Uncategorized

رواية أشلاء الفصل الثامن عشر 18 بقلم علي اليوسفي

 رواية أشلاء الفصل الثامن عشر 18 بقلم علي اليوسفي

رواية أشلاء الفصل الثامن عشر 18 بقلم علي اليوسفي

رواية أشلاء الفصل الثامن عشر 18 بقلم علي اليوسفي

لم يخذله حدسه يوماً، دائما ماكان يعتمد عليه في حلّ أغلب قضاياه، وكان يقوده دائماً إلى المجرم مباشرةً مهما برع برسم قناع البراءة على مُحيّآه.
وكذلك يخبره حدسه الأمني الخبير بأن يوسف خلفه أسرارٌ كثيرة، بينما يقف الآخر أمامه وتنبعث من عينيه أنهار من الحقد والكراهية الموجهة ضد براء،.
كان الصمت سيد الموقف بينهما وهي تقف هناك ولاتفهم سبب هذا العداء وكأن بينهما ثأراً قديماً، بيدْ أنها فوجئت بنبأ إبعاد براء عن التحقيق وشعرت بالخيبة لكنها لم تجد لهذا الشعور تفسيراً.
مرّت ثوانٍ عدّة قبل أن يقطع براء هذا الصمت المشحون بالعديد من المشاعر المختلطة،ليسأل يوسف بهدوءٍ مُريب: وكيف علمت بأمر إبعادي عن القضية؟؟
ارتبك يوسف لثانية واحدة ،سرعان ما ضبط إيقاع نبرته راسماً ابتسامة باردة على شفتيه ليجيبه : إنّ الأخبار تنتقل بسرعة هنا سيد براء.
ثم رفع كتفيه بزهوّ مضيفاً بلا مبالاة: و هذا مايميز لبنان.
رمقه براء بنظرات تنمّ عن عدم تصديقه، فأتاه صوت أميرة السائل بإحباط: هل حقاً تمّت تنحيتك عن متابعة القضية سيادة الضابط؟؟
تطلع إليها وشعور طفيف بالسعادة اجتاحه عندما لاحظ نبرتها المُحبطة، ابتسم بتلقائية لتظهر غمازتيه وهو يستدير نحوها بجسده متحدثاً برقة:الحقيقة نعم آنسة أميرة. 
سيطرت علامات الخيبة على وجهها، في حين أضاف براء : لكنني سأبقى مُتابعاً مع المُحقق الجديد .
ثمّ تابع بابتسامة مُشرقة: ولا تنسي أننا أصدقاء. 
ابتسمت برقة وهي ترمقه بنظرات لاتعرف ماهيّتها،ربما هي فقط سعيدة لأنها ستراه دائماً ولا تعلم السرّ وراء ذلك.
……………………………………..
عقد يوسف حاجبيه بضيقٍ من تواصلهما المُستفز له، اقترب حتى حال بينهما بجسده ليهمس لبراء بغلٍّ دفين: ومنذ متى أصبحتما أصدقاء حضرة الضابط؟؟
رفع رأسه بعنادٍ قائلا بابتسامة ساخرة: وهل هناك مايمنع صداقتنا؟؟؟
ابتسم بشرٍّ وهو يجيبه ببرود: طبعاً، نظراً إلى أنها خطيبتي، أم أنني شفافٌ لدرجة أنك لاتراني؟؟
هزّت أميرة رأسها بيأس من حديث يوسف، بينما ابتسم براء بتهكم قائلا بسخرية : أرجوك، لاتخبرني أنك تغار؟؟
قابله يوسف بأخرى باردة، مُتحدّثاً بغطرسة: أنا رجلٌ شرقيٌ في النهاية سيادة الضابط، ولديَّ غيرتي على ما يخصني. 
اتسعت ابتسامته المُتهكمة ليجيبه قاصداً إهانته: حسناً لأعترف لقد فاجأتني، لم أعتقد أنّ لك شرف الانتساب لأصولك الشرقيّة، ظننتُ أنّ الحياة في أمريكا أنستكَ جذورك. 
اختفت ابتسامته وقد استشعر الإهانة والسخرية في معرض حديثه، ضيّق عينيه وهو يرمقه بنظرات حاقدة،وهي تقف هناك تراقب ما يحدث وتشعر بنفسها حرفياً كالبلهاء، لم تفهم لمَ هذا الجوّ المشحون بالكراهية الواضحة،حقاً لم تفهم!!! 
حمحمت وهي تتحرك من خلف يوسف موجهةً حديثها إلى براء سائلةً: إذاً سيادة الضابط، كنتُ أودّ سؤالك إذا ماكنتُ أستطيع استلام جثة والدي لنقوم بدفنها؟؟
قابلها براء ليبتسم لها بصدقٍ مجيباً : نعم آنسة أميرة، بإمكانك تقديم طلبٍ لاستلامها في أي وقت.
قاطعه يوسف موجهاً حديثه لها ولم يزلْ ينظر إليه بتحدٍّ: لا داعي لأن تتعبي نفسك عزيزتي، أنا سأتكفل بكافةِ الإجراءات. 
لم يعره انتباها، بل سأل أميرة مجدداً باهتمام: هل لي أن أسأل ماسبب قدومكِ إلى المشفى آنستي؟؟.
ضغطت على شفتيها قائلة بحرج: كنتُ أودّ زيارة مربيتي. 
ثم تحول صوتها للهمس مضيفة برجاء: لو سمحتَ لي طبعاً؟؟
اختفت ابتسامته وهو يرمقها بحيرة، لو أنها طلبت خافقه لما تردّد لحظةً في إهدائها إياه، لكن زيارة تلك المرأة ورؤية أميرة ميزةٌ لاتستحقها عليا أبداً.
ظلّت لثوانٍ تتأمل ملامحه المتردّدة، حتى أتاها صوت يوسف المُستهزأ: ولمَ نسأله أساساً أميرة؟؟ فهو لم يعد المسؤول هنا على أية حال.
طالعه براء بثقة هامساً له بتحدٍّ : حسناً، ادخل إلى المستشفى وأرني من سيسمحُ لكَ بالدخول إلى عليا دون إذنٍ مني.
ضغط يوسف على فكه بقوة وهو يعلم جيدا ماخلف كلماته، يريده أن يُخطأ فيلجأ لأحد معارفه ذوي المناصب الرفيعه لينكشف أمره، فآثر الصمت وفي ذهنه مخطط آخر له.
أعاد نظره إلى أميرة مُتحدّثاً: اسمعيني آنسة أميرة، سأسمحُ لكِ بزيارتها لخمس دقائق فقط، وتحت إشرافي شخصياً.
ابتسمت باتساع وهي تومئ له بالإيجاب، وكأن ابتسامتها مُعديّة فانتقلت إليه حتى بانت غمازتيه، أشار لها بأن تتقدمه تاركين يوسف وحيداً ينظر في آثرهما هامساً بغلّ: لم تبتعد بالطريقة السهلة، إذاً فأنا مضطرٌ لاتباع الطريقة الصعبة. 
استدار نحو المدخل ليضيف وقد غابا داخل ممرات المشفى: وأخشى أنها لن تُعجبكَ البتّة.
……………………………………………………………..
فتح براء عينيه يطالع سقف غرفة جواد، حيث كان يتابع جلساته هناك، ساد الصمت لثوان كان جوادٌ يراقب حركاته، ليتحدث أخيرا بنبرة تنمّ عن عشق صادق: وكأنّ في ابتسامتها أملاً بالحياة ،يقتلُ فيك كلّ ألمٍ وينقذكُ من بين رُكام قلبكَ وضياعك المحتوم.
اتسعت عينا جواد بدهشة قائلا: أنت تقولُ النثر الغزليّ براء؟؟.
تنهد الآخر بخفه ليبتسم بلا حياة مجيباً: ماقُلته إلا فيها، ولم أقرأه إلا لها.
رفرف جواد بعينيه ليسأله وهو يقترب منه بجسده: وهل هذه الكلمات مقتبسة،؟ أم أنك قائلها؟؟
ساد الصمت مجددا قبل أن يقطعه براء متحدثاً بنبرة هادئة: بل هي آهاتُ قلبي وألمه، جعلت لساني ينطلق بالغزل. 
رمقه جواد بنظرات متضاربة ومايزال الأول على جلسته الشاردة، خمّن سبب صمته المريب ليهمس له: أخبرتك مراتٍ عدّة براء، لاتتعب نفسك في التفكير.
أغمض عينيه بقوة وزفر بصوت مسموع وهو يعتدل في جلسته، دفن وجهه في كفيه ليتمتم بقلة حيلة: لا أستطيع جواد،لا أستطيع. 
مسح وجهه بيديه ثم رفع رأسه متابعا بشرود: أحياناً أشعر أنّ عقلي مبرمجٌ على التفكير فيما يؤلمني وحسب، إنه كالآلة الجامحة لاأستطيع السيطرة عليه.
بدى جواد كمن يفكر في أمر ما، انشقّ ثغره عن ابتسامة لئيمة قائلا بثقة: إذاً يجب أن نوقف آلة الدمار هذه.
طالعه براء باستغراب، لكنه لم يمهله الوقت للسؤال بل هبّ واقفاً ليخبره: انتظرني هنا قليلاً.
خرج من غرفته ليغيب بضع دقائق ثم عاد يحمل في يده علبة كرتونية كبيرة تخص جهازاً لألعاب الفيديو ، بدأ جواد بإخراج الجهاز وتوصيله بالتلفاز المتواجد في غرفته وهو يتحدث: إنه أحدث إصدارات اجهزة ألعاب الفيديو، لقد جلبته معي من فرنسا بعد أن قمت بشرائه عن طريق أمازون. 
كان يتكلم بإسهاب حتى أنهى توصيله، عاد إلى العلبة ليخرج عدة أقراص مدمجة متحدثاً بتلقائية متجاهلاً نظرات براء المندهشة ليسأله وهو يرفع أمامه قرصين أخرجهما من العلبة : إذاً، أي لعبة تفضل؟؟ سباق سيارات ام كرة قدم؟؟؟
رمش براء بعينيه مُستغرباً ، فلم ينتظر جواد إجابته، رفع أحد الأقراص قائلا بابتسامة عريضة: حسنا ،سباق سيارات. 
وضع جواد القرص في مكانه المُخصص، أشعل الجهاز ثم عاد للخلف وهو يبحث بعينيه عن شيء ما، زمّ فمه بتفكير لثانية ،ثم اندفع ناحية سريره ليحمل وسادتين وضعهما على الأرض أمام الجهاز، جلس على إحداهما ثمّ أشار إلى شقيقه متحدّثاً: هيا تعال.
لم يكن براء مستوعباً لما يفعله هذا الأخرق الذي يجلس أمامه، قطب جبينه مُتسائلاً: ماذا تفعل جواد؟؟؟
قابله بابتسامه باردة قائلاً ببراءة مصطنعه: لا شيء، أريد أن ألعب. 
رفع الذراع الأخرى للعبة نحو براء الذي تقدم نحوه بوجه جامد الملامح، جلس بجانبه على الوسادة ثم أمسك الذراع وهو عاقدٌ حاجبيه بضيق، بدأت اللعبة ولم تمضِ سوى بضع دقائق حتى تعالت أصواتهما المَرِحة.
…………………………
كانت زينب تجلس إلى جانب زوجها وهما يقرآن ملفّ أحدِ مرضاها عندما سمع كلاهما أصوات ضحك قادمة من غرفة جواد، طالعا بعضهما باستغراب شديد مالبث أن تحوّل إلى سعادة وهما يستمعان إلى ضحكة براء التي افتقدوها لمدّة طويلة،أمسكت زينب بيد زوجها تضغط عليها بارتياح وهي تشعر بالغِبطة، لقد نجح جواد أخيراً بإخراج براء من عزلته الاختيارية ولو لوقت قصير.
………………………………………………………..
عادت شادية وأميرة كُلّاً إلى منزلها بعد أن بدأ الطقس يميل إلى البرودة ، كانت شادية تشعر بكمّ الثقل الجاثم على صدر اميرة، برغم من أنها لم تعرف بقية الحكاية إلا أنها تجزم أن ماحدث معها ليس بالأمر الهيّن أبدا. 
بمجرد وصولها إلى المنزل استقبلتها راشيل مدبرة منزلها ببشاشة، طلبت منها شادية أن تُحضر لها كوباً من الحليب الدافئ، ثم توجهت إلى غرفتها، تقدّمت إلى خزانة متطرفة صغيرة بعض الشيء، أخرجت مفتاحها من حقيبة يدها ثم فتحتها لتنظر داخل الخزانة، كانت تحوي على ملفاتٍ خاصة بمرضاها عندما كانت تعملُ في المشفى، استخرجت من الرفِّ العُلويّ عدّة أوراق مرتبة فوق بعضها البعض، ودفتر يومياتٍ صغير إلى جانب عدة أقلام حبرٍ ملونة ،أقفلت الخزانة مجدداً ثم قامت عن الأرضية بتثاقل.
تحركت صوب الطاولة الصغيرة في زاوية الغرفة،وضعت ماجلبته فوقها ثمّ سحبت الكرسي لتجلس عليه، تناولت ورقة كبيرة كتبت في أعلاها 
اسم أميرة، تفرّع عنه عدّة أسهم كل واحدٍ منها يحمل اسم شخص من عائلتها بلون محدّد ، عليا عمار يوسف ثمّ تفرّع عن اسمِ كلِّ واحدٍ منهم سهما يمتدّ للأسفل ليلتقيا في نقطة معينة، وفي أسفل الورقة كتبت اسم براء وحاوطته بدائرة باللون الأخضر، رفعت الورقة نُصب عينيها وهي تطالع أسماء الأشخاص الخمسة، همست لنفسها بتفكير: الحكاية بدأت من عندِ أميرة وانتهت عند براء؟؟؟
طالعت الورقة لثوان قبل أن تقلبها بالعكس ،اتسعت عيناها بدهشة وقد أدركت أمراً ما، خيوط القصة ابتدأت من عند براء إذاً هو أكثر المظلومين هنا ، إذاً أميرة لم تختفِ خوفاً على حياتها هي، بل حفاظاً على حياة براء.
رمت القلم على الطاولة بالتزامن مع دخول راشيل إليها لتقدّم لها كوب الحليب ثم غادرت بخفه كما دخلت تماماً، تاركةً شادية خلفها وقد زاد فضولها وشغفها لمعرفة ماحدث لأميرة وبراء فعلاً.
…………………………………………………………….
هطلت امطارٌ خفيفة بالتزامن مع وقت غروب الشمس في بيروت، إنه المساء ، منظرٌ بديع للغاية حيث تمازج شفقُ غروب الشمس مع قطرات المطر ومنظر الأفق الأزرق الصافي، ليرسم لوحةً ساحرة تبعث على الراحة النفسية خاصةً مع هذا الهدوء الذي سيطر على الحي، هدوء يُعالج النفس ويبثُّ فيها الراحة. 
زفرت ملكٌ بضيق وهي تقف أمام نافذة شرفتها، تحسست بيدها على بطنها المنتفخ بعد أن تفحّصت هاتفها ولا رسائل وصلتها من أميرة، احياناً تشعر أن المحامي خدعها وأعطاها عنوان بريد إلكتروني خاطئ، ولكن لايُعقل وقد تأكدت بنفسها من مُساعدته أنه يُراسل أميرة عبر هذا العنوان، إذاً فالأخيرة لاتريد أن تُحادثها،ولكن ماذنبها هي؟؟؟ لمَ تُعاقبها على ذنبٍ لمْ ترتكبه؟؟؟
جلست على الكرسي المجاور فقد تعبت من الوقوف هكذا وهي التي دخلت في شهرها الاخير من الحمل،كم تتمنى لو كانت أميرة بجانبها الآن،فهي بالنسبة لها أكثر من مجرّد صديقة، استندت برأسها على جانب الكرسي، أغمضت عينيها لتشرد في ذكرياتٍ بعيدة.
Flash Back. 
وصلت ملك بسيارتها إلى إحدى ورش تصليح السيارات، قابلت صاحب الورشة الذي أخبرها بأن سيارتها قد تحتاج ليومين ليتمّ إصلاحها،ولن تستطيع اخذها قبل يوم الغد .
خرجت من الورشة وهي تنفخُ بضيق،كانت تمشي على غير هدىً تفكر في عذرٍ منطقي تخبره لأختها عدا أن أحداً ما قد صدمها، فهي تعرف كم تكبدت شقيقتها من العناء حتى جمعت المال اللازم لشراء هذه السيارة مما جعلها تخشى عليها كأنها أحد أولادها .
ولكن فعلاً هي لاذنب لها ،كانت تقود برويّة وهدوء كبير عندما صدمها أحد الأشخاص قليلي الذوق، لم يكلف نفسه حتى عناء الاعتذار عمّا حصل، كانت تمشي غير منتبهةٍ لسمير الذي تبعها كظلّها دون أن تلاحظه. 
بينما هي كذلك رنّ هاتفها،طالعت الشاشة بارتباك وهي ترى اسم أختها ،بالتأكيد تريد السيارة فهذا موعد ذهابها إلى عملها، ازدردت ريقها بتوتر وهي تجيب بصوت مهزوز: نعم سمر؟؟
استمعت لاختها التي امرتها بأن تُرسل إليها سيارتها مع حارس الشركة كالمُعتاد، ابتسمت بارتباك وهي تخبرها: عزيزتي الا تستطيعين الذهاب إلى عملك في سيارة أجرة؟؟، وانا سأدفع أجرته أعدك.
سألتها اختها عن السيارة بتوجس،ابتلعت ريقها وهي تحاول اختراع كذبةٍ معقولة: أعتقد انّني يجبُ أن أخذ السيارة إلى ورشةٍ ما، لقد شعرت بأن الفرامل لاتستجيب بسرعة……
كان سمير يتبعها سائراً، سمع رنين هاتفها ثم حديثها مع الطرف الآخر من المكالمه، خمّن بذكائه من خلال طريقة حديثها بأن السيارة ليست ملكها، ابتسم بخبث وهو يحثّ خُطاه المُتعجلة نحوها، استلّ هاتفها من يدها و…
يتبع..
لقراءة الفصل التاسع عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية العشق الطاهر للكاتبة نسمة مالك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!