Uncategorized

رواية لا تعشقني كثيراً الفصل الحادي عشر بقلم بتول علي

 رواية لا تعشقني كثيراً الفصل الحادي عشر بقلم بتول علي

رواية لا تعشقني كثيراً الفصل الحادي عشر بقلم بتول علي

رواية لا تعشقني كثيراً الفصل الحادي عشر بقلم بتول علي

-“اهدأ فارس … لا يوجد داعي لكل هذا الغضب”.
نطقها عمر في محاولة لتخفيف غضب فارس الذي ينظر إلى والدته والشرر يتطاير من عينيه.
-“أنا من قمت بدعوتها”.
هتف بها وليد الذي كان يتابع ما يحدث وهو يقف بالقرب منهم وقرر التدخل بعدما رأى ثورة فارس وصراخه في وجه والدته.
-“أنت!!”
نطقها فارس متعجبا من تصرف وليد الذي يعلم أنه يكره والدته أكثر من أي شيء ولا يحتمل التواجد معها في مكان واحد وذلك لأنه تركته وهو صغير وتطلقت من والده وتزوجت برجل أخر.
-“لماذا دعوتها وليد؟! أنت تعلم جيدا أنني لن أسامحها مهما حدث … أنا لا أصدق أنك فعلتها وأنت أكثر من يعلم بكل ما مررت به أنا وشقيقتي بسبب تلك المرأة!!”
رمق فارس والدته بنفور شديد ثم ابتعد عنها ولم يعبأ بنداء وليد المتكرر باسمه.
ذهب نحو كاميليا التي كانت تلتقط الصور التذكارية برفقة إيمان ثم سحبها من ذراعها بقوة جعلتها تشعر وكأن أصابعه اخترقت جلدها.
حاولت كاميليا أن تنفض يده ولكنها لم تستطع وهذا الأمر جعله يزيد من قوة ضغطه على معصمها.
هتفت بضيق وهي تحاول أن تحرر ذراعها مرة أخرى من بين كفه الغليظ:
-“فارس أنت تؤلمني”.
-“اصمتي!!”
صرخ بها بغضب وهو يفتح باب السيارة ثم التفت لها قائلاً بحدة:
-“اصعدي إلى السيارة ولا تتفوهي بكلمة واحدة وإلا أقسم لكِ أنك سترين وجها أخر أسوء بكثير مما قد يتصوره عقلك الغبي”.
انتابتها موجة عارمة من الغضب وخاصة عندما نعتها بالغبية ولكنها سيطرت على انفعالاتها وخاصة عندما رأت نظرته القاتمة وملامح وجهه الغاضبة بطريقة لم تر مثلها من قبل وهذا يعني أن هناك شيئا ما حدث في الحفلة أثار غضبه وجعله يصل إلى تلك الحالة.
صعدت “كاميليا” إلى السيارة وهي تتوعد له ولكنها تظاهرت بالهدوء فهي ليست غبية حتى تقف أمامه الآن وهو غاضب إلى هذه الدرجة بل ستتركه يهدأ ثم ستثأر لكرامتها وستجعله يندم على إهانتها فكما يقال “أخذ الحق صنعة” وهي ستتفنن في اختيار الطريقة التي ستأخذ بها حقها.
أدار “فارس” المقود وانطلق بسرعة شديدة جعلت الرعب يدب في أوصالها فهذا المتهور قد يصطدم بأي شيء يصادف طريقه بسبب سرعته المجنونة ولكنها وعلى الرغم من خوفها لم تستطع أن تطلب منه أن يخفض سرعته لأنها خافت من ثورته.
وصلا أخيرا إلى المنزل فتنفست الصعداء وهي تضع يدها على قلبها الذي كان يخفق بجنون بسبب الخوف الذي شعرت به طوال فترة عودتهما إلى المنزل.
خرجت كاميليا من السيارة ودلفت إلى المنزل في الوقت الذي كان فارس يصف به سيارته في الجراش.
-“الحمد لله أنني لا أزال حية”.
تفوهت بها وهي تركض نحو غرفتها ثم أوصدت الباب خلفها.
أخرجت هاتفها من حقيبتها واتصلت بابنتها وأخبرتها أنها عادت إلى المنزل حتى لا تشعر بالقلق عندما تلاحظ اختفائها المفاجئ من الحفل.
دلف فارس إلى غرفة نومه ووضع رأسه بين كفيه وهو يجلس على السرير … صاح بغصة وهو يغمض عينيه بقهر:
-“لماذا فعلتها وليد؟!”
لكم حافة السرير بيده لتنجرح وتسيل منها الدماء … نظر فارس إلى جرح يده الذي آلمه بشدة ولكنه ليس بمقدار الألم الذي سببته له والدته التي تركته وهو في أمس الحاجة إليها.
تذكر تلك الصفعة التي تلقاها على وجهه عندما سأل والده عن والدته التي اختفت.
تحسس فارس وجنته موضع الصفعة وأخذ يبكي بشدة أمام والده الذي أمطره بعبارات التوبيخ الحاد فقد سأم من سؤاله المتكرر عن والدته.
-“قلت لك أنها رحلت … لمَ لا تريد أن تفهم أنها تركتنا وذهبت ولن تعود مرة أخرى!!”
وضع فارس يده على أذنه حتى لا يستمع إلى المزيد من الكلمات الجارحة ثم ذهب إلى غرفته ولحقت به فريدة التي كانت تبكي هي الأخرى وجلست بجواره وقالت:
-“أخبرني فارس لماذا تركتنا أمي؟ اذهب إليها وأخبرها أنني سأسمع كلمتها وسأفعل كل ما تريده منِّي إذا عادت”.
انتفض من غفوته القصيرة عندما أصدر هاتفه صوت رنين قوي وأضاءت الشاشة باسم شقيقته فريدة … أجاب على الاتصال لتباغته فريدة قائلة بقلق:
-“أين ذهبت فارس؟ بحثت عنك كثيرا ولم أجدك”.
أجابها وهو يتنهد بألم:
-“شعرت بالاختناق فعدت إلى المنزل”.
سألته بتعجب وقد بدأ القلق يتسرب إليها:
-“أخبرني الحقيقة … ماذا حدث فارس؟”
انتظرت قليلا قبل أن يجيبها بنبرة متلعثمة:
-“لا شيء حبيبتي … تعلمين أنني لا أطيق رؤية مهاب بعد ما فعله معي”.
أنهى عبارته وأقفل الهاتف دون أن يخبرها أي شيء عن رؤيته لوالدتهما في الحفل حتى لا تتألم وتحزن مثله وتمنى من كل قلبه ألا تفكر كثيرا وتقتنع بجوابه. 
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
وضعت فريدة هاتفها جانبا وهي تزفر بحنق من أفعال شقيقها الذي لن يتغير أبدا.
-“مدام فريدة”.
التفتت إلى مصدر الصوت لتتفاجأ بخالد فابتسمت وقالت:
-“أهلا سيد خالد … كيف حال ابنتك؟”
بادلها ابتسامتها قائلاً:
-“بخير والحمد لله … لا ينقصها سوى رؤية زينة فكما تعلمين هما صديقتان مقربتان للغاية وتلك الإجازة وقفت حائلاً بين رؤيتهما لبعضهما”.
أومأت فريدة بتفهم:
-“أنت محق … زينة تعاني هي الأخرى من هذا الأمر”.
استغرق خالد دقيقتين من التفكير قبل أن يردف:
-“ما رأيك أن نحدد موعد يناسب كلينا ونجمعهما سويا في إحدى الحدائق العامة؟”
ابتسمت فريدة بحماس فقد راقت لها تلك الفكرة كثيرا:
-“فكرة رائعة وأعتقد أن عطلة نهاية الأسبوع ستكون مناسبة جدا لتنفيذها”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
قلب أسر في ألبوم الصور التي جمعها لمهجة وظل يتأملها بحزن وشرود قطعه صوت والدته التي دلفت إلى الغرفة ، ووقفت خلفه ، وتجهمت ملامحها عندما رأت صورة مهجة أمامها:
-“إلى متى ستظل على تلك الحالة؟ لماذا لا تريد أن تفهم أنها تزوجت منذ عدة أعوام ولم يعد بإمكانك أن تتزوجها؟!”
لم تحصل منه سوى على الصمت وملامح الأسى التي رمقها بها والتي تثبت لها أنها غارق في بحور عشق تلك المرأة حد النخاع.
رمقته بصرامة وهي تتحدث بنبرة قوية حتى تنتشله من بحر الذكريات الذي سيغرق به إذا ظل مستغرقا في حب مهجة:
-“يجب أن تنسى تلك المرأة وتمحوها من ذاكرتك إلى الأبد … أنت لم تقصر في حقها وفعلت من أجلها المستحيل حتى تتزوجها ولكن والدها الجشع وقف عائقا في طريق حلمك”.
استطردت بنبرة حانية وهي تحاول جاهدة أن تحافظ على قناع جمودها الذي على وشك أن يتبدد ويحل محله الانهيار فهي لن تحتمل خسارة صغيرها ووحيدها: 
-“أنت لم تخطأ يا عزيزي … أحببتها وذهبت إلى منزلها ، وطلبت يدها من والدها كما يفعل الرجال ولكنه لم يهتم بأخلاقك وأصول عائلتك فكل ما كان يشغل باله هو الأموال التي لن تستطيع أن توفرها له”.
شهقت بمرارة اجتاحت صدرها ، وانهارت بعد أخر كلمة قالتها:
-“لا أفهم لماذا تعذب نفسك وتحملها مسؤولية طمع هذا العجوز البشع … ربما تكون مهجة فتاة جيدة ولكن والدها هو أسوء رجل قابلته في حياتي … شخص أناني وحقير ويعشق المال بجنون لدرجة تدفعه لبيع ابنته وكأنها سلعة نفيسة لمن يدفع له أكثر”.
التفت إليها محدجا إياها بشرود وهو يغمغم بمرارة استوطنت داخل قلبه لسنوات نتيجة فراقه عن محبوبته:
-“لقد باعها منذ سنوات وانتهى الأمر أمي”.
نبرته التي تقطر ألما وعيناه التي يكسوها الحزن كانت سببا كافيا لجعلها تتألم من أجله ولكن ماذا عساها أن تفعل؟ فعلت كل ما يلزم حتى تجعله يحظى بتلك الفتاة وتحملت كلمات والدها اللاذعة ولكنها لم تفلح في تحقيق أمنيته الوحيدة.
-“لماذا لا تنساها طالما أنك تعرف أنه باعها وزوجها لغيرك؟”
تنهد بثقل وهو يجيب:
-“لأنني أراها كل يوم في أحلامي وهي تجلس داخل قفص موحش وتبكي وتنظر إليَّ وكأنها ترجوني أن أحررها من أسرها”.
ابتلعت غصتها المريرة قائلة وهي تحتضنه مربتة بخفة على ظهره وكأنه لا يزال طفل صغير يحتاج إلى رعاية واهتمام والدته حتى يتجاوز جميع الصعوبات التي تقف في طريقه:
-“هذه مجرد أوهام داخل رأسك وليس لها وجود على أرض الواقع  … أؤكد لك أنها سعيدة جدا مع زوجها وربما تكون أنجبت منه الكثير من الأطفال بينما أنت معتكف في محراب عشقها ولا تريد أن تغادره أبدا”.
-“ومن قال لك أنني لم أحاول أن أغادر هذا المحراب؟!”
نطقها أسر بحزن لتهتف بجدية وكأنها قبضت بيدها على الفرصة الذهبية التي ستعيد ابنها إلى سابق عهده:
-“لا يوجد أمامك سوى طريقة واحدة لتنسى مهجة”.
قطب جبينه بتساؤل:
-“وما هي تلك الطريقة؟”
-“أن ترتبط وتتزوج بفتاة أخرى”.
صدمته إجابتها الحازمة والتي أكدت له أنها تفكر بشكل جدي في الأمر منذ فترة وربما تكون اختارت له العروس أيضا وهذا ما دفعه لسؤالها والفضول يتآكله:
-“هل تفكرين في فتاة بعينها؟”
أومأت برأسها ليتنهد قائلا بحسم فقد سأم من تلك الدوامة التي علق بداخلها لسنوات:
-“حسنا … أخبريني من تكون وسنذهب معا لنطلب يدها من والدها”.
اتسعت ابتسامتها ومالت عليه تقبله من جبينه فقد اقتنع ابنها أخيرا بأنه يجب أن ينسى الماضي ويبدأ من جديد:
-“لا أصدق أنك قررت أخيرا أن تريح قلبي الذي تألم كثيرا من أجلك … كن واثقا بأنك لن تندم أبدا لأنك استمعت إلى نصيحتي”.
استكملت بسعادة غامرة وكأنها تحلق وسط الغيوم:
-“تريد أن تعرف من تكون تلك الفتاة التي أفكر في أن أجعلها زوجتك ، صحيح؟”
هز رأسه لتتابع بابتسامة مشرقة:
-“إيمان ابنة عم صديقك … فتاة هادئة ومهذبة ونحن نعرف عائلتها منذ سنوات طويلة … أخبرني بصراحة ، ما رأيك بها؟”
هتف بتأييد فوالدته معها حق في كل كلمة قالتها عن تلك الفتاة التي لم يرها في حياته سوى مرات قليلة:
-“أنت محقة بشأنها فهي تختلف كثيرا عن شقيقتها وزوجة والدها”.
استسلم أسر لرغبة والدته وتابع:
-“كل ما يهمني الآن هو سعادتك وإذا كنت تريدين أن أتزوج إيمان فسأفعل”.
تنهدت بارتياح وقالت:
-“رضي الله عنك يا فلذة كبد والدتك”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
أشرقت شمس الصباح وفارس لا يزال مستيقظا فهو لم يغمض له جفن طوال الليل وسؤال واحد ظل يتردد بداخله طوال الليلة وهو لماذا قام وليد بدعوة والدته إلى الحفل؟ ما الذي يريد أن يصل إليه من وراء تلك الخطوة؟ هل يعتقد بأنه سيصفح وينسى هذا الجرح الذي تأجج داخل صدره لسنوات؟! 
أمسك هاتفه يتفقده ووجد به العديد من الاتصالات الفائتة من وليد فزفر بحنق وتوجه إلى الحمام.
خرج من الحمام وهو يجفف رأسه بالمنشفة ثم وضعها جانبا وغادر غرفته وتوجه إلى المطبخ … فتح باب الثلاجة وأخرج منها الجبنة والمربى وثلاث بيضات.
دلفت كاميليا إلى المطبخ في الوقت نفسه الذي كان فارس يقوم فيه بوضع المقلاة على الموقد ثم فقع أول بيضة وانتظرها حتى تنضج قبل أن يخرجها ويضع الثانية.
اقتربت منه كاميليا ونظرت بإعجاب إلى الفطور الذي أعده وقالت:
-“يبدو شهيا … لم أكن أعلم بأنك تجيد الطهي”.
أمسك فارس بالبيضة الثالثة وصدمها برأس كاميليا حتى تتصدع قليلا قبل أن يضعها في المقلاة لتزفر كاميليا بغيظ وهي تتحسس جبينها:
-“أظن أنه لا يوجد داعي لفظاظتك”.
مدت يدها حتى تلتقط قطعة من الخبز ولكنه ضربها على كفها بخفة قبل أن يحمل الصينية وقال:
-“هذا فطوري … إذا أردت يمكنك أن تعدي الفطور لنفسك فأنا لست خادمك حتى أحضر لك الطعام”.
أنهى جملته وتوجه إلى غرفته تاركا إياها تنظر إلى أثره بغضب وتمتمت بغيظ:
-“قليل الذوق”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
انقضت الأيام حتى أتت عطلة نهاية الأسبوع وذهبت فريدة برفقة زينة وسلمى إلى أحد المتنزهات العامة وفعل خالد المثل مع ابنته أسيا.
ذهبت زينة برفقة أسيا إلى إحدى الألعاب وتوجهت سلمى إلى المقهى ولم يتبق سوى خالد وفريدة.
تحدث خالد في أمور عدة واندمجت معه فريدة بسرعة في الحديث بل وضحكت أيضا على بعض الأشياء المضحكة التي قالها.
خرجت سلمى من المقهى وتوجهت نحو الطاولة التي يجلس عليها كلا من خالد وفريدة … انتابتها الدهشة عندما لاحظت ضحكات فريدة ، وتوارت خلف الحائط حتى يتثنى لها رؤية ما يحدث دون أن تراها فريدة … ظلت تتابع حديثهما وابتسامتهما وتردد بداخلها شعور قوي بأنها وفقت رأسين في الحلال بعدما كانت سببا في معرفة كلا منهما بالأخر.
مر بعض الوقت قبل أن تستأذن فريدة وتغادر المتنزه برفقة زينة وسلمى.
وصلوا أخيرا إلى المنزل لتتفاجأ فريدة برؤية طليقها يقف أمام منزلها وينظر لها بغضب.
التفتت إلى سلمى وطلبت منها أن تصطحب زينة إلى الداخل ثم توجهت نحو هشام وهتفت بسخط:
-“خير!! ما الذي أتى بك إلى منزلي؟”
قبض هشام على معصمها بغضب قائلاً وهو يرمقها بملامح حادة تجعلها تدرك بأنه يريد أن ينقض عليها:
-“من يكون هذا الرجل الذي كنت تجلسين برفقته في المتنزه؟”
أزاحت ذراعه وهي تتمنى أن تصفعه على وجهه حتى لا يتجاوز حدوده معها مرة أخرى ثم هتفت بحنق:
-“هذا الأمر لا يعنيك … ابتعد عن طريقي وإلا سأخبر  أخي بأنك أنت من قمت بالتدبير لاختطاف زينة وأنت أكثر من يعرف ماذا سيفعل بك فارس إذا علم بهذا الأمر”.
أردف بتلعثم وهو ينظر لها بعينين زائغتين:
-“لست أنا من خطط لاختطاف زينة”.
تعالت ضحكاتها وهي ترمقه بازدراء فهو يستخدم عقله ويبتدع طرقا تجعله يسقط من عينيها.
-“كاذب … لا يوجد أحد غيرك دبر إلى هذه الحادثة”.
دلفت إلى المنزل وتركته يلعن حظه السيء … جلست فريدة على الأريكة وهي تشعر بالحزن لأنها كانت تحب شخص حقير كوالد طفلتها.
تذكرت فريدة عندما تخطت خوفها بعد حادثة زينة وفكرت في الأمر ووجدت أن هشام هو الوحيد الذي سيستفيد من اختطاف ابنتها فهو يعلم جيدا أنها نقطة ضعفها وأنها هي الوسيلة الوحيدة التي قد تجعلها تعود له بعد كل ما فعله بها.
أما في الخارج فقد كان يقف هشام وملامحه تعكس بوضوح الثورة التي يشعر بها … لا يصدق بأن فريدة لا تزال تفهمه إلى تلك الدرجة التي تجعلها تعلم بأنه هو من أراد أن يختطف زينة.
توجه إلى سيارته وابتعد عن المنطقة وهو يتمتم بتوعد:
-“أقسم أنني سأعيدك إلى عصمتي وسأجعلك تندمين على كل تلك الأفعال”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
-“انظري إليه كاميليا جثة هامدة لا حول لها ولا قوة … هل ظننت أنه يمكنه أن يقف في وجهي ويتحداني من أجلك؟! لم أعهدك غبية إلى تلك الدرجة … ألم يخطر في عقلك أنني سأفعل بفارس ما فعلته بمراد؟!”
نطق جابر بتلك العبارات وهو ينظر بسخرية إلى جثة فارس الملقاة أمامه ثم استطرد بسخرية وهو ينظر إلى كاميليا التي تبكي بشدة:
-“هذا أمر مؤسف بالفعل … سترتدين الأسود وتشيعين جنازة زوجك كما فعلتِ من قبل أيتها المسكينة البائسة”.
صرخت كاميليا بجزع وهي تحرك جثة فارس تستجديه أن ينهض وألا يمت ويتركها كما فعل مراد:
-“أرجوك فارس!! انهض من أجلي … أرجوك لا يمكنني أن أعيش من دونك … أنت نبض قلبي ومن دونك سأموت ولن يكون لي وجود من بعدك”.
ظل فارس ساكنا ولم يتحرك مما دفعها لتصرخ بشدة وهي تحتضن جثته وتبكي بنحيب على خسارتها الفادحة وتساءلت كيف ستحتمل هذا الألم؟ 
نظرت حولها بتشتت وضياع قبل أن تستقر عيناها على سكين ملقاة بالقرب منها فانتشلتها بسرعة وشقت رسغها بلا رحمة لتتناثر دمائها على الأرض.
استيقظت كاميليا من نومها وهي تصرخ بفزع وتصيح باسم فارس الذي خرج من غرفته بعدما سمع صراخها وتوجه نحوها حتى يتفقدها … وجدها تجلس في إحدى زوايا الغرفة ودموعها تهطل بشدة … اقترب منها وأخذ يهمس في أذنها ببضع كلمات حتى هدأت ثم سألها بقلق:
-“ماذا حدث لكِ كاميليا؟”
احتضنته كاميليا بشدة وهي تهمس بترجي:
-“ابتعد عنه فارس … لا تدعه يقترب منك … صدقني لن أحتمل خسارتك أنت أيضا”.
حملها ووضعها في سريرها ثم دثرها جيدا وظل بجوارها حتى غفت ثم خرج من غرفتها وهو يتمتم بحيرة:
-“من الذي تقصديه بحديثك يا تُرى؟”
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
توجه “أسر” إلى شركة عمر واستقل المصعد حتى وصل إلى مكتبه فتوجه نحو السكرتيرة وطلب منها أن تبلغ عمر بأنه ينتظره في الخارج.
خرجت السكرتيرة من المكتب وهتفت بتهذيب:
-“تفضل … السيد عمر ينتظرك في الداخل”.
دلف أسر إلى المكتب وصافح عمر ثم جلس أمامه قبل أن يشرع في الحديث:
-“أنت تعلم جيدا أنني أحببت امرأة من قبل وتعلقت بها كثيرا ولكن شاء القدر ألا نكون معا ولهذا السبب قررت أن أبدأ من جديد مع فتاة أخرى”.
ابتسم عمر بشدة وقال:
-“صدقني هذا أفضل شيء قمت به”.
ضيق عينيه واستطرد بنبرة مازحة:
-“هيا أخبرني ، من تكون تلك الفتاة التي قررت أن تتزوجها؟” 
نظر له أسر وهتف بابتسامة:
-“إيمان ابنة عمك”.
يتبع..
لقراءة الفصل الثاني عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!