Uncategorized

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء 2 البارت الخامس عشر 15 بقلم نهال مصطفى

 رواية الحرب لأجلك سلام الجزء 2 البارت الخامس عشر 15 بقلم نهال مصطفى

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء 2 البارت الخامس عشر 15 بقلم نهال مصطفى

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء 2 البارت الخامس عشر 15 بقلم نهال مصطفى

خرج متبعا مصدر الصوت الذي كان صادرًا من بسمه الواقفه امام الباب فسألها باستغراب 
– مالك ..؟!
صاحت صارخه مترنحة 
-” اخوك جايب البوكس والقوة وعاوز ياخدنى بالعافيه … اتصرف ياهشام إلا ودينى هقتله واقتل نفسي ..”
انقعد ما بين جبينه وتقدم خطوة نحو الباب ليتفاوض مع الظباط ولم يكبح أن يتفوه فظهر زياد أمامه ذو الرأس المضمدة وهو يهتف للظابط 
– انت لسه واقف …
فابتلع باقى الكلمات فى حلقه عندما سقطت انظاره على هشام الذى نهره معاتبا
– انت اتجننت ولا حصل فى دماغك حاجه ..
تحركت شفاه زياد للتحدث ولكن اوقفتها حدة صوت هشام الغير قابله للجدل 
– قولت تنهى المهزلة دى يا دكتور..
عقدت بسمة ساعديها أمام صدرها بتحدى وهى ترمقه بنظرات الخسه .. فلانت نبرة صوت هشام عندما وجه حديثه راجيا للظابط وبعد ما عرفه بنفسه  .. فأكمل 
– سيادة النقيب.. تقدر تاخد القوة وتتفضل ؛ ووعد منى الموضوع ده هيتنتهى النهارده … 
هب النقيب معارضا .. فاشار له هشام متفهما للامر 
– عارف انه شغلك وحقك .. بس ده طلب شخصي ومسئوليته عليا أنا .. 
صافحه الظابط مرغمًا وقال
– امر معاليك ياسيادة المقدم …. 
تقهقر الظابط للخلف وولى ظهره ليرحل وفى لمح البصر انقض هشام على قميص زياد ودفعه بقوة لداخل البيت وركل الباب بقدمه منفجرا
– انت مش هتبطل حركات العيال دى … !! 
صاح زياد مغتاظا 
– جرى ايه ياهشام… مراتى وعايزها ، أنت مالك ؟! 
ارتفعت نبرة صوته اكثر 
– مراتك مش طيقاك …
ثم تذكر فجاة حالة فجر واخفض صوته مراعيا مشاعرها ودنى منه كاظمًا لغيظه 
– افهم بقي وبطل عند … ولا هو شغل عيال وخلاص …
اخرج سيجاره من جيبه متسلحا بالبرود واشعلها واشعل معها نيران بسمه وهشام وسعاد التى ضربت كف على الاخر وولت ظهره لتغادر ذاهبه لغرفة فجر .. فعقب زياد على جملة أخيه ببرود
-اه هو شغل عيال  .. وانا عايز حقى من مراتى دلوقتى .. 
صرخت بسمه فى وجهه جازعه متجاهله صخب قلبها ومشاعرها المتضاربه .. ملوحة بكفها
– حق مين ياابو حق انت ؟! انت تخرس خالص وتنسي كلمة مراتك دى …. 
تمالك هشام اعصابه ووقف بجواره ليسائله بهدوء 
– زياد .. بالعقل كده .. أنت عايز ايه من بسمه .. 
– عايزها …
خرجت جُملته مختلطه بدخان سيجارته .. فأوشكت حمم بسمه البركانيه على الانفجار فثبطها هشام بنظرته القويه وقال لها 
– وانت يا بسمه .. موافقه ترجعى له ..
– على جثتى …
جملتها خرجت بجبروت امراة كساها الوجع … فعقب هشام متفهما 
– كده تمام … هى مش عايزاك .. يبقي تنزل زى الشاطر كده وتنهى المهزلة دى يا زياد ….
ثم أكملت جملة هشام وقالت بشموخ
– والا هخلعك …. 
فبادرها زياد واثقا 
– هتخسريها .. لان اسبابك معدومه يادكتورة  … 
لكم هشام كتف زياد لينصب عوده أمامه وقال 
– زياااد .. لم نفسك ودورك وخليك راجل وسيب بنت خالتك فى حالها … انت فاهم …؟! 
هز رأسه رافضًا 
– للاسف يا أتش ياخويا .. مش هينفع ..
فتدخلت بسمه فالمسافه الفاصله بين الاخوين وقالت مهدده
– يبقي أنا اللى هخليك مش هتنفع ليا ولا لاى واحده غيري يازياد لو اللى عايزو حصل …. 
نفث دخان غضبه فى وجهها وقال 
– العبى على أدك ياشاطرة …. 
زمجرت عواصف غضب هشام وجزعه وهو يلقى جُملته الاخيره متوعدًا 
– هى كلمه واحده .. تنزل تنهى الدعوى اللى رافعها وبين اولعوا فى بعض .. عشان انا مش فاضي لجنانكم وهبلكم …
ترك هشام النار مفتعله بينهم وغادر بعدما طفحت نفسه من سماجة علاقتهم .. فتبادلت الاعين بين زياد وبسمه التى هتفت بشرٍ
– هندمك يا زياد …. 
داعب خصيله من شعرها مبتسما مستلذا بإطاله النظر فى ملامحها وقال بتباهٍ
– مستحيل واحده ست تأذى راجل وقعت فى حبه قبل كده يابسبوسه … 
ثم دنى خطوة سُلحفيه وهو يحوى خدها بكفه ويداعبه بابهامه وقال بهيامٍ
– كل ده وحضن زياد لسه موحشكيش … !!
خدرتها لمسته لجزء اقل من الثانيه .. فيقظ عقلها وهرمون القوة بقلبها وجزت على فكيها وكورت قبضتها وانبعثت نيران الانتقام منها وبغتة ثنت ركبتها وبكل ما اوتيت من تحدٍ ركلته بقوة فى منطقة الخطر مما جعلته يتلوى وجعا وقالت محذرة 
– والاحسن ليك إنه مايوحشنيش …
ثم تركته وركضت خائفه محتميه بغرفتها بعد ما رأت لهب الانتقام ينبعث من ملامحه … فصرخ متوعدا متأهبا للمغادرة بعدما جاحت مطامع غروره وتمرده
– ورحمة ابويا يابسمه ما أنا سايبك …. 
استندت وراء الباب تلعن حظها الذى جمعها به وتلعن بلاء الحب  الذي لا يموت بالرصاص ولا خنقا ولا بالغياب ولا مع اخر كلمة وداع .. ولا حتى بذبحه بسكين التجاهل والانتقام … ثم قطع حبال شرورها رساله نصيه بافتتاح هاتف سامر الذي قُفل لايام …..
دنت من ( التسريحه ) وشرعت فى تصفيف شعرها بغل 
– طيب .. طيب يا زياااد … صبرك عليا ..
( فى الغرفة الاخرى) 
جلس هشام مع سعاد وفجر محاولين التحدث فى اكثر من موضوع وبالاخص مزاحات بسمه وزياد ليشتتوا انتباهها عن حزنها .. حتى اردف هشام بهدوء 
– يلا ألبسي.. عشان نروح نقرأ الفاتحه لباباكى ..
اعتصر قلبها حزنا .. فأومات باستسلام وهدوء واستئذنت للخروج .. احضرت فجر ملابسها وصمدت أمامه مما اثاره الفضول عن وقوفها الغير مُبرر .. وسألها 
– وقفتى ليه .. 
بصوت كسيح 
– مفيش .. ممكن تخرج بره ..
وقف بهيئته الفظة والشامخه متعجبا 
– ليه ؟! 
اطرق بحياء 
– محتاجه اغير هدومى .. والحمام صغير ؛ مش هاخد راحتى جوه .. 
اقترب منها اكثر وقاومه اندفاعه نحوها وتجنب ملامستها وقال مستفهما 
– فين المشكله ؟! انتى لسه على ذمتى لو نسيتى …
ولت ظهرها متحججه بتجهيز ملابسه بحزن فقالت 
– تمام .. يبقي همشي أنا ..
وقف أمامها معاندا 
– استنى هنا … رايحه فين ؟!
اغرورقت عيونها بدموع الوجع وقالت بانكسار 
– هشوف اوضة تانيه ألبس فيها … 
اومأ متفهمًا
– تمام .. مش هتروحى إي حته .. أنا هلبس وهخرج استناكى بره .. 
تجاهل نظراتها الحزينه وتحرك متأهبا فى ارتداء جواربه ثم ساعته وحزامه الجلدى ثم حذائه تحت انظارها التى تعمدت الاطاله بكل تفاصيله .. واخيرا تناول سترته الشتويه على معصمه وأخذ نظارته الشمسيه وهاتفه ومفاتيحه وقال 
– متتأخريش .. أنا تحت فالعربية …. 
اطرقت بخفوت ولازالت ملتزمه الصمت وبرغم من ذلك لم تكف مقلتيها عن التقطر شرعت هى الاخري فى تناول ملابسها السوداء واخرهم شالها الاسود الذي سترت به شعرها وابرز معالم جمال وجهها الذي أوضحه الحجاب .. 
■■■■■
انتهت (قمر) من إعداد الفطار وايقظت أمها ثم استئذنتها لتوقظ خالد فسمحت لها بعد محاولات عديدده .. اطرقت الباب ودخلت فرأته غائصا فى نومه .. فظلت تحتضنه باهدابها المشتاقه الى ان جلست بقربه وهى تقبل كفه فلاحظت تحرك جفوفه فقالت بحب 
– الضهر جيه .. ما بزياداك نوم ولا أنت هتعمل فيها عريس صوح ؟! 
امتد كفه لوجهها ليلاطفه متبسما وقال ممازحا
– ياريتنى كنت عريس صوح .. ارحم من الحرب اللى أنا فيها مع نفسي ..
انعقد ما بين جبينها غير متفهمه 
– مش فاهمه .. قصدك ايه ؟!
اعتدل بتثاقل من نومته ليفاجئها بقُبله سريعه على طرف فاهها وقال
– مش مهم .. صباحك عسل وهنا يا قمرى .. 
احمرت وجنتيها بحُمرة الخجل وقالت باستيحاء 
– يووه عاااد ما بلاها حديتك الحلو ده .. 
طبع عدة قُبلات متتاليه على اناملها وقال 
– الحديت الحلو مش بيطلع غير للناس اللى فالقلب ياقمر .. 
حاولت تغير مجرى الحديث ثم قالت متحججه
– نمت زين ؟! 
– أنا منمتش زين طول ال٢٨ سنه غير فى حضنك .. 
ازدهرت ملامحها واستدارت متأهبه للهروب من سيال المشاعر التى تتدفقت بجوفها .. فأمسك ذراعها ليوقفها وقال بلهفة 
– قمر … انا عايزك ….. 
سحبت ذراعها منتفضه محاولة تكذيب مغزى كلماته وارتبكت قائله 
– قوم قوم .. الفطور هيبرد ..
جذبها عنوة لتقترب منه أكثر وشرع فى مداعبته اللطيفه وقال بهمس
– انا ماشي .. ومش عايز أمشي غير وانا مصلح كل حاجه جواكى .. عايز اداوى جروحك كلها .. عايز لما ارجع اشوف لهفتك عليا وإنى ليك وبس .. بالمختصر .. عايز أمحى آثار الكلب ده من عليكى … وانتى فاهمه قصدى زين ..
رغم عنها فرت مياه حزنها ووجهها الدامى من عيونها وقالت باختناق 
– خالد .. أنا مش فاكرة حاجه … ودا لحسن حظنا .. 
جفف دموع عينيها متسائلا 
– فهمينى .. 
قبلت باطت كفه الذي اغرورق بدموعها وواصلت بنبرتها المرتعشه حديثها بتردد
– لما حصل وعمك اعتدى عليا أنا كنت مغيبه .. فقدت وعيي .. مكنتش حاسه بأى حاجه غير لما صحيت لقيت نفسي إنى مش عايزه انطق .. عايزه افضل ساكته العمر كله . 
ثم شهقت امامه وقالت 
– تعرف أنا بحمد ربنا إنى ماشوفتش حاجه .. كان زمانى دلوك ولا طايقاك ولا طايقه ريحة اى راجل على الارض … 
قبل رأسها بحب ثم ربت على ظهرها بحنو
– طيب اهدى .. ماانت كنتى زينة ؟! جرالك ايه ..
انتخبت بخزى 
– حاسه إنى ظلماك معايا .. وانك تستاهل الاحسن منى ..
– هو إحنا اللى هنعيدوه هنزيدوه ولا إيه .. طيب إيه رايك أنا متحرك من هنا غير ورجلى على رجلك ..
فزعت من مجلسها 
– قصدك إيه … 
– قصدى هنسيب البلد كلها ونمشي … 
هزت رأسه رافضه 
– لالا .. وامى يا خالد  .. !! 
اكمل بحب 
– هناخدها .. انا مستحيل اسيبك فى قرف البلد دى تانى … يلا جهزى حالك … وبالليل هاجى أخدك ونمشي ..
احتضنت كفها القابض على جدار عنقها وقالت بتردد
– بس هو هينفع؟! 
ابتسم واعدا 
– هينفع .. ومش هرجعك البلد دى غير وأنت ستها .. يلا عاد ؛ اجهزى وبالليل هنمشوا كلنا …. 
■■■■■
– إيه ياروفا .. نسيتنا يعنى  … ولا متبسطيش ؟! 
اردف فارس جملته وهو ينهض من فراشه الذي يحوى نانسي التى كانت رفيقته ليله امس .. فانتهت رهف من إعداد كوب القهوة وقالت بسذاجه 
– بالعكس .. الجو كان فاميلى أوى وانا حبيتكم كلكم .. 
صب كأس من النبيذ وتجرعه رشفة واحده
– يبقي نكررها تانى .. 
تناولت كوب القهوة وقالت بتردد
– لا اصلو زياد اخويا مركز معايا اليومين دول .. مش هينفع .. 
عاد الى فراشه مرة آخرى واخذ نانسي فى حضنه وواصل خديعته 
– زياد اخوكى … ااه مش ده اللى ماشي مع واحده اسمها نانسي تقريبا ..
تكورت حول نفسها على أحد درجات السلم وقالت بشك
– معرفش بصراحة ؛ هو زياد بيعرف بنات كتير بس مجابليش سيرة نانسي دى ..
تغيرت نبرة صوت فارس التى تفعمت بالشهية وهو يقبل نانسي
– أنا لازم اشوفك النهارده؛ ليكى عندى مفاجاة قمر اوى ..
امتدتا شفتى رهف ممتعضه بقلق
– مفاجأة ايه ..
زفر فارس باختناق وقال 
– رهف ؛ أنا بحبك .. ومش قادر ابعد عنك ..
احتضنت كوب القهوة اكثر بحيرة  وبخبرتها القليلة فى اطوار الخديعه قالت 
– يعنى اعمل  ايه ..
تجاهل فارس تدلل نانسي فى حضنه وقال
– تحبى نروح السخنه سوا يوم ولا تيجى هنا نكمل لعب مع الشباب .. 
لم تستطع ان تجيبه فاقتحم زياد البيت فانهت المكالمه سريعا وبانتفاضة ونبرة صوت مثيره للشك 
– زياد .. انت رجعت ؟! 
من حسن حظها انشغال زياد التام بمشاكله فأردف متأففا
– حلى عن سمايا يارهف …. 
فتوسلت إليه بنبره متحشرجه 
– طيب احكيلى مالك .. 
تجاهلها متجها لغرفته 
– بس يابت روحى شوفيلك كلمة تنفعك …. ولا خليكى فى نفسك .. 
تركها كعادته فى وحدتها وفراغها الذي لا يجلب سوى الجنون والمصائب .. وبدون تفكير كتبت رساله نصيه لفارس معتذرة عن انقطاع الخط وختمتها 
– شويه وهجيلك .. كلم صحابك وانا جايه  ….
■■■■■
أمام أحد المطاعم صفت بسمة سيارته وهبطت منها مستعدة لمواجهة حربها العظمى .. دخلت المطعم واخذت تتفقد الاوجه الى أن وصلت للطاوله التى يقطن سامر فوقها .. فتنهدت بارتياح واقتربت منه بخطوات متردده مشوبه بالخوف حتى جلست محاولة تلطيف الجو 
– اى ياعم .. كل ده فينك ؟! 
لازال محافظا على انكماش ملامحه فاردف 
– لو سمحتى قولى عايزة إيه بسرعه عشان عندى سفر ..
احست بجفاء نبرته فتفهمت أن الامر غير قابل للمزاح فاردفت بهدوء 
– انا عارفه إن اللى حصل ده كله سبب لك احراج بس والله أنا مقصدش ومكنتش عامله حساب إن كل ده يحصل…..
برفقٍ ضرب الارض بمشط قدمه وقال متفهما
– تمام …
تلعثمت شفتيها قليلا ثم أطرقت حائره 
– انا مش عارفه اقولك إيه غير سورى … سورى بجد ياسامر ؛ بس علاقتى بزياد مش زى ماانت مفكر … 
بجفاء 
– اومال ؟! 
