Uncategorized

رواية عروس من باريس الفصل الأول 1 بقلم سارة علي

 رواية عروس من باريس الفصل الأول 1 بقلم سارة علي

رواية عروس من باريس الفصل الأول 1 بقلم سارة علي

رواية عروس من باريس الفصل الأول 1 بقلم سارة علي

فرنسا .. باريس ..
في احدى المستشفيات الحكومية وقفت فتاة طويلة بعض الشيء ذات شعر اشقر طويل وعينين زرقاوين ترتدي بنطال عريض قليلا يبدو انه قديم للغاية فوقه قميص ذو اكمام طويلة بالي بعض الشيء وترفع شعرها الاشقر الطويل على شكل ذيل حصان .. وجهها شاحب للغاية وعينيها حمراوتان على وشك ان تذرف دموع القهر ..
كان جسدها يرتجف من شدة الخوف والرعب حتى شعرت بإحداهن تقترب منها لتجدها صديقتها المقربة كريستين .. اتجهت كريستين نحوها واحتضنتها بشدة واخذت تواسيها وتحاول التخفيف عنها ..
تحدثت كريستين بلكنتها الفرنسية :
” لا تقلقي يا ليديا كل شيء سيكون على ما يرام ..”
ردت ليديا بنفس اللكنة الفرنسية :
” اتمنى ذلك يا كريستين .. انا لا امتلك غيرها .. هي ليست والدتي .. هي كل شيء بالنسبة لي ..”
ربتت كريستين على كتفها وهي تدعو ربها :
” فليحميها الرب ..”
ربتت ليديا على قلادة الصليب التي ترتديها والتي اهدتها لها والدتها في عيدميلادها العاشر داعية من الرب ان يحفظها لها واخذت تحتضنها بقوة وهي تنظر الى الاعلى تناجي ربها ان ينقذ والدتها فلطالما انقذتها هذه القلادة من الكثير من المشاكل ..
خرج الطبيب اخيرا من غرفة الطوارئ ويبدو على ملامحه للاسف الشديد فتلعثمت ليديا وهي تسأله عن حال والدتها ليخبرها الطبيب انهم فعلوا كل ما بوسعهم الا ان الحالة وصلت متأخرة ..
لم تستوعب ليديا ما قاله الطبيب ولم تشعر بنفسها الا وهي تسقط ارضا فاقدة للوعي وسط بكاء كريستين ومحاولاتها لإفاقتها ..
……………………………………………………………..
بعد مرور اسبوعين ..
فتحت ليديا عينيها الزرقاوين ثم ابتسمت بألم وهي تستمع الى صوت زقزقة العصافير الخاصة بها ..
نهضت من مكانها واتجهت نحو ذلك القفص الذي يحوي عصافيرها واخذت تمرر اصبعها داخل القفص وتلمس على جسدهما الناعم برقة قبل ان تقول بحب :
” صباح الخير .. لقد حان وقت العمل .. سوف اجهز لكما الطعام حالا ثم أاخذ حماما سريعا وارتدي ملابسي للذهاب الى العمل ..”
وبالفعل سارعت ليديا لإطعام عصافيرها قبل ان تتجه نحو الحمام المتواضع وتأخذ شاور سريع .. ارتدت ملابسها والتي كانت عبارة عن فستان ابيض قصير قليلا ذو حمالات رفيعة اعتادت على ارتداءه في العمل فهي لا تمتلك سوى اربعة اطقم للخروج من ضمنها هذا الفستان .. سرحت شعرها الاشقر الطويل ورفعته على شكل ذيل الحصان ثم استعدت للذهاب الى عملها الصباحي فهي تعمل صباحا في محل لبيع الورود ومساءا كنادلة في احد مطاعم باريس الراقية ..
اتجهت نحو خزانة الملابس وفتحتها بحثا عن حقيبتها التي لم تجدها في مكانها المعتاد لتصطدم يدها في صندوق خشبي تذكرته على الفور فهذا الصندوق خاص بوالدتها الراحلة وقد طلبت والدتها منها ان تفتحه بعد وفاتها حيث يحتوي على اشياء ضرورية تخصها ..
نظرت الى الصندوق بفضول فهي قد نسيت امره تماما ولولم تره الان لما تذكرت امره نهائيا ..
جلست على السرير وهي تضع الصندوق في حضنها ثم فتحته لتجد صورة قديمة لشاب وسيم يبدو من شكله انه عربي الاصل .. ثم صورة اخرى تحوي على كلمات عربية اخذت تقرأها بصعوبة فهي قد تعلمت الحديث باللغة العربية نوعا ما وكتابة الكلمات الاساسية بعدما اصرت والدتها على ذلك حيث علمتها العديد من الكلمات العربية وتحديدا اللهجة المصرية التي كانت والدتها تتحدث بها بشكل جيد قليلا وبالرغم من استغراب ليديا من طلبها الا انها وافقت والدتها وتعلمت اللهجة المصرية نوعا ما .. اخذت ليديا تقرأ ما في العقد لتجده عقد زواج باسم كمال ادهم السيوفي و انجيلا والدتها ..
تطلعت الى العقد بحيرة قبل ان تخرج ورقة اخرى فوجدتها رسالة من والدتها بدأت تقرأ ما في داخلها بسرعة :
( عزيزتي ليديا .. اعرف ان ما سوف تعرفينه سيكون صعب للغاية ومؤلم لكنكِ مضطرة لمعرفته .. عندما تقرأين هذه الرسالة سوف اكون رحلت بعيدا وبقيت انتِ بدوني .. ليديا انا في شبابي تعرفت على شاب مصري جاء للدراسة في فرنسا .. اسمه كمال السيوفي .. كان شابا وسيما ينتمي لعائلة غنية .. احببته بل عشقته وهو بادلني مشاعري ايضا .. تزوجنا سرا دون ان نخبر عائلته وبعد فترة قصيرة حملت بك .. في نفس الوقت الذي اكتشفت حملي بك كان كمال قد سافر الى مصر بعد اصرار شديد من والده على ذلك ثم انقطعت اخباره تماما عني .. حاولت التواصل معه لكن بلا فائدة .. كنت اريد ان أخبره عن حملي وبعد محاولات عديدة علمت من محاميه انه تزوج من ابنة عمه واستقر مع عائلته وبعث لي ورقة طلاقي .. انهرت حينها ولم استوعب ما حدث وترجيت المحامي الا يخبره عن وجودك كي لا يأخذك مني فهم عائلة ذات نفوذ عالي وانا يتيمة وحيدة لا امتلك احد قد يساعدني في ذلك .. تعاطف المحامي معي وقد وعدني ألا يخبر كمال بأي شيء وأن يبقى أمرك سرا .. ليديا انا اخبرك بهذا الكلام كي تعلمي ان لديك عائلة حقيقية وغنية وأن ادوارد الذي تزوجته وسجلتكِ على اسمه ليس والدك الحقيقي .. اسفة لانني جعلتكِ تعانين وتعيشين حياة فقيرة وتعيسة لكنني لم أرد خسارتك .. ليديا اسمعيني جيدا .. اذهبي الى المحامي عماد الصاوي سوف تجدين معلومات عنه في ورقة في هذا الصندوق .. هو الوحيد من يعرف انك ابنة كمال .. دعيه يأخذك الى والدك كي تعيشي معه وتتنعمي بأمواله بدل العيش في هذه الحياة الفقيرة البائسة فأنتِ تستحقين هذا .. ولا تقلقي والدك لن يرفضك فمعروف عن العرب عدم تخليهم عن ابنائهم اللذين يحملون دمائهم مهما حدث ..”
اغلقت ليديا الرسالة وهي تنظر امامها بعينين جاحظتين .. هل يعقل ما قالته والدتها ..؟! هي تنتمي لعائلة عربية مصرية .. وادوارد الذي رباها وراعاها حتى وفاته لم يكن والدها .. بحثت في الصندوق مرة اخرى عن الورقة التي تخص المحامي فوجدت بالفعل العديد من المعلومات عنه ثم حملت ورقة اخرى بها معلومات كثيرة عن عائلة والدها .. اطلقت تنهيدة الصغيرة وهي تفكر في طلب والدتها بالذهاب الى هناك والتعرف على عائلتها .. ولكن هل سيتقبلونها حقا ..؟!
………………………………………………………….
في مكان اخر تحديدا ..
في مصر .. القاهرة ..
في احدى القصور الضخمة ..
الخادمات يجهزن الفطور بسرعة قبل نزول اصحاب المنزل .. مائدة طويلة تحوي العديد من الاطعمة الشهية الرائعة .. كانت الجدة جميلة هي اولى المستيقظين حيث تقدمت بخطواتها الوقورة نحو المائدة وجلست على الكرسي الجانبي للكرسي الرئيسي تبعتها كنتها فريال وهي تبتسم لها وتحييها بإحترام :
” صباح الخير يا مرات عمي ..”
ابتسمت جميلة وهي ترد تحية الصباح عليها :
” صباح النور يا فريال .. امال سليم فين ..؟!”
” نازل اهو ..”
قالتها فريال وهي تنظر الى زوجها الذي يهبط درجات السلم والذي اقترب من والدته وقبلها من جبينها محييا اياها :
” صباح الخير يا ست الكل ..”
ابتسمت جميلة وهي ترد عليه :
” صباح النور يا حبيبي ..”
ترأس سليم المائدة وجلست فريال على الجانب الاخر بجانبه ليهبط بعدها اولادهم بالتدريج ادهم اكبر اولاد سليم والذي يحمل اسم جده وحسام الاصغر منه ومصطفى اصغر اخوانه في مرحلته الثانوية ..
جلس الجميع في أماكنهم بعدما حيوا الجدة ووالديهم بإحترام بينما تحدث سليم وهو يتناول طعامه :
” جهزتوا كل حاجة عشان غدا النهاردة .. “
أومأت فريال وهي تجيبه :
” انا من امبارح حددت للطباخين يجهزوا ايه عشان الغدا ..”
قالت جميلة وهي تتنهد بسعادة :
” انا بستنى يوم الجمعة ده كل اسبوع .. ببقى مبسوطة اووي وانا شايفة ولادي واحفادي حواليا ..”
ربت سليم على يدها وهو يقول :
” ربنا يخليكي لينا يا ست الكل وتفضلي خيمة فوق راسنا ..”
ابتسمت له ثم أشارت الى ادهم قائلة :
” هتحددوا معاد الفرح امتى يا ادهم ..؟! عاوزة افرح فيك انت وبنت عمك بقى ..”
ابتسم ادهم وهو يقول بجدية :
” قريب ان شاءالله .. هنتفق انا و عليا على معاد يناسبنا احنا الاتنين وابلغكم بيه ..”
رد حسام بمزاح :
” ده انا لو مكانك اخليه بكره ..”
رمقه ادهم بنظرات ساخرة وقال :
” اتشطر انت بس ولاقي عروسة مناسبة ليك واتجوزها ..”
قالت فريال بجدية :
” اهم حاجة اكون تليق بالعيلة ومكانتنا ..”
ابتسم حسام بتصنع وقال :
” اه طبعا لازم تليق بعيلة السيوفي العظيمة وتبقى من نفس مستوانا الثقافي والاجتماعي والديني ..”
ضحك مصطفى بقوة وقال مشاكسا :
” شكلك يا حسام هتتجوز فالاخر من العشوائيات ..”
ضربه حسام على كتفه وهو يقول بمرح :
” ومالها العشوائيات ياخويا .. دول اغلبهم يجننوا .،”
صاحت فريال بضيق :
” عشوائيات ايه وزفت ايه .. قلنا بلاش الكلام ده وبلاش سيرة الناس البيئة دول ..”
صمت الجميع بينما نهض ادهم من مكانه وهو يقول :
” سفرة دايمة .. انا هنزل اشوف صحابي شوية واجي عالغدا ..”
قالت فريال بسرعة :
” متتأخرش يا ادهم .. عيب توصل بعد ما الناس يجوا ..”
رد ادهم بجدية :
” هما غربا يعني .. دول اعمامي وولادهم ..”
ثم اتجه نحو الباب وفتحه ليتفاجئ بنور اخته امامه وهي تحمل صغيرها الرضيع على يدها والاخر تمسكه باليد الاخرى قبلها من وجنتيها وهو يهتف بمرح :
” جايه بدري يعني ..؟!”
اجابته وهي تتنهد :
” ايهاب جابني بدري عشان يلحق يوصل اسكندرية ..”
سألها ادهم بجدية :
” سافر عند اهله ..؟!”
أومأت برأسها وهي تقول :
” ايوه وهيفضل كام يوم هنا وانا جيت هنا ..”
” تنوري ..”
قالها ادهم وهو يبتسم لها قبل ان تدلف نور الى الداخل وخلفها طفلها بينما اشار ادهم للخادمة التي اتت فورا له وطلب منها ان تحمل اغراض وحقائب اخته وتذهب بها الى غرفتها ..
……………………………………………………………….
مساءا ..
كان جميع افراد عائلة السيوفي مجتمعين في صالة الجلوس يتحدثون في شتى المواضيع المختلفة ..
كانت صوت ضحكاتهم يعلو كثيرا بينما جميلة تراقبهم بسعادة وراحة تتأمل سليم وابنائه الخمسة ادهم وحسام ومصطفى ولبنى ونور .. جمال وابناؤه الاربعة خالد وكريم وعاليا وصبا .. كمال وابنيه يوسف ومراد .. واخيرا حنان ابنتها وبنتيها رزان ورؤى وابنها الصغير يزن ..
رن هاتف ادهم فوجده صديقه ياسر المقرب فحمله واجابه وهو ينهض من مكانه ويتجه خارج المكان حيث الحديقة الخارجة للقصر ..
اخذ يتحدث معه قليلا حينما شعر بعاليا وراءه ..
اغلقت الهاتف والتفت نحوها يسألها بجدية :
” خير يا عاليا ..؟! فيه حاجة ..؟!”
اجابته بضيق :
” كنت بتكلم مين ..؟!”
رد بهدوء :
” هو مش باين اني بكلم ياسر ..”
ردت بضجر :
” وهو لازم تخرج بره عشان تكلم الاستاذ ياسر ..”
رمقها بنظرات حادة ورد عليها بجمود :
” انا حر اكلمه فالمكان اللي يعجبني .. وياريت تحسني اسلوبك فالكلام معايا ..”
رقت نبرتها وهي تقول :
” انا اسفة يا روحي .. بس انا بغير عليك وببقى عاوزة اعرف بتكلم مين وبتقابل مين ..”
رد ادهم بملل :
” واظن انتي عارفة اني اكتر حاجة بكرهها فحياتي حد يسألني بتقابل مين او بتكلم مين .. وقلتلك الكلام ده مية مرة ..”
ثم اردف بجدية :
” عاليا انا بحبك ومش بفكر اخونك .. اطمني ..”
ابتسمت بصفاء وهي تقترب منه وتحتضنه وتقول بحب :
” طب قول بحبك تاني ..”
ضحك وهو يكررها :
” بحبك يا عاليا ..”
طبعت قبلة على وجنته وقالت بحب :
” هنتجوز امتى بقى ..؟!”
رد بسلاسة :
” اخلص كام حاجة ورايا فالشغل ونحدد معاد الفرح على طول ..”
ابتسمت بخفة وهي تقول :
” تمام يا روحي ..”
……………………………………………………………
عودة مرة اخرى الى فرنسا ..
اقتربت كريستين من ليديا ومدت يدها لها بمجموعة من الاموال .. تطلعت ليديا اليها بحيرة وسألتها :
” ما هذه يا كريستين ..؟!”
ابتسمت كريستين وهي تقول :
” اموال أيتها الذكية .. هذه الأموال سوف تكفيكِ لشراء تذكرة الطيارة الى مصر وما يتبقى منه سوف يفيدك هناك كي تحجزي غرفة في فندق قبل ان تلتقي بذلك المحامي ويأخذك الى والدك ..”
سألتها ليديا وهي تشكرها بإمتنان :
” من اين جلبتِ هذه الاموال ..؟!”
ردت كريستين بصدق :
” جمعتها منذ وقت قريب ..”
ابتسمت ليديا وقالت بصدق :
” سوف ارجعها لك حينما اقابل والدي في الحال .. فقط ادعي لي ان يستقبلني ويعترف بي كما اخبرتني ماما ..”
ربتت كريستين على كتفها وقالت :
” اتمنى ذلك من قلبي يا ليديا .. واذا لم يعترف بك لا تحزني .. سيكون هو من خسر فتاة رائعة وجميلة مثلك ..”
ضحكت ليديا بعذوبة وقالت :
” سوف أغتر كثيرا بنفسي ..”
ابتسمت كريستين وهي تربت على يدها قبل ان تقول بجدية :
” هيا يجب ان نذهب ونحجز تذكرة السفر حالا ونعود كي تجهزي حقائبك استعداد للسفر ..”
أومأت ليديا برأسها وهي تتجه نحو الخزانة لترتدي ملابسها بسرعة وتذهب مع كريستين لحجز تذكرة الطيران الى مصر ..
يتبع ….
لقراءة الفصل الثاني : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية توأمان وقلب واحد للكاتبة إيمان المهدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى