Uncategorized

رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل الرابع عشر 14 بقلم دعاء الكروان

 رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل الرابع عشر بقلم دعاء الكروان

رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل الرابع عشر بقلم دعاء الكروان

رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل الرابع عشر بقلم دعاء الكروان

فى المقهى العربى بلندن…
يجلس على الطاولة التى اعتادها، ينتظر طلتها، ينظر فى ساعة يده بين الحين و الآخر، و عينيه مثبتتان على باب المقهى.
اعتاد منها أن يجدها فى انتظاره دائما و لكن تلك المرة خلفت عادتها، فانتابه القلق الشديد، كما تعجب من نفسه و قلقه الزائد عليها فيبدو أنه بدأ يميل لها للغاية.
مرت عليه أكثر من نصف ساعة و هو بهذا الحال الى أن دخلت من باب المقهى فتراقصت نبضات قلبه لمرآها و شقت الابتسامة وجهه . 
لوح لها بيده فانتبهت له و سارت باتجاهه..
أومأت ديما تحييه بابتسامة: 
مسا الخير يحيى… كيفك.
أومأ بابتسامة: 
يا مساء الورد.. انا تمام انتى عاملة ايه؟!
أجابته برقة:
أنا كويسة.
ابتسم على تقليدها للكنته و قال لها:
اقعدى، مش هنفضل واقفين كدا.
ديما:
اوكى 
جلس كل منهما بمقعده بحيث كانا متقابلين، و أدار 
يحيى دفة الحديث مردفا بقلق واضح: 
كل مرة كنت باجى فيها كنت بلاقيكى هنا.. بس المرادى اتأخرتى اوى.
هزت رأسها بتأكيد: 
ايه… كان عندى دروس كتير متراكمة علىّ و كنت بخلصها.
يحيى: 
ربنا معاكى و يوفقك.
ديما:
بتشكرك كتير.
باغتها يحيى مردفا بجرأة لم يعهد نفسه بها: 
وحشتينى على فكرة.
اتسعت عيناها على آخرها، حتى أنها كذبت أذناها، و أردفت باندهاش: 
شو؟!
أومأ مؤكدا: 
أيوة… سمعتى صح.
احمر وجهها من الخجل و توترت اوداجها و تعثر لسانها عندما حاولت أن تجيبه، فقد ألجمتها المفاجأة و تاهت منها الكلمات. 
لاحظها جيدا و لكنه استرسل حديثه قائلا بجدية: 
أنا عارف إني مينفعش أقولك كدا، خاصة إن مفيش بينا علاقة رسمية، بس مقدرتش أمسك لسانى أكتر من كدا،  أنا آسف لو كنت ضايقتك، او فاجئتك،أو كنت جريئ شوية معاكى، بس يا ريت تعذرينى.
سكت لبرهة يراقب ملامحها المذهولة ثم استرسل بنبرة عاشقة:
لما غبتى عليا نص ساعة بقيت قاعد مش على بعضى، كنت حاسس انى تايه، و مخنوق، و بمجرد ما شوفتك.. حسيت ان روحى رجعتلى… ديما انا مش عايزك تقولى حاجة دلوقتى… كل اللى بتمناه أن احساسى ناحيتك  ميكونش من طرفى أنا بس.
أطرقت رأسها بخجل قليلا ثم رفعت رأسها و أجلت صوتها و حاولت أن تُنَحى خجلها جانبا و قالت بخفوت: اطمن يحيى.. و انا كمان زيك.
رفرف قلبه من السعادة و اتسعت ابتسامته، و قال بنبرة   فيها من السرور و الحماسة ما فيها: 
ُيُؤبرنى اللى بيتكلم مصرى.
رمقته بضيق و خجل فى ان واحد:
يحيى بكفى هيك.. ثم نهضت و هى تقول بحرج:
أنا راح روح.
نهض هو الاخر و استوقفها سريعا بلهفة:
استنى بس… عايز أقابل صفوت بيه.
جحظت عينيها من هذا العرض السريع و لكنها كانت فى أقصى درجات توترها، فأجابته بتلعثم:
ااااه… امممم 
كادت تنفلت منه ضحكة على مظهرها الخجل و لكنه كبتها و أظهر فقط ابتسامة مردفا: 
خلاص يا ديما هونى على نفسك شوية… انا هاخد رقمه  من عمار و هكلمه بنفسى و أقابله و آخد رأيه ف موضوع ارتباطنا… ها موافقة أكلمه؟!
هزت رأسها عدة مرات بموافقة و ما زال الخجل مسيطر عليها،  ثم قالت بطريقة مفاجئة:
أنا لازم روح… ثم انصرفت سريعا.
ضحك يحيى على ارتباكها الواضح و نوى فى قرارة نفسه أن يتقدم لخطبتها.
فى اليوم التالى أخبر عمار بذلك الأمر ففرح لهما و شجعه على ذلك، و بالفعل حجز يحيى تذكرة سفر الى مصر بعد يومين من تاريخه، لكى يخبر شقيقه و عمه بالموضوع ليصطحبهما معه فى العودة لاتمام الخِطبة بلندن كما اتفق مع والد ديما.
فى شركة آل سليمان …… 
بالفعل لم تحضر زينة الى الشركة فى اليوم التالى ، فعندما طلب يوسف من رامز أن يرسل له القهوة مع زينة أخبره أنها لم تأتى، فانتباته حالة غريبة من الضيق. 
و غابت أيضا فى اليوم الذى يليه. 
عندما علم يوسف بذلك قال لرامز بعصبية :
يعنى ايه مجتش النهاردة كمان؟! .. هى الانسة مش ماضية عقد و المفروض تكون عارفة ان مفيش غياب من غير ما تبلغ او تقدم طلب أجازة؟! 
لم يجد رامز ما يجيب به عليه، فسكت يوسف قليلا يفكر بأمر ما ثم قال:
اسمع يا رامز.. طلع رقم تليفونها من السى فى بتاعها و كلمها قولها اللى قولتهولك دا، و قولها تلتزم بشروط العقد…احتدت نبرته أكثر و هو يقول:
يا إما تخليها قاعدة ف بيتهم أحسن..
كان رامز يستمع له باندهاش، فمديره لم يعطِ أهمية لغياب أحدهم من قبل، و كان يلتمس لهم الأعذار، و لم يسبق له أن هدد موظف بعقد عمله. 
و لكن بالطبع كانت تلك حُجة واهية من يوسف لمعرفة سبب غيابها، فكاد أن يفقد صوابه و هدوء أعصابه عندما تغيبت عنه لليوم الثانى على التوالى مما دفعه للتصرف بهذه العصبية، فكما أخبرتكم من قبل أنه أدمنها و أصبح لا يتخيل يومه بدون رؤية وجهها الوضاء. 
بينما زينة كانت تحترق شوقا اليه، فقد كانت جالسة على تختها ممسكة بالفستانين تنظر لهما و تبتسم، تستعيد مواقفها معه، و تفكر كيف أن القدر جمعهما بهذه الطريقة ، بالطبع كانت تتمنى أن تلتقى به بطريقة أفضل ليس بها كذب و لا خداع، ليس بها طرف شرير كعلى الرفاعى، و فى خضم شرودها فيه رن هاتفها برقم غريب فتمنت فى قرارة نفسها أن يكون هو، فتحت الخط و أجابت:
ألو مين؟!
رامز:
زينة معايا؟! 
زينة: 
أيوة… مين حضرتك؟!
رامز: 
انا رامز سكرتير مستر يوسف.
شعرت بخيبة أمل و قالت لنفسها: “اومال فاكرة هيكلمك بنفسه؟!… ليه يعنى بنت مين سيادتك… دا انتى حيالله فراشة”…
رامز:
الو.. زينة 
زينة: 
معاك يا أستاذ رامز.. خير؟!
رامز:
مستر يوسف بيبلغك انك تلتزمى ببنود العقد و قبل ما تغيبى من الشغل تبلغينا او تقدمى طلب أجازة. 
زينة بغيظ:
يعنى هو كل اللى هامه العقد؟! 
رامز: 
ايوة طبعا، يا إما تقعدى ف بيتكو أحسن. 
زينة بغيظ أشد:
هو قالك تقولى كدا؟! 
رامز: 
أكيد.. اومال هقول الكلام دا من عندى. 
أجابته بعدما تملكها الغضب و العند:
طيب قوله بقى انى تعبانة و مش جاية بكرة كمان.. 
رامز:
اوكى براحتك… هبلغه. 
زينة:
شكرا يا استاذ رامز. 
رامز:
العفو مع السلامة 
أغلقت الخط و ارتمت على الأريكة، و الغيظ يسيطر على كلة خلية بجسدها، و قالت لنفسها ” بقى هو مخلى السكرتير يكلمنى عشان العقد؟! … دا حتى مسألنيش غايبة ليه؟؟ … اه يانا من تقلك يا يوسف…”
انكمشت ملامحها بأسى و شجن مردفة لنفسها ” مش هشوفو بكرة كمان؟! … انا كدا بعاقب نفسى مش بعاقبه… اووف يا رب صبرنى عليه و على بعدى عنه. ” 
فى منزل لينا….
كان الأب قد أخبر زوجته بشأن العريس الجديد، اعترضت فى بادئ الأمر لأنه تزوج مسبقا و لديه أطفال و لكنها رضخت فى النهاية لرغبة زوجها، كما انها كانت شديدة الدهشة من استسلام إبنتها التام لرغبة أبيها و لكنها ظنت أن أمر عقابها بالحبس فى غرفتها قد واتى بثماره، و أن هذا ما جعلها تمتثل لأوامر أبيها.
كانت لينا تجلس مع المدعو رأفت لكى يتعرفوا على بعضهما البعض فأدار رأفت دفة الحديث 
قائلا بأدب جمّ: 
أنا اسمى رأفت شغال سكيوريتى فى الشركة اللى والدك شغال فيها، مطلق من سنتين و معايا بنت و ولد فى سن الحضانة، و عايشين معايا، و هما دلوقتى قاعدين مع والدتى بتاخد بالها منهم، عندى شقة كويسة هجدد فرشها عشان خاطرك.. احم.. مش هتعرفينى عليكى؟! 
كانت تجلس ذليلة منكسرة تستمع له بوجه خالى من التعبير و قلب خالى من المشاعر فردت عليه بجمود: اسمى لينا، معايا كلية ألسن متخرجة من سنتين و قاعدة ف البيت مبشتغلش.
شعر من تعابير وجهها الجامدة أنها ربما تكون مجبرة على زواجه بها، فأردف بجدية و صدق: 
اسمعى يا بنت الناس، لو انتى شيفانى مش من مستواكى التعليمى، او شايفة انك مش هتقدرى تتعاملى مع ولادى قولى من دلوقتى، حقك طبعا ترفضى… اه احنا لسة ع البر اهو… اظن انا كدا عدانى العيب؟!
أجابته بابتسامة ساخرة: 
لا مش هتفرق… انا موافقة عليك و على ولادك متقلقش.
ابتسم بارتياح قائلا:
ان شاء الله هتحبيهم و هتحسى انهم ولادك… وعد منى ما فرقش ف المعاملة بينكم لو انتى اتقيتى ربنا فيا و فيهم.
أومأت له موافقة و قالت بخفوت و اختصار: 
ان شاء الله.
شعر رأفت براحة داخلية تسيطر عليه،  فترك لقلبه العنان ليختبر شعورا جديدا معها، فهو لم يجرب شعور الحب مع زوجته السابقة التى لم تترك له و لو فرصة واحدة حتى يحبها كزوجة و أم أولاده، فقد عانى الأمرين مع تلك الزوجة القاسية الطباع.
رمقها باعجاب، يظن أنها خجولة لذلك تختصر معه فى الكلام فاتسعت ابتسامته أكثر و قال لها: 
على بركة الله… يلا نبلغ عم حسن بالموافقة.
نهضت من الاريكة و قالت: 
يلا.. اتفضل من هنا.
تم الاتفاق على اتمام الخطبة مع عقد القران بعد أسبوع على أن يقام حفل زفاف بسيط يقتصر على الاهل و الاقارب بعد شهر من عقد القران. 
كانت لينا مستسلمة تماما هذه المرة لعقاب أبيها، فقد أصبحت أقصى أمانيها أن يَصفح عنها أبوها، و أن يغفر لها الله ما اقترفته فى حق نفسها من إثم. 
فى شركة آل سليمان ……
مر اليوم الثالث و لم تأتى زينة الى الشركة، فقد أخبره رامز بأنها مريضة كما قالت فازداد قلقه عليها و أمسك هاتفه وحاول أنا يهاتفها عدة مرات بنفسه ولكنه يتراجع كل مرة فى اللحظة الأخيرة، فهو لا يريدها أن تشعر بأنه يكن لها فى قلبه حبا. 
أنهى عمله بالشركة فدخل له رامز و قال له:
الساعة عدت ٤ يا مستر يوسف و الموظفين كلهم مشيوا، مش فاضل غير حضرتك. 
بدت على وجهه علامات الارهاق، و أردف:
امشى انت كمان يا رامز أنا قاعد شوية. 
قطب رامز جبينه بتعجب و لكنه لم يُعقب و قال: 
اللى تشوفو حضرتك… عن إذنك.
قام من كرسيه، و وقف أمام نافذة الغرفة، نظر لانعكاس صورته فى زجاج النافذة، و وضع كفيه فى جيبى بنطاله قائلا لنفسه بشجن: 
“وحشتينى اوى يا زينة… يا ترى انتى تعبانة بجد و لا بتختبرى صبرى على بعدك.. ثم تنهد بحرقة و أكمل: 
” ان كان عليا عايز أبعد لان قربنا شيئ صعب دا ان مكنش مستحيل.. بس اعمل ايه؟؟.. غصب عنى بشتاقلك .. يا ترى الدنيا هتروح بينا على فين؟..ثم رفع عينيه الى السماء داعيا:
يا رب لطفك بينا.
ردد فى نفسه ” سأبكيكى بصمت لأنى أريدك، و لا أريد أن أريدك “.
سار الى صالون مكتبه و تمدد بجسده على الأريكة يحاول أن يسترخى قليلا، و أن يخرجها من تفكيره و لكنها أبت أن تتركه حتى فى منامه.
نام يوسف على الاريكة الى أن أسدل الليل ظلامه، فنهض و ارتدى سترته و غادر الشركة و لكن ليس الى الفيلا بل ظل يسير بسيارته فى الطرقات بلا هدف، فهو لم يعد يطيق أى مكان و هو فى هذه الحالة.
عند يحيى فى لندن…..
كان يُحزم حقيبة سفره، ارتدى ملابسه و تأكد من وجود تذكرة السفر و بقية أغراضه ثم التقط الهاتف و اتصل بديما 
يحيى: 
الو.. مساء الورد 
ديما: 
مسا الخير يحيى.. شو الأخبار؟!
يحيى:
اهو خلاص تقريبا خلصت و خارج حالا، هاخد تاكسى للمطار.
ديما:
الله معك… دير بالك ع حالك.
يحيى: 
حاضر.. ربنا يستر.
أردفت بلهفة:
لما توصل كلمنى على التليفون طمنى.. اوكى؟!
أومأ مبتسما: 
اوكى يا حبيبـ…احم… يا ديما.
ابتسمت على تعثره فى الكلام فهى قد فهمت ما كاد أن ينطقه لسانه و قالت له: 
الله معك.. مع السلامة 
يحيى: 
مع السلامة.. أغلق الخط و قال بهيام” يا قلبى ” 
أخذ الحقيبة و خرح من الشقة و أغلقها بالقفل ثم نزل من العقار و ركب سيارة أجرة متجها الى المطار.
فى اليوم الرابع عند زينة…
استيقظت مبكرا بكل همة و نشاط فهى سوف ترى حبيبها الذى اشتاقت اليه بعد غياب ثلاثة أيام.
أخذت حماما سريعا و ارتدت الفستان الرمادى و عليه الحجاب الملحق به، فهى قررت ان تقابل يوسف به اليوم على أن تخرج من الملهى بهدوء حتى لا يراها أحد بهذه الملابس.
انتهت من ضبط الحجاب بعد عناء، فقد أخذ منها وقتا طويلا..ثم وضعت الهاتف فى الحقيبة و توجهت نحو باب الغرفة لكى تذهب، و لكن لِحظها العَثِر، كادت أن تفتح الباب، إلا أنها سمعت صوت جلال و هو يتحدث مع والدته و صوته يقترب منها رويدا رويدا، فأصابها الفزع،  أغلقت الباب بالقفل، و عادت سريعا تخلع عنها ملابسها و أخفتها فى خزانتها كما أغلقت الهاتف و أخفته أيضا مع الملابس، و أسرعت بارتداء ملابس بيتية خاصة بالنوم و شعثت شعرها و فركت عينيها حتى تبدو و كأنها كانت نائمة، و أسرعت بفرد الغطاء على الفراش.
بمجرد أن انهت كل ذلك، طرق جلال باب غرفتها فردت عليه بصوت ناعس: 
أيوة مين؟! 
جلال:
افتحى يا زينة أنا جلال.
اتجهت نحو الباب و فتحته و تصنعت المفاجأة و قالت له: 
الله..جلال؟!… حمدالله على السلامة، جيت امتى؟! 
جلال بسعادة لرؤيتها:
لسة واصل من شوية… هنفضل واقفين كدا و لا ايه؟! 
زينة:
تعالى نقعد برا ف الصالة.
جلال:
تعالى.
ذهبا معا الى صالة الشقة الملحقة، و جلسا على احدى الارائك و قال جلال باشتياق:
عاملة ايه يا زينة؟!
أومأت بلامبالاة:
انا كويسة الحمدلله.. انت اللى اخبارك ايه؟!.. ثم قالت بترقب:
انت خلصت تدريباتك؟!
هز رأسه بأسف:
يا ريت يا زينة.. دا انا أخدت اجازة النهاردة بس بعد محايلة… جيت عشان اشوفكو و اطمن عليكو.
أجابته بفرحة داخلية و لكنها تصنعت الحزن:
النهاردة بس؟!… ما تقعد كمان يومين.
جلال: 
يا ريت ينفع.
زينة بمكر: 
معليش بقى يا جلال، أكل عيشك و لازم تمسك فيه بايدك و سنانك… احنا مصدقنا تجيلك شغلانة أوبهة زى دى عشان نتفشخر بيك كدا.
قهقه على طريقتها ف الحديث و قال:
الله يحظك يا زينة.. هههه… ماشى انت تؤمر يا باشا.
زينة:
ربنا يثبت اقدامك يا رب.
رمقها باشتياق: 
كنتى وحشانى اوى.
بدا عليها التوتر فهى لا تريد أن تسمع هذا النوع من الكلام منه:
احم.. و انت كمان وحشتنا كلنا.
سألها بخيبة أمل و هو يعلم الجواب:
كلكو مين؟! 
أجابته ببراءة مصطنعة: 
أنا و خالتى سهام.
فهم هروبها و مراوغتها فى الحديث، فأردف بإحباط: اه..طيب.
جلس ثلاثتهم يتجاذبون أطراف الحديث، و زينة قلبها يشتعل بسبب إرجاء لقائها بيوسف، فكان عقلها شارد فيه طيلة الوقت، و أخذت تسب و تلعن جلال الذى حال بينها و بين حبيبها، و لكنها حمدت ربها أنه سوف يسافر فى صباح اليوم التالى، فأخذت تُهون على نفسها و تُمنيها باللقاء القريب.
أما عند يوسف…
انطلق بسيارته الى الشركة على أمل لقائها اليوم، وصل الشركة و من ثم دخل مكتبه فأحس بغياب روحها عن الغرفة، تملكه الشعور بالاحباط و لكنه أخذ يُمنى نفسه بأنه جاء مبكرا، و ربما هى فى الطريق، و لكنها لم تصل بعد.
بعد قرابة الساعة، استدعى رامز و طلب منه أن يرسل زينة بالقهوة فأخبره بما كره أن يسمعه، ألا و هو عدم مجيئها الى الآن.
انصرف رامز تاركا مديره يشتعل من الاشتياق، فأصبح قلبه بركانا من الشوق يتأجج بالحنين و القلق عليها فى آنٍ واحد.
أخذ يجوب غرفة مكتبه ذهابا و ايابا، مُمسكا بهاتفه، حتى حسم أمره و اتصل بها أخيرا و لكن ياللحظ العَثر، فإن هاتفها مغلق. 
ازداد قلقه عليها أضعافا مضاعفة، و أعاد الاتصال بها عشرات المرات على مدار اليوم، و لكن مازال هاتفها مغلق.
ضرب الكرسى الذى أمامه بقدمه من فرط العصبية و قال بغضب:
لااااا كدا كتير… معقول مش هتيجى تانى؟!…طب ممكن الست اللى عايشة معاها دى تكون هى اللى منعتها… لا لا ما هى قالت لرامز انها تعبانة، أكيد لو مش هتيجى تانى كانت قالتله… 
حاصر رأسه بكفيه مردفا لنفسه بألم: 
آه انا تعبت من كتر التفكير.
ترك الشركة و استقل سيارته يدور بها فى الطرقات كعادته الأخيرة. 
يتبع….
لقراءة الفصل الخامس عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!