روايات

رواية أغصان الزيتون الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم ياسمين عادل

رواية أغصان الزيتون الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم ياسمين عادل

رواية أغصان الزيتون الجزء الثاني والعشرون

رواية أغصان الزيتون البارت الثاني والعشرون

رواية أغصان الزيتون
رواية أغصان الزيتون

رواية أغصان الزيتون الحلقة الثانية والعشرون

“قد تستطيع رؤية قاع الحُفرة، أما البئر فـ لا خلاص لكَ من قاعهِ.”
___________________________________
كان في غفلةٍ مما يحدث بالخارج، كل تركيزه مُنصب على إقناع والدتهِ بـ أن تكُف عن ملاحقة تلك الخبيثة التي يسعى لإجتثاء جذورها، حتى لا تنبُت لها أفرع أخرى، ولكي يكون الخلاص نهائيًا بدون رجعة فيه. تأفف “حمزة” بنفاذ صبر وهو ينظر تجاه والدهِ، واستعان به لإيقاف هذا الهراء التافه – بالنسبة إليه – :
– قول حاجه يابابا، أنا فشلت مش قادر أقنعها.
ونهض عن مكانهِ متابعًا :
– ماما أنا مقدرش أركز معاكي هنا وأنا عندي ١٠٠ حاجه شغال عليها.
أنزل “صلاح” ساق عن أخرى وهو يسألها :
– مش فاهم إيه اللي دخل في دماغك إنها مش أم الولد ده!.. أنتي شوفتي بنفسك فضيحة إبنك وورقة الجواز اللي معاها بأمضته، حصل ولا أنا بحلم!.
حررت “أسما” ساعديها من أمام صدرها وهتفت بزمجره ممتعضة :
– واحدة حيّة زي دي أتخيل منها أي حاجه، مجرد ما شوفتها بتحضر الببرونة (رضاعة) بتاعت العيل اللي معاها والشيطان لعب في راسي، كان لازم أتأكد بنفسي.
استهجن “صلاح” طريقتها العدوانية في التأكد بشأن أمر گهذا :
– تقومي تجيبي مؤنس هنا!.. وأنتي عارفه إنها سايبه كلابها برا.. لو كنتي خدتي رأيي كنت خلصتك من الحوار من غير ما نظهر ونلفت نظر علينا.
نهض “صلاح” عن جلسته و :
– أنا ميفرقش معايا هي أم الواد ولا لأ، المهم عندي الواد.. ده إبننا وأنا هاخده منها بطريقتي وفي الوقت المناسب، وهي هتكون في حكم كانت ساعتها، بس كله بآوانه.

 

 

بدأت رائحة غير مألوفة تنتشر في الغرفة، كأنه حريق أو ما شابه، قطب “حمزة” جبينه بإستغراب، وتحسس أنفه وهي يردف بـ :
– إيه الريحة دي!.
أشار “صلاح” نحو النافذة و :
– شوف في إيه ياحمزة؟.
سعلت “أسما” وعجزت عن الرد أو التحدث، حينما دوى صوت إنفجار غير طبيعي، صوت هزّ أرجاء البيت كله وهزّ قلوبهم أيضًا. فـ انتفضت “أسما” بذعرٍ وشهقت مفزوعة، حينها كان “حمزة” يهرع بإتجاه النافذة وقد تملكهُ الفزع المفاجئ، أطل برأسه ليرى النيران بألسنتها تلتهم سيارتهِ، وبقاياها بدأت في الإنتشار من حولها تكاد تصل لداخل المنزل، ومحاولات “عطا” وفرد الأمن الخاص بهم في السيطرة على الحريق عبر الماء تفشل فشلًا ذريعًا.
– يانهار أســـود..
كان ذلك صوت “صلاح” المرتعد وهو يرى عِظم الحريق الناشب في ساحة منزله وبالقرب من الحديقة الصغيرة، بينما “حمزة” واقفًا مصدومًا، عيناه مرتكزة على النار المُضرمة، وعقلهِ عاجزًا عن ترجمة ما حدث. انتفض من مكانه بهلعٍ، وأسرع راكضًا للأسفل من أجل إنقاذ منزلهم أولًا قبل أن تتسلل النيران إليه. سحب أنبوب الإطفاء الأحمر من المطبخ وخرج مسرعًا، صرخ فيهم ليبتعدوا وتأهب لضخ محتوى الأنبوب على السيارة وما حولها ليُخمد النار المُسعّرة، مستخدمًا كافة قواه الآن.
كان “سُلاف” تتطلع إليه من الأعلى، من شرفة غرفتها، وعيناها الشامتة تحفظ ذلك المشهد العظيم في ذهنها، لئلا ينمحي من ذاكرتها. تحسست موضع حرق كفها الذي ما زال يُشعرها بالألم الحارق، ثم نظرت إليه راضية عن رد الفعل الذي أصدرتهُ، طعم الثأر هذه المرة كان مختلفًا، وكأنها انتشت بسعادةٍ منتصرة، وبردت صدرها المشتعل طوال اليوم.
***************************************
نظر “نضال” في ساعة يدهِ، نفخ بسخطٍ وهو يتجول يمينًا ويسارًا بتوترٍ ملحوظ، ثم هتف متذمرًا :
– المفروض كانت تبقى هنا من ساعتين فاتوا!.. وإحنا مش قادرين نتصل بيها ولا نفهم في إيه!.
فرك “مصطفى” يديهِ سويًا، وحاول أن يبدو هادئًا رغم ما يجول في رأسه من أفكار كلها أسوأ من بعضها :
– عبيد تليفونه مقفول من بدري!.. لو كان في تعديل في المعاد كان بلغني.
تأهب “نضال” للمغادرة، وسحب سترتهِ لأجل ذلك وهو يقول :
– أنا هروح لحمزة، هشوف الدنيا فيها إيه من بعيد كأني عايز منه حاجه.
لم يجد “مصطفى” مفرًا من ذلك، من أجل الإطمئنان على سلامتها :
– طيب، فكر هتروح بحجة إيه عشان مش عايزين نلفت الإنتباه لينا.
– متقلقش.
خرج سريعًا يقتله القلق عليها، هي بمفردها هناك حتى وإن اجتمع حولها كل رجال الأمن، ولن تسلم من مكر أولئك بأي شكل، ولن يستسلموا لها حتى الرمق الأخير، وإلى أن تأتي نهايتها تمامًا كما يريدون.
**************************************
كان يتنفس بصعوبة بالغة، متأثرًا بالدخان الكثيف من حوله، والذي شكّل هالات رمادية خانقة. نظر لكتلة الفحم تلك، والتي كانت يومًا سيارتهِ الفارهه الجميلة التي يحبها ويفضّلها عن غيرها، استجمع شتات رأسه قليلًا بعدما سيطر على النيران، لكنه مازال متأثرًا بالصدمة التي غلفت عقلهِ، حتى صوت الرجال من حوله لم يكن يسمعه؛ لكنه بالكاد استمع لعبارة “عطا” الأخيرة :
– حتى الرجالة اللي برا واقفين يتفرجوا على الحريقة محدش مد إيده عشان يطفي ويانا (معانا).
التفتت رأسهِ نصف التفاته ليرى “عطا” نصف صفحة وجهه فقط، وهو يردف بتروٍ خبأ من خلفهِ غضبهِ :
– مين عملها، شوفت حد بعينك؟.
توتر “عطا” قليلًا وهو يجيبه :
– لأ، بس الكبير بتاعتهم مكنش موجود بقاله شوية.

 

 

نظر “حمزة” نحو رجالها يبحث عن فرد بعينهِ ، “عِـبيد” ، ذلك اللعين الذي يكرهه و يوّد لو يفتك به؛ لكنه لم يكن موجودًا بينهم، فـ عاد ينظر لسيارتهِ من جديد، وانحدرت عيناه نحو الأرض ليرى بقايا المادة المشتعلة والتي تركت أثرها، تجولت عيناه في المحيط حتى لمح شيئًا آخر، سيجارة محترقة غيرت النيران لونها لأسود فاحم؛ ملقاه على الأرض بجوار السيارة، فـ أكملت الصورة أمام عينيه على الفور. آثار مادة مشتعلة، وبقايا سيجارة متفحمة، وسيارتهِ هو تحديدًا دونًا عن غيرها، فـ بزغت هي بصورتها أمام عينيهِ مجددًا، هي البلاء والإبتلاء له، هي التي تسلطت عليه كما يُسلط الله أقوام على أقوام أخرى. ترك أنبوب الإطفاء جانبًا، وأملى أمرهِ على “عطا” قبل أن يهمّ بالدخول :
– أتصرف وأخفي العربية دي من هنا، مش عايز أشوفها قدامي.
– حاضر يابيه.
دخل ليصطدم بوالدهِ في ساحة المنزل، فـ سأله بإرتيابٍ مترقب :
– هي اللي وراها؟.
رفع “حمزة” بصرهِ نحو الطابق العلوي، فـ تشنجت عروق نحرهِ، ونفر عرق في جبهتهِ يكاد ينفجر من فرط ضغط الدماء عليه، وسلك طريقه إلى غرفتها لا يدري، ما الذي سيفعله؟.. لا شئ يسير كما يخطط له، وكل خطوة منه ضدها يكون مردودها أسرع مما يتصور، گمن تنتظر له الخطأ حتى تُضاعف من عقابهِ.
فتح بابها ودفعه، دخل ليجدها تقف أمام المرآة وتضع طلاء الشفاه الأحمر الناري، بعدما تأنقت بلباسٍ مزج بين الأسود والأحمر. لم تلتفت للنظر إليه، بل كانت تُدندن بأغنية لكوكب الشرق أم كلثوم، مستمتعة برنة صوتها الأنثوي في الأغنية، حتى سألها بصوتٍ خشن :
– أنتي اللي حرقتي العربية.
مطت شفتيها تختبر شكل طلاء الشفاة عليها، ثم تركته على منضدة الزينة وهي تلتفت إليه بكامل جسدها، وأجابت بثباتٍ مغتر :
– آه.
تسارعت نبضاتهِ، وتهيأ له إنه يتخلص منها نهائيًا، شنقًا أو حرقًا أو طعنًا، المهم هو الخلاص من هذه النائبة التي حطت على حياته گالكابوس. هجم بقبضتهِ على عنقها يخنقها، وهو يدفعها لتلتصق بالحائط فلا تجد مفرًا منه، وزأر من بين أسنانه بـ :
– ولما آخد روحك دلوقتي هيبقى كويس!.. هـموتك، هييجي يوم وأمـوتك بإيـدي.
أطبقت بأظافرها الصناعية على رقبته تخدشهُ فيها، وهي تدفع به بعيدًا عنها حتى نجحت بذلك، سعلت وهي تزجرهُ بشراسةٍ، ثم هتفت بصياحٍ عنيد :
– هتضرب هضرب، هتحرق هحرق.
ودنت منه خطوة وهي تغرز أصابعها في قميصهِ الغارق في الهباب، أثر الحريق الذي تعامل معه منذ دقائق، وأطبقت بأصابعها عليه وهي تتوعده بـ :
– هتدوس عليا هدوس على رقبتك ورقبة اللي منك.
دحرها حتى عادت تلتصق بالجدار، ورمقها بإحتقارٍ مشمئز وهو يردف بـ :
– أنا اللي هقطع رقبتك خالص، هانت أوي يابنت الـ ××××.
نفض بيده على قميصهِ كمن تلوث بدناسة كفها، وخرج غير قادر على تحمل رؤيتها لأكثر من ذلك. أما هي، فـ أشرق وجهها بإبتسامة مُضيئة، گأنها لم تسعد هكذا منذ وقت طويل، وعادت تنظر للمرآة وهي تتابع غناء نفس الأغنية.
***************************************

 

 

صفّ السائق السيارة أمام البوابة، حينما كان “مصطفى” على عتبة الباب بمقعدهِ، ينتظر “سُلاف” بنفسهِ بعدما علم إنها آتيه للقاءهِ في هذه الساعة من الليل. فتح “عبيد” بابها، فـ ترجلت من السيارة بتشوقٍ لرؤية عمها، الذي تلألأ وجهه بسعادةٍ مطمئنة بعدما رآها بخير. حرك مقعدهِ للخلف كي يفسح المجال لدخولها، بينما هي أول ما فعلتهُ أن انحنت لتلقي بنفسها في أحضانهِ، فـ سحب “مصطفى” نفس عميق لصدرهِ، تعبأ برائحتها التي أشبهت الفواكه الإستوائية، ومسح على ظهرها بحنو :
– قلقت عليكي أوي ياسُلاف!.
انتصبت في وقفتها، ودفعت بنفسها المقعد للداخل وهي تهتف بـ :
– متقلقش ياعمي، أنا بخير وكل حاجه ماشية زي ماانت عايز.
توقفت به في منتصف الصالة، ثم تسائلت بتلهفٍ :
– أم علي فين؟.. عِبيد وصلها على هنا الصبح مع زين؟.
– جوا ومعاها الولد، المهم إيه أخرك؟.
تركت حقيبتها الصغيرة و :
– هحكيلك بعدين، بس أطمن على إبني الأول.
ودلفت للغرفة بينما كان هو ينشغل بالإتصال بـ “نضال”، حتى يعود إليهم :
– أيوة يانضال، قولتلك ترجع يابني خلاص سُلاف جت.
قطب “مصطفى” جبينه، وعلقت عيناه على الغرفة التي تجلس فيها :
– حرقت عربيته؟.. ليه؟.
– جانب آخر –
لم تشبع من رائحته بعد، فـ ظلت محتفظة به بين أحضانها وبالقرب من أنفها، لتطفئ حنينها اللا منقطع له. أبعدتهُ قليلًا ونظرت حيال “أم علي”، ثم سألتها بإهتمام :
– عامله إيه دلوقتي ياأم علي؟.
تبسمت “أم علي” بتوجسٍ وهي تجيبها :
– نحمد ربنا بقيت بخير.. بس آ….
وكأن “سُلاف” قرأت ما بذهنها، فـ رفعت عنها ذلك الحرج قائلة :
– عارفه ، مش عايزة تروحي هناك تاني.. مش كده ؟.
حنت “أم علي” عيناها عنها و :
– مش هقدر آ….
– وأنا بعفيكي، كفاية أوي اللي حصلك بسببي.
استمعت “سُلاف” لصوت صرير مقعد عمها وهو يتحرك مقتربًا من الغرفة، فـ نهضت واقفة وهي تشدد يديها على الرضيع و :
– سيبيني دلوقتي وأنا هبلغ عمي إن دي رغبتي أنا.. عشان ميضغطش عليكي.
تنفست “أم علي” الصعداء، وكأنها تحررت من قيودٍ ثقيلة، وهمّت كي تخرج لتتركهم قليلًا، بعدما وصل “مصطفى” أمام الغرفة. دلف وهو يتطلع إليها بفضول، گمن يفحصها بنظراتٍ دقيقة قبل أن يسألها، وأثناء ذلك رأى ذلك الحرق على ظهر يدها، والذي تحاوط ببقعة حمراء ملتهبة، فـ فطن على الفور أن ما فعلته ما كان سوى رد قوي على فعلهِ. ابتسم “مصطفى” بعدما أحاد عيناه عنها، فـ تغضن جبين “سُلاف” وهي تسأله :
– بتضحك على إيه ياعمي؟.
أرخى “مصطفى” كاهلهِ قليلًا، ثم أجاب بـ :
– كان عندك ٧ سنين وقتها، رجعتي من المدرسة بتعيطي، ووشك كان مليان خرابيش بعد ما زميلتك ضربتك.. ولما سألتك عن رد فعلك سكتي، فهمت إنك معملتش حاجه.. ساعتها اتعصبت عليكي جامد، عشان أفهمك إزاي تاخدي حقك بأيدك، ومتخليش حد يفكر يوم إنك ضعيفة.. تاني يوم جالك استدعاء وليّ أمر، بعد ما طحنتي البت دي وبهدلتي وشها كله زي ما هي عملت معاكي وأكتر.
ضحكت “سُلاف” مع تذكّرها تفاصيل تلك الحادثة، وعلى الفور تفهمت إلام يرمي “مصطفى” وما الذي يقصده بذلك. تابعت بإهتمام ما يرويه عليها، حتى وصل حديثه للمنطقة المنشودة :

 

 

– إبن الـ ××××× هو اللي عمل في إيدك كده!.. عشان كده رديتي عليه في نفس اليوم وحرقتي العربية؟.
كأن سؤاله أيقظ شعورها بالإحتراق، ورغم ذلك تجاوزته مُظهره له قوتها التي تتباهى بها :
– العين بالعين والسن بالسن، وهو اللي بيبدأ مش أنا.
وضعت “زين” على الفراش وبدأت تُلبسه حذائه الصغير :
– أنا لازم أخرج ورايا مشوار مهم جدًا، مضطرة أسيب زين هنا شوية كمان لحد ما أخلص.
– بس أنا كنت عايز أتكلم معاكي أكتر من كده!.
عادت تحمل الصغير لتودّعه قبل إنصرافها و :
– هرجع تاني متقلقش، بس لازم أروح أجيب الخبر الحلو وأرجع لك.
غطت تعابير الحماسة وجهه، واستطاع تخمين ما تقصده :
– الولية إياها؟.
برقت عينا “سُلاف” بلمعانٍ متحفز، گمن ستنقضّ على فريستها لتنهشها بلا رحمة :
– هي.. معادها جه، والحق هيرجع لأصحابه اللي تحت التراب.
*************************************
لوعة الإنتظار تفتك بعقلهِ فتكًا غير رحيمًا، ينظر بترقبٍ لهاتفهِ ثم إلى الحاسوب بدون أدنى فائدة. فتح رسائله الواردة على البريد الإلكتروني، وفتح الدردشة الخاصة بهم كي يزيد تأكيدهِ من عدم وجود رسائل منها، فـ لم يجد بالفعل. الرسالة التي أرسلها لها هذا الصباح لم تستقبلها حتى، وكأنها لم تفتح حسابها الشخصي منذ مدة.
نهض “راغب” عن مكانهِ بتشنجٍ، وطقطق أصابعهِ والتفكير بشأنها يحتل عقلهِ. تجول يمينًا ويسارًا حتى اهتدى لفتح المبرد، شملهُ بنظرةٍ فارغة كأنه لا يعرف ما الذي يريده تحديدًا، وفي النهاية أخرج زجاجة مياة دون الحاجه إليها وارتشف منها رشفة، رنّ هاتفهِ فـ صفع باب المبرد وركض نحوه، نظر لشاشتهِ بتشوقٍ فـ رأى أسم “حمزة”. تثبطت معنوياتهِ من جديد، وأشاح بوجهه منصرفًا عن الهاتف وهو يغمغم بـ :
– مش وقتك ياحمزة وحياة أبوك!.. أنا اللي فيا مكفيني دلوقتي.
وألقى ثقل جسدهِ على الأريكة وهو يتابع بـ :
– ياترى حصل معاكي إيه!.. إيه اللي خلاكي قافلة إيميلك أسبوع بحاله يا يسرا؟!.
**************************************
تقريبًا كل دقيقتين تنظر في ساعتها، تتفقد كمّ مر عليها من الوقت وهي بداخل سيارتها وعلى بُعد أمتار طويلة من تلك البناية الراقية. تأففت “سُلاف” بنفاذ صبر وهي تسأل :
– إيه ياعبيد ؟؟ الساعة بقت ١٢ ونص بعد نص الليل!.. بقالهم ساعة فوق والشرطة مجتش!.
كان واثقًا هادئًا وهو يجيبها :
– على وصول ياهانم، سيبي كل حاجه تمشي على مهلها.
فركت أصابعها بحماسٍ زائد، ثم هتفت بـ :
– طب وتهاني؟.
– الوقت اللي الشرطة هتهجم فيه على الـ ××× ده والبت اللي معاه هتبقى تهاني خلاص وصلت للقسم من بدري.
لمحت “سُلاف” سيارة نقل جماعي تقف أمام البناية، بينما تلك المنطقة لا يدخلها تلك النوعية من السيارات في الأوضاع العادية، فـ تشككت بها ودققت بكامل تركيزها، قبل أن تهمس بـ :
– تقريبًا وصلو.

 

 

ترجل عنها رجال الشرطة ذوى الزيّ المدني – كنوع من التمويه -، وصعدوا للبناية بعد أن وقف أحدهم مع حارس العقار لتأمين المدخل، ولئلا يرتكب الحارس أي حماقة يلفت بها إنتباه ذلك الرجل – المعروف -. خشيت “سُلاف” أن تضحك مبكرًا، فـ تُصاب بخيبة الأمل بعد كل ما خططت له، لذلك بقيت محتفظة بزهوة الإنتصار تلك بداخلها، حتى رأت ذلك الوغد بين يدي رجال الشرطة، يدفعون به لسيارة النقل الجماعي، ومن خلفه تلك الفتاة التي بدت وكأنها لا ترتدي شيئًا أسفل ذلك المعطف الذي سترت به عُريّها. دقيقتين وكانت السيارة تتحرك من أمام البناية، بعد إلقاء القبض وبشكل رسمي بحت على عضو مجلس النواب المعروف، بتهمة ممارسة الرذيلة عمدًا وبالإجبار، مع إحدى الفتيات اللاتي لا يتجاوزن العشرينات من العمر، وبمحلّ سكنهِ الســرّي…

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

الرواية كاملة اضغط على : (رواية أغصان الزيتون)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى