Uncategorized

رواية أمسك بيدي فلتنقذني من الهلاك الفصل التاسع عشر 19 بقلم فرح طارق

 رواية أمسك بيدي فلتنقذني من الهلاك الفصل التاسع عشر 19 بقلم فرح طارق

رواية أمسك بيدي فلتنقذني من الهلاك الفصل التاسع عشر 19 بقلم فرح طارق

رواية أمسك بيدي فلتنقذني من الهلاك الفصل التاسع عشر 19 بقلم فرح طارق

– مش هتصالح مامتك ؟
استدار سيف على صوت ليان المتسأل، ليشرد بأفكاره بالأمر، وسؤالًا واحدًا يدور داخله، هل سيقدر على الإندماج بينهم ؟
بينما تجرأت ليان واقتربت منه واكملت
– سيف، مامتك حاكتلي قصتها مع باباك، لو عرفتها هتديها العُذر، هي كانت لسة صغيرة، مامتها وباباها اتوفوا ف وقت واحد ! فاجئة بقيت يتيمة ومسئولة عن طفل أصغر منها ؟ ملقتش حد وقف جمبها وساعدها غير باباك حتى هو حبها بجد، بس الظروف والوقت مكنش يسمح، هي مكنتش بتسيبك غير علشان فهد..فهد كان متعلق بيك اوي، هي حكتلي.
لوى سيف فمه قائلًا بسخرية
– وانتِ صدقتيها !
– هي وقتها مكنتش تعرف إني مراتك يا سيف، ولا كانت تعرف أنك موجود، يومها فضلت تكلمني عنك كتير، وقتها قالتلي انها حاسة أنك عايش وموجود، كفاية يا سيف عشرين سنة عاشتهم وهي حاسة بشعور الندم ! بلا تقسى عليها اكتر من كدة يا سيف.
– وانا ؟ دلوقت بقيت القاسي !
أغلقت ليان النافذة وهي تشعر ببرودة الجو الشديدة، وذهبت ناحية الفراش بعدما كان سيف يجلس على الفراش وحده وهي أمام النافذة؛ لتجلس بجانبه
– لأ يا سيف، محدش غلطان لا انت ولا مامتك ولا حتى باباك ! محدش فيكم غلط.. كل واحد فيكم الوقت داس عليه بطريقته، كل شخص فيكم شاف معناة من زاوية مختلفة، بلاش تبص من زاويتك بس ! انت قسيت زيهم بس بلاش القسوة والجرح يخلوك أناني يا سيف.
امسك سيف بكوب الكاكاو الدافيء ليرتشف منه بلتذذ ويقول بإستهزاء
– مين بتتكلم عن الأنانية ! 
– فيه فرق !
– وايه الفرق ؟ 
كادت أن تتحدث، لكن قاطعها سيف بجدية
– ع العموم خلاص يا ليان اقفلي على الموضوع كلوا.
رأته ليان ينهض من مكانه، ف نهضت مسرعة وامسكت ذراعه واردفت
– لأ يا سيف، الموضوع مخلصش، ولا موضوع منهم خلص، لا انا ولا مامتك ولا أي حاجة خلصت.
مرر سيف يده على وجهه واردف
– هنتكلم يا ليان بس مش دلوقت ممكن ؟ ع الأقل لما أخويا يرجع واختك ونطمن عليهم.
– ماشي يا سيف.
تركت ذراعه، بينما اتجه سيف للمرحاض وجلست ليان أمام شرفتها مرة أخرى.
ثم لم تمر ثوان حتى غادرت الغرفة متجهة لوالدتها للإطمئنان عليها.
طرقت ليان باب الغرفة عدت مرات، وفتحته حينما سمعت والدتها تسمح لها بالدلوف.
ابتسمت وفاء واردفت
– بتخبطي ليه ! من امتى الادب ده ؟
تقدمت ليان منها وجلست على الفراش و وضعت رأسها على قدميها، بينما مررت وفاء اناملها بين خصلات شعر ابنتها وصمتت لتستمع لحديثها.
تنهدت ليان قائلة بتشتت
– اعمل ايه ؟ 
– ف علاقتكم ولا مامته ؟ 
– علاقتنا، سيف ومامته واثقة انهم ف النهاية هيكونوا سوى، سيف من جواه نفسه ف جو عيلة، يكون عنده أم أخت، ميحسش نفسه وحيد، وربنا دلوقت اداله ده، أم واخت وأخ، سيف هياخد شوية وقت يتقبل ده وهيكون وسطهم، لكن انا وهو ؟ 
– مين اللي حاطط حدود للقُرب بينكم ؟
– انا، انا اللي دايمًا بحط مليون حد، سيف طول الوقت كان ببحاول يتقرب، ودلوقت عمره ما هيكرر ده تاني، آخر مرة ! من وقتها وهو حد تاني.
– أو يمكن دي شخصية سيف بس معاكِ خلق شخصية تانية وجديدة، شخصية شاف وحس إنها تليق بيكِ.
نهضت ليان من مكانها وجلست في مباشرة لوالدتها، واردفت
– لأ انا فهمت دلوقت، سيف كان شخصية تاني عشان هو رسم حياة بينا حب إنه يعيشها، بعيد عن شغله والقلق والوحدة اللي كان فيها، بس..انا فهمت ده متأخر يا ماما.
– طول ما هو لسة معاكِ يبقى فيه وقت ليكِ وفُرص تانية قدامك يا ليان.
– عارفة بس انا خايفة.
– كل ده وخايفة ؟ يا بنتي حرام عليكِ ! أمال حور تقول ايه ؟ بصي يا ليان انا فاهمة ومقدرة الفرق بين شخصيتك وشخصية حور، بس بردوا نفكر ! اللي بيميزك عن غيرك ايه غير العقل ؟ فكري لو حور مكانك هتعمل ايه ؟ هتخاف يا ليان ؟
– لأ، حور مكنتش هتخاف، حور بتمشي وبتحكم قلبها وعقلها مع بعض بس انا لأ.
– يبقى تعملي كدة، حكمي قلبك وف نفس الوقت عقلك معاه، شوفي ايه الحاجة اللي قلبك وعقلك متفقين فيها واعمليها، واركني أي شعور تاني جواكِ، عقلك وقلبك محكين إنك مش عايزة سيف ؟ خلاص يبقى تقطعي الخيط وتمحي أثره من حياتك، بيقولوا تفضلي ؟ يبقى تزودي من ربطة الخيط عشان مفيش أي ريح يهزها .
اندفعت ليان داخل أحضان وفاء، لتضمها الأخرى بين أحضانها ورددت لها
– كل حاجة هتتحل صدقيني، حور خلاص راجعة، انا صليت ودعيت وختمت القرآن، طلعت صدقة، ولسة بعمل مش هوقف، هفضل أدعي ربنا يرُدلي بنتي واختك لحضننا تاني ويخلصنا من المشاكل دي على خير، وخلي عندك ثقة نفس اللي عندي إن ربنا مش هيرُد دعواتنا بخيبة أمل.
ظلت تُربط على ظهرها بحنو، وهي تردد بعض الأحاديث والأدعية، لتأخذ ابنتها داخل أحضانها وتستلقي بجانبها على الفراش.
استمع دائمًا لأشخاص يقولون أنا دائمًا بعيد عن ربي، كيف أعود إليه عندما أحتاجه! هل يقبلني ؟ هل يقبل توبتي إليه ؟ هل مُرحب بدُعائي ! هل سيُرد محققًا ؟ 
إذهب إلى ربك حينما ينبُض قلبك بذلك، ليس عيبًا أو مُحرمًا أن تقع ذات وقت بعد عمرٍ قضيته داخل لهوُ الدنى، ثم تعود لربك حينها ! أحياناً يجد الله عبدهُ يبتعد عنه، ف يوقعه حتى يرفع يديه ليُناجيه ف يقبلهُ الله إليه ويرُد دعواته، ليقف العبد مرة أخرى في الدنى ولكن بشكلٍ آخر، عبدًا أيقن من وقعته أن الله معه في كل مكان، ويقبله بكل وقت كان.
لـ فرح طارق.
امسك بيدي فلتنقذني من الهلاك.
في مكان آخر تحديدًا أوروبا.
نهض فهد من مكانه وهو يجد الطبيب يقبل من غرفة حور، لينبض قلبه بأمل وهو يرى ابتسامة الطبيب وهو قادم نحوه.
– زال البأس مستر فهد، زوجتك أصبحت بخير.
– هل فاقت الآن ؟ يمكنني رؤيتها ؟ 
– بالتأكيد، والخروج من المشفى ايضًا ولكن بشرط منع السفر قبل أسبوعين من الآن.
– حتى إن سافرنا بطبيب مرافق معها ؟ الآن ضروري للعودة لأرض الوطن.
ظل فهد يتحدث مع الطبيب، حتى اردف الطبيب بقلة حيلة
– حسنًا فهد، ولكنك ستمضي بأن مسئولية المريضة باتت منك انت.
غادر الطبيب لتجهيز الأوراق ودلف فهد لغرفة حور وجدها جالسة شاردة الذهن تطلع لـ اللا شيء أمامها..
تقدم فهد نحوها، واحضر المقعد ليضعه أمام الفراش وجلس فوقه، قائلًا
– عاملة ايه دلوقت ؟ جاهزة نسافر ؟ 
– الحمدلله.
امسك فهد بيدها ونهض من مكانه وجلس بجانبها على الفراش 
– حور، مايكل كان هيتحكم عليه بالاعدام، اللي انتِ عملتيه كدة كان شيء طبيعي ! 
– كان هيتحكم عليه بالاعدام لكن مش هقتله بإيدي ! 
انا مش عارفة ازاي عملت كدة ؟ انا..
قاطعها فهد بهدوء 
– انتِ عملتِ الصح، بعدين لو مكنتش الطلقة طلعت منك كانت هتطلع من مسدس مايكل عليا.
– بس انا قتلته يا فهد !
قالتها ببنرة مهزوزة، والدِمع ينهمر من عينيها، ليشعر فهد بالتيه داخله بما يهدئها به ! الأمر لم يتخيل أنه سيكُن بتلك الصعوبةِ عليه ؟ لأول مرة بحياته يقف أمام امرأة ويُحاول إخراج حنوهُ معها وتهدئتها ! نعم كان متزوج ولكن لم تصدف معهُ أن يقف أمامها تبكي ليأخذها بين أحضانه ويهدئها ! لقد كان يراها امرأة تجمع القُوة والكبرياء بداخلها لدرجة إنها لم تظهر ضعفها أمامه يومًا وإن فعلت لا يكون سوى اصطناع أمامه ليرِق قلبه أمام ذنب عظيم ارتكبته !
– طب ما انا قتلت يا حور، وكتير، لدرجة أني مش فاكر كام مرة رفعت مسدسي على شخص واضرب بالنار ومات ؟ ليه الشرطة مفيش مرة اديتني حُكم قصاد ده ؟ لأنه طبيعي ! ف شغل المافيا والشرطة مع بعض بينزل منها دم، والدم يتا اما انا او مايكل، انا كنت هضربه بالنار ! بس كنت عارف انك فوق، حواليكِ رجالته، لو ضربته وهو ضرب طب رجالته هيعملوا فيكِ ايه ؟ وانتِ لو مكنتيش ضربتي بالنار كان ضربني انا، وقتها كان هياخدك ويهرب، ومش محتاج أقولك لو هرب بيكِ كان ايه هيحصل ! الظابط اتقتل..مايكل خد حور…القضية هتتقفل على كدة يا حور.
احتضن وجهها بين يديه واكمل بجدية
– حور، لو قصادك تكتبي نهايتك بإيدك متتردديش لحظة واحدة إنك تختاري النهاية اللي ترضيكِ وتكوني سعيدة فيها حتى لو على حساب الشخص اللي اذاكِ.
– ازاي ! ازاي هدوس على شخص وامشي علشان المس سعادتي بإيدي يا فهد ؟
– فهمتيني غلط يا حور.
اعتدل فهد في جلسته، و حور تنظر لهُ بتركيز ليكمل حديثه
– نهايتك من يومين كانت قصاد عينيكِ، القدر رسملك كذا نهاية وحط الإختيار ف ايدك انتِ، يا إما تضربي مايكل بالنار وترجعي معايا لعيلتك، أو مايكل يضربني بالنار وياخدك ويهرب بيكِ، ف اللحظة دي تشوفي سعادتك فين ؟ لما القدر يحطلك نهايتين لازم تعرفي وقتها إن واحدة هتسعدك والتانية هتقتل روحك، وقتها تختاري اللي تزهِر روحك وبس يا حور، فهمتي ؟ 
حركت حور رأسها بمعنى نعم، ليكمل فهد حديثه معها
– طيب احنا هناكل دلوقت، ومعاد الطيارة هتصل بيهم دلوقت أآكد سفرنا علشان نمشي.
– هتتأخر ؟ 
ابتسم فهد وهو يرى الخوف بعينيها، ليجيبها بحنو
– لا، أنا واقف برة على الباب هعمل كام مكالمة وداخل.
– مستنياك.
عاد فهد بعد وقت من مغادرته، ليجد حور جالسة تنظر من النافذة بشرود في شيء ما.
لا يعلم هل يقدم نحوها أم يتركها وحدها قليلًا ؟
ف أوقات لا يرغب المرء سوى بِـ مرور بعض الوقت وهو يجلس وحده يتأمل ما حدث معهُ في هدوءٍ من حوله، يعيد شتات نفسه، ويلملم حِطام قلبه، ليدفن جروح الماضي بداخله، ويعود لمواجهة الحاضر مرة أخرى.
لـ فرح طارق
امسك بيدي فلتنقذني من الهلاك.
جلس فهد على الفراش بهدوء حتى لا يقطع لحظتها الهادئة، وظل جالس مكانه بإنتظار أن تلفت هي لهُ حينما ترغب بوجود شخصًا معها.
لم ينتهي تفكيره حتى يجدها تحيد برأسها نحو باب الغرفة، لينهض فهد من مكانه وحور تلتفت نحوه قائلة
– انت هنا ! بحسبك لسه مجتش.
– انا قاعد هنا بقالي حبة، قومتي من مكانك ليه ؟ عايزك ترتاحي علشان الجرح ! انا اصلا خايف نسافر بس مش هينفع نقعد اكتر من كدة، لو رجعتي هتخفي بشكل أسرع.
– انا لقيت المنظر حلو من هنا ف شدني بس، المهم هنسافر امتى ؟ النهاردة ؟
– الطيارة بعد ساعة هتكون جاهزة، المهم انتِ.. جاهزة ؟
تورد وجهها بحماس قائلة وهي تنهض من مكانها
– أيوة جاهزة طبعًا يا فهد، يلا نجهز وعقبال ما نروح مكان الطيارة تكون..
توقفت وهي تشعر بدوار يجتاح رأسها، لينهض فهد بلهفة وهو يسندها ليجعلها تجلس مرة أخرى واردف بقلق
– متأكدة يا حور ؟ 
– أيوة أنا بس علشان قومت فاجئة كدة، المهم بالله عليك متلغهاش يا فهد.. أرجوك أنا هرجع بس مصر وهكون كويسة صدقني.
– هنسافر بس بشرط !
هيكون معانا دكتور ف الطيارة، أي وقت تحسي بتعب تعرفيه ف وقتها، ماشي يا حور ؟ 
– حاضر.
رفع فهد قدميها وهو يجعلها تستند بظهر الفراش واردف 
– يلا عشان ناكل وهنمشي بعدها، كدة كدة مفيش حاجة نجهزها عشان ناخدها معانا، وهدومي اتبعتت للمطار مع الدكتور.
– هو الدكتور يبقى صاحبك ؟
– طالما مهمة زي كدة لازم يطلع دكتور فيها معانا، بس طبعًا مش أي دكتور.
عقدت حور حاجبيها بعدم فهم قائلة 
– أمال ؟ درس الطب ١٢ سنة يعني ولا ايه مش فاهمة ؟
لكز فهد رأسها بخفة واردف
– لأ يا ذكية، هما ٧ سنين، بس دكتور تبع الشرطة، متدرب كأنه ظابط بالظبط، وبقى دكتور برتبة رائد.
– يعني هو درس طب وشرطة مع بعض ؟ 
– لأ بيتخرج من كلية الطب بعدين يقدم ف الشرطة.
حركت حور رأسها بتفهم
– أه فهمت.
ظل فهد يتحدث معها وهو يطعمها بيده، ف كانت حور منشغلة بالحديث معه عن كونهُ ظابط، لدرجة أنها كانت تفعل كل شيء يطلبه بغرض الإستماع لهُ بتركيز واستمرارية حديثه قط.
– شبعتي ؟
انتبهت حور لكلمته ونظرت لصينية الطعام لتجدها أصبحت فارغة أمامها ونظرت لفهد مرة أخرى الذي أحضر منديلًا ورقيًا ومسح لها فمها ثم أعطاها كوب من المياه، لترتشف حور من الكوب ولازالت صامتة.
وضع فهد كوب الماء على المنضدة الصغيرة وابتسامة ترتسم على وجهه بعدما أعطاها الدواء، ثم نظر لها واردف
– نمشي دلوقت ؟
– أه يلا بينا.
ساعدها فهد بالنهوض وجاءت الممرضة ساعدتها بتبديل ثوب المشفى، بالثياب التي أحضرها لها فهد، وبعد وقت كان يجلس بها داخل السيارة المخصصة لنقلهم للمطار.
تنهدت حور براحة داخلها غير مصدقة لما يحدث..هل هي عائدة لوطنها الآن ؟ لحضن والدتها، ولجانب تؤامها وابنتها كما اعتبرتها يومًا، بعيدًا عن طليقها كريم و والدته، هل ستعود حقًا لتعِش حياة طبيعية مثلما تتخيل الآن، أم سيفاجئها القدر بشيء آخر ؟
نفضت ذلك من داخلها، وهي ابتسامة حالمة ترتسم على شفتيها وهي تتخيل ذاتها تجلس مع والدتها وشقيقتها الآن، يبتسمون..يجتمعون معًا.. يتناولون الطعام سويًا، ليس هناك تفرقة، ليس هناك وداع بينهم، ليس هناك لحظة شقاء ! 
بينما كان يجلس فهد جانبها، يرى تبدل ملامحها وتحولها من عبوس لابتسامة والعكس أيضًا، يحاول قراءة أفكارها وبالوقت ذاته لا يقدر، حاول التحدث معها أكثر من مرة ولكنه يشعر بأن الصمت الآن سيكون جيدًا لهم، عليه أن يترك لها مساحتها للتفكير وتخيُل حياتها بعد الآن، وبعدها لن يصمُت عن الحديث معها.
في مكان آخر تحديدًا في مصر.
تهللت اسارير سيف، بعدما أخبره أخيه بعودته لمصر بحوذة حور، كما أخبره بعدم أخبار أحد حتى يعود هو، لربما حدث أي شيء !
بينما استمع لصوت طرقات على باب غرفته التي بات يلازمها منذ أن عاد إلى منزله في الغردقة منذ أيام، لتدلف ليان وأغلقت الباب خلفها واردفت بسخط
– هتفضل قاعد ف اوضتك طول الوقت يا سيف ؟
– عايزة ايه يا ليان ؟  
تأففت ليان من تجاهله لها، واردفت
– چيدا تحت.
أنهت جملتها لتستمع لصوت طرقات على الباب، وفتحت الباب لتدلف چَيدا ونظرت لأخيها واردفت
– آسفة بس مقدرتش تستنى تنزل.
ابتسم لها سيف، لتندفع چَيدا داخل أحضانه قائلة
– وحشتني اوي يا سيف، انت هتفضل عايش ف الغردقة صح ؟
– أيوة.
ضمته چَيدا أكثر بسعادة
– حلو أوي، وأنا قدمت استقالتي وهقعد معاك، واغير جو لباقي حياتي وانا هنا ف الغردقة.
ابتعدت عنه ونظرت لـ ليان واردفت
– ده بعد إذن مراتك طبعًا، ولو موافقتش ف انا هشوف شقة هنا صغيرة على قدي، وكمان ماما هتيجي اكيد مش هتسيبنا، هي بس مستنية الأمور تتصلح بينكم شوية.
ابتسمت لها ليان رغم تلك الغيرة التي نشأت بداخلها رغمًا عنها، واردفت
– اكيد مش هقدر أمانع، ده بيت سيف يا چَيدا، وانا وماما اللي متقلين عليكم فيه.
ثم أكملت حديثها ببسمة : انا هسيبكم وهنزل اساعد ماما عشان بتحضر الغدا .
غادرت ليان، بينما نظر سيف أثرها وهو يستشعر بأن هناك خُطب ما داخلها، وماذا تلك الجملة اللعينة التي قالتها للتو ؟
نظرت چَيدا لسيف واردفت
– مش قصدي أتدخل والله، بس هو وانت وليان فيه حاجة بينكم ؟  لسة متخانقين كل ده يا سيف ؟ والله دا أنا قولت هلاقيكم سمن على عسل ! خاصةً لما شوفتها عاملة ازاي ف المستشفى علشانك.
امسك سيف بيد شقيقته وجلس على الفراش وجعلها تجلس بجانبه واردف
– خلينا ف المهم دلوقت، إستقالة ايه اللي قدمتيها ؟
– استقالتي ف الشغل يا سيف، وطلعت شهادة ليك وليا واسمنا منسوب لـ بابا الله يرحمه، يعني كدة أنا وأنت وفهد أخوات رسمي.
أنهت حديثها وهي تصفق بسعادة، بينما تبسم سيف لسعادتها تلك واردف 
– بردوا قدمتي استقالتك ليه يا چَيدا ؟ 
تنهدت چَيدا قائلة بهدوء
– لأني كدة هيبقى أحسن، شغلي ده كان مخليني بعيدة عن حاجات كتير اوي يا سيف، مقدرتش اعرف أخويا مين ؟ طب فهد ! كان جمبي طول الوقت، كنت حاسة إنه فيه حاجة بتربطني بيه بس مقدرتش اعرفها ! وخالو لما لقاني دخلت شرطة مرديش يقولي، وفهد قدامي طول الوقت، آخ كنت ببكي طول حياتي عشان يكون موجود وهو قصاد ي
عيني وانا مش شيفاه ! وانت يا سيف، رجعت دلوقت، بس بردوا مكنتش هشيل نفس لقبك ولقب فهد بسبب شغلي ! عشان مينفعش اجي فاجئة أغير اللقب وكدة مش هيكون ليا إسم بينهم ؟ 
– طب ما احنا معاكِ دلوقت، وبعدين انتِ شايلة لقب مدام مُشيرة مش حد تاني يا چَيدا ! 
– لأ يا سيف صدقني شعورها بيختلف، وبعدين انا مبقتش عايزة أي حاجة غير وجودك انت وفهد وماما معايا، وانا كدة مبسوطة فوق ما تتخيل، بس فهد يرجع بالسلامة بس.
أخذها سيف بين أحضانه وقبل رأسها واردف بحنو
– إن شاء الله راجع.
– وماما يا سيف ؟
تنهد سيف وهو يشعر بثُقل ذاك الحديث على قلبه، ف هو فقط لا يريد سوى بعض الوقت لنفسه؛ حتى يقدر على مواجهة ما يحدث أمامه، او يتركوه لبعض الوقت قط !
بينما ابتعدت چَيدا عن أحضانه أردفت
– صدقني تعبت أوي ف بُعدك يا سيف، حاول بس تسمعها وتديها فرصة. !
– هديها، صدقيني هديها بس أخد انا فرصتي الأول إني اتاقلم مع الوضع حواليا ممكن ؟
– ماشي يا حبيبي اللي يريحك، تعالى ننزل تحت، ليا قالتلي إنك بقالك كذا يوم مش بتنزل من اوضتك، تعالى ننزل يلا وناكل تحت كلنا.
نهض سيف من مكانه واردف
– حاضر يلا.
ابتسمت چَيدا وهبط الاثنان للأسفل، لتجدهم ليان وهم يهبطون الدرج ويهمسون بشيء لبعضهم ليضحك كلًا منهما.
بينما شعرت هي بالاختناق داخلها، هي شقيقته وتعلم ذلك، لقد أحبت جَيدا حقًا ولكن شيء داخلها يشعرها بالغيرة نحوها لا تدري لما ! 
في مكان آخر تحديدًا عيادة مازن.
دلفت منال للعيادة بغضب شديد يكمن داخلها لتدلف لغرفة مازن، وتخرج مرة أخرى بوقتها وهي تشعر بدهشة مما يحدث بالداخل ولكن لما الدهشة ؟ ف هي تعلم حقيقة مازن الكريهة منذ البداية ! وهي أيضًا من لجأت إليه واعطته تلك الفرصة ليمسك عليها تلك التسجيلات الصوتية والمصورة أيضًا فيديو لها، وبات يستفزها بها طوال الوقت، خاصةً بعدما عرف بأمر زواجها بعدما سُجِن كريم ولدُها، ولم يمر وقت حتى اختفى محمد من الأنظار ولا يعرف أحدًا مكانه أين ! 
خرج مازن خلفها واردف بنبرة غاضبة
– مش فيه باب تخبطي عليه ؟ وبعدين المفروض تستني السكرتيرة بتاعتي تكون موجودة وتبلغيها بأنك جيتِ ؟ 
طالعته منال بتقزز وكُره قائلة
– والله لو عليا مكنتش اجي اصلًا، اخلص يا مازن قولتلي هعرفلك مكان محمد فين ولحد دلوقت متعرفش ! محمد مُختفي بقاله فترة طويلة ؟ آخر حاجة عملها لما روحت أزور كريم قالي إنه راح لـ وفاء وهددها لما حور ترجع تتنازل عن قضية كريم، ومن بعدها اختفى.
– طب وانتِ عايزة محمد ف ايه ؟
– انت نسيت يا غبي إن كلنا ف مركب واحدة ! أي واحد فينا يقع كلنا بنقع معاه ؟
وضع مازن يده على فمها يحاول كتمه واردف وهو ينظر حوله خوفًا من أن يسمعه أحد، خاصةً تلك السكرتيرة
– شششش وطي صوتك ده.
تركها واردف بجدية
– خلاص امشي وانا هتصرف متقلقيش، بعدين تلاقيه مختفي ف الملاهي اللي أول ما بيجمع شوية فلوس بيغطس فيهم يا منال ! ولا نسيتِ محمد ؟ 
– بس بردوا يا مازن، تدور وتعرف مكانه فين عشان نطمن اكتر.
– ماشي يا منال، حاجة تاني ؟
،- لأ سلام.
قالتها واستدارت لتغادر المكان، بينما اردف مازن وهو ينظر أثرها بوعيد 
– استني بس عليا انتِ وجوزك وابنك، هنهيكم بإيدي وافضي الساحة ليا، لـ مازن وبس.
في مكان آخر..
صدح صوت رجل وهو يصرخ بهم
– كفاية، بالله عليكم كفاية مش قادر خلاص !
دلف الظابط للغرفة وهو يأمر رجاله بالابتعاد عن “محمد” وأزال ذاك الوشاح المغطي لوجهه وذهب للمقعد وجلس فوقه و وضع قدم فوق الأخرى قائلًا
– بردوا مش هتتكلم يا محمد ؟ عاجبك التعذيب ده ؟
صدح صوت محمد بترجي وألم من كثرة التعذيب الذي تعرض لهُ على أيديهم
– يا بيه صدقني والله ما أعرف !
نهض الظابط من مكانه وأمسك بـ سوط والقاه على جلده، ليصرخ محمد، بينما اقترب الظابط من أذنه واردف
– تعرف يا محمد، والله تعرف، تعرف مين بالظبط العصابة اللي متفرقة ف كل محافظة ف مصر شخص شخص.. عارف ليه ؟ لانك فرض منهم دلوقت، انت وابنك، ف هتقوا ولا اجيب ابنك قصاد عينك وهو يقول بعد كام ضربة من دول ! 
محمد بلهفة وخوف 
– لأ والله يا بيه هقول..
– شاطر يا محمد، الأول عرفنا أنكم أربعة، بعدين لقينا كل ٣ محافظات قريبين من بعض خاصةً المحافظات البحرية، ليها رئيس فيها، وزي الشاطر هتقولي إسم إسم ليهم دلوقت، وهلاقيهم فين.
يتبع…..
لقراءة الفصل العشرون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية عنيد غير حياتي للكاتبة لبنى عبدالعزيز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى