روايات

رواية ملاك بوجه شيطاني الفصل الأول 1 بقلم آية محمد رفعت

رواية ملاك بوجه شيطاني الفصل الأول 1 بقلم آية محمد رفعت

رواية ملاك بوجه شيطاني الجزء الأول

رواية ملاك بوجه شيطاني البارت الأول

رواية ملاك بوجه شيطاني الفصل الأولى

محاولة جديدة لن تنقصه شيئًا، فمن المؤكد بأنه لن يستسلم بتلك السهولة التي تظنها هي، سيحاول للمرة التي تخطت حواجز ذاكرته بتذكر عددها، كل ما يعلمه بأنه سيظل يحارب حتى يحصل على قلبها النابض خلف قفصها الصدري، ما يعجز عن تقبله رفضها التام لحبه الصريح، أيعقل أن ترفض فتاة عشقٍ مازال يبوح به لها منذ التحاقهما للجامعة في السنة الأولى، وإلى الآن مازالت ترفضه بشكلٍ صريح، تنجح دائمًا بأن تخيب أماله حتى بعد محاولاته على ثلاث سنواتٍ لم يترك بها بابٍ الا وتركه، ذهب لوالدها وأخيها حتى أقربائها جميعًا، ولكن دون جدوى!
وكأن العالم بأكمله يرفض ارتباطه الصريح بها الا قلبه اللعين.. مازال يخلق التمنيات والأماني بأنها ستخضع له بنهاية المطاف، مازال يتذكر أخر لقاء جمعه بأبيها أقسم له بأنه فور تخرجه من الجامعة سيبحث عن أي عملٍ حتى يزيح حجته بهذا الشرط الغير مقبول، ولكنه أخبره بمللٍ ما يخفيه
«يا ابني هي مش عايزاك.. لا فارق معايا انك مش معاك صانعة ولا انك لسه بتدرس.. البنت رافضاك وأنت لسه مصر كل اسبوعين تيجي تقابلني وأنا مش في إيدي حاجة!»
مازالت كلماته تلاحقه كالشبح المخيف لتلاعب أوتار قلبه المرتعب من أن تكون لغيره بيومٍ ما، خاصة بأنهما بالسنة الأخيرة من الجامعة، عقله لا يستوعب بأنه لن يتمكن من رؤيتها مجددًا، فطوال تلك السنوات كان يحرص على الحضور باكرًا لأجل رؤيتها، حتى بعد أن كان يسبقها بعامٍ تعمد أن يرسب حتى يكون معاها في نفس الصف، ولم يكن بالمفاجئ له بالرسوب فمستواه كان دائمًا منخفض، ليفاجئ الجميع مجددًا بتفوقه الذي أذهل الجميع حتى أنه كان من أوائل الصف، وكل ذلك في سبيل اثارة اعجابها ولكنها الوحيدة التي لم يكن يعنيها أمره!
الجامعة بأكملها تعلم بأمر العاشق المجنون الذي قد يقترف جريمة دموية إن طال أحدهم بالنظرات تجاه ما يخصه، تعاطف معه الدفعات بأكملها الا هي لم يرأف به قلبها، تأهب بجلسته حينما رآها تهبط من سيارة الأجرة التي تقودها كل صباحٍ بصحبة صديقاتها، فنهض عن مقعد الاستراحة القريب من الرصيف ثم أسرع تجاهها، فتأففت أحدى صديقاتها بضجرٍ اتبع نبرتها المنفرة:
_اسطوانة كل يوم على وشك إنها تبدأ يا صبا.
استدارت “صبا” برأسها تجاه ما تعنيه صديقتها فوجدته يدنو ليصبح على قربٍ منها، فزفرت بحنقٍ:
_مش ناقصة على الصبح يا ربي!
وأسرعت بخطواتها وهي تشير لصديقاتها معللة:
_يلا من هنا بسرعة.
أوقفها ندائه:
_آنسة صبا.. دقيقة من فضلك.
لمعت حدقتيها بدمعٍ كاد بالانفلات عن عينيها، فتوقفت رغمًا عنها وهي تراقب أوجه المارة من حولها بحرجٍ، اقترب “مصطفى” منها فتمايل طرف خمارها الطويل ليلامس كتفيه، أغلق عينيه تيمننًا لتلك النسمة العابرة التي سمحت لحجابها الفضفاض بلمسه ولو لمرةٍ دون قصد منها، اقترب حتى أصبح يقف قبالتها فقال بهمسٍ خافت:
_أنتِ غيرتي رقمك؟
عينيها البنية كانت تفتش بأوجه المارة بخوفٍ من رؤية نظرة قد تدينها لوقوفها مع شابٍ هكذا، ولكنها مغلوبة على أمرها، فهي تعلم إن عارضته وأسرعت لبوابة الجامعة قد يناديها بصوت عال يجعلها وجهة للجميع، فربما ما يحاطهما مجموعة صغيرة عوضًا عما سيحدث هنا، تجاهلها له جعله يسرع بحديثه علها تنتبه لما يقول:
_صبا أنتي عارفة اني مش هسيبك.. أرجوكي اديني فرصة.. أنا مستعد أتغير عشانك والله.
سُلطت نظراتها الحادة عليه، وقالت بصوتٍ يكبت عصبية عظيمة حتى لا يرتفع فيصبح مسموعًا:
_أرحمني لوجه الله.. أنا معتش لقية حلول معاك.. سبني في حالي بقا الله يكرمك.
أسرع خلفها خطوتان قد اتخذتهما للفرار منه، ولكنه لم يمنحها تلك الفرصة:
_أرحمي أنتي قلبي اللي مش شايف غيرك.
قابلته بعصبية بالغة انهارت معها دمعاتها:
_الجواز مش بالعافية انا مش عايزاك.. أنت أيه مبتفهمش!
واسترسلت بصوتٍ متقطع من فرط بكائها:
_مش كفايا انك فضحتني بالجامعة كلها لسه عايز تفضحني بالشارع كمان… اعتقني لوجه الله يا أخي!
رق لدمعاتها التي جلدته بسواطٍ حادٍ، فرفع يديه وهو يشير لها:
_طب اهدي خلاص… أنا همشي بس متعيطيش.
وتركها واتجه لبوابة الجامعة وعينيه تستدير لمراقبتها بين الحين والآخر ولم تهدأ ويشتد خطاه الا حينما وجدها تزيح دموعها حينما التفت صديقاتها من حولها، أنكس”مصطفى”رأسه للأسفل حزنًا من خيبة آماله للمرة التسعة والتسعون، فاتجه لمقهى الجامعة وبالأخص للمكان المخصص له ولاصدقائه الملقبون ب”أشباح الجامعة” لما لهم من أعمال تمس المشاغبة والمشاكل التي قد تستدعي أفراد الآمن كل حينٍ والآخر، جلس مهمومًا والصمت يتراعب على وجهه، فحانت منهم نظرة خاطفة لبوابة الجامعة التي تدلف منها “صبا” وقد بات الأمر معتاد لهم، فقال أحدهم ساخرًا:
_والله ما أنا عارف عاجبك فيها أيه.. دي عادية جدًا!
أضاف الأخر بسخطٍ:
_أمال لو كانت بيضة وبعيون ملونة! دي لابسة الملحفة ليل نهار ومصدرة الوش الخشب كأنها من أيام أبو لهب!
احتقنت نظراته وكأن بندقية عينيه قد لسعتهما حرارة ستجعلها تنفجر لا محالة، فابتلع الاخير ريقه بتوترٍ جلي وأسرع بتصحيح حديثه:
_أنا أقصد يعني في بنات كتيرة بالجامعة والاهم من الجمال اللي عندهم انهم ساهلين يا عم بدل اللي طلعت عينك دي!
اخشونت نبرته التي تخبره بشكلٍ صريح:
_خليك في حالك يا عمار.. ومتتدخلش في اللي ميخصكش.
عاد بظهره لمسند المقعد بخوفٍ من تعصبه الشرس، فضغط صديقه المقرب على كتفيه وهو يشير له:
_خلاص يا مصطفى هدي نفسك.. أنت كل يوم تعمل خناق في الجامعة عشانها.
اتجهت نظراته اليه، فاضاف بنبرة شبه مستهزئة:
_عشان ست الحسن والجمال متتضايقش يا صاصا!
وجذبه تجاهه ليهمس إليه بمكرٍ بعيد عن مسمعهم:
_ما أنا قولتلك من الاول سكتها أيه.. انت اللي مش راضي تنفذ اللي قولتلك عليه!
هز رأسه نافيًا لعرضه الغير مقبول:
_لا مستحيل أعمل فيها كده… مقدرش
حاول أن يستميله تجاه مخططه، فقال:
_يا عم متقلقش دي صور متفبركة.. يعني أغلب الناس هتكون عارفة الكلام ده… بس ده الحل الوحيد اللي هيكسر شوكتها ويخليها توافق عليك.
أبعد يده عن كتفيه وهو يصيح بانفعالٍ:
_اللي يفكر يعمل كده هقطع رأسه قبل ما يعملها يا عمرو.
ختم تهديده بنظرةٍ شرسة قبل أن يغادر طاولتهم بتعصبٍ ينبض داخل أوردته، فراقبه “عمرو” ببسمةٍ ساخرة حتى تخفى من أمامه..
*****
وضعت كوب العصير من أمامها وهي تحثها بلطفٍ:
_اشربي ده يا حبيبتي هيهدي أعصابك.
أبعدته “صبا” عنها وهي تشير لها بالرفض، وقد عادت نوبة بكائها تستحوذ عليها من جديدٍ، فقالت وانفاسها تشق لتتحرر من كتمان شهقاتها:
_أنا زهقت يا شيماء ومعتش عارفة اعمل أيه عشان يبعد عني.. أنا مسبتش أي حاجة الا وعملتها.. فكرت اني اسيب الجامعة وابطل اجيها بس حرام أضيع تعبي كله عشان انسان زي ده.. اللي مهون عليا ان لسالي سنة واحدة بس وبدعي ربنا انها تعدي.
رفعت صديقتها يدها لتزيح دمعاتها عن بشرتها القمحية، ويدها الاخرى تربت بحنان على ظهرها:
_هانت يا صبا.. هانت وتخلصي منه.
ابتسمت ساخرة من وسط دمعاتها المنكسرة:
_حتى دي مش عارفة انها هتحقق ولا لا.. جوايا احساس انه مش هيسبني حتى لو خلصنا الجامعة.
وتعمقت بالتطلع إليها وهي تخبرها بما يضيق صدرها:
_أنا بقيت برفض أي عريس يتقدملي وبطلع فيه العبر عشان خوفي من ردة فعله!
واسترسلت بقهر:
_متخيلة وصلت لأيه؟
ادمعت عين “شيماء” تأثرًا بمعاناتها، فقالت بحزنٍ:
_والله ما عارفة أقولك أيه… هو اللي زرع الخوف ده جواكِ من عمايله.. مصطفى ده أساسًا معروف عنه انه بتاع مشاكل وحواراته مش بتتفض.. واللي زاد موضوعه معاكي ده!
عدلت من طرف خمارها الأسود الذي كاد بالسقوط عن كتفيها وهي تخبرها:
_مش عارفة هو عايز مني أيه.. أو أيه اللي عاجبه فيا! أنا وهو مختلفين عن بعض.. انا متدينة وفي حالي وهو دايمًا بيجري ورايا المصايب.. انا مش قادرة انسى الخناقة اللي حصلت في الجامعة من شهرين لما فتح دماغ واحد زمايلنا.. حقيقي انسان معندوش دم ولا عنده رحمة!
_فتحت دماغه عشان كان بيتكلم عنك وعينه منزلتش من عليكي!
انتفضت في جلستها بفزعٍ حينما استمعت لصوته الذكوري الذي يقتحم جلستها السرية الصغيرة برفقة صديقتها المقربة، فاستدارت بعنقها للخلف لتجده يقف على مقربةٍ منهما، حملت “صبا” حقيبتها وكتبها برعشةٍ كادت باسقاطهما أرضًا، فانحنى ليحمل كتابًا سقط جوار قدميه ثم قدمه لها، منحت يده الممدودة بالكتاب نظرة نارية، وتركته له وغادرت دون أن تعبأ به، وكأن كل ما يهمها الفرار منه، احتضن “مصطفى” كتابها بين لائحة يدها، وعينيه تراقب رحيلها بنظرةٍ يحوم حولها الوجع لينغز صدره بألمٍ إعتاد على مذاقه!

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ملاك بوجه شيطاني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى