Uncategorized

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء 2 البارت العاشر 10 بقلم نهال مصطفى

 رواية الحرب لأجلك سلام الجزء 2 البارت العاشر 10 بقلم نهال مصطفى

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء 2 البارت العاشر 10 بقلم نهال مصطفى

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء 2 البارت العاشر 10 بقلم نهال مصطفى

مجموعات متتابعة لاهالى القريه من الهِتافات المتجمهرة باسم زيدان الذي انضم اسمه رسميًا لمجلس النواب بالاحتيال والخديعة وشراء اصوات الاهالى بمقابل مادى ليصل لما يسعى إليه .. 
رُدد هدير الفرحه فى حلق مُهجة بصورة ( زغاريد ) عالية وبلذة انتصار
– البلد كلها تشرب شربات وتتعشي لحمه سبع ليالى .. 
هرولت ناجيه خادمتها بفرحة 
– دانت تأمرى ياست الستات .. 
شيعتها نظرات نادية الساخطه من أعلى ورددت بقهرة 
-بقي طمعك وجشعك سايقك بلا وعى وياريته هينفعك كان  جاه ومال فرعون نفعوووه ..  نهايتك قربت قوي يا زيدان أنت والغازيه اللى ممشياك  .. 
رفعت مهجة رأسها لاعلى تتفقد شرود نادية .. وتلوى خصرها كالحية وهى تقول 
– مش فرحانه ليه لجوزك يا أم خالد … ايه خايفه متقدريش تقفى فى وشه بعد النهارده …. 
داعبت انامل ناديه فصوص سبحتها وزفرت مُختنقه 
– المهم تقدروا أنتوا تقفوا فى وش ربنا لما يسألهم عن ذنب الناس دى كلها .. 
تأففت مهجة بتهكم .. وهتفت
– جرى ايه ياختى .. انت متعرفيش تفرحى خالص ؟! السلكان ده مايعرفش طريقك .. صفى نيتك شويه عشان السواد ده مش هيأذى حد غيرك .. 
ما كادت نادية أن تُجيبها فأوقفها وقع اقدامه الثقيله وزمجرة رياح صوته متنحنحًا وهو يهندم سترته الفضفاضه 
– جرالكم إيه عاد .. 
اندفعت مهجة نحوه وأخذت تنفض بعض الاتربه من فوق كتفه 
– ده كلام حريم ياسيادة النائب ؛ متشغلش بالك … مشاغلك كتيره الله يقدرك ويكون فى عونك .. 
رفع رأسه بشموخ نحو ناديه .. وقال
– ايه مفيش مبروك ياام خالد ؟! 
شاحت بوجهها مع ضحكة خبثيه سبقت جُملتها .. 
– فيه ربنا يقدرك على مابلاك و انك متاخدش من المنصب السلطة وتنسي الواجب ياابن عمى  ..  الايدين ما بتبقاش طايله غير لما حسابها بيتقل وموازين الرحمه تخف .. 
ألتوت ملامح مهجة وهى تضرب على فخذها بجزعٍ .. وتتمايل معارضة 
– أهو جينا بقي للكلام اللى يسم البدن ويحسسك أنك كافر اعوذ بالله … ما تخفى علينا شويه يا ستنا .. ايه احنا نعرف ربنا بردو وبنصلى ..
تجاهلت ناديه جملتها .. وتقهقرت نحو غرفتها فألتفت زيدان نحو مهجة هامسا 
– لسه معرفتيش ولدها فى أى داهيه .. 
– تقلقش أنت ياسيادة النائب بس ؛ وكله هيبقي تمام .. يلا روح شوف أهل بلدك وناسك أحنا مالناش غيرهم دلوقتى .. 
اومأ رأسه متفهمًا .. ثم أطلق هامسًا بتوعد   
– كده هنرجعوا ونحطوا النقط فوق الحروف .. وهنلعب وأحنا تحت شمسية الحكومه والقانون … 
قيل بأن الحرية الحقيقية هى كل شيء يُلائم اهواء ومصالح الحكومه ؛و دوما ما تستهدف قوانينها عظمه الشعب وسلطة حكامه بدلًا من حسن ادارته .. ستحول لقيود ملتفة حول أنفاس الشعب الذي لا حول له ولا قوة ….
■■■■■
– يعنى يا سيادة المحافظ أكون ابنك ومعرفش اشوفك غير بمواعيد ؟! 
اقتحم مجدى مكتب والده بعد قرابة الساعة من الانتظار  مُردفا جملته الاخيره بنبرة معاتبه بنكهة الممازحه .. فرفع منيره رأسه عن الاوراق التى امامه .. وقال بفخر 
– طيب سيبنى اباركلك الاول عن منصبك الجديد ؟! 
اقترب مجدى من والدها وعانقه بحبٍ 
– تربيتك يا سيادة اللواء .. 
ابتعد عنه ثم أشار له والده بالجلوس وهو يتمتم 
– معاون مباحث بنى سويف .. عاوزك ترفع راسي يا بطل .. 
جلس مجدى أمامه وهو يقول
– يعنى مش عاوز تفرح بيا ؟! 
– ده يوم المُنى يا بنى .. أنت اختار بس وانا اخطبهالك من دلوقتى .. ولا اقولك سيبنى أنا اختارلك وشوف ذوق ابوك بقي .. 
اكتسي الفضول معالم وجهه .. ثم سأله ممازحا 
– اي معاليك ؟! حاطط عينك على حد ؟! 
– بصراحه بنت اللواء علاء تناسبك جدا .. وانا لمحت لابوها بحاجه زى كده وحسيت انه مرحب جدا بالفكرة ..
تململ مجدى فى جلسته مرتبكا للهروب من ذلك المأزق .. فغمغم بتردد
– بصراحه يا بابا انا اخترت .. وجاى عشان افاتحك فالموضوع ده …
– حقك يابنى طبعا .. ها وعينك على مين ؟! حد نعرفه ؟! 
اندفع مجدى فى رده وقال بفرحة 
– ايوة .. رهف بنت عمى .. 
سقط القلم من يده منير واحتل الغضب ملامحه فجاة 
– أنت لسه عينك منها .. 
– وهصرف نظر ليه !! بنت عمى انا أولى بيها من الغريب  .. ورهف طيبه يابابا وتربيتنا .. 
وثب منير معارضا ليضع حدا لحديث ابنه .. وهتف رافضا
– لا دى تربية عايده .. مش تربينا .. وبعدين هو ده النسب اللى هيشرفك يابنى ؟! اخوها اللى مطلعينه بمعجزه من قضيه لسه متحكمش فيها .. ولا اخوها التانى اللى متجوزلى واحده ابوها محكوم عليه بالاعدام !! ولا أمها عايده هانم صاحبة الموضه والتفاهه .. 
وقف مجدى أمام والده متحديا 
– ملاحظتش فى كلامك انك جبت سيرة رهف بحاجه تعيبها .. وكلها مبررات هى مالهاش ذنب فيها .. يبقي ليه تاخدها بذنب اللى حوليها .. 
قرب منير من ابنه وربت على كتفه ليلقى على مسامعه نفايات تجاربه السابقة ؛ وقال 
– شوف يابنى ممكن يكون معاك حق ، بس أنا مش موافق على الجوازه دى … وكمان البنت دى تافهه وساذجه وعديمه مسئوليه .. تقدر تقول لى هى ليه متخرجتش لحد دلوقتى !! غير انها بنت مستهترة ومش عارفه مصلحة نفسها .. 
ارتسم الغضب باديًا على وجهه .. فاطرق رأسه بخجل ليرفض حديث والده بأدب ثم هز رأسه رافضا 
– بابا انا جيت أعرفك هخطب مين وهبدا حياتى مع مين ؛ لكن ما جتش اقول لحضرتك تعالى نتناقش فى اختيار عروسة .. لانى بالفعل اخترت .. 
اثار هدوء مجدى سخط والده الذي صُبغَ وجهه بحمرة الغضب .. فارتفع صوته منفعلًا 
– يبقي روح شوفلك أب غيري بقي يقف معاك .. 
اومأ مجدى بالموافقه ونصب عوده متأهبا للمغادرة وهو يقول جملتة الاخيره بحزمٍ
– المهم أن حضرتك عندك خبر .. عشان ماتتفاجئش بكرة.. 
انعقد لسان والده فلا يجد ما يفرغ غله به سوى سطح مكتبه الذي ضربه بكل قوته .. ومن بعدها حسم أمره ليُهاتف عايده المنشغله فى اعداد حفلتها .. فتوقفت على طرف حمام السباحة وردت بغرور
– ألو …
اتاه صوته كالرعد وهو يلهث 
– شوفى ياعايده هما كلمتين .. خلى بنتك تبعد عن مجدى أبنى ومش معنى أنك مقدرتيش توقعينى فى شباكك زمان وروحتى تلفيها على اخويا فأنا مش هسمحلك تعملى كده مع ابنى .. انسي .. 
تقاذفت افكار عايده هنا وهناك بعد فهم .. فتحولت نبرتها لتساؤل 
– ابنك وبنتى ايه يا منير ؟! أنا مش فاهمه اي حاجه .. 
استراح على اقرب مقعد وهو يفك رابطه عنقه ليأخذ نفسه وقال بفطنة مبنيه على أسس اوهامه 
– لا … أنت فاهمه كُل حاجه .. وعلى جثتى الجوازه دى تتم يا عايده .. أنت فاهمه!! مش هخليكى تنتصري المرة دى كمان … 
اغمضت عايده عيونها وهى ترى أوجاعها تتقلب أمامها كفقاقيع المياه المغليه وقالت بغرور انثوى 
– على الاقل ابنك أحسن منك بيحارب .. مش بيستخبى فى اوضته زي ابوه يامنير .. طلع العيال من مشاكلنا وسيبهم يختاروا حياتهم .. 
زفر بعجز وأشار مهددا بيده قبل ما ينهى المكالمه
– عايده أنا حذرتك … خليكى فاكرة … 
قفل المكالمه بدون سابق انذار واشعل فى قلبها دخان الماضي التى تعمدت أن تطفىء نيران لسنوات .. 
#فلاش_باك ..
ركبت سيارته وألقت حقيبتها بالمقعد الخلفى وزمجرة
– منير … ابوك واخوك عماد كانوا عندنا امبارح وطالبين ايدى للجواز .. 
اوما بعجز 
– عارف .. عارف يا عايده …
– طالما أنت عارف ؟! ماتتصرف .. ماتقولهم أنك بتحبنى وتيجى تتقدملى .. 
تصلق الحزن ملامحه وقال 
– اللى عرفته ان عماد اخويا معجب بيكى من زمان وساكت وكان مستنى يخلص كليته عشان يتقدم .. وانا لسه طالب مفيش فى ايده حاجه ..
احتلت الصدمه ملامحها وهى تنهره بوجعٍ
– أنت بتهزر مش كده !! يعنى هتسيبنى اتجوز اخوك يا منير ؟! 
طأطأ بخزى 
– ومش هخسر ابويا واخويا عشان واحده ياعايده  … عايده انا اسف ..
ازفت لحظه انفجارها وهى تبتلع جمراته بحلقها .. وصرخت معانده 
– تمام .. أنت اللى اخترت .. وحق حرقة قلبى دى هخليك تحس بيها أضعاف .. واقولك هوافق على أخوك ولما تشوفنى فى حضنه أبقي ساعتها هاجى اقولك أنا اسفه إنى دغدغت قلبك … طيب يا منير … 
#باااك
 كل شيء حولنا يصنع من ماء .. الغيوم .. النهر حتى نحن ممتلئون بدموع لا نعلم من اي وجهة تسربت .. حاربت لكى تمنع تساقط دموعها وعصرت هاتفها بيدها واستدارت نحو القائمين على الحفله تلقى عليهم بعض اوامرها الخاصه ..
وطأت اقدام مجدى سيارته وهو يتشجار من الهواء وكل ما يقع فى طريقه مستقرة فى حلقه غصة الخيبة فالجميع وقف فى طريق أمنيته الوحيده حتى هى لم تريده ؛ اتدرك ما قسوة أن يحارب الانسان لاجل شيء لا يتمنى سواه وهو لا يريده ؟! كمن لفظته أمه العاهره من رحمها وتركته وبات يُناديها صارخا و لم تعره أى أهميه !! هكذا ما كان يشعر به …. 
انقذه من فحل افكاره اتصال هشام .. فأجابه متنهدا 
– خير ياهشام … 
قفل هشام باب الثلاجه بقدمه وبيده بعض الاطعمه 
– اى خير دى ؟! محسسننى انى كنت بايت فى حضنك أمبارح ؟! 
دور مجدى سيارته بعد ما ارتدى سماعة ( البلوثوت ) وقال 
– كفايه اخبارك اللى كنت بسمعها من التلفيزيون زيي زى الغريب … 
وضع هشام ما بيده على رُخامة المطبخ .. وقال ممازحا 
– لا دانت شكلك شايل ومعبى جواك .. 
– ولا شايل ولا حاجه .. المهم إنك تكون بخير بس ..
تحرك هشام ليجلس على احد مقاعد مطبخه وتمتم 
– اهو بنحاول نكون بخير …  عاوز اشوفك ..
– فين … انا اصلا اجازه ..
فكر هشام طويلا محاولا البحث عن حجة يتوارى خلفها قلبه المُشتاق .. فقال 
– جاتنى دعوة مخصوص من منصور الشاذلى أحضر حفلة عايده هانم النهار ده  .. وبفكر يعنى اروح ..
احتلت الغرابة رأس مجدى وهو يسأله 
– أنت عارف الحفله دى هيكون فيها مين ؟! 
رجل مثله يعشق الايجاز فى كل شيء الا حبها الذي امتدت مخالبه لخلايا عقله فاخضعتها له… 
– اااه .. عارف ..
– يعنى عندك استعداد تواجه امك ؟! 
بحنقه أردف سريعا
– مش أمى … 
فرد مجدى بحكمه 
– يبقي خليك مكانك يا هشام لحد ماتشوف الحقيقة كامله ..
لمست قدمه اليمنى الارض وشرع فى اهتزازها بما يوحى بارتباك …وقال متأففا 
– بقولك ايه أنا رايح الحفله دى يعنى رايح قولت اكلمك تيجى معايا تتقل بيا بدل مااقف لوحدى كده ..
نفذ صبر مجدى واردف معاتبا
– يبقي ايه لازمتها تروح ؟! ولا ……. رايح لهدف تانى .. !!
– اه يا مجدى .. انا لسه مخدتش حقى من البت دى ..لازم اعرفها مقامها وانها لعبت مع مين …
– تعرفها مقامها !! ولا وحشتك وبتتلكك ..
انكمشت ملامحه بضيق لانكشاف أمره .. فنفاه قائلا 
– مجدى .. بلاش كلام فلسفه ماليش فيه .. انت عارفنى كويس ..
– وانت كمان ياهشام عارفنا كويس اننا مالناش فى جو الحفلات ده ..
هشام بتأفف : يعنى مش هتيجى …
فكر مجدى للحظه ثم قال مستسلما 
– لا ياهشام هااجى .. هاجى لحد مانشوف أخرتك إيه …….
انتهى حديثه مع مجدى واندلعت حربًا مع نفسه الى أن اتفقت كل حواسه وبما فيهم قلبه الذي يسايسه طوعًا ليصل لمراده وهو اللقاء بها .. حتى همست شفتيه متوعده 
– دأنا هردلك القلم عشرة بس اشوفك .. 
سحبت اصابعه شاشة هاتفه وتفقد بعض حساباتها باحثا عن نظرة خذلان وانكسار فى عيونها فلم يجد سوى أمراة قوية بجمالها قادرة على اخضاع جيش من الرجال لها .. قفل هاتفه ووضعه على وجهه متأففا
– هى فاكرة نفسها مين الفلاحه دى ؟! وايه الارف اللى هى عاملاه ده .. 
ليصدح قلبه متمردا وهامسا
– بس هى اتغيرت كتير … مم للاحلى اووو يعنى عادى دى كلها فوتوشوب وفلاتر .. 
فزع وركل المقعد الذي كان جالسا فوق بقدمه مزفرا 
– حتى صورها كذب زى حياتها بالظبط …… 
يهذى كالمجنون وهو يلعن نفسه .. أو يلعن الحظ الذي جمعها به أو يلعن الحياة .. ولكن اللعنة الكبرى للحب الذي ذل سلطانه المتكبر لاجل عيناها متيما .. يسير وهو سئم كل السأم، ومحبط، ومتألم؛ لأنه لم يستطع التخلص منها حتى الان ولازال يحاربها كل ليلة كما يحارب الجماعات الارهابيه ولكن الفارق هنا أن لكن حرب نهايتها الا حربها هى البداية لكل حنين وشجن وشوق للقاءها …… 
■■■■■
اندمل قرص الشمس بحُمرة الغروب التى تنزف ألما على عدم مشاهدها للقرارات التى اتخذت تحت نورها .. هل ستنفذ أم لسحر القمر والليل رأيٌ آحر !! 
– تمام كده أنت خلصتى شغلك  .. اتفضلى … 
اردفت فجر جُملتها على آذان تيسر ( الميك اب ارتسيت ) الخاصه بها بعد جدل استمر لساعات للاتفاق على إطلالتها .. تلملم تيسر ادواتها وهزت رأسها نافيه 
– عايده هانم باعته السواق ومأكده عليا اننا نيجى سوا .. 
وقفت فجر تتفقد الفستان المصنوع من ( الستان) والذي ينحت جسدها ببراعة ويصل لفوق رُكبتها بكثيرٍ  وشعرها القصير المموج الذي يعطيها إطلالات نجوم هوليوود فقالت 
– تيسير .. الحفله لسه بدرى عليها .. وانا لسه هستنى بسمة وطنط سعاد .. 
غمغمت تيسير بتردد 
– حضرتك ما ينفعش .. 
تأففت بجزعٍ
– اتفضلى .. مش هكرر كلامى أكتر من كده …. 
لم تجد جدوى من النقاش معها ..بل لملمت اشيائها بخذل وانسحبت بهدوء وما هى إلا لحظات ودلفت سعاد وبيدها فستان ضخم تحمله بصعوبه .. فاسرعت فجر نحوها لتساعدها فى حمله ووضعته على الفراش واستدارت ممتعضة 
– شايفه الفستان الزفت اللى ست ميان زفت بعتاهولى .. ده انزل بيه ازاى اصلا ؟! 
– والله انا قولت انها ميان محدش ضدقنى .. المهم فكك واقلعى يلا .. وشوفى الفستان اللى اختارتهولك .. 
لملمت شعرها واعطت سعاد ظهرها لتفتح لها جرار الفستان .. وشرعت فجر فى تبديل فستانها القصير بإطلالة سندريلا وفستانها الذي اشرفت سعاد على تصميمه شهرين .. 
انتهت فجر من ارتداءه فبدت كأميره من أميرات ديزني فاستدارت امام سعاد وقالت بتردد 
– وهو مش أوفر؟! وكنت لبست أى حاجه تانيه أهدى .. 
لمعت عيون سعاد بانبهار ثم هزت رأسها نافيه 
– بصي يا جوجو ياحبيبتى أنت برنسس الحفله دى .. وبقميص النوم اللى باعتاهولك ست ميعان دى تلبسيه كده قاصده انها تخليكى زيهم وماتبقيش مُلفتة .. عاوزه تطفيكى بمعنى الاصح .. 
همت سعاد بتظبيط شعر فجر وأكملت 
– لكن بكده هتجبرى الاعمى أنه يتنح في جمالك وانك مختلفة .. والاهم أحنا اتفقنا هحاول نرضي ربنا فى لبسنا لحد ما نسيبلوهم العك ده كله ونركز فى دراستنا وبس .. 
أومأت فجر برضا ثم ارسلت نظرة خاطفه على نفسها فى المرآه .. فزادها شعورا بالفخر جملة سعاد 
– هشام لو شافك كده حقيقي الله يكون فى عونه .. انا لو منه اخطفك واخبيكى عن كل الناس .. 
– على أد منا موجوعه منه .. بس خايفه اضعف واسيب الحفله كلها واحضنه وبعدين ارجع اتخانق معاه تانى … تعرفى  انا اتمنيت انه مايجيش اصلا  …خايفه قلبى يخوننى ويروحله … 
امتلأت عيونها بمياه الحيره التى حسمتها سعاد مكذبة صدح قلبها هى الاخرى 
– بلاش نفكر فى وهم أحنا استنتجناه .. ما يمكن مانشوفهوش هناك … اهدى كده وخدى نفس وزى ما اتفقنا حتى ولو ما شوفناهوش هناك اعرفى أن معاد اللقا لسه مجاش …. يلا اسيبك تتظبطى وانا هروح ألبس .. 
ما كبحت سعاد أن تولى ظهرها  فاوقفها نداء فجر 
– استنى ..
– مالك ياحبيبتى ؟! 
– أنا مش هروح الحفلة دى فى معادها … 
اقتطب حاجبى سعاد وقالت مستفهمة 
– ليه .. اشمعنا يعنى ..
اقترب فجر من المراه واخذت فرشاة التجميل تتدلل على وجنتيها وقالت 
– يعنى الحفله هتبدا ٨ انا ممكن اروح هناك على ١٠ او ١١ … 
ضحكت سعاد ممازحه 
– هنبتدى نعمل فيها سندريلا من دلوقتى !! 
ألقت لها فجر نظرة لامعه فالمراة وضحكت بثقه 
– بالظبط ولازم قبل ١٢ امشي من هناك ..
قلبت سعاد الجمله فى رأسها وقالت بخبثٍ
– ده لو كان الامير هناك … قصدى سي هشام يعنى .. 
تعمدت اللامبالاه كأنها لا تتمنى رؤياه .. وقالت متدلله 
– ممم هناك بقي او مش هناك لازم الكل يستنانى .. 
ضحكت سعاد بفخر وقالت مؤيده 
– أنت صح .. أنا عاوزكى تثبتى على كده بقي طول الحفله … تبصي عليهم من فوق.. او متبصيش يبقي أحسن بردو … 
تدللت كفوفها على خصرها ورفعت رأسها بشموخٍ
– هبهرك …. 
‏المؤلم ان تقرر بنفسك ساعة الحرب على مشاعرك , أن توئدها حتى تتساءل بأى ذنب قُتلت ؟!.. ثم بعدها لا ينتبه المقصود كما كنت ترغب .. تشعر بغضب لا يمكنك تبريره وألم لا تعلم من اين أتى إليك ؟! .. فتجد نفسك تقول كلامًا لم تكن مستعدًا لقوله تتصرف تصرفات لم تكون بالحسبان …تتفاجئ من نسختك الجديده المروعه .. كل هذا لأنك قررت من قبل أن تكون بلا مشاعر آدامية  … أن تسترد عزتك التى سبق و هانها الحب …..
■■■■■
صرحٌ ضخم من كبار رجال وسيدات الاعمال يطوقه سورا ملتفا بالانوار الكثيره التى تعطى صورة مشرقه لفخامة الحفل .. يأتى زائر ومدعو وراء الاخر وتقف عايده وميان باستقبالهم … 
دخل اكبر رجال الاعمال بصحبة زوجته وابنته وتبادلوا السلامات والترحبيات حتى اشارت لهم عايده بالدخول والتفت نحو همس ميان التى بدَ عليها القلق 
– هى البنت دى مجاتش ليه لحد دلوقتى  ؟! 
حاولت عايده اخفاء ارتباكها بابتسامه مزيفه للحضور وقالت هامسه 
– هتجنن الساعه داخله على ١٠ وهى لسه مجتش .. ومش بترد على تليفوناتها .. 
نظرت ميان فى شاشة هاتفها متأففه 
– هنعمل ايه لو مجاتش .. ؟!
ردت عليها عايده بنبرة جازعه 
– ميان .. انت السبب فى وجود البنت دى هنا  .. فأى عواقب واستهتار أنا مش مسئوله عنه … 
رفعت انظارها فوجدت هشام فى بدلته ( الكُحلى) التى تتضاعف وسامته بصحبة مجدى الذى ارتدى بدلة باللون ( البيج ) .. اندفعت هائمه على وجهه لتستقبله بنفسها مرحبه .. 
فمدت يديها لتصافحه ولم لبث أن مد كفه متجملا ففاجأته بقبله سريعه فى وجنته وابتعد باسمه 
– كنت متأكده انك هتيجى ..
تجمدت الدماء فى عروق هشام إثر فعلها الغير متوقع وألقى نظرة غاضمه نحو مجدى الذى حك ذقنه متفهما وهمس لنفسه سرا
– اللى اتوقعته شكله هيحصل .. 
لكزه هشام ليفيق من شروده ثم قال متحججا 
– والله  مجدى اللى ألح عليا … مكنتش عاوز أجى .. ولا ايه يا مجدى …؟؟! 
رفع مجدى حاجبه مستنكرا 
– لا والله ؟! 
انكمشت ملامح مايان متظاهره بالزعل 
– يعنى مش عشانى ولا عشان بابى .. 
اتسعت ابتسامة مجدى فارحا تمتم
– ألبس بقي … ورينى هتطلع منها ازاى ؟! 
تضرجت وجنته بحمره قانية .. ثم هرب من سؤالها متحججا ليعرفهما ببعض  
– النقيب مجدى السيوفى ابن عمى… مجدى ؛ دى ميان اللى حكيتلك عنها .. 
هز مجدى رأسه بتجاهل 
– بس أنت محكتش عنها ولا حاجه …. 
ضغط هشام على مشط قدمه مغلولا .. وحدقه بنظرة حاده جعلته يردف متفهما 
– ااه اااه .. ميان !! حكالى عنك … معلش اصل من كتر البنات اللى بيحكيلى عنها شكلك توهتى فالزحمه …. 
تفاقم الامر سوءا .. فلحق هشام نفسه من لخبطة مجدى المتعمده ونظرات ميان التى اوشكت على الالتهام … فسحبه وقال 
– طيب ياميان احنا هناك … 
لم يعط لها فرصه للاعتراض حيث انسحب من أمامها متجاهلا ردها الذى اردفته بصوت عال
– راجعلك ياهشام ….. 
ميل مجدى على آذان هشام مشمئزا
– ايه البنت الرخمه دى … واى العشم ده اللى بتكلمك بيه ؟!
– المهم حد خد باله من اللى هى عملته ؟! 
ضاقت عيون مجدى لاعبا على وتر مخابئه 
– اي حد .. اى حد .. ولا قصدك حد معين … 
جز هشام على فكيه مغتاظا 
– ولاااه ما تتلم وتتعدل كده .. مالك من الصبح مش مبطل عك … 
– بصراحه ….. كنت قاصد ؛ البت دى مش سالكه وابقي قول مجدى السيوفى قال … 
وقف الاثنان على حافة البار المُلتف حتى اتكئ هشام عليه بظهره وقال 
– يا سلام ؟! وجايب الثقه دى منين ؟! 
هندم مجدى بدلته بتفاخر وتحمحم قائلا 
– هى نفس الثقه اللى لما شوفت فجر .. وقولت محدش هيوقعك على جدور رقبتك غيرها …
ألتف هشام للنادل وطلب مشروبا كأنه يهرب من هول الجمله خشية من انفضاح امره .. ثم عاد إليه ساخرا من كلامه 
– لا لا مش أنا ده .. طلعت خايب ومش بُرم ومتعرفش ابن عمك … 
وقف مجدى نفس وقفته وعقد ساعديه وقال بخبث 
– بأمارة عينك اللى مسحت المكان كله وبتدور عليها… طيب ما تقول لى أدور معاك … 
اردف بصوت هادر مغلف بالتهديد 
– أنا مش جايبك هنا عشان تقرفنى .. كلمه كمان وهديك فى سنانك عشان تتلم وتخرس …..
انقذت رهف مجدى من تهديدات هشام الحانقه وهى تركض نحوه بلهفه وترتمى بين ذراعيه باكيه 
– هشاام .. أنا مصدقتش أنك هنا … هونت عليك ؟! هانت عليك رهف أختك ..!! 
طوق أخته بحبٍ ثم انحنى ليُقبل رأسها 
– وحشتينى يابت أنت ووحشنى هبلك ..
اندست فى حضنه وهى تضمه أكثر وتجهش قائله
– منا لو وحشتك بجد مكنتش هتسيبنى كله ده … 
ثم ابعدت رأسها عن صدره وتصلقت نظراتها الحزينه ملامحه وقالت 
– كنت كل يوم بستناك تكلمنى .. تطمنى عليك حتى .. وانت مكنتش بتتصل .. كنت محتجالك أوى ياهشام .. طيب أنا ذنبى ايه تسيبنى كده وتمشي  ..
احتضن وجهها بين كفيه وقبل جبهتها بدفئٍ ثم ضمها مرة آخرى اليه وقال لها هامسا 
– بقولك ايه سيبك من العالم دى تعالى اقعدى معايا فى شقتى .. 
تقازفت فرحا فى حضنه وهى تردد جملته 
– اجى اقعد عندك ؟ بجددد … طبعا أنا موافقة ؛ بص انا هروح من هنا اجيب هدومى اجي اقعد معاك عشان انت وحشتنى اوى …. 
ثم ابتعدت عن حضنه وظلت تتحسس كل انش به بلهفة أم 
– ورينى ورينى عامل ايه .. أنت خسيت صح ؟! مابتاكلش ولا ايه .. لالا انا هاجى افضل ااكل فيك كل ساعه لحد ما ترجع هشام بتاع زمان … 
تدخل مجدى فى حوارهم ممازحا 
– هتقضيها كل ساعه دليفرى مش كده !! 
التفا كلٌ من رهف وهشام فى آنٍ واحد نحو جملته الاخيره .. وانكمشت ملامح رهف مضجره
– مالكش دعوة .. ماتتدخلش بينى وبين اخويا …ولا ايه ياهشام .. 
رفع هشام كفيه مستسلما 
– بصي انت تاخدى حقى وحقك منه بقي عشان هو خانقنى من الصبح ..
لكزه مجدى محاولا تلطيف الجو و :
– ايه ياعم انت .. ماتهدى النفوس .. وبعدين ايه مش واخده بالك انك حتى ماقولتيش هاى يا مجدى ؟! 
– بص يامجدى انت اركن دلوقتى وسيبنى اشبع من اخويا حبيبي عشان مش فاضيه اتخانق معاك ..
داعب هشام ذهن أخته وسألها
– هو كان مزعلك الواد ولا ايه … 
لاحت بكفها بتفاخر
– ولا هو ولا عشرة زيه يقدروا يزعلونى …دانا أخت هشام السيوفى ….. 
مجدى بضيق 
– مالك يابت .. ولا انت وجود اخوكى جمد قلبك ..
طلعت له لسانها بحركه طفوليه 
– انا قلبى طول عمره جامد على فكرة … ولا ايه ياهشام ؟! 
صوبت انظارهم ناحية هشام الذي سكت فجاة وانسحب من عالمهم لعالمه الذي أتى لاجله .. فك انعقاد ساعديه لاإراديا فسبحت عيونه بعيدا نحو سندريلا التى خطفت كل الانظار …. شيءٌ ما في عينِيْها أو وجهِها أو كلها يفتحَ لك بابًا فتدخُل مِن الظّلام إلى النّور .. وهذا أول ما دب بقلبه الذي خُطف إليها بكل ما اوتي من تمرد  حد شعوره بأن لا يوجد فى المكان غيرهما ..
رفعت رهف صوتها مناديه 
– هشااااااام .. روحت فين ..؟! 
رمى مجدى انظاره جهه ما رست عيون هشام وهز رأسه متفهما فعاود النظر لرهف غامز ومشيرا لها بحاجبه  ناحية فجر التى اقتحمت بجمالها الحفل… فهللت رهف فارحه 
–  الله ..!!! فجر جااات .. أنا هروح اسلم عليها … 
ألتقمت أعين قلبها وجوده بالرغم من ابتعاد المسافه بينهم إلا أن نظراتهم التقت فى فضاء فراقهم الذي استمر لشهرين كاملين من الحرقه والفُرقة ومناجاة الصبر طوعا او اختيارا .. بللت حلقها فبرزت عروق عنقها وبمعاناة سحبت عيونها بعيدا عن مرمى انظاره التى تحرقها ونجت من براثن عيناه التى شقت قلبها لنصفين وبدَ ذلك فى رعشة كفها وشفتيها التى تتمتم مرحبة بالضيوف … 
إن استطاعت كرامتها ان تسيطر عليها بالانسحاب فشوقه كان اقوى من أن يغمض جفنه عنها للحظه .. شرد وشرد فى كل لحظه اجتمع بها .. هاجت كل مشاعره نحوها فتولد بجوفه شعورا من التملك والاختفاء معها لما هو آخر الدنيا ليعاقبها بطرقه الخاصه التى ترمم حفر غيابها ..
اقتربت ميان التى اوشكت على الانفجار من شده الغضب لتجلس بجوار عايده وهتفت
– اى الارف اللى لابساه الهانم ؟! أحنا متفقناش على كده ..
استدارت عايده بجسدها كله وقالت باختناق
– كويس انها جات .. حسابها معايا بعد الحفله ..
اتت سعاد من عايده وصافحتها 
– ازيك .. قولت بما ان عينى جات فى عينك ومسلمتيش اطلع احسن منك واجى اسلم أنا …
تنهدت عايده باختناق 
– هاى يا سعاد … سورى الحفله وترتيباتها مخليانى مش شايفه قدامى ..
تدخلت ميان فى حوارهم 
– ازيك ياطنط .. فكرانى ؟! 
بحنقة اردفت سعاد
– اه طبعا ميعان !! … مممم مايان مش كده ؟! 
احتضنتها ميان بتلقائيه وقبلتها 
– أنا بحبك جدا من كلام فجر وعايده هانم .. وكان نفسي اوى اشوفك تانى ..واهو حصل 
تجملت سعاد بابتسامه مزيفه 
– ماتشوفيش وحش  ياحبيبتى … هروح انا اشوف فجر عشان متقفش لوحدها …
تفعمت نظرات بالحقد وتلوت كالحيه نحو هشام الذي يفترس فجر بعيونه .. فاندلعت نيران حواء واوشك مخططها أن ينقلب ضدتها .. فعزمت أمرها قررت استكمال حربها التى حتما ستخرج منها منتصرة .. 
فاض قلب عايده بالعطف وزخر بحنان .. فحسمت أمرها وذهبت ناحية هشام ..حتى وقفت أمامه بعيون منكسرة وتلعثمت الكلمات فى حلقها فلم تعرف أن تنطق سوى 
– وحشتنى .. 
ولى وجهه الجهة الاخرى متجاهلا كلمتها .. فتدخل مجدى فالحوار وقال متغزلا
– والله ياكوين عايده انت احلى واحده فالليله دى كلها … كل الناس بتكبر الا أنت بتصغري ..
تقبلت مدحه بابتسامه لطيفة .. ثم اقتربت من هشام خطوة سلحفيه واغرورقت عيونها بالدموع
– طيب حتى سلم عليا .. 
زفر متجملا فبادله مجدى بنظرة معاتبه ارغمته على الالتفات .. فقال 
– ازى حضرتك يامادام عايده .. 
فرت دمعتها التى حبستها طويل إثر خنجر كلمته 
– مادام عايده ياهشام ؟! 
ثم احتضنت كفه بكفها المرتعش بقوة ورجته بلومٍ
– أنا أمك … امك ياهشام ودى الحقيقه اللى مش هتغيرها مهما تجاهلتها .. 
لازال محافظا على هدوءه واردف من وراء فكيه المنطبقين ؛ فاجابها فى تؤدة 
– انا امى اسمها هالة السيوفى .. وخلاص ماتت …
ضربه مجدى فى كتفه معاتبا ليكف عن سم حديثه ..فلم يجد مفر سوى الهرب من كل هذا .. لان ما اعترى داخله بلغ ذروته ..‏ يكادُ ينفجر ، لكنه يحمل هم إعادة تجميعه .. 
حاول مجدى تلطيف الامر وربت على كتفها بحنان
– هو هيهدا ويرجع احسن من الاول .. هشام مهما قسي بيحن فالاخر .. متزعليش نفسك الصدمه شديده عليه بس .. 
تشبثت عايده فى كفه متوسله 
– خليك معاه متسبهوش يامجدى .. 
وقف هشام فى رُكنٍ هادئ بعيد عن الانظار الا تلك التى لازال قلبها يقتنصه بمهارة مُحارب وهّم باشعال سيجارة .. واخذ ينفث دخانها حتى انعقد فوق راسه كسحابه سوداء شبيهه بسواد احزانه … 
اخذت تراقبه بشرود عن بعد وتستمع لصدح قلبها الذي تحدث قائلا : 
-” بات قلبى يرتعد بمجرد رؤياك وعجزه عن الاقتراب منك .. وقع تلك المرو ضحية بحر الصُدفه كما غرقت ببر النظرة من قبل .. وها هى انطوت خطاوى الارض وجمعتنى به … وجعلتنى اُطيل النظر به ككفيف يرى لاول مرة شُعاع الشمس .. أتنهد بارتياح “مُتسابق” فى ماراثون لمست اقدامه اعتاب خط النصر .. 
اود ان اركضه إليه واقف امامه لاعوق طريقه باشارة متوسله من عينى ان ينتظر .. سترتعش شفتي قبل الحديث كإثر واضح على ارهاق ليالٍ من الانتظار .. ساخبره بأن بُعده علمنى الصبر حتى ان الجزع فر منى هاربًا .. ساحضنه كأن لم احضن رجلٌ بعده .. سأضمه كحُلم عافرت لاجله حتى هُلكت .. ستمطر عيناى بغيوم الشوق على ارض كتفه عتبًا لعلها تنبت زهرًا يطوق ايامنا المُقبله .. “
ثم بللت حلقها متوسله للنجوم :
أخبروا صاحب تلك النظره التى تهزمنى فى كل مرة لُفحت بنسيمها اننى انتظرته كثيرا ولازلت .. اخبروه اننى احببته اكثر فأنه لا يعلم .. حدثوه عن كلماتى التى تسللت خفية لكم ولم تمر امام عيناه ابدًا .. اقنعوه بإننا احيانا ما نجتاحُ فرصة واحده للبوح بخبايا القلب .. ربما بعدها نحيا عمر او نسلُك طريق النسيان بلا ندم بلا رجعه …….. 
أغمضت عينيها مستقويه وتعمدت ارتداء قناع التجاهل فإن كل الجبروت لإخفاء قلب هش ووضع مكانه هرم صخرى .. تعمدت السير واكتساح المكان بخطواتها كالفراشه .. تسلم على هذا وهذه وبات صوت ضحكاتها يتنافس مع الاغان .. ولازال يحرقها بلفات التبغ الواحده تلو الاخرى حتى قطع مجدى شروده 
– كفاية .. كفايه تدخين هتموت نفسك … 
لم يكبح ان يجيبه فاقتربت منه سعاد مبتسمه ومرحبه 
– ومن أمتى هشام السيوفى له فى جو الحفلات… ازيك ياهشام عامل ايه .. 
مد يده ليصافحها 
– تمام  وازى حضرتك ..
– مبروك يابطل .. انا كنت متابعه كل أخبارك على فكرة ..
بثقه اجابها
– الله يبارك فى حضرتك .. ده واجبى ..
تدخل مجدى فى حوارهم
– هو أنا ليه محدش بيقول لى ..ازيك يامجدى ؟! 
ضحكت سعاد وهى تصافحه وقالت ضاحكه
– ومبروك ليك أنت كمان ياسياده النقيب .. 
ثم هتفت مناديه على فجر التى مرت بقربهم 
– فجر … يافجر …. 
غيرت فجر مسارها قاصده .. ثم اقتربت منهم بابتسامه حرقة قلبه وقالت بترحيب لمجدى
– ازيك ياسياده النقيب … منور الحفله .. 
فتفقد مجدى ملامح هشام المتغطرسه التى أبت الالتفات إليها .. ثم هتفت مادحا
– والله ما حد منور الحفله و الدنيا كلها غيرك .. ايه الجمال ده ؟! انت مش هتبطلى هتحلوى بقي ! 
فجر بامتنان : شكر لذوقك ياسياده النقيب ..
هبت عواصف غضبه وهو يكز على اسنانها غيظا .. فلاحظت سعاد امتعاضته فتبسمت .. ووجهت سؤالها الى هشام 
– ماقولتش ايه رايك فى فستان فجر يا هشام .. 
لم تلتف ولم تعر رايه اي اهتمام بل اصابته بلعنة التجاهل وشهقت مرحبة بشخص آتٍ من بعيد وانسحبت بدون استاذان او تقدير
– يووونسسس ؟! 
اسرعت خطاها نحوه فلحقت انظارهم تحرق ظهرها فغمعم هشام بغل يتقاذف من عيناه
– ومين يونس ده كمان .. 
صافحته فجر بود شديد ثم استدارت واحتضنت كف سعاد وسحبتها خلفها وهى تقول بعفويه
– طنط .. طنط تعالى اعرفك على يونس …. 
اخذتها وغادرت وغادر معها قلب هشام ليحل محله جمره مشتعله من الغيره .. فغمغم مجدى بحسرة 
– اهو جيه يونس شال الليله .. 
فرغ هشام غضبه فى مجدى 
– اما ربيتك … ! 
للحظه سمع هشام اسمه ينادى فى الميكرفون بصوت ميان بعد مقدمه طويله لتشريفه فى هذا الصرح .. فطلبت منه بثقه 
– سيادة المقدم .. ممكن تتفضل هنا .. 
تعجب مجدى من وقاحتها الزائده فضحك ساخرا
– قابل يا معلم  … 
حدج فجر بنظرة حاده فوجدها تتمايل ضاحكه مع يونس .. فقفل زرار سترته وتقدم مختالا مُلبيا نداء مايان حتى وصل لخشبة المسرح ووقف بجوارها .. فشرع والدها بالتحدث والترحيب به … فانحنى هشام ليهمس فى آذنها معاتبا
– عملتى كده ليه ؟! 
– مكنتش متوقعه انك تيجى وجيت فكان لازم ارحب بيك بطريقتى …
تابع حديثه بصوت خفيض
– ميان .. انت مش واخده بالك أنك بتتعاملى مع هشام السيوفى .. 
اتسعت ابتسامتها المزيفه وقالت بثقه 
– وماله هشام السيوفى!! هو مش راجل زي بقيت الرجاله ؟!!
شبك كفيه امامه وهتف بغرور
– لا … أنا مش زى اى راجل .. انا غيرهم .. 
فرمقته باعجاب
– وهو ده اللى جابنى لحد عندك طالبه نظرة رضا .. 
ثم سحبت المايك مباغتة من والدها وهتفت 
– تسمحولى بقى ارحب بسياده المقدم بطريقتى واطلب منه انه يسمح لى ب الرقصه دى … 
اتسعت عينيه من هول ما تلفظت به وتأكد للتو انه سقطت اسيرا لمخالف كيد إمراة .. وايضا هز قلب فجر طلب ميان الذى تردد فى صدرها فالتفت مذعورة تترقب رد هشام الذي لم ير من الحفل سواها وبمجرد ما رأى اللهفة تفيض من عيناها تقدم بكفه لميان يدعوها للرقصه .. 
حدجتها سعاد بنظرة حاده بأن تولى ظهرها متجاهله حريقة قلبها فاستجابت بسرعة ويتردد صدح اوجاعها فى صدرها متعجبه : عندما ينسجم شخصان، ويشعران بالسعادة حين يكونان معًا، ويحسان بالوحدة حين يفترقان لماذا تتحد الظواهر الكونية ضدهم ليفترقا .. ليتحولوا اعداء بعد ما كانت قلوبهم إن احتضنا يدقان بنبضة واحده !! 
لمست انامل هشام ظهر ميان العارى .. وطوقت عنقه منتشية بلذة انتصار فتجاوب معها راقصا على ألحان الاغنية ..فدندنت له 
– انا كده فرحتى كملت .. بنجاحى وبيك .. 
ابعدها عنه ورفع ذراعها يدورها امامه ثم ارجعها لحضنه مرة اخرى وغمغم 
– طيب كويس …. 
– هو ايه اللى كويس !! 
رفع انظاره باحثا عن قمره فلم يجدها فى اى مكان .. فرد على ميان قائلا 
– متاخديش فى بالك … 
سحبت كفها من يده لتعانقه بكلتا يديها وتقترب منه اكثر .. وغير جهته باحثا عن فجر فمبجرد ما ألتقمتها عيناه ضم ميان بمعصميه وتعمد دفن انفاسه فى عنقها فانتشت لقربه ولكنها لم تعلم أن دنوءه منها لغاية ما … فهمس فى آذنها بجملة كان تاثيرها كالصاعقة 
– متحاوليش تاخدى مكانها .. لانك هتفشلى … 
ثم بعدها عن حضنه ورفع كفها لمستوى ثغره وطبع قُبلة خبيثه وتركها تحت تاثير صدمتها وغادر مستمعا لصوت قلبه وهو ينشد قائلا :
أتمنى أن تظلي عالقةً بي ولا تُنسيك الأيام بهجة قلبي معك حتى وان قسيتُ  وألا تُمحي الطرقات صوت أملي فيكِ أن تبقي عالقةً بي حتى وان انكرت ذلك كما لو أن هذا المكان مكانكِ الوحيد.. 
تجاهل تام تسلح به الاثنين معًا .. كل منهما يحاول اثبات عكس دواخله للاخر معاتبين انفسهم عن كارثة الإفراط.. الإفراط في الأمل، في الحب، في التوقعات، في الإنتظار، في كل شيء .. 
كانت نظراتها خاطفه وكانت نظراته ثابت كليزر بندقيه قنص… كانت ضحكاتها متلألأه كانها راق لها الغياب ولم يمر عليها سواد الليل المحمل بندوب ذكراه .. كان يحرق تجاهلها بسجائره التى فرغ آخر واحده منها فى يده..
‏باتت ملامحها .. أجمل مكان تتنزهُ فيه النظرات .. ويمرح له القلب .. وتنتشي به الروح .. ولكنه لازال رافضا فكرة الاعتراف بحبها وانها مجرد شبح بشري  يسكنه او لصا يسرقه منه إليها .. 
وقفت بحماس يتقاذف من عينيها على طرف خشبة المسرح ؛ تنصت لحديث يونس المفعم بمدحها ومدح جمالها وما كانت كلماته سوى لهب محرق يتقاذف على راس هشام .. حتى توقف على آخر جملة وقال بحب  
– طبعا أنتو عارفين أن الانسه فجر محضرة مفاجاة للحفله .. بس أنا كمان محضر لها مفاجأة وحابب اقولها قدامكم كلكم .. فجر .. 
انخطفت ملامحها وارتعد قلبها خائفه من تحول شكوكها ناحية نظرات يونس ليقين ولكنه ضحك فى المايك ممازحا واقترب منها وقال 
– متتخضيش كده … مالك ! ..
فاحتضن كفها ووجه حديثه للعامه واخرج خاتمها من جيبه وقال 
– انا بطلب ايد الانسة فجر قدامكم كلكم وحابب اخد منها الموافقه دلوقتى وتبقي حفلة خطوبتنا والافتتاح فى وقت واحد ………. ها يا فجر إيه رايك …… 
يتبع..
لقراءة البارت الحادي عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
لقراءة الجزء الأول من الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!