– سامر بليز .. مابحبش الطريقه دى ؛ وانت موترنى مش مخلينى عارفه اتكلم .. 
اغمض عينيه متأففا 
– ماقولتيش ليه انك متجوزه ؟! 
تنغام صوت انفاسها وتلاعب شفتيها قليلا حتى اطرقت بخجل 
– انا وزياد يعتبر انفصلنا .. ومستحيل نرجع لبعض ..
اصدر إيماءه خافتة مغلفة بنبران الغضب .. فقال محاولا تمالك غضبه 
– والله ؟! 
اومات ايجابا بخجل 
– و الله زي مابقولك …
اختنق من الحديث معها ثم القى جملته الاخيره الغير قابله لاى تفاوض او اعتراض ؛ وبتبرة حازمه 
– بصي يا بسمة خلاصه الكلام واللف والدوران بتاعك … انا اول مرة قعدت معاكى فيها طلبت منك تفتحيلى قلبك ؛ وانت وافقتى .. لكن شكلى كنت مخدوع فيكى.. من الاخر إنتى واحده كذابه وخاينة .. 
شرعت أن تقاطعه معارضة 
– سامر انا مش ..
وضع حد لثرثرتها وواصل حديثه 
– انا ميهمنيش انت إيه .. كل اللى يهمنى انى عطيتك فرصة وانت محترمتهاش ؛ وانا راجل اتربيت على إنى ادى الفرصة مرة واحده بس  … 
– يعنى ايه ؟! 
لملم أشياءه بحزم 
– يعنى للاسف احنا ماينفعش تكون ما بينا اى علاقه من اي نوع .. كده كفايه اوى .. بتمنالك الخير .. عن اذنك … 
■■■■■■
كانت زيارتها لوالدها بصُحبة هشام كزخات المطر التى رطبت عجاف صدرها .. عادت معه بعد سويعات قضتها فى المقابر وقراءة اجزاء متنوعه من القرآن .. دخلت غرفتها بنفس راضيه ؛ صابره على حزنها .. متقبله حقيقة يُتمها وشرعت فى نزع حجابها .. ففوجئت بهشام خلفها يقفل باب الغرفة .. ويسألها مطمئنا على حالها 
– حاسة بإيه ؟! 
توقفت عن فك حجابها وأومأت راضيه 
– الحمد لله على السراء والضراء.. 
دنا منها بخطواته الهادئه التى تتخطو على قلبها متأملا رزق الله الذي ساقه اليه بدون أى سعى منه وقال منبهرا بحجابها 
– شكله جميل عليكى .. متقلعهوش تانى .. 
تصلقت انظارها المرتعشة إليه واكتفت بايماءه خافته متقبله الامر بصدر رحب ثم تعمدت الهرب من نظراته الساحره وهى تعيد ترتيب مكتبها .. فسألها 
– هتعمل ايه ؟! 
بجبروت امراه تقف على الزجاج المُهشم المُلطخ بدماء قدمها  ومع ذلك تتظاهر بالقوة والثبات .. هاتفه بحماس 
– هذاكر .. امتحاناتى قربت .. 
تبدلت نظراته من الاشتهاء فيها للاعجاب .. فنزع سترته ووضعها على طرف الفراش وقال بفظاظه 
– كويس… ربنا يوفقك .. متخليش حاجه تعطلك .. 
رمقته بنظرة عرفان ؛ فوحده الذي منح العمر فرصة من جديد .. وغمغمت 
– انا بقيت كويسه .. تقدر تمشي وجودك ما بقاش له لازمه .. 
خطى مقتربًا نحوها ثم احتوى كتفيها وقال بحنان يلين قلب الحجر 
– لازم تبقي كويسه عشان نفسك ده اولا .. ثانيا أنا سامعك لو حابه تتكلمى .. 
تفقدته بشرود نشبت معاركه بذاكرتها وهى تردد لنفسها ..كنت اسعد بأيامٍ تنتهى من سلم العمر كى اقترب من مثواى يوم بعد الاخر وينتهى كل هذا الالم .. وبعد ما القاك القدر بى تمنيت ان اخلد الف عام لاشرح لك ما فعلته بى ومثلهم الف عام لارتوى منك واضعافهم لأحبك … 
صدح صوت العناد وهى تبتعد عنه مرغمة 
– مابقاش له لزوم ..
وقف فى منتصف الغرفه بصلابته المثيرة 
– اللى هو ايه .. اقفى كلمينى زي ما بكلمك … 
زالت دمعه فرت من طرف عينيها وولت ظهرها كى لا تضعف
– العتاب .. والهرى فاللى فات .. 
ثم بللت حلقها وواصلت 
– انا غلطت من الاول وانت غلطت فى إنك رفضت حتى تسمعنى .. 
سيال الدموع انهمر من قنواتها الوجعية وواصلت بثبات مصطنع
– كل واحد مننا وجع التانيه بطريقه مختلفه .. مظنش أى كلام ما بينا هيصلح حاجه .. 
مسح على رأسه مستفهما 
– يعنى ايه .. ؟!
باسف اجابت
– يعنى خلاص ياهشام .. كفايه اوى لحد كده وكل واحد فينا يشوف حياته بعيد عن التانى .. 
ينصت إليها باهتمام اشعل الغرور بجوف مرة آخرى 
– يعنى أنت شايفه كده ..!! 
استدارت نحوه بجراءة 
– طول مااحنا مع بعض هنوجع بعض بطرق محدش يتخليها .. فالبعد هو الحل … المهم انك تسامح ؛ وانا كمان مسامحة … وسيب اللى ما بينا للايام تداويه
صدح صوت خافت للندم بقلبه فمن يهمل النعم يجازى بفقدها ولكنه تعمد قتل كل مشاعره الاداميه وايقظ عنادها غروره وقال 
– تمام يا فجر .. تمام ؛ انا اه سامحت .. بس مش بنسي ولا هنسي اللى عملتيه … 
حدة جملته ذبحت قلبها فاندفعت مسترده كرامتها 
– مشكلتك .. مش مشكلتى ياهشام.. اللى يهنى إنك سامحت …. 
عندما يتولد شعور غير مرغوب بنفسك تضرع الى الله ان يمنحك الشجاعه لتقتلعه من جذوره وهذا ما فعلته حيث اغمضت جفونها تتوسل الصبر من ربها بأن يهون عليها .. ففاقت لتلقى علي مسامعه آخر طلب 
– هشام طلقنى …. ارمى عليا اليمين وريحنى …. 
الاشياء التى نتلهف بقائها تأت متاخرة دوما اذا اتت .. وان جاءت فرت كأننا خُلقنا بلعنة الفقد الابدى … وقف هشام حائرا عاجزا تناسي كل الكلام ولم يبق بينهم سوى صمت وعيون مشحونه بحب لم يفرغ بعد .. رجل مثله تدرب على الانسحاب ان ازفت الهزيمه ليُرمم من جديد .. تقبل كل جُملها بثبات ثم قال بفتور 
– انا اجازتى خلصت النهارده .. هرجع الشهر الجاى وانفذلك كل طلباتك … تمام كده … ؟!
اومأت باستسلام وكل ما بها يتمرد وغمغمت بعناد
– المهم فى اسرع وقت ….. 
بعناد اجابها 
– تمام  .. خليكى فاكرة إنك انت اللى اخترتى .. ومن النهارده مش هتشوفى وشى تانى …..
تناول سترته واشياءه مرة آخرى وتجاهل بوق قلبه الذي يجره إليها وخرج بهدوء بدون ما يلقى على عيناها السلام بمجرد ما قفل الباب خلفه ارتمت فى حضن فراشها تناديه شوقا وتريد بقاءه ولو كان شوكًا ….
خرج هشام فألتقى بسعاد التى تنتظره على جمرٍ .. فاندفعت نحوه بلهفة 
– طمنى اتصالحتو …. 
ظلت تتفقد ملامحه الثابته باحثه عن اجابه لصمته ولكنها فشلت .. فغير مجرى الحديث واخرج مفتاحا من جيبه وقال بهدوء 
– ده مفتاح شقتى .. خليه مع حضرتك .. وفجر لو حبت تروح هناك فى اى وقت ده بيتها ؛ انا لولا انى مطمن عليها معاكم كنت وديتها بنفسي . 
اخذت من يده المفتاح وسألته
– طمنى ياحبيبي طيب .. 
اومأ ايجابا كمن فقد رغبته فى الحديث 
– خير .. باذن الله خير…….. 
يتبع..
لقراءة البارت السادس عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
لقراءة الجزء الأول من الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى