Uncategorized

رواية راهنت عليك الفصل السابع عشر 17 بقلم عبير فاروق

 رواية راهنت عليك الفصل السابع عشر 17 بقلم عبير فاروق

رواية راهنت عليك الفصل السابع عشر 17 بقلم عبير فاروق

رواية راهنت عليك الفصل السابع عشر 17 بقلم عبير فاروق

اتنفض من مكانه وقال:
-بتتكلم جد يازفت، لاقيت هدهد؟
أنت فين مكانك وهجيلك حالا.
– أنت عارف المستشفى، واقف بعدها بشوية.
قام بسرعه وبيجري، بعد ماقفل معاه من غير مايرد، قطع مسافة الطريق في دقايق كان واصل لحد عنده، اول ماشافه، ضربه على قفاه، سأله بغضب:
– هي فين يازفت؟
انتبه للضربه، ومسك قفاه، وهو بيشتم جواه، ولما شاف ثورة الغضب، اتلجلج وقال:
– والله ياباشا، أنا كنت واقف زي ما أنت وصتني والله يا باشا دماغك دي اللماظ عرفت منين أن امها هتيجي هنا؟! 
ضربه قويه على وشه من دياب رفع ايده يحمي نفسه وكمل:
خلاص.. خلاص. اهو كنت بتابع أمها زي ما أنت طلبت، ولمحتها خارجه من المستشفى مع واحد، ويادوب ركبت المكنه، عشان قولت كده بالنباهه هتروح لبنتها.
قاطعه بزعيق عشان يخلص ويكمل بسرعه
– مشيت وراهم، وفجأه المكنه عطلت، حاولت اصلحها، حلفت ميت يمين ما تمشي، ولا تتحرك خطوة.
مسكه من هدومه وهزه جامد وفضل يزعق، ويضرب فيه باللكميات بدون رحمه، وكل لكمه يقوله:
– يا ابن الجزمه، ياغبي، ماتتحرق ام المكنه، وكنت تاخد تاكسي وراها، اجبها منين تاني ياابن الفقريه، غور من قدامي، كتك الارف في شكلك.
هرب من بين ايديه بأعجوبة ما صدق يفلت منه، وجري من قدامه، مش منتبه للدم اللي بيسيل من بوقه، المهم ان ربنا نجاه من ايد الشيطان.
وقف “دياب”  يبص يمين وشمال، مش عارف يعمل اية، متكتف الايدين، اتنهد بقلة حيله وراح للقسم يطلع غضبه في المحبوسين.
   ***********
الصبح الكل قاعد على طربيزة السفرة، عشان يفطروا، وش “آمر” متغير، مش طايق حد، كل ماحد يكلمه يتنزفز عليه، حتى “آسر” كانت معاملته جافه معاه، حاول يمسك “آمر” اعصابه وسأله بنبره حاده:
– أنت كنت فين مع هدهد إمبارح؟
رد بهدوء وعلامات وشه عاديه، قطع بالسكينه قطعة جبنة من قدامه:
– ابدا كنت مضيقه اختها تشم شوية هواء، لافينا بالعربيه وعزمتها على العشا، وبعدين رجعنا.
كان بيبصله أوي؛ عشان يتأكد من صدقه، بس مش عارف ليه قلبه قاله  ان في حاجة مخبيها عنه، “آمر” حافظ ابن عمه عن ظهر قلب، لسه هيتكلم كانت “هدهد” جاية هي “وملك” بتقرب عليهم، وبتقعد تفطر معاهم، نظراته مش مريحه ليها، عينيهم اتقابلت هو بلوم وعتاب، وهي بحيرة من أمره، مش عارفه عملت اية مزعله، بصت للطبق اللي قدامها، وحاولت تفطر معرفتش تاكل، وقامت من مكانها، سألها “آسر” بلهفه:
– رايحه فين ياهدهد، أنتي مفطرتيش خالص؟
– معلش مليش نفس اكل، هروح اتدرب شوية في الجيم قبل ميشو مايجي، عن اذنكم.
سابتهم وخرجت تتدرب، وجواها ملايين من الأسئلة محتاره فيهم، وفضل “آمر” يمثل انه بياكل، والجو مشحون ومحدش فاهم حاجة، قام “آسر” واخد “ملك” عشان يروح الشركه، وهو قام يشوف “هدهد” ويحقق مع الأمن ازاي تخرج من غير ماحد فيهم لاحظ، واتخانق معاهم وخصم ليهم اسبوع من مرتبهم.
صوته كان عالي، سمعته “هدهد” وتأكدت انه في حاجه مضيقاه، فكرت تروح تسأله خافت من رد فعله، فضلت تمشي على المشاية وتزود سرعتها، بتهرب من كل افكارها، وتطلع ضيقتها في التمرين.
            **********
طلع النهار “صافي” لسه بتلف في الشوارع، تايهه في صدمتها رجليها هي اللي ممشياها بلا هدف، اول مره تحس بالعجز وتعرف يعني اي كسره نفس، عقلها واقف مش قادر يستوعب اللي حصولها والفخ اللي اتنصب لها، من صحبتها اللي شيله لها كل الحقد والغل؛ فاقت على صوت كلاكس عربيه جيه عليها بسرعه، وهي واقفه في نص الشارع، العربيه وقفت في آخر لحظة قدمها، يفصل بينهم كام سنتي، فتحت عنيها على وسعها شافت صاحب العربيه وهو بيزعق كتير بس مش سمعه ولا حرف، عدت الطريق شاورت لتاكسي عشان يوصلها الفيلا.
وصلت “صافي” وخبطت دقات خفيفه، فتحت بسرعه الدادا، اللي اول ماشافت شكلها اتخضت وقالت:
– مالك ياصافي، كنتي فين كل ده؟ والدك سأل عليكي، وقولت له لسه نايمه، كده برضو تخليني اكدب، خوفت عليكي من ساعة المره اللي فاتت لما زعق معاكي، انتي شكلك مش مريحني.
– دادا مش قادرة اتكلم، حاسبي التاكسي وسبيني ارتاح.
– تاكسي، وفين عربيتك؟
– دادا قولتلك مش قادره.
طلعت فوق اوضتها، تاخد شور، يمكن الميه تفوقها من الكابوس اللي عايشه فيه، والدادا هتتجنن مش فاهمه حاجة، حاسبت السواق، ولسه هتطلع تشوفها وتفهم، لاقت واحد بيخبط على الباب وبيقول:
– دي فيلا الانسه صافي؟
– ايوه أنت مين؟
مد ايده بظرف كبير اده لها:
– الحاجه دي بتاعه “صافي” هانم. 
-ايو بردو اي ده  ومين  اللي بعتك؟! 
مشي وسبها في حيرتها، واخدت حاجاتها، وطلعت تديهم ليها، كانت لسه مخلصتش الشور، فضلت مستياها، وعقلها بيودي ويجيب، لحد ما خرجت وقالتلها:
– في واحد جبلك الظرف ده، ولما فتحته لقيت شنطتك ومفتاح عربيتك، ممكن افهم في إيه؟
حاولت تلاقي اي مبرر، بس مش عارفه، لكنها متأكده إنها مش هتسبها غير لما تعرف، خطر في بالها فكره وقالت:
– مفيش كنت سهرانين مع الشله في نايت والوقت اتأخر، العربية عطلت وسبتها، واخدت تاكسي، اكيد حد منهم بعتها مع الشنطه اللي نستها معاهم، وأهم بعتوهم، ممكن بقى تسبيني عشان تعبانه وعايزة انام.
بصت لها بنظرات عدم تصديق، ولا اقتناع، وحست ان الموضوع كبير، ولاول مرة تخبي عليها، خرجت ودعت ربنا أنها تكون غلطانه، وبمجرد ماقفلت الباب، ارتمت “صافي” على السرير، وانهارت كل قوتها، وفضلت تبكي لحد ما نامت.
         ***********
الباب خبط، كان هيفتح “علي” بطه نادته وقالته هي اللي هتفتح، اول ما فتحت لاقته “صلاح” بيصبح عليها، وبيقدملها لبن صناعي وبيقول:
– اتفضلي يابطة، مهنش عليا البنت الصغيرة تفضل جعانه، دي لحمي برضو، وأنا مقدرش انسى العيال.
مدت ايديها، وبتاخد منه علبه اللبن، وهي مبتسمه، كان مستغربها اوي، دي اول مره تبتسم في حياتها في وشه، وبتقوله:
– كتر خيرك ياصلاح، ربنا ميحرمناش منك ياخويا، أنا والعيال بقينا ملناش حد.
رد باندفاع، وبحماس، وهو بيضرب بخفه بيده على جنب رقبته:
– وأنا روحت فين، رقبتي فداكي أنتي والعيال؛ ولا تشيلي هم حاجة طول ما أنا عايش.
– انشالله ماتحرم منك، مش عايزة اتقل عليك، أنا بقول هنزل افتح الكشك، ورزقي ورزق العيال على ربنا.
– والله مايحصل ابدا، ولا تتحركي من شقتك، انتي تفضلي في بيتك تربي العيال في حضنك، وأنا هفتحه، والأجره تجيلك اخر الليل، وانتي برنسيسه متستته، هو ايه يابطة، ده انتي في حما صلاح، مش هعرف اعززك ولا اية؟
– تسلميلي يارب، اللي تشوفه يا اخويا، هو أنا أقدر اكسر كلمه تقولها.
– هو ده عين العقل، هاتي المفتاح عشان  هستأذن وافتح الكشك.
– من عيوني، اتفضل، كتر الف خيرك يا اخويا، ربنا يخليك لينا.
مشي “صلاح” وراح يفتح الكشك، وذهنه مش مبطل تفكير، في حال “بطه” اللي اتقلب ١٨٠ درجة، مش عارف يفهم التغير ده اية سببه، دي لاول مره تتكلم بحنيه، ومش كده وبس، لا دي بتدعيله كمان !!
فضل يكلم نفسه كتير، لحد ما وصل لنتيجة واحده مفيش غيرها؛ هي انها خافت من تهديده ليها، بأنه ممكن يحرمها من عيالها، خصوصا انها متأكده انه يقدر يعملها، ابتسم بفخر وقال بصوت واضح:
– ياواد ياصلاح ياجامد، والله مفيش زيك، يارعبهم بالقوي.
وبعدين ضحك في كراره نفسه.
            *********
في مكتب “آسر” بيلهي نفسه بالشغل، مش عايز يفكر كتير في حالة “آمر”، حس فجأة بصداع، لسه هيضغط على الجرس يطلب من البوفيه فنجان قهوة، لقى “ملك” بتخبط وداخله في اديها صينيه، عليها اكتر من ساندوتش، وفنجان قهوة، بصلها بنظرة جديده عليها، فيها حنيه وقال:
– لسه كنت هطلب قهوة، تسلم ايديك.
– طب ممكن قبل القهوة، تاكل ساندوتش، أنت مفطرتش كويس.
كانت بتتكلم وهي قريبه منه، وموطيه بتحط الصينيه على المكتب، وصله ريحة برفانها، بيفكر شمه مع مين؛ لكن مش مهم حس بهدوء نفسي جداً، رفعت عينيها، وبصت له بحب، وقدمت الاكل له، اخدت شندوتش بتقديمه له، مسك ايدها، وقرب الاكل من شفايفه وقطم قطعه، حس أن اديها تلجت من لمسته، شعور غريب سري داخل نبضات قلبه، اول مره ياخد باله من “ملك” بالشكل ده، صوتها رقيق اوي، الحنية اللي جواها أجمل مافيها، جدعنتها مع “هدهد” وهي متعرفاش، خوفها واهتمامها بيها، كانت قريبه منه اوي، اتعدلت ووقفت، كانت في حاله لا يرثى لها، مش عارفه تحدد أساسها وشعرها اي؟! طايره، ولا دايخه، لأ شكلها هيغمي عليها، وحاولت تمشي، مسك اديها تاني، وطلب منها تاكل معاه، رفضت بذوق، اترجها بعيونه ، قعدت على الكنبه، واكلوا مع بعض، أول مره يحس انها لبقة في الحديث، استغرب روحه انه كان زمان مش بيتكلم معاها كلمتين على بعض، لكن دلوقتي مش عايز الحديث بينهم يخلص، استمر بينهم الكلام، والضحك خصوصا لما جت سيرة “ميشو” وتقليدها لطريقته، وحبه الغريب لعضلات “آمر” مكنش قادر يبطل ضحك من طريقتها الطفولية في الكلام، كان بيبصلها بنظرات غريبه عليه، حب روحها اوي، حس اد ايه هي قريبه منه، في حاجة بتشده ليها بس مش عارف اية هي؟ طال الوقت من غير ماهما يحسوا.
           ***********
 “هدهد” في صاله الألعاب الرياضيه بتكمل تمرنها؛ بعقل شارد مش حاسه بوقت، ولا بجهد، ولا سرعه مشاعرها مجمده زي أنين آلي بيتحرك وبس، انتبهت على صوت ميشو وهو بيتكلم بخضه من شكلها، وقطرات العرق مغرق وشها وجسدها؛ دليل على أنها اجهدت نفسها بالتمرين مد ايده خفف السرعه لحد ما وقف الجهاز وقالها:
-أي.. شو عم تعملي بحالك يا مجدوبة،  بدك تموتي حالك وانت بعدك صغيرة بعمر الوردة يا ويل قلبي عليكي. 
بتاخد أنفسها بسرعه رهيبه بصت ناحيته بدون رد:
-يا تؤبريني لا تسكتي هيك حكيني و خلينا نتخانق ردي عليي و قولي شو صاير معك، انا ميشو و عارف ان هيدا  السبع مزعلك. 
بصتله بعيون دامعه وماجوبتش. 
-قولي شئ لا تضلي ساكته هيك؛ شاهي ولا احكي هدهد وتخانقني يلا ردي وقولي شي صارلك؟
-ابدا مافيش حاجه يا ميشو ويلا نكمل تدريب النهارده، وقولي هعمل اي؟
بصلها بدون اقتناع لكن كمل عادي يمكن يخرجها من اللي هي فيه ده وكلن نفسه بتفكير:
– اه يا ميشو شو عم تعمل،  بدنا نظبط هالخطوات و بعدا بتصير تمشي على السجادة الحمرا يا عيون ميشو.
– ايوه يعني عايزاني اعمل اي بظبط مش فهمه؟!
– يعني هلا تطلعي تظبطي حالك دريس، ميك اب، شعراتك، وشوز بكعب وتنزلي على الدرج بخفه ودلع  هيك  تظبط خطواتك بلكي يحس وحش الغابه.
ابتسمت على كلماته، وطلعت تظبط حالها انضم “ميشو” لي “آمر” داخل الفيلا ينتظر نزولها، وميشو حب يتقرب ليه بالكلام لأن “آمر” مش بيسمح له يقرب المسافه شافه بيحرق في سجاير كتير بدون وعي. 
-والله مابعرف صرعتوني انتو التنتين مين منكم بدو يموت حاله أسرع من التاني. 
انتبه على كلامه ورد بعصبيه:
– بتقول اي يا زفت انت مين هيموت مين.؟!
حكاله كل اللي شافه على “هدهد” اتبدلت ملامحه من غضب لحزن، واتأثر لبعض لحظات مش قادر يصدق اللي سامعه، ولا اللي شافه بعينيه، فضل في دوامه مستمره رمته في أحضان الشك. 
سمعوا خطوات نزولها من على السلم، لاول وهله شافها سرح في كل تفاصيلها، عيونها ورسمتهم برأءة وشها الملائكي، وشعرها الحرير نازل على كتفها وخصلات على وشها؛ كان نفسه يطلع جرى ويشلهم لأنهم حجبوا عنه جمال عيونها، بيسرح بخياله ويلمس ورد خدودها ويدوق شهدها. 
رجع لوعيه على غزل “ميشو” وهو بيمدح في جمالها وسحرها، وانوثتها الطاغية، رن في عقله أن كل ده غش وخداع من بنات حواء، وكلهم زي بعض بيتلونوا حسب الفريسه اللي قدامهم. 
“ميشو” بيديها تعليمات خطوه ثابته، رأس مرفوعه اه كده امشي ايدك بخصرك هيك وارفعي انفك لفوق هيك. 
“هدهد” عيونها وانتبها كله على “آمر” فرحت لما شافت في عيونه نظرات إعجاب، وحست الحب فيهم، لكن اتبهدلت نظراته في ثانيه كل ده شتتها وخلاها تفقد توازنها، وكانت هتقع جرى عليها لحقها قبل ما تقع ويحصل لها حاجه، حضنها اوي شافت الحب والخوف في عيونه، لكن ماستمرش كتير زقها جامد، وهي انصدمت من رد فعله ده” ميشو” شهق وحط ايده على بؤقه، و وزعق لها:
– انتي اي غبيه عمال يقول اعملي كده وكده، وانتي سرحانه في مين بقى مش عارف؟ وحاجه قرف من الصبح، وشويه خطوات مش عارفه تنفذيها امال هتعملي اي وقت المسابقة. 
في لحظه غضبه وصوته العالي، كانت “نفين” متابعه الموقف في دخول “آسر” و”ملك” عليهم وسمعوا كل حاجه، “هدهد” مصدومه دموعها نزله حسه بالاهانه، جريت عليها “ملك” وضمتها، “آسر” اتعصب لما شافها بالشكل ده قرب من “آمر” وشده، بقى في مواجه بعض كلمه بحده :
– أي يا آمر مش كده يا أخي، في اية عمال تزعق لها بالشكل ده ليه عملت ايه يعني؟ 
-لا والله وسيادتك بقيت المحامي بتعها !! 
– اه يا سيدي أحامي عنها، ما حميش ليه ده بدل ما تشكرها عمال بتزعق فيها وتبهدلها كده. 
-اشكرها على أيه؟ والهانم تايهه وسرحانه، وكانت هتقع تتكسر رجلها قولي انت بقي اشكرها على أيه؟ وهنجيب غيرها منين يا عم المحامي، مش لازم تشوف شغلها، ولا هو كله سرحان ماتخلص اللي إحنا فيه ده، وتروح تفكر في اللي بتفكر فيه ده لحلها. 
عن اللحظه دي ماقدرش تتمالك نفسها حست بالاهانه قوي، في مشاعرها خدت نفسها وطلعت تجري على اوضتها بدموع وصوت شهقاتها سمعها الكل. 
التفت له “آسر” هز دماغه بأسف وقاله:
– والله انت ماعندك ريحه الدم. 
رد عليه بستفزاز:
– سبتلك الحنيه والدم يا حنين. 
وانصرف كل واحد في مكان “آسر”  لمح “نفين” مربطه ايديها على صدرها، وابتسامه عريضه على وشها استغرب اوي قرب عليها وسألها :
-ممكن أعرف السعاده دي لقيها فين حضرتك ؟! ده بدل ما تديله قلمين ولا شلوط وتعقليه. 
– اعقله على أي هو اتجنن ولا حاجه ما هو زي الفل اهو. 
– كده و زي الفل  ياربي ايه الهطل اللي نزل على الفيلا دي. 
– اتادب يا ولد واللي قدامي ده طبيعي جداً. 
آسر فتح عيونه بحلق لها أنه مش فاهم حاجه وقالها:
-طب افهم؟! 
-افهم ياغبي يابو مخ طخين غيران، البيه حبها، وغيران منك ومن معاملتك لها.
– معقول !! اللي بتقوليه ده؟
– طبعاً امال تفسر تغضبه، وحالته دي اية؟ خف بقي شوية لحسن الارز قرب يتحرق، وريحته شاطت.
ضحك الاثنان سوياً على العاشق المكابر، المعاند.
         ************************
الساعة عدت ١٢ بليل، و”بطه” سهرانه ببنتها بتحاول تنيمها، ومش مبطله زن وعياط، سمعت صوت خبط على الباب، قامت حطت ايشارب على راسها، وضمت بنتها، وراحت تشوف مين، قربت من الباب وسألت:
– مين اللي بيخبط؟
– افتحي يابطه، أنا صلاح.
– خير ياصلاح، في حاجة، اصل الوقت متأخر؟
اتنهد وقال بنفاذ صبر:
– افتحي بس وانتي تعرفي، مش هتكلم من ورا الباب كده.
فتحت الباب، والابتسامه على وشها، وهو زقه ودخل وابتسم وقالها:
– اية مش عايزة تفتحيلي ولا اية؟
– يانهاري معقول، يادي العيبه، البيت بيتك ياخويا، أنا بس اتخضيت عشان الساعه عدت ١٢.
ضحك بخبث، ومد ايده من جيبه، وادلها فلوس، اخدتهم منه، وعددتهم واستغربت وسألته:
– بتوع ايه الفلوس دي كلها ياصلاح؟
عدل ياقة قميصه، وحرك كده راسه، بفخر وقال:
– ده إيراد النهاردة، جبته بنفسي.
– بسم الله ماشاء الله، كل ده ، أنا عمري ما بعت بالمبلغ ده في يوم من الأيام.
– عشان بس تعرفي إني مش اي حد، وأني أعرف اجيب القرش، حلال او حرام من الهوا، بس أنا مش بحب حد يتمريس عليا.
لسه كانت هترد الباب خبطت، اتخضت، طمنها وقالها تفتح، اول مافتحت لاقت رجالة في وشهم وشايلين شنط، سألته بعينها، رد وقال:
– متقلقيش دول الرجالة اللي كانت واقفه طول النهار والليل ورديات في الكشك، اية مش من حقهم ياكلوا لقمة كويسه، ادخل ياواد ياشطا حطت الشنط في المطبخ.
– حقهم ياخويا، مقولتش حاجة، نص ساعة والاكل يكون جاهز، بس اية لازمة البيرة دي؟
– مش لازم نبلع بعد الاكل، وكمان انتي خايفة ليه، أنا موجود واحميكي برموش عيوني، روحي بقى حضري الأكل.
مشيت نيمت بنتها، وبعدين تحضر الاكل، وهما قعدوا يلعبوا دور كوتشينه، لحد ما تخلص تحضير العشاء.
وبعد مده فرش المفرش وحطت عليه الاكل، وازايز البيرة، وكوبيات وابتسمت له وقالت:
– تأمر بأي حاجة تاني ياصلاح؟
– لأ كده فله وعنب اوي، تسلم ايديك يا أم علي.
– تسلم ياخويا، انا هدخل جوة للعيال، ولو احتجت حاجة نادي عليا.
ومر كذا يوم، واستمر الحال ده، كل يوم بليل يجي “صلاح” ورجالته ياكلوا، ويشربوا، وبعدين يمشوا على الفجر.
*******************
وطوال الأيام السابقه، “هدهد” التدريبات متكثفه عليها، مفيش وقت تبص جنبها، كل تركزها انها عايزة تخلص، هتتجنن مش عارفه تتطمن على أمها اللي اختفت ومحدش عارف طرقها، حتى، ولا حد من الحارة عارف ايه طريقهم، وده مأثر عليها، بس بتحاول تداريه، لكن في الحقيقه اللي واجع قلبها تغير” آمر” معاها بدون أي سبب، كانت متوهمه أنها قربت منه؛ لكن في الحقيقه بعدت أميال.
********************
“صافي” مازالت حابسه نفسها، والدادا الخاصه بيها هتتجنن وتعرف سبب حالتها، ابوها جابلها دكتور، طمنهم عليها وقال سببه نفسي، كانت متقوقعه داخل احزانها، ومصيبتها، انعزلت عن الناس، وشريط حياتها بيمر قدامها وبتراجعه بكل دقه، هل هي كانت ماشيه في طريقها الصح، ولا محتاجة تصلح اخطاءها، وتحاول تخرج من ازمتها، وكفاية الخسارة اللي خسرتها، حتى صديقتها الوحيده فشلت أنها تعرف السبب. 
**********************
“آسر” عقله هيشت من التفكير، محتار بين ارتياح روحه مع “ملك”، واعجابة الشديد بجمال “فلك” حاسس انه عايز يجمع الاثنين مع بعض، وتطلع واحده مكتمله المواصفات بالنسبة له، ياخد جمال روح “ملك” في شكل وروعة جمال”فلك” وبكده هيكون مش عايز حاجة من الدنيا، اما “ملك” فسعيدة بقربه، وبتشتته ده لابعد درجة. 
****************
“ماهر” ماشي في فسحة المسجونين بالبدله الحمرا، كان تايه، مش حاسس بطعم أي حاجة حلوة، غير المرار العلقم اللي دايقه في أيامه الأخيرة، مرار الظلم في السجن محدش يحسه غير اللي عاشه، مش هامه أن فاضل ايام له في الدنيا وهيموت ظلم، بس كان بيتعذب من بعاد مراته اللي حبها من كل قلبه، وانه هيتحرم من ابنه “علي” وبنته اللي هتتيتم وهو حتى ميعرفش ملامحها، افتكر ايامه الحلوة بينه وبين “بطه” وأنه معرفش طعم الحلال غير لما اتجوزها وعرفها، ومش قادر يصدق أنها تتخلى عنه ببساطة كده، ده بطل ينزل في جوفة أي قرش حرام عشانها، وعشان وعد ربنا بالتوبه، بس اظاهر أن ربنا مقبلش توبته، وهيدفعه ثمن اخطاء الماضي اللي ملوش ذنب فيه، رفع عينه للسما وقال:
– يارب انت عالم وشايف اني تبت توبه نصوحه، وحبيت عيشتي، ورضيت بالحلال، نجيني يارب منها، مش عشاني يارب، عشان خاطر عيالي الصغيرين.
كان بيكلم ربنا، ومش شايف قصاده، خبط في واحد من المسجونين، بص يشوف مين، اتصدم لما سمع صوته بيقول:
– مين ماهر ؟!!
– أنت.. !!
يتبع..
لقراءة الفصل الثامن عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية عشق ياسين للكاتبة سمسمة سيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى