Uncategorized

رواية لا تعشقني كثيراً الفصل الخامس بقلم بتول علي

 رواية لا تعشقني كثيراً الفصل الخامس بقلم بتول علي

رواية لا تعشقني كثيراً الفصل الخامس بقلم بتول علي

رواية لا تعشقني كثيراً الفصل الخامس بقلم بتول علي

بعد مرور ثلاث سنوات
وقفت سلمى أمام كاميليا وهي تفرك أصابع يدها باضطراب … تنفست بعمق قبل أن تبادر بالحديث فهي تعلم أن كاميليا ستغضب كثيرا عندما تتكلم معها في هذا الأمر ولكنها مضطرة فهي لم تعد تحتمل وجودها في هذا البلد الغريب لفترة أكبر … مضى ثلاث سنوات وهي تحاول أن تتأقلم مع واقعها الجديد ولكن دون جدوى … حسمت أمرها ونظرت إلى كاميليا بجمود وهي تسألها بصرامة وجدية:
-“متى سنعود إلى مصر؟ لم يعد باستطاعتي البقاء هنا لفترة أطول فأنا أشعر دوما أني أختنق … ألن ينتهي هذا العقاب أبدا؟!”
أطلقت تنهيدة حارة وهي تستطرد:
-“حاولت كثيرا أن أعتاد على الحياة هنا ولكنني فشلت ولهذا السبب قررت أنني لن أحتمل بعد الآن نظرات التهكم والسخرية التي أراها في أعين الآخرين”.
رمقتها “كاميليا” بغضب وكادت تتحدث ولكن قاطعتها “سلمى” بحزم وإصرار فهي لن تتراجع وتصمت كما فعلت في المرات السابقة:
-“إذا كنتِ تريدين البقاء والاستقرار هنا فأنا لا أريد ذلك … سأترك لكِ مطلق الحرية في الاختيار وأن تفعلي ما يحلو لك ولكني سأعود إلى مصر وإن لزم الأمر سأغادر إيطاليا من دونك”.
أفرغت “سلمى” كل ما في جعبتها ثم دلفت إلى غرفتها ودفعت الباب بحدة وأخرجت حاسوبها وبحثت في موقع شركة الطيران عن أقرب رحلة متوجهة إلى القاهرة وحجزت تذكرة لها.
خرجت من الغرفة وهي لا تزال تحمل الحاسوب في يدها وهتفت بحدة وهي تنظر إلى كاميليا التي تضع رأسها بين كفيها وتوجه بصرها إلى الحائط وملامح الوجوم تسيطر على وجهها:
-“لقد قمت الآن بحجز تذكرة على الطائرة المتوجهة إلى مصر بعد خمسة أيام وأردت أن أخبرك بأنه لا تزال هناك مقاعد شاغرة”.
دلفت إلى حجرتها مرة أخرى وبدأت في حزم حقائبها وهي تتنهد بارتياح فأخيرا ستعود إلى أرض الوطن.
أما كاميليا فظلت تفكر وتسأل نفسها كيف ستعود إلى مصر بعدما فضحت فارس وشهرت بسمعته فهو بالتأكيد لن يتركها وسيسعى جاهدا للانتقام منها وتدمير حياتها ، ولن تنسى بالطبع مشكلتها الأخرى من ابن عمها جابر الذي يحاول التقرب منها وفرض سيطرته عليها ليستولي على جميع الأموال التي ورثتها من والدها وزوجها الراحلين.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
على الرغم من أنه مرت فترة طويلة على الحادث الذي دمر حياته إلا أنه لا تزال كلمات أمنية الجارحة تتردد في أذنيه.
من كان يصدق أن المرأة التي عشقها بجنون ووضع قلبه تحت قدميها ستكسره وتفعل به ذلك دون أن يرف لها جفن!!
تذكر “عمر” ذلك اليوم عندما تحدث مع عمه وكيف كانت ردة فعله عندما أخبره أنه يريد إنهاء خطبته بأمنية.
مال “وليد” للأمام قليلاً وتحدث بغضب وسخط من تصرفات ابنته الحمقاء:
-“أمنية هي طلبت منك أن تنهي كل شيء بينكما أليس كذلك؟”
-“لا أفهم إلى متى ستستمر تلك الفتاة في الاصغاء إلى والدتها في كل شيء دون أن تفكر جيدا وتستخدم عقلها؟!”
قالها وليد بعصبية ليجيبه عمر بهدوء ظاهري فهو لا يريد لعمه أن يرى قلة حيلته وانكسار روحه:
-“لا علاقة لأمنية بهذا الأمر … في الحقيقة هذه هي رغبتي التي فكرت كثيرا قبل أن أصارحك بها”.
ربت وليد على كف يده وهو يهتف بأسى:
-“تذكر جيدا أنني أنا من ربيتك واهتممت بك بعدما توفي شقيقي ووالدتك رحمة الله عليهما وأعلم جيدا متى تخبرني بالحقيقة ومتى تكذب وتكتم كل شيء في صدرك”.
أردف عمر باعتراض وهو يمسح عبرة كانت ستسقط وتفضح أمره:
-“أرجوك صدقني … أمنية ليس لها دخل في قراري وزوجتك لم تحرضها على أي شيء … أنا أفعل ذلك لأجلها لأنها لا تزال صغيرة والحياة أمامها وتستحق الزواج برجل أخر يدعمها ويشجعها وألا يكون عبئا عليها ويقف عقبة في طريق نجاحها”.
تنهد وليد بحزن وأردف بأسف:
-“سأوافق على انفصالكما ولكن هذا سيكون من أجلك أنت فقط لأنها لا تستحقك”.
كاد عمر يتحدث ولكن قاطعه وليد وهو يستكمل بخشونة:
-“أقسم لك أنه سيأتي اليوم الذي ستندم به وتلعن غبائها الذي جعلها تتخلى عندك وتتركك في لحظات ضعفك وألمك”.
انتشله من شروده نداء إيمان التي اقتحمت غرفته بلا استئذان كعادتها في العامين السابقين.
-“إلى متى ستظل تجلس وحدك هكذا في الظلام بشعر مشعث وذقن نامية وحالة يرثى لها؟ لم نعهدك ضعيفا إلى هذه الدرجة يا عمر … انظر إلى مدى القهر الذي تشعر به جدتك وشقيقتك عندما يرونك منكسرا ومستسلما إلى هذه الدرجة”.
استدار لها بكرسيه المتحرك وصاح بغضب:
-“اخرجي من غرفتي … قلت لكم مليون مرة أني لا أريد رؤية أحد منكم”.
رمقته إيمان بتحدي أدهشه وهي تهتف باستخفاف:
-“لن أتحرك من هنا لأني أريد أن أرى كيف ستخرجني من غرفتك”.
وصل غضبه إلى ذروته فأمسك الكوب الفارغ الموضوع على الكومود وألقاه بقوة نحوها ولكنه لم يصطدم بها بل مر بجانبها وارتطم بالحائط.
أشاح وجهه بحدة وهو يتحدث بغيظ محاولاً تبرير الأمر قبل أن تفسره بطريقة أخرى:
-“أنتِ محظوظة جدا لأنها لم ترتطم برأسك كما كنت أريد”.
حدقت في وجهه بعينين جامدتين ثم ابتسمت بسخرية وهتفت بحدة:
-“أنت تكذب لأننا جميعا نعلم أنك محترف في التصويب ولا يمكنك أن تخطئ هدفك وخاصة عندما يكون على مسافة قريبة جدا منك”.
غادرت إيمان غرفته وعلى ثغرها ابتسامة واسعة لأنها علمت الآن كيف ستخرجه من عزلته التي استمرت لوقت طويل.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
نشوة الانتصار … هذا ما شعرت به “رانيا” عندما أخبرتها “آية” أن والدها يريد رؤيتها … الرجل الذي تخلى عنها وعن والدتها الراحلة من أجل تلك الشمطاء أو كما تسميها الحية الراقصة التي لا يوجد وجه مقارنة بينها وبين والدتها يريد الآن أن يعود إليها بتلك البساطة وكأن شيئا لم يكن!!
والدها الذي زوج شقيقتها الكبرى غصبا من رجل لا تحبه وقضى على جميع أحلامها ثم تزوج على والدتها وعندما نفذت أمواله أراد أن يزوجها هي الأخرى من رجل بغيض وهذا ما كان سيحدث بالفعل لولا هروبها في ليلة الزفاف وسفرها إلى القاهرة ومن هنا بدأت مسيرتها المهنية في عالم الفن فهي عملت في البداية كممثلة بديلة أو كما يقول البعض “كومبارس” قبل أن يبتسم لها الحظ وتعتذر بطلة الفيلم في أحد الأيام عن الحضور فلم يكن أمام المخرج سوى حل واحد وهو أن يجعل رانيا تؤدي المشهد بدلا منها وهذه كانت أولى خطواتها في عالم الشهرة فقد أعجب المخرج بأدائها وعرض عليها دورا في فيلم أخر قام بإخراجه بعد هذا الفيلم ومن هنا سطع نجم رانيا وتوالت عليها الأدوار وأصبحت النجمة المشهورة والمعروفة “رانيا الألفي” وهذا كان سببا في أن يصل والدها إليها ولكنه لم يستطع أن يفعل لها أي شيء بسبب نفوذها والعلاقات الودية التي تجمعها بعائلات المجتمع الراقي.
-“أخبريه أن يبتعد عني ولا يريني وجهه مرة أخرى وإلا سأجعله يدفع ثمن ما فعله بأمي وشقيقتي في الماضي”.
نفذت آية ما طلبته منها رانيا ولكنها كانت تشعر بالشفقة على هذا الرجل … تعلم أنه أخطأ في حق رانيا ووالدتها وشقيقتها ولكن لا يجوز لها أن تتعامل معه بغرور وتكبر فهو في النهاية والدها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
هبطت الطائرة القادمة من إيطاليا في مطار القاهرة وبعد انتهاء الإجراءات خرجت “سلمى” وهي تجر حقائبها وتسير بجوارها “كاميليا” التي خضعت واستسلمت لقرار سلمى وعادت إلى مصر برفقتها فهي لن تتركها تضيع منها كما حدث من قبل ودفعت الثمن غاليا.
توقفت سيارة الأجرة التي أقلتهما من المطار أمام إحدى البنايات السكنية فخرجتا منها ودلفتا إلى العمارة واستقبلهما البواب ورحب بهما بشدة وساعدهما في حمل الحقائب وإيصالها إلى الشقة.
ابتسمت كاميليا بلطف وهي تشكره:
-“شكرا لك يا عبد المقصود”.
أنهت كلامها وأخرجت من حقيبتها بضع ورقات نقدية وأعطته له:
-“تفضل وأبلغ تحياتي لعائلتك”.
أخذ “عبد المقصود” المال وهو يدعو لها وهبط إلى الأسفل ليتابع عمله … أخرجت سلمى المفتاح وفتحت الباب ودلفت إلى الشقة وهي تبتسم ولكن سرعان ما تلاشت ابتسامتها عندما رأت الغبار الذي يعج المكان.
ابتسمت “كاميليا” بسخرية عندما رأت الذهول الذي طغى على ملامح سلمى وربتت على كتفها بخفة وهي تهتف بخبث:
-“هيا عزيزتي لن نقضي اليوم بأكمله نشاهد ونتأمل هذه الفوضى … شمري ساعديك وباشري بالتنظيف”.
ضيقت سلمى عينيها بغيظ وهي تتأفف بضيق وقالت:
-“اعتقدت أنك أرسلت أحدهم لينظف الشقة”.
ضحكت “كاميليا” بتشفي فقد حان الوقت لتأخذ حقها من سلمى وتجعلها تدفع ضريبة إجبارها على العودة إلى القاهرة.
بدلت “سلمى” ملابسها وبدأت معركتها مع التنظيف تحت نظرات كاميليا المستمتعة بالأمر وخاصة عندما تراها تسعل من شدة الغبار.
أنهت “سلمى” التنظيف ودلفت إلى المرحاض ووقفت تحت المياه وتركتها تنهمر على جسدها … تنهدت وهي تخلل أصابعها في خصلات شعرها البنية … صحيح أن عودتها إلى وطنها ستذكرها بتجربتها القاسية ولكنها لن تهرب بعد الآن بل ستقف وتواجه ماضيها ومخاوفها بقوة وحزم.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
وضعت “فريدة” الهاتف جانبا وهي تزفر بغضب فطليقها الحقير لا يكف أبدا عن الاتصال بها … لماذا لا يفهم أن أمره انتهى بالنسبة لها ولم تعد تشعر نحوه بأي شيء؟!
ابتسمت بفخر عندما تذكرت معالم وجهه في اليوم الذي ربحت فيه قضية الخلع التي رفعتها ضده عندما رفض تطليقها.
صدع رنين هاتفها فزفرت بغيظ وكادت تتركه ظنا منها أن هشام هو من يتصل بها ولكنها أجابت على الفور عندما رأت أن المتصل هي مديرة المدرسة التي تدرس بها ابنتها.
-“أخبريني سيدتي هل كل شيء بخير؟ هل تشاجرت زينة مع أحد زملائها؟”
أجابتها المديرة بتوجس وقلق:
-“في الحقيقة ابنتك سقطت على الدرج عندما كانت تلعب وقمنا بنقلها إلى المستشفى”.
غطت سحابة من الدموع عينيها وهي تصرخ باسم ابنتها … مسدت بيدها على موضع قلبها وهي تدعو الله ألا يصيب زينة أي مكروه.
اتصلت بشقيقها على الفور وأخبرته بما حدث ليترك كل شيء خلفه ويعود بسرعة إلى المنزل ويصطحبها إلى المستشفى حتى يطمئنوا على زينة.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
دلف إلى القصر وهو يركض ويلهث حتى وصل إلى غرفة كبير القرية والذي يطلق عليه البعض لقب العمدة.
-“لقد عادت من الخارج واستقرت في العاصمة يا جناب العمدة!!”
نظر له العمدة لوهلة يحاول أن يفهم مغزى حديثه قبل أن تتسع حدقتيه في دهشة وهو يردد:
-“أنت بالطبع لا تقصد كاميليا بحديثك؟!”
-“بلى سيدي … لقد عادت إلى مصر منذ بضعة أيام برفقة سلمى”.
ارتسمت على وجه العمدة ابتسامة مختلة وسأله بنبرة مهتزة وهو يتقدم منه وما زالت ملامح الاندهاش طاغية على وجهه:
-“كيف علمت بهذا الأمر؟”
أجابه العامل في وجل شديد:
-“اتصل بي اليوم ذلك الموظف الذي يعمل في المطار والذي كلفناه منذ عامين بمعرفة البلاد التي هاجرت إليها كاميليا وأخبرني أنه علم بعودتها عندما راجع سجلات الرحلات وطلب مني أن أخبرك بأنه ينتظر منك أن تعطيه المال الذي وعدته به”.
جلس “العمدة” على المكتب وبحث في أدراجه حتى أخرج دفتر الشيكات وهتف بهدوء مريب عكس ما تظهره ملامحه وقد لمعت عيناه بتلك اللمعة الشيطانية:
-“حسنا أعطه هذا الشِّيكُ وأخبره أنه ينتظره الكثير إذا بقي ينفذ أوامري باستمرار”.
أخذ العامل الشِّيكُ وانصرف لتدلف زوجة العمدة كالإعصار إلى الغرفة وهي تصيح به:
-“متى ستتوقف عن ملاحقة تلك المسكينة وتتركها وشأنها؟ ألا يكفيك أنها قالت لك عدة مرات أنها لا تريدك؟! لمَ لا تتحلى ببعض الكرامة وتبتعد عن طريقها؟ ما الذي تريده منها بعد أن قتلت زوجها وجعلتها أرملة وهي لا تزال شابة يافعة؟”
اقترب منها وقبض على حفنة من شعرها وهتف بفحيح مرعب:
-“سأقتلك وأرمي جثتك للذئاب تنهشها بأنيابها إذا تفوهتي مرة أخرى بهذا الحديث”.
أردف بحدة ينهي المناقشة كعادته مجبرا إياها على تنفيذ أوامره وهو يشد أكثر على خصلات شعرها لتصرخ بألم وتنحدر دموعها بغزارة:
-“لا تتدخلي مرة أخرى فيما لا يعنيكِ واعلمي جيدا أن هذا هو أخر تحذير لكِ يا مهجة”.
أومأت له “مهجة” ومقلتيها تتلألأ بدموع أبت تحريرها هامسة بغصة مريرة:
-“أعدك أنني لن أكرر هذا الخطأ مرة أخرى يا جابر”.
دفعها بعنف لتسقط أرضا وهو يرميها بنظرة غاضبة جعلتها تنكمش وتخرج بسرعة من الحجرة قبل أن يضربها بالسوط كما يفعل في كل مرة يغضب بها.
دلفت إلى غرفتها وتوجهت إلى نافذة الغرفة لتزيح الستائر وتنعكس أشعة الشمس على عينيها الزيتونية ثم جثت أرضا تبكي وتشهق بمرارة على حظها السيء الذي جعلها تتزوج رجل ظالم كجابر لا يختلف في معاشرته كثيرا عن البهائم والثيران المتوحشة.
أغمضت عينيها بألم وهي تزيل دموعها وتمتمت بقهر:
-“حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا جابر”.
ثم رفعت ذراعيها إلى السماء ونطقت بنبرة متحشرجة:
-“سلمت لك أمري يا الله فهوِّن على قلبي وفرج همِّي يا أرحم الراحمين!!”
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
هرولت فريدة إلى غرفة ابنتها لتطمئن عليها وتبعها فارس الذي توقف في الخارج وسأل الطبيب عن وضعها.
رفعت “فريدة” نظرها إليه وهي تسأله بارتباك بعدما وضعت يدها على جرح ابنتها الذي توسط مقدمة رأسها:
-“ماذا قال لك الطبيب يا فارس؟”
ربت “فارس” بحنو على شعر “زينة” التي تنام بعمق ثم عاد بنظره إلى شقيقته التي تنتظر إجابته قائلاً بهدوء تام:
-“اطمئني ولا تقلقي فالأمر ليس خطيرا كما تعتقدين … الحادث لم يؤثر على مناطق وأعصاب المخ الحساسة”.
تنهدت بارتياح وهي تحمد الله على سلامة ابنتها ووحيدتها.
مرت ساعة قبل أن تستيقظ زينة من نومها … اقتربت منها فريدة وعانقتها بقوة وهتفت بعتاب من بين قبلاتها:
-“ألم نتفق أن تعتني بنفسك وتحترسي وألا تلعبي على الدرج؟”
نكست زينة رأسها لأسفل وهتفت بخجل:
-“أسفة … أعدك أنني لن أكررها مرة أخرى”.
ابتسم فارس وهو يهتف موجها حديثه إلى فريدة:
-“هذا ليس الوقت المناسب للعتاب والتأنيب المهم هو سلامتها الآن”.
ثم اقترب من زينة ولثم جبينها بحب:
-“حمدا لله على سلامتك يا جنيتنا الصغيرة”.
استدعى فارس الطبيب وسأله إذا كان بإمكانه أن يصطحب زينة إلى المنزل ليجيبه الطبيب بلهجة عملية:
-“إن أردتم يمكنكم المغادرة ولكن من الأفضل أن تنتظروا حتى ينتهي المحلول الذي علقناه لها”.
استمعوا إلى نصيحة الطبيب وقرروا أن ينتظروا لبعض الوقت فهم لن يخسروا شيئا إن جلسوا في المستشفى لمدة أطول.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
وضعت “سلمى” الهاتف جانبا وشعرت باليأس فهي تحاول منذ أيام مهاتفة “هنا” وإخبارها أنها عادت إلى مصر ولكن في كل مرة تتصل بها يكون هاتفها مغلق أو خارج نطاق التغطية.
-“لمَ لا تجيب تلك الفتاة على هاتفها؟!”
نطقتها بحنق وهي تضع الهاتف بجوارها ودلكت موضع معدتها حتى يهدأ هذا الألم الذي بدأت تشعر به للتو … جلست كاميليا أمامها وأعطتها كأس العصير الذي أعدته من أجلها … ارتشفت سلمى القليل منه ولكنها لم تكمله بعدما شعرت بوخزة قوية في معدتها مما جعل “كاميليا” تهرع إلى غرفتها وتحضر لها أقراص مسكنة للألم … تناولت سلمى الدواء وذهبت إلى غرفتها لتنام وترتاح قليلا.
استيقظت بعد مرور ثلاث ساعات وطلبت منها كاميليا أن ترتدي ملابسها وأمرتها بلهجة جادة لا تحتمل النقاش:
-“ارتدي ملابسك لأننا سنذهب إلى المستشفى لنطمئن عليكِ”.
هتفت سلمى باعتراض:
-“أنتِ تقلقين كثيرا هذه الأيام … انظري إليَّ جيدا لقد أصبحت بخير وعلى ما يرام ولا أحتاج إلى المستشفى”.
لم تمنحها كاميليا فرصة للاعتراض واصطحبتها إلى المستشفى لتتطمئن عليها فهذه ليست المرة الأولى التي تؤلمها بها معدتها … دلفت مباشرة إلى مكتب خالد الذي كان في انتظارهما وفحص سلمى وأخبرها أن الألم ناتج عن مشاكل في الهضم ووصف لها بعض الأدوية وأوصاها أن تأتي للفحص باستمرار.
ذهبت سلمى إلى المرحاض وانتظرتها كاميليا بالخارج ولم تنتبه إلى عين فارس التي رصدتها وهي تتجول في الرواق … توجه نحوها على الفور وأمسكها من ذراعها وهو يهتف بعدم تصديق:
-“كاميليا!!”
ألجمتها الصدمة وانعقد لسانها ولم تستطع قول أي شيء ولعنت تلك الصدفة التي جمعتها به … لم يكن الذهول من نصيبها هي فقط فقد انتقل إلى فارس أيضا عندما رأى سلمى التي أتت من خلفه وهتفت باسم كاميليا.
نظرت له سلمى بدهشة وهي تردد بحدة:
-“فارس!! ماذا الذي تفعله هنا؟ ولمَ تمسك ذراع أمي بهذا الشكل؟!”
يتبع..
لقراءة الفصل السادس : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!