روايات

رواية أوصيك بقلبي عشقا الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم مريم محمد غريب

رواية أوصيك بقلبي عشقا الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم مريم محمد غريب

رواية أوصيك بقلبي عشقا الجزء الرابع والعشرون

رواية أوصيك بقلبي عشقا البارت الرابع والعشرون

رواية أوصيك بقلبي عشقا الحلقة الرابعة والعشرون

“عودي.. حتى لا تحرقي روح أخيكِ ؛ حتى لا تسلبي كل السعادة و الألوان من حياتي !”
_ أدهم عمران
بحلول ساعة المغرب، عاد “أدهم” من العمل كعادة كل يومٍ _ ما لم يتطلب وجوده ضروريًا بالمشفى التي شارك فيها _ و مثل المعتاد أيضًا ولج عند شقة أمه أولًا، ليجد أولاده و إبنة أخته في انتظاره، أما “سلاف” و “أمينة” بالتأكيد في المطبخ تعدّان العشاء
زقزق الأطفال فور رؤيته، و تقافز التوائم عليه، فركع نفسه ليمكنّهم من نفسه و يضمهم ثلاثتهم ضاحكًا :
-حبايبي الأبطال. فرساني التلاتة.. انتوا كمان وحشتوني أوي …
و حانت منه نظرة صوب “لمى” التي وقفت بعيدًا، تشيح بوجهه عنه و تعقد ذراعيها أمام صدرها، عبس “أدهم” مناديًا عليها :
-لمى.. ماجتيش تسلّمي عليا و تبوسيني ليه زي كل يوم ؟
لكنها لم ترد عليه، فكرر ندائه باستغرابٍ مدهوش :
-لمى.. إنتي سمعاني !؟
لا رد أيضًا …
فقام تاركًا أولاده ليمضي نحوها، وقف أمامها و أمسك بكتفها بضغطة خفيفة و هو يقول بصوتٍ أجش :
-أنا بكلمك يا لمى. مش بتردي عليا !؟ .. ثم أمرها بحزمٍ :
-بصيلي …

 

أطاعت “لمى” و تطلعت إليه ببطٍ، ركّزت عيناها الواسعتين كعيون الغزال مثل أمها على عينيّ خالها الحادتين، ما إن إلتقت نظراتهما حتى لانت نظراته و مسح على شعرها الناعم متمتمًا :
-بقى مش بتردي عليا يا لمى.. إنتي زعلانة مني يعني ؟
أومأت برأسها وهي تقلب شفتها السفلى بحزنٍ جمّ …
تنهد “أدهم” و انحنى ليحملها على ذراعه، مشى خطوتين و جلس فوق مقعدٌ قريب، أجليها على حضنه و قال بلطفٍ و هو يربت على ظهرها :
-قوليلي بقى زعلانة ليه حبيبة خالها ؟
إلتمعت عيناها و هي تفتح فاها الصغير لتقول بصوتها الطفولي الحلو :
-عشان انت إمبارح طلعت و سبتني منغير ما تحكيلي حدوتة زي ما بتعمل كل يوم ..
همهم و هو يخاطبها باسلوبه المقنع :
-أمم.. طيب مش أنا قلت لك إمبارح إني تعبان طول اليوم و محتاج استريح و أنام عشان شغلي ؟
أومأت ثانيةً، فابتسم مكملًا :
-يبقى تزعلي مني عشان كده. إنتي تحبي خالو يبقى تعبان !؟
هزت رأسها أن لا و قالت بتأثرٍ تشوبه نبرة بكاء :
-أنا زعلت عشان مش بقيت أعرف أنام كويس غير لما تحيكلي الحدوتة و تحضني لحد ما أنام. مامي مش بتعرف تعمل كده و بتفضل تعيط طول الليل و أنا بكون صاحية زعلانة لحد ما هي تنام !
زم شفتيه بتعاطفٍ على الصغيرة و أسفٍ على أمها، لكنه بدد ذلك التعبير فورًا و قال بنعومةٍ :
-حبيبتي إنتي بنت شاطرة و كبيرة. صح مابقتيش صغيرة. يعني زي ما ماما بتاخد بالها منك إنتي كمان تاخدي بالك من ماما.. و أنا كلّي ليكي يا قلبي. أوعدك كل يوم أحكيلك حدوتة إلا مثلًا لو وقع مننا يوم كنت فيه تعبان زي إمبارح.. تمام ؟
أومأت له مرةً أخرى …
-يعني خلاص صالحتيني !

 

ابتسمت و دنت لتقبّله على لحيته الكثّة، ففاجأها و هو يظهر من جيب سترته مغلّف الحلوى المفضل لها، شهقت من الإثارة، فقدمه لها غامزًا :
-عشان تعرفي إني كده كده كنت جاي أصالحك. مقدرش على زعل حبيبة قلبي
أخذته “لمى” من يده و صاحت و هي تحتضنه بشدة :
-خـالو حبيبي. بحبك بحبك بحبك أد الدنياااااااا ….
علّق “أدهم” مستاءً :
-الدنيا هاتخلص في يوم من الأيام يا لمى. كده ممكن حبك ليا يخلص !؟
تراجعت لتنظر إليه. فكرت قليلًا و قالت بابتسامة متألقة :
-أيوة خلاص. بحبك أد الجنة !
أعجبه ما قالت …
-صح كده. هو ده الكلام. حبيبتي ! .. ثم سألها بمرونةٍ :
-ماما رجعت إمتى ؟

 

جاوبته الصغيرة بهزة كتف :
-لسا مارجعتش
قطب “أدهم” مرددًا :
-معقول. كل ده برا …
ما كاد يتمم جملته إلا و جاءت “سلاف” مسرعة من الداخل و في يدها هاتف “أمينة” …
-أدهـم !!! .. هتفت “سلاف” شاحبة الوجه
خفق قلب “أدهم” بين أضلعه بقوةٍ لمرآها هكذا و هب واقفًا و هو يسألها بقلقٍ :
-في إيه يا سلاف !؟؟؟
ردت “سلاف” بالكاد و لا زالت تحت تأثير الصدمة :
-سيبت عمتو أمينة بتلبس. جات لها مكالمة. حد بيقول إيمان نقلوها المستشفى في حالة خطر !!!
*****
جلس محطمًا أمام قسم الطوارئ، ساهم النظرات، حواسه مفتوحة، لكنه لا يسمع شيئًا و لا يرى شيئًا، فقط لحظات وصوله بها إلى هنا و الأحداث التي تلت ذلك هي كل ما يُعاد أمام ناظريه …
_____
عندما اقتحم المشفى و هي على ذراعيه و قد تساقط حجابها خلال هرولته المضطربة بها …
-دكتور. عايز دكتور. دكتـوووور !!!
ظل يصيح و قد اجتمع حوله طاقم التمريض، و سرعان ما شق طبيبٌ شاب الجمع نحو مصدر الغوغاء هاتفًا :
-إيـه إللي بيحصل هنا !؟؟
وقعت عيناه على الحالة التي يحملها “مراد” و أخذ يرمقها، بينما يطالبه “مراد” منفعلًا :
-مش شايفين الإنسانة إللي على إيدي ؟؟؟ حد يشوفهـااااا !!!!
أعطى الطبيب الشاب أوامره :
-هاتوا التروللي بسرعة و خدوها على الطوارئ …
أحضر الممرض السرير النقّال مسرعًا، فوضعها “مراد” فوقه، دفعها طاقم التمريض تجاه الطوارئ باسراعٍ يتبعها “مراد” حتى أُغلق الباب بوجهه… ظل بالخارج يروح و يجيئ أمام الغرفة في عصبيةٍ
إلى أن خرج الطبيب سارع نحوه متسائلًا :
-دكتور. طمنّي إيمان فاقت !؟؟؟

 

الطبيب بحدةٍ : فاقت إيه يا أستاذ. دي دخلت في كوما. أنا محتاج أعرف و حالًا إيه إللي حصل !!
لم يتسوعب”مراد” الخبر و تدلّى فكه من الصدمة، ألح الطبيب بصلابةٍ :
-لازم أعرف الأسباب عشان نكسب وقت. الفحص المبدئي مبيّن إنها اتعرضت لإعتداء. حصل إيـه كمـان ؟؟
قسر “مراد” نفسه على الخروج من الحالة التي استبدّت به، و جاوب الطبيب بصعوبةٍ :
-حاولت تنتحر. بلعت أقراص GHB !
إحتقنت أعين الطبيب و هو يسأله مزمجرًا :
-حضرتك تقرب لها إيه ؟
رد “مراد” بأحرفٍ متثاقلة :
-تبقى بنت. بنت خالتي …
-انت إللي عملت فيها كده ؟ .. كان يشير لأمر الإعتداء
فتح فاهه لينفي في الحال، و لكن جملتها رنّت بأذنيه: “ماتخليش مالك يقول حاجة. ماتخليش أدهم يعرف حاجة !”
غصّ النفي كله بحلقه و لم يتكلّم، فازداد غضب الطبيب و هو يخبره :
-كده كده الشرطة بتحضر في أي حادثة. و في عسكري هنا على باب المستشفى مش بيمشي. هاندي له خبر و القسم هايبعت ظابط يفتح محضر.. عن إذنك !
و تركه عائدًا إلى غرفة الطوارئ حيث “إيمان” …
_____

 

-مـراد !؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أفاق “مراد” من استغراقه على صوت إبن خالته، هو الوحيد الذي انتزعه صوته الدوّامة السحيقة …
رفع رأسه تجاه الصوت، ليرى “أدهم” مقبلًا عليه عبر الرواق الطويل في إثره خالته.. كلاهما يملأ أعينهم الذعر و علامات الإستفهام …
-إيه إللي حصل !؟؟؟ .. تساءل “أدهم” و هو يلهج بأنفاسٍ عنيفة ما إن وصل أمامه
قام “مراد” واقفًا ليواجههم، و تسابقت “أمينة” بالتساؤلات عقب إبنها :
-في أي يا مرااااد بنتي فيـن ؟؟؟؟
وجّه “أدهم” السؤال البديهي في الحال :
-انت بتعمل إيه هنا أساسًا ؟ .. و نظر لأمه :
-إيمان مش المفروض مع مالك !!؟؟؟
نظرت “أمينة” بدورها إلى “مراد” منتظرة جواب سؤال إبنها منه هو.. لكنه لم يرد… وقف عاجزًا تمامًا
يحدق فيهم فقط و تعابيره كلها خالية من أيّ مشاعر …
-مـا تـرررررردددددددددد !!!! .. صرخ “أدهم” فيه :
-إنطــق و قـولي أختـــي فيـــن. حصلـها إيــه ؟؟؟؟؟؟؟
-هدوء من فضلكوا !
أتى الصوت الرجولي الصارم من خلفهم فجأة
إلتفت الجميع إليه، و نظر “أدهم” ليرى امامه ضابط يرتدي الملكي.. قبل أن ينبس أيّ منهم بكلمة، تكلّم الضابط الثلاثيني بشدة :
-حضرتكوا أكيد أهل المجني عليها …
-المجني عليها !؟؟؟ .. قاطعته “أمينة” نائحة :
-بنتـي جرالها إيه ياناس. بنتي فين. أختك فين يا أدهم ؟؟؟؟
رد الضابط بحزمٍ :
-إهدي يا مدام من فضلك. احنا واقفين في مستشفى و في مرضى نحترم ده لو سمحتوا
-أختي فين و حصلها إيه يافندم ؟ .. سأله “أدهم” مباشرةً

 

تنهد الضابط، ثم قال مشيرًا بذقنه :
-أختك جوا بيسعفوها يا أستاذ. جات لنا إخبارية بوصولها في حادث ف جينا و فتحنا محضر و تم الإستجواب. ناقص أقوالها هي لما تتجاوز الخطر و تفوق إن شاء الله
تماسك “أدهم” و هو يواصل أسئلته :
-حادث إيه بالظبط !؟
صمت الأخير هنيهةً مدركًا جيدًا نتائج ما سيقوله عليهم، لكنه قال و هو ينقل نظراته بين الأخ و ابن الخالة في الخلف :
-الفحص بيّن إن أختك اتعرّضت للإغتصاب. و تناولت أو حد أجبرها تاخد حبوب على جدول المخدرات. الكميّة إللي بلعتها كبيرة. دخلت في غيبوبة و وظائف الكلى عطلت تمامًا. الدكاترة بيعملوا إللي عليهم …
كان هذا كثيرًا ليستوعبوه، بينما كادت “أمينة” أن تنهار لولا ذراع “أدهم” الذي ساندها فورًا، ذلك لم يمنعه من طرح السؤال الأخير و الأهم حتى يكون متأكدًا مئة بالمئة :
-مين إللي عملها ؟
حدق الضابط للحظات في “مراد” الذي بدا باردًا، غير واعيًا، و قبل أن يجاوب أشار لفردين من العساكر خلفه ليحضرا تحسبًا :
-الأستاذ ده جابها على هنا. بسؤاله تحديدصا النقطة دي عليه.. مأنكرش !
قبل أن يتمكن أيّ أحد من ملاحظة أيّ شيء، وصلت قبضة “أدهم” إلى فم “مراد” …
تعثّر للخلف، لكن “أدهم” لحق به فورًا، أمسكه من ياقته و لكمه على أنفه بقوةٍ، لم يفعل “مراد” أيّ شيء، لأنه بطريقةٍ ما يشعر بالذنب، بطريقةٍ ما يلقي باللوم كله على نفسه

 

ترك إبن خالته يظن هذا فيه كليًا، و حتى لو أراد أن يزهق روحه فلن يدافع عن نفسه …
-سيبـــوووووووني. محـدش يمسكنـي !!!!! .. صاح “أدهم” بضراوةٍ في إثنين من العساكسر الأشدّاء
لو كانا أقل سِعة في البدن لما تمكنا من تخليص “مراد” منه مطلقًا، قاطع المقعد المعدني سقوط “مراد”.. بينما يصرخ “أدهم” محاولًا الإفلات و عينيه صوب “مراد” تلتمعان بوحشيةٍ :
-مع إيمـان. عملـت كده في أختــــي. يا كلـب. يا خايــن. مش هاسيبك. مش هاسيبـك يـا مـرااااااااااااااااد !!!!!
إندفع عسكر ثالث نحو “مراد” يمسك به، يمنعه على فرض لو أراد رد الصاع لإبن خالته الهائج، لكنه بقى هادئًا، إن يفعل في أيّ شيء فهو يستحق ذلك… و لا يسعه الآن إلا المثول أمامه هكذا.. يتلقّى كلماتٍ و نعوت تغرس بروحه كنصالٍ حادة
لو يقتله لكان أهون !

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أوصيك بقلبي عشقا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى