Uncategorized

رواية عروسي الكاذبة الفصل الثامن عشر 18 بقلم ساره علي

 رواية عروسي الكاذبة الفصل الثامن عشر 18 بقلم ساره علي

رواية عروسي الكاذبة الفصل الثامن عشر 18 بقلم ساره علي

رواية عروسي الكاذبة الفصل الثامن عشر 18 بقلم ساره علي

بعد مرور شهرين  ..
فتحت جومانة عينيها الزرقاوين على صوت نورا جدتها لتتألف بضيق وهي تعتدل في جلستها تردد بملل :
” صحيت يا تيتة .. والله صحيت ..”
اقتربت نورا منها وجلست بجوارها تهتف بها بحنو :
” معلش يا حبيبتي .. صحيتك بدري عشان يادوب تلحقي تلبسي ونلحق معاد الطيارة ..”
أومأت برأسها ونهضت من مكانها بنية الاغتسال .. اخذت حماما سريعا ثم ارتدت ملابسها المكونة من جينز طويل فوقه سترة صوفية خضراء فالشتاء جاء بالفعل لكن المشكله ليست هنا بل في الدراسة التي لم يتبقَ عليها سوى عدة ايام ..
زفرت أنفاسها وهي تسرح شعرها وتربطه بسرعة ثم تحمل حقيبتها بعدما وضعت بها هاتفها والسماعات خاصتها ..
ألقت نظرة اخيرة على غرفتها التي سوف تشتاقها كثيرا ثم خرجت منها وهبطت درجات السلم متجهة الى صالة الجلوس لتسمع صوت جدتها القلق وهي تسأل عمها :
” مش هتقولي فيه ايه ..؟!”
فتجد باسل يرد عليها محاولا طمأنتها :
” متقلقيش يا امي .. كل حاجة تمام .. “
قاطعته نورا بجدية :
” انت بتضحك عليا يا باسل .. ؟! قرارك إننا ننزل مصر فجأة .. سفر ابوك المفاجئ .. ماريا اللي محدش شافها ولا سمع حاجة عنها من ساعة ما طلقتها .. عايز تقنعني كل ده طبيعي ..؟!”
أجابها كاذبا :
” ايوه طبيعي .. ماريا قلتلك انا تصرفت معاها وعرفت ازاي اقطع رجليها عننا .. ابويا وقالك على موضوع الصفقة واللي اضطر هو يروحها بدالي .. واذا كان على مسألة رجوعنا لمصر فده قرار انا فكرت فيه من زمان وابتديت اجهزله من ثلاث شهور ..”
قاطعته بحنق :
” وخطوبة روبي اللي طلعت كدبه كبيرة ..؟!”
اجابها بضيق :
” قلتلك لأسباب خاصة هتعرفيها بعدين من روبي ذات نفسها ..”
اخذ نفسا عميقا بعدها وقال :
” كل حاجة تمام .. اطمني ..”
تشدق فم جومانة بإبتسامة متهكمة عندما استمعت لكذبات عمها التي لا تنتهي .. هي تعرف انه يكذب بالرغم من كونها لا تعرف السبب الحقيقي  وراء كل هذا ..
دلفت الى الداخل بملامح واجمة ليرمقها باسل بنظراته وهو يقول :
” جاهزين ..؟!”
” جاهزين يا باسل ..”
قالتها نورا بعدما اطلقت تنهيدة طويلة ليهتف بهم :
” يلا بينا .. عمر بره فالجنينة .. “
سارت جومانة خلفه تتبعها جدتها وهي بالكاد تسيطر على اعصابها .. ودت لو تصرخ بأعلى صوتها انها لا تريد الرحيل لكنها فعلتها عدة مرات منذ أن أعلن باسل أمر رحيلهم ولم تلقَ سوى التجاهل منه ..
……………………………………………………………….
” راسل اصحى ..”
فتح راسل عينيه بتعب ثم عاد وأغلقها ليسمع صوت اعلى يصيح به بقوة أجفلته :
” يا راسل اصحى بقى ..”
انتفض من مكانه جافلا بشدة ليجد جنى تقف أمامه عاقدة ذراعيها امام صدرها تنظر اليه بقوة سرعان ما اختفت حينما تحولت ملامح وجهه الى اخرى متوعدة فركضت مسرعة خارج الغرفة لينهض من فوق سريره راكضا خلفها وهو يرتدي بنطال برمودا بينما صدره العلوي عاري .. 
” يا بنت ال ..”
قالها وهو يركض خلفها ليجدها تقفز فوق الطاولة وهي تقول بترجي :
” خلاص يا راسل .. خلاص يا حبيبي .. “
صاح بها :
” قلتلك مليون مرة بلاش تصحيني من النوم .. الكل عارف اكتر حاجة بكرهها فحياتي حد يصحيني .. تجي حضرتك مش تصحيني بس لا وكمان تصرخي بعلو صوتك لدرجة خليتيني اقطع الخلف ..”
قالت بسرعة :
” بعد الشر .. اخويا حبيبي يقطع الخلف .. معقول نسل راسل صفوان يتقطع .. ده حتى نسبة الغرور تقل فالعيلة ..”
” بتهزري يا جنى .. ماشي ..وريني ازاي هتنزلي بقى وانا قاعدلك كده ..؟!”
قالها وهو يجلس على الكرسي المجاور للطاولة ليجدها تهتف به :
” يا راسل ارجوك .. انا صحيتك كده عشان معنديش حل تاني .. انت نومك تقيل و ..”
قاطعها بحدة :
” وانتِ تصحيني ليه اصلا ..؟!”
ردت ببراءة مفتعلة :
” مامي وباسل والعيلة جايين .. قلت نروح الفيلا نضبط كذا حاجة وكمان نلحق ننقل هدومنا و ..”
قاطعها بملل :
” حيلك حيلك .. هدومنا ايه ..؟! تقصدي هدومك انتِ ..”
سألته بدهشة :
” ليه ..؟! هو انت مش هترجع تعيش فالفيلا ..؟!”
رد ساخرا :
” اعيش فين ..؟! بقى فيه حد يسيب شقته اللي عايش فيها لوحده ملك زمانه ويعيش بره .. ؟! ده انا ما صدقت رجعوا عشان تروحي تعيشي معاهم وافضل لوحدي ..”
رفعت حاجبها تسأله بدهشة :
” تفضل لوحدك ليه ..؟! راسل انت عاوز تفضل لوحدك عشان تجيب بنات هنا وكده ..؟!”
رمقها بنظرات باردة ثم قال متهكما :
” بنات .. حشيش .. مخدرات .. وطبعا شرب ..”
غمرت له بعينيها وقالت :
” عارفة انك بتهزر عشان اخويا محترم ..”
” طب كويس انك عارفة ..”
قالها وهو ينهض من مكانها ويتجه نحو المطبخ ليشرب الماء فنظرت جنى الى المطبخ الجانبي وفكرت انها يجب ان تذهب بسرعة الى غرفتها ..
هبطت من فوق الطاولة ثم همت بالركض نحو غرفتها في الاتجاه الاخر لكنها تفاجئت براسل يجذبها من الخلف وهو يهتف بتهكم :
” تعاليلي بقى ..”
…………………………………………………………
هبطت ميرا درجات السلم متجهة الى الخارج لتجد والدها يخرج من المكتب مناديا عليها ..
أطلقت تنهيدة صغيرة وهي تستدير نحوه فيقترب هو منها متسائلا :
” مش هتفطري قبل ما تخرجي ..؟!”
هزت رأسها نفيا وهي تجيبه :
” هفطر مع صحابي فالنادي ..”
اومأ برأسه متفهما ثم قال بعد صمت قصير :
” صدقيني كل اللي بتفكري فيه مش حقيقي .. انتِ مش لقيطة و ..”
قاطعته بنبرة هادئة حزينة :
” معدش يفرق صدقني ..”
ثم رمقته بنظرة اخيرة وهي تستدير خارجة من المكان بينما نظرات عامر تتابعها بحزن وقلق .. ركبت في الخلف بينما طلبت من السائق ان يوصلها الى الشقة .. هذا السائق الذي عينه راشد بالاتفاق معه كي يتسلم مهام توصيلها اليه كي يسهل عليها ذلك دون ان تحتاج ان تذهب الى النادي ثم تخرج منه متجهة اليه في الخفاء خاصة بعدما منعها والدها من ارتياد النادي لكن راشد بطريقته الخاصة أقنعه ان يسمح لها بذلك ..
اغمضت عينيها وهي تتمنى ان يحدث اي شيء يمحي وجودها من الحياة .. 
فتحت عينيها بعد مدة على صوت السائق يخبرها انهم وصلوا ..
فتحت حقيبتها واخرجت منها تلك الحبة وتناولتها وهي تغمض عينيها للحظات قبل ان تفتحها وهي تفكر انه لولا تلك الحبة لما استطاعت الصمود اكثر والاستمرار بكل هذا ..
هبطت من السيارة واتجهت الى الداخل وتحديدا الى شقة راشد الذي استقبلها بحفاوة مقبلا اياها من شفتيها هاتفا بحب :
” وحشتيني ..”
رمقته بنظرات باردة محاولة ان تخفي اشمئزازها منه فوجدته يجذبها من يديها نحو غرفة النوم ثم يعطيها قميص نوم فاضح كما اعتاد ان يفعل في كل لقاء فهو يفاجئها كل مرة بقميص نوم يختاره بنفسه ..
غمغم بخفوت :
” جهزتلك الحمام .. هستناكِ .. متتأخريش ..”
اتجهت نحو الحمام بطاعة بينما هو ينتظرها في الخارج ..
خرجت بعد مدة مرتدية قميص النوم واضعة المكياج الذي يفضله هو على وجهها حيث احمر الشفاه بلونه الاحمر الصارخ والكحل الغامق الذي يحد عينيها
.. 
وجدته يقترب منها بتمهل قبل ان يقترب منها متأملا اياها بشغف لا ينتهي فأخذت تسأل نفسها :
( ألن يأتي يوما ويمل مني ..؟!)
غافلة عن حقيقة كونه لا يشبع ولا يمل منها ..
شعرت به يقبلها بتلذذ لا يشكل داخلها سوى القرف والنفور .. 
لكن مفعول الحبة بدأ يسري داخل جسدها مما يجعلها قادرة على مبادلته مشاعره الهوجاء بإستسلام ما كان ليحصل عليه دون تلك الحبة ..
ابتعد عنها متأملًا ملامحها الهادئة ليجذبها نحو السرير في عناق راغب متعطش قبل ان يبتعد عنها وهي مغمضة العينين .. فتحت ميرا عينيها حينما شعرت بتلك الحبة توضع داخل فمها لتبتسم بوجع وهي تشعر به يحاوط جسدها من جديد فتستسلم له كليا بينما تفكر داخلها بالعديد من الاشياء وتتخيل نفسها تعيش حياة مختلفة سعيدة كما اعتادت ان تفعل في كل مرة يقترب منها ..
…………………………………………………………..
في احد مراكز التأهيل المتخصصة لعلاج الإدمان ..
كانت ميرنا تجلس على سريرها تحمل دفترها الضخم بيدها وترسم كالعادة ..
لقد مر شهرين على قدومها الى المركز ..
شهرين عانت في بدايتهما من اعراض الانسحاب التي ظهرت نتيجة اقلاعها عن تناول المهدئات ..
كانت البداية صعبة للغاية والأعراض مؤلمة والنوبات فاقت قدرة تحملها ..
كانت تفكر بالتراجع اكثر من مره لكنها تعود وتصر على الإستمرار ..
وبالرغم ان مدة انسحاب تلك السموم من جسدها لم تكن كبيرة كما توقعت فهي قد تعافت بفترة أقصر مما ظنت  حيث اخبرها طبيبها ان المهدئات بمعظم انواعها لا تأخذ نفس الفترة التي يحتاجها مدمنين المخدرات بل هي أقصر منها بكثير حيث لا توجد مقارنه بين الاثنين ورغم انها لم تصدقه ظنا منها أنه يخدعها كي لا تتراجع إلا انها فوجئت بعد عدة ايام بأن الاعراض والنوبات بدأت تخف عليها واستمرت بهذا تدريجيا حتى اختفت تماما ..
تأملت ذلك التصميم الذي أوشكت على انتهاءه وشعور أنه يحتاج اضافة معينة يلازمها منذ أن بدأت فيه وهاهي على وشك الانتهاء دون ان تكتشف هذا الشيء ..
تأففت بضيق وهي تضع التصميم جانبا وتسحب ورقة بيضاء فارغة  تماما وتبدأ في رسم أشكال عشوائية عليها ..
هذه العادة لازمتها منذ ان كانت طفلة فهي تفعل ذلك حينما تكون متضايقة من أمر ما او متوترة فتبدأ ترسم بشكل عشوائي على ورقة بيضاء فارغة دون توقف ..
سمعت صوت يصدح بمرح :
” شكلك متوتره النهاردة ..؟!”
رفعت وجهها السعيد وهتفت بفرح :
” شيري ..”
تقدمت شيري نحوها وسحبت الورقة منها تتأملها وهي تقول :
” واضح من الشخبطة انوا فولت التوتر عالي اوي النهاردة ..”
ابتسمت ميرنا ثم سحبت التصميم الموضوع جانبا وأعطتها إياها وهي تقول بجدية :
” سبب التوتر اهو قدامك ..”
تأملت شيري التصميم بإعجاب وقالت :
“هايل بجد .. برافو عليكِ ..”
ثم سألتها بحاجبين معقودين :
” بس ماله ..؟!”
أجابتها ميرنا بجدية :
” معرفش .. فيه حاجة ناقصاه ومش عارفة الاقيها ..”
قالت شيري ببساطة :
 ” هتلاقيها .. بس بطلي تفكير لانك طول مانتِ بتفكري فيها مش هتلاقيها ..”
” معاكِ حق ..”
قالتها ميرنا ثم سحبت التصميم ووضعته جانبا لتجلس شيري بجوارها على السرير كما اعتادت وقالت :
” ها ايه الاخبار ..؟!”
أجابتها ميرنا وهي تتنهد براحة :
” كويسة .. “
ثم صمتت قليلا ثم سألتها بتردد :
” هو انا امتى هقدر اخرج من هنا ..؟!”
ردت شيري بجدية :
” انا عارفة انك عايزة تخرجي وده حقك .. بصي يا ميرنا هتكلم بصراحة .. انتِ فاجئتني جدا بتقدمك الرهيب في العلاج .. انا لما قريت ملفك وشفت حالتك كنت واثقة انوا العلاج هياخد وقت .. انا مش بتكلم عن الادمان انا بتكلم عالعلاج النفسي .. وده لإنك كنت يائسة بشكل مخيف .. بصراحة متوقعتش إنك هتتعاوني معايا بالشكل ده وهتساعديني كده ..”
نظرت الى وجه ميرنا الهادئ وقالت بصدق :
” انا حقيقي كنت سعيدة بكل خطوة تقدم ليكِ .. وبكل تفاهم وتقبل منك لأي حاجة بقولها او بنصحك بيهه .. “
ابتسمت ميرنا فأكملت شيري وهي تتأمل عينيها اللتان باتتا هادئتين وقد اختفت تلك النظرات الحزينة الذابلة منهما ..
ملامح وجهها التي تنطق بالراحة وبشرتها التي فقدت شحوبها المخيف وذلك السواد تحت عينيها اللذي اختفى اخيرا ..
صحيح انها بذلت مجهودا خرافيا واهتمت بكل تفصيلة تخص حالتها لكن عليها ان تعترف ان ميرنا التزمت بكل تفاصيل العلاج حتى الطعام الذي حددته لها كانت تتناوله بنفس الكميات التي كتبتها لها رغم عدم شهيتها للطعام بصورة عامة :
” ميرنا انتي عديتي اهم مرحلة .. بس ده مش معناه انك تعالجتي تماما .. لا لسه فاضل شوط كبير ومهم من علاجك .. شوط لازم نعديه .. مينفعش نسيبه لإنك ساعتها هترجعي زي الاول ويمكن أسوأ ..”
هزت ميرنا رأسها متفهمة وقالت بجدية :
” عارفة ده وانا مش بقولك لازم اخرج .. انا مش هخرج الا لما انتِ تحددي ده اصلا ..”
قالت شيري بهدوء :
” بصي يا ميرنا انا معنديش مانع انك اخرجي خلال اسبوعين بس لازم تتابعي معايا بجلسات مستمره وتلتزمي بكل حاجة أحددها ..”
هزت ميرنا رأسها وهي تقول :
” ماشي .. “
تنهدت شيري وقالت :
” طيب .. خلينا نرغي شوية بقى ..”
” معنديش مانع ..”
قالتها ميرنا ببساطة لتسألها شيري بعد لحظات :
” لسه بتحبيه ..؟!”
لاحظت الدهشة التي ارتسمت على ملامح ميرنا فهي تفاجئت حقا بسؤالها لإن شيري لم تتطرق الى سؤال كهذا مسبقا فهي فقط اكتفت بسماع قصة حياتها ثم بدأت بجلسات علاجها دون ان تسألها عن مشاعرها اطلاقا مكتفية بغرس الأمل والثقة داخلها وسماعها بشكل دائم واخبارها عن أهمية ما تفعله ومساعدتها في تخطي علاقتها السامة بنزار ..
اخيرا ردت ميرنا بهدوء نسبي رغم الحسرة التي ظهرت جلية في صوتها :
” ابدا .. بالعكس انا بكرهه ..”
سألتها شيري :
” طب ليه متحسرة على شعورك ده ..؟!”
أجابتها ميرنا بصدق :
” لإني مكنتش عايزة مشاعري تتحول من الحب للكره .. مكنتش اتمنى ابدا اني اكرهه .. كنت حابه ابطل احبه من غير ما اكرهه .. بس للاسف هو أجبرني على كرهه .. “
نظرت اليه شيري بنظرات تخبرها ان تستمر لتكمل ميرنا بعدما اطلقت تنهيدة عميقة :
” مش عايزة اي شعور جوايا ناحيته .. حتى الكره مش عايزاه .. تعرفي ..”
صمتت قليلا قبل ان تقول :
” نفسي انساه للابد .. نفسي يختفي من ذاكرتي ..”
قالت شيري بهدوء :
” مبدئيا لازم تعرفي حاجة مهمة .. مشاعر الحب لما بتنتهي اكيد بيكون فيه سبب .. واكيد السبب ده مؤلم ومؤذي .. الطبيعي لما تسيبي شخص كنتي بتحبيه لإنك بطلتي تحبيه مشاعرك هتكون نوعين .. النوع الاول وهو انوا مشاعرك هتكون حيادية .. مش هيبقى فيه مشاعر اصلا .. هيتحول من انسان ملك قلبك وروحك لإنسان عادي زيه زي غيره مفيش ناحيته لا محبة ولا كره .. النوع التاني المشاعر فيه هتتحول للنقيض .. كل الحب اللي جواه هيتحول لكره .. على قد ما حب على قد ما كره وده النوع الغالب .. بس اللي لازم تحطيه فبالك انوا الكره ده طبيعي لإنك لسه فبداية الانفصال .. لسه فبداية الصدمة من تصرفه .. الكره تدريجيا ومع مرور الوقت هيخف ويموت وساعتها مشاعرك هتبقى عادية جدا .. هيبقى بالنسبالك شخص عادي .. وجوده من عدمه واحد .. حتى لما تشوفيه صدفة  مش هتتهزي بسبب كرهك او نفورك منه .. لا ابدا هو هيبقى شخص غريب عنك وعن قلبك .. بس ده هياخد وقت .. ولما توصلي للشعور ده يا ميرنا هتكوني ساعتها تعافيتِ تماما من العلاقة المسمومة دي ..”
كانت ميرنا تستمع اليها بتركيز وانتباه شديدين وهي تفكر ان شيري تتحدث بشكل صحيح فالكره شيء طبيعي لما فعله نزار بها ..
قالت شيري بعدها وهي تحاول سبر اغواها اكثر للوصول الى شيء ما في بالها :
” بس ممكن اسألك سؤال .. تحول مشاعرك من الحب الشديد للكره شايفاه طبيعي ..؟! بمعنى تاني مش يمكن يكون شعور وقتي هينتهي وتحني تاني ..؟!”
كانت شيري تتوقع أن تثور ميرنا عليها بعد سؤالها وهذا اكثر ما أقلقها لكنها فوجئت بردة فعلها الهادئة وهي تجيب :
” تعرفي يا شيري الست لما بتحب بجد صعب تكره .. حبها بيبقى مسيطر عليها .. “
صمتت للحظة قبل ان تقول :
” الست لمًا بتكره بيبقى فيه سبب قوي .. عارفة انا برأيي اهم سببين يخلي الست تكره الرجل مهما كانت بتحبيه هما الضرب او انوا ياخدها غضب ..”
لمعت عينيها بحزن عميق ثم قالت :
” اصعب شعور على الست إنوا جوزها يضربها او إنوا يغتصبها .. عارفة شعوري وهو بيضربني بكل غل لحد ما اغمى عليا كان شعور فظيع .. مكنتش عارفة اركز مع مين .. مع وجع جسمي وعظامي اللي بيصرخوا من الالم ولا وجع قلبي اللي مش قادر يصدق انوا الي قدامه هو حب حياته ..”
صمتت قليلا ثم اكملت بعينين دامعتين :
” ولا وجع كرامتي اللي بتتهان وتتذل مع كل ضربة منه على جسمي .. “
تطلعت اليها شيري بشفقة فوجدتها تأخذ نفسا عميقا وتكمل :
” صدقيني يا شيري الشعور اللي حسيته وقتها متمنهوش لعدوي حتى .. كنت حاسة بروحي بتتسحب مني .. اتمنيت اموت ساعتها .. مكنتش عايزة اعيش .. مكنتش عايزة ابص لنفسي فالمراية مرة تانيه .. ازاي هبص لنفسي بعدما اتهنت بالشكل ده .. اما الاغتصاب ..”
ابتسمت بمرارة وهي تكمل :
” ده شعور ووجع مختلف تماما .. حاجة كده زي النار اللي بتحرق جسمك من غير رحمة .. انتِ بتصرخي .. بتترجيها توقف  بس هي مش سامعه ولا فاهمه .. مستمرة .. انا فاللحظة دي حسيته حيوان .. مستحيل باللي بيعمله يكون انسان ..”
قالت شيري بعنفوان :
” هو حيوان فعلا ..”
ابتلعت ميرنا غصتها واكملت بدموع حارقة :
”  الشعورين أبشع وأحقر من بعض .. والأبشع منهم انوا جوزك يبيعك لراجل تاني .. يتخلى عنك بسهولة .. مفيش ست تقدر تنقبل راجل عمل فيها حاجة من دول وانا اتعمل فيا الثلاثة .. فتخيلي بقى .. “
مسحت دموعها بأطراف وقالت :
” انا مش بس بكرهه .. لا انا مش هقدر اتقبله تاني .. مش هطيق اسمع صوته حتى .. “
شهقت باكيه وهي تقول :
” انا حاسه اني عمري مهنسى اللي حصل .. وانوا كل حاجة عملها فيا هتفضل جوايا ومطبوعة بروحي لأخر عمري .. انا عاوزة انسى .. مش عاوزة افتكر ومش عاوزة حتى اكرهه .. عاوزاه يختفي من ذكرياتي..”
ضغطت شيري على يديها وقالت برفق :
” قلتلك هتنسيه .. بس كله هياخد وقته .. صدقيني ..”
اومأ ميرنا برأسها وهي تمسح عبراتها بأنامل مرتجفة ثم قالت بخفوت :
” عشان كده ردي على سؤالك هو مستحيل ..مستحيل أحن ولو للحظة واحدة ليه .. انا بدعي ربنا كل يوم اني مشفهوش تاني حتى لو صدفة .. “
ربتت شيري على خصلات شعرها وقالت :
” مش هتشوفيه .. ولو جه يوم وشفتيه هيكون بالنسبالك شخص عادي .. شخص مش هتهتمي بوجوده حتى وكأنك مشفتيهوش ..”
رفعت ميرنا عينيها نحو الاعلى برجاء خالص بينما قالت شيري بمرح :
” طيب خلاص .. غيري الموضوع ..”
تطلعت اليها ميرنا وقالت :
” ماشي .. نتكلم فإيه ..؟!”
قالت شيري بجدية :
” طب و باسل ..؟!”
ارتجف جسد ميرنا قليلا وهي تسألها بتلكأ :
” ماله ..؟!”
ابتسمت شيري وهي تسأل :
” وضعه ايه ..؟!”
نظرت ميرنا الى الاسفل وهي تشبك أناملها سويا لتقول بعد لحظات دون ان ترفع رأسها :
” مش عارفة ومش عايزة اعرف ..”
” يعني ..؟!”
سألتها شيري بفضول اتجيب ميرنا وهي تنظر الى وجهها اخيرا :
” زمان مكنتش عارفة مشاعري .. بس اكتشفت اني حبيته فوقت معين .. صحيح مش الحب القوي .. بس حبيته ولو كنت اديت لنفسي فرصة اقرب منه اكتر كنت اتخطيت مرحلة الحب ووصلت لمرحلة اكبر ..”
نظرت اليها شيري بصمت لتكمل هي بصدق :
” باسل ميستحقش انوا يتحب مني بس .. باسل يستحق اني اعشقه .. وده اللي مش واثقة اني هعرف اعمله بعد كل اللي مريت بيه ..”
ردت شيري بعقلانيه :
” مهو العشق بيجي تدريجيا بعد الحب .. حتى الحب نفسه بيجي بعد الاعجاب والارتياح .. والطبيعي انوا مشاعرك هتزداد قوة مع كل يوم بيعدي وانتِ معاه ..”
قاطعتها ميرنا بجدية :
” مش عايزة اقرب منه الا وانا واثقة اني بحبه على الاقل .. مش عايزة اخذله تاني ..”
نظرت اليها شيري بتمعن وقالت :
” طب يعني بعد ما تتعالجي تماما هتعملي ايه ..؟! هتروحيله مثالا ..”
ردت ميرنا بشرود :
” مش عارفة .. بس اللي اعرفه اني خايفة اقرب منه وانا مش واثقة من مشاعري .. واللي مخوفني اكتر اني حتى لو اتأكدت من مشاعره مش هعرف اديله اللي المفروض اي ست تديه لحبيبها .. احساس اني مش لايقه عليه وانوا ندوب الماضي هتفضل جوايا واجعني جدا .. انا مش عايزة اخليه يتعذب معايا .. مش عايزه يتعب .. عايزاه مرتاح وسعيد وانا مش هقدر اخليه كده .. بالعكس انا ممكن اخليه تعيس ..”
هطلت دموعها الحارة بغزارة لتهتف شيري بسرعة :
” لا يا ميرنا .. ليه بتقولي كده ..؟! اولا حكاية آنك مش لايقة عليه شيليها من دماغك .. لانك لمًا تتعالجي تماما وترجعي زي الاول هتليقي عليه ونص .. اما موضوع انوا سعيد او تعيس فده هو اللي هيحدده مش انتي .. وانتِ لما تتعالجي ونفسيتك تبقى عال العال هتخليه اسعد ما يكون وانا واثقة من ده ..”
ابتسمت ميرنا رغم بكائها لتهتف بجدية :
” شكرا يا شيري .. انتي بتدعميني دائما ..”
قاطعها شيري بصدق :
” انا بقول الحقيقة ومش بجامل ..”
تنحنحت ميرنا وقالت :
” ياريت بلاش تقوليله اي كلام من اللي اتكلمنا فيه يا شيري ..”
قاطعتها شيري بتوتر :
” هو انا اعرفه اصلا عشان اقوله .. ده انا يادوب سمعت عنه منك من خلال جلسات العلاج  ..”
قاطعتها ميرنا بإبتسامة ماكرة :
” انا عارفة انوا بيتواصل معاكِ وبيسألك عني على طول ..”
جحظت عينا شيري وهي تقول :
” هو اللي قالك ..؟! “
ضحكت ميرنا بقوة وقالت :
” برافو عليا .. كشفتكوا بسهولة ..”
سألتها شيري مصدومة :
” نعم ..؟! يعني ايه ..؟!”
تنحنحت ميرنا وهي تقول بضحكة مكتومة :
” يعني وقعتي فالفخ يا دكتوره ..”
بهتت ملامح شيري غير مصدقة مدى غبائها وفكرت بما سيفعله باسل اذا علم انها فضحته أمامها فهو كان حريصا ألا تعلم ميرنا بتواصله الدائم معها وسؤاله عنها عدة مرات باليوم الواحد الأمر الذي جعل شيري تفكر بحظر رقمه عندها ..
أغمضت شيري عينيها وفكرت ماذا لو علمت أنه لم يكتف بأسئلته الملحة وقلقه المجنون عليها بل أنه قطع عمله وترك كل شيء خلفه وجاء الى هنا ليراها دون ان تعرف ..
سيقتلها باسل اذا علم انها فضحته فهو حذرها مرارا ألا تعلم ميرنا بأنه يسأل عنها او يهتم بها من الاساس ..
فتحت عينيها وهي تنظر الى ميرنا وتتخيل ردة فعله حينما يراها بكل هذه الحيوية لتبتسم رغما عنها وتقول :
” مكانش العشم يا ميرنا ..”
ابتسمت ميرنا وقالت :
” خلاص يا شيري .. محصلش حاجة ..”
تمتمت شيري داخلها :
” محصلش حاجة .. ده ممكن يقتلني لو عرف ..”
ثم سألتها شيري بفضول :
“بس انتِ عرفتِ ازاي وانا اصلا مجبتش سيرة ابدا لده و ..”
قاطعتها ميرنا بعينين لامعتين :
” انا كنت عارفة انوا مستحيل يسمع كلامي و يسيبني لوحدي .. باسل عمره ما يتخلى عني .. هو كان بياخدني على قد عقلي وانا كنت عارفه ده ..”
سألتها شيري بدهشة :
” بس ازاي وهو مكانش يعرف انوا فؤاد هو اللي ساعدك ورتبلك كل حاجة ..؟!”
ابتسمت ميرنا بجدية :
” مهو كان هيدور .. مش هيغلب يعني ..”
” للدرجة دي واثقة فيه ..؟!”
سألتها شيري بإبتسامة لتجيب ميرنا بثقة :
” بثق فيه اكتر من نفسي .. مش عشان عارفة انوا بيحبني .. لا عشان هو راجل .. راجل متعودتش يتخلى عن اي حد محتاجه جمبه .. باسل عمره ما كان هيتخلى عني ولا يسيبني لوحدي حتى لو انا طلبت ده واصريت عليه .. وانا عارفة انوا مبينش ده لانوا احترم رغبتي اني اكون لوحدي ..”
اكملت بعدها بلحظات :
” حتى الورد والشوكولاته والحاجات التانيه والعيدميلاد كنت عارفه انهم منه .. “
ثم اكملت بشغب :
” والسيلفيات كمان ..”
ضحكت شيري رغما عنها وفكرت ان تلك الفتاة اذكى مما تصورت لتقول وهي تغمز لها :
” طب ما نبعتتله صورة بقى ..”
توردت وجنتيها لتقول شيري :
” يلا عشان ابعتها ليه .. “
ابتسمت شيري في داخلها وهي تفكر انها ترسل صوره يوميه له لميرنا فأحيانا تتصور معها سيلفي واحيانا اخرى تلتقط لها صورة دون علمها ..
نهضت ميرنا من مكانها واتجهت نحو باقة الورد حيث سحبت زهرة منهما ووضعتها بجانب اذنها متقدمة نحوه السرير مرة اخرة وهي تهتف :
” خليه يعرف اني مبسوطة اوي بالورد اللي بيبعته ..”
اعطتها شيري الكاميرا وقالت :
” تصوري وحدك المرة دي واضحكي من قلبك .. وانا هقوله اني سرقت الصورة من فونك عشان ميشكش انك عارفة ..”
التقطت صورة عفوية وهي تبتسم بسعادة وضحكة رائعة تتكون على شفتيها ثم اعطت الهاتف لشيري والتي اخذته منها وقالت :
” طب يا ميرنا .. اروح انا بقى واجيلك بالليل او بكره الصبح ..”
ثم قبلتها من وجنتيها مودعة اياها ..
ارسلت الصورة الى باسل في اثناء ذهابها الى مكتبها واخبرته انه سرقتها من هاتفها  ..
ليفتحها باسل بلهفة متأملًا ابتسامتها التي خفق قلبه لأجلها وتلك الوردة بجانب اذنها ..
شعر بسعادة شديدة تنتقل اليه قبل ان يعقد حاجبيه وهو يلاحظ احمرار خفيف داخل عينيها فيبدو انها كانت تبكي ليرسل الى شيري بقلق :
” عينيها حمرة ليه ..؟! كانت بتعيط ولا ايه ..؟! انتِ مش قلتي انها كويسة .. بتعيط ليه يا شيري ..؟!”
فتحت شيري الرسالة لتهتف بضيق وهي تلعنه :
” يا اخي ملعون اللي يبعتلك صورة مرة تانيه يا باسل … كان يوم اسود يوم ما اديتك رقمي .. ده مش حب .. ده بهدلة ..”
لتتفاجئ به يرسل اليها :
” عارف انك بشتميني .. عالعموم خلاص .. معدش هحتاجك تاني يا دكتوره ..”
رفعت حاجبها بدهشة لتأتيها رسالة اخرى :
” انا فالمطار دلوقتي مستني طيارتي … كلها نص ساعة وهطير وبعدها بكام ساعة هتلاقيني عندها ..”
ضحكت رغما عنها وبعثت له رساله تمازحه :
” مش هتقدر تخلص مني على فكرة .. دخولك ليها هيكون بأمري ..”
ثم اغلقت هاتف وهي تتنهد وتفكر في داخلها ان باسل مجنون حقا لكن ميرنا تستحق رجلا مثله مجنون بها بعد كل تلك المعاناة ..
……………………………………………………
فتح باسل عينيه بحماس شديد وهو يفكر انه يجب ان يذهب اليها حالا .. لقد وصل البارحة بعد منتصف الليل حيث وجد اخيه في استقباله والذي اخذهم الى المنزل حيث تبادلوا جميعهم  السلام قبل ان يتجه كلا منهم الى غرفته والتي سبق وتولت جنى مسؤولية اعدادها لهم بعدما تواصلت مع اكثر من خادمة تولو مسؤولية تنظيم وتنظيف الفيلا ..
نهض من سريره بحماس واتجه الى الحمام الملحق بالغرفة .. اخذ حماما سريعا ثم ارتدى ملابسه وخرج من غرفته متجها الى الطابق السفلي ..
وجد العائلة تجتمع على طاولة الافطار بإستثناء جومانة ..
القى تحية الصباح وجلس معهم كي يتناول فطوره حينما سمع والدته تقول بضيق :
” اخوك عاوز يفضل فالشقة .. يرضيك كده ..؟!”
نظر باسل الى اخيه اللامبالي كعادته ورد بهدوء :
” ايه المشكله ..؟! هو مش صغير .. عنده اربعة وعشرين سنة .. يعني كبير بما فيه الكفاية عشان يحدد المكان اللي يعيش فيه ..”
منحه راسل نظرات ممتنة فهو بالرغم من كونه لا يهتم بأحاديث احد حتى والديه الا انه لا يرغب بسماع مرشح جديد يخص حياته ..
ارتشف قليلا من كوب الشاي خاصته ثم ودعهم خارجا لتلتفت نورا نحو باسل فيقول بسرعة :
” الله يخليكِ سيبيه براحته .. ابنك مش صغير ..”
ثم نظر الى جنى وسألها :
” اخبار المشروع ايه .. ؟!”
هتفت بحماس دائما ما يسيطر على نظراتها وحديثها : 
” كويس جدا .. كل حاجة ماشية تمام اوي .. انا مبسوطة رغم اني متمرطة ..”
نهض من مكانها وقال بجدية وهو يقرضها من وجنتها :
” مهو عشان تنجحي لازم تتمرطي ..”
ثم همس بجانب اذنها :
” هبقى اديكِ بالليل شيك فيه مبلغ كويس يساعدك بردوا ..”
قاطعته بسعادة :
” بجد يا باسل .. انت احسن اخ فالدنيا ..”
عبث بخصلات شعرها ثم ودع والدته وقبل عمر ابن اخيه وخرج من المكان متجها الى ميرنا وكله شوق لرؤيتها حتى لو من بعيد ..
ركب سيارته متجها الى اليها ليسمع صوت رنين هاتفه فيجيب على الفور ليقول الطرف الاخر :
” تجيلي حالا يا باسل .. احنه فمصيبة ..”
تلاشت سعادته كليا وهو يفكر  في المصيبة الجديدة التي تنتظره ..
…………………………………………………….
كانت ميرنا تسير بجانب شيري وهي تبتسم براحة بينما الاخيرة تبدو شاردة بأمر ما ..
حدجتها ميرنا بنظراتها ما ان انتبهت لشرودها وسألتها :
” سرحانه فإيه يا شيري ..؟! اوعي تكوني بتحبي ..؟!”
أجابتها شيري :
” مش عارفة ..”
تطلعت اليها ميرنا بدهشة وهي تفكر ان سؤالها كان مزاحا لا اكثر لكنه يبدو حقيقي لتهتف بسعادة :
” بجد يا شيري ..؟! انت بتحبي بجد .. ؟!”
رمقتها شيري بتعجب وهتفت بها :
” مش عارفة .. بس مالك مبسوطة كده ليه ..؟!”
ردت ميرنا بجدية :
” هو مش الطبيعي اني اتبسط ليكِ ..؟!”
رمقتها شيري بنظرات باردة وردت :
” انا مش شايفة الحب حاجة ينفع نفرح بيهه ..”
رفعت ميرنا حاجبها وردت بدهشة :
” نعم ازاي ..؟!”
تنهدت شيري وهي تجيب ببساطة :
” بصي يا ميرنا اللي اقصده انوا الحب مش سهل .. انوا مشاعرك تتحرك ناحية حد معين بالنسبالي مشكله .. الحب عذاب للاسف وعشان كده مش لازم نفرح  بيه ..”
نظرت اليها ميرنا بصمت وهي تفكر انها معها كل الحق فالحب فعلا عذاب وهي اكثر من جربت هذا ..
” طب هو مين ..؟!”
سألتها بفضول لترد شيري بجدية :
” جاري .. اعرفه من وانا طفلة .. وكنت معجبة بيه اوي بفترة المراهقة .. كان فارس احلامي .. هو اكبر مني فسنة .. كان ثانوية عامة وسافر يدرس جامعه بره .. وبعد الجامعة اشتغل بره بردوا .. رجع من كم يوم ومن ساعة ما رجع وانا متلخبطة .. مش عارفة لخبطتي دي لاني لسه بحبه او لاني برجوعه رجعلي ذكريات قديمة مرت عليها سنين ..”
نظرت اليها ميرنا بحيرة فهي بدورها لا تعرف ماذا يجب ان تقول لتجد نفسها تقول بعد مدة :
” بصي سيبي كل حاجة تمشي زي ماهي … المواقف اللي هتحدد مشاعرك الحقيقية ..”
” معاك حق ..”
قالتها شيري بجدية ثم عادت وسألتها :
” ميرنا .. هو انتي وباسل سبتوا بعض ليه ..؟! يعني انتِ حكيتيلي كل حاجة فحياتك من اول ما سافرتي اميركا .. بس باسل تحديدا حكيتيلي بإختصار انكم كنتوا شبه مرتبطين فالجامعة وانفصلتوا ..”
تنهدت ميرنا وقالت :
” بصي هحكيلك .. بس خليها بكره .. هحكيلك كل حاجة من الاول .. “
” بصراحة هموت واعرف ازاي سابك وهو بيحبك كل الحب ده ..”
رمقتها ميرنا بنظرات هادئة وردت بخفوت :
” انا اللي سبته مش هو ..”
لننظر اليها شيري بدهشة سرعان ما اخفتها وهي تسير بجانبها وتردد :
” اممم ما تيجي ناكل بيتزا ..”
لتضحك ميرنا وتقول :
” يلا ..”
……………………………………………………
دلف باسل الى مكتب عامر بعدما اوصلته الخادمة اليه لينهض عامر بسرعة ويغلق باب المكتب جيدا ثم يشير اليه ليجلس بعدما رحب به :
” اهلا يا باسل ..”
رد باسل بهدوء على تحيته ثم رحب بالرجل الاخر الماثل امامه وجلس قبالته يسأل عامر بقلق :
” خير يا عامر بيه ..؟! مصيبة ايه ..؟!”
نظر عامر الى الرجل الاخر وهتف :
” احكيله يا مراد ..”
ثم اشار الى باسل معرفا اياه على مراد :
” ده مراد ابن اخويا ..”
قاطعه باسل :
” مراد عساف .. غني عن التعريف طبعا يا عامر بيه .. انا اعرف مراد بيه بالاسم والصورة بس اول مرة اشوفه وجه لوجهه .. اتشرفت بمعرفتك..”
رد مراد وهو يبتسم برسمية :
” الشرف ليا يا باسل بيه ..”
اكمل بعدها شارحا له :
“طبعا انا العميل اللي كلمك عمي عامر عني .. واللي جبتلك الملفات اياها .. “
ردد باسل بدهشة :
” انت..؟!”
اومأ مراد برأسه واكمل :
” عمي اكتفى انوا يقولك اني عميل سري .. يعني مصطلح غامض كده .. مكانش لازم حد يعرف باللي بعمله بس دلوقتي بما اننا قربنا عالنهاية كان لازم اكشف نفسي ..”
هم باسل بالحديث لكن مراد اوقفه :
” عارف عندك اسئلة كتير واجوبتها هتعرفها كلها بس الاول لازم احكيلك عالمستجدات ..”
” سامعك ..”
قالها باسل بثبات ليهتف مراد بجدية :
” عايدة ماتت يا باسل .. اتقتلت ..”
اتسعت عينا باسل بدهشة وهو يردد بعدم تصديق :
” اتقتلت ازاي ..؟! “
اجابه مراد بجدية :
” واضح فيه حد كشفها وعرف اننا شغلناها لصالحنا بعد ما خطفناها و هددناها بوولادها .. جمال وماريا ..”
هز باسل رأسه بعدم تصديق وقال :
” مستحيل .. كده كل حاجة اتكشفت .. وعايدة ممكن تكون حكت لسالم عن الملفات اللي معانا و ..”
رد عامر بجدية :
” مش يمكن مش سالم اللي قتلها ..؟!”
سألته باسل مدهوشا :
” امال مين ..؟! مين ليه مصلحة يقتلها غيره ..؟!”
قال مراد بدوره :
” هو الاحتمال الاكبر سالم بعد ما كشفها .. او ممكن اعداء ليهم .. هي ست مش كويسة واذت ناس كتير .. حتى لو مقتلوهاش عشان عمايلها ممكن انتقاما من جوزها او ابنها .. وفيه احتمال ضعيف انوا جمال قتلها بعدما كشف انها السبب فموت ابوه..”
” معقول يقتل امه ..؟! مستحيل طبعا ..” 
رددها باسل بسرعة ليثني مراد عليه :
” وانا بردوا قلت مستحيل بس ..”
قاطعه عامر :
” ليه مستحيل .. امه دي قتلت ابوه واخوه .. اخوه اللي انضم عشانه لعصابة كبيرة زي عصابة سالم ..”
رمقه كلا من مراد وباسل بنظرات حائرة ليقول عامر :
” كده كده الموضوع اتعقد .. موت عايدة هيأثر علينا سواء اتكشفت قبل ما تموت او لا ..”
تنهد ثم اكمل :
” انا اتكلمت مع سيادة اللواء  وهو هيخلي ممدوح يقابلني ..”
قال باسل بضيق خفي :
” اشمعنا ممدوح يا عامر بيه ..؟!”
رد عامر بجدية :
” عشان ممدوح اكتر حد ينفع اثق بيه بعدما ابوه اتقتل بسبب القضية دي ..”
اومأ برأسه موافقا بينما نهض عامر من مكانه واشار لمراد :
” احنه هنروح نشوف سيادة اللوا و انت طبعا مش هينفع تجي ..”
اومأ مراد برأسه متفهما ثم خرج الثلاثة ليتفاجئوا برولا امامهم والتي كانت تفكر في هوية الضيف الثالث الذي يجلس مع والدها وابن عمها ..
تطلع اليها مراد بصمت قبل ان تحتد نظراته بسبب ذلك الفستان الضيق وهو يفكر ان منحنياتها برزت فجأة بعدما كانت نحيلة للغاية .. 
وجدها تقترب من باسل وهي تهتف بسعادة :
” باسل مش معقول ..”
ابتسم باسل بعدم تصديق وقال :
” رولا .. تصدقي رغم اني عارف انك بنت سعادة السفير بس محطتش فدماغي ولا مره اني هشوفك ..”
مطت شفتيها وردت بضيق :
” لسه زي مانتَ .. صريح اوفر ..”
ضحك رغما عنه وقد اعادت له رؤيتها ذكريات رائعة وفترة من حياته كانت الاجمل ليسمع صوت عامر يسأل :
” انتوا تعرفوا بعض منين ..؟!”
ردت رولا :
” باسل نفس تخصصي يا بابا .. كان فنفس الجامعة بس سابقني دفعتين ..”
ثم اردف وهي ترمقه بنظراتها :
” ياه كبرت يا باسل .. وتغيرت .. “
ليرد بدوره غير منتبه لنظرات مراد المشتعلة :
” وانتِ بردوا .. بقيتِ اجمل ..”
اعتصر مراد قبضة يده بينما سمعها تسأله بتردد أدهشه :
” اتجوزت ..؟! وخلفت ولا ..”
قاطعها بجدية :
” اتجوزت واطلقت ..”
هزت رولا رأسها متفهمة وهي تتطلع اليه بحزن فاجئ والدها ومراد الذي أوشك على لكم باسل بقوة فما سبب حزنها هكذا ما ان جاءت على سيرة الارتباط ليجده يسألها :
” وانتِ ..؟؟”
رفعت رولا اصبعها الخالي من الخاتم وردت :
” سنجل بردوا ..”
ثم ضربت كفها بكفه ليضحك رغما عنه متذكرا عادتها القديمه مع حب حياته ..
انتبه عامر الى نظرات ابن اخيه المشتعلة ليهتف بسرعة :
” مش يلا بينا ..”
رد باسل وهو يبتسم لها بلطف :
” انا لازم اروح دلوقتي .. هشوفك تاني .. اساسا انا لازم اشوفك عشان فيه موضوع مهم لازم تعرفيه ..”
تطلعت اليه بأمل ليومأ برأسه فنظرت اليه بعدم تصديق ليهتف بها اخيرا غافلا عن ذاك الذي يستعد لقتله :
” اشوفك قريب ..”
ليسير خلفهم بينما رولا تتابعه بنظراتها وهي تحاول ان تستوعب ما قاله ..
……………………………………………………..
مساءا ..
خرج كلا من باسل و عامر من مكتب اللواء بعد اجتماع استمر لمدة طويلة ..
كان باسل يتذكر حديث اللواء ومن معه وضرورة حماية افراد عائلته من ذلك الخطر الذي يهددهم حتى لو اضطر لاخفائهم عن الاعين فأي شخص يخصه معرض للخطر …
تنهد وهو يفكر في الخطوة القادمه وكيف سيحميهم من تلك العصابة التي لن تفشل في ان تستغل اي شخص يقربه ..
انتبه الى عامر الذي صاح بإنفعال : 
” يعني ايه مش موجوده ..؟؟ “
تطلع اليه بقلق فيجده يصرخ على الهاتف  :
” طب روح وانا هتصرف ..”
” فيه ايه يا عامر بيه ..؟!”
سأله باسل بقلق ليرد عامر :
” ميرا مش موجوده .. البيه بيقولي مرجعتش البيت من امبارح ..” 
ثم اكمل وهو يسأل رولا التي اتصل بها :
” اختك فين ..؟!”
فيأتيه صوت رولا المتوتر :
” معرفش ..”
قاطعها :
” اختك من امبارح بره البيت ..”
صاحت رولا :
” ازاي ..؟! “
ثم اكملت :
” انا معرفش حاجة .. امبارح كنت بايته عند خالتو وانت عارف انها رفضت تجي معايا .. ولما رجعت النهاردة الصبح الشغالة  قالتلي انها راحت النادي ..”
قاطعها :
” مهي الشغالة نفسها قالتلي انها انها نايمه ومش عايزة تتعشى لما سألت عنها امبارح بالليل ..”
همت رولا بالرد لكن والدها اوقفها :
” استني مراد بيتصل ..”
اجاب على ابن اخيه الذي قال :
” راشد اتقتل يا عمي ..”
جحظت عينا عامر بعدم تصديق بينما رن هاتف باسل فيأتيه صوت رجل يخبره :
” جومانة هانم عندنا .. عاوزها يبقى تدينا الملفات اللي تخص صفقة المخدرات الاخيرة .. “
ثم اغلق الهاتف في وجهه ليغمض باسل عينيه وهو يفكر ان ماريا لم تلتزم بأوامره وفضحت سر جومانة ..
يتبع…
لقراءة الفصل التاسع عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!