
رفع رفيق حاجبيه قائلاً:
–:” اتزحزح ! انتى متربية فين ياليان”
لم تنتظر أن يمتثل لأمرها ويبتعد قليلاً ، بل مدت يدها ودفعته بصدره لتجعله يتنحى عن باب السيارة وهى تقول :
–:” فى الارياف تعرفها بتاعة البهايم والجواميس انا بقى متربية هناك عرفت بقى انا متربية فين”
ينظر اليها بنظرة تسلية ، فتلك الفتاة التي تقف أمامه ، ربما ستخرج اسوء ما فيه ، ستجعله يثور يغضب يلعن يفعل اشياء لم يفعلها من قبل
فرمقها مطولاً حتى عجزت عن النظر إليه وقال :
–:” انعم وأكرم يا ليان”
تقف ليان بجانب باب السيارة محاصرة بينه وبين ذراعه الممدودة التى يحط بها على طرف الباب المفتوح ، فنادى باسم قائلاً:
–:” احنا هنفضل واقفين كده يا ابيه رفيق”
سحب رفيق ذراعه وأبتعد عنها قليلاً فقال :
–:” لاء يا باسم تعالوا معايا”
تقدم رفيق بضع خطوات ، يسبقهما الى الداخل ، تبعته ليان وباسم ، وكل منهما يجر خلفه حقيبة الثياب الخاصة به ، لمحتهما منى فابتسمت لهما ، بينما رهف فى المطبخ كعادتها تبحث عن شئ تأكله
فأقتربت والدته ترحب بقدومها وهى تقول:
–:” اهلا وسهلا يا حبايبى مين دول يا رفيق”
رفع رفيق يده يشير لباسم وليان قائلاً :
–:” دا باسم ودى ليان اخته تبقى مراتى”
كأنها لم تعى ما قاله أبنها للتو ، هل يخبرها أن تلك الفتاة زوجته ؟ فكيف حدث ذلك؟ رأى نظرة والدته المصدومة له ، فعلم أن الأمر لن يمر بسلام ، فهى كانت تلح عليه كثيراً ليتزوج وكان هو رافضاً ، فيعود الآن ويخبرها بزواجه هكذا بهدوء كأنه لم يفعل شئ
________________
وضعت ليلى القرطين الذهبيين بأذنيها ، وذلك السوار بمعصمها الأبيض الغض ، فنظرت بالمرآة وهى تقف أمام منضدة الزينة ، تتأكد من أن كل شئ على ما يرام ، فالثوب الذى ترتديه ، جعلها مثال للجمال والأنوثة ، فلما لا وهى تنتقى دائماً الأفضل والأجمل ، فذلك هو عملها ، فهى عملت بعد زواجها كمصممة للأزياء ، فزوجها السابق كان يمتلك شركة خاصة بالأزياء ، ولكن بعد حصولها على الطلاق منه ، إستطاعت مزوالة عملها ثانية ، ولكن تلك المرة بإمتلاكها متجراً خاص بثياب نساء صفوة المجتمع المخملى
طرقت الخادمة باب غرفتها ، فأذنت لها بالدخول ، فدخلت الخادمة على إستحياء وهى تقول:
– ليلى هانم فى واحد عايز حضرتك تحت بيقول جاى بخصوص الاتفاق على عرض الازياء اللى حضرتك ناوية تعمليه
عدلت ليلى خصيلاتها ، وأزاحتها خلف أذنها ، وأخذت أحمر الشفاه لتطلى شفتيها ، فبعد إنتهاءها مطت شفتيها وهى تقول:
– قدميله حاجة يشربها وقوليله الهانم جاية
أحنت الخادمة رأسها إحتراماً ، وخرجت من الغرفة ، بينما ليلى تحرص على إنهاء زينتها على الوجه الأكمل ، فبعد إنتهاء إجتماعها بهذا الرجل ، الذى ينتظرها بالأسفل ، ستذهب للمنزل المجاور ، فهى أرجأت أمر تقربها من عائلته حتى يعود ، فهو سيرى كيف ستكون مقربة لهم ، فأولاً وأخيراً هى جارتهم الجديدة ، والتى أرادت التعرف على جيرانها الجدد
تبسمت ليلى على تفكيرها وقالت :
– هشوف يا رفيق هتفضل مستحمل قد إيه قبل ما ترجع تانى وتقولى بحبك ياليلى زى ما كنت بتقولها زمان
خرجت من الغرفة بعدما أخذت هاتفها ، هبطت الدرج حتى وصلت لغرفة المعيشة ، وجدت رجلاً ربما بمنتصف الأربيعينات ينتظرها ، فعندما رآها قادمة ، ترك مكانه ومد يده يصافحها وهو يقول :
– أهلا بيكى يا ليلى هانم سعيد أن قابلت حضرتك
صافحته ليلى ودعته للجلوس قائلة :
– أنا الأسعد أتفضل أقعد
عاد الرجل لمكانه ثانية ، بينما جلست ليلى على مقعد مقابل له ، واضعة ساق على الأخرى ، فأسندت ظهرها لمقعدها وهى تقول:
– حضرتك جاى بخصوص عرض الأزياء اللى ناوية أعمله بس المرة دى أنا اللى عملت تصميمات الأزياء ومش هتكون خاصة بالستات بس لاء دى الأغلبية اللى فيها للبنات من سن المراهقة لحد بداية العشرينات ، يعنى هيكون تركيزى أكتر على البنات فى السن ده
أماء الرجل برأسه قائلاً:
– تمام حضرتك وانا جهزت صور كذا موديل علشان تشوفى اللى يناسبك منهم أتفضلى الصور أهى
تناولت ليلى من يده الصور ،وأمعنت النظر بها ، ولكن لم تلقى أى صورة منها إستحسانها ، فألقت بالصور على المنضدة وهى تقول:
– مش شايفة حد فيهم ينفع إحنا عايزين وجه جديد ، تكون بنت تقدر تجذب أكبر قدر من البنات اللى هتمثلهم ، دايما الأفضل لو البنات لقت اللى تبقى شبههم ، مش أجبلهم موديل أجنبية
فكر الرجل بحديثها ، فهتف قائلاً بتفكير:
– بس هنجيب البنت اللى زى كده منين
نظرت ليلى بهاتفها وقالت :
–: مش عارفة تجيبها منين المهم تكون موجودة علشان الدفيليه هيكون على بدايات الربيع يعنى مقدمناش وقت كبير فلازم تتصرف بسرعة يا إما أشوف حد تانى ينظملى العرض
أسرع الرجل قائلاً :
– لاء حضرتك اطمنى إن شاء الله ألاقى الموديل اللى حضرتك عيزاها عن أذنك
خرج الرجل من المنزل ، فظلت ليلى جالسة مكانها لعدة دقائق بعد رحيله ، كأن أفكارها تتقاذفها بين ذهابها لمنزل رفيق ، وبين عدم ذهابها ، فهى تفكر كيف ستكون ردة فعله إذا رآها بمنزله ، هل سيرحب بها كجارة لهم ، أو ربما تجده يتخلى عن كل ما لديه من كياسة ويقوم بطردها من المنزل ، فهى لا تأمن رد فعله ، فعلى الرغم أنه لم يفعل شيئاً بذلك اليوم بالمطعم ، ولكنها لا ضمان لديها بأن يظل هادئاً كلما رآها
__________________
احتسى كل ما قدم إليه من خمور بشراهة ، فهو كلما يتذكر ما حدث ، تغلى دماءه بعروقه ، فالنادل بالملهى الليلى ، تعجب من أن فاروق يحتسى الخمر هكذا ، بدون أى إضافات أخرى تخفف من طعمها الحارق للجوف ، فهو كلما وضع كأس ، يشربه دفعة واحدة ، ويرجع يأمره بسكب المزيد
أقتربت إحدى الفتيات منه ووضعت يدها على كتفه قائلة بغنج :
– مالك يا فاروق بيه شكل مزاجك النهاردة وحش أوى
نظر فاروق للفتاة نظرة نارية ، وقام بدفعها عنه بغتة وبقسوة ، حتى كادت تسقط أرضاً ، فصرخ بوجهها قائلاً:
– روحى شوفى شغلك يا روح أمك وملكيش دعوة بمزاجى يلااا
أسرعت الفتاة بالإبتعاد ، فربما اليوم أصابه الجنون ، ولكنها لم تنسى أن تسبه وتلعنه بخاطرها وبصوت هامس ، فجلست على إحدى الطاولات ، فوجدت رجل من العاملين بالملهى يجلس بجانبها
فتبسم لها بدهاء وقال :
– روحتيله ودلقك كالعادة مش كده
نظرت له بشرار من الغضب ، فرفعت يدها تشير للنادل ، أن يحضر لها شيئاً لتشربه ، فأكتفت بعدم الرد على حديثه
لكنه لم يكتفى بقوله لهذا الحد ، بل عاد مكملاً حديثه :
– إسمعينى بس دا انا عايز مصلحتك
صاحت بوجهه بنزق وهى تقول :
– مصلحة إيه دى ومن أمتى الحداية بتحدف كتاكيت
– مقبولة منك يا قمر
قالها وأصابعه تتلمس معصمها ، فنفضت يده وهى تقول:
– هات أخرك عايز منى إيه
إلتفت حوله ليتأكد من عدم تنصت أحد عليهما خاصة وهو يقول :
– أنا عايزك بدل ما أنتى شغالة فى المحل تبقى صاحبته وتاخدى الجمل بما حمل
قطبت حاجبيها وهى لا تفقه شئ من قوله ، فهتفت به بغرابة وقالت:
– يبقى ليا إزاى يعنى مش فاهمة أنت شكلك كده سكرت بدرى وبتخرف
وضع ذراعيه على الطاولة ، وأنحنى بجزعه العلوى قائلاً :
– لاء مبخرفش ولا حاجة وعارف بقول إيه هى بس لعبة صغيرة هنلعبها سوا وهناخد المحل ده من فاروق
نظرت إليه بإهتمام وقالت :
– لعبة إيه دى اللى هنلعبها فهمنى أكتر
أقترب بوجهه أكثر منها وهو يقول بخبث :
– الكلام هنا مينفعش خلينا نقعد قعدة حلوة كده وهرسيكى على الدور كله وهقولك نعمل ايه ودلوقتى خلينا نشوف شغلنا
نهض من مكانه ورحل ، فنظرت لأثره بتعجب ، فربما هو يهذى أو يمزح معها ، فمن بإمكانه أخذ الملهى من فاروق ، وما تلك الحيلة التى يريد أن يمارسها عليه ويريد مساعدتها ، فهى تعلم أن فاروق ليس الرجل الساذج ، الذى بإمكان أى أحد خداعه ، فمن الأفضل لها أن تبتعد عن طريقه ، حتى لا تلقى ذلك المصير كسابقيها
_________________
ذلك الصمت الذى حل على رؤوسهم ، لم يمتلك هو الشجاعة الكافية لكسره ، وخاصة أن والدته ، منذ أن ألقى بوجهها ذلك الخبر المدوى ، وهى تنظر إليه وعيناها متسعة ، ولا تفه بكلمة ، كأن لسانها عاجزاً عن فعل ذلك
ولكن بعدما رأت منى أنها أخذت حصتها من الصمت قالت بصوت شابه الصدمة :
– :” انت بتقول ايه يا رفيق أنت بتهزر صح ؟”
أبتلع رفيق ما أمكنه من لعابه وهو يقول :
–:” امى أنا هفهمك وهقولك على كل حاجة”
صرخت والدته بوجهه غاضبة وهى تقول:
–:” تقولى ايه يا رفيق ها هتقول ايه اتجوزت من ورايا إزاى يعنى متعرفناش باللى عملته إلا دلوقتى”
ناشدها رفيق بأن تستمع له قائلاً بلين :
– :” أمى أفهمينى والله دى ظروف”
بتلك اللحظة خرجت رهف من المطبخ تحمل بيدها تفاحة تقضم منها تستلذ بمذاقها ، فقالت وفمها مملوء بقطع التفاح :
–:” اممم احنا مش هناكل بقى انا هموت من الجوع”
ولكنها لمحت ليان فاتسعت عيناها بدهشة وسعادة ، من رؤية صديقتها ، فركضت اليها تحتضنها ، فاليوم هو يوم المفاجأت او اذا صح القول فهو يوم الصدمات ، فليان لا تصدق ما تراه الآن ، فماذا تفعل رهف فى منزل هذا الرجل ؟
طوقتها رهف بذراعيها وهى تقفز بسعادة :
–:” ايه ده ليان معقولة انتى عرفتى عنوان بيتى ازاى وجيتى مين اللى معاكى ده”
ابتعدت عنها ليان قليلاً وهى تقول بذهول:
–” دا باسم اخويا رهف انتى بتعملى ايه فى البيت ده”
تبسمت رهف وهى تقول:
– :” ده بيتى يا بنتى امال انتى جاية ازاى ثوانى كده انا مش فاهمة حاجة أبيه رفيق قال معاه ضيوف هو انتوا الضيوف”
قالت ليان وهى تنظر لوجه رفيق :
–:” هو الدكتور رفيق يبقى اخوكى يارهف”
هزت رهف رأسها بالإيجاب وهى تقول:
– :” ايوة ياليان بس والله انا مرضيتش اقولك خوفت انك مترضيش تصاحبينى لو عرفتى انه هو يبقى اخويا”
يتابع الحوار بينهما ، و لا يفقه شئ مما يقال ، فمن أين تعرف شقيقته تلك الفتاة ؟ فيبدو عليهما انهما يعرفان بعضهما البعض جيداً”
فنظر رفيق لرهف قائلاً بتساؤل :
–:” رهف انتى تعرفى ليان منين”
خفضت رهف وجهها وهى تقول بحذر :
–:” ماهى تبقى صاحبتى فى الكلية وكمان تبقى البنت اللى انت طردتنى انا وهى من المحاضرة”
لا.. فهما على الاغلب يمزحان معه الآن ، فما يحدث ليس حقيقة ، فلابد أنه يحلم الآن ، هل هذه هى تلك الفتاة التى قام بطردها من المحاضرة بسبب ضحكاتها العالية
فهو علم الآن سبب كره تلك الفتاة له وعلم أيضاً دوافعها للتعامل معه بأسلوب يميل إلى الوقاحة
فحدجها بنظرة ثاقبة وهو يقول:
–:” يعنى انتى يا ليان كنتى عرفانى ومقولتيش”
ردت ليان قائلة ببرود :
–:” ايوة كنت عارفة انت مين يا دكتور رفيق ”
علا صوته قائلاً بحدة :
–:” ومقولتيش ليه ها عملتى نفسك عبيطة وعمالة تقلى فى ادبك مستغلة ان انا مش فاكرك”
أشاحت ليان بوجهها عنه وهى تقول :
–:” اصلها الصراحة كانت ذكرى مش حابة افتكرها”
أكتفت منى من متابعة الحوار بينهما ، فهى وصلت لحافة صبرها ، فهتفت بهم بغضب :
:” ممكن حد يفهمنى ايه اللى بيحصل وانا واقفة كده مش فاهمة حاجة وانت ازاى اتجوزت يا رفيق”
شهقت رهف قائلة :
– :” إيه ابيه رفيق اتجوز ! انت اتجوزت بجد يا ابيه اتجوزت مين وفين هى دى مراتك”
رفعت منى يدها تشير بها لليان وهى تقول:
–:” ماهى واقفة جمبك اهى مرات اخوكى تبقى صاحبتك يا رهف”
فغرت رهف فاها وهى تنقل نظراتها بينهم بصدمة ممزوجة بالدهشة او بالاصح بالبلاهة فقالت :
:” هه هه ابيه رفيق اتجوز ليان الحقينى يا مامتى”
بعد أن انتهت من قولها ، سقطت مغشياً عليها من صدمتها فهرولت أمها واخيها إليها ، يحاولان افاقتها
فنظر اليها رفيق بخوف كبير ينمو بداخله ، فربت على وجهها بحنان :
–:” رهف حبيبتى ردى عليا حبيبة قلبى فوقى”
قالت منى بقلق هى الأخرى :
– :” مالك يا قلب امك جرالك ايه”
استجابت رهف لحديثهما ، ولكنها فتحت عيناها تنظر اليهما تردد كلامها مرة اخرى
–:” ابيه رفيق اتجوز ليان ”
عادت لاغماءها مرة اخرى ، بينما تقف ليان واخيها يتابعان الموقف ، ولكنها أفلتت منها ضحكة عالية على صدمة صديقتها ، نظر خلفه وجدها تضحك ، فضيق ما بين عينيه فعلام تضحك تلك الفتاة ؟
فأقتربت ليان من رهف وهى تقول :
–:” رهف معاكى لبان ولا شيكولاتة اصلى نفسى أكل لبان”
ردت رهف وهى مغمضة العينين :
–:” معايا فى الشنطة عايزة اللبان بالفراولة زى ما بتاكليه ولا بايه”
قال رفيق بإستنكار :
– :” فراولة! احنا واقفين هنموت من الخوف وانتى بتهزرى يارهف”
فتحت رهف عينيها وهى تقول:
–:” والله ابدا دا انا مصدومة ومش مستوعبة اللى بيحصل ده يا أبيه”
وكزتها والدتها بكتفها وقالت :
– :” قومى يا أختى مش وقتك لما اشوف حكاية جواز اخوكى دى كمان”
نظر رفيق لوالدته قائلاً بوداعة :
–:” طب ممكن ناكل ونتكلم أنا جعان أوى يا أمى والله والطريق طويل يرضيكى ابنك يفضل جعان كده”
لم يطاوعها قلبها على ان ترد كلمته ، فوجدت نفسها تخبر الخادمة بتجهيز المائدة ، فمالك أيضاً على وشك ان يعود من عمله ، ولا تعلم كيف سيكون شعوره هو الآخر عندما يعلم بأن رفيق عاد للمنزل ويصطحب معه زوجة
ما أن ذهبت والدته للمطبخ لمساعدة الخادمة ، أشار لليان بالنهوض وأن تتبعه لغرفة مكتبه ، تعجبت بالبداية ولكنها أمتثلت لأمره وولجت خلفه الغرفة ، وما أن أغلق الباب حتى تجمعت سحابة من الغضب بعينيه العاصفتين
فقطبت ليان حاجبيها وقالت بدهشة :
– فى إيه مالك بتبصلى كده ليه
وضع يديه بجيبى بنطاله ، ونظر إليها شزرا وقال :
– بصى بقى يا ليان دلوقتى أنا عرفت إيه سبب طولة لسانك وقلة أدبك عليا من ساعة ما شوفتينى وكرهك ليا ، بس فى حاجة حابب أنك تفهميها كويس ، لو أنا سيبتك الأيام اللى فاتت دى تقلى أدبك ، فأنا كنت مراعى حالتك النفسية بعد موت جدتك ، بس هنا أنتى فى بيتى ، يعنى تحترمينى ولو حاولتى أو فكرتى مجرد تفكير بس أنك تطولى لسانك عليا قصاد حد من عيلتى فصدقينى هتشوفى وش عمرك ما شوفتيه ، حتى مش هبقى رحيم بيكى وأطردك زى ما عملت فى المحاضرة ، لاء ممكن أكون أسوء من تخيلاتك وتصوراتك ، لأن أنا هنا ليا وضعى وسط عيلتى ووسط الناس هنا ، ومش رفيق رسلان اللى عيلة زيك هتقل منه قدام حد ، فلو ألتزمتى بكلامى ، ليكى أحسن معاملة وهتبقى زى رهف ، هتاخدى نصيبك من الدلع والحنان ، حاولتى بقى تقلى أدبك ، صدقينى مش هضمن رد فعلى معاكى
لوت ليان ثغرها وقالت :
– هتعمل إيه ؟ هتطردنى من البيت هنا ، طب ياريت تعملها وصدقنى لو كنت كرهتك أول مرة علشان أهانتنى وطردتنى من المحاضرة ، بس لو طردتنى من بيتك وطلقتنى هيكون جميل مش هنساهولك أبداً وجايز ده يخلينى أنسى كرهى ليك
أخرج رفيق إحدى يديه من جيبه وقبض على فكها قائلاً:
– طول ما أنتى بتفكرى تفكيرك المحدود ده ، مش هترتاحى يا ليان ، شايفة إن جوازك منى مصيبة وكارثة ، بس جايز جوازنا منع عنك مصايب تانية ، أنتى فى غنى عنها
أزاحت يده بصعوبة وقالت:
– وهى إيه المصايب دى قول وعرفنى
فضل رفيق الصمت فأضافت بقسوة لم تندم عليها :
– شوفت انت سكت إزاى مش لاقى حاجة تقولها ، بس هقولك أنا ، أنت لقيتها فرصة أنك تفرض سيطرتك على عيلة زى ما بتقول ، شكل عندك حب السيطرة وأنك تمشى حياة الناس زى ما أنت عايز ، شكلك سايكو يا دكتور رفيق
حبس أنفاسه بقوة بعد نعتها له بتلك الكلمة والتى لا تطلق إلا على المرضى النفسيين المصابين بالإضطراب النفسى وعدم الإتزان ، أبتلعت لعابها خوفاً مما رآته بوجهه ، فهى بدأت خطتها مبكرًا من أجل أن يسأم منها ، ولكنها شعرت برعونة وسخافة أفكارها وأقوالها ، ولكن لدهشتها لم يقدم على صفعها ، بل باغتها بعناق أراد به زهق أنفاسها وسماع توسلها له بأن يعفو ويصفح عن أفعالها وأقوالها السخيفة ، أمسك بوجنتيها وضغط على جسدها ضغطاً شل قدرتها على الحركة والتفكير ، شعرت بنبضات قلبه تكاد تخترق ضلوعها من إلتصاقها به ، فهى حتى غير قادرة على الصراخ ، فذراعيه كانا على وشك تحطيم عظامها ، وبدا كأنه يريد عصرها أو قتلـ ـها أو خنقها بعناقه
خافت وشعرت بالذعر ، فأمسكت بشعره وشدت بأقصى قوتها وحاولت يائسة أن تتخلص من أسره لها ومن جنونه العارم ، فهى لا تريد هذا ، ولا تريد أن يحاول إثبات ملكيته لها ، فهى مازالت تأمل بأن يأتى اليوم ، الذى ستعود به حرة مرة أخرى ، ومع تضارب مشاعرها تجاهه وصراعها الدائر بخلدها ، أفلتت شعره وأنزلق كفيها المرتجفين إلى وجهه الدافىء ، وفجأة أبتعد عنها ، بعد سماعه طرق على باب الغرفة ، وكأن شيئاً أعادهما بعنف لأحاسيسهما السابقة ، فنظر إليها بعينان حائرتان وزائغتان ثم خرج مسرعًا من الغرفة، وأغلق الباب خلفه ، تاركاً إياها تحاول لمام شتات أمرها وهندامها المبعثر ، بعد تلك الحرب الضارية بينهما من المشادات الكلامية، والتى أنتهت بعناقهما الأول ، الذى كان كالعاصفة لا تبقى ولا تذر
______________
جلست ماهيتاب بجوار مالك بسيارته ، وهى لا تطيق صبراً لتصل إلى منزله ، لكى ترى ذلك الغائب منذ عدة أيام ، فهى علمت أنه سيعود إلى المنزل اليوم ، فذهبت الى الشركة وأصرت عليه ، أن تذهب معه الى منزله ، متذرعة بحجة انها تريد رؤية شقيقته ووالدته
فسبحت بخيالها ، وتعجب مالك من صمتها الغير معتاد ، فنظر إليها قائلاً بإهتمام :
–:” مالك يا ماهى ساكتة ليه كده ومبتتكلميش”
أنتبهت ماهيتاب على حديثه ، فقطبت حاجبيها وقالت:
–:” بتقول حاجة يا مالك سورى ما أخدتش بالى كنت بتقول ايه”
نظر مالك للطريق أمامه قائلاً :
–:” لا دا انتى مش معايا خالص وشكلك سرحانة”
حاولت ماهيتاب الابتسام وهى تقول:
–:” لا بس أنا بفكر فى حاجة فسرحت”
أقف مالك محرك السيارة وتطلع لوجهها قائلاً بقلق :
–:” لو تعبانة ولا حاجة اروحك بيتكم علشان ترتاحى يا حبيبتى”
ردت ماهيتاب سريعاً قائلة :
–:” لاء انا كويسة ثم احنا خلاص أهو قربنا نوصل بيتكم يا حبيبي”
نفذت نظرات الاهتمام والخوف من عيناه وهو يرمقها قائلاً:
–:” انا خايف بس لتكونى تعبانة يا ماهيتاب ومش راضية تقوليلى”
تبسمت ماهيتاب بوجهه على مضض وهى تقول:
–:” لاء يا حبيبى انا كويسة خالص وهبقى تمام دلوقتى”
فهى تنتظر رؤيته بصبر قد نفذ ، فيكفى أنها لم تراه منذ عدة أيام ، لم ترى ذلك الرجل ، الذى تفعل المستحيل من أجل ان ينظر اليها بنظرة ترغبها منه
وصلا الى المنزل ، فخرج مالك من السيارة ودار حولها فتح لها الباب ، فترجلت من السيارة ، ولج مالك المنزل تتبعه هى ، تحاول أن تطمأن لحسن مظهرها
رأى مالك رفيق فاقترب منه يحتضنه بشوق هو الآخر مغمغماً:
–:” حمد الله على السلامة يا ابيه الف حمد الله على سلامتك أنتى وحشتنى أوى”
شد رفيق من إحتضان مالك كأنه يحتضن صغيره :
–:” الله يسلمك يا حبيبي وأنت كمان وحشتنى اخبارك ايه وعكيت ايه كده وانا مسافر”
قهقه مالك قائلاً:
–:” ابدا والله دا انا غلبان خالص”
تبسم رفيق على قوله ، فنظر لماهيتاب قائلاً :
–:” أهلا ماهيتاب اخبارك ايه”
ردت ماهيتاب قائلة بصوت عذب وإبتسامة عريضة :
–:” الحمد لله حمد الله على السلامة يا رفيق”
تضغط على حروف اسمه ، تنطقه بنبرة تحمل إغراء ، يرتسم على ثغرها ابتسامة تحمل كل معانى الاغواء
نظر مالك لليان وباسم وهو يقول بغرابة:
– :” احنا عندنا ضيوف ولا ايه مين دول اهلا وسهلا”
أسرعت والدته بإجابته وهى تقول:
–:” دى تبقى ليان مرات اخوك واخوها باسم”
زوى مالك ما بين حاجبيه قائلاً بعدم فهم :
–:” أخويا مين! هو أنا ليه اخ غير ابيه رفيق ولا ايه”
تبسمت رهف وهى تحتضن ذراع ليان تقول بحماس :
–:” لاء يا مالك دى تبقى مرات ابيه رفيق”
فغر مالك فاه وأتسعت عيناه بدهشة ، فدمدم بذهول :
–:” انتوا بتهزروا صح ولا دى كذبة أبريل قولوا بجد انتوا بتهزروا”
رد رفيق قائلاً بهدوء :
–:” لاء مش بيهزروا يا مالك دى فعلا تبقى مراتى”
فلو كان صفعها احد على وجهها فجأة ، ربما كان سيكون وقع الصفعة على وجهها ، أقل من صدمتها من جراء ذلك التصريح الذى قاله بكل هدوء وبرود ، وكأنه يخبرهم باحدى النكات وليس انه يخبرهم بشأن أنه تزوج ، فمن تلك التى استطاعت ان تحرك ذلك الجبل الجليدي المدعو رفيق؟ من تلك التى اقترن اسمها باسمه ؟ من تكون هى؟ وماذا تملك حتى تستطيع الفوز عليها ، فى الحصول على ذلك الرجل الذى ركضت خلفه كل تلك المدة ، تنتظر أن يأتى اليوم الذى ينظر لها فيه بنظرة مختلفة عن كونها خطيبة اخيه الأصغر
فخرجت كلماتها بتلعثم واضح وهى تقول:
– :” انننت اتتجوزت يا رفيق بجد انت بتتكلم بجد”
أماء رفيق برأسه قائلاً :
– :” ايوة يا ماهيتاب أتجوزت مفيش مبروك ”
ردت ماهيتاب وهى تقول بغصة :
–:” ممبروك يا رفيق”
لم يعى مالك بعد ما سمعه منهم ، فرمش بعينيه عدة مرات وهو يقول :
–:” هو شكلى كده بحلم اصحى يا مالك فوووق”
ظل مالك يصفع وجهه ، كأنه يريد التأكد ان ما سمعه الآن ، حقيقة وليس حلما يحلم به
تعجبت ليان هى أيضاً مما يحدث ، فما كل تلك الصدمات ، التى تتوالى على رأسها ، منذ حضور ذلك الرجل الى منزلهم لشراء الأرض ، فهو كأنه جلب معه طوفان عارم اغرقها به تحاول هى النجاة ، ولكنها لا تفلح فى انقاذ نفسها من الغرق ، بل تغوص أكثر فأكثر ،حتى تكاد تشعر بأن نبضات قلبها على وشك التوقف ، مرسلة جسدها الى خط النهاية ، فلم تنسى إقتطافه زهور شفتيها الندية بعناق ، كان الأول بحياتها ، والذى تخيلت مراراً أن يكون ماجد هو الطرف الآخر به بعدما تصير له زوجة ، فنسجت أحلامها الوردية بهدوء وروية ، ولكنها علمت اليوم معنى أن يكون الطرف الأخر بالعناق ، رجلاً مسيطراً لأقصى الحدود ، وكيف يجعلها خاضعة ، بل يجعلها تلغى عقلها وتلقى أسلحتها جانباً وتتمنى الحب منه
______________
ولج أكمل إلى المنزل ، فأستمع لأصوات صاخبة ، ورآى نساء ترتدى ثياب غير محتشمة على الاطلاق ، وصوت الأغانى يصدح بالمكان ، فحديقة المنزل تعج بالحضور ، الذين أتوا لتهنئتهما على ذكرى زواجهما
شعر أكمل بالغضب العارم ، فهى حتى لم تقوم بإلغاء الحفل ، بل انها تستمتع بوقتها ، حتى وان كان غير راغباً فى إقامته بالأساس ، فرأها تقف مع بعض صديقاتها المقربات ، اللواتى يشبهنها فى نمط حياتها
فلمحته طفلته وركضت اليه بابتسامة فقام بحملها ، فقبلته على وجنته وهى تقول :
– :” بابى فى حفلة مامى عاملة حفلة وخلتنى احضر الحفلة ومش قالتلى انام بدرى”
تبسم لها بدون مرح وهو يقول:
– :” ماشى يا روحى”
اقتربت منه زوجته تحاول رسم إبتسامة على شفتيها لكى لا يشك الحاضرين بأمرهما
فوضعت إحدى يديها على صدره وهى تقول:
– :” حمد الله على السلامة يا حبيبي كده تتأخر كل ده فى الشغل”
كز أكمل على أسنانه وهو يقول:
–:” ايه اللى انتى عملاه ده يا شهيرة”
أقتربت شهيرة منه وهمست له قائلة :
–:” أكمل انت عارف ان النهاردة فى حفلة علشان عيد جوازنا وانا قولتلك”
ردت أكمل قائلاً بغيظ :
– :” قولتيلى ايه ! أنتى قولتيلى الصبح وانا خارج وعاملة الحفلة علشان تتمنظرى قدام اصحابك وتبينلهم انك مبسوطة اوى انتى وجوزك”
توهجت عيناها ببريق متوحش وقالت :
–:” أكمل بلاش شوشرة احضر الحفلة حتى علشان خاطر بنتك ومتفرجش الناس علينا”
–:” ماشى يا شهيرة”
وافق على قولها من أجل طفلته فقط ، فاقتربا سويا لتقطيع قالب الحلوى ، و علا صوت تصفيق الحاضرين ، قامت بوضع قطعة من الحلوى فى فمه وقبلته على وجنته ، فهى ترسم دورها باحترافية يحسدها هو بنفسه عليها
تنقل بين الحضور ، بتلك الابتسامة المزيفة على شفتيه كبالون اذا تم الضغط عليه سينفجر الآن ، فلمح دلوف والد زوجته ، بتلك الهيبة المتغطرسة ، التى أورثها لابنته
أقترب عامر منهما ، وأحتضن ابنته ، يتبعه حارسه الشخصي يحمل كم هائل من الهدايا ، فقبلها على وجنتيها وهو يقول:
–:” عيد جواز سعيد يا حبيبتى”
تبسمت له شهيرة وهى تقول:
–:” وانت طيب يا بابى ايه ده كله ايه الهدايا دى كلها”
أشار عامر بيده للهدايا قائلاً بإستخفاف :
–:”دى حاجة بسيطة يا روح بابى علشانك انتى وكنزى اهلا يا أكمل كنزى حبيبة جدو الحاجات دى علشانك ”
ناول الصغيرة عدة حقائب لم تفلح بحملها ، فردت كنزى قائلة :
–:” شكرا يا جدو”
وضع أكمل يديه بجيبه وهو يقول :
–” اهلا يا عامر بيه نورت الحفلة مكنش ليه لزوم تكلف نفسك ده كله”
أخذ عامر نفساً عميقاً من سيجاره الغالى ، ونفثه بوجه أكمل وهو يقول بغرور :
–:” دا ميجيش حاجة فى قيمة وغلاوة بنتى انتى بقى جبتلها ايه يا أكمل”
رد أكمل قائلاً بسخرية :
–:” مجبتش اصل أنا مبفهمش فى الذوق يا عامر بيه وبنتك خسارة فيا”
ابتعد أكمل عنهما ، قبل ان يسمع رداً منها أو من أبيها ، وكأنه كان ينقصه وجودهما معاً ، ليمرضانه بغرورهما
نظرت شهيرة لأثره بغيظ وهى تقول :
–:” شايف يا بابى قلة ذوقه”
حك عامر باطن يده وهو يقول بتفكير عميق :
–:” الواد ده شكله عايز يتظبط سبيهولى أنا بقى ، أنا هعرف إزاى أظبطه وأرجعه يبوس تراب رجليكى من تانى”
ابتسمت شهيرة بثقة ، فهى تعلم أن والدها ، رجل لا يتوانى عن تحقيق أى شئ هى تريده سواء كان رخيصاً أو نفيساً
________________

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية في هواها متيم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى