Uncategorized

رواية قتلوا طفولتي الفصل الأول 1 بقلم ريم السيد

 رواية قتلوا طفولتي الفصل الأول 1 بقلم ريم السيد

رواية قتلوا طفولتي الفصل الأول 1 بقلم ريم السيد

رواية قتلوا طفولتي الفصل الأول 1 بقلم ريم السيد

أتممت اليوم عامي الثالثة عشر كنت أتمنى لو احتفلوا بي كما أرى على شاشة التلفاز  الصغير الموضوع على تلك الطاولة الذي تفضل علينا بها أحد سكان العمارة     -التي يحرسها والدي – بعدما أتى لأولاده بشاشة حديثة.
غدا سيكون بداية العام الدراسي الجديد ومن المفترض أن ألتحق بالصف الأول المتوسط فحلمي أن أصبح طبيبة أداوي المرضى ويذخر بي أبي فأنا الإبنة الكبرى له ولدي أخ يصغرني بثلاث سنوات دائماً ماأذاكر معه دروسه حتى يلتحق هو الآخر بما يتمناه في المستقبل،لكن الى الآن لم تأتي أمي لي بزي المدرسة ولا بحذاء جديد فحذائي القديم قد تلف تماما بعدما أمضى معي قرابة الأربعة أعوام لكن لا بأس بالتأكيد لم تنسى أمي شيئا كهذا أبدا ،بدأت في إعداد حقيبتي المدرسية بقلمين أزرق والآخر أسود ودفتر ريثما أتسلم غدا كتبي المدرسية فبالتأكيد كعادة اليوم الأول في المدارس لا يقوم المعلم بشرح الكثير بل يعطي نبذة عن المنهج حتى يسهل علينا الفهم فيما بعد…
=رقية قومي يلا عشان تساعديني في مسح السلم 
-حاضر يا ماما… هقوم املى الجردل مية أهو وأحصلك 
=طيب يلا بسرعة عشان مانتأخرش الساعة بقت تمانية والعشاء هتدن
-حاضر  هقفل الشنطة أهو وأقوم 
=شنطة ايه !؟
-شنطة المدرسة يا ماما..بكرة اول يوم 
وضعت أمي الأقمشة الممزقة التي تستخدمها في مسح السلالم جانبا وأتت تربت على كتفي…
=مش هينفع يا رقية 
-هو ايه اللي مش هينفع 
=كفاية علام لحد كدة يابنتي احنا مابقيناش حمل مصاريف تاني دروس وكتب وهدوم مدارس ماحناش حمل مصاريف تاني يابنتي (كادت أن تبكي لعلمها الموقن بحبي الشديد للدراسة)
-لا يا ماما …طيب بصي انا مش هروح درس الإنجليزي والرياضيات تاني هحاول مرة واتنين وتلاتة أفهم لوحدي ولو على الكتب انا هنزل اسأل الجيران هنا وفي كل العمارات على كل قديمة ومش عايزة جزمة جديدة انا هلبس اَي حاجة وبصي الهدمة اللي كنتي هتمسحي بيها دي جيبة مدرسة بصي انا هخيطها كويس والبس عليها اَي حاجة بس أبوس ايدك ماتخلينيش أسيب المدرسة (كنت أتحدث ببكاء حتى أن كلامي بات غير مفهوم )
=يا رقية ماتقطعيش قلبي والنبي …والله مافي أيدي حاجة أبوكي هو اللي قال ..واديكي شايفة يابنتي الدنيا بقت غلا ازاي 
-يا ماما أبوس ايدك لا حاولي معاه تاني والنبي حرام عليكم 
=…(كادت أمي ان تبكي لكنها تمالكت نفسها في قسوة حتى لا تمنحني سرابا بتحقيق أمنيتي)..رقية يلا عشان نمسح السلم (وخرجت من تلك الغرفة أسفل سلم العمارة)
ها هو حلمي قد انتهى في لمحة بصر فمنذ قليلا كنت في قمة سعادتي لإلتحاقي بمرحلة عمرية جديدة لكن يبدو أن أمثالي ليس من حقهم سوى الحلم ..الحلم فقط. قمت وقد مسحت دموع قد انهمرت رغما عني وذهبت لمساعدة أمي التي لا تملك بيدها سوى تنفيذ أوامر والدي وإلا أبرحها ضربا لعصيانه .
يبدو أن هدية عيد ميلادي لهذا العام كانت قاسية للغاية فبالطبع لن أنسى تميزها مادامت الروح في جسدي ، حتى محاولة التناسي وعدم الاكتراث صعبة جدا فها هم أبناء الجيران يحملون الأكياس وبداخلها ملابس جديدة لعام جديد ويزجون بالملابس القديمة إلينا ويمرون على السلالم التي مسحناها لتونا فنعاود المسح من جديد دون أي رحمة منهم لأجسادنا المتعبة وأرواحنا المنكسرة ويبدو أنه قد كتب علينا أن نشقى فقط في الحياة الدنيا وأن يعوضنا الله في الآخرة . 
=رقية ازيك عاملة ايه 
-الحمد لله 
=عنيكي حمرة ليه كدة 
=•ده تلاقيه من الكلور أو تراب جه في عينها واحنا بنمسح…رقية يلا خلصي عندك وتعالي كملي هنا
=لا شكلها معيطة ..فيه حاجة ولا ايه 
=•ماتشغليش بالك ياست هانم
=رقية ..فيه ايه احكيلي
-أبويا قعدني من المدرسة (ودخلت في نوبة بكاء رغما عني)
=بس بس ياحبيبتي ماتعيطيش ..اهدي بس (بدأت تحتضني برأفة بالغة منها ) 
=•ياست هانم ماتعطليش نفسك هي هتبقى كويسة رقية يلا عشان نخلص
=استني بس يا بهية ..ليه هتقعدوها من المدرسة رقية شاطرة وليها مستقبل ليه تحرموها من أقل حق ليها 
=•ياست هانم إحنا بنلاقي اللقمة بالعافية في وسط الغلا والدنيا دي هنلاحق على مصاريفها منين يادوب عليها كدة في التعليم 
=حرام عليكم …طيب سيبيها وأنا هساعد حرام البنت 
=•لا يا ياست هانم أبوها لو شم خبر ممكن يقتلني اعملي معروف وماتقوليلوش انها اشتكتلك
=…(تنهدت الأستاذة هبة بعد نفاذ صبرها )…ربنا يعينك يارقية.
دخلت إلى شقتها وعلامات الحزن تملؤ وجهها الرقيق الملامح وقلبها الحنون دائما معي فكلما رأتني تناولني قطع الحلوى التي يصعب علينا شراؤها فأقتسمها بيني أنا وحسن أخي تقدم لي أيضا الأقلام والدفاتر كمساعدة لطيفة منها لكن يبدو أن هذه المرة لن تستطع مساعدتي كالمعتاد كأبي صارم جدا في قراراته ولا يستطيع أيا منا التأثير عليه .
بعدما أنهينا أنا وأمي وقد حضر والدي وأخي من الخارج بعد غسلهم للسيارات الخاصة بسكان العمارة أعددنا أنا وأمي العشاء المكون من خبز وجبن وفول وبعض شرائح الخيار والطماطم وبدأنا بتناول العشاء ولكني لم أكن على مايرام فقد كان الحزن يأكل ملامحي …
=علميها الطبيخ 
=•حاضر 
=والغسيل وكل حاجة في البيت 
=•ماشي ياخويا 
=الأستاذ إسماعيل اللي في العمارة اللي جنبنا هيتجوزها الأسبوع الجاي 
=•ياخرابي ده متجوز وعنده فوق الخمسة وأربعين سنة …
يتبع…..
لقراءة الفصل الثاني : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية عنيد غير حياتي للكاتبة لبنى عبدالعزيز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!