روايات

رواية حب بين نارين الفصل السابع عشر 17 بقلم نورهان ناصر

رواية حب بين نارين الفصل السابع عشر 17 بقلم نورهان ناصر

رواية حب بين نارين الجزء السابع عشر

رواية حب بين نارين البارت السابع عشر

رواية حب بين نارين الحلقة السابعة عشر

كانت تهرول هاربةً عقلها يرفض وبشدة تصديق ما سمتعه من تلك الخادمة ، أيعقل أن لا ترى صديقتها بعد الآن ؟ كانت تعد الليالي والأيام لكي ترى لميس
أن تعبها معها لم يضعْ هبائًا ، أخذت تبكي بشدة وهي تخرج من فناء المنزل وسارت بغير هدى نحو الطريق الرئيسي وهي تتذكر آخر مرة رأت فيها صديقتها .
تذكرت تذمرها وضيقها من أفعالها ومحاولتها لإقناعها بالحجاب وكل نصائح التي كانت تُـسديها لها على أمل أن تميل لها وتستمع لما تقوله ، وفي موجة بكـائها تلك أغلقت عينيها ولم تنتبه على تلك السيارة المسرعة ، وللحق الخطأ ، خطأ سارة لأنها قطعت عليه الطريق فجأةً فلم يتمكن الآخر من تفادي الاصطدام بها فصرخ بهياج:
_ حاسبي يا آنسه !.
صرخت بشدة واصطدمت مقدمة رأسها بسيارته ثم انزلقت لتستقبلها الأرض بين ذراعيها وبرفقتها سحابة سوداء ابتلعتها ، زفر هو بحنق وهو يلعـ”ـن تحت أنفاسه ثم قال :
_ أهو ده إللي ناقص !
أنهى حديثه ثم ترجل من سيارته ،كان الطريق خاليًا ازدرق ريقه بتوتر شديد ثم نظر إلى الفتاة المجثية أرضًا انحنى ليراها عن كثبٍ وبتوتر مد يده ليرى إن كانت ما تزال على قيد الحياة ، تنهد بارتياح عندما وجدها تتنفس ، كم أن إصابة رأسها لا تبدو بهذا السوء ومع ذلك يجب عليه الإطمئنان أكثر خشية أن يكون هُـناك نـزيـف داخلي ، نظر في الشارع لعله يجد إمرأة تساعده في هذا الموقف الطريق فارغ ، زفر بضيق وهو يستغفر ثم قال
_ أنا مضطر سامحني يارب بس هي إللي طلعت فجأة !
أنهى حديثه ثم مال عليها وقام برفعها من على الأرض واتجه بها إلى سيارته وهو ينعي حظه العاثر .
_________________________
كانت قد انتهت من أداء صلاتها وهي تحمد الله على حمايته لطفلتها ، إبتسمت بهدوء بعد رؤيتها لعمها وطمأنته على ابنتها بأنها بخير ، ثم رددت أذكارها برضا ،حتى انتهت وقامت بطي سجادة الصلاة وجلست على السرير وأخرجت هاتفها ثم ضغطت على رقم معين وانتظرت بفارغ صبرٍ أن تسمع الإجابة على اتصالها وحينما فتح الخط زفرت فيروز وبنبرة يملؤها العتاب كادت تتحدث ولكن لسانها لم يُـسعفها فوجدت نفسها تصمت فجأة بعد أن كان لديها الكثير لتقوله .
-Marhaba!
أجلت فيروز صوتها بهدوء:
_أمي !
اجابتها جنار بتوتر:
_ اذيك يا فيروز ؟
فيروز بحزن:
_معقوله بتسأليني وأنتِ عارفه حالتي إيه؟
جنار بحزن :
_حبيبتي أنا أسفه بس عملت كده علشان أحمي بنتك افهميني !
فيروز بهدوء:
_ ولو كان لازم تقوليلي مش تخبي عليا .
صمتت قليلاً وابعدت الهاتف عن أذنها وهي تبكي بشدة ،ثم تابعت بنبرة صوت مُـتقطعة :
_ إزاي يا أمي تعملي فيا كده مفكرتيش في حالتي هتكون إيه وأنا متخيلة إن البنت دي تكون بنتي مشوفتيش حالتي كانت عامله إزاي وأنا…
قاطعتها جنار بدموع :
_وأنا علشان كده خليت عمك أحمد يقولك مقدرتش أسيبك عايشه في العـذاب ده كتير بس مكنش فيه غيرك يثبت إن البنت ماتـت علشان نوّهم رجالة المافيا سامحيني يا فيروز والله عملت كده لأني بحبكم .
صمتت فجأة وهي تبكي هي الأخرى بشدة فقالت فيروز وهي تمسح دموعها:
_ عارفه يا أمي بس الموقف كان صعب أنا كنت بمـوت ومش قادرة أصدق إن بنتي تموت بالطريقة دي ، بتوجع أوي يا أمي أنا مش عارفه إزاي اللي في يوم كان جوزي يعمل كده مش قادره أصدق منه لله !!
ما إن أتت على ذكر ذاك المسمى بزوجها حتى هتفت جنار بتوتر:
_ فيروز فيه حاجه أنا خبيتها عنك !
_حاجه إيه؟ عمي أحمد حكالي كل حاجه !
أغمضت جنار عينيها بحزن شديد عندما أدركت بأن العم أحمد لم يخبرها بشأن عودتها لزوجها الحقـير قبل زمن بعيد ،وعندما طال صمتها هتفت فيروز تحثها على إكمال الحديث :
_ها يا أمي سكتي ليه؟
جنار بتوتر:
_ عز رجعك لعصمته .
شهقة قوية خرجت من فم فيروز تدل على استنكارها ما تفوهت به والدتها ثم قالت:
_ ده إللي هو إزاي يعني؟ ماما أنتِ عارفه أنتِ بتقولي إيه؟
جنار بحزن :
_ أيوة هو بعد سفرك رجعك لذمته قبل ما شهور عدّتك تنتهي فهمتي !
_ إيه ؟ إزاي يعمل كده وليه؟
_ إزاي دي بقى معروفة لأنه واحد معندوش أخلاق فتتوقعي منه كل حاجه أما ليه بقى عمل كده فـ يمكن علشان يعجزك أو يفضل ربطك بيه أو علشان يضمن سكوتك !
صاحت فيروز بغضب شديد:
_ لازم يطلقني ميشرفنيش أفضل على ذمة واحد زيه !
_هيحصل يا قلبي!
_ بنتي لميس لميس فين يا أمي وأنتِ واثقة في إللي إسمه مراد ده ؟
ابتسمت جنار بهدوء:
_جدًا متقلقيش على لميس معاه ده صديقها الصدوق و…
قاطعتها فيروز وهي تسألها :
_ إيه بقى حكاية صديقها الصدوق ده ؟
_ هو أحمد مش قالك ولا إيه؟
حركت فيروز رأسها بهدوء وكأن والدتها تراها :
_ لأ كل إللي قاله إن مراد ده مديون بحياته ليها وحكالي إنك كنت بتاخديها معاك لما تروحيله وهي اعتبرته صديق ليها وبس كده في حاجه أنا معرفهاش؟
جنار بهدوء:
_لا كل الأمور وضحت قُدامك المهم خلي بالك كويس ونفذي إللي أحمد قالهولك بالحرف!
أخرجت فيروز تنهيدة قوية وهي تردف بتوتر :
_تمام بس أنا عايزة اشوف بنتي وحشتني !
_ هي هنا في تركيا وأنا شوفتها النهاردة بقولك إيه المغرب على آذان يلا سلام !
_ تمام ده يدوب العصر مآذن بقاله شوي !
ضحكت جنار بخفه :
_ فرق التوقيت بقى يا روحي !
فيروز بهدوء:
_معاك حق بس سؤال أنتِ بتعرفي عربي ازاي يعني أقصد اتعلمتي ايمتى علشان أفهم بس !
ابتسمت جنار وهي تتذكر تلك الأيام المحفورة بذاكرتها ثم ردّت بهدوء:
_والدك كان معلمني يا قلبي وبعدين أنا عشت في مصر فترة كبيرة واتعلمت بسرعه بس انتوا مخدتوش بالكم بس وبعدين والدك اتوفى وانا رجعت بلدي وهناك هكلم مين بالعربي فرجعت للغتي الأم وبس كده ولما شرفتيني أنتِ وحفيدتي كان كلامكم كله تركي وأنا محبتش اتكلم عربي لأنه كان قليل وكان خاص بوالدك الله يرحمه مكنتش بتكلم قُدام حد ولا حد عرف إني بعرف عربي المهم سيبك يلا هروح اتوضى !
أومأت فيروز بهدوء وأغلقت مع والدتها وهي تشعر بارتياح ثم أحضرت المصحف الخاص بها وجلست ترتل فيه قليلاً ،مضى وقت ليس بقصير انتهت من التلاوة وجلست على فراشها ولاحت ذاكرتها لتتذكر ما اتفقت عليه مع عمها
عودة إلى الوراء
_اسمعيني بقا عايزك في حاجه مهمه ركزي معايا!
أومأت فيروز بانتباه:
_ أيوة ياعمو كلي أذان صاغية !
قال العم أحمد بهدوء:
_هتروحي لعز المستشفى وتفهميه انك …
أردفت فيروز بمقاطعة عندما أدركت ما ينتوي قوله :
_إزاي بس ده أنا لسه الصبح كنت هموتـه بإيدي ؟
العم أحمد بهدوء:
_فاهم أنتِ فهمتي إيه بس؟ مانا فاهم كل ده إسمعي إللي بقولك عليه أنا عايز منك نمرة التلفون بتاعت المحامي بتاعه عارفاه إللي كان شغال معاه الأول!
فيروز بتذكر:
_ اها عرفته ماشي هحاول!
_ خلي بالك متخليهوش يشك فيك ،
ولو معرفتيش فتشي في تلفونه على أي رقم غريب إسم غريب فهماني حاولي تطلعي منه بأي معلومة أي حاجه يمكن نعرف نوصل لرقم حد من إللي شغالين في المافيا عن طريقه طبعا عز ذكي ومش هيكون مسجله بإسمه فهتلاقيه مسجله بإسم مستعار ممكن تلاقيه مسجله مكانيكي أو أي حاجه تاني.
صمت ثم أردف وهو يزفر الهواء:
_ ولو معرفتيش تلاقيه زي ما قولتلك شوفي أخر حد اتكلم معاه وهاتي الرقم واحنا هنعرف بطريقتنا هو بتاع مين طبعا رجالة المافيا بيغيره أرقامهم بإستمرار بس علي الأقل يعني بيقعد معاهم مدة مش قليله وبعدين بيكسره ويرموا فانتي أدعي إنه يكون الرقم لسه شغال أنا كمان عايزك تحطي شريحة التتبع دي معاه وفيها كمان مسجل للصوت خلاص اللعب بقى على المكشوف خدي بالك اعتمادي على الله ثم عليكِ !
_إن شاء الله متقلقش سيبها على الله!
_ونعم بالله بس الحرص واجب
أهم حاجه مش عايزك ترتجلي إللي أقوله نفذيه ماشي وبلاش حته الذكاء الزيادة دي إللي عندكم !
_متقلقش كله هيبقى تمام !
_ المهم يا ستي هاتي أنتِ بس الرقم وأنا هيبقي أقولك الخطوه الجايه وخدي الرقم ده هو إللي هكلمك منه وخدي بالك الرقم ده متراقب عشان هتابعك في كل خطوه بخطوه عشان أكون معاكي وأقدر أحميكِ.
صمت وأردف بمرح :
_ وإلا چنار هانم تشعلقني ويبقى البنت وأمها شغالين تحت إيدي واحدة جاسوسة والتانية لاعبه دور الضحية !
ضحكت فيروز بقوة :
_ أنت مش معقول يا عمي !
_خلاص بقا يا فيروزة الله فرجتي علينا الكافيه كله يا شيخه!
عودة إلى الواقع
_يارب نجينا منه وخلصنا من شــره وخرجه برى حياتنا بقى .
_________________________
كان ينظر إليها ولا يعلم لما شعر بالحزن على رؤيته لها تعاني هكذا لمجرد أن تتنفس ،زفر الهواء بضيق ثم ضغط على السرعة أكثر ، بينما هي تشهق بقوة وتنتفض بجواره ، مد يده بتردد ثم أمسك بيدها وضغط عليها بينما يتابع قيادة السيارة بسرعة كبيرة ، يريد أن يطمأنها أن يخبرها أنه معها ولكن ضاعت الكلمات منه فأخذت شفتيه ترددان بما جال في خاطره
_ لميس خليكِ معايا متغبيش عن الوعي اتنفسي !
رفعت لميس رأسها ونظرت إليه وعيونها تتدفق منهما الدموع بكثرة إلى جانب صعوبة تنفسها ، لاحظ مراد أنها بدأت تغمض عينيها ببطء ، فأخذ يضغط على يدها يحسها على التماسك أكثر :
_ اتماسكي اتنفسي حاولي !
أومأت برأسها بضعف شديد ولكن خارت قواها فجأةً شعر مراد بتراخي ذراعها بين يديه ، فأوقف سيارته بقلق شديد قد تزايد مع رؤيته لها تشهق بقوة أكثر وكأنها تختنق ، ثم فك حزام الأمان من حولها وسحبها باتجاه جعلها تتوسط صدره ،يد ملتفه حولها والأخرى يضعها على مقود السيارة فعل ذلك حتى يشعر بها ماتزال على قيد الحياة ثم أخذ يزيد السرعة أكثر .
وبعد وقت وصلت السيارة أخيرًا إلى وجهتها أوقف السيارة ثم ترجل منها وهو يحملها بين يديه وسار بها باتجاه الممر رأته إحدى الممرضات فهتفت سريعًا
-ما الأمر؟
رد مراد بضيق:
_أزمة ربو !
أومأت برأسها ثم أشارت له على غرفة الطوارئ وجعلته يمددها على الفراش بينما هي ذهبت واستدعت الطبيب ، وما إن رآه هتف مراد بغضب:
_لقد قلت أريد طبيبة !
تعجب الطبيب ومعه الممرضة التي هتفت لتهدأ من الموقف :
_ استدعوا الطبيبة هازان ، أعتذر سيدي !
أومأ مراد بإقتضاب ثم وجه نظره إلى لميس الغافية أخذ يمسح على جبينها بقلق ويده ممسكة بيدها لا يريد تركها يخشى ضياعها أن يترك يدها وترحل هي الأخرى ، أغمضت جفونها بتعب شديد وهدأت حركة جسدها فأخذ مراد يهزها بشدة وهو يقول بصوت مرتفع نسبيًا وبنبرة قلقه:
_لميس أوعي تسبيني في حاجات كتير عايز اقولك عليها مش أنا صديقك الصدوق أوعي تسيبي أيدي اتماسكِ علشان والدتك .
صمت قليلاً ثم تابع بحزن عميق :
_وعلـ….ـشاني أنا مستنيكِ !
مضت دقائق وحضرت الطبيبة فهتف مراد بإنفعال
_ما هذا التأخير اسرعي إن حالتها تسوأ!
الطبيبة هازان:
_إهدأ قليلاً لا تنسى أنك بمشفى والآن أخرج ودعني أباشر عملي !
تنهد مراد بضيق ثم خرج من الغرفة في حين شرعت الطبيبة في مباشرة عملها فالحالة لا تحتمل التأخير أكثر وضعت على وجهها قناع الأكسجين وأمرت الممرضة أن تجري لها جلسة تنفس صناعي ، وبعد وقت خرجت الطبيبة فاتجه مراد نحوها وهتف بنبرة صوت قلقة :
_ هل هي بخير ؟
ردت الطبيبة مبتسمة:
_نعم إنها الآن بخير لكن عندي بعض التعليمات إنها تعاني من مرض الربو النوبة هذه المرة كادت تودي بحياتها لما تأخرت في اعطائها الجهاز خاصتها كما أنها تعاني من ضغط نفسي أرجو منك الاعتناء بها جيدًا شفاها الله وعفاها واعتذر لأني تأخرت ولكن كان معي مريض آخر !
_تمام لا بأس اعتذر على انفعالي ولكن كنت قلق جدًا والآن هل يمكنني رؤيتها ؟
أومأت الطبيبة برأسها، ودلف مراد إلى الغرفة وجدها مسطحة على الفراش وذاك الجهاز يحجب وجهها عنه ، مضت دقائق كان يخفض مراد فيها رأسه للأرض ريثما تنتهي من جلستها وتذكر انفعاله الغير مبرر فيها هي وصراخه عليها بقوة وعدم انتباهه إلى ضيق تنفسها وشهقاتها المرتفعة وارتجافها بين يديها.
أخذ يحدث عقله ، هل اعماه غضبه عن رؤية بكائها عن ضعفها ونحيبها وصعوبة تنفسها ؟ علّام يعاتبها بأي حق يحاسبها ؟ هل المرء منا يختار والديه ؟ هل اختارت أن يكون والدها بهذا السوء ؟ لا لم تفعل ولا أي منا بيده أن يختار إنها لا ذنب لها ضحية مثله بل وإن حياتها لا تفرق عند ذاك الحقـير المسمى بوالدها .
صرخ بداخله وهو متضايق من نفسه كاد يفقدها ، معقول يفقدها كان وقع هذه الكلمة غريب على مسامعه أخذ قلبه يرددها مراراً و تكراراً وهل هي تعني له حتى يحزن على فراقها ؟.
صمت فجأة وهز رأسه بقوة ينفض التفكير فيها بأي شكل ، لم يفق من موجة شروده إلا على صوتها المتعب وهي تسأله من أسفل قناع الأكسجين :
_لـ…..ـيه انـقـ……ـذتـني؟
رفع رأسه ونظر إليها مطولًا ثم تنهد وأجابها مغيرًا مجرى الحديث:
_حاسه بحاجه قادرة تاخدي نفسك !
همست لميس بتعب:
_جاوبني ليه ؟
_ ما دام بقيتي كويسه يلا نمشي !
تزامن حديثه مع رؤيته للممرضة تنزع عنها جهاز الأكسجين وتمتمت بالدعاء لها :
-شفاكِ الله!
أبتسم مراد في وجهها فخرجت الممرضة واستدعت الطبيبة التي أتت بدورها وقالت:
_ أتمنى أن تهتمي بصحتك أكثر من هذا لولا مجيء زوجك في الوقت المناسب لم تكوني بيننا الآن !
ردت لميس بتعب وهي تقول :
_بسم الله الرحمن الرحيم “قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون “صدق الله العظيم !
أبتسم مراد على ردّها ها قد عادت لميس كما يعهدها ، بينما إزدرقت الطبيبة ريقها بتوتر ملحوظ وأوصت مراد على الإهتمام بها ثم أذنت لها بالرحيل
.
_ على فكرة هي مكنش قصدها حاجه يعني !
قالت لميس بضيق فقد ازعجها رؤيته وهو يحدث الطبيبة وينظر لعينيها :
_وأنا قولت إيه؟ بعدين الأعمار بيد الله واللي ربي مقدره هيكون ومفيش حد يقدر يوقفه وربي مقدر إن لسه في عمري بقيه يعني مش بفضلك ولا إنك أنقذتني أنت مجرد سبب بس!
تفاجأ مراد من هجومها عليه بهذا الشكل فتمتم بذهول من حدتها :
_ طيب براحه في إيه حصل إيه لده كله؟
_ أنا عايزة أمشي .
صمتت قليلًا ابتلعت ريقها وأردفت بحزن:
_ يظهر إن الدكتورة عجباك أوي أنا ماشيه خليك أنت !
_ أنتِ جرى لعقلك حاجه ؟ في إيه؟
قالت لميس بتعب وبنبرة مائلة للبكاء:
_ أنا عايزة أمشي وعلى فكرة بصك ليها حرام المفروض تغض البصر مش واقف تبحلق فيها كده ربنا قال في كتابه العزيز” قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ ” ربنا أمرنا سواء راجل أو ست بغض البصر اجتنابا للفتن وأمر المرأة بالستر وإن زينتها تكون بس لزوجها مش مباحه للكل كده …
سخر مراد ضاحكًا:
_ عارف ده كله أنتِ بقى مضايقه ليه ها؟ أنا مش قولتلك ملكيش دعوة أنتِ هتتحاسبي معايا خليك في حالك فاهمه ! ابُـص ولا ما ابُصش ملكيش فيه !
_ أنت حر بس من واجبي أنصحك و….
أردف مراد بسخرية وهو يناظرها بتهكم:
_واجبك قولتيلي بقى و إيه كمان يا زوجتي العزيزة ؟
_ أنا عايزة أمشي !
_ أنتِ عليك عفريت اسمه عايزه امشي ولا ايه ، عموما يلا أنا أصلا مبحبش جو المستشفيات ده !
أنهى حديثه واقترب منها ليحملها فإستوقفته وهي تقول بصوت منفعل
_على فكرة أنا مش مشلولة وأعرف امشي لو…
شهقت بقوة ثم أمسكت برقبته فقد حملّها على حين غفلة دون أن يعبئ بحديثها تمتمت لميس بتوتر يصحبه خجل:
_ نزلني عيب كده !
ضمها مراد إلى صدره وهو يهتف بغيظ:
_ يلا من سكات يا بتاعة الزينه لجوزها وأنتِ مش هاين عليك تقلعي الطرحة حتى !
ابتلعت لميس ريقها وهتفت بخدين محمرين من الخجل :
_مراد نزلني أنا هامشي مش هطلع كده يلا نزلني !
ابتسم مراد وهو يحرك رأسه بالنفي وبلا وعي يده تشتد حولها تزيد من ضمها إليه :
_ تؤتؤ يلا بعدين أنا جبتك هنا وأنا شايلك بردو مش هتفرق!
_ بس كنت غايبه عن الوعي والا مكنتش سمحتلك!
رفع مراد حاجبه بسخرية:
_تسمحي لي ؟؟ أنتِ مش قدي فاسكتي طيب ويلا .
صمت قليلاً ثم تابع بتسلية :
_ولا على رأيك الدكتورة عجباني فعلا و ….
قاطعته باستنكار وهي تقول أثناء ضمها بعفوية لرقبته :
_ يلا نمشي من هنا !
ابتسم مراد بسمة واسعه:
_ أنا قولت كده بردو !
ثم خرج بها من الغرفة وهو يحملها بينما جميع عاملي المشفى كانوا يحملقون بهم فـأخفت لميس وجهها في صدره من شدة الخجل بينما الآخر كان يبتسم على خجلها وهي تخبئ نفسها به .
خرجا من المستشفى وانزلها مراد ثم فتح لها الباب دخلت لميس وقبل أن يصعد هو الآخر إستوقفه صوت أنثوي يقول :
-مراد !
نظرت لميس إلى من يتحدث ولمَ لم يصعد بعد ، فراته يضحك وهو يهتف بنبرة سعيدة أثارت حفيظتها حوله :
_أسيل دي أنتِ بجد !
أسيل ببسمة تحدثت عربي مكسر:
_نعم أنا مراد بتهمل إيه هنا ؟
ما كاد مراد يجاوبها حتى هتفت لميس بإنزعاج وغيرة :
_ مش هنمشي بقى!
نظرت أسيل إلى صاحبة الصوت ثم قالت :
_لميس أنتِ موش كده ؟
طالعتها لميس باستغراب :
_ أنتِ تعرفيني منين ؟
أسيل ببسمة:
_صديقي الصدوق العصير اللعب بالعربية والقطر موش معهقول نسيتي !
_ أنا مش ..
تنهد مراد قائلا :
_ دي الممرضة أسيل يا لميس !
لميس بتذكر :
_ أها صح أهلا !
أسيل ببسمة:
_ انتوا بتهملوا إيه هنا؟
_ لميس كانت تعبانه شوي بس !
أسيل ببسمة:
_ حمدلله عسلامتك أنا مضطره أمشي! فرصة هلوه إني شفتكم باي!
مراد بهدوء:
_واحنا كمان !
ودعتهم أسيل ثم أتجه مراد وصعد السيارة وانطلق بها وعم الصمت حتى قطعته لميس وهي تقول بحزن :
_ممكن تحكي لي كل حاجه أنا مش عارفاها !
نظر لها مراد بهدوء :
_ أنتِ مستعدة للي هقوله ؟
_مبقتش فارقه بس قولي وخلاص !
_تعالي هاخدك مكان لطيف وهناك نتكلم ونحط النقط على الحروف !
أومأت لميس بهدوء :
_ ماشي ! .
______________________
كان يجلس على إحدى المقاعد والتوتر بلغ منه ما بلغ حتى رأى إحدى الممرضات تخرج من الغرفة فنهض على الفور :
_في إيه طمنيني البنت كويسه ؟
ردت الممرضة بعملية:
_هي كويسه مفيش حاجه خطيرة الحمد لله الخبطه مش جامدة ومفيش نزيف داخلي …
قاطعها وهو يقول :
_ أمال ليه التأخير ده كله ؟
الممرضة بعملية:
_لأنها كانت واخده مسكن ونايمه بس تقدر تشوفها لو تحب هي دلوقت فاقت !
أومأ برأسه فمن واجبه الإطمئنان عليها ، فتحت الممرضة له الباب وغابت دقائق في الغرفة تخبرها بأن من صدّمها بسيارته يريد أن يطمئن عليها فعدلت سارة من وضعها واستقامت في جلستها ثم قالت للمرضة بأن تخرج له وتأذن له أن يدخل :
_حمدلله علي سلامتك يا آنسه ..
لم ترد عليه أومأت برأسها بدون كلام ثم قالت له بصوت هادئ:
_ أنا متشكرة لحضرتك واسفة .
صمتت ثم انفجرت في البكاء بحدة وهي تقول بينما اعتقدت أنه قد خرج فهي كانت تجلس وتضع رأسها بين ركبتيها :
_لميس سيبتيني ليه يا قلبي سبيتي انكل عز لمين سيبتي صاحبتك ااااخ مش قادرة أستوعب ولا أصدق مين ليه مصلحة في خطفك أو أذيــتك
كان على وشك الخروج من الغرفة بعد أن اطمأن عليها ولكن التقطت أذنيه صوت انتحابها فظن أنها تتألـ”ـم فعاد إليها وقال بنبرة قلقه:
_هو حضرتك كويسه ؟
سارة بتوتر
_ هو حضرتك لسه هنا ؟ أنا بخير بس
تحدث هو بفضول ليعرف لمَ خرجت تركض بتلك الطريقة على طريق سريع أيعقل كانت ترغب بالانتـحـار تنهد ثم أقنع نفسه أنه من واجبه أن ينصحها فقال :
_ ليه حضرتك كنتي طالعه تجري على الطريق بشكل ده معقول عايزة تنتحري؟
سارة بدموع :
_أنا أسفه سببتلك مشاكل قالولي ان حضرتك فضلت معايا طول اليوم بس .
صمتت قليلًا ثم أردفت بدموع :
_ أنا مش ممكن أفكر في الانتحـار أنا سمعت خبر مش كويس عن أعز صحباتي كانت مخطوفة واليوم سمعت إنها ماتـت ..مش قادرة أصدق …لميس مش قادرة أتخيل إني مش هشوفها تاني !
_هي اسمها لميس لميس إيه ؟
سارة بدموع :
_ لميس عز الدين الحديدي !
_ايه بتقولي إيه؟
سارة بصدمة:
_مال حضرتك في إيه بتزعق ليه كده ؟
هتف بغضب شديد:
_أختي أنا مخطوفة !
سارة بصدمة:
_هو أنت أمجد ؟

يتبع…

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حب بين نارين)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى