Uncategorized

رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الأول 1 بقلم نهال مصطفى

 رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الأول 1 بقلم نهال مصطفى

رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الأول 1 بقلم نهال مصطفى

رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الأول 1 بقلم نهال مصطفى

حاولت قتلك بالعبث فوق لوحتى فوجدتنى رسمتك بمظهر انيقٍ هيئة ما يتمناك به قلبى دوما .. لو كُنت حلما لرغبت العيش به .. ولكنك للاسف واقع فعلى الفرار منه قبل ما يفر هو منى .. الواقع دائما يتبخر .. ولكنى اليوم احكمت قفل ناقوسى على شبح فرارك ..
تقف تلك الحسناء امام المرآه تتفقد هيئتها المشرقه بشفاه تشقها سيوف الفرحه للحد الذي لم تقدر على اخفائه كأن الشمس قد هلت بشائرها وايقظ الفجر نوارا فااحياها اخيرا بعد اعوام من الركود واليأس والحزن اللصيق بأيامها .. فاليوم حان وقت تجاهل كل هذا لتنعم .. لتجنى ثمار صبرها وردا يملأ ايامها المُقبله ..
تدلت بكفوفها لتحيط خصرها بدلال انثوى وتدور قليلا لترى صورتها المنعكسه فى المرآه بفستانٍ ابيض قمة فى البساطه والجمال لتبدو كفراشه بيضاء تتربع على بساتين الحب ..
دارت صوب الباب الذي فُتح بدون انذار مبسق بنفس الطريقه التى اقتحم بها الحب ابواب قلبها .. فاتخذت نفسًا عميقا عندما رأت الطارق وظن املها بقدوم المنتظر فخاب كعادته .. 
هتفت رهف بانبهار وهى تتفقد تلك الحوريه 
– اش اش اش .. اي الجمال ده يا ديدى !! يابختك يااتش لا دانا هبدا اقر بقي .
قفلت رهف الباب خلفها ثم عادت لخطيبة اخيها التى ستصير بعد دقائق حرمه مواصله حديثها وهى تمسك بكف مياده وتديرها امام انظارها قائله
– اى الحلاوة دى !! دانا هيغمى عليا مابالك هشام !! الله يكون فى عونك ياخويا والله ..
لكزتها مياده بخجل : يابنت انت ما تتلمى ؟! الفستان حلو ؟ مش كده ؟
– الا حلو ده هياكل منك حته ..بجد بجد ياديدى يابختك بهشام ويابخت هشام بيكى .. شكلكم حلووو اووى اوووي .. انا هعيط من كتر منا فرحانه بيكم ..
وضعت مياده كفها فوق صدرها لتُهدأ من ضجيج قلبها متخذه نفسا طويلا باسترخاء ثم اردفت 
– لقد هرمنا ياشيخه عشان نوصل لليوم ده !! اخوكى خلانى اعد النجوم فى نص الليل .. 
جلست رهف على ( التسريحه ) بخفه وهى تعبث بكل ما تسقط عليه انظارها قائله 
-” ممممم معاكى حق والله .. بصي انا عارفه ان هشام اخويا لا يُطاق وتقيل ورخم حبتين لكن والله ما فى اطيب من قلبه .. “
– هو بس يسيبلى نفسه وانا هطلع منه هشام تاني خالص .. بس المشكله اييييييييــ
اردفت رهف مسرعه لتقطع حديثها التى حفظته :
– بس ايه !! النهارده كتب كتابكم ياهانم خلاص بقي انسي وكلها كام يوم ويتقفل عليكم باب واحد واعملى اللي انت عاوزاه بس اللي ما يزهقش بعدين .
اردفت مهيمه : ازهق من هشام !! انت جرى لعقلك حاجه ؟! هشام ده العشق اللى يتاخد توتل كده بعيوبه بمميزاته .. راجل اتخلق على مقاس قلبى عشان يحبه وبس .. انا بقيت مجنونه بأخوكى ..
– ايه ياستى حيلك حيلك .. مش كده !! راعى مشاعر السناجل اللي زينا .. 
ضحكا الاثنين معا .. فتقدمت رهف وبيدها فرشاة الميك اب وتضع لمساتها الاخيره على وجنتى مياده وتتفقد هيئها الجميله بالمرآه لتردف متغزلة بنفسها 
– والله قمر يارورو .. خسارتك فى السنجله ؟! هما الشباب عميوا للدرجة دي ؟!
– اه لو مجدى سمعك ؟!
– هيعمل منى بوفتيك .. يلا ادينى سيباه استبن لحد ما القى اللي ينسينى العالم زي ما اتش اخويا عمل فى قلبك ……
تلك اخر جملة اردفتها رهف وهى تضع مساحيق التجميل الورديه فوق وجنتى مياده حتى دخلت والدتها .. سالى الجوينى امراه غايه فى الاناقه والرشاقه بنت مساعد وزير الداخليه الاسبق وزوجه اللواء (كامل بشير) .. لتتقدم بخطوات ثابته فتحدث صوتا هادئا إثر حذائها العالى و فستانها الاسود القصير الذي يبرز معالم جمالها بحرافيه وشعرها الذي يغطى نصف ظهرها قائله بمرح
– مش كفايه رغى يابنات !!
اطلقت رهف صوت صفاره هادئة وهى تتفقدها :
– حضرتك متأكده انك مامت مياده مش اختها الصغيره كمان !! اى الجمال ده ياطنط .. مممم لالا طنط اى انا هسحب طنط دي خالص .. وانا اقول جمال مياده ده جيباه منين !
ضحكت سالى على طريقه غزل رهف قائله 
– مش هتبطلى بكش يابنت انتِ ..
اقتربت رهف منها لتقبلها وهى تقول
– دى الحقيقه اللى حضرتك لازم تتأكدى منها .. 
– حبيبتى ياروفا .. عقبال ماافرح بيك انت كمان ياصغنن !!
– اااه ياطنط ادعيلى بقي عشان الموضوع طول اوفر يعني ..
مياده ممازحه : شوف البنت اللى مكملتش 20 سنه بتقول اى !!
ردت سالى بثقه : بنات بتفهم .. بنت ياروفا انت كده فى االسليم اتجوزى وانت وصغيره عشان مايبانش عليكى سنك وتلحقى تدلعى .. مش زى ناس كل اللى هاممها الكيان والكارير ونسيت نفسها خاالص ..
– احمم احممم لقد وقعنا فى الفخ .. اى يامامى ماقولتيش رايك فالفستان ..
– طبعا قمر ياعمرى .. الله اكبر عليك .. طيب يلا عشان الناس وصلوا وتحت وكمان المأذون على وصول ..
تشبثت رهف بذراع مياده قائله : انا كمان بقول كده .. يلا خلونا نكتب الكتاب ونخلص منكم ..
■■■
يقف امام مرآة المرحاض يتفقد هيئه التى تبدو اكثر وسامه عن المعتاد وشاربه الكثيف .. يربط زرار معصم كُمه ببطء شديد على عكس الحروب الناشبه بجوفه 
” اهل الحكمه يقولون أن تُضيء شمعه خير من الظلام .. ولكنه مبدا الكُسالى اصحاب الفراش والبطون الممتلئه ..البحث عن اكتشاف مصدر الضوء افضل من الرضا بقناعه اهل الشمع …
احيانا يقودنا قطار الايام الى المحطات الغير مقصوده لنلتقى باشخاص غير مقصودين فينفرض وجودهم فى حياتنا كما فُرض علينا اشياء لا مفر منها .. لان ما ترسخ بذهننا انها المحطه الاخيره لا مجال للعوده ولا طاقه للتقدم .. 
انت هنا لانهم جميعا يسعدون بمكانتك .. بصرف النظر عن حرائقك الداخليه .. عن كل المشاعر التى يرفضها قلبك .. عن نفورك لحياة مُتت بها قبل ان تحييا .. حتى القطار خدعنى تلك المره والقى بي فى محطتهم التى اختاروها .. فبعد اعوام من الركض سطر التاريخ نهاية الحكايه وهى الاسر خلف سياج التقاليد .. تزوج افضل من ان يفوتك قطار العمر بدلا من تجوز لتنعم بحب الحياه .. وها انا آُسر للمره التى لم اتذكر ترقيمها “
فاق هشام على صوت طرق ابن عمه الذي هتف بمزاح 
– ايه ياسيادة الرائد ده مجرد كتب كتاب كل ده فالحمام .. اومال هتعمل فينا اى يوم الفرح ؟!
بمجرد ما انتهى مجدي من القاء جملته الساخره فتح هشام الباب قائلا
– اتكلم مع القائد بتاعك باحترام يلااه ..
– جرى اي يااتش ما تطلع من بدلة الداخليه وتركز فى بدلة الفرح احلى ولايقه عليك … ده حتى االلى فات حماده واللى جاي حماده تانى ياابن عمى ..
اشار اليه بسبابته : ينفع تخليك فى حالك .. ؟!
– قلقان عليك بس وبحاول اقدملك خدماتى !!
– رجالة السيوفى ياكلوها نية ؟!
– اقسم بالله حاسس انك هتفضحنا .. يابنى افصل بين الشغل اللى عند سيادة اللواء والشغل اللى مستنيك .. مش بيجوا بالاسلوب ده هما !!
جز هشام على شفته السفليه وهو يكور قبضته مغتااظا .. فاردف مسايسا 
– اومال بيجوا ازاى !!
نصب مجدى عوده بثقه وهو يهندم بدلته قائلا
– شوف لكل واحده دخلتها .. بس فى حالتك دي عاوزه المسايسه والصياعه والدلع .. هتعرف تبقي صايع !!
ربت هشام على كتفه ساخرا : خصم 3 ايام .. حصلنى ..
– خــ خصم ايه !! يخربيت معرفتك .. دانا عاوز مصلحتك .. يااهشااام خد بس هفهمك متبقاش قماص ..
■■■
فى تلك اللحظه التى غادر بها هشام مكانه متجها لساحه القصر الفارهه سقطت عيناه على مياده بصحبة اخته واقدامهن تطأ اخر درجات السلم .. فهللت رهف قائله 
– ياهشااام .. تعالى شوف عروستك زى القمر ازاى .
لكزتها مياده بخفه لاحظها هشام صاحب العيون الصقريه التى تقتنص اهدافها عن بعد اميال قائلة
– بس متكسفنيش ..
ضحكت رهف متجاهله جملتها وهى تركض صوب اخيها لتعانقه بدفء وحب
– الف الف مبروك ياجمل واحلى رائد فى الداخليه كلها ..
ثم حسبته برفق من كفه خلفها قائله 
– يلا سلم على عروستك القمر دي .. والله لو كنت ولد ما كنت هسيبها ابدا ..
احمرت وجنتى مياده خجلا مقاومه نظراتها بان تتأمل ملامحه الحاده التى تُربكها كثيرا مردفه بهدوء 
– ازيك ياهشام ..
اجابها برسميه : ااه الحمد لله .. 
تدخلت رهف سريعا : اى رايك فى فستانها .. قمر اوى مش كده ؟!
لم يعر اى اهتمام لسؤال اخته فلم يتكرم ويلقى نظره سريعه على ما ترتديه مياده قائلا بسرعه 
– ااه اهه حلو ..
لكزته اخته وهى تهتف بهمس من خلف اسنانها المنطبقه : ااايه حلو وبس .. هِششاااام !!
– احم .. اقول ايه يعنى ..
اغرورقت مقلتى مياده بدموع الخزى كعادتها فادرك هشام نتيجه رده الجاف .. فاقترب منها متجملا وتعمد ان يلمس خصيله من شعرها ويضعها خلف اذنها قائلا بهمس 
– الف مبروك ..
جملة احيت روحها مرة اخرى لترفع انظارها وتتأمله بحب ولوهلة ادرك كم المسافة بينهم اصبح ضئيلا للغايه للحد الذي باتت فيه انفاسه تداعب وجنتيها .. فحركت شفيتها لتتحدث حتى سبقها هتاف رهف مهللا 
– المأذون جييييه ……….
دار هشام رأسه ليقلى نظره خاطفه على الحركه الادميه بالخلف فعاود النظر اليها ممتنا 
– المأذون جيه !!
اومأت اجابا وهى تتراجع خطوة للخلف وتفسح له طريقا للذهاب وعلى ثغرها ابتسامة انتصار فرفعت مقلتيها لاعلى 
– يارب تمها على خير بقي ..
■■■
– قولتى زيرو كام ؟! 
اردف زياد جملته بفظاظه وهو يفتح هاتفه للفتاه التى تقف امامه مرتديه فستانا يصل لركبتيها وشعرها الذهبى الطويل الذي يغطى ذراعها الايمن قائله بدلال 
– ما قولتش على فكرة .. !! 
– أحنا فيها .. يلا قولى .. 
– انت غريب اوى !! يابنى انت تعرفنى !! احنا لسه متعرفين على بعض المغرب ..
– ودلوقت الساعه ٩ !! ومع زياد السيوفى ده وقت كفايه انك تقوليلى عنوان بيتكم مش رقم تليفونك . 
رمقته بنظرة انبهار وهى تعقد ساعديها امام صدرها 
– غريبه !! انت متأكد انك اخو الرائد هشام ! 
– تحبى تشوفى البطاقه !! 
– لالا ياعم صادق .. بس مستغربه بس !! 
رفع زياد حاجبه متعجبا وهو يتكأ على جذع الشجره خلفه قائلا 
– مستغربه ليه !! 
بد عليها بعض الارتباك حتى اردفت بكلمات متقطعه
– اصل اسمع يعنننى انه قفل وكان مزهق شروق فى عيشتها وكذا مرة يفسخوا الخطوبه وكده … 
اعتدل زياد فى وقفته وهو يقترب منها للحد الغير مباح 
– يخربيته !! والله ما حد مبوظ سُمعتنا غيره .. انا بقول انى لازم اصلح صورة العيله دى قدامك ! 
ضحكت بميوعه : ازاى ..
– احم .. صلاة النبى احسن .. قولنا زيرو كاام !!!!! 
■■■
– “بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكم بخير .. “
بعض الكلمات إثرها كصواعق تجلد الروح .. دعاء كبله مغلولا فى حياة لم تكن باختياره .. يحدث ان يقف الانسان حائرا بين الطفوله والشباب .. شيئا فشيئا يتحول من طفل متدلل لمسئول يلزمنا عمرا نبحث عن :” لِمَ وكيف واى ريحٌ اتت بنا الى هنا ؟!” 
والاجابه لا شيء ف اللاشيء دوما ما اشعر أن الانسان خُلق ليكون فى صراع مع نفسه دائما فعلينا ان نرتضي بمصادفات القدر .. ان نعشق بعضنا بدون هلك فى البحث عن انفسهم وعن وذيول الماضي الطابعه فى ذكرياتنا كوشم لعين يأبى المحو .. والا ينتمى الشخص لاحد غير نفسه .. نفسه فقط .
همس مجدى لرهف بحذر : عقباال كتب كتابنا 
ولم يعطيها فرصه للرد فهلل مجدى واصدقائه : الف الف مبروووك ياسيادة الرائد .. 
اقتحم زياد مجلسهم إنذالك 
– انتوا كتبتوا الكتاب من غير مااكون شاهد ؟! 
تدخلت رهف بمزاح : وانت حد متجمع عليك ياعم انت !! كنت فين ها ها .. 
لكزها زياد بخفه : وانت مالك يارخمه … 
ثم اقترب من اخيه ليحضنه 
– الف الف مبروك يااتش .. كفاره يااعم !! 
ربت هشام على ظهره بعنفوان مردفا بصوت مسموع 
– عقبال ما نفرح بولادك انت وبسمه !! 
ضغط هشام على مشط قدمه بقوة مما جعله يكتم تأوهاته قائلا بهمس 
– اتلم ولم دورك يازياد .. سايب مراتك من الصبح لوحدها وشغال تتسرمح مع البت المايعه دى ..
اصطنع زياد احتضان اخيه من الجهه الاخري 
– وانت لقطها ازاى !! شغل المباحث ده مش عليا ده انا اخوك .. عشان اعرف اوجب معاك .. 
– يبقي تتتتتتتتتلم …
تدخلت امهم بشياكه : مش كفايه رغى وتسيبنى ابارك لاخوك … 
تبادل الجميع التهنئات والمباركات بين اللواءات واصحاب المناصب العليا وكل منهم كان بارعا فى رسم ابتسامته المزيفه… تجلس مياده مطأطأه الراس منتظرة عودة هشام وحضنه المنتظر الذي طال .. تقدمت رهف بخفه لتسحب اخيها من وسط البدل السوداء المحيطه به قائله بهمس 
-حد يسيب الفساتين دى كلها ويجى يقف جمب البدل دى !! هعلم فيك لامتى .. تعالى بارك لعروستك يلااا 
– يعنى انت جيبانى من وسط الناس عشان اباركلها ..
– ااه احنا كبنات بنهتم بالتفاهات دى !! 
جلس هشام بجوار مياده التى انتفضت بمجرد ما استنشقت عطره المميز .. وبهدوء تقدم كف هشام ليحتووى كفها الصغير ويشعر ببرودته .. فرفعت انظارها المتيمه به مبتسمه .. هم بتقبيل يديها كمن يؤدى وظيفته مجبرا خاليا من اى انتماء او حب الا ان انقذه رنين هاتفه فجاة .. فتوقف حائرا بين المتصل والمهمه الغير مرغوبه .. فسحبت مياده كفها بتفهم 
– رد …. 
اومىء بهدوء وهو يخرج هاتفه مجيبا 
– ايوة ياعلى .. خير !!
– انت فينك ياعم الحق مصيبه !! 
نهض مفزوعا فلحقت به مياده بعد ما شُحنت بفضول لمعرفة هوية المتصل 
– فى حاجه يا هشام!! 
اشار اليها بكفه لتصمت مواصلا استماعه لحديث على المنفعل 
– طيب طيب انا جايلك حااالااا ….. قولت هتصرف ياعلى …..
■■■ 
( قبل ثلاثة ايام ) …
ف احد قرى محافظه بنى سويف 
صوت مرح يأتى من هُنا وهناك وركض فى الجنينه المظلمه المحيطه باشجار كثيفه وقطة لم تكُف عن نواحها الخافت المُلتاع كأنها تُنذر بخطر لاحقٍ .. ونداء من صغير يتوج المكان فرحا ..
-” حياة على كف عفريت .. كل لحظه فيها بفارق ، اشخاص بوجوه متبدله وأحوال مائله .. بات الحرام مألوفا والحلال شاذا .. الطيب سذاجه والشر ذكاء .. ان تراهم فى العلن ملائكه وفى الخفاء شياطين ..فالكرة الارضيه معمورة باشخاص طبعهم النقص صنعوا من اعصابنا حبالنا ومن اجسادنا كباري يصعدوا عليها .. اشعر بأننى فقدت قدرتى على العيش بينهم ، اشعر بإننى اسطر صك انتحارى ” 
اخر كلمات كتبتهم خديجه فى اجندتها الصغيره قبل أن تقفلها وتقوم راكضه إثر نداء ايوب الذي يمرح بين اشجار الفواكه مناديا عليها ..
– يا ايوب وصلت فين …
اتى صوته منخفضا مما يدل على بعده عن مكانها قائلا 
– انا هنا ياخديجه تعالى ..
تجوب بانظارها بحثا فى المكان المظلم قائله 
– يلا عشان نروح .. انت بعدت لييه .. يااايوووب الوقت اتاخر .. 
واصلت سيرها وواصلت ندائها عليه ولكن تلك المرة بدون اى فائده صوته المنخفض انعدم مما زاد ارتباكها وهلعها حتى بااتت كمن فقد عقله وهى تبحث عنه … و بعد مرور عدة دقائق جن عقلها للحد الذي حال ندائها لصراخ مستغيثه بالخفر بالخارج الى ان انكتم نحيبها إثر يد حديديه وضعت على ثغرها محاولة كتم انفاسها …. تملصت خديجه باشمئزاز بين يدي الملثم محاوله الهرب ولكن بدون جدوى … ازداد فى قوة حصاره عليها حتى شعرت بخصرها يُعتصر بساعده .. 
لم تكف الحياه عن مصائبها بل خلقت من بيننا اشخاصا عكس الطبيعه فهم لم يخلقوا من طين بل هم امتدادا لنسل الذئاب والثعالب فقط .. طباعهم الغدر والعنف دون ان يغمض لهم جفن الرحمه .
نجح المجهول فى وضع شريطا لاصقا على ثغرها وبعدها كبل كفها بعنف فحملها على كتفه نحو جهته المقصوده … 
■■■
اوشكت الحرب الناشبه بين الليل والنهار برفع الليل راية الاستسلام لانتهاؤه .. مع سماعها صوت صفير الرياح المتصادم هنا وهناك ومرور قطع السحاب امام عينيها الهرمتان .. عارية القدمين ، فقد زاد توترها وارتعاش فؤادها مع دقات الساعه الرابعه فجراً و القمر ينحدر رويدا رويدا من الافق لتحل محله شمس يوما جديداً .. شرع اهل القرية بالنهوض وحركاتهم الهادئه وصوتهم الاشبه بالهمس بين المارة استعداداً لصلاة الفجر
كانت تجوب بحيره وقلق وخطوات متثاقلة فى غرفتها ثم اقتربت من النافذة حائرة غائصه في اعماق افكارها ونسمات الفجر البارده تُلامس وجنتيها وتختلط بأنفاسها الحارة النابعة من نيران جوفها .. رافعة عينيها للسماء بتنهيده قويه حامله براكين الاسي والحزن 
” ياااااااااااااااااارب “
عادت الي فراشها مجددا تلملم الكُتب المبعثره فوقه محدثه نفسها 
” وادي كتب (لبني) لازم ارجعهم لها قبل ماامشي .. خلاص يا(فجر) مقدمكيش حل تاني ” 
اتسعت حدقة عينيها وهما يتحركان يمينا ويسارا في جميع ارجاء المكان تتأمل جدران غرفتها الصغيره بعيون لامعه حامله بداخلها شلالات من الدموع والحزن اقتربت من اصيص الزرع الصغير ترويه للمره الاخيره بكوب المياه تحدثه بآسف
” عارفه انك هتدبل وتموت بس سامحني انا كمان لو قعدت هنا هموت ومحدش هيحس بيا “
هَمت بمغادرة غرفتها بخطوات متباطئه حامله كتب رفيقتها علي ساعدها وهي تفتح بابها الخشبي القديم وتغلقه بهدوء دلفت لاسفل وهي تترقب ارجاء المنزل بخوف وخطوات متأرجحه ثم اقتربت من ذلك الباب الخشبي القديم الذي يحمي بيتهم الطيني المكون من طابقين لينتفض جسدها هلعاً ورعباً لمجرد سماع صوت تلك اللعينة 
” ع فييين العزم يااصاحبه الصون والجمال وانتي لسه الحنه في يدك “
قالت (عنايات) طليقة والدها جملتها بنبره حاده وهي تتكأ علي احد جدران الحائط متوعده .. تسمرت ( فجر ) في مكانها تستجمع قواها لبرهه ثم قالت بهدوء
” هروح ادي (لبني) كتبها .. وبعد كده هروح اجيب ميه من البير نشربها قبل ما يتزحم ” 
” طيب متعوقيش وتعاودي طوالى ياعروسه .. ورانا حاجات كتير نعملوها قبل مااعريسك يجي يااخدك ” 
قالت (عنايات) جملتها بنبره ساخرة وهي تجلس علي مقعدها الخشبي وتهم بوضع حجر ( الشيشه ) .
اومأت ( فجر) راسها ايجاباً وتركتها متجاهله سخريتها فوجدت امامها تلك الشخص الضخم الموكل بحراستها عائقاً طريقها بلهجته الصعيديه الجافة
” رايحه فين ؟؟ .. البيه منبه انك متخرجيش من اهنه واصل ” 
اغمضت عينيها لبرهه متأففه
” اوووف مش هنخلص من تحقيق كل يوم دا !..هأدي كتب صحبتي .. وبعدين هروح اجيب ميه من البير عشان نشربها .. ممكن توسع عشان الطريق بس ” 
* طب استني ادي البيه خبر.
” ع بال ما تدي البيه بتاعك خبر هكون انا خلصت كل شغلي .. وسع كده من طريقي”
قالت جملتها بنفاذ صبر وهي تزيحه من أمامها مغادرة .. شرع بالسير خلفها ليقطعه الخفير الاخر ( مسعود) الذي يدفث الدخان من انفه وفمه معاً
” تعالي اهنه واقعد .. هتروح فين يعني ماهي كل صبح عتطلع وتعاود” 
(سيد) وهو يجلس بجواره متنهدا : علي قولتك يلا اهي هانت كلها النهارده ونخلصوا وتتجوز العمده .. بالك لما ربك يفتحها في وش عباده !!
(مسعود) وهو يمد له خرطوم الشيشة : اهي كلها ارزاق بتتقسم علي الخلق .
وصلت (فجر) امام منزل متوسط الاتساع يتكون من طابقين ثم طرقت الباب ليفتح لها رجل ذو لحيه طويله اختلطها المشيب مما تعطيه هيبه ووقار قابلها بابتسامته العريضه 
” فجر يافجر .. خير يابتي مااالك !” 
_ متقلقش كده ياعم (محمد) عارفه انك صاحي عشان الجامع ممكن بقي تدي الكتب دي (للبني) اول ماتصحي .
قطب الشيخ ( محمد ) حاجبيه حائرا : مالك يابتي حد مزعلك !!
سرعان ما ارتسمت ابتسامه باهته علي وجهها
” لا ياعم محمد انا بخير ماتقلقش ابقي سلم لي علي ( لبني) بعد اذنك “
ثم تركته في حيرته ودهشته دون ان تبدي له اي رد
ليقول متمتماً : ربنا يسترها عليكي يا ( فجر ) يابتي .
■■■
جالسا في مكتبه متصفحا ملفات القضايا التي امامه ذلك مايدعي ب (هشام السيوفي) صاحب الملامح الحاده القوية والابتسامه الجافه والصمت الدائم مع صلابة عظامه وفتول ذراعيه وعضلاته البارزه للحد الذي اوشك على انفجار قميصه .. ذو البشره القمحاويه ليقطع شروده صوت دق الباب
اذن له ( هشام ) بالدخول : اتفضل !
العسكري : هشام بيه واحد جاب الملف دا ووصاني اديه لحضرتك في يدك .
مد كفه واخذ الملف بعدما ارتسمت علي وجهه معالم الدهشه والتساؤل
” مين ؟.. وبتاع اي الملف دا” 
العكسري : مخابرش يابيه 
_ طيب اتفضل انت .
تصفح الملف بدقة وتمعن حتي بَدَا علي وجهه علامات الضيق .. القي الملف من يده ثم امسك بهاتفه سريعا يجري اتصالا ما مرارا وتكرارا دون اي رد 
ضغط بسبابته علي الجرس ، اردف العكسري سريعا بعدما ضرب له التحيه 
” اؤمرني يافندم ” 
(هشام) لم يرفع وجهه من الملف الموجود بين يديه قائلا بصيغه آمرة
” تاخد المفاتيح وتجيبلي عربيتي حالا قدام المركز .. يلا “
انصرف العسكري ثم اجري مكالمه تليفونيه اخري 
” مجدي .. هو (صبري مزيون) امتي هيتم تنفيذ حكم الاعدام ” 
مجدي بصوت كله نوم : المفروض النهارده يا(هشام) بعد صلاة الفجر .
ليرتجف جسده من مكانه قائما : ازاي !!.. مجدي اتصرف الحكم دا لازم يقف المتهم بريء ..واهو كل توقعاتنا حصلت.
نهض مجدى مفزوعا من نوم : فهمني بس يا (هشام) حصل ايه ؟!
ليجيبه سريعا : مافيش وقت اتصرف ، انت اقرب مني وانا هحاول اوصل لحد من المسئولين حالا .
غادر مجدى مخدعه مهرولا وهم يهم بخلع ملابسه : طيب طيب يا ( هشام ) انا هلبس اهو ونازل .. ان شاء الله خير .
ظل يجوب غرفته لدقائق ثم امسك هاتفه مجددا يجري مكالمه اخري 
” ايووة يابني معاك الرائد (هشام السيوفي) حولني لمكتب سياده المأمور “
العسكري : للاسف معالي المامور تحت ف زنزانه 9 عشان اعدام المتهم جنايات رقم 802.
نهره بحده وهو يضرب المكتب بقبضته 
“اتصرف لازم الحكم دا يقف .. روح ادي التليفون للمأمور بسرعه يلاااااا “
العسكري متلهفا : حاضر حاضر يابيه .
جن جنونه وقف عاجزا في منتصف الغرفة حائرا في تفكيره الذي قطعه قدوم العسكري 
” اتفضل المفاتيح يابيه العربيه برا المركز ” 
اخذ مفاتيحه وجاكته الجلدي الاسود ليرتديه ململماً بأشيائه
وبصيغه آمرة للعسكري وهو يشير بسبابته قائلا
” تقفل المكتب وممنوع حد يدخله فاهمني ؟!” 
ثم خرج من مكتبه مهرولاً بخطوات واسعه و ثابته علي امل انقاذ تلك الروح التي تُزهق دون وجه حق .. اثناء سيره ف دهليز القسم لم يبال اي اهميه للعساكر اللذين يقدمون له التحيه العسكريه واخيرا خرج من قسم شرطه احدي قري[ بني سويف ] الي ساحته شاسعة الاتساع توقف بمجرد سماعه صوت رنين هاتفه ردَ متلهفاً
“سياده المأمور .. المتهم بريئ .. حاول توقف حكم الاعدام باي طريقه وا..”
توقف صوت المتصل لبرهه .. ثم اتاه صوت انثوي 
” انا ( رهف ) ياابيه .. كنت عاوزه اقول لحضرتك ــ”
يلفظ انفاسه بسرعه ليجيبها بعصبيه
” ( رهف ) اقفلي دلوقتي مش فاضي لك “
نهضت من مضجعها سريعاً تتحرك يمينا ويسارا تتحدث بصوت اشبه بالثرثره
“يا ابيه اسمعني بس دقيقه .. الاول بس يارب مكنش صحيتك ركز معايا .. (مياده) واخده ع خاطرها منك جامد .. وانا معرفش هي زعلانه ليه بس هي بتعيط وخاربه الدنيا دلوقتي … فأنا متاكده انك زعلتها .وانت لازم تصالحها .. قولي ليييه !! .. هقولك انا .. عشان المفروض كتب كتابكم يووم الخميس .. وهي لحد دلوقتي مختارتش فستان الفرح .. ومافيش وقت .. وحضرتك لازم تتصرف وتشوف حل ف خناقاتكم اللي مابتخلصش دي “
هشاام مقاطعا بصيغه آمره : ( رهف ) افصللي شويه بقولك مشغول مش فاضي لدلعك انتي و ( مياده ).
قرب من باب سيارته _ الجيب شروكي _ داكنه اللون .. وهو ينهي المكالمه دون سابق انذار في وجه اخته الصغري ويلقي بهاتفه ع المقعد المجاور له .. ثم ينطلق باقصي سرعه نحو الطريق الصحراوي متجهاً الى القاهرة
( رهف ) نفذ صبرها فتحت باب غرفتها راكضه نحو غرفة والدتها 
“يامامي كويس انك صاحيه .. الحقي الفرح مش كل مره يتأجل عشان خناقاتهم التافهه دي .. ماتقولي حاجه بدل ما انا بكلم نفسي كده “
(عايده) جالسه تقلم اظافرها : وانتي عاوزاني اعملهم اي يعني !! هما حرين انا قررت مش هدخل في خناقاتهم تاني .
(رهف) بنفاذ صبر وهي تضرب الارض بقدميها 
” انتو ناويين تجننوني مش كده! .. حرام عليكم بجد .. اخويا عنده انفصام وهي مجنونه وهتجنني معاها وحضرتك ولا علي بالك وزيزو لسه مرجعش لحد دلوقتي انتو لو قاصدين تجننوني مش هتعملو كده “
(عايده)بلا اهتمام : امشي يابت خشي اوضتك وملكيش دعوة ركزي في مذاكرتك .. وبعدين انتي منمتيش ليه لحد دلوقتي؟
نظرت اليها ابنتها وهي تشطاظ غضباً
” هو فعلا اللي هيركز معاكم هيتعب اووي .. اووووف ياربي في العيله دي كل واحد فيها في وادي . “
خرجت من غرفة والدتها وغلقت الباب خلفها بقوة .. سارت تتمتم مع نفسها بكلمات غير مفهومه الي ان وصلت غرفتها 
ووقفت امام المراه تتأمل ملامحها بإعجاب
” طب وبعدين ف القمر اللي عايش علي الارض دا بس ياربي ! ” 
■■■
مرت حوالي نصف ساعه وبدأت الشمس تشرق لتنير سماؤها .. وتزيح الغيوم المنعقده علي خديها 
مازال يقود سيارته بسرعه فائقه اشبه بالطيران 
(هشام) متأففا وهو يضرب المقود بقبضه يده الحديدية مسك هاتفه يجري اتصالا اخرا
“اووووووووووووف .. ودا وقته !! “
وقعت عينيه علي المرآه يتفاجئ بفاتنه تبدو في طلتها كشروق الشمس تعلو رويدا رويدا خلف مقعده الضخم محدقة النظر بعيونه العالقه بالمرآه بجسد مرتجف وعيون لامعه ممتلئه بالدموع والضعف
(هشام) بكل هدوء اخفض سرعه سيارته بالتدريج حتي صفها جنباً ثم استدار بجسده للخلف نحو صاحبة العيون الملونه بلون قرص الشمس كإنها اختبئت بداخلهم ذات اللون العسلي الفاتح متوسطة الاتساع .. وانفها الذي يتميز بطوله قليلا ودقة ارنبته وحدبته في وسطها وشفتيها اللتان تشبها الكريز .. ذات الشعر الكستنائي البني المموج قليلا كامواج البحر الهاديء المنسدل اسفل شالها
ارتفعت دقات قلبها وارتجف جسدها عندما رأت نظراته الناريه التي تفتنها بهما ساد الصمت للحظات وكإنه يود استجماع مابداخله من قوة .. ( هشام ) قطب حاجبيه متسائلاً
“انتي مين وبتعملي ايه هنا !!”
فرت دمعه من عينيها تسيل فوق وجنتها ببطء وضعت كفها المرتعش علي مقبض الباب لتفتحه محاولة الهرب من حصار عيناه اللعين وسرعان مافشل مخططها عندما احكم (هشام) قفل سيارته آلياً قائلا بنبره اكثر حده
“مش هكرر كلامي .. انتي مين؟!”
انتفض جسدها وزاد احمرار وجنتها 
“انا فـ فجر .. اسمي فجر “
لم يهتز ساكن بداخله شفقة علي حالتها المسيرة للشفقة
-“وانتي ايه اللي جابك عربيتي؟! “
شرعت ان تجيبه .. ولكن قطعمها صوت هاتفه
تذكر (هشام) الروح التي تصعد الي خالقها بدون وجه حق
ليرد بلهفه : هااا يا (مجدي) حصل ايييه ؟!
(مجدي) يلتقط انفاسه بصعوبه : الحمد لله ياهشام المتهم حالته الصحيه متدهوره ووقفوا حكم الاعدام وهو حالياً في مستشفي السجن.
تنهد ( هشام ) بارتياح : طب الحمد لله 
* سياده اللواء (نشأت) عاوز يقابلك
_ ساعتين كده واكون عندكم انا ف الطريق .. اقفل دلوقتي
لم يلتفت اليها ثانيا عاد واكمل طريقه ومن حين للاخر
يختلس نظره خاطفه في مرآته الاماميه علي تلك التي تجلس خلفه محاولة اخفاء اعينها عن نظراته النارية التي تحمل بين طياتها لهيب من التوعد والغل ..
■■■
” اعوان ابليس ” 
في تلك البيت الطيني القديم الذي يتكون من طابقين فقط والثاني الذي يعلو سطحه حزم البوص النباتي المجفف ليقوم من نومه رجلا في سن ال60 من عمره متنحنحاً مناديا 
“ياعناياااات .. انتي يااابت “
اردفت عليه زوجته مهروله وهي تعقد الاشرب علي راسها 
“ايوه ياسي (غازي) .. مالك متزربن اكده .. حوصل ايه ياخوي “
(غازي) يتكأ علي المقعد الخشبي [ الكنبه ] ويمسك بخرطوم الشيشة
” تعالي اظبطيلي حجر المعسل ديه .. خلي الواحد ياخدله نفسين يعمر بيهم راسه “
جثت علي ركبتيها وشرعت في تنفيذ ما امرها به 
وهو يسحب نفسا عميقا : الا قوليلي البت (فجر) فينها سامعش حسها لييه!! .. متعوده تقوم تغني وتزربنا كل صبح .
(عنايات) : وصلت تعبي ميه من البير .. وزمانها جايه نبهت عليها متعوقش.
(غازي) يثني ساقه ويتكأ عليها بمعصمه مفكراً
” هانت خلاص هتدخل الليله .. وتنقلنا كلنا لعيشه فوق فووق قووووي يا بت”
جلست بجانبه ثم سحبت نبريج ( خرطوم ) الشيشه متخذه نفساً عميقاً
” على قولتلك جوازها من حضرة العمده هيشبرقنا كلنا والله يا(غازي) بت (مديحه) اتباضتلها في القفص “
(غازي) وهو يكح بصوت مزعج اشبه بجرس الترماي
“انتي شايفاش العز ولا ايه ياوليه .. دا كإن طاقة قدر واتفتحت لنا “
_بقي حد يصدق ان (فجر) تبقي مراة (زيدان نصير) علي سن ورمح انا مش عارفه اي اللي عاجبه فيها .
قطع صوت حديثهم صوت دق قوي علي الباب 
” يلي هنا “
شرع( مسعود) بالدخول : ياساتر .. ست فجر لسه معاودتش ؟!
(عنايات) وهي تضرب كف عالاخر : لا ياخوي لسه معاودتش .. روح شقر عليها عند البير يمكن زحمه بعادته .
رحل (مسعود) من امامهم حائرا في تفكيره
” سيد تعالي نمد رجلنا للبير نشوفها عوقت لييه “
“راس الافعي ” 
في ذلك القصر المُقام علي مساحه شاسعه يتغلله الحرس من كافة الاتجاهات حول ذلك المبني الضخم ذو الطراز الكلاسيكي قصر (زيدان نصير) ..
رجل يبدو عليه الوقار والقوه والضخامه في عقده السادس من العمر يفتح باب غرفته ويردف منها مصدرا ذلك الصوت المزعج بحنجرته كأن غصه علقت بداخله مرتدي سترته الفضفاضه وجلبابه الصعيدي مستندا علي عكازه الفاخر .. 
اقترب من بدايه السلم ليَهُم بالنزول لاسفل
“انتي ياابت .. فيييييييييييين الوكل عاد خلونا نشوف مصالحنا “
خرجت سيده من غرفتها في عقدها الرابع مرتديه 
ثوباً ضيقاً مجسم معالم جسدها 
متحدثه باللهجه الاسكندرانيه مقتربه منه بدلال
“ايييييييييووووووووه ياعمده .. جالك قلب تغيب كل ده عن مووهجه حبيبتك “
(زيدان) تفتنها بعيونه الحاده كالصقر : خبر اي اومال .. اتحشمي عاد وخشي استري نفسك ومرقى يومك.
(مهجه) بدلال : ايووووووه عليك .. بقا موهجتك حبيبتك موحشتكش .
(زيدان) انحني هامسا في اذانها : مش ليلتك ياموهجه .. ولمي الدور عاد وخشي جوه.
اقتربت منه اكثر وهي تضع كفها فوق كتفه 
“شكل العروسه الجديده هتاخدك من حضن موووهجة حبيبتك .. لا انا كده ازعل واجيب ناس تزعل.”
(زيدان) متنحنحاََ بنفاذ صبر : احمم يامستقوووووي
ثم ارتفعت نبرة صوته الاجش مناديا ع الخدم 
“الوووكل فييييينه ياولاد المحرووووق “
خرجت من غرفة اخري سيده مرتديه اسدال اسود فضفاض وبين اصابعها سبحه اقتربت منهم باهتمام 
“حسك عالي ليه ياابو (ايوب) “
(مهجه) قطبت حاجبيها بضيق : اهي ستنا الشيخه وصلت .
(زيدان) نفذ صبره ثم امسك بطرف جلبابه وهَم بالمغادره 
رمقت (مهجه) نظرة ساخره علي (ناديه) واطلقت ضحكه مرتفعه قبل ان تسير من امامها بمشيتها المختالة يميناً ويساراً
ضربت (ناديه) كف علي الاخر 
“يامثبت العقل والدين ياارب “
جلس زيدان ع طاولته الفاخره المملؤه بأشهي المأكولات 
اتت زوجته الثالثه ( نورا ) تعبء له الطبق وتضعه امامه بعدما ما ربتت علي كتفه بحب
“هنا وشفي ياحج .. مطرح مايسري يمري ياخووي “
(زيدان) شرع في تناول فطاره 
“تسلم يدك يانورا”
أتى (خالد) ابن اخيه وجلس بجواره شرع في تناول طعامه بعجله ” خير ياعمي ” 
يقتسم رغيف الخبز بكفه : خير عليك ياولدي .. هاا جهزت كل حاجه صوح؟ 
اجابه بحنقه : تمام ياعمي كل حاجه تمام .. الدبايح ادبحت خلاص كيف ماامرت.
(زيدان) بفرح : عال عال .. عاوزها ليله من الف ليله وليله فاهمني يا(خالد) عمك عريس و عاوز يفرح ياولدي .. الليله ليلته .
اغمض ( خالد ) عينيه لبرهه كإنه يحتبس الدموع بداخلهما قائلا في سره : يعني خمس جوزات ومعرفتش تفرح جيت علي البت اللي عحبها في الاخر !!
قطع شروده صوت عمه الاجش : عقلك راح فين اومال .. انا عكلمك ؟
اومأ راسه متفادياً نظراته الحادة : معاك ياعمي معاك 
( زيدان) قطب حاجبيه : مال خلجاتك متغبرين اكده ليه ؟! 
امتعض ( خالد ) قائلا
– ابدا ياعمي كنت بساعد الرجاله بس في الدبيح.
* مممم طب كل كل .. يومنا طويل .
■■■
اسدلت الشمس ستائر نورها الدافيء ولا تزل سماؤها ملبدة بالغيوم تارة تحجب اشعتها وتارة اخري تتغلب عليها لتذيب غيمة سحبها
وصل (مسعود) و(سيد) بخطوات مسرعة الي فوهة البئر العميق الذي يحاوطه اهل القريه الصغيره مخترقين صفوفهم باصواتهم القويه قبل اجسادهم 
لينهرهم (مسعود) : وسعوا كلكم اكده.
تمايلوا الموجودين علي اذان بعضهما متمتمين بصوت اشبه بالهمس 
” هما مالهم دول ؟؟ ” 
* رجالة زيدان نصير !! اعوذ بالله .. استرها يارب.
واخري تحمل دلوها فوق راسها بعجله بعدما انتابها الخوف من هيئتهم المريبه.
طافت اعينهم في جميع ارجاء المكان .. تقابلت اعينهم سويا بعدما اعتراهما الخوف والتساؤل 
” حد فيكم شاف (فجر ) مراة العمده ” 
قال (سيد) جملته بنبره قويه وهو يرمق نظراته الحاده اليهم
هز اغلبهم روؤسهم بالنفي 
قال (مسعود) مغموماً : ماتنطقوا حد شافها ضواحي اهنه ؟؟
تقدم اليه طفل ذو العشر سنوات ببراءه وهو يشير بسبابته في اتجاه ما قائلاً
“ابله ( فجر ) مراة العمده كانت عتجري من اهنه علي الطريق السريع ” 
نهرهه (سيد) بقوه رجت جسده الصغير
” انت عتقول اي يااولد انت !” 
ليكرر الطفل كلماته مؤكدا بحركات كفيه 
” والله انا شوفتها بعني عتجري وتتلفت وراها ” 
امتلأت عينيهم بنيران الغضب مع اتساع حدقتهم بذهول
” البت هربت ياحزين دا هيكون اخر يوم في عمرنا .. تعالي نلحقوا المصيبه دي قبل ماتبعد عن اهنه ” 
ركضا كلاهما سريعا لتفادي الواقعه التي سقطت فوق اعتاقهم كجمرات من نار.
■■■
شبح الوحده لا يثير مخاوف امراة تحررت من قيودها للتو مستنشقه اول نسمات الحريه التي تملأ وجدانها ارتياحاً
كانت جالسه خلفه بثبات محاوله استجماع شتات شجاعتها الى ان وصل بسيارته لمداخل القاهره انحنت قليلا قائله بصوت منخفض
” لو سمحت ممكن تنزلني هنا وشكرا اوي لحضرتك ” 
كلامها لم يرف له جفن متجاهلا لحديثها تماماً مما اشعل الغضل بجوفها فزفرت بضيق وحنقه 
” هو حضرتك مابتسمعش ؟”
هرب اللفظ من بين شفتيها فجأة سرعان ما وضعت اناملها علي فمها معاتبه نفسها
لم يلتفت اليها ولكن تجمد جبينه منذرا بنظره اشبه بالعاصفه الناريه ، اكتفي برفع حدقة عينيه في المرآه الاماميه التي تعكس بريق عينيها جعلتها تصمت وترجع بظهرها للخلف مستنده علي باب سيارته تود اختراقه علي الفور للنجاة من ذلك المعتوه قائله في ذهنها
” هو انا اهرب من زيدان ومراة ابويا !.. اقع مع المجنون دا !!.. هتعملي ايه يافجر دي عينيه كلها شرار!! .. انا انسب حل افضل ساكته كده لما اشوف اخرته ايه “
يتبع…
لقراءة الفصل الثاني : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية ابن الجيران للكاتبة سهيلة سعيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!