روايات

رواية ود الفصل الثالث 3 بقلم سلمى خالد

رواية ود الفصل الثالث 3 بقلم سلمى خالد

رواية ود الجزء الثالث

رواية ود البارت الثالث

رواية ود الحلقة الثالثة

( أريد دفء احضانك)
صوت سيارة الأسعاف كان يعلو بالشارع، تسير بالشارع وهي قاطبة جبينها في تعجب لمن تلك السيارة، حتى وقفت امام منزلها وقبل أن تدلف هتفت احد السيدات اللاتي تقفن:
_ الحقي يا ست حسناء مرات ابنك الجديدة اللي ما يتسمى ياسر كشر الفازة عليها وعاملة تنزف وجابلها الاسعاف.
جحظت عينيها في صدمة، وسرعان ما تركت ما بيدها تتحرك نحو السيارة التي بالفعل وضعت ندى بها كادت أن تصعد ولكن منعها أحد رجال الاسعاف لتردف سريعًا:
_ أنا أمها يا بني سبني اطلع اطمن عليها!
تركها تصعد معهم، في حين امسكت رجاء بهاتفها تتمتم وهي ترى السيارة تبتعد:
_ الو يا ماما.. كنت عايزة الراجل يفضحك ندى إنها داخلت البيت بس معرفش أنه مجنون كده وضربها في دماغها… ياما أنا كل اللي عملته اقنعتها تدخل بيت الست دي عشان جوزها منعها على اساس تبان إنها زوجة بشعة ويسيبوا البيت ليا وافضل أنا صحبته بعد ما اللي تتسمى حسناء دي تموت.. إنما هي معايا مش هعرف اخد لا حق ولا باطل… اهو اللي حصل بقى معايا… راحت معها المستشفى وأنا هفضل في شقتي جوا وخلاص.. سلام.
أغلقت معها سريعًا، واسرعت تدلف للشقة قبل أن يراها أحد.
**********
مرت ساعات وهي محتجزة بتلك الغرفة لا تعلم ما الذي وجب عليها فعله، حتى خرج الطبيب من الغرفة لتشرع نحوه قائلة في قلق:
_ طمني يا دكتور ندى كويسة؟!
منحها نظرات من الأسف، يجيبها في هدوء:
_ في جزء من الأزاز اللي اتكسر دخل في عينيها و عمل تمزق في القرانية ودا اتسبب ليها بعمى وهي حاليًا نايمة من المهدئ اللي خدته.
اتسعت عين حسناء في صدمة، في حين أكمل الطبيب ما أن رأى تلون وجهها هكذا:
_ أهدى حضرتك القرانية لحسن الحظ متأذتش بشكل كلي ودا هيساعدنا أننا نعمل ليها عملية وبصرها يرجع تاني.. أحنا هنعنل باقي التحاليل بس يفضل يكون في حد معاها عشان لما تعرف يكون في دعم نفسي ليها لأنها انهارت وكانت نفسيتها وحشة جدًا بعد ما فاقت بفترة صغيرة وعرفت باصابتها لو اتأثرت اكتر من كده هيأثر على نجاح العملية.. عن اذنك.
تركها مغاردًا، في حين بقيت حسناء مكانها جامدة تحاول استعاب ما سمعته، هل بالفعل أصيبت زوجة ابنها بالعُمى؟ كيف ستخبر ابنها عندما يعود بما حدث لها؟ إنها اهملت في رعايتها أثناء غيابه! جلست على المقعد تضع وجهها وسط راحتي يدها تحاول التفكير بحلٍ ولكن لابد من قول الحقيقية.
أتي وليد سريعًا بعد أن اخبرته رجاء بأن سيارة الاسعاف أخذت ندى ووالدته سويًا، جثى على ركبتيه ينظر لوالدته في قلق قائلًا:
_ ندى مالها يا أمي؟!
ظلت صامتة بضع دقائق، ثم رفعت رأسه تنظر لأبنها بوجهٍ جامد تجيب:
_ دخل ازاز في عينيها وخسرت نور عينيها.
اتسعت عين وليد في صدمة، يتطلع نحو والدته بعقلٍ مشتت، ثم أردف في واهنٍ:
_ طب وحسن؟!
أغمضت حدقتيها في تعبٍ، تجيبه بارهاقٍ:
_ مش عارفة.. بس لزمًا يعرف.. والأهم ايه اللي ودا ندى عند عنايات وجوزها أصلا؟!
زفر وليد في ضيقٍ، ثم جلس جوارها يكتب رالة إلى حسن بأن يأتي بأسرع وقت بسبب حادث مر بزوجته.
**********
مر الوقت كان كالدهر على الجميع، رجاء تفكر كيف تبعد ذاتها عن الموضوع، في حين توتر حسناء ووليد سويًا حتى يأتي حسن ويرى زوجته ويعلموا الحقيقة.
:_ ندى ايه اللي حصلها يا أمي؟!
قالها حسن وهو يهرول نحوهما، في حين اجاية وليد عليه في توتر:
_ ياسر جوز عنايات كسر الفازة على ندى وفي ازاز دخل في عينيها واتسبب بفقدان نظرها.
تراجع حسن عدة خطوات في صدمة، سقطت عليه مثل دلو ماءًا بارد، نظر نحو والدته متسائلًا:
_ ايه اللي وداها عند عنايات يا أمي؟!
حركت رأسها في نفي وهي تحاول كبح دموعها، مرددة:
_ معرفش أنا روحت السوق اشتري خضار وعلى ما جيت لقيت عربية الاسعاف موجودة بالشارع.
صك على أسنانه في غضب، ثم غمغم:
_ الدخول مسموح؟
:_ آه.
قالها وليد في توجس، في حين دلف حسن نحو الداخل، وما أن دلف حتى صُدم من شكلها، ذاك الشاش الملفوف برأسها عيناها مغطتاتان ايضًا، الدماء التي تغرق ملابسها بالكامل، تقدم حسن في خطواته حتى جلس على مقعد في هدوء، يتمتم بنبرة مخيفة:
_ ايه اللي وداكي عند بيت عنايات يا ندى؟!
انكمشت ندى على ذاتها، تعلم جيدًا خطأها، ولكن لم تقصد، اجابته بصوتٍ مرتجف:
_ أنا مكنتش اقصد.. رجاء قعدت تزن عليا نروح هناك على اساس اساعدها بس.. بس والله رفضت وهي شدتني وقالتلي هنروح علطول ونرجع.. وأنا هناك جوزها جه وضربها وهي جريت تستخبى فيا فالفازة جت فيا و..
ارتجفت شفتيها بشدة، تهمس بنبرة تخللها ألم قاسٍ:
_ اتعميت.
نظر لها حسن قليلًا، يريد أن يعاقبها فقد اخبرها ألا تذهب، ولكن هي الآن بأشد الحاجة له، نهض متجهًا نحو الخارج قائلًا في جفاء:
_ أنا خارج اجيب حاجة.
تركها مغادرًا دون أن ينتظر منها ردًا، يقف بالخارج في حالة شرود، لا يعلم ما الذي وجب عليه فعله بتلك اللحظة، توقف عقله عن التفكير ما ان أتت والدته تقف أمامه في تعجب مرددة:
_ أنتِ مش مع مراتك ليه؟!
نظر لها في غضبٍ، ثم تمتم بنبرة غاضبة:
_ مراتي اللي مسمعتش كلامي وخرجت رواحت بيت اللي قولتلها عليه لاء، واهوه ادي اللي وصلنا ليه مرمية في المستشفى والمفروض تعمل عملية بأسرع وقت قبل ما تتعمي خالص.
تتطلعت نحوه في ضيقٍ من حديثه، ثم بعد صمت دام لدقائق قالت في هدوء:
_ معاك حق يا حسن.. دي مش الزوجة الصالحة اللي تصونك وتخليكي عايش مرتاح.. انا بفكر تتطلقها مادام مش هتسعدك طلعت ست…
توقفت عن الحديث ما ان رأت تحول ملامح حسن للغضب أكثر، يغمغم مقاطعًت لحديثها:
_ راعي أنها مراتي يا أمي… وندى حب عمري مش هقدر اطلقها ولا اسيبها… آه مسمعتش كلامي بس مش معني كده إنها وحشة هي مشكلتها إنها طيبة بزيادة وممكن يضحك عليهت بسهولة.
:_ ولما أنت عارف إنها طيبة بزيادة وبيضحك عليها بسهولة سيبها ليه هاه؟ أنت واخدها بالعيب دا وعارف ومتأكد أن دا على أد ماهو ميزة على أد ما هو عيب… يبقى مترجعش تلومها على حاجة في طبعها ومش هتعرف تغيرها… روح اقعد ما مراتك يا حسن بلاش تقسى في أكتر وقت هي محتاجة للي يقف جنبها… الدكتور هداها شوية لما قالها إنها هتعمل عملية وهتشوف علطول.. لكن برضو وجودك جنبها هيفرق يا حسن…
تنهد حسن في تعب، يعلم صحة حديثها، وأنه ولابد أن يصبح جوارها الآن، في حين ربتت حسناء على كتفه قائلة بهدوءٍ:
_ أنا حسن ابني ربيته على الوِد والحب.. على الاحترام والمودة بينه وبين اللي يعرفهم.. فاكر زمان كنت بحكياك عن حواء اتولدت من أحد ضلوع سيدنا آدم… ولما سيدنا آدم كل من الشجرة اللي ربنا أمره ميكلش منها ونزلهم الأرض كانوا متفرقين وسيدنا آدم فضل تعبان أوي لحد ما لقى حواء واستكن في حضنها وهي حست بالأمان في وجوده… يبقى أنت يا حبيبي لزمًا تروح لمراتك اللي زمانها منهارة جوا وتقعد معاها وتبقى أمانها.
ابتسم حسن لوالدته في حبٍ، ثم امسك بيدها يقبلها في حب، قائلًا بنبرة ممتنة:
_ ربنا يحفظك ليا يا ست الكل.
منحته ابتسامة رضا، ثم دلف حسن للغرفة، ليجد ندى منكمشة على نفسها تشعر بالخوف، تألم قلبه من مشاهدتها هكذا وعلم أن مهما فعلت ستبقى هي صغيرته التي يعشق رؤيتها ولا يستطيع تركها، تقدم بخطواتٍ هادئة، ثم جلس على جزء من الفراش يمد يده نحو خاصتها، لتسرع ندى بالحديث بصوتٍ شبه باكي:
_ أنا آسفة يا حسن من اللي حصل بس..
:_ هششش خلاص اهدي يا ندى مفيش أي حاجة حصلت.. المهم إنك معايا وأننا سوا.
اسند رأسها على صدره في حذرٍ، يحاوطه في حبٍ وكأنه يبعث لها رسالة إنك بأمان الآن يا معشوقتي.
فاعلموا أن الوِدَّ هو نعمةٌ من الله، فلن يجد آدم سوى ضم حواء لضلوعه؛ فيهدئ قلبه الملتاع، ولن تفارق حواء ذاك الدفء بضمة آدم؛ فيعود لها الأمان.
*********
عملت والدة ندى بما حدث وأتت في سرعة كي ترى ابنتها التي اخبرتها بما حدث، كادت أن تعاتبها ولكن اوقفها حسن يشير لها بأن حالتها لا تسمح، مرت عقارب الساعة وانتهى الطبيب من عمل التحاليل الخاصة بندى والتي اشارت بعمل تلك العملية سريعًا فلن يوجد خطرًا عليها كبير، وبالفعل أتمت العملية وخرج الطبيب يخبرهم بنجاحها، لتعود السعادة من جديد تسير بشريانهم.
في حين بقت رجاء تشعر بتوتر حاد من أن تتحدث ندى أو يصدقها أحد، فنظرات وليد لها كانت مخيفة للغاية.
في حين تم القبض على ياسر ودخوله السجن بعد فعلته الشنيعة.
*******
بعد مرور أسبوعين..
كانت ندى تستند على يد حسن أثناء دخولها للمنزل، فقد اخبرهم الطبيب بامكانية خروجها ولكن لابد من الراحة التام لعينيها كي تتعافي تمامًا، وتستطيع ممارسة حياتها العادية، هتفت حسناء ببسمة صغيرة:
_ حمدلله على سلامتك يا حبيبتي.
منحتها ندى بسمة صغيرة تجيبها:
_ الله يسلمك يا ماما.
:_ أظن ندى رجعت ودلوقتي نتكلم!
قالها وليد في غضبٍ جامح، في حين نظرت له حسناء في يأسٍ ثم أردفت:
_ ماشي يا وليد.
نظر وليد نحو رجاء التي اختفت الدماء من وجهها، يغمغم بنبرة حادة:
_ أنتِ اللي اخدتي ندى لبيت عنايات؟
حركت رأسها في نفي، يقفز الرعب من حدقتيها، في حين كاد أن يتقدم منها وليد ولكن امسكته حسناء تحرك رأسها بألا تفعل، هدر وليد بنبرة عالية:
_ أنتِ لسه ليكِ عين تكذبي، جزاء العمل من جنس عمله وأنتِ عشان بتتجسسي على البني آدمين ربنا سلط عليكي واحدة تسمعك وأنتِ بتكلمي والدتك ومحاولتك في ان ندى تظهر انها لا بتسمع الكلام ولا أي حاجة وتبقى منبوذة وسط العيلة… وكل دا عشان إيه.. عشان حتة بيت ملكيش فيه أي حاجة.
وقع الكلام عليها مثل سوط قاسي، تحاول استيعاب ما قاله، ولكن ازداد ألمها ما أن أردف بنبرة قاسية:
_ مستحملك ومستحمل القرف بتاعك.. ومستحمل عدم الخلفة.. بس اظاهر أن ربنا ليه حكمة في عدم الخلفة منك عشان العيال ميتشتتوش بينا.
اكمل في ازدراء منها:
_ رجاء أنتِ…
اسرعت حسناء تتحدث بصوتٍ حاد قائلة:
_ وليـــــــــد.
نظر نحو والدته في صمت، في حين بقت ندى تحاول السيطرة على دموعها، في حين بقى حسن يربت على ظهرها في حنو لعله يزيل عنها ما تشعر به، قهي لم يمض وقتًا على قدومها وحاولت إيذائها بأقسى الطرق، اكملت حسناء في هدوء:
_ رجاء اللي عملتيه غير مقبول… كنت بعتبرك بنتي وبصدقك بأي حاجة.. يمكن لما ندى جت مكنتش بتعامل معاها ولا بعتمد عليها قد ما بعتمد عليكي وشايفة إنك تستحقي تكوني بنتي مش مرات ابني بس… كنت بصدق كل كلمة بتقوليها على ندى لانك مرات ابني الأولى وأكيد مش هتعملي حاجة وحشة… بس اظاهر كنت غلط وإن حكمت على البونية دي من قبل ما أعشرها واعرفها كويس من كلامك اللي كان كله سم… دلوقتس خسرتي حياتك وأنا وندى وجوزك… والله أعلم هترجعيهم إزاي!
حاولت الحديث وسط تلك الدموع التي تنهمر منها، تتمتم بنبرة مترجية:
_ سامحيني يا ماما… سامحني يا وليد..
ابتسم بسخريةٍ ثم قال في بتهكم:
_ اسامحك.. اممم طيب عايزاني اسامحك هتكتبي تنازل عن المأخر والشبكة و القايمة وكل حاجة وهتعيشي عادي بس أي غلط ليكِ هرميكي في الشارع… يا أما تطلقي دلوقتي وتغوري من هنا وتاخدي حاجتك كلها.
نظرت له في صدمةٍ، هل بالفعل ينفذ حديثه هذا؟، نظرت للجميع لتجد النفور يظهر على ملامحهم، لتهتف وهي تمسح دموعها ببعض الكبرياء:
_ طلقني.
نظر وليد نحو والدته التي شعرت بأسف أن رجاء يمكن أن تتغير، وبالفعل ألقى وليد يمين الطلاق وغادرت رجاء المنزل، تقدمت حسناء تقف أمام ندى قائلة بنبرة نادمة:
_ متزعليش يا ندى إني حكمت عليكي غلط وصدقت مرات ابني الأولى و…
قاطعتها ندى قائلة في لطفٍ:
_ مفيش أم بتعتذي (بتعتذر) لبنتها… أنا بحبك وحضيتك ( حضرتك) في مقام ماما.
ابتسمت حسناء في حبٍ، ثم همست في ذاتها:
_ ربنا يرضا عنك وعنك يا حسن يابني.. جبت خير زوجة صالحة.
*******
تعافت ندى تمامًا من اصابتها، وعادت الحياة تستقر من جديد في العائلة، حتى امسكت ندى بشريطٍ يحمل علامتان تضحك وسط دموعها في سعادة، أسرعت نحو شقة حسناء تطرق عليها سريعًا وبالفعل فتحت لها حسناء التي تفاجأت بملامحها، كادت أن تسألها ما بها ولكن رفعت ندى هذا الشريط بوجهها، ظلت حسنلء تحدث بالشريط بضع دقائق ثم أشرقت الابتسامة وجهها تتمتم بنبرة متحشرجة:
_ أنتِ حامل يجد!
ضحكت ندى في خفة، تحاول السيطرة على دموعها، متمتمة في سعادة تغمر كلماتها:
_ دا اختبار مبدئ.. وكده عايزين نيوح (نروح) لدكتوية (لدكتورة) عشان نتأكد.
اشارت لها حسناء سريعًا تخبرها في حماس:
_ طب يلا يا بنتي مستنية إيه روحي البسي عشان نتأكد.
حركت ندى رأسها بإيجابيةٍ، ثم انتقلت نحو شقتها تستعد للذهاب مع حماتها للتأكد من حملها هل هو كاذب أم صادق؟!
:_ مبارك يا مدام ندى حامل في شهر واسبوع.
قالتها الطبيبة وهي تتطلع بالشاشة، في حين ابتسمت حسناء في سعادة لا تتمتم سوى بيّ:
_ الحمدلله الذي أرضى قلبي وأنعم عليّ.
في حين اكملت ندى هندمت ملابسها، ثم نظرت نحو حسناء قائلة في حماس:
_ بصي با ماما متقوليش لحسن عايزة اعملها مفاجأة.
ألتمعت عين حسناء في حماس هي أخرى وحركت رأسها في ايجابية، غادرت الأثنتان وبدأت ندى باعداد الطعام الذي يحبه حسن، ثم اعدت الغرفة جيدًا، وهي تشعر بحماسٍ لتلك اللحظة التي ستخبره بها.
نعم هي تلك الأنثى التي وُهِبت الحب، تصنع المستحيل كس ترى فقط ابتسامة منك ترضيها!
هي أنثى وهبت حياتها لك لتشكلها بما تحبه وبما يرضيها، ثم انظر عندما تضيف قطرات من الوِدّ ماذا ستصنع!
أعلموا يا أولاد آدم أن الحب متبادل وإن بها تتقلب القلوب، فتصبح الحياة الصعب لينة.
********
أغلق باب الشقة في هدوء، يتطلع للسكينة التي تغمر المنزل، ظن ببداية الأمر أن ندى نائمة ولكن ما أن دلف الغرفة حتى تفاجأ بها، يراها بأبهى صورٍ لها، وضع حقيبته وهو لا يزال يتطلع نحوها، اختطفت انفاسه من نظرات البراءة التي بها، وقف أمامها يهمس في حبٍ مقبلًا جبينها:
_ أنتِ أجمل ست شفتها عيني.
منحته بسمة خجولة، ثم بدلته الهمس قائلة بسعادة تعلق حدقتيها بخاصته:
_ وأنت هتبقى أجمل أب شافته عيني.
رمش بعينيه عدة مرات، هل ما تقوله صحيح؟ حرك يده يشير نحو بطنها، لتحرك رأسها في سعادة متمتمة:
_ آه حامل يا حسن… يوحت (روحت) مع ماما وكشفنا وطلعت حامل في شهي ( شهر) واسبوع.
اتسعت ابتسامته بشدة، ثم اسرع بضمها لصدره قائلًا بنبرة ربما تخطت معاني السعادة العادية:
_ اللهم لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك.. رزقتي بالزوجة الصالحة وبإذن الله الذرية هتكون صالحة.
اكتملت تلك الليلة بالحبٍ ووِدٍّ، هذا الوِد الذي يتخلل لأي مكان فينثر به المودة والرحمة بين الجميع، مثل عبق زهرة الذي يتنشر بالمكان، أتعلمون أن هذا الود هي كلمة من حرفين صغيرين فقط؛ ولكنهما كدرع يحمي بني آدم إذا عملوا بها.
اعلموا أن من نِعم الله المودة والمحبة بين الناس.
تمت بحمد الله.

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ود)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!