Uncategorized

رواية ذئب يوسف الفصل السابع عشر 17 بقلم زكية محمد

 رواية ذئب يوسف الفصل السابع عشر 17 بقلم زكية محمد

رواية ذئب يوسف الفصل السابع عشر 17 بقلم زكية محمد

رواية ذئب يوسف الفصل السابع عشر 17 بقلم زكية محمد

تجلس بغيظ تبكي على الأطلال لفشل مخططها، عندما انتفضت في مجلسها فور رؤيتها لمراد، فابتسمت ابتسامة باهتة و هتفت بتوتر :- إيه يا مراد مش كنت ارتاحت يا حبيبي بدل القومة دي!
ثم تابعت بكره وهي تصك أسنانها بعنف :- منها لله الغبية اللي عملت فيك كدة، قولتلكم قبل كدة وجود البنت دي هيسبب المشاكل محدش صدقني.
أردف بهدوء :- ما هو علشان كدة أنا جاي أتكلم معاكي .
تهللت أساريرها قائلة بلهفة :- إيه هتطلقها؟أحسن بردو دي واحدة مش من مستواك و ما تلقش بمركزك و لا بعيلتنا.
قطب جبينه بضيق قائلاً :- بس أنا ما قولتش إني هطلقها !
تبدلت ملامحها لتهتف بغل مكبوت :- أومال هتعمل ايه؟
أردف بجمود :- مش لازم أعرف مين اللي خطفها الأول.
زاغت انظارها لتردف بتوتر :- تلاقيها عاملة لعبة هي وابن خالتها دة.
أردف بمكر :- وايه عرفك أنه ابن خالتها؟
اذدردت ريقها بتوتر قائلة:- سمعت…سمعت شادي بيقول كدة .
قوس شفتيه بعدم اقتناع قائلاً :- هو فعلاً اللي خطفها دة ابن خالتها بس وراه حد طبعاً سانده وإلا كدة مكانش هيجرؤ يعمل دة.
رمشت بسرعة و دقات قلبها تعلو مع وتيرة أنفاسها، و أردفت بتلعثم :- هو، هو أنت عرفت مين اللي عمل كدة؟! 
أومأ بتأكيد وهو يراقب اضطرابها باستمتاع قائلاً :- اه طبعاً أومال إيه اللي هيعرفني مكانها بسهولة كدة و خصوصاً في المكان المقطوع اللي هي كانت فيه؟ مش بس كدة أنا عارف مين اللي عمل كدة قبل ما تتخطف أصلاً، بس حبيت اسكت علشان أبينله أنه ذكي و عارف يخطط.
كاد أن يتوقف قلبها قائلة بتلعثم :- و، و يا ترى مين دة اللي عمل كدة؟ 
أجابها بجمود وهو ينظر بعينيها مباشرة :- اللي عمل كدة واقفة قصادي دلوقتي وعاملة نفسها بريئة وهي متعرفش إن لعبتها مكشوفة.
شعرت بجفاف في حلقها كصحراء قاحلة لا ماء فيها، بينما أردف هو بتهديد :- أنا دلوقتي بتكلم معاكي لوحدي ومش هعرف حد باللي حصل مش علشانك لا، علشان عمي ولو حاولتي تعملي أي حاجة هتشوفي مني وش مش هيعجبك.
أردفت بنفي كاذب :- أنا، أنا معملتش كدة، أنت أتجننت!
أردف بصرامة :- تحبي أوريلك المكالمات بتاعتك ولا مرواحك هناك لبيت الزفت دة ؟ أنا مبعيدش كلامي مرتين، وأنا حذرتك فمتجيش تلوميني بعد كدة.
أنهى كلماته، ثم غادر من أمامها، بينما خرجت سلوى التي كانت تسمع حديثهم منذ البداية قائلة بتوبيخ :- قولتلك ما تتصرفيش من دماغك، أهو عرف لوحده دة مراد يا ناريمان يعني مش أي حد.
هتفت بكره :- أعمل إيه يعني؟ مكانش قدامي غير كدة علشان أخلص منها، أتاري البيه مأمنها كويس و عارف كل حاجة.
أردفت الأخرى بغل :- البنت دي مش ساهلة ضمت الكل لصفها و كأنها بتطلع لينا لسانها و بتقول شوفوا قاعدة على قلبكم طظ فيكم.
صمتت قليلاً لتردف بكره :- علشان كدة لازم نتخلص منها بس نهدى و نرتب على رواقة.
_____________________________________
بالداخل تجلس بجوار والدها تهز قدمها بعصبية شديدة، وهي ترى تلك المدعوة سالي التي لم تغادر منذ أن أتوا.
طالعتها بغضب وهي ترى محاولاتها للتقرب من كتلة الجليد، و رغم أنه يصدها و يعاملها بنفس الجمود، إلا أن هذا يشعل فتيل اللهب بداخلها ولا تعلم ماهيته بعد.
طالعها والدها بتعجب قائلاً :- مالك يا رورو متضايقة ليه يا قلب بابا؟
أردفت بحنق :- هي الزفتة دي اللي ما تتسمى تسالي هتغور إمتى؟
جعد جبينه بعدم رضا قائلاً بعتاب :- مينفعش كدة يا رحيق دي مهما كانت ضيفة.
اصطكت أسنانها بعنف قائلة :- ضيفة مقولناش حاجة، إنما دي عمالة تدحلب ورا الفريزر من وقت ما جه من غير خشا، جاتها بلوة وهي حلوة كدة استغفر الله العظيم.
ضحك بخفوت قائلاً بمرح :- بس الفريزر أهو مش مديها وش يا رورو، اطمني. ثم أضاف بمكر :- و بعدين أنتِ متضايقة ليه؟
هزت كتفيها بعدم معرفة قائلة :- مش عارفة، بس حاسة إن في نار جوايا يا بابا مش هتطفي إلا لما أروح أجيبها من شعرها و أديها العلاقة التمام.
ضحك بصخب قائلاً بمكر :- كل دة و مش عارفة!حبيبة أبوكي أنتِ.
رفعت حاجبها بتعجب قائلة:- حضرتك بتضحك على إيه؟
كتم ضحكته بصعوبة قائلاً:- لا أبداً أصل شايف ناس هنا الغيرة هتجننها وهي مش عارفة.
أردفت بتعجب :- نعم! غيرة! مين دي اللي تغير؟ أنا أغير من الصفرا أم بدوي دي؟
أردف بتسلية :- مش كانت حلوة من شوية إيه اللي غير رأيك؟ وأنا مقصدش أنك غايرة منها بالشكل اللي أنتِ فهمتيه، أنتِ غيرتِ منها علشان هي قاعدة طول الوقت جنب مراد وأنتِ واقفة هنا زي الخايبة.
اتسعت عيناها بصدمة قائلة وهي تشير بإصبعها نحوها :- دة أنا! أنا أغير على الفريزر! نكتة حلوة أوي يا بابا.
هز رأسه نافياً وهو يقول :- لا يا حبيبة بابا دة اللي أنا شايفه حتى ولو كنتِ بتداريه جواكي أو مش عارفة تحددي مشاعرك و متلخبطة.
أردفت بإصرار :- لا طبعاً دة متهيألك .
نظر لمراد الذي دلف لتوه، فسرعان ما التصقت به الأخرى تحاول التودد إليه فهتف بمكر :- إلحقي مراد جه أهو.
رفعت أنظارها نحوه لتضغط على شفتيها بغل قائلة :- لا بقى مبدهاش يا أنا يا أنتِ يا أم بدوي!
أنهت كلماتها و انطلقت نحوهم كالقذيفة بينما ابتسم مجدي قائلاً بتأكيد:- و الله بتحبيه يا رحيق.
وقفت إلى جواره و حدجت الأخرى بنظرات أشبه بسهام تلقيها بها و ابتسمت باصطناع قائلة :- منورة يا تسالي يا أختي، أقعدي واقفة ليه؟
تأففت بضيق منها قائلة :- شكراً ليكِ .
ثم تجاهلتها قائلة بنعومة :- ها يا مراد هتصمم القرية السياحية لدادي إمتى ؟ بابا مش راضي حد يصمم غيرك.
أردف بجمود :- إن شاء الله هبتدي فيه أول الأسبوع يكون خلصت الشغل اللي في أيدي.
أسرعت تقول بلهفة :- طيب إيه رأيك نقعد برة نتكلم شوية أنا عاوزة أتكلم معاك شوية.
ضيقت الأخرى عينيها قائلة بخفوت :- مش هنولك اللي في بالك أبداً.
قالت ذلك ثم أسرعت تمسك ذراع مراد قائلة بجمود تعلمته منه أخيراً:- سوري أصل مراد تعبان و محتاج يرتاح شوية، بعد أذنك.
سارت معه نحو الأعلى و الأخير يتبعها باستسلام منه، وما إن دلفا للغرفة سحبت ذراعها بعنف قائلة بحدة :- عاجبك أوي يا أخويا اللي بيحصل تحت دة! البت الملزقة دي مش طايقاها أصلاً، وهي عمالة تتسهوك محن بنات بصحيح و أنت الموضوع جاي على هواك و……
احتجزها فجأة لتصطدم بالجدار خلفها، و لم يعطيها الفرصة إذ أقترب منها حد الخطر ينهل من رحيقها دون توقف .
بعد مدة ابتعد عنها قليلاً ليجد وجهها تحول إلى جمرة مشتعلة وعلى وجهها إمارات الصدمة، ابتسم بخفوت لأول مرة قائلاً بمكر :- ملقتش طريقة أفصلك بيها إلا دي، مبحبش الكلام الكتير و اللي ملهوش لازمة.
سحبت نفساً عميقاً تسترد به أنفاسها التي سلبها إياها منذ لحظات وهي تشعر بتصاعد وتيرة دقات قلبها على غير الطبيعة. حاولت التحدث ولكنها وجدت صعوبة بالغة في جمع الحروف إلى جوار بعضها بعد أن أثار زوبعة عنيفة بداخلها فنطقت أخيراً بتلعثم :- أنت… أنت…عملت إيه؟ والله لأروح أقول لبابا يا قليل الأدب، دة جزاته أنه مأمنك على بنته!
أردف بجمود :- والله بنته هبلة و مش مستوعبة إن إحنا متجوزين.
أردفت بانفعال :- يا برودك يا فريزر ولا كأن في حاجة حصلت !
شهقت بخوف حينما وجدت ذاتها محاصرة مجدداً يطل عليها بقامته الممشوقة، و مال على أذنها يهمس بفحيح :- لو الكلمة دي اتقالت تاني مش هيحصلك كويس، سامعة؟
هزت رأسها بموافقة، بينما تابع هو بانتصار:- شطورة و بتسمعي الكلام.
ضيقت عينيها بغيظ، و لتمحي تلك الابتسامة التي تزين ثغره والتي تراها لأول مرة، و فجأة غرزت أسنانها بذراعه بقوة، و لم تعطه الفرصة للإمساك بها إذ فرت للخارج و استدارت قائلة بانتصار :- مش أنا اللي يضحك عليا يا بابا تعيش و تاخد غيرها يا …يا فريزر.
ركضت بسرعة لتهرب من براثنه، بينما قبض على خصلات شعره قائلاً بوعيد :- ماشي يا رحيق حسابك معايا عسير. بقلم زكية محمد
___________—––___________——________
لازال على حالته يقف كالتمثال الذي لا حركة فيه ولا حياة، يحاول عقله المصعوق أن يستوعب مدى الصدمة الكهربائية التي تعرض لها منذ قليل، بينما أخذت تبكي بصوت مكتوم، ترثي كرامتها المهدورة و جروح فؤادها الغائرة .
تنحى عن كونه تمثالاً أخيراً ليتوجه ناحيتها قائلاً بعدم تصديق :- إزاي دة ؟ ازاي؟
لم يتلقى منها أية ردود سوى دموعها التي تهطل بغزارة و صوت شهقاتها التي تملأ المكان، فصرخ بانفعال :- انطقي إزاي؟ إزاي أنتِ لسة بنت؟ و أحمد؟ ردي عليا ..
انتفضت بخوف من صياحه المتكرر عليها فخرج صوتها قائلة بخفوت :- ابني!
صاح بغضب :- أنتِ هتجننيني؟ أومال إيه دة؟ استني استني هو أحمد ابن علي أصلاً؟
هزت رأسها بتأكيد قائلة :- اه والله ابنه، ابنه.
ضرب على الحائط بجوارها قائلاً بجنون :- إزاي؟ إزاي ابنه؟ مريم ! اتكلمي أنا على آخري.
أردفت بخفوت :- طيب ممكن تطلع برة الأول.
زفر بحنق قائلاً باستسلام:- ماشي يا مريم أنا هستناكي برة لما نشوف اخرتها إيه؟
قال ذلك ثم التقط قميصه ليرتديه و خرج ينتظرها بالصالة ريثما تتبعه، و ما هي إلا دقائق معدودة حتى ظهرت أمامه تسير بخطوات متمهلة، و تنكس رأسها للأسفل، ومن ثم جلست قرابته قائلة بوجع وهي تحدق بسجادة الأرضية :- قبل ما أتكلم يا ريت تنفذ كلامك و تطلقني لأن استحالة أعيش معاك تاني.
أردف بمهاودة ليعرف ما المخفي خلف تلك الجدران التي بنتها دون أن يعلم أحد بوجودها من الأساس:- ماشي هعملك اللي أنتِ عاوزاه، بس الاول قوليلي إزاي دة حصل؟
مسحت عبراتها التي لم تستطع التحكم فيها تلك المرة و خاصة أمامه هو، و شردت في نقطة ما وهي تسترجع تلك السنوات حيث بداية ألمها وهي، عندما أخبرها والدها بأنها ستتزوج من ابن عمها علي، و عندما اعترضت لم يعبأ لعدم موافقتها البتة، بل خطط كل شيء مع أخيه حتى تمت الزيجة بشكل مفاجئ للطرفين .
بعدما انتهى الزفاف صعدا للشقة الخاصة بهم والتي سيمكث بها للغد قبل أن يغادر للأسكندرية حيث مقر عمله هناك حيث يعمل مهندساً لإحدى الشركات الضخمة .
ارتجفت أوصالها بخوف من القادم لطالما رقصت تلك الزيجة التي لم تكن في الحسبان و أتت فجأة. ارتجف قلبها الصغير في قفصها الصدري، فكم تمنت في أحلامها الوردية أن تكون زوجة أخيه وليس هو. شهقت بخوف عندما سمعت صوته الأجش قائلاً :- أدخلي يا مريم هتقعدي عندك كتير!
هزت رأسها بضياع وهي تشعر و كأنها تُساق لمنصة الإعدام. صدح هاتفه بالرنين وما إن نظر لشاشته و رأى المتصل زفر بضيق و نظر لها قائلاً بتهرب :- أدخلي جوة يا مريم على ما أرد على التليفون.
خرج للشرفة ليرد على الهاتف قائلاً بهدوء :- أيوة يا بسمة.
أتاه صوتها قائلة بغضب :- جرا إيه يا دلعدي ما بتردش على التليفون ليه؟
أردف بغضب مكتوم :- هرد إزاي وأنا في الفرح اللي المفروض بتاعي يا نجيبة عصرك؟
أردفت بسخرية :- فرحك! اه قولتلي شكلك نسيت الاتفاق يا حبيبي!
زم شفتيه بضيق قائلاً :- لا منسيتش يا بوسبوس لسة على اتفاقنا.
أردفت بدلال :- أوعى تنسى بسبوستك حبيبتك.
ابتسم بهدوء قائلاً :- استحالة انساكي يا روحي هو أنا أقدر!
أردفت بحب :- في مفاجأة محضرهالك و عاوزة أقولهالك.
أردف بعبث :- دلوقتي! دة حتى النهاردة دخلتي.
أردفت بحدة :- طيب أبقى اعملها يا علي و شوف هعمل إيه؟
ضحك بخفوت قائلاً :- بحب غيرتك دي أوي، ها يا ستي قوليلي إيه هي المفاجأة؟
أردفت بفرح وهي تضع يدها على بطنها :- أنا حامل يا حبيبي.
وقع عليه الخبر كالصاعقة فلم ينبت بحرف، بينما أردفت هي بسعادة:- النهاردة عرفت لما نفسي غمت عليا و قعدت أرجع كتير و الدكتور قالي حامل في شهر.
و عندما لاحظت صمته أردفت بتعجب :- لولو أنت ساكت ليه يا حبيبي، أنت زعلان؟
أردف بتيه :- أنتِ حامل؟!
أومأت بموافقة وهي تقول بتذمر :- أيوة حامل بس الظاهر أنك مش مبسوط بالخبر دة، هو أنت بتقول إمتى لباباك إن إحنا متجوزين؟
أردف بشرود :- لما الأمور تهدى بعد ما بابا يكتبلي الأرض اللي في اسكندرية و تبقى باسمي، لو عرف إني متجوز من وراه مش هيسكت و خصوصاً لو عرف إنك……
صمت لتتابع هي بتهكم :- رقاصة مش كدة! بس أحب أفكرك يا عنيا إن لولايا مكنتش هتوصل للي وصلتله.
أردف بلوم :- الله! إيه لازمة الكلام دة بس دلوقتي؟ أنا مقصدش.
أردفت بعتاب و حزن :- ولا تقصد يا علي، واضح إنك عمرك ما هتتقبل إني كنت في يوم رقاصة قبل ما تقنع أبوك .
أردف بروية :- الموضوع مش كدة أنتِ عارفة أنه ميفرقش معايا لأني عارف ظروفك كويس، بس أبويا مش هيقبل دة بسهولة سيبيني أخطط بس.
أردفت بغيرة و غضب :- و السنيورة اللي عندك ! عارف بس لو لمست أيدها هعمل منك كفتة أنت فاهم؟
ضحك بغلب قائلاً :- دي مراتي دلوقتي يعني المفروض يحصل اللي بالي بالك ولا إيه؟
صرخت بحدة قائلة:- علي! بلاش تستفذني، أنا قولتها كلمة لو قربت منها هاجي عندك و أطربقها فوق دماغك.
أردف باستسلام :- خلاص يا بوسبوس، مش هقربلها حكم أنا عارفك متهورة و تعمليها.
رفعت حاجبها بانتصار قائلة :- أيوة يا حبيبي ربنا يكفيك شر مكر العوالم، هقفل معاك و نام في اوضة لوحدك واه هكون على إتصال بيك الليل كله أنا فاضيالك النهاردة.
زفر بضيق قائلاً :- سلام يا بسمة سلام.
أنهى المكالمة معها و دلف للداخل لتصيبه الصدمة حينما وجدها تقف بوجه شاحب، فصك على أسنانه بغيظ قائلاً :- أنتِ واقفة هنا ليه؟
هتفت بتلعثم وهي تكاد تخر أرضاً من هول ما سمعت :- أااا، ممممم….
قاطعها قائلاً بغضب :- أنتِ إيه انطقي.
أردفت بخوف منه:- أنا، أنا كنت، جيت، أسألك على مكان الاوضة.
أردف بغضب عاصف :- أنتِ سمعتي إيه؟
أردفت بوجه شاحب :- ممممم، ما سمعتش أنا مليش دعوة..
وما إن استدارت لتفر من بطشه، قبض على ذراعها بقوة ألمتها بشدة و أردف بغلظة :- تعالي هنا و كلميني..
نظرت له بذعر من هيئته فقالت بخوف طفولي :- مش هقول لحد والله، مش هقول.
جز على أسنانه بغيظ و هو يزفر بضيق فبالتأكيد سمعت ما قاله ليطالعها بنظرات نارية خشية أن تخبر أحد من العائلة و عندها سيحدث مالا يحمد عقباه، لذا شدد من قبضته قائلاً بفحيح :- لو اللي سمعتيه دة إتقال لحد هقتلك أنتِ سامعة ؟
هزت رأسها برعب قائلة :- حاضر يا أبيه علي..
قطب جبينه بتعجب، ألا زالت تنعته بتلك الصفة و قد سار زوجها! هز رأسه بعدم اكتراث قائلاً بقسوة :- أختفي من قدامي دلوقتي.
و بلحظة تبخرت و حبست نفسها داخل إحدى الغرف ولازالت على نفس صدمتها به، بينما جلس هو يزفر بضيق فقد سار كل شيء عكس ما يخطط و خاصة عندما سمعت مكالمته الهاتفية فهو غير مستعد لأي مواجهة الآن مع والده.
انقضت الأمسية سريعاً ليحل الصباح لينطلقا معاً نحو الاسكندرية بحجة قضاء شهر العسل، وكم كانت تود أن تظل إلى جوار والدتها فهي تشعر بالخوف كلما رأته..
ما إن خطت قدمها الشقة دب الخوف بقلبها لتعتليها الصدمة حينما رأت فتاة في مقتبل العشرينات تجلس واضعة ساق فوق أختها و تطالعها بعدم رضا.
نهضت من مكانها و وقفت قبالتها ثم أخذت تحدجها بتفحص قائلة بسخط :- هي دي العروسة يا علوة؟ أمممم، مش بطالة.
طالعتها مريم ببراءة قائلة :- أنتِ مرات أبيه علي؟
رفعت كلا حاجبيها قائلة بدهشة :- هو قالك ؟ هههه و كمان بتقولك يا أبيه حلوة دي! اه يا حبيبتي مراته و أم ابنه.
قالتها وهي تضع يدها على بطنها لتتراجع الأخرى بصدمة، بينما أردفت بسمة بتعالي :- شوفي يا حلوة في شوية قواعد كدة هقولك عليها، شايفة الأوضة دي؟
هزت رأسها بموافقة قائلة :- أيوة .
أردفت بحاجب مرفوع:- دي هتبقى أوضتك اللي هتعيشي فيها الكام شهر اللي جايين دول على ما الموضوع يخلص.
اعترض علي قائلاً :- بس يا بسمة..
قاطعته قائلة بإصرار:- اللي قولته هيتسمع يا علي، و دلوقتي أختار يا أنا يا هي.
جعد أنفه بضيق قائلاً :- إيه اللي أنتِ بتقوليه دة ؟ أنتِ عاوزاني أتخلى عن بنت عمي في الغربة؟!
أردفت ببراءة مصطنعة :- لا يا حبيبي أنا مقصدش كدة، أنا أقصد أختار مين اللي هتبقى مراتك فعلياً واظن أنت فاهمني كويس.
جز على أسنانه بغيظ و جذبها من ذراعها بعيداً قائلاً بضيق :- إيه اللي أنتِ بتقوليه قدامها دة؟ دي عيلة! 
أردفت بشهقة معترضة :- ولو يا عمري أنا ما أضمنش الظروف ولا أضمن الرجالة، مش يمكن تحلى في عينك بكرة ولا بعده؟
أردف بمهاودة :- يا بت أنتِ اللي في القلب هو في بعدك برده!
مصمصت شفتيها بعدم رضا قائلة :- كل بعقلي حلاوة كل، و أوعى كدة أنا زعلانة منك هي دي وحشتني بتاعتك!
غمز بعينيه لها بعبث قائلاً :- أظبط الأمور بس وأنا هوريكي وحشاني قد إيه؟
أردفت بوقاحة :- لا الدنيا متظبطة تعال أنت بس. ثم أردفت بصوت عال :- البيت بيتك يا مريومة طبعاً خدي راحتك، بعد أذنك هندخل جوة نريح شوية أصل لولو وحشني أوي.
قالت ذلك ثم سحبته من ياقة قميصه لإحدى الغرف، بينما وقفت هي كالصنم لا تعلم بما تفعل و كأنها في حلم توجهت للغرفة التي أشارت لها بسمة سابقاً، و وضعت حقيبتها أرضاً لتجلس بشرود على الفراش وهي تفكر بحالها الذي يشبه الكابوس الذي تتمنى أن ينتشلها أحد منه عما قريب.
زفرت بضيق قائلة :- أنا هتصل بالبت عزة تقولي النتيجة طلعت ولا لسة .
و بالفعل اتصلت بها لتجيبها الأخرى بفرحة :- مريم حبيبتي؟ أنتِ وصلتي؟
هتفت بخفوت :- أيوة يا عزة وصلنا من شوية.
ابتسمت بود قائلة :- حمداً لله على سلامتك، بس في عروسة تسيب عريسها و تقعد تتكلم مع صحبتها بالشكل دة! 
ابتسمت بوجع قائلة :- لا عادي هو معندوش مشكلة، طمنيني على النتيجة.
ابتسمت بحماس قائلة :- ألف مبروك يا عروسة جبتي %98 .
ابتسمت بسعادة غامرة قائلة :- بجد! أنا جبت كدة؟ 
أومأت بتأكيد قائلة :- أيوة يا روحي ألف مبروك وأنا جبت %95 .
أردفت بحب :- ألف مبروك يا زوزو .
أجابتها بفرح :- الله يبارك فيكِ ها هتدخلي صيدلة زي ما قلتي؟
هزت رأسها بنفي قائلة بحزن :- لا يا آلاء ما أنتِ عارفة بابا مش راضي يخليني أكمل تعليم بيقولي كفاية عليكي الثانوي، أنتِ بقى هتدخلي إيه؟
أردفت بحماس :- أنا هدخل كلية علوم بإذن الله أنا و البت سهام.
ابتسمت بمرار و أردفت بدموع مكبوتة :- ربنا معاكم و يوفقكم، سلميلي على سهام لما تشوفيها سلام.
أنهت معها المكالمة لتسقط على الفراش تنتحب بصوت مكتوم وهي ترثي حلمها الضائع قائلة بخفوت :- حرام عليك يا بابا تحرمني من كل حاجة حلوة.
بعد مرور أسبوع استمرت فيه بسمة بالحيطة و الحذر تجاه مريم كي لا ينفرد علي بها، فهي تقف بينهما كالحاجز و تقريباً تضعه كالخاتم في إصبعها فلا يعصي لها أمراً.
كانوا يجلسون على الطاولة يتناولون الطعام بهدوء حتى قطعته هي حينما أردفت بخفوت :- علي ممكن أطلب منك طلب؟
نظر لها بانتباه قائلاً :- اتفضلي يا مريم.
فركت أصابعها بتوتر و أردفت برجاء :- أنا جبت %98 في الثانوية العامة و يعني ….يعني كنت عاوزة أدخل صيدلة ممكن تخليني أكمل و أروح الكلية، وحياة بسمة عندك.
ثم طالعت بسمة قائلة برجاء :- بالله عليكي قوليله يوافق أكمل ، وأنا والله مش هضايقكم خالص، و هعمل شغل البيت كله كمان علشان حضرتك حامل يعني وكدة..  بقلم زكية محمد
لاحت ابتسامة انتصار على ثغرها فهي فرصة مناسبة فستغيب كثيراً عن المنزل و ستشغل ذاتها بالاستذكار لذا هزت رأسها قائلة بحنو زائف :- متقلقيش يا حبيبتي أكيد علي معندهوش مانع، الكلية قريبة هنا و مفيش مشكلة، إيه رأيك يا علي؟
هز رأسه بتفكير قائلاً :- أنا ممكن أوافق بس بشرط.
أردفت بلهفة :- قول بسرعة وأنا هنفذ ..
أردف بهدوء :- ما تحكيش أي حاجة بالموضوع دة لا لأهلي ولا لأهلك ولا أي مخلوق برة.
هزت رأسها بفرح قائلة :- حاضر حاضر والله ما قُلت ولا هقول، اطمن.
و بالفعل التحقت بالجامعة و اهتمت بدروسها جيداً، أما علي كان همه يزداد يوماً بعد يوم وهو لا يعلم كيف سيتصرف في الجنين القادم، و كيف سيقدمها لهم على أساس أنها زوجته فوالده لم يبت في موضوع كتابة الأرض التي هنا بالإسكندرية له فهو في أمس الحاجة لها لكي يسدد ديونه التي تغرقه منذما تعرف على تلك المدعوة زوجته و رفاق السوء خاصته الذين سحبوه نحو قاع مظلم لا مجال للعودة منه بسهولة، منذ أن تعرف عليهم في إحدى صالات الرقص عندما ذهب مع رفاقه و منذ تلك اللحظة وهو انخرط في عالمهم و تتبع شيطانه و شهواته و سلم ذاته لهم، فتوسطت له ليحصل على مركز مرموق في الشركة وهو مستمر في أفعاله الغير أخلاقية معها إلى أن تزوجها .وها هو يجني ثمار ذلك فقد أصبح مدمناً للمخدرات التي جعلت الأموال تتكاثر عليه من قبل هؤلاء اللذين يطالبون بنقودهم، ولذا هو في أمس الحاجة لبيع قطعة الأرض تلك.
ولم ينتهي الأمر عند ذلك ليفاجئ أن والده قد حدد موعد زواجه من ابنة عمه التي لا يعرف عنها سوى اسمها و بعض الملامح لها لعدم رؤيته لها لسنوات طويلة، فما كان منه سوى الموافقة لكي لا يصغر والده أمام عمه، و ها هو في نيران ألقى بنفسه بها ولا يعرف ما يفعله للنجاة، فلا منفعة من الندم الآن.
أخذت تلح عليه بأن يخبر أهله و لكنه أخذ يتهرب منها فبأي وجه سيواجه والده فيجب أن يقف على أرض صلبة .
بعد مرور شهرين دلف لغرفتها كالعاصفة حينما سمعها تتحدث مع أحدهم و علامات الغضب على محياه.
ازداد خفقان مضغتها بين ضلعيها قائلة بتلعثم :- أااا، خير يا علي في إيه؟
هتف بغضب :- مين اللي بتحبيه دة إن شاء الله؟ طرطور أنا! هو أنا علشان سايبك بمزاجي هتاخديني على قفايا؟
هزت رأسها بنفي قائلة :- أااا، مبحبش حد، أنت، أنت سمعت غلط.
جذبها من خصلات شعرها بغضب قائلاً :- هو مين انطقي بدل ما أشرب من دمك.
أخذت تصرخ و تتلوى بين يديه قائلة :- اه سيب شعري حرام عليك.
صفتها بقوة قائلاً بعصبية شديدة :- دة أنا هقتلك النهاردة لو ما نطقتيش .
قال ذلك ثم انهال عليها بوابل من الصفعات حتى هتفت أخيراً بضعف :- إسلام، إسلام..
توقفت يده في الهواء وهو يحدجها بصدمة قائلاً:- إسلام! إسلام مين؟ أخويا؟
هزت رأسها بخفوت بنعم، بينما صاح هو بغضب :- ولما أنتِ بتحبيه كدة قبلتي تتجوزيني ليه؟
أردفت بوجع :- أنا مليش دعوة هما اللي قالوا وعملوا كل حاجة، كفاية حرام عليك ما تضربنيش تاني.
كور يده بغضب و لوهلة شعر بمدى حقارته أمامها، فيبدو أنه ليس هو الوحيد الذي أُجبر على تلك الزيجة. زفر بضيق قائلاً :- خلاص بطلي عياط.
ثم أردف بابتسامة مطمئنة :- بتحبيه أوي كدة؟
نظرت له ببلاهة، بينما كرر هو سؤاله قائلاً :- مجاوبتيش يعني؟ 
نكست أرضاً ولا تعلم لما تجيبه، أتخبره أنها تعشقه منذ نعومة أظافرها منذ أن تعلمت كيف تمشي برفقته حينما يصطحبها للوكالة الخاصة بهم، كيف تخبره بكل ذلك وهو زوجها الآن، و ليس الآخر الذي طعنها بخنجر حينما علمت أنه يحب جارتهم التي كانت معه بالجامعة.
ربت على كتفها فانتفضت بدورها فأردف مسرعاً :- متخافيش مش هعملك حاجة، أنا عاوزك تذاكري دلوقتي و بعدين ربنا يسهل.
قال ذلك ثم خرج قائلاً بندم خافت:- أنتِ لسة صغيرة لدرجة أنك متستاهليش واحد زيي.
خرج للصالة ليجد بسمة تصوبه بسهام حارقة و هتفت بتبرم :- خير يا أخويا إيه اللي دخلك عند السنيورة ؟
هتف بحنق :- دي مراتي يا بسمة زيها زيك.
شهقت باستنكار قائلة :- نعم! من إمتى دة يا أخويا ؟ لا يا حبيبي أنا براوية و لحمي مر، أنا زي الفريك محبش شريك، كفاية راضية أنها على ذمتك لحد دلوقتي و مطلقتهاش. بقلم زكية محمد
أردف بخذي من نفسه :- هطلقها يا بسمة مش علشانك لا علشان بس أنا مستهلهاش…..
يتبع..
لقراءة الفصل الثامن عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية الساحر للكاتبة ياسمينا

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!