روايات

رواية عشقت قاسيا الفصل الاول 1 بقلم سارة رجب حلمي

 رواية عشقت قاسيا الفصل الاول 1 بقلم سارة رجب حلمي
رواية عشقت قاسيا الفصل الاول 1 بقلم سارة رجب حلمي

رواية عشقت قاسيا الفصل الاول 1 بقلم سارة رجب حلمي

إيمان بصراخ وصوت متقطع: حرام عليك يا تامر، متعملش فيا كده، إنت مش قولت إننا هنتجوز، أرجوك متضيعنيش.
دفعها نحو الحائط بعنف، ثم إقترب منها بشدة ليحكم سيطرته التامة عليها، ويغلق فى وجهها أى طريق للهرب من بين براثنه، ثم وضع شفتاه على عنقها، يقبله بحرارة.
وكانت إيمان لا تتوانى عن دفعه والصراخ فى وجهه، مطالبة إياه بالإبتعاد وبفك الحصار الذى أحكمه عليها، قلبها يعتصر من شدة الندم، تتحسر على تصديقها له وحبها الذى غمرته به
حاولت أن تتخلص منه وتفر هاربه، تتمنى من الله أن يساعدها فى الخروج من مأزقها، وتعده بأنها لن تكرر هذا الخطأ أبدآ، ولكن فقط ينقذها من بين يدي من إستباح عرضها، لمجرد أنها أحبته وأخلصت فى حبه، وأعطته الحق فى مقابلتها سرآ.
ولكن من الواضح أن أخطائها الكثيرة فى الأيام الماضية، جعلت رصيد ذنوبها قد ثقل بشدة، وكان لابد من أن تعاقب، وعلى يد من أعصت ربها، واستغفلت أهلها بسببه.
جرت دموعها الحارقة على وجنتيها بغزارة شديدة، فلا الدموع تتوقف، ولا يتركها ذلك الذئب المدعو بتامر، بل على العكس، كان يزيد فى لمساته الجريئة لجسدها الضعيف.
فاقتربت قوى إيمان من الإستسلام، ولكنها تذكرت والدها وأخوها مروان، وتخيلتهم منكسى الرأس، والعار يلحق بهما فى كل مكان، وماستلاقيه هى، إن لم يقتلوها على الفور!
فعادت للمقاومة مرة أخرى، ولكن تامر كان أسرع منها فى ردات فعله، فقد أمسك بقطعة قماش كانت ملقاه بجانب الفراش وربطها بإحكام على فمها، ليكتم أى أصوات مستنجدة تخرج منها، فقطع عليها السبيل لمساعدة أى شخص فى التخلص مما ينوى على فعله بها.
ثم ألقى بها على فراشه، وكأنه ألقى بها فى الجحيم، الذي لا عودة منه على الإطلاق.
عادت إلى نظراتها المتوسلة وبكائها المرير، الذي تحاول من خلاله أن تؤثر فيه، وتحرك عطفه عليها، فيتركها تعود من حيث أتت، وتكتب لها الحياة من جديد، ولكنه كان مستمر فيما يفعل، وكإنه كان ينوى على ذلك ومستعد له تمام الإستعداد، ولم يحدث أبدآ عن طريق الصدفة!.
وعندما أدركت ذلك، أجمعت قواها مرة أخرى قدر الإمكان، وأخذت تركله بيدها تارة وقدمها تارة أخرى، مما إستفزه منها فأخذ يصفعها على وجهها عدة صفعات، ولكمها فى أنفها، فخارت قواها تمامآ، وفقدت الوعى، لتفسح له الطريق، فى تدمير القادم من أيام عمرها …
تامر بإبتسامة وقحة، ونظرات تلتهم جسد إيمان المغشى عليها:
 إنتى اللي إضطرتينى لكده يا إيمى، كنت فاكرك هتبقى مطيعة، بس أقولك؟، كده أحسن أنا بحب البت الشرسة، بس إنتى ضيعتى وقت كبير، وانا بصراحة عايز أنجز، عشان مش فاضيلك يا عفيفة ههههههه.
ثم أتم تامر فعلته التى كان يخطط لها منذ أيام وإستدرج إيمان لمنزله لتنفيذ مخططه، الذي لم تكن تعلم عنه شيئآ.
ثم حاول إفاقتها، فاستجابت، وبدأت فى فتح عينيها ببطئ ثم بنظرات زائغة، غير مدركة لشئ بعد، ثم صرخت صرخة مدوية عندما رأته قريب من وجهها ينظر لها بتمعن.
فابتعدت عنه وانزوت فى أخر الفراش بجانب الحائط، تضم قدميها إلى صدرها، تحاول أن تخفى جسدها الذي إنكشف جراء تمزيقه لملابسها، وأخذت تبكى بقوة عندما أدركت ماحدث.
تحدث بكلمات غير مبالية لأى شئ مما فعله بها:
بطلى صداع، ماتخلنيش أربط القماشة تانى وأمنعك تنطقى.
إيمان بنحيب وقلب يعتصر من شدة الصدمة والخوف والألم الجسدى والنفسي الذي تشعر به:
إنت…عملت فيا إيه!!
تامر نظر لها ببرود وكأنه لم يفعل شيئآ يستحق أن تكون على هذه الحالة:
عملت إيه يعنى!!، هو انتى مكنتيش عارفة إن ده هيحصل !، ولاااااا بتمثلى؟
إيمان بألم يعتصر قلبها ودموع تحرق كل مكان تعبر من خلاله:
حرام عليك، ليه دمرتنى لييييه؟، عملتلك إيه؟، ده جزاء حبى ليك، وانى صدقتك ووثقت فيك؟
تامر بصوت حاد: بقولك إيه؟، لو كنتى فاكرة إنك لما تجيلى لحد هنا عشان أعمل معاكى اللى انا عايزه وبعد كده تمثلى إنك مكنتيش تعرفى واتفاجئتى عشان تضغطى عليا أتجوزك، وانا زى الأهبل وهحققلك حلمك فعلآ، تبقى عبييييطة أوى بصراحة، أنا عمرى مافكر أتجوز واحدة زيك، أخرها معايا ليلة زى دى ومع السلامة، إنتى سلمتيلى نفسك إنتى مدركة إنتى رخيصة قد إيه ؟؟
إيمان ببكاء يتزايد وصراخ وجنون من أثر وقع كلماته عليها:
أنا سلمتلك نفسي !!، أنا قاومتك لحد ماضربتنى وأغمى عليا صحيت لاقيتك عامل فيا كده، يبقى سلمتلك نفسي إزااااااااااى، ربنا ينتقم منك، مش هسيبك أنا هقتلك، موتك على إيدى.
تامر بتعالى ولا مبالاة مستمرة:
بلاش كلام فارغ، مجرد وجودك فى بيتى ياحلوة معناه إنك سلمتيلى نفسك، ومحدش هيقول غير كده.
ثم نظر فى ساعة يده بغرور:
وقتك معايا خلص، أنا همشي، عايز أرجع مالقاكيش هنا، زى أى زبالة بتوسخ بيتى وبيرجع ينضف منها، وبالمناسبة، ماتحاوليش تجيبى سيرتى ولا تقولى إسمى فى أى حاجة، إنتى عارفة كويس إن دمار عيلتك كلها، هى أسهل حاجة ممكن أعملها بإشارة صغيرة بصوابعى، وأظن دليل كلامى وصلك خلاص.
ثم غمز لها بعينه، وضحك ضحكة خبيثة، جعلتها تريد أن تتقيأ.
ثم تركها وغادر منزله، وهى بين جدران ذلك المنزل تتلوى من الألم، لا تصدق ماحدث لها، ملابسها ممزقة أمام عينيها، ولا تعرف كيف لها أن تخرج من منزله وهى على هذه الحالة المزرية.
تموت رعبآ فى كل لحظة تتذكر بها أن عليها الآن أن تعود إلى المنزل، وقد تأخرت عن موعد عودتها الذى إتفقت مع والدها عليه، وليس هذا فقط، بل ستعود ممزقة الثياب، فاقدة لأعز ماتملك…
*******************
فى منزل ينم عن توسط المستوى الإجتماعى كان يجلس فى أحد الغرف رجل فى عامه الخمسون، يرتشف من فنجان قهوته مرتديآ نظارته الطبية، ينظر فى جريدة ممسكآ بها بين يديه، ثم تمهل قليلآ قبل أن يقرأ المزيد ونظر فى ساعة الحائط، فوجدها تشير إلى الساعة الحادية عشر مساء، فقام من على فراشه، متوجهآ لخارج غرفته، ووقف أمام إحدى الغرف مناديآ.
ماهر: ياندى، ياندى.
خرجت من الغرفة التى يقف أمامها ماهر، فتاة مقبلة على عامها الثامن والعشرون، متوسطة الجمال، بملامح طفولية هادئة.
ندى: نعم يا بابا؟
ماهر: هى إيمان مارجعتش لحد دلوقتى؟
ندى بتوتر: لأ لسه مرجعتش.
-و إيه اللي خلاها تتأخر كده؟، هى مش قالت إنها رايحة تزور الست زينب، البيت مفيش بينا وبينه شارعين.
ندى وقد شعرت بالقلق أيضآ:
طب تحب إنى ألبس وأروح أشوفها؟
******************
بعد محاولات مضنية إستطاعت أن تستجمع قواها، فتحركت إلى خزانة الملابس ببطئ، تجر قدمها بصعوبة، وتجر أذيال الخيبة والعار.
فتحت الخزانة على مصراعيها وأخذت تفتش بداخلها عن أى شئ تستطيع به أن تستر جسدها العارى، فوقعت يدها على شال أسود طويل، فأخذته وألقته على أكتافها، ونظرت لنفسها لتتأكد أنه ستر عريها، ثم توجهت إلى الباب لتخرج من المنزل الذي أغتيلت به برائتها، وشرف والدها، الذي لم يكن ليتوقع أن تنكس رأسه من وراء إبنته إيمان التى لطالما جاهد من أجل هدايتها، فهو لم يكن يعرف عنها شيئآ مشينآ، ولكن قلبه كان دائمآ قلقآ بتجاهها وتجاه تصرفاتها، خصوصآ أنها كانت لا تصلي، وفشل معها مرارآ وتكرارآ فى أن يجعلها تلتزم، فكانت تصلي مرة وتترك عشرات.
وصلت إيمان إلى المنزل وهى لا تستطيع أن توقف دمع عينيها، الذي يجري ويتدفق من دون أن يخرج من فمها صوت نحيب.
*****************
كان فى هذه اللحظات ماهر يكمل حديثه مع إبنته ندى.
ماهر بغضب شديد من طول تأخر إبنته إيمان:
 ولا تروحى ولا تيجى، أنا بدور عليها، هبعتك ليها عشان أدور عليكم إنتو الإتنين!!
ندى: أنا بتصل بيها والله بس موبايلها مقفول.
ماهر وقد ثار أكثر: كماااان !
ثم سمعوا صوت طرق الباب، وكانت الطرقات عشوائية للغاية غير منتظمة، فتارة تكون طرقات عالية وتارة منخفضة وضعيفة، بالرغم من أن لإيمان طريقة معينة فى طرق الباب لا يخطئوها أبدآ.
ندى بسعادة: أهى جت، هروح أفتحلها، وبالراحة عليها يا بابا، يمكن الكلام خدهم ولا حاجة، وكده كده الست زينب بتبقى قاعدة لوحدها وحسام إبنها بيرجع من شغله متأخر.
ماهر مستنكرآ: لا مش هى، دى مش خبطتها، خليكى إنتى وهفتح أنا.
ثم توجه ماهر بتجاه الباب، وفتحه، ثم ذهل بشدة لما رأى.
فقد كانت إيمان تقف أمامه شاحبة الوجه، بعينان ذابلتان، ودماء تسيل من أنفها، ترتدى شالآ طويلآ، تظهر ملابسها من أسفله ممزقة، وشعر أنها ستنهار فى أى لحظة.
لم يتمالك نفسه وأخذ يصيح بها:
إيه اللي عمل فيكى كده؟، إنطقى، حصلك إيه؟، فيكى إيه؟
كان يلقى عليها سيل من الأسئلة، وقلبه يرتجف بشدة خوفآ من سماع الإجابة، يتمنى لو قالت أنها تعرضت لحادث سيارة، لو أنها قد سرقت، ولو أنها ضربت من أحد الأشخاص، ولكن لا تقول أنها قد…..، لا يستطيع حتى تحمل الفكرة.
وخابت أماله جميعها عندما وجدها تبكى بحرقة، فقط تبكى ولا تجيبه بأى شئ يشفى النيران التى إستعرت بقلبه خوفآ من المجهول.
ماهر وقد عاد لصياحه مرة أخرى:
إتكلمى، قولى حصلك إيه؟
لم تستطع إيمان تحمل هذا الضغط أكثر من ذلك، فسقطت على الأرض مغشيآ عليها.
**************
كان يجلس فى إحدى محلات الأطعمة الجاهزة بصحبة صديقه عمرو، ولكنه شارد الفكر، غائب تمامآ عن الواقع الذي يحاصره، ومهما مر الوقت فهو على هذه الحالة، لا يشعر بمروره ولا يمل الشرود.
نظر له عمرو بحيرة من أمره:
وبعدين معاك؟، حتى بعد ماستأذننا من الشغل وجينا هنا عشان نغير جو ونتعشى مع بعض، ونرغى فى أى حاجة، برضو قاعد سرحان ومش بتاكل كويس ولا بتنطق معايا بكلمة!، أعملك إيه تانى عشان تنساها وتنسى اللي حصل؟
رفع حسام رأسه ونظر لصديقه عمرو، وبدأ يهز رأسه يمينآ ويسارآ، محاولآ أن يخرج ذلك الموقف اللعين من ذاكرته.
(فلاش باك)
كان حسام يجلس فى غرفته يتصفح هاتفه المحمول بملل، ذهنه معها، لا يفكر إلا بها وحدها، دون غيرها من نساء العالم، يحبها ويشعر أنها إمتلكت قلبه رغمآ عنه.
ودق جرس الباب فجأة فأخرجه من شروده، الذي كان سيستمر إذا لم يدق جرس الباب فى ذلك الوقت.
فقام من جلسته بفتور، محاولآ تخمين هوية الطارق، ولكنه فشل فى ذلك نظرآ لقلة الزائرين لمنزله، فقام بفتح الباب، وتفاجئ بشدة أسعدته، عندما وجدها إيمان، فمهما كان توقعه لهوية الطارق فلن يكن بجمال أن تكون هى أبدآ.
إبتسم فى وجهها برقة:
إتفضلى يا إيمان.
دخلت إيمان وهى تنظر له ببرود، وتتعجب من نظراته السعيدة المتأججة التي يغمرها بها.
– طنط زينب فين؟
– نايمة.
نظرت له بتعجب أكبر وتحدثت بلهجة صارمة: طب ماتتفضل تصحيها!!
حسام وقد شعر بالخجل:
إحممم، حاااضر أنا هصحيها بس عايزك فى كلمتين.
إيمان بشدة تنطلق من بين كلماتها:
حسام، أنا لولا طنط زينب غالية عليا وبعتبرها فى مكانة والدتى ماكنتش جيت هنا، وكمان بحاول اعوضها عن أختك فرح الله يرحمها، بلاش كل ماباجى هنا تضايقنى بتصرفاتك.
حسام وقد حاول أن لا يظهر غيظه من كلماتها:
إنتى ليه مش عايزة تدينى فرصة؟، لا وكمان بتقللى منى أوى قدام نفسي، هو بإيدى إنى حبيتك؟، لو بإيدى ماكنتش هحبك، أنا كرامتى عندى فوق كل شئ يا إيمان.
إيمان بعصبية واضحة فى كلماتها:
خلاص، إحفظ كرامتك ومتفتحش معايا الكلام فى الموضوع ده تانى، أنا قلبى عمره ماهيدقلك، وخليك فاهم كده.
حسام بغضب شديد وقد بدا واضحآ لها:
إنتى حرة يا إيمان، مش أنا اللي هشحت الحب.
ثم تركها ودخل بخطوات عصبية وهو يزفر بضيق وغضب ليوقظ والدته.
***
عمرو ينظر له بعدم فهم، متعجبآ على حالته التى تزداد سوء فبدلآ من إنتباهه له فقد إزداد شرودآ.
عمرو: يابنى، إنت روحت فين تااااااانى، يخربيت كده.
حسام: هه، أنا معاك يابنى فى إيه.
عمرو: ولا معايا ولا يحزنون، إنت هتشتغلنى بقى!!
حسام عادت له الأحزان بعودته لتذكرها مرة أخرى:
أعمل إيه يا عمرو، جرحتنى بكلامها أوى، وكل شوية بفتكر اللي حصل بيني وبينها وبحاول أفهم عملتلها إيه أستحق عليه تصرفاتها دى معايا، وبحاول برضو أعرف أنا ناقصنى إيه يخليها متحبنيش كده.
نظر له عمرو وهو يفتح عينيه بشده:
إنت ناقصك حاجة ؟؟، إنت مش واخد بالك البنات هتتجنن عليك إزاى!، ولا عشان إنت مش شايف غيرها فاكرها محور الكون!
رفع حسام رأسه وزفر بضيق ثم أردف:
أمال فى إيه بس !!، ليه بتتصرف معايا كده!، أنا بقى مش عايز أى بنت من اللي هيتجننوا عليا دول، أنا عايزها هى وبس، ليه بتتقل عليا كده؟
نظر له عمرو بتركيز وإمعان ثم أردف قائلآ:
بس لاقتها.
– هى إيه دى اللى لاقتها؟
– هى من الأخر كده تعرف واحد تانى.
شعر حسام بالغيرة لمجرد سماعه لإقتراح عمرو، وإحمر وجهه بغضب شديد:
لأ طبعآ مستحيل.
نظر له عمرو متهكمآ: هو إيه ده اللي مستحيل!، أمال حضرتك تبرر تصرفاتها دى بإيه بقى غير علاقة تانية!
إزداد غضب حسام وبدأ يكز على أسنانه فى كل حرف ينطق به:
بقولك مستحيييل، هى متربية كويسة ومش ممكن تعمل كده.
عمرو وقد أصابه الضيق من ثقة حسام العمياء بفتاة أرهقته بصدها له:
خلاص بلاش تكون على علاقة بواحد، بس أكيد بقى بتحب حد حتى لو بينها وبين نفسها على الأقل، وماتقعدش بقى تقولى مستحيل، ماهى مالهاش حل تانى، وكمان إنت مادخلتش جواها عشان تتأكد إن مفيش حد في قلبها.
شعر حسام أن الحديث عنها أخذ وقتآ كبيرآ، غير وقت شروده الصامت بها، وخشي أن ينزعج عمرو منه، فهو ليس له ذنب فى ذلك:
خلينا نغير الموضوع ده، إيه رأيك فى مدير الحسابات الجديد ده، بيقولوا عليه كويس.
عمرو: والله إنت أولى منه، مش عارف سايبين واحد قديم فالمكان وعنده خبرة كويسة ورايحين يجيبوا ده ليه.
حاول حسام الإهتمام والتركيز الشديد فى كلمات عمرو، حتى يخرج بالفعل من التفكير بما قالته له إيمان بالأمس، والذي أثر في نفسه بشكل لا تستوعبه إيمان نفسها.
عمرو بغضب: تانى هتسرح !!، أمال فى الشغل زى الصاروخ، معندكش ياما إرحمينى، ودول شغلتين فى اليوم مش شغلانة واحدة.
حسام إراد أن يخرج من حالة الضيق بالمرح: إنت هتقر عليا ولا إيه!، ماتصلى على النبي فى قلبك كده.
عمرو: هههههههههههه، ماشي ياسيدى، اللهم صل على النبي، خليك حلو كده بقى لأخر القعدة دى، بدل ماقوم أخنقك وأنتحر من البؤس ده، عشان موقف تافه من الست إيمان.
حسام بتحذير وقد أشار له بسبابته: آديك إنت اللي بتجيب سيرتها تانى وبتفكرنى، خد بالك بقى.
عمرو: لا لا بالله عليك، أنا آسف، إنسى تانى.
إبتسم له حسام، محاولآ تصنع النسيان، ولكن ما بالقلب، يظل مشتعلآ، لا يطفئه شيئآ.
********************
فى منزل ماهر الصباغ.
حاول ماهر وندى إفاقة إيمان، ولكنها لا تستجيب لهم، فإضطروا فى النهاية لإحضار طبيب.
نظر لها الطبيب متفحصآ لها ولهيئتها التى تبدو بها ثم قال:
واضح إنها إتعرضت لصدمة شديدة، هتخليها تفقد الوعى كتير الفترة الجاية، ياريت تعرضوها على طبيبة نسا، لإن هيئتها بتدل على إغتصاب.
نزلت كلمات الطبيب على ماهر وندى كالصاعقة، كانوا يعلمون أن هذا هو ماحدث لها لا محالة، ولكنهم غير قادرين على تحمل التأكد من تلك الكارثة التى ألمت بهم.
ألقى ماهر بجسده على أقرب مقعد، ووضع كلتا يداه على مؤخرة رأسه بألم وضيق يكفى العالم أجمع.
شعر الطبيب أنه قد صدمهم بكلماته التى خرجت مندفعة من فمه دون التمهيد لها قبل النطق بها:
أنا آسف يا جماعة سامحونى، بس كان لازم تعرفوا كده وتتحركوا بسرعة فى إتخاذ الإجراءت، عشان بعد مدة معينة، مش هتقدروا تثبتوا حاجة، ولا الطب الشرعي هينفعكم فى إثبات حالة الإغتصاب دى، ده طبعآ لو ناويين تخدوا حقكم مالحيوان اللي عمل كده، ومتعملوش زى ناس كتير وترضوا بالأمر الواقع وتسكتوا، أنا عارف برضو إن مش وقته كلامي الصعب ده، بس أنا خايف إنكم تنشغلوا بالحزن والصدمة وتفوقوا بعد فوات الأوان.
نظر له ماهر بعينان تملئهما العبرات المتجمدة، التى تزين بياض العين ولكنها لا تستطيع الخروج:
مشكور يادكتور، وأتمنى لو محدش ياخد خبر باللي حصل لحد مانعرف هنتصرف إزاى.
الطبيب: أكيد طبعآ، متقلقش من الجهة دى خالص، ربنا يصبركم، ولسه فى أمل تكون حالة ضرب وعنف جسدى من غير إغتصاب، ويارب تيجى على قد كده بس.
أوصلت ندى الطبيب إلى باب المنزل، وعند خروجه حضر مروان أخو إيمان وندى، ألقى عليه الطبيب السلام وغادر، وسط نظرات كثيرة مستفهمة تتبعه من عين مروان، ثم وجه نظراته إلى أخته ندى وسألها:
مين ده ياندى؟
وكأن ندى كانت تنتظر سماع أى كلمة من أى شخص لتنهار، وتفقد توازنها، فوقعت على الأرض، وأخذت تلقى بعبراتها المتلاحقة على وجهها:
ضعنااا، إيمان ضاعت، كلنا ضعنا.
مروان وقد بدأ قلبه يدق بشدة وخوف من المجهول:
إيه اللي حصل؟، مالها إيمان؟؟
يتبع…
لقراءة الفصل الثاني : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